تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)


الكتاب : شرح شافية ابن الحاجب
مصدر الكتاب : موقع يعسوب
[ ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ]

شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي ج 1
شرح شافية ابن الحاجب
رضي الدين الأستراباذي ج 1


شرح شافية ابن الحاجب تأليف الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي 686 ه مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الادب المتوفي عام 1093 من الهجرة حققهما، وضبط غريبهما، وشرح مبهمهما، الاساتذة محمد نور الحسن محمد الزفزاف محمد يحيى عبد الحميد المدرس في تخصص المدرس في كلية المدرس في تخصص كلية اللغة العربية اللغة العربية كلية اللغة العربية القسم الاول الجزء الاول دار الكتب العلمية بيروت.
لبنان


(جميع الحقوق محفوظة للشراح) 1395 - 1975 م بيروت.
لبنان


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه
ومن والاه.
أما بعد، فهذا شرح أفضل المحققين، وأبرع المدققين، العالم الذي لا يشق غباره، ولا يدرك مداه، نجم الملة والدين، محمد رضي الدين بن الحسن الاستراباذي، على مقدمة العلامة النحوي الفقيه الاصولي أبي بكر المعروف بابن الحاجب التي جمع فيها زبدة فن التصرف في أوراق قليلة، غير تارك مما يجب علمه ولا يجمل بالمتأدب جهله شيئا، مشيرا فيها الى اختلاف العلماء أحيانا، والى لغات العرب ولهجاتهم أحيانا أخرى.
وقد ظل شرح رضي الدين رحمه الله - رغم كثرة طبعاته وتعددها - سرا محجوبا، وكنزا مدفونا، لا يقرب منه أحا إلا أخذه البهر، وأعجزه الوقوف على غوامضه وأسراره، ذلك لانه كتاب ملاه صاحبه تحقيقا، وأفعمه تدقيقا، وجمع فيه أوابد الفن وشوارده، وأتى بين ثناياه على غرر ابن جنى وتدقيقه، وأسرار ابن الانباري واستدلاله وتعليله، وإضافة المازني وترتيبه، وأمثلة سيبويه وتنظيره، ولم يترك في كل ما بحثه لقائل مقالا، ولا أبقى لباحث منهجا، حتى كان كتابه حريا بأن ينتجعه طالب الفائدة، ويقبل على مدارسته واستذكاره كل من أراد التفوق على أقرانه في تحصيل مسائل العلم ونوادره، وكان الذين قاموا على طبعه في الاستانة ومصر لم يعطوه من العناية ما يستحقه، حتى جاء في منظر أقل ما يقال فيه إنه يبعد عنه، ولا يقرب منه، وبقى قراء العربية الى يوم الناس هذا يعتقدون أن الكتاب وعر المسلك، صعب المرتقى، لا تصل إليه الافهام، ولا تدرك حقائقه الاوهام، فلم يكونوا


ليقبلوا عليه، ولا ليتعرضوا له، والكتاب - علم الله - من أمتنع الكتب وأوفاها، وأحلفها بالنافع المفيد، وأدناها الى من القى له بالا، ولم يثنه عن اقتطاف ثماره ما أحاط بها من قتاد.
وكم كنا نود أن الله تعالى قيض لنا من تنبعث همته إلى نشره على وجه يرضى به الانصاف وعرفان الجميل، حتى أتيحت لنا هذه الفرصة المباركة، ووكل
إلينا أمر مراجعته وإيضاح ما يحتاج إلى الايضاح منه، فعكفنا على مراجعة أصوله، وضبط مبهماته، وشرح مفرداته، والتعليق على مسائله وما يختاره المؤلف من الاراء تعليقا لا يمل قارئه ولا يحوجه إلى مراجعة غيره.
ثم عرض لنا أن نذيله بشرح شواهده الذي صنفه العالم المطلع المحقق عبد القادر البغدادي صاحب (خزانة الادب، ولب لباب لسان العرب) التي شرح فيها شواهد شرح رضي الدين على مقدمة ابن الحاجب في النحو، فلما استقر عندنا هذا الرأي لم نشأ أن نطيل في شرح الشواهد أنناء تعليقاتنا، وأرجأنا ذلك الى هذا الشرح الوسيط، واجتزأنا نحن بالاشارة المفهمة التى لا بد منها لبيان لغة الشاهد وموطن الاستشهاد.
وليس لاحدنا عمل مستقل في هذا الكتاب، فكل ما فيه من مجهود قد اشتركنا ثلاثتنا فيه اشتراكا بأوسع ما تدل عليه العبارة، فلم يخط أحدنا حرفا أو حركة إلا بعد أن يقر الاخران ما أراد، فان يكن هذا العمل قد جاء وافيا بما قصدنا إليه، مؤديا الغرض الذي رجونا أن يؤديه، كان ذلك غاية أملنا ومنتهى سؤلنا، وإن تكن الاخرى فهذا جهد المقل، وحسبك من غنى شبع ورى.
والله تعالى المسئول أن يتقبل منا، وأن يجعل عملنا خالصا لوجهه، مقر بامنه، امين كتبه محمد نور الحسن محمد الزفزاف محمد محيي الدين عبد الحميد


بسم الله الرحمن الرحيم [ وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ] أما بعد حمد الله توالى نعمه، والصلاة على رسوله محمد وعترته المعصومين، فقد عزمت على أن أشرح مقدمة ابن الحاجب في التصريف والخط، وأبسط الكلام في شرحها كما في شرح أختها بعض البسط، فإن الشراح قد اقتصروا على شرح مقدمة الاعراب، وهذا - مع قرب التصريف من الاعراب في مساس الحاجة إليه، ومع كونهما من جنس واحد - بعيد من الصواب، وعلى
الله المعول في أن يوفقني لاتمامه، بمنه وكرمه، وبالتوسل بمن أنا في مقدس حرمه، عليه من الله أزكى السلام، وعلى أولاده الغر الكرام.
قال المصنف: (الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
وبعد فقد التمس مني من لا تسعني مخالفته أن ألحق بمقدمتي في الاعراب مقدمة في التصريف على نحوها، ومقدمة في الخط، فأجبته سائلا متضرعا أن ينفع بهما، كما نفع بأختهما والله الموفق.
التصريف علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليس باعراب.
أقول: قوله (بأصول) يعنى بها القوانين الكلية المنطبقة على الجزئيات،


كقولهم مثلا (كل واو أو ياء إذا تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا) والحق أن هذه الاصول هي التصريف، لا العلم بها (1) قوله (أبنية الكلم) المراد من بناء الكلمة ووزنها وصيغتها هيئتها التي يمكن أن يشاركها فيها غيرهما، وهى عدد حروفها المرتبة وحركاتها المعينة وسكونها مع اعتبار الحروف الزائدة والاصلية كل في موضعه، فرجل مثلا على هيئة وصفة يشاركه فيه عضد (2)، وهي كونه على ثلاثة أولها مفتوح وثانيها مضموم، وأما الحرف الاخير فلا تعتبر حركته وسكونه في البناء، فرجل ورجلا ورجل على بناء واحد، وكذا جمل على بناء ضرب، لان الحرف الاخير لحركة الاعراب وسكونه وحركة البناء وسكونه، وإنما قلنا (يمكن أن يشاركها) لانه قد لا يشاركها في الوجود كالحبك - بكسر الحاء وضم الباء - فانه لم يأت له نظير (3)، وإنما قلنا (حروفها المرتبة) لانه إذا تغير النظم والترتيب تغير الوزن،
__________
(1) تريد الاعتراض على ابن الحاجب حيث قال (التصريف علم بأصول)
ولم يقل التصريف أصول، وذلك أن عبارة ابن الحاجب تشعر بأن التصريف غير الاصول المذكورة، والحق أن عبارة ابن الحاجب مستقيمة، ولا وجه للاعتراض المذكور عليها، وذلك أنه قد تقرر عند العلماء أن لفظ العلم يطلق إطلاقا حقيقيا على الاصول والقواعد، وهي القضايا الكلية التى يتعرف منها أحكام جزئيات موضوعها، وعلى التصديق بهذه الاصول والقواعد، وعلى ملكة استحضارها الحاصلة من تكرير التصديق بها، فقول ابن الحاجب (التصريف علم بأصول) يجوز أن يراد من العلم فيه القواعد، فتكون الباء قى قوله (بأصول) للتصوير، وأن يراد منه التصديق فتكون الباء للتعدية، وأن يراد منه ملكة الاستحضار فتكون الباء للسببية إلا أن القواعد سبب بعيد للملكة، والسبب القريب التصديق بها (2) العضد - كرجل وفلس وعنق وقفل وكتف - من الانسان وغيره الساعد وهو ما بين المرفق إلى الكتف (3) الحبيكة - كسفينة - الطريق في الرمل ونحوه، واسم الجمع حبيك، والجمع (*)


كما تقول: بئس على وزن فعل وأيس على وزن عفل، وإنما قلنا (مع اعتبار الحروف الزائدة والاصلية) لانه يقال: على وزن فعلل أو أفعل أو فاعل مع توافق الجميع في الحركات المعينة والسكون، وقولنا " كل في موضع " لان نحو درهم ليس على وزن قمطر (1) لتخالف مواضع الصفحتين والسكونين، وكذا نحو بيطر (2) مخالف لشريف (3) في الوزن لتخالف موضعي الياءين، وقد يخالف ذلك (4) في أوزان التصغير فيقال: أوزان التصغير ثلاثة: فعيل، وفعيعل، وفعيعيل فيدخل في فعيعل أكيلب وحمير ومسيجد ونحوها، وفى فعيعيل مفيتيح وتميثيل ونحو ذلك، [ وذلك ] (5) لما سيجى
__________
حبائك وحبك، كسفين وسفائن وسفن، وقد قرى في الشواذ: (والسماء ذات
الحبك) بكسر الحاء وضم الباء، وهذه هي التي عناها الشارح المحقق بأنها لا نظير لها (1) القمطر: الجمل القوي السريع، وقيل: الجمل الضخم القوي، ورجل قمطر: قصير، وامرأة قمطرة: قصيرة عريضة، والقمطر والقمطرة: ما تصان فيه الكتب (2) بيطر: عالج الدواب، فهو بيطار.
وبطر كفرح وبيطر كجعفر وبيطر كهزبر ومبيطر، وأصله بطر الشئ يبطره شقه، وبابه نصر (3) شريف الزرع: قطع شريافه، وهو ورقة إذا كثر وطال وخشى فساده، ويقال: شرنفه، أي قطع شرنافه، وهو بمعنى الاول (4) اسم الاشارة في قوله " ذلك " يعود إلى اعتبار الحروف الزائدة والاصلية كل في موضعه في الوزن، فأكيلب وزنه التصريفي أفيعل والتصغيري فعيعل، وحمير وزنه التصريفي فعيل والتصغيري فعيعل، ومسيجد وزنه التصريفي مفيعل والتصغيري فعيعل، ومفيتيح وزنه التصريفي مفيعيل والتصغيري فعيعيل وتميثيل وزنه التصريفي تفيعيل والتصغيري فعيعيل، وسيأتي للشارح توجيه هذه المخالفة عند قول المصنف " ويعبر عنها بالفاء والعين واللام " (5) هذه الزيادة عن النسخة الخطية (*)


قوله " أحوال أبنية الكلم " يخرج من الحد معظم أبواب التصريف، أعنى الاصول التي تعرف بها أبنية الماضي والمضارع والامر والصفة وأفعل التفضيل والآلة والموضع والمصغر والمصدر، وقد قال المصنف بعد مدخلا لهذه الاشياء في أحوال الابنية: " وأحوال الابنية قد تكون للحاجة كالماضي والمضارع " الخ وفيه نظر (1)، لان العلم بالقانون الذي تعرف به أبنية الماضي من الثلاثي والرباعي
__________
(1) هذا النظر في قول المصنف بعد مدخلا لهذه الاشياء في حد التصريف " وأحوال الابنية قد تكون للحاجة كالماضي والمضارع والامر واسمى الفاعل والمفعول
والصفة المشبهة وأفعل التفضيل والمصدر واسمى الزمان والمكان والالة والمصغر والمنسوب والجمع والتقاء الساكنين والابتداء والوقف، وقد تكون للتوسع كالمقصور والممدود وذي الزيادة، وقد تكون للمجانسة كالامالة، وقد تكون للاستثقال كتخفيف الهمزة والاعلال والابدال والادغام والحذف " والحاصل أن قول المصنف " تعرف بها أحوال الابنية " إن جعلت الاضافة فيه بيانية دخل فيه الاصول التي تعرف بها أبنية الماضي والمضارع والامر واسم الفاعل اسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل وأسماء الزمان والمكان والالة والمصغر والمنسوب والجمع، وخرج منه الاصول التي تعرف بها أحوال الابنية كالاصول التى يعرف بها الابتداء والامالة وتخفيف الهمزة والاعلال والابدال، والحذف وبعض الادغام، وهو إدغام بعض حروف الكلمة في بعض نحو مد وامتد وشد واشتد، وبعض التقاء الساكنين وهو ما إذا كان الساكنان في كلمة نحو قل وبع، وخرج منه الاصول التى يعرف بها الادغام في كلمتين نحو " منهم من ينظر " و " منهم من يقول " و " منهم من يستمع " " فما له من وال " " قل لزيد " والتي يعرف بها التقاء الساكنين في كلمتين نحو " ادخل السوق " " واشتر الكتاب " وإن جعل الاضافة على معنى اللام خرج من الحد النوع الاول والثالث، ثم ذكر الشارح المحقق أن قول المصنف " وأحوال الابنية قد تكون الخ " مشكل على كل حال، وذلك أن الماضي وما ذكر معه الى الجمع ليس أبنية ولا أحوال أبنية كما أن الادغام من كلمتين والتقاء الساكنين من كلمتين كذلك، فلا يستقيم قوله " وأحوال الابنية قد تكون للحاجة كالماضي والمضارع الخ " سواء أجعلت الاضافة بيانية أم على معنى اللام (*)


والمزيد فيه وأبنية المضارع منها وأبنية الامر وأبنية الفاعل والمفعول تصريف بلا خلاف، مع أنه علم بأصول تعرف به أبنية الكلم، لا أحوال أبنيتها، فان أراد
أن الماضي والمضارع (مثلا) حالان طارئان على بناء المصادر ففيه بعد، لانهما بناءان مستأنفان بنيا بعد هدم بناء المصدر، ولو سلمنا ذلك فلم عد المصادر في أحوال الابنية ؟ فان القانون الذي تعرف به أبنيتها تصريف، وليس يعرف به حال بناء، والماضي والمضارع والامر وغير ذلك مما مر كما أنها ليس بأحوال الابنية ليست بأبنية أيضا على الحقيقة، بل هي أشياء ذوات أبنية، على ما ذكرنا من تفسير البناء، بلى قد يقال لضرب مثلا: هذا بناء حاله كذا، مجازا، ولا يقال أبدا: إن ضرب حال بناء، وإنما يدخل في أحوال الابنية الابتداء، والامالة، وتخفيف الهمزة، والاعلال، والابدال، والحذف، وبعض الادغام، وهو إدغام بعض حروف الكلمة في بعض، وأما نحو " قل له " فالادغام فيه ليس من أحوال البناء، لان البناء على ما فسرناه لم يتغير به، وكذا بعض التقاء الساكنين، وهو إذا كان الساكنان من كلمة كما في قل وأصله قول، وأما التقاؤهما في نحو " اضرب الرجل " فليس حالا لبناء الكلمة، إذ البناء - كما ذكرنا - يعتبر بالحركات والسكنات التي قبل الحرف الاخير، فهذه المذكورات أحوال الابنية، وباقي ما ذكر هو الابنية، الا الوقف والتقاء الساكنين في كلمتين والادغام فيهما، فان هذه الثلاثة لا أبنية ولا أحوال أبنية.
قوله " التي ليست باعراب " لم يكن محتاجا إليه، لان بناء الكلمة - كما ذكرنا - لا يعتبر فيه حالات آخر الكلمة، والاعراب طار على آخر حروف الكلمة، فلم يدخل إذن في أحوال الابنية حتى يجترز عنه، وإن دخل (1) فاحتاج إلى الاحتراز فكذا البناء، فهلا احترز عنه أيضا ؟ !
__________
(1) قول الشارح المحقق " وإن دخل فاحتاج إلى الاحتراز فكذا البناء فهلا " (*)


واعلم أن التصريف (1) جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصناعة،
والتصريف - على ما حكى سيبويه عنهم - هو أن تبنى (2) من الكلمة بناء لم
__________
احترز عنه أيضا " نقول: قد يقال: إن المراد من الاعراب ما يشمل البناء، وإطلاق الاعراب على ما يشمل البناء كثير في كلامهم، من ذلك قول المصنف " أن ألحق بمقدمتي في الاعراب مقدمة في التصريف على نحوها " فهو إما حقيقة عرفية أو مجاز مشهور، وكلاهما لا يضر أخذه في التصريف.
(1) قول الشارح المحقق " واعلم التصريف جزء من أجزاء النحو ب خلاف من أهل الصنعة " نقول: هذا على طريقة المتقدمين من النحاة، فانهم يطلقون النحو على ما يشمل التصريف، ويعرف على هذه الطريقة بأنه علم يعرف به أحكام الكلم العربية إفرادا وتركيبا، أو بأنه العلم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة الى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها، والمتأخرون على أن التصريف قسيم النحو لا قسم منه، فيعرف كل منهما بتعريف يميزه عن قسيمه وعن كل ما عداه فيعرف النحو بأنه علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء، وأما التصريف فيستعمل في الاصطلاح مصدرا واسما علما، فيستعمل مصدرا في تغيير الكلمة عن أصل وضعها، ويتناول هذا المعنى نوعين من التغييرات: الاول: تحويل الكلمة الى أبنية مختلفة لضروب من المعاني لا تحصل الا بذلك التحويل، وذلك كتحويل المصدر الى اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل واسم الزمان والمكان والالة، وكالتحويل الى التثنية والجمع والتصغير والنسب، والثاني: تغيير الكلمة عن أصل وضها لقصد الالحاق أو التخلص من التقاء الساكنين أو التخفيف، وذلك التغيير كالزيادة والحذف والاعلال والابدال وتخفيف الهمزة والادغام، ويستعمل التصريف اسما علما في القواعد التي يعرف بها أبنية الكلمة وما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وحذف وإبدال وإدغام وابتداء وإمالة، وما يعرض لاخرها مما ليس باعراب ولا بناء كالوقف والادغام والتقاء
الساكنين، وهذان التعريفان غير التعريف الذي حكاه الشارح عن إمام أهل الصنعة سيبويه.
(2) قول الشارح " أن تبنى من الكملة بناء لم تبنه العرب الخ " نقول: يريد (*)


تبنه العرب على وزن ما بنته ثم تعمل في البناء الذي بنيته ما تقتضيه فياس كلامهم، كما يتبين في مسائل التمرين إن شاء الله تعالى، والمتأخرون على أن التصريف علم بأبنية الكلمة، وبما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وحذف وصحة وإعلال وإدغام وإمالة، وبما يعرض لاخرها مما ليس باعراب ولا بناء من الوقف وغير ذلك.
أنواع الابنية قال: " وأبنية الاسم الاصول ثلاثية ورباعية وخماسية وأبنية الفعل ثلاثية ورباعية (1)
__________
أن تأخذ من الكلمة لفظا لم تستعمله العرب على وزن ما استعملته ثم تعمل في هذا اللفظ الذي أخذته ما يقتضيه قياس كلامهم من إعلال وإبدال وإدغام، فإذا بنيت من وأيت مثل قفل قلت وؤى، فإذا خففت الهمزة بابدالها من جنس حركة ما قبلها صار وويا، فعلى أن قلب الواو الاولى همزة في مثل هذا واجب يقال: أوى، وعلى أنه جائز يقال: " أوى "، أو " ووى "، وإذا بنيت من وأيت مثل كوكب قلت: ووأى، تعل الياء بقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم تحذف الالف لالتقاء الساكنين، فإذا خففت الهمزة بنقل حركتها الى ما قبلها ثم حذفها، فعلى القول بوجوب القلب في مثله يقال: أوى، كفتى، وعلى القول بعدم وجوبه يقال: أوى، أو ووى.
(1) قول المصنف " وأبنية الاسم الاصول ثلاثية ورباعية الخ " مقتضاه أن الابنية الاصول للاسم والفعل لا تكون أقل من ثلاثة، وهو كذلك بالنظر إلى أصل
الوضع وأما بالنظر إلى الاستعمال فقد تكون على حرفين وعلى حرف واحد، مثال ما كان على حرفين من الاسم وهو محذوف اللام أب وأخ ويد وثبة وأمة، ومثاله محذوف الفاء عدة وزنة ودية وشية، ومثاله محذوف العين وهو قليل لم يسمع إلا في ثلاث كلمات: سه اتفاقا، وأصله سته بدليل جمعه على أستاه، ومذ على رأى من يقول: إن أصلها منذ، استدلالا بأنك لو سميت بمذ صغرته على منيذ وجمعته على أمناذ، قال الشارح في شرح الكافية: ومنه منه صاحب المغنى في الموضعين وقال: قولهم منيذ وأمناذ غير منقول عن العرب، وأما تحريك ذال مذفى نحو " مذ اليوم " بالضم للساكنين (*)


أقول: لم يتعرض النحاة لابنية الحروف لندور تصرفها، وكذا الاسماء (1) العريقة البناء كمن وما
__________
أكثر من الكسر فلا يدل أيضا على أن أصله منذ، لجواز أن يكون للاتباع، وضم ذال مذ - سواء كان بعده ساكن أو لا - لغة غنوية، فعلى يجوز أن يكون أصله الضم فخفف فلما احتيج الى التحريك للساكنين رد إلى أصله كما ف ى " لهم اليوم " والكلمة الثالثة ذا الاشارية، على رأى من يقول: إن المحذوف منها العين، وإن أصلها ذوى، لكثرة باب طويت، وورود الامالة في ألفها ولا سب لها هنا الا انقلابها عن ياء، وهذا ما اختاره الشارح في باب التصغير والاعلال، ولكن اختار في شرح الكافية أن أصله ذيى، وأن المحذوف منه اللام، لان حذف اللام اعتباطا أكثر من حذف العين، والحمل على الاكثر عند خفاء الاصل أولى، ومثال ما كان على حرف واحد في الاسم " م الله " على رأى من يقول: إن أصله " أيمن الله " وأما على رأى من يقول: إنه موضوع للقسم هكذا ابتداء وليس مختصرا من ايمن، فهو حرف قسم كالباء والواو، وأما الفعل فقد يكون على حرفين، والمحذوف منه العين كقل وبع وسل، وقد يكون كذلك والمحذوف منه الفاء كضع ودع وذر،
وقد يكون على حرف واحد والمحذوف منه الفاء واللام المعتلان نحو " ع كلامي " و " ق نفسك " (1) قول الشارح " وكذا الاسماء العريقة البناء " يريد المتأصلة في البناء، وهو مستعار من قولهم: أعرق الرجل، إذا صار عريقا، أي: أصيلا، وهو الذى له عروق في الكرم أو اللؤم، هذا، ولم يتعرض الشارح للسر في أن أقل الابنية ثلاثة، ولا للسر في أن الاسم لا يكون سداسيا، ونحن نذكر لك ما قيل في ذلك: قال أبو حيان: إنما كان أقل الاصول ثلاثة لانه لابد من حرف يبتدأ به، وحرف يسكت عليه، وحرف يحشى به الكلمة لان بعض الكلم يحتاج إليه في بعض الاحكام، ألا ترى أن التصغير لا يتصور في اسم على حرفين لان ياءه إنما تقع ثالثة وحرف الاعراب بعدها، وفيه أن هذا إنما يتم في الاسم لا الفعل، وقال الجار بردى: " الاصل في كل كلمة أن تكون على ثلاثة أحرف: حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يكون واسطة بين المبتدأ به والموقوف عليه، إذ (*)


واعلم أنه لم يبن من الفعل خماسى، لانه إذن يصير ثقيلا بما يلحقه مطردا من حروف المضارعة وعلامة اسم الفاعل واسم المفعول (1) والضمائر المرفوعة التى هي كجزء الكلمة، وإنما قال " الاصول " لانه يزداد على ثلاثى الفعل واحد كأخرج، واثنان كانقطع، وثلاثة كاستخرج، وعلى رباعية واحد كتدحرج، واثنان كاحرنجم (2) ويزاد على ثلاثى الاسم واحد نحو ضارب، واثنان كمضروب، وثلاثة كمستخرج، وأربعة كاستخراج، وعلى رباعية واحد كمدحرج، واثنان كمتدحرج، وثلاثة كاحربحام (2)، ولم يزد في خماسيه غير حرف مد قبل الاخر نحو سلسبيل (3) وعضر فوط (4) أو بعده مجردا عن التاء كقبعثرى (5)
__________
يجب أن يكون المبتدأ به متحركا والموقوف عليه ساكنا، فلما تنافيا صفة كرهوا
مقارنتهما، ففصلوا بينهما بحرف لا تجب فيه الحركة ولا السكون، فكان مناسبا لهما " وهو منقوض بما كان على حرفين من الحروف والاسماء المشبهة لها، قال: " وإنما جوزوا في الاسم رباعيا وخماسيا للتوسع، ولم يجوزوا سداسيا لئلا يوهم أنه كلمتان، إذ الاصل في الكلمة أن تكون على ثلاثة أحرف " هذا، وأكثر أنواع الابنية وقوعا في الكلام الثلاثي، ويليه الرباعي، ويليه الخماسي (1) قول الشارح " وعلامة اسم الفاعل والمفعول " ظاهره أن علامة اسم الفاعل والمفعول تلحق الفعل وليس كذلك، والصواب حذفه والتعليل تام بدونه (2) الاحرنجام: الاجتماع، يقال: اخر نجم القوم، إذا اجتمع بعضهم إلى بعض، وحرجمت الابل: إذا رددت بعضها إلى بعض، فاحرنجمت: أي ارتد بعضهما الى بعض واجتمعت (3) يقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل، إذا كان سهل المدخل في الحلق، واختلف علماء اللغة في قوله تعالى: (عينا فيها تسمى سلسبيلا) فقيل: إنه اسم عين في الجنة، وصرف وحقه المنع للعلمية والتأنيث، للتناسب، وقيل: إنه وصف للعين، وعليه فلا إشكال في صرفه (4) العضرفوط: دويبة بيضاء ناعمة، وقيل: ذكر العظاء (5) القبعثرى: العظيم الشديد، والانثى قبعثراة، قال المبرد: ألفه ليست (*)


أو معها كقبعثراة، وندر قرعبلانة (1) وإصطفلينة (2) الميزان الصرفى قال: " ويعبر عنها بالفاء والعين واللام، وما زاد بلام ثانية وثالثة، ويعبر عن الزائد بلفظه، إلا المبدل من تاء الافتعال فإنه بالتاء، وإلا المكرر للالحاق أو لغيره فإنه بما تقدمه وإن كان من حروف الزيادة إلا بثبت، ومن ثم كان حلتيت (3) فعليلا، وسحنون (4)
__________
للتأنيث ولا للالحاق، وإنما هي لمجرد تكثير البنية
(1) القرعبلانة: دوية عريضة عظيمة البطن، قال ابن سيده: وهو مما فات الكتاب من الابنية، قال الجواهري: أصل القرعبلانة قرعبل، فزيدت فيه ثلاثة أحرف، لان الاسم لا يكون على أكثر من خمسة أحرف، وقيل: إن هذه اللفظة لم تسمع إلا في كتاب العين، وهو غير موثوق به (2) في القاموس: " الا صطفلين - كجر دحلين بزيادة الياء ولنون -: الجزر الذي يؤكل، الواحدة إصطفيلنة، وفي كتاب معاوية إلى قيصر: " لانتزعنك من الملك انتزاع الاصطفلينة، ولاردنك إريسا من الارارسة ترعى الدوبل " اه والاريس: الاكار: أي الحراث، والدوبل: الخنزير أو الذكر من الخنازير خاصة أو ولده، قال ابن الاثير: ليست اللفظة - بمعنى الاصطفلينة - بعربية محصنة لان الصاد والطاء لا يكادان يجتمعان إلا قليلا، وقول الشارح " وندر قرعلانة وإصطفلينة " نقول: ذكر بعضهم أنه زيد في الخماسي حرفا مد قبل الاخر، نحو مغناطيس، قال: فان صح ذلك وكان عربيا جعل نادرا، وقد حكاه - أعنى مغناطيس - ابن القطاع، ونقول: " في اللسان المغنطيس حجر يجذب الحديد، وهو معرب " وفى القاموس " المغنطيس والمغنطيس والمغناطيس: حجر يجذب الحديد، معرب " اه (3) قال في اللسان: قال أبو حنيفة: " الحلتيت عربي أو معرب ولم يبلغني أنه ينبت ببلاد العرب ولكن ينبت بين بست وبين بلاد القيقان، وهو نبات يسلنطح ثم يخر من وسطه قصبة تسمو وترفع، والحلتيت أيضا: صمغ يخرج في أصول ورق تلك القصبة، وأهل تلك البلاد يطبخون بقلة الحلتيت ويأكلونها وليست مما يبقى على الشتاء " اه (4) لم نجد هذه الكلمة في القاموس وشرحه ولا في اللسان، وفى شرح الجاربدرى أنه أول الريح والمطر (*)


وعثنون (1) فعلولا لا فعلونا لذلك ولعدمه، وسحنون إن صح الفتح ففعلون لا فعلول كحمدون، وهو مختص بالعلم، لندور (2) فعلول وهو صعفوق (3)، وخرنوب ضعيف، وسمنان (4) فعلان، وخزعال (5) نادر وبطنان (6) فعلان، وقرطاس (7) ضعيف مع أنه نقيض ظهران "
__________
(1) قال في القاموس: " العثنون اللحية، أو ما فضل منها بعد العارضين، أو ما نبت على الذقن وتحته سفلا، أو هو طولها، وشعيرات طوال تحت حنك البعير ومن الريح والمطر أولهما، أو عام المطر، أو المطر ما دام بين السماء والارض " (2) مرجع الضمير في قوله: " وهو مختص بالعلم " فعلون (بفتح أوله وبالنون) وقوله " لندور فعلول " تعليل لحمله على فعلون ونفى كونه فعلولا (3) قوله " وهو صعفوق " يريد الذي ندر من فعلول بفتح أوله، قال في اللسان: " وقال الازهرى كل ما جاء على فعلول فهو مضموم الاول مثل زنبور وبهلول وعمروس وما أشبه ذلك، الا حرفا جاء نادرا وهو بنو صعفوق لخول باليمامة.
وبعضهم يقول صعفوق بالضم، قال ابن بري: رأيت بخط أبي سهل الهروي على حاشية كتاب: جاء على فعلول (بالفتح) صعفوق وصعقول لضرب من الكمأة وبعكوكة الوادي لجانبه، قال ابن بري: أما بعكوكة الوادي وبعكوكة الشر فذكرها السيراني وغيره بالضم لا غير، أعني بضم الباء، وأما الصعقول لضرب من الكمأة فليس بمعروف ولو كان معروفا لذكره أبو حنيفة في كتاب النبات وأظنه نبطيا أو أعجميا " اه وقد ذكر المجد في القاموس الصندوق بضم أوله وفتحه فهو مزيد على ما حكاه ابن بري عن الهروي (4) سمنان كما قال الشارح: اسم موضع، قيل: هو من أرض نجد، وقيل: هو مدينة بين الرى ونيسابور (5) سيأتي في كلام الشارح تفسير الخزعان بأنه ظلع يصيب الناقة (6) بطنان: اسم لباطن ريش الطائر، وظهران: اسم لظاهره، وسيأتى لهذا
القول تكملة (7) القرطاس - بضم أوله، وقد يفتح، والاشهر فيه الكسر - وهو الكاغد: أي ما يكتب فيه (*)


أقول: يعني إذا أردت وزن الكلمة عبرت عن الحروف الاصول بالفاء والعين واللام: أي جعلت في الوزن مكان الحروف الاصلية هذه الحروف الثلاثة كما تقول: ضرب على وزن فعل اعلم أنه صيغ لبيان الوزن المشترك فيه كما ذكرنا لفظ متصف بالصفة التى يقال لها الوزن، واستعمل ذلك اللفظ في معرفة أوزان جميع الكلمات، فقيل: ضرب على وزن فعل، وكذا نصر وخرج، أي: هو على صفة يتصف بها فعل، وليس قولك فعل هي الهيئة المشتركة بين هذه الكلمات، لانا نعرف ضرورة أن نفس الفاء والعين واللام غير موجودة في شئ من الكلمات المذكورة، فكيف تكون الكلمات مشتركة في فعل ؟ بل هذا اللفظ مصوغ ليكون محلا للهيئة المشتركة فقط، بخلاف تلك الكلمات، فانها لم تصغ لتلك الهيئة بل صيغت لمعانيها المعلومة، فلما كان المراد من صوغ فعل الموزون به مجرد الوزن سمى وزنا وزنة، لا أنه في الحقيقة وزن وزنة، وإنما اختير لفظ فعل لهذا الغرض من بين سائر الالفاظ لان الغرض الاهم من وزن الكلمة معرفة (1) حروفها
__________
(1) المراد أن يعرف المتعلم باختصار الفرق بين الاصلى والزائد ومحل الاصلى، فإذا قيل له إن وزن منطلق منفعل، كان أخصر من أن يقال الميم والنون زائدتان، وكذا إذا قيل له أن ناء فلع كان أخصر من أن يقال له إن اللام مقدمة على العين، وهكذا، وبما ذكرنا اندفع ما يقال: كيف تعرف الاصالة والزيادة من المقابلة بالفاء والعين واللام مع أن المقابلة فرع معرفة الاصالة والزيادة، وذلك أن المعلم
إذا عرف الاصالة والزيادة من أدلتهما وأراد أن يعرف المتعلم باختصار الاصالة والزيادة قابل له حروف الكلمة التيژ يريد أن يعرفه حالها بحروف الميزان، ثم إن ما ذكر من أن المقابلة بالفاء والعين واللام تدل على الاصالة إنما هو في غير المكرر أما هو سواءأ كان تكراره للالحاق أم لغيره فانما تعرف الاصالة والزيادة فيه من أمر آخر وهو أن كل تضعيف في كلمة زائدة على ثلاثة أحرف فأحد الضعفين فيها زائد كفطع وجلبب وركع (جمع راكع)، وقردد، إذا لم يفصل بين المثلين (*)


الاصول وما يزيد فيها من الحروف وما طرأ عليها من تغييرات لحروفها بالحركة والسكون، والمطرد في هذا المعنى الفعل والاسماء المتصلة بالافعال كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة والالة والموضع، إذ لا تجد فعلا ولا اسما متصلا به إلا وهو في الاصل مصدر قد غير غالبا إما بالحركات كضرب وضرب أو بالحروف كيضرب وضارب ومضروب، وأما الاسم الصريح الذى لا اتصال له بالفعل فكثير منه خال من هذا المعنى كرجل وفرس وجعفر وسفرجل، لا تغيير في شئ منها عن أصل ومعنى تركيب " ف غ ل " مشترك بين جميع الافعال والاسماء المتصلة بها، إذ الضرب فعل، وكذا القتل والنوم، فجعلوا ما تشترك الافعال والاسماء المتصلة بها في هيئته اللفظية مما تشترك أيضا في معناه، ثم جعلوا الفاء والعين واللام في مقابلة الحروف الاصلية، إذ الفاء والعين واللام أصول، فان زادت الاصول على الثلاثة كررت اللام دون الفاء والعين، لانه لما لم يكن بد في الوزن من زيادة حرف بعد اللام لان الفاء والعين واللام تكفى في التعبير بها عن أول الاصول وثانيها وثالثها كانت الزيادة بتكرير أحد الحروف التى في مقابلة الاصول بعد اللام أولى، ولما كانت اللام أقرب كررت هي دون البعيد فان كان في الكلمة المقصودة وزنها حرف زائد فهو على ضربين: إن
كانت الزيادة بتكرير حرف أصلى كتكرير عين قطع أو لام جلبب كررت العين في زن الاول نو فعل واللام في وزن الثاني نحو فعلل، ولا يورد ذلك المزيد بعينه، فلا يقال: فعطل ولا فعلب، تنبيها في الوزن على أن الزائد حصل من تكرير حرف أصلى، سواء كان التكرير للالحاق كقردد (1) أو
__________
حرف أصلى، وإن لم تزد على الثلاثة فالمثلان فيها أصليان كمد وعد وبر وجب (1) قردد: اسم جبل، وما ارتفع من الارض، ومن الظهر أعلاه، ومن الشتاء شدته وحدته، ويقال: جاء بالحديث على قردده: أي وجهه (*)


لغيره كقطع، وإن لم تكن الزيادة بتكرير حرف أصلى أورد في الوزن تلك الزيادة بعينها، كما يقال في ضارب: فاعل، وفى مصروب: مفعول الوزن التصغيري وقد ينكسر هذا الاصل الممهد في أوزان التصغير، إذ قصدوا حصر جميعها في أقرب لفظ وهو قولهم: أوزان التصغير ثلاثة فعيل، وفعيعل، وفعيعيل، ويدخل في فعيعل دريهم مع أن وزنه الحقيقي فعيلل، وأسيود وهو أفيعل، ومطيلق وهو مفيعل، وجويرب وهو فويعل، وحمير وهو فعيل، ويدخل في فعيعيل عصيفير وهو فعيليل، ومفيتيح وهو مفيعيل، ونحو ذلك، وإنما كان كذلك لانهم قصدوا الاختصار بحصر جميع أوزان التصغير فيما يشترك فيه بحسب الحركات المعينة والسكنات، لا بحسب زيادة الحروف وأصالتها، فان دريهما مثلا وأحيمر وجديولا ومطيلقا تشترك في ضم أول الحروف وفتح ثانيها ومجئ ياء ثالثة وكسر ما بعدها، وإن كانت أوزانه في الحقيقة مختلفة باعتبار أصالة الحروف وزيادتها، فقالوا لما قصدوا جمعها في لفظ للاختصار: إن وزن الجميع فعيعل، فوزنوها بوزن يكون في الثلاثي دون الرباعي، لكونه أكثر منه، وأقدم بالطبع، ثم قصدوا ألا يأتوا في هذا الوزن الجامع يزيادة الا من نفس الفاء والعين واللام، إذ لابد للثلاثي - إذا
كان على هذا الوزن - من زيادة، واختيار بعض حروف " اليوم تنساه " للزيادة دون بعض تحكم، إذ لو قالوا مثلا أفيعل باعتبار نحو أحيمر أو مفيعل باعتبار نحو مجيلس أو فعيل باعتبار نحو حمير أو غير ذلك كان تحكما، فلم يكن بد من تكرير أحد الاصول، وفى الثلاثي لا تكون زيادة التضعيف في الفاء فلم يقولوا ففيعل، بل لا تكون إلا في العين كزرق (1) أو في اللام كمهدد (2) وقردد،
__________
(1) الزرق بوزان سكر طائر صياد وبياض في ناصية الفرس والجمع زراريق (2) مهدد: اسم امرأة، قال ابن سيده: وإنما قضيت على ميم مهدد أنها أصل (*)


فلو قالوا فعيلل لالتبس بوزن جعيفر، أعنى وزن الرباعي المجرد عن الزيادة، وهم قصدوا وزن الثلاثي كما ذكرنا، فكرروا العين ليكون الوزن الجامع وزن الثلاثي خاصة، وإن لم يقصدوا الحصر المذكور ورنوا كل مصغر بما يليق به، فقالوا: دريهم فعيلل، وحمير فعيل، ومقيتل مفيعل، ونحو ذلك.
هذا، وقد يجوز في بعض الكلمات أن تحمل الزيادة على التكرير، وأن لا تحمل عليه، إذا كان الحرف من حوف " اليوم تنساه " وذلك كما في حلتيت، يحتمل أن تكون اللام مكررة كما في شمليل فيكون وزنه فعليلا فيكون ملحقا بقنديل، وأن يكون لم يقصد تكرير لامه وإن اتفق ذلك، بل كان القصد الى زيادة الياء والتاء كما في عفريت (1) فيكون فعليتا، وكذا سمنان: إما أن يكون مكرر اللام للالحاق بزلزال، أو يكون زيد فيه الالف والنون لا للتكرير بل كما زيد في سلمان، ولا دليل في قول الحماسي: - 1 - نحو الاميلح من سمنان مبتكرا * * بفتية فيهم المرار والحكم (2) - بمنه صرف سمنان - على كونه فعلان، لجواز كونه فعلالا وامتناع صرفه لتأويله بالارض والبقعة لانه اسم موضع، قال المصنف: لا يجوز أن يكون مكرر
اللام للالحاق لان فعلالا نادر كخزعال، ولا يلحق بالوزن النادر، ولقائل أن يقول: إن فعلالا إذا كان فاؤء ولامه الاولى من جنس واحد نحو زلزال (3)
__________
لانها لو كانت زائدة لم تكن الكلمة مفكوكة وكانت مدغمة كمسد ومرد، وهو (مهدد) فعلل اه وقال سيبويه: الميم من نفس الكلمة، ولو كانت زائدة لادغم الحرف مثل مفر ومرد، فثبت أن الدال ملحقة، والمحلق لا يدغم اه (1) العفريت: النافذ في الامر المبالغ فيه مع دهاء (2) الاميلح: ماء لبنى ربيعة، وسمنان تقدم ذكره، ومبتكرا: ذاهبا في بكرة الهار، وهى أوله، والمرار والحكم أخو الشاعر، وهو زياد بن منقذ (3) الزلزال: التحريك الشديد، والخلخال: حلى يلبس في الساق، وخلخال: بلد ويقال: ثوب خلخال، أي رقيق (*)


وخلخال غير نادر اتفاقا، فهلا يجوز أن يكون سمنان ملحقا به، وليس نحو زلزال بفعفال على ما هو مذهب الفراء كما يذكره المصنف في باب ذي الزيادة، ولا يجوز أن يكون التاءان أصليتين في حلتيت وكذا النونا ن في سمنان لما سيجئ من أن التضعيف في الرباعي والخماسي لا يكون إلا زائدا إلا أن يفصل أحد الحرفين عن الاخر بحرف أصلي كزلزال على ما فيه من الخلاف كما سيجئ، ولا يجوز أن يكون كرر اللام فيهما لغير الالحاق كما في سودد (1) عند سيبويه لان معنى الالحاق حاصل فيهما، وإنما امتنع ذلك في نحو سودد عند سيبويه (1) لعدم نحو جخدب عنده وأما نحو سحنون وعثنون فهما مكررا اللام للالحاق بعصفور، ولا يجوز أن يكون زيد الواو والنون كما في حمدون لعدم فعلون في أبنيتهم، وأما سحنون - - بفتح الفاء - فليس بمكرر اللام للالحاق بصعفوق، لانه نادر، ولا يلحق بالنادر، وليس التكرير لغير الالحاق كما في سودد (1) لعدم فعول مكرر اللام
فهو إذن فعلون لثبوت فعلون في الاعلام خاصة، وسحنون علم وأما بطنان فليس بمكرر اللام، لانه جمع بطن (2)، وليس فعلال من
__________
(1) هذا الكلام الذي ذكره الشارح هاهنا في كلمة سؤدد مخالف لما سيأتي له، فقد قال في مبحث الالحاق: ولا تلحق كلمة بكلمة مزيد فيها إلا بأن يجئ في الملحقة ذلك الزائد بعينه في مثل مكانه، ولهذا ضعف قول سيبويه في نحو سؤدد إنه ملحق بجندب المزيد نونه، وقوى قول الاخفش إنه ثبت نحو جخدب وإن نحو سؤدد ملحق به.
وقال في باب الاعلال عند التعليل لتصحيح كلمة عليب: وهو عند الاخفش ملحق بجخدب وعند سيبويه للالحاق أيضا كسؤدد وإن لم يأت عنده فعلل اه فهاتان العبارتان صريحتان في أنه يرى أن مذهب سيبويه أن كلمة سؤدد ملحقة بنحو جندب (2) الذي قاله المصنف هنا هو الذي ذكره المجد في القاموس والجوهري في (*)


أبنية الجموع، وفعلان منها كقفزان (1) ولو كان بطنان واحدا لجاز أن يكون فعلالا مكرر اللام للالحاق بقسطاس (2) كما في قرطاط (3) وفسطاط (4)، أو يقال في الثلاثة إنها مكررة اللام لا للالحاق كما في سؤدد عند سيبويه (5) وقال المصنف: لا يجوز أن يكون بطنان ملحق بقرطاس لانه ضعيف، والفصيح قرطاس - بكسر الفاء - والقائل أن يكون بطنان ملحقا بقرطاس لانه ضعفيف، وقد قرئ في الكتاب العزيز بالكسر والضم، وما قيل " إنها لغة رومية " لم يثبت والظاهر أن المصنف بنى على أن بطنانا وظهرانا مفردان (5) فحمل بطنانا في كونه فعلان على ظهران الذي هو فعلان بيقين، ولو جعلهما جمعين لم يحتج إلى ما ذكر، لان فعلالا ليس من أبنية الجموع، والحق أنهما جمعا بطن وظهر كما ذكر أهل اللغة رجعنا إلى تفسير كلامه، قوله " يعبر عنها " أي عن الاصول: أي،
__________
* الصحاح وابن منظور في اللسان عن ابن سيده، لكن قال الجاربردي في شرحه
على الشافية إن ظهرانا اسم لظاهر الريش وبطنانا اسم لباطنه فهما على ذلك مفردان كما يقتضيه كلام المصنف (1) القفزان: جمع قفيز، وهو مكيال يسع ثمانية مكاكيك (والمكاكيك: جمع مكوك - بزنة تنور - وهو مكيال يسع صاعا ونصف صاع).
والقفيز من الارض يساوي مائة وأربعا وأربعين ذراعا (2) القسطاس - بالضم والكسر - الميزان (3) القرطاط - بالضم والكسر - ما يوضع تحت رحل البعير، وهو الداهية أيضا.
(4) الفسطاط - بضم أوله أو كسره - المدينة التى فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط، ومنه قيل لمدينة مصر التى بناها عمرو بن العاص فسطاط، وقال الزمخشري: الفسطاط: ضرب من الابنية في السفر دون السرادق، وبه سميت المدينة، ويقال لمصر والبصرة الفسطاط اه عن اللسان (5) أنظر (ص 16 ه ا من هذا الجزء) (*)


يجعل في الوزن مكان أول الاصول الفاء، ومكان ثانيها العين، ومكان ثالثها اللام.
قوله " وما زاد " أي: وما زاد عن ثلاثة من الاصول يعبر عنه بلام ثانية إن كان الاسم رباعيا، كما تقول: وزن جعفر فعلل قوله " وثالثة " أي: إذا كان الاسم خماسيا كما تقول: وزن سفرجل فعلل قوله " ويعبر عن الزائد بلفظه ": أي يورد في الوزن الحرف الزائد بعينه في مثل مكانه، كما تقول: مضروب على وزن مفعول زنة المبدل من تاء الافتعال قوله " إلا المبدل من تاء الافتعال " يعني تقول في مثل اضطرب وازدرع (1) افتعل، ولا تقول افطعل ولا افدعل، وهذا مما لا يسلم، بل تقول: اضطرب على وزن افطعل، وفحصط (2) وزنه فعلط، وهراق (3) وزنه هفعل، وفقيمج وزنه (4) فعيلج، فيعبر عن كل الزائد المبدل (منه) بالبدل، لا بالمبدل منه
وقال عبد القاهر في المبدل عن الحرف الاصلى: " يجوز أن يعبر عنه بالبدل، فيقال في قال: إنه على وزن فال " اه، قال في الشرح (5): إنما لم يوزن المبدل من تاء
__________
(1) أصل ازدرع ازترع، فأبدلوا التاء دالا لوقوعها بعد الزاى، وهى بمعنى زرع أي طرح البذر (2) فحصط: هو فحصت بتاء المتكلم، فأبدلت طاء تشبيها لها بالتاء في نحو اصطبر والابدال في فحصت شاذ، إذ التاء فيه من الاسماء العريقة في البناء (3) هراق: أصله أولا أريق ثم أعل بالنقل والقلب فصار أراق ثم، أبدلت همزته هاء شذوذا (4) فقيمج (بالتصغير والجيم مشددة) أصله فقيمى، وهو المنسوب إلى فقيم، وفقيم: بطن من كنانة، أبدلت فيه الياء المشددة جيما كما قالوا: علجا وعشجا في على وعشى (5) المراد بالشرح في هذه العبارة شرح ابن الحاجب على شافيته (*)


الافتعال بلفظه إما للاستثقال أو للتنبيه على الاصل، قلنا: هذا حاصلان في فحصط وفى فزد (1) ولا يوزنان إلا بلفظ البدل، ولو قال: ويعبر عن الزائد بلفظه، إلا المدغم في أصلى فانه بما بعده، والمكرر فانه بما قبله، ليدخل فيه نحو قولك: ازين وادارك (2) على وزن افعل وافاعل، وقولك قردد وقطع واطلب على وزن فعلل وفعل وافعل، لكان أولى وأعم قوله " أو لغيره " أي: لا يقال في نحو قطع فعطل، بل فعل، قال: (3) زنة المكرر " إنما وزن المكرر للالحاق بأحد حروف فعل لانه في مقابلة الحرف الاصلى، وهذا ينتقض عليه بقولهم في وزن حوقل وبيطر: فوعل وفيعل، بل العلة في التعبير عن المكرر للالحاق (كان) أو لغيره عينا كان أو لا ما ذكرته قبل
قوله " فانه بما تقدمه " أي: فان المكرر يعبر عنه في الوزن بالحرف الذى تقدمه، عينا كان ذلك الحرف أو لا ما قوله " وإن كان من حروف الزيادة " أي: وإن كان أيضا ذلك الحرف المكرر من حروف " اليوم تنساه " لا يعبر عنه بلفظه، بل بما تقدمه، فالنون من عثنون من حروف " اليوم تنساه " ولا يعبر عنه في الوزن بالنون، بل باللام الذى تقدمه.
__________
(1) فزد: أصلها فزت، فعل ماض من الفوز مسند إلى ضمير المتكلم، فأبدلت التاء دالا تشبيها لها بالتاء في نحو ازدجر وازدرع (2) ازين: أصله تزين، فأبدلت التاء زايا ثم أدغم ثم أتى بهمزة الوصل توصلا إلى النطق بالساكن، وادارك: أصله تدارك أبدلت التاء دالا ثم فعل به ما فعل بسابقه، واطلب: أصله اطتلب أبدلت تاء الافتعال طاء لوقوعها بعد حرف الاطباق ثم أدغمت الطاء في الطاء (3) القائل هو المصنف في الشرح المنسوب إليه (*)


قوله " إلا بثبت " أي: إلا أن يكون هناك حجة تدل على أن المراد من الاتيان بحروف " اليوم تنساه " ليس تكريرا كما قلنا في سحنون - بالفتح - إنه فعلون لا فعلول.
قوله " ومن ثم " أي: من جهة التعبير عن المكرر بما تقدمه وإن كان من حروف " اليوم تنساه "، ونحن قد ذكرنا أنه لا مانع أن يقال: إنه فعليت قوله " لذلك " أي: لوجوب التعبير عن المكرر بما تقدمه وإن كان من حروف الزيادة.
قوله " ولعدمه " أي: لعدم فعلون.
قوله " وسحنون إن صح الفتح " إنما قال ذلك لانه روى الفتح فيه، والمشهور الضم، وحمدون وسحنون: علمان.
قوله " وهو صعفوق " أي: الفعلول النادر صعفوق، وهو اسم رجل، وبنو صعفوق: خول باليمامة (1) قوله " وخرنوب ضعيف " المشهور ضم الخاء، وقد منع الجوهرى الفتح، ولو ثبت أيضا لم يدل على ثبوت فعلول، لان النون زائدة لقولهم الخروب - بالتضعيف - بمعناه، وهو نبت.
قوله " وخزعال نادر " قال الفراء: لم يأت من غير المضاعف على فعلال إلا قولهم: ناقة بها خزعال: أي ظلع، وزاد ثعلب قهقارا، وأنكره الناس، وقالوا:
__________
(1) الخول - بفتحتين - الخدم والرعاة إذا حسن قيامهم على المال والغنم، الواحد خولى كعرب وعربى.
قال ابن الاثير: الخولى عند أهل الشام القيم بأمر الابل واصلاحها، من التخول التعهد وحسن الرعاية (*)


قهقر (1) وزاد أبو مالك قسطالا بمعنى قسطل، وهو الغبار، وأما في المضاعف كخلخال وبلبال (2) وزلزال فكثير.
قال: " ثم إن كان قلب في الموزون قلبت الزنة مثله كقولهم في ادر أعفل، ويعرف القلب بأصله كناء يناء مع النأى، وبأمثلة اشتقاقه كالجاه والحادي والقسي، وبصحته كأيس، وبقلة استعماله كارام وادر، وبأداء تركه إلى همزتين عند الخليل نحو جاء، أو إلى منع الصرف بغير علة على الاصح نحو أشياء، فانها لفعاء، وقال الكسائي: أفعال، وقال الفراء: أفعاء وأصلها أفعلاء، وكذلك الحذف كقولك في قاض فاع، إلا أن يبين فيهما " أقول: يعنى بالقلب تقديم بعض حروف الكلمة على بعض، وأكثر ما يتفق القلب في المعتل والمهموز، وقد جاء في غيرهما قليلا، نحو امضحل واكرهف
في اضمحل واكفهر، (3) وأكثر ما يكون بتقديم الاخر على متلوه كناء يناء في نأى ينأى، وراء في رأى، ولاع وهاع وشواع في لائع وهائع (4)
__________
(1) قال في اللسان: القهقر، والقهقر بتشديد الراء الحجر الاملس الاسود الصلب، وكان أحمد بن يحى يقول وحده القهقار اه وأحمد هو ثعلب (2) البلبال: شدة الهم، والوسواس في الصدر (3) اضمحل الشئ: ذهب، وامضحل في لغة الكلابيين بمعناها، واكفهر الرجل: عبس وقطب وجهه، واكرهف بمعناها (4) تقول: رجل هائع لائع: أي جبان ضعيف جزوع، وهو اسم فاعل من الاجوف قلبت عينه ألفا ثم همزة كما في بائع وقائل، وقد قال أكثر العرب هاع لاع (معربا بحركات ظاهره على آخر الكلمة وهو العين) فاختلف العلماء في تخريجه فمنهم من ذهب إلى أنه على زنة فعل بكسر العين قلبت عينه ألفا لتحركها إثر فتحة وقال آخرون: أصله هائع لائع، فحذفت العين ووزنه فال، وقال بعض العرب هاع لاع (معربا إعراب قاض) فقال العلماء: أصله هايع لاوع قدمت اللام على العين فصار هاعيا ولاعوا ثم أعلا إعلال قاض وغاز، فالاعراب على هذا الوجه بفتحة ظاهرة وبضمة وكسرة مقدرتين، هذا، واعلم أنه قد تتوارد هذه الاوجه (*)


وشوائع (1) والملهاة وأصلها الماهة (2)، وأمهيت الحديد (3) في أمهته، ونحو جاء عند الخليل، وقد يقدم متلو الاخر على العين نحو طأمن وأصله طمأن (4) لانه من الطمأنينة، ومنه أطمأن يطمئن اطمئنانا، وقد تقدم العين على الفاء كما في أيس وجاه وأينق والاراء والابار والادر (5)، وتقدم اللا على الفاء كما في أشياء على الاصح، وقد تؤخر الفاء عن اللام كما في الحادى وأصله الواحد
__________
الثلاثة فيما ورد مجرورا بالكسرة، فأما المرفوع والمنصوب بالفتحة على الحرف الصحيح فلا يجئ الا أحد
الوجهين، وإن كان على غير ذلك فهو على ما ذكر آخرا ليس غير (1) شوائع: جمع شائعة، تقول: أخبار شائعة وشوائع إذا كانت منتشرة، وكذا تقول شاعية وشواع بالقلب، وتقول: جاءت الخيل شوائع وشواعي: أي متفرقة (2) الماهة: واحدة الماء، وهو الماء، قاله في اللسان، والمهاة - بفتح الميم - الحجارة البيض التى تبرق، وهى البلورة التى تبص لشدة بياضها، وهى الدرة أيضا، والمهاة - بضم الميم - ماء الفحل، وإذا استقرأت أمثلة القلب المكانى علمت أنه لابد بين معنى اللفظ المقلوب والمقلوب عنه من المناسبة لكن لا يلزم أن يكون هو نفسه، بل يجوز أن يكون مما شبه بمعنى المقلوب عنه أو من بعض أفراده، قال ابن منظور: " المهو من السيوف: الرقيق، وقيل: هو الكثير الفرند، وزنه فلع، مقلوب من لفظ ماه، قال ابن جنى: وذلك لانه أدق حتى صار كالماء " اه (3) تقول: أمهيت الحديدة إذا سقيتها الماء وأحددتها ورققتها وتقول: اماه الرجل السكين وغيرها إذا سقاها الماء وذلك حين حين تسنها به، ومثل ذلك قولهم في حفر البئر أمهى وأماه إذا انتهى إلى الماء (4) طأمن الرجل الرجل: إذا سكنه، والطمأنينة: السكون، والذى ذهب إليه المؤلف من أن طأمن مقلوب عن طمأن هو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء وسيبويه ذهب إلى أن طمأن مقلوب عن طأمن، انظر اللسان فان فيه حجة الامامين وتفصيل المذهبين (5) الجاه: المنزلة والقدر عند السطان: وأصله وجه قدمت العين فيه على الفاء ثم حركت الواو، لان الكلمة لما لحقها القلب ضعفت فغبروها بتحريك ما كان ساكنا (*)


قوله " بأصله " أي: بما اشتق منه الكلمة التى فيها القلب، فان مصدر ناء يناء النأز لا النئ قوله " وبامثلة اشتقاقه " أي: بالكلمات المشتقة مما اشتق منه المقلوب،
فان توجه ووجه والوجاهة مشتقة من الوجه، كما أن الجاه مشتق منه، وكذلك الواحد وتوحد مشتقان من الوحدة كاشتقاق الحادى منها، والاقواس وتقوس مشتقان من القوس اشتقاق القسى منه، وهذا منه عجيب، لم جعله قسما آخر وهو من الاول: أي مما يعرف بأصله ؟ ! بل الكلمات المشتقة من ذلك الاصل توكد كون الكلمات المذكورة مقلوبة قوله " وبصحته كأيس " حق العلامة أن تكون مطردة، وليس صحة الكلمة نصا في كونها مقلوبة، إذ قد تكون لاشياء أخر كما في حول وعور
__________
ثم قلبت الواو وألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وليس يلزم في القلب اتحاد وزن المقلوب والمقلوب عنه، قاله في اللسان عن ابن جنى، وذهب بعض الشراح إلى أن الواو لما أخرت عن الجيم أخرت وهى مفتوحة، وحركت الجيم ضرورة أنها صارت مبتدأ بها، وكانت حركتها الفتحة للخفة أو لانها أصل حركة الفاء في هذه الكلمة، وبعضهم يذهب إلى أن الواو انقلبت ألفا لانفتاح ما قبلها وإن كانت هي ساكينة كما في طائى وياجل.
والذى ذكره المؤلف من أن أينقا مقلوب هو أحد مذهبين لسيبويه قال في اللسان: قال ابن حبى ذهب سيبويه في قولهم أينق مذهبين أحدهما أن تكون عين أينق قلبت إلى ما قبل الفاء فصارت في التقدير أونق ثم أبدلت الواو ياء لانها كما أعلت بالقلب كذلك أعلت بالابدال أيضا، والاخر ان تكون العين حذفت ثم عوضت الياء منها قبل الفاء فمثالها على هذا القول أيفل وعلى القول الاول أعفل.
وأصل آراء وآبار ارآء وابآر بدليل مفردهما فقدمت العين فالتقى همزتان في أول الكلمة وثانيتهما ساكنة فقلب الثانية وجوبا مدة من جنس حركة ما قبلها، وأصل آدر أدور جمع دار، أبذلت الواو المضمومة ضمة لازمة همزة جوازا، ثم قدمت العين على الفاء فقلبت ثانية الهمزتين ألفا (*)


واجتوروا والحيدى، وكذا قلة استعمال أحدى الكلمتين وكثرة استعمال الاخرى المناسبة لها لفظا ومعنى لا تدل على كون القليلة الاستعمال مقلوبة، فان رجلة في جمع رجل أقل استعمالا من رجال وليست بمقلوبة منه، ولعل مراده أنها إذا كانت الكلمتان بمعنى واحد ولا فرق بينهما إلا بقلب في حروفهما، فان كانت إحداهما صحيحة مع ثبوت العلة فيها دون الاخرى كأيس مع يئس فالصحيحة مقلوبة من الاخرى، وكذا إن كانت إحداهما أقل استعمالا مع الفرض المذكور من الاخرى، فالقلى مقلوبة من الكبرى، كآرام وآدر مع أرآم وأدؤر، مع أن هذا ينتقض بجذب وجبذ، فان جذب أشهر مع أنهما أصلان (1) على ما قالوا ويصح أن يقال: إن جميع ما ذكر من المقلوبات يعرف بأصله، فالجاه والحادي والقسى عرف قلبها بأصولها وهى الوجه والوحدة والقوس، وكذا أيس يأيس باليأس، وآرام وآدر برئم ودار، فان ثبت لغتان بمعنى يتوهم فيهما القلب، ولكل واحدة منهما أصل كجذب جذبا وجبذ جبذا، لم يحكم بكون إحداهما مقلوبة من الاخرى، ولا يلزم كون المقلوب قليل الاستعمال، بل قد يكون كثيرا كالحادي والجاه، وقد يكون مرفوض الاصل كالقسى، فان أصله - أعنى القووس - غير مستع ؟ وليس شئ من القلب قياسيا إلا ما ادعى الخليل فيما أدى تك القلب فيه إلى اجتماع الهمزتين كجاء وسواء (2)، فانه عنده قياسي
__________
(1) هذا الذى ذكره من أن جذب وجبذ أصلان هو ما ذهب إليه جمهرة المحققين من النحاة وذهب أبو عبيد وابن سيده في المحكم على ما قاله اللسان (في مادة جذب) إلى أن جبذ مقلوبة عن جذب ونقل في اللسان عن ابن سيده (في مادة جبذ) مثل قول الجمهور (2) جمع سائية، وهى مؤنث ساء، وهو اسم فاعل من قولهم ساءه سوءا وسواه
وسواءة وسواية وسوائية ومساءة ومسائية على القلب، فعل به ما يكره (*)


قوله " وبأداء تركه إلى همزتين عند الخليل كجاء " أي: أن الخليل يعرف القلب بهذا ويحكم به، وهو أن يؤدى تركه إلى اجتماع همزتين، وسيبويه لا يحكم به وإن أدى تركه إلى هذا، وذلك في اسم الفاعل من الاجوف المهموز اللام نحو ساء وجاء، وفى جمعه على فواعل نحو جواء وسواء جمعى جائية وسائية وفى الجمع الاقصى لمفرد لامه همزة قبلها حرف مد كخطايا في جمع خطيئة، وليس ما ذهب إليه الخليل بمتين، وذلك لانه إنما يحتزر عن مكروه إذا خيف ثباته وبقاؤه، أما إذا أدى الامر إلى مكروه وهناك سبب لزواله فلا يجب الاحتراز من الاداء إليه، كما أن نقل حركة واو نحو مقوول إلى ما قبلها وإن كان مؤديا إلى اجتماع الساكنين لم يجتنب لما كان هناك سبب مزيل له، وهو حذف أولهما، وكذا في مسئلتنا قياس موجب لزوال اجتماع الهمزتين، وهو قلب ثانيتهما في مثله حرف لين كما هو مذهب سيبويه، وإنما دعا الخليل إلى ارتكاب وجوب القلب في مثله أداء ترك القلب إلى إعلالين كما هو مذهب سيبويه، وكثرة القلب في الاجوف الصحيح اللام، نحو شاك وشواع في شائك وشوائع، لئلا يهمز ما ليس أصله الهمز والهمز مستثقل عندهم كما يجئ في باب تخفيف الهمزة، ويحذفه بعضهم فيما ذكرت حذرا من ذلك، فيقول: رجل هاع لاع بضم العين، فلما رأى فرارهم من الاداء إلى همزة في بعض المواضع أوجب الفرار مما يؤدى إلى همزتين، وأما سيبويه فانه يقلب الاولى همزة كما هو قياس الاجوف الصحيح اللام نحو قائل وبائع، ثم يقلب الهمزة الثانية ياء لاجتماع همزتين ثانيهما لام كما سيجئ تحقيقه في باب تخفيف الهمزة، فيتخلص مما يجتنبه الخليل مع عدم ارتكاب القلب الذى هو خلاف الاصل، وقد نقل سيبويه عن الخليل مثل ذلك أيضا، وذلك أنه حكى عنه أنه إذا
اجتمعت همزتان في كلمة واحدة اختير تخفيف الاخيرة نحو جاء وآدم، فقد حكم على ما ترى بانقلاب ياء الجائى عن الهمزة، وهو عين مذهب سيبويه


فان قيل: لو كانت الثانية منقبلة عن الهمزة لم تعل بحذف حركتها كما في دارى (1) ومستهزيون فالجواب أن حكم حروف اللين المنقلبة عن الهمزة انقلابا لازما حكم حروف اللين الاصلية التى ليست بمنقلبة عن الهمزة، وإن كان الانقلاب غير لازم كما في دارى (2) ومستهزيين، ويروى عن حمزة مستهزون، وعليه قوله (3): 2 - جرئ متى يظلم يعاقب بظلمه * سريعا وإلا يبد بالظلم يظلم (4) فحذف الالف للجزم، وكذا قالوا مخبى في مخبو مخفف مخبوء بالهمزة كما يجئ في باب الاعلال، وبعضهم يقول في تخفيف رؤية ورؤيا: رية وريا بالادغام كما يجئ في باب الاعلال
__________
(1) مذهب سيبويه في جاء أن أصله جايئ فقلبت الياء ألفا ثم قلبت الالف همزة فصار جائتا ثم قلبت الهمزة الثانية ياء لكونها ثانية همزتين في الطرف أولاهما مكسورة على ما سيأتي في تخفيف الهمزة ثم أعطيت الكلمة حكم قاض ونحوه من حذف الياء إذا كان منونا غير منصوب وبقائها فيما عدا ذلك، فالشارح يعترض على الاعلال بالحذف بأنه لو صح أن الياء منقلبة عن الهمزة الثانية وليست هي العين أخرت إلى موضع اللام لكان يجب لها البقاء كما بقيت الياء المنقلبة عن الهمزة في دارى وأصله دارئ وفى مستهزيين وأصله مستهزئون خففت الهمزة فيهما بقلبها عن جنس حركة ما قبلها.
(2) دارئ: اسم فاعل من قولك درأه إذا دفعه وتقول: ناقة دارئ مغدة، ومستهزئ منه وبه أي سخر.
(3) هو زهير ابن أبى سلمى المزني، والبيت ن معلقته يمدح به حصين ابن ضمضم (4) يريد أنه شجاع متى ظلمه أحد عاقب الظالم بظلمه سريعا وأنه مع ذلك عزيز النفس إن لم يبدأه أحد بالظلم بدأ هو بالظلم (*)


فان قيل: فإذا كان قلب ثانية همزتي نحو أئمة واجبا فهلا قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها قلت: إذا تحركت الواو والياء فاين وانفتح ما قبلهما لم تقلبا ألفا وإن كانت أصليتين كما في أود (1) وأيل، بل إنما تقلبان عينين أو لامين، كما يجئ في باب الاعلال إن شاء الله تعالى، وقال المصنف: إنما لم تقلب ياء أيمة الفا لعروض الحركة عليها كما في " اخشى الله " " ولو أنهم " ولقائل أن يقول: الحركة العارضة في أيمة لازمة بخلاف الكسرة في " اخشى الله "، ولو لم يعتد بتلك العارضة لم تنقلب الهمزة الثانية ياء، فانها إنما قلبت ياء للكسرة، لا لشئ آخر، هذا، وإنما قدم الادغام في أيمة وإوزة على إعلال الهمزة بقلبها ألفا وإعلال الواو بقلبها ياء للكسرة التى قبلهار لان المثلين في آخر الكلمة وآخرها أثقل طرفيها إذ الكلمة يتدرج ثقلها بتزايد حروفا، واللائق بالحكمة الابتداء بتخفيف الاثقل، ألا ترى إلى قلب لام نوى أولا دون عينه، فلما أدغم أحد المثلين في الاخر في أيمة وإوزة - ومن شرط إدغام الحرف الساكن ما قبله نقل حركته إليه - تحركت الهمزة والواو الساكنتان فزالت علة قلب الهمزة ألفا والواو ياء، وإنما حكم في إوزة بأنها إفعلة لا إفعلة لوجود الوزن الاول كاصبع دون الثاني،
__________
(1) أود إن كانت واوه مفتوحة فهو إما مضارع وددته وإما أفعل تفضيل منه، وإن كانت الواو مضمومة فهو جمع قلة لود (مثلث الواو) على وزن أفعل وأصله أودد فنقلت حركة أول المثلين إلى الساكن قبله ثم أدغم، وأنل ؟ - بفتح
الهمزة والياء - يحتمل أن يكون مضارع يللت إذا قصرت أسناني أو انعطفت إلى داخل الفم، وبابه فرح، ويحتمل أيضا أن يكون صفة مشبهة من ذلك، والانثى يلاء (*)


ولا يجوز أن يكون فعلة كهجف (1) لقولهم وز (2)، وأما ترك قلب عين نحو نوى بعد قلب اللام فلما يجئ في باب الاعلال (3) فان قيل: إذا كان المد الجائز انقلابه عن الهمزة حكمه حكم الهمزة فلم وجب الادغام في برية ومقروة (4) بعد القلب ؟ وهلا كان مثل ريبا (5) غير مدغم، مع أن تخفيف الهمزة في الموضعين غير لازم ؟ ؟ قلت: الفرق بينهما أن قلب الهمزة في برية ومقروة لفصد الادغام فقط حتى تخفف الكلمة بالادغام، ولا مقتضى له غير قصد الادغام، فلو قلبت بلا إدغام لكان نقضا للغرض، وليس قلب همزة رئيا كذلك، لان مقتضيه كسر ما قبلها كما في بئر، إلا أنه اتفق هناك كون ياء بعدها قوله " أو إلى منع الصرف بغير علة على الاصح " أي: يعرف القلب على الاصح بأداء تركه إلى منع صرف الاسم من غير علة، ودعوى القلب بسبب أداء تركه
__________
(1) الهجف - بكسر ففتح فسكون - الظلم (الذكر من النعام) المسن، أو الجافي الثقيل ومن الادميين، وهو أيضا الجائع (2) الاوزة: البطة، واحدة الاوز، وقد قالوا فيها: وزة، وقالوا في اسم الجنس أيضا: وز، فكان سقوط الهمزة في بعض صور الكلمة دليلا على أن هذه الهمزة حرف زائد (3) الذى يجئ في باب الاعلال هو أن شرط إعلال العين بقلبها ألفا ألا تكون اللام حرف علة، سواء أعلت اللام كما في نوى أم لم تعل (4) برية: أصلها بريئة، فعيلة بمعنى مفعولة، من قولهم: برأ الله الخلق: أي أنشأه
وأوجده، خففت الهمزة بابدالها ياء ثم أدغمت الياء في الياء.
ومقروة: أصله مقروءة اسم مفعول من قرأ ففعل به ما فعل بسابقه (5) ربيا: أصله رئيا، خففت الهمزة بأبدالها من جنس حركة ما قبلها، والرئى: المنظر الحسن (*)


إلى هذا مذهب سيبوية، فأما الكسائي فانه لايعرف القلب بهذا الاداء، بل يقول: أشياء أفعال، وليس بمقلوب، وإن أدى إلى منع الصرف من غير علة، ويقول: امتناعه من الصرف شاذ، ولم يكن ينبغى للمصنف هذا الاطلاق، فان القلب عند سيبويه عرف في أشياء بأداء الامر لولا القلب الى منع الصرف بلا علة، كما هو مذهب الكسائي، أو إلى حذف الهمزة حذفا غير قياسي، كما هو مذهب الاخفش والفراء، فهو معلوم بأداء الامر إلى أحد المحذورين لا على التعيين، لا بالاداء إلى منع الصرف معينا ثم نقول: أشياء عند الخليل وسيبويه اسم جمع لا جمع، كالقصباء والغضباء والطرفاء، في القصبة والغضا والطرفة (1) وأصلها شيئا، قدمت اللام على الفاء كراهة اجتماع همزتين بينهما حاجز غير حصين - أي الالف - مع كثرة استعمال هذه اللفظة، فصار لفعاء، وقال الكسائي: هو جمع شئ، كبيت وأبيات، منع صرفه توهما أنه كحمراء، مع أنه كأبناء وأسماء، كما توهم في مسيل (2) - وميمه زائدة - أنها أصلية فجمع على مسلان كما جمع قفيز على قفزان وحقه مسايل وكما توهم في مصيبة ومعيشة أن ياءهما زائدة كياء قبيلة فهمزت في الجمع فقيل: مصائب اتفاقا، ومعائش عن بعضهم، والقياس مصاوب ومعايش، وكما توهم في منديل ومسكين ومدرعة (3)، وهو من تركيب ندل (4) ودرع وسكن، أصالة ميمها فقيل: تمندل وتمسكن وتمدرع اه.
__________
(1) القصباء: القصب وهو معروف، والغضباء: منبت الغضا، وواحدة غضا أيضا، والغضا: الشجر الذى ينبت في هذا المكان واحدته غضاة، والطرفاء: اسم جنر للطرفة (2) المسيل: أصله اسم مكان من سال يسيل، ومسيل الماء: مجراه (3) المدرعة - كمكنسة - الثوب من الصوف (4) ندل الشى: نقله، وندل الخبز: أخذه بيده، والمنديل: الخرقة التى يمسح بها (*)


وما ذهب إليه بعيد، لان منع الصرف بلا سبب غير موجود، والحمل على التوهم - ما وجد محمل صحيح - بعيد من الحكمة.
(1) وقال الاخفش والفراء: أصله أشيئا جمع شئ وأصله شئ نحوبين وأبيناء، وهو ضعيف من وجوه: أحدها: أن حذف الهمزة في أشياء إذن على غير قياس، والثانى.
أن شيئا لو كان في الاصل شيئا لكان الاصل أكثر استعمالا من المخفف، قياسا على أخواته، فان بينا وسيدا وميتا أكثر من بين وسيد وميت، ولم يسمع شى، فضلا عن أن يكون أكثر استعمالا من شئ.
والثالث: أنك تصغر أشياء على أشياء، ولو كان أفعلاء (وهو) جمع كثرة وجب رده في التصغير إلى الواحد.
وجمعه على أشياوات مما يقوى مذهب سيبويه، لان فعلاء الاسمية تجمع على فعلاوات مطردا نحو صحراء على صحراوات، وجمع الجمع بالالف والتاء كرجالات وبيوتات غير قياس.
__________
قال في اللسان: قيل هو من الندل الذى هو الوسخ، وقيل: إنما اشتقاقه من الندل الذى هو التناول، وقوله (ودرع) الذى عثرنا عليه أن الدرع ثوب من ثياب النساء
والدرع الحديد، وتقول: درعته بالتضعيف أي ألبسته الدرع، ودرعت المرأة بالتضعيف كذلك: أي ألبستها قميصها، فتدرع وادرع أي لبسها، ولم نعثر على فعل ثلاثى مجرد من هذا المعنى (1) قال في القاموس: وأما الكسائز فيرى أنها (يريد أشياء) أفعال كفرخ وأفراخ، ترك صرفها لكثرة الاستعمال، شبهت بفعلاء في كونها جمعت على أشياوات فصارت كخضراء وخضراوات، وحينئذ لا يلزمه ألا يصرف ابناء وأسماء كما زعم الجوهرى لانهم لم يجمعوا أسماء وأبناء بالالف والتاء (*)


ويضعف قول الاخفش والكسائي قولهم: أشايا، وأشاوى، في جمع أشياء، كصحارى في جمع صحراء، فان أفعلاء وأفعالا لا يجمعان على فعالى، والاصل هو الاشايا (1) وقلبت الياء في الاشاوى واوا على غير قياس، كما قيل: جبيته جباية وجباوة.
وقال سيبويه: أشاوى جمع إشاوة في التقدير، فيكون إذن مثل إداوة (2) وأداوى كأنه بنى من شئ شياءه ثم قدمت اللام إلى موضع الفاء وأخرت العين إلى موضع اللام فصار إشاية، ثم قلبت الياء واوا على غير قياس كما في جباوة، ثم جمع على أشاوى كاداوة وأداوى.
وأقرب طريقا من هذا أن نقول: جمع أشياء على أشايا، ثم قلبت الياء واوا على غير القياس قوله " وكذلك الحذف " عطف على قوله " إن كان في الموزون قلب قلبت الزنة مثله " يعنى وإن كان في الموزون حذف حذف في الزنة مثله، فيقال: قاض على وزن فاع، بحذف اللام.
قوله " إلا أن يبين فيهما " أي: يبين الاصل في المقلوب والمحذوف، يعنى
__________
(1) أصل أشايا الذى هو جمع أشياء أشايى.
، فقلبت الياء همزة (على رأى سيبويه وجمهور البصريين) فصار أشائئ بهمزتين، فقلبت الثانية ياء، ثم قلب كسرة
أولى الهمزتين فتحة، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها حينئذ، فاجتمع شبه ثلاث ألفات فكان لابد من قلب الهمزة، فقلبت ياء لامرين: الاول: أن الياء أخف من الواو، الثاني: أنها أقرب مخرجا منها إلى الهمزة، فلا جرم أن الياء قد غلبت الواو في هذا الباب كثيرا، وإذا عرفت هذا كان من السهل أن تدرك أن قلب الياء ولوا بعد ذلك غير القياس (2) الاداوة - بكسر الهمزة - المطهرة، وهى إناء من جلد يتخذ للماء (*)


(أنك) إن أردت بيان الاصل في المقلوب والمحذوف لم تقلب في الوزن ولم تحذف فيه، وهو وهم، لانك لا تقول: إن أشياء مثلا عند سيبويه فعلاء إذا قصدت بيان أصله، بل الذي تزن بفعلاء ما ليس فيه قلب وهو أصل هذا المقلوب، تقول: أصل أشياء على وزن فعلاء، وكذا لا تقول إذا قصدت بيان أصل قاض: إن قاض فاعل، بل تقول: أصل قاض فاعل، فلا يكون أبدا وزن نفس المقلوب والمحذوف الا مقلوبا أو محذوفا، فلا معنى للاستثناء بقول " إلا أن يبين فيهما " قال: " وتنقسم إلى صحيح ومعتل، فالمعتل ما فيه حرف علة، والصحيح بخلافه، فالمعتل بالفاء مثال، وبالعين أجوف وذو الثلاثة، وباللام منقوص وذو الاربعة، وبالفاء والعين أو بالعين واللام لفيف مقرون، وبالفاء واللام لفيف مفروق ".
أقول: قوله " تنقس " أي: تنقسم الابنية أصولا كانت أو غير أصول، ولا يكون رباعي الاسم والفعل معتلا ولا مضاعفا ولا مهموز الفاء (1)، ولا يكون
__________
(1) أما أن أحدهما لا يكون معتلا فلانه إما أن يكون اعتلال أحدهما بالواو أو بالياء أو بالالف، وإما أن يكون أحد هذه الاحرف في الاول أو بعده، فأما الواو والياء فلا يكونان مع ثلاثة أصول إلا زائدين كما يجئ في باب ذى الزيادة، وأما الالف فلا تقع أولا ولا تكون بعد الاول مع ثلاثة أصول إلا وهى زائدة،
وأما أن أحدهما لا يكون مضعفا فان عنى بذلك أنه لا يكون مكررا فغير مسلم لورود نحو زلزل ووسوس، وسمسم ويؤيؤ، وإن عنى أن لامه الاولى والثانية مثلا لا تكونان من جنس واحد مع كونهما أصلى فمسلم، فنحو هجف وخدب اللام الثانية مزيدة للالحاق بهزبر، وأما أن أحدهما لا يكون مهموز الفاء فوجهه أن الهمزة في الاول مع ثلاثة أصول فقط لا تكون إلا زائدة نحو أحمد، وأما مهموز العين فقد يكون رباعيا نحو زئبر (وهو ما يعلو الثوب الجديد) ونحو ضئبل ونئطل (وهما اسمان من أسماء الدهية) (*)


الخماسي مضاعفا، وقد يكون معتل الفاء فقط، ومهموزده - حوورنتل (1) وإصطبل بل يكون الرباعي مضاعفا بشرط فصل حرف أصلى بين المثلين كزلزل، وستعرف هذه الجملة حق المعرفة في باب ذى الزيادة إن شاء الله تعالى.
قوله " ما فيه حرف علة " أي: في جوهره، أعنى في موضع الفاء أو العين أو اللام، حتى لا ينتقض بنحو حوفل وبيطر ويضرب (2)، ويعنى بحرف العلة الواو والياء والالف، وإنما سميت حرف علة لانها لا تسلم ولا تصح: أي لا تبقى على حالها في كثير من المواضع، بل تتغير بالقلب والاسكان والحذف، والهمزة وإن شاركتها في هذا المعنى لكن لم يجر الاصطلاح بتسميتها حرف علة.
وتنقسم الابنية قسمة أخرى إلى مهموز وغير مهموز، فالمهموز قد يكون صحيحا كأمر وسأل وقرأ، وقد يكون معتلا نحو آل ووأل (3) ورأى: وكذا غير المهموز نحو ضرب ووعد.
وتنقسم قسمة أخرى إلى مضاعف وغير مضاعف، والمضاعف إما صحيح كمد، أو معتل كود وحى وقوة، وكذا غير المضاعف كضرب ووعد، وكذا المضاعف إما مهموز كأز (4)، أو غيره كمد، فالمهموز ما أحد حروفه الاصلية همزة
__________
(1) الورنتل: الشر والامر العظيم، وظاهر كلام الشارح هنا يقتضى أنه خماسى الاصول مثل ما بعده، مع أن الواقع أن النون زائدة مثل نون جحنفل، أما واوه فأصلية لانها لا تزداد أولا البتة.
انظر اللسان (2) حوقل الرجل: ضعف عن الجماع مثل حقل، وحوقل أيضا: أسرع في المشى، وكبر، ومشى فأعيا، والواو فيها زائدة، أما حوقل بمعنى قال لا حول ولا قوة إلا بالله فالواو فيها أصلية (3) آل يؤول أولا ومآلا: رجع، ووأل يئل وألا ووءلا ووئيلا: لجأ، ومنه الموئل (4) أزت القدر تؤز وتئز أزا وأزيزا: إذا اشتد غليانها، وقيل: هو غليان ليس بالشديد (*)


كأمر وسأل وقرأ، والمضاعف ما عينه ولامه متماثلان وهو الكثير، أو ما فاؤه وعينه متماثلان كددن (1) وهو في غاية القلة (2)، أو ما كرر فيه حرفان أصليان بعد حرفين أصليين نحو زلزل، أما ما فاؤه ولامه متماثلان كقلق فلا يسمى مضاعفا.
قوله " فالمعتل بالفاء مثل " لانه يماثل الصحيح في خلو ماضيه من الاعلال نحو وعد ويسر، بخلاف الاجوف والناقص، وإنما سمى بصيغة الماضي لان المضارع فرع عليه في اللفظ، إذ هو ماض زيد عليه حرف المضارعة وغير حركاته، فالماضي أصل أمثلة الافعال في اللفظ.
قوله " وبالعين أجوف " أي: المعتل بالعين أجوف، سمى أجوف تشبيها بالشئ الذى أخذ ما في داخله فبقى أجوف، وذلك لانه يذهب عينه كثيرا نحو قلت وبعت ولم يقل ولم يبع (وقل وبع) وإنما سمى ذا الثلاثة اعتبارا بأول ألفاظ الماضي، لان الغالب عند الصرفيين إذا صرفوا الماضي أو المضارع أن يبتدئوا بحكاية النفس نحو ضربت وبعت لان نفس المتكلم أقرب الاشياء إليه، والحكاية
عن النفس من الاجوف على ثلاثة أحرف نحو قلت وبعت.
وسمى المعتل اللام منقوصا وناقصا لا باعتبار ما سمى له في باب الاعراب منقوصا، فانه إنما سمى به هناك لنقصان إعرابه، وسمى ههنا بهما لنقصان حرفه الاخير في الجزم والوقف نحو أغز وارم واخش ولا تغز ولا ترم ولا تخش، وسمى ذا الاربعة لانه - وإن كان فيه حرف العلة - لا يصير في أول ألفاظ الماضي على
__________
(1) الددن: اللعب واللهو، وقد يستعمل منقوصا أي محذوف اللام كيد فيقال الدد، ومقصورا كالعصا فيقال الددا (2) وإنما كان في غاية القلة لان اجتماع المثلين مستثقل، فإذا كان في أول الكملة حين يبدأ المتكلم كان أشد ثقلا لضرورة النطق بالحرف مرتين، بسبب تعذر الادغام حينئذ (*)


ثلاثة كما صار في الاجوف عليها، فقسميتهما ذا الثلاثة وذا الاربعة باعتبار الفعل لا باعتبار الاسم.
وقوله " وبالفاء والعين " نحو يوم وويح (1) وبالعين واللام نحو نوى وحيى والقوة، يسمى مضاعفا باعتبار، ولفيفا مقرونا باعتبار.
قوله: " وبالفاء واللام " نحو ولى ووقى.
قال: " وللاسم الثلاثي المجرد عشرة أبنية، والقسمة تقتضي أثنى عشر، سقط منها فعل وفعل استثقالا وجعل الدئل منقولا، والحبك إن ثبت فعلى تداخل اللغتين في حرفي الكلمة، وهى فلس فرس كتف عضد حبر عنب إبل قفل صرد عنق " (2).
أقول: إنما كانت القسمة تقتضي اثنى عشر لان اللام للاعراب أو للبناء، فلا يتعلق به الوزن كما قدمناه، وللفاء ثلاثة أحوال: فتح، وضم، وكسر، ولا
يمكن إسكانه لتعذر الابتداء بالساكن، وللعين أربعة أحوال: الحركات الثلاث، والسكون، والثلاثة في الاربعة اثنا عشر، سقط المثالان لاستثقال الخروج من
__________
(1) لم يجئ هذا النوع في الافعال المأخوذة من المصادر، وقد جاء في بعض أفعال مأخوذة من أسماء جامدة ليست مصادر كما قالوا: ياومته وكما قالوا: تويل، إذا قال ويلى، ومنه قول الشاعر: تويل أن مددت يدى وكانت * * يمينى لا تعلل بالقليل وقد جاء هذا النوع في أسماء قليلة مثل ويح وويل وويس وويب ويوح ويوم.
والويح: كلمة رحمة، والويل: دعاء بالعذاب، والويس: كلمة رحمة واستملاح للصبى، والويب: بمعنى الويل، واليوح: اسم من أسماء الشمس (2) الفلس - بفتح فسكون - ما يتعامل به مما ليس فضة ولا ذهبا، والحبر بكسر فسكون - المداد الذى يكتب به والعالم، والصرد - بضم ففتح - طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير، وبياض في ظهر الفرس من أثر الدبر (*)


ثقيل إلى ثقيل يخالفه، فأما في (نحو) عنق وإبل فيماثل الثقلين (1) خفف شيئا، والخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس لانه خروج من ثقيل إلى أثقل منه، فلذلك لم يأت فعل لا في الاسماء ولا في الافعال إلا في الحبك إن ثبت، ويجوز ذلك إذا كان إحدى الحركتين غير لازمة نحو يضرب وليقتل، وأما فعل فلما كان ثقله أهون قليلا جاء في الفعل المبنى للمفعول، وجوز ذلك لعروضه لكونه فرع المبنى للفاعل، وجاء في الاسماء الدئل علما وجنسا (2)، أما إذا كان علما فيجوز أن يكون منقولا من الفعل كشمر ويزيد، والدال (3): الختل، ودخول اللام فيه قليل، كما في قوله: - 3 - رأيت الوليد بن اليزيد مباركا * * شديدا بأعباء الخلافة كاهله (4)
__________
(1) كلام الشارح هاهنا يعارض ما سيأتي له أن يذكره في باب النسب عند التعليل لفتح عين الثلاثي المكسورة نحو إبل ونمر ودئل دون المضمومة كعضد وعنق فقد قال: إن الطبع لا ينفر من توالى المختلفات وإن كانت كلها مكروهة كما ينفر توالى المتماثلات، اللهم إلا أن يقال إن كلامه هاهنا في توالى ثقلين متماثلين وما سيأتي في توالى الامثال الثقلاء (2) أما العلم الدئل بن بكر بن كنانة، ومن بنيه أبو الاسود الدؤلى ظالم بن عمرو، وجمهرة العلماء يقولون: الئل بضم الدل، وكسر الهمزة في هذا العلم، ومنهم من يقوله بكسر الدال وقلب الهمزة ياء.
وأما الجنس فهو دويبة كالثعلب، وفى الصحاح دويبة شبيهة بابن عرس (3) الخل: الخديعة (4) الاعباء: جمع عب ء، والمراد بأعباء الخلافة مشاقها ومتاعبها، ويروى في مكانه بأحناء الخلافة، والاحناء: جمع حنو والمرد بها أطرفها ونواحيها ومتشابهاتها.
والكاهل: مقدم أعلى الظهر.
والبيت لابن ميادة يمدح الوليد بن اليزيد بن عبد الملك بن مروان (*)


فعلى هذا لا استبعاد فيه، لان أصله الفعل المبنى للمفعول، وأما إذا كان جنسا على ما قيل " إنه اسم دويبة شبيهة بابن عرس " قال: - 4 - جاؤا بجيش لو قيس معرسه * * ما كان إلا كمعرس الدئل (1) ففيه أدنى إشكال، لان نقل الفعل إلى اسم الجنس قليل، لكنه مع قلته قد جاء منه قدر صالح، كقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله نهاكم عن قيل وقال " ويروى " عن قيل (2) وقال " - على إبقاء صورة الفعل - وكذا قولهم: أعييتني من شب إلى دب، ومن شب إلى دب (3) أي: من لدن شببت إلى أن دببت على العصا، فلما نقل إلى معنى الاسم غير لفظه أيضا من صيغة المبنى للفاعل إلى صيغة المبنى للمفعول، لتكون الصيغة المختصة بالفعل دليلا
__________
(1) معرس - بضم فسكون ففتح - اسم مكان من أعرس، لكن الاشهر عرس تعريسا والمكان منه معرس بتشديد الراء مفتوحة ومعناه مكان النزول آخر الليل للاستراحة.
والبيت لكعب بن مالك الانصاري يصف جيش أبى سفيان في غزوة السويق بالقلة والحقارة (2) قال ابن الاثير: معنى الحديث أنه (صلى الله عليه وسلم) نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم قيل كذا وقال كذا اه (3) قال في اللسان: وفى المثل أعييتني من شب إلى دب ومن شب إلى دب (الاول على صيغة الفعل المبنى للمجهول والثانى اسم معرب منون على زنة قفل) أي من لدن شببت إلى أن دببت على العصا (وضبطه بالقلم بضم التاء على أنها ضمير المتكلم وفى مادة درر ضبطه بفتح التاء) يجعل ذلك بمنزلة الاسم بأدخال من عليه، وإن كان في الاصل فعلا، يقال ذلك للرجل والمرأة كما قيل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وما زال على خلق واحد من شب إلى دب، قال: - قالت لها أخت لها نصحت * * ردى فؤاد الهائم الصب قالت: ولم ؟ قالت: أذاك وقد * * علقتكم شبا إلى دب ؟ (*)


على أن أصله كان فعلا، وكذا الدئل جنسا وأصله دأل من الدألان وهو مشى تقارب فيه الخطأ، ويجوز أن يكون الدئل العلم منقولا من هذ الجنس على ما قال الاخفش، وقال الفراء: إن " الان " منقول من الفعل (1)، ومن هذا الباب التنوط (2) لطائر، وجاء على فعل اسمان آخران، قال الليث: الوعل لغة في الوعل (3)، وحكى الرئم بمعنى الاست، قوله " والحبك إن ثبت " قرئ في الشواذ (4) (ذات الحبك) بكسر
__________
(1) هذا أحد وجهين حكاهما في اللسان عن الفراء، والاخر أن أصل آن أوان
كرمان فحذفت الالف التى بعد الواو فصار أون كزمن ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها (2) تقول: ناط الشئ ينوطه نوطا: أي عقله، ونوط بالتشديد للمبالغة، وتنوط أصله فعل مضارع مبدوء بتاء المضارعة فهو بضم التاء وفتح النون وتشديد الواو المكسورة، سمى هذا الطائر بهذا الفعل لانه يدلى خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها، قاله الاصمعي (3) الوعل - بفتح فكسر وبفتح فسكون وبضم فبكسر، والاخيرة نادرة - هو تيس الجبل، وقال الازهرى: أما الوعل - بضم فكسر - فما سمعته لغير الليث اه فان صحت رواية الليث فوجهها أن أصله الفعل المبنى للمجهول، تقول: وعل بمحمد إذا أشرف به (أي ارتفع به) فحذف حرف الجر ثم أوصل الفعل إلى الضمير أو يضمن وعل معنى علا فيتعدى تعديته (4) قال ابن جماعة: هذه القراءة منسوبة إلى الحسن البصري وأبى مالك الغفاري وذكر الصبان أنها منسوبة إلى أبى السمال (كشداد) وهذ الوجه الذى ذكره المؤلف أحد تخريجين لهذه القراءة، والتخريج الاخر ما استحسنه أبو حيان وهو أن أصلها الحبك بضمتين، فكسر الحاء إتباعا لكسرة تاء ذات ولم يعتد باللام الساكنة لان الساكن حاجز (*)


الحاء وضم الباء، فقال المصنف: إن صح النقل قلنا فيه بناء على ما قال ابن جنى (وهو أن الحبك بكسرتين والحبك بضمتين بمعنى): إن الحبك مركب من اللغتين، يعنى أن المتكلم به أراد أن يقول الحبك بكسرتين، ثم لما تلفظ بالحاء المكسورة ذهل عنها وذهب إلى اللغة المشهورة وهى الحبك بضمتين، فلم يرجع إلى ضم الحاء، بل خلاها مكسورة وضم الباء، فتداخلت اللغتان: الحبك والحبك في حرفي الكلمة الحاء والباء (1)، وفى تركيب حبك من اللغتين - إن ثبت -
نظر لان الحبك جمع الحباك، وهو الطريقة في الرمل ونحوه، والحبك بكسرتين إن ثبت فهو مفرد مع بعده، لان فعلا قليل، حتى إن سيبويه قال: لم يجئ منه إلا إبل، ويبعد تركيب اسم من مفرد وجمع، قيل: وقرئ في الشاذ (يمحق الله الربوا) بضم الباء، ولم يغر هذا القارئ إلا كتابته بالواو.
قال: " وقد يرد بعض إلى بعض، ففعل مما ثانيه حرف حلق كفخذ يجوز فيه فخذ وفخذ وفخذ، وكذا الفعل كشهد، ونحو كتف يجوز فيه كتف وكتف، ونحو عضد يجوز فيه عضد، ونحو عنق يجور فيه عنق، ونحو إبل وبلز يجوز فيهما إبل وبلز ولا ثالث لهما، ونحو قفل يجوز فيه قفل على رأى لمجئ عسر ويسر ".
__________
غير حصين، قال ابن مالك في شرح الكافية عن التوجيه الاول الذى ذكره المؤلف: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه لامكان عروض ذلك له، وقيل: إن كسر الحاء مع ضم الباء شاذ لا وجه له (1) إنما قيد التداخل بحرفى الكلمة تبعا للمصنف لان التداخل أكثر ما يكون في كلمتين، كما قالوا قنط يقنط، مثل ضرب يضرب، وقنط يقنط، مثل علم يعلم، فإذا قالوا قنط يقنط - بكسر عين الماضي والمضارع أو بفتحهما جميعا - علمنا أن ذلك من تداخل اللغتين، وحاصله أخذ الماضي من لغة والمضارع من لغة أخرى، ومثل ذلك كثير (*)


أقول: يعنى برد بعضه إلى بعض أنه قد يقال في بعض الكلم التى لها وزنان أو أكثر من الاوزان المذكورة قبل: إن أصل بعض أوزانها البعض الاخر، كما يقال في فخذ - بسكون الخاء - إنه فرع فخذ بكسرها وجميع هذه التفريعات في كلام بنى تميم، وأما أهل الحجاز فلا يغيرون البناء
ولا يفرعون ففعل الحلقى (العين) فعلا كان كشهد أو اسما كفخذ ورجل محك (1) يطرد فيه ثلاث تفريعات اطرادا لا ينكسر، واثنان من هذه الفروع يشاركه فيهما ما ليس عينه حلقيا، فالذي يختص بالحق العين إتباع فأنه لعينه في الكسر، ويشاركه في هذا الفرع فعيل الحلقى العين كشهيد وسعيد ونحيف ورغيف، وإنما جعلوا ما قبل الحلقى تابعا له في الحركة، مع أن حق الحلقى أن يفتح نفسه أو ما قبله - كما في يدعم ويدمع، لثقل الحلقى خفة الفتحة ولمناسبتها له، لما يجئ في تعليل فتح مضارع فعل الحلقى عينه أو لامه، وذلك لانه حمل فعل الاسمى على فعل الفعلى في التفريع لان الاصل في التغيير الفعل لكثرة تصرفاته، وسيجئ في باب المضارع علة امتناع فتح عين فعل الحلقى العين، وأما فعيل فلم يفتح عينه لئلا يؤدى إلى مثال مرفوض في كلامهم، وقد يجئ كسر فتح ما بعد الحلقى إتباعا لكسر الحلقى، كما قيل في خبق (2) على على وزن هجف للطويل: خبق، هذا وحرف الحلق في المثالين فعل وفعيل ثانى الكلمة، بخلافه إذا كان عين يفعل أو لامه، فلم يستثقل الكسر عليه،
__________
(1) رجل محك بوزن فرح ومماحك ومحكان كغضبان لجوج عسر الاخلاق (2) الخبق بخاء معجمة مكسورة وياء مفتوحة وقد تكسر وآخره قاف مشددة هو الطويل من الرجال مثل الهجف، فقوله للطويل تفسير للكلمتين معا، ويقال: فرس خبق (بالضبطين السابقين) إذا كان سريعا (*)


مع أن الكسر قريب من الفتح، لقرب مخرج الياء من مخرج الالف (1) فلما لزم كسر العين في المثالين - وقد جرت لحرف الحلق عادة تغيير نفسها أو ما قبلها إلى الفتح، ولم يمكن ههنا تغيير نفسها لما ذكرنا ولا تغيير ما قبلها إلى الفتح لانه مفتوح، وقد عدها عيد الغرام - غيرت حركة ما قبلها إلى مثل حركتها، لان الكسر قريب من الفتح كما ذكرنا، فكأنها غيرت ما قبلها إلى
إلى الفتح، ولم يأت في الاسماء فعل ولا فعيل - مضمومى الفاء - حتى تتبع الفاء العين بناء على هذه القاعدة، وأما فعل في الفعل نحو شهد فلم يتبع لئلا يلتبس بالمبنى للفاعل المتبع فاؤه عينه، وإنما لم يتبع في نحو المحين والمعين (2) لعروض الكسرة، وأما المغيرة في المغيرة فشاذ شذوذ منتن في المنتن وأنبؤك وأجؤك في أنبئك وأجيئك فلم يقولوا قياسا عليه أبوعك وأقرؤك في أبيعك وأقرئك، وإنما لم يتبع في نحو رؤف ورؤوف لان كسر ما قبل الحلقى في نحو رحم ورحيم إنما كان لمقاربة الكسرة للفتح كما ذكرنا، والضم بعيد من الفتح وأما أهل الحجاز فنظروا إلى أن حق حروف الحلق إما فتحها أو فتح ما قبلها، هب أنه تعذر فتحها لما ذكرنا من العلة فلم غير ما قبلها عن الفتح وهو حقها إلى الكسر ؟ وهل هذا إلا عكس ما ينبغى ؟ ؟ واللغتان اللتان يشترك فيهما الحلقى وغيره: أولاهما: فعل بفتح الفاء وسكون العين، نحو شهد في الفعل وفخذ في الاسم، وفى غير الحلقى علم في الفعل وكبد
__________
(1) مخرج الياء بين وسط اللسان ووسط الحنك الاعلى، ومخرج الالف أقصى الحلق فوق الهمزة (2) المحين: اسم فاعل من أحانه الله: أي أهلكه، وأصله محين - بضم الميم وكسر الياء - فنقلت كسرة الياء إلى الحاء الساكنة وجوبا، ومعين: اسم فاعل من أعان، فعل به ما فعل بسابقه (*)


في الاسم، وإنما سكنوا العين كراهة الانتقال من الاخف أي الفتح إلى الاثقل منه أي الكسر في البناء المبنى على الخفة أي بناء الثلاثي المجرد، فسكنوه لان السكون أخف من الفتح، فيكون الانتقال من الفتح إلى أخف منه، ولمثل هذا قالوا في كرم الرجل: كرم، وفى عضد: عضد، بالاسكان، وقولهم ليس
مثل علم في علم، وكان قياسه لام كهاب، لكنهم خالفوا به أخواته لمفارقته لها في عدم التصرف، فلم يتصرفوا فيه بقلب الياء ألفا أيضا ولم يقولوا لست كهبت، ولا يجوز أن يكون أصل ليس فتح الياء لان المفتوح العين لا يخفف، ولاضم الياء لان الاجوف اليائى لا يجئ من باب فعل (1)، والثانية: فعل - بكسر الفاء وسكون العين - نحو شهد وفخذ في الحلقى، وكبد وكتف في غيره، ولم يسمع في غير الحلفى من الفعل نحو علم في علم في المبنى للفاعل، وحكى قطرب في المبنى للمفعول نحو " ضرب زيد " بكسر الضاد وسكون الراء - كما قيل قيل وبيع ورد، وهو شاذ.
فالذي من الحقلى يجوز أن يكون فرع فعل المكسور الفاء والعين كما تقول في إبل: إبل، ويجوز أن يكون نقل حركة العين إلى ما قبلها كراهة الانتقال من الاخف إلى الاثقل، وكره حذف أقوى الحركتين، أي: الكسرة، فنقلت إلى الفاء، والذى من غير الحلقى لا يكون إلا على الوجه الثاني، لانه لا يجوز فيه فعل بالاتباع قوله " ونحو عضد يجوز فيه عضد " قد ذكرنا أن مثله يجوز عند تميم في الفعل أيضا، نحو كرم الرجل، ولم يقولوا فيه عضد بنقل الضمة إلى ما قبلها كما نقلوا في نحو كتف، لثقل الضمة، وربما نقلها بعضهم فقالوا: عضد، وقد
__________
(1) لم يجئ من الاجوف اليائى مضموم العين إلا قولهم " هيؤ " أي حسنت حاله وصار ذاهيئة (*)


ذكرنا (1) في فعل التعجب أن فعل الذى فيه معنى التعجب يقال فيه فعل، قال: 5 - * وحب بها مقتولة حين تقتل * (2) ولعل ذلك دلالة على نقله إلى معنى التعجب، وأما قولهم في الفعل المبنى
للمفعول فعل كما في المثل " لم يحرم من فصد له " (3) قال أبو النجم وهو تميمي: - 6 - * لو عصر منه المسك والبان انعصر (4) *
__________
(1) ذكره في شرح الكفاية في آخر أفعال المدح والذم، قال بعد ذكر الشواهد: والتغيير في اللفظ دلالة على التغيير في المعنى إلى المدح أو إلى التعجب اه (2) هذا عجز بيت للاخطل النصراني التغلبي وصدره: * فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها * وتقتل: تشعشع بالماء وتمزج فيكسر الماء حدتها (3) قال في اللسان: الفصد شق العرق، وفصد الناقة شق عرقها ليستخرج دمه فيشربه، ومن أمثالهم في الذى يقضى له بعض حاجته دون تمامها " لم يحرم من فصد له " بأسكان الصاد مأخوذ من الفصيد الذى كان في الجاهلية ويؤكل، يقول: كما يتبلغ المضطر بالفصيد فاقنع أنت بما ارتفع من قضاء حاجتك وإن لم تقض كلها اه ملخصا (4) قيل هذا قوله وصف جارية: بيضاء لا يشبع منها من نظر * * خود يغطى الفرع منها المؤتزر وقول الشارح إن أبا النجم تميمي لا أصل له، فانه من بكر بن وائل فان اسمه الفضل بن قدامة بن عبيد الله بن عبيد الله بن الحارث أحد بنى عجل بن لجيم بن صعب ابن على بن بكر بن وائل، وهذه التفريعات كما تطرد عند بنى تميم عند غيرهم ومنهم بكر وتغلب ابنا وائل، قال الاعلم: وهى لغة فاشية في تغلب بن وائل اه ولعل الذى حمل الشارح على نسبة أبى النجم إلى تميم ما ذكره أولا من أن هذه التفريعات إنما تطرد عند بنى تميم (*)


وكذا قولهم غزى بالياء دون الواو غزى لعروض سكون الزاى، فليس
التخفيف قى مثله لكراهة الانتقال من الاخف إلى الاثقل كما كان في كتف وعضد، كيف والكسرة أخف من الضمة والفتحة أخف من الكسرة ؟ بل إنما سكن كراهة توالى الثقلين في الثلاثي المبنى على الخفة، فسكن الثاني لامتناع تسكين الاول، ولان الثقل من الثاني حصل، لانه لاجل التوالى، ولتوالى الثقلين أيضا خففوا نحو عنق وإبل بتسكين الحرف الثاني فيهما، وهذا التخفيف في نحو عنق أكثر منه فيى إبل، لان الضمتين أثقل من الكسرتين حتى جاء في الكتاب العزيز وهو حجازى رسلنا ورسلهم، وهو في الجمع أولى منه في المفرد لثقل الجمع معنى، وجميع هذه التفريعات في لغة تميم كما مر، وإذا توالى الفتحتان لم تحذف الثانية تخفيفا لخفة الفتحة، وأما قوله: - 7 - وما كل مبتاع ولو سلف صفقه * * براجع ما قد فاته برداد (1) فشاذ ضرورة قد شبه بفعل المفتوح الفاء المكسور العين نحو قولهم وليضرب وفلتضرب - أعنى واو العطف وفاءه مع لام الامر وحرف المضارعة - وذلك لكثرة الاستعمال، فالواو والفاء كفاء الكلمة لكونهما على حرف فهما كالجزء مما بعدهما، ولام الامر كعين الكلمة، وحرف المضارعة كلامها، فسكن لام الامر، وقرئ
__________
(1) البيت للاخطل التغلبي، ويروى صدره * وما كل مغبون ولو سلف صفقه * والمغبون الذى يخدع وينقص منه في الثمن أو غيره، وسلف بسكون اللام أصله سلف بفتحها فسكنها حين اضطره الوزن إلى ذلك، ومعناه مضى ووجب، وصفقه مصدر مضاف إلى ضمير المبتاع أو المغبون، والصفق إيجاب البيع، وأصله أن البائع والمشترى كان أحدهما يضرب على يد الاخر، والباء في يراجع زائدة، ويروى يراجع (فعلا مضارعا) فاعله ضمير المبتاع أو المغبون، والرداد بكسر الراء وفتحها فسخ البيع (*)


به في الكتاب العزيز، وشبه به نحو " ثم ليفعل "، وهو أقل، لان ثم على ثلاثة
أحرف، وليس كالواو والفاء، مع أن ثم الداخلة على لام الامر أقل استعمالا من الواو والفاء، وكذا شبه بفعل وفعل قولهم فهو وفهى ووهو ووهى ولهو ولهى لما قلنا في وليفعل، وكذا أهو وأهى، لكن التخفيف مع الهمزة أقل منه مع الواو والفاء واللام، لكون الهمزة مع هو وهى أقل استعمالا من الواو والفاء واللام معهما، ونحو (أن يمل هو) على ما قرئ في الشواذ أبعد، لان يمل كلمة مستقلة، جعل لهو كعضد، وهذا كما قل نحو قولهم: أراك منتفخا، وقوله: 8 - * فبات منتصبا وما تكردسا (1) * وقولهم: انطلق، في انطلق، وقوله: 9 - * وذى ولد لم يلده أبوان (2) * وإنما قل التخفيف في هذه لانها ليس ثلاثية مجردة مبنية على الخفة فلم يستنكر فيها أدنى ثقل، ويجئ شرحها في أماكنها (3) إن شاء الله تعالى قوله " في إبل وبلز (أي: ضخمة) ولا ثالث لهما " قال سيبويه: ما يعرف
__________
(1) هذا بيت من الرجز للعجاج بن رؤبة يصف ثورا وحشيا، وبعده: - * إذا أحس نبأة توجسا * ومنتصبا أي قائما واقفا، ويروى منتصا بتشديد الصاد أي مرتفعا، وتكردس انقبض واجتمع بعضه إلى بعض، والنبأد الصوت الخفى أو صوت الكلاب، وتوجس تسمع إلى الصوت الخفى (2) هذا عجز بيت لرجل من أزد السرأة وصدره * عجبت لمولود وليس له أب * (3) أما كهنا في باب الابتداء، والعجب من الشارح المحقق فأنه أحال هنا على ما هناك وأحال هناك على ماهنا (*)


إلا الابل، وزاد الاخفش، وقال السيرافى: الحبر صفرة الاسنان، وجاء
الاطل (1) والابط، وقيل: الاقط (2) لغة في الاقط، وأتان إبد: أي ولود قوله " ونحو قفل يجوز فيه قفل على رأى " يحكى عن الاخفش أن كل فعل في الكلام فتثقيله جائز، إلا ما كان صفة أو معتل العين كحمر وسوق فانهما لا يثقلان إلا في ضرورة الشعر، وكذا قال عيسى بن عمر: إن كل فعل كان فمن العرب من يخففه ومنهم من يثقله نحو عسر ويسر، ولقائل أن يقول: بل الساكن العين في مثله فرع لمضمومها كما هو كذلك في عنق اتفاقا، فان قيل: جميع التفاريع المذكورة كانت أقل استعمالا من أصولها، فان فخذا وعنقا ساكنى العين أقل منهما متحركيها، وبهذا عرف الفرعية، وعسر ويسر بالسكون أشهر منهما مضمومى العين، فيكون الضم فيهما فرع السكون كما أشار إليه المصنف، فالجوان أن ثيقل الضمتين أكثر من الثقل الحاصل في سائر الاصول المذكورة، فلا يمتنع أن يحمل تضاعف الثقل في بعض الكلمات على قلة استعمالها مع كونها أصلا، وإذا كان الاستثقال في الاصل يؤدى إلى ترك استعماله أصلا كما في نحو يقول ويبيع وغير ذلك مما لا يحصى فما المنكر من أدائه إلى قلة استعماله ؟
__________
(1) إطل - بكسرتين، وبكسر فسكون - والايطل: الخاصرة، قال امرؤ القيس له أيطلا ظبى وساقا نعامة * * وإرخاء سرحان وتقريب تتفل وقال آخر: لم تؤذ خيلهم بالثغر واصدة * * ثجل الخواصر لم يلحق لها إطل (2) الاقط - بكسرتين، وبفتح فكسر - طعام يتخذ من اللبن المخيض، قال امرء القيس فتملا بيتنا أقطا وسمنا * * وحسبك من غنى شبع ورى (*)


هذا، وإن كان عين فعل المفتوح الفاء حلقيا ساكنا جاز تحريكه بالفتح نحو الشعر والشعر والبحر والبحر، ومثلهما لغتان عند البصريين في بعض
الكلمات، وليس إحداهما فرعا للاخرى، وأما الكوفيون فجعلوا المفتوح العين فرعا لساكنها، ورأوا هذا قياسا في كل فعل شأنه ما ذكرنا، وذلك لمناسبة حرف الحلق للفتح كما يجئ في باب المضارع قال: " وللرباعي خمسة: جعفر، زبرج، برتن، درهم، قمطر، وزاد الاخفش نحو جخدب، وأما جندل وعلبط فتوالى الحركات جملهما على باب جنادل وعلابط، وللخماسي أربعة: سفرجل، قرطعب، جحمرش، قذعمل، وللمزيد فيه أبنية كثيرة، ولم يجى في الخماسي إلا عضرفوط خزعبيل قرطبوس قبعثرى خندريس على الاكثر " أقول: اعلم أن مذهب سيبويه وجمهور النحاة أن الرباعي والخماسي صنفان غير الثلاثي، وقال الفراء والكسائي: بل أصلهما الثلاثي، قال الفراء: الزائد في الرباعي حرفه الاخير وفى الخماسي الحرفان الاخيران، وقال الكسائي: الزائد في الرباعي الحرف الذى قبل آخره، ولا دليل على ما قالا، وقد ناقضا قولهما باتفاقهما على أن وزن جعفر فعلل ووزن سفرجل فعلل، مع اتفاق الجميع على أن الزائد إذا لم يكن تكريرا يوزن بلفظه، وكان ينبغى أن يكون للرباعي خمسة وأربعون بناء، وذلك بأن تضرب ثلاث حالات الفاء في أربع حالات العين فيصير اثنى عشر تضربها في أربع حالات اللام الاولى يكون ثمانية وأربعين، يسقط منها ثلاثة لامتناع اجتماع الساكنين، وكان حق أبنية الخماسي أن تكون مائة وأحدا وسبعين، وذلك بأن تضرب أربع حالات اللام الثانية في الثمانية والاربعين المذكورة فيكون مائة واثنين وتسعين يسقط منها أحد وعشرون، وذلك لانه يسقط بامتناع سكون العين واللام الاولى فقط تسع حالات الفاء واللام


الثانية، وتسقط بامتناع سكون اللام الاولى والثانية فقط تسع حالات الفاء والعين،
وتسقط بامتناع سكون العين واللامين معا ثلاث حالات الفاء، يبقى مائة وأحد وسبعون بناء، اقتصر من أبنية الرباعي على خمسة متفق عليها، وزاد الاخفش فعللا بفتح اللام كجخدب، وأجيب بأنه فرع جخادب، بحذف الالف وتسكين الخاء وفتح الدال، وهو تكلف، ومع تسليمه فما يصنع بما حكى الفراء من طحلب وبرقع (1) وإن كان المشهور الضم لكن النقل لا يرد مع ثقة الناقل وإن كان المنقول غير مشهور، فالاولى القول بثبوت هذه الوزن مع قلته، فنقول: إن قعددا (2) ودخللا (3) مفتوحي الدال واللام - على ما روى - وسؤددا (4) وعوططا (5) ملحقات بجخدب، ولولا ذلك لوجب الادغام كما يجئ في موضعه.
ويكون بهمى (6) ملحقا، لقولهم بهماة على ما حكى ابن الاعرابي، ولا تكون
__________
(1) الطحلب: خضرة تعلوا الماء إذا طال مكثه، والبرقع: نقاب المرأة وما يستر به وجه الدابة، وكلاهما بضم فسكون ففتح، وقد يكسر أول الثاني، والاصل فيهما ضم الثالث (2) القعدد: الرجل الجبان القاعد عن الحرب والمكاره، قال الشاعر: دعاني أخى والخيل بينى وبينه * * فلما دعاني لم يجدنى بقعدد (3) دخلل الرجل ودخلله بضم ثالثة أو فتحه ودخيلته: نيته ومذهبه لان ذلك يداخله (4) السؤدد: مصدر قولك ساد الرجل قومه كالسيادة، والدال الاولى مفتوحة أو مضمومة وقد تخفف الهمزة بقلبها واوا (5) العوطط: جمع عائط، وهو اسم فاعل من قولك: عاطت الناقة تعوط، إذا لم تحمل في أول سنة يطرقها الفحل (6) قال في اللسان: وقال الليث: البهمى نبت تجد به الغنم وجدا شديدا ما دام أخضر، فإذا يبس هر شوكه وامتنع، ويقولون للواحد بهمى والجمع بهمى، قال سيبويه: البهمى تكون واحدا وجمعا وألفها للتأنيث.
وقال قوم ألفها للالحاق والواحدة بهماة، وقال المبرد: هذا لا يعرف، لا تكون ألف فعلى بالضم لغير التأنيث...قال ابن سيده: هذا قول أهل اللغة، وعندي أن من قال بهماة فالالف ملحقة له بجخدب (*)


الالف للتأنيث كما ذهب إليه سيبويه قوله " وأما جندل وعلبط " يعنى أن هذين ليسا بناءين للرباعي، بل هما في الاصل من المزيد فيه، بدليل أنه لا يتوالى في كلامهم أربع متحركات في كلمة، ألا ترى إلى تسكين لام نحو ضربت لما كان التاء كجزء الكلمة، قال سيبويه: الدليل على أن هدبدا (1) وعلبطا مقصورا هدابد وعلابط أنك لا تجد فعللا إلا ويروى فيه فعلل كعلايط وهدابد ودوادم (2) في دودم، وكما أن المذكورين ليسا ببناءين للرباعي، بل فرعان للمزيد فيه، فكذا عرتن - بفتحتين بعد هماضمة - وعرتن - بثلاث فتحات - ليسا بلغتين أصليتن، بل الاول مخفف عرنتن بحذف النون، والثانى مخفف عرنتين، كما أن عرتنا - بفتح العين وإسكان الراء وضم التاء - فرع عرنتن بحذف النون وإسكان الراء، وعرنتن: نبت، وفيه ست لغات عرنتن وعرتن فرعه.
وعرتن فرع الفرع، وعرنتن، وعرتن فرعه، وعرتن فرع الفرع وزاد محمد بن السرى في الخماسي خامسا وهو الهندلع لبقلة، والحق الحكم بزيادة النون، لانه إذا تردد الحرف بين الاصالة والزيادة والوزنان باعتبارهما نادران فالاولى الحكم بالزيادة لكثرة ذى الزيادة كما يجئ، ولو جاز أن يكون هندلع فعللا لجاز أن يكون كنهبل (3) فعللا، وذلك خرق لا يرقع فتكثر الاصلال
__________
فإذا نزع الهاء أحال اعتقاده الاول عما كان عليه، وجعل الالف للتأنيث فيما بعد، فيجعلها للالحاق مع تاء التأنيث، ويجعلها للتأنيث إذا فقد الهاء اه (1) قال في اللسان: الهدبد والهدابد اللبن الخائر (الحامض) حدا.
وقيل: ضعف البصر (2) الدودم والدوادم: شئ شبه الدم يخرج من شجر السمر
(3) الكنهبل - بفتح الباء وضمها - شجر عظام وهو من العضاه، قال سيبويه: أما كنهبل فالنون فيه زائدة لانه ليس في الكلام على مثال سفرجل (بضم الجيم) (*)


قوله " وللمزيد فيه أبنية كثيرة " ترتقى في قول سيبويه إلى ثلثمائة وثمانية أبنية، وزيد عليها بعد سيبويه نيف على الثمانين، منه صحيح وسقيم، شرح جميع ذلك يطول، فالاولى الاقتصار على قانون يعرف به الزائد من الاصل كما يجئ في باب ذى الزيادة إن شاء الله تعالى ولما كان المزيد فيه من الخماسي قليلا عده المصنف، وإنما قال " على الاكثر " لانه قيل: إن خندريسا فنعليل، فيكون رباعيا مزيدا فيه، والاولى الحكم بأصالة النون، إذ جاء برقعيد في بلد، ودردبيس للداهية، وسلسبيل وجعفليق وعلطبيس (1) فان قيل: أليس إذا تردد حرف بين الزيادة والاصالة وبالتقديرين يندر الوزن فجعله زائدا أولى ؟ قلت: لا نسلم أولا فعليلا نادر، وكيف ذلك وجاء عليه الكلمات المذكورة ؟ ولو سلمنا شذوذه قلنا: إنما يكون الحكم بزيادته أولى لكون أبنية المزيد فيه أكثر من أبنية الاصول بكثير، وذلك في الثلاثي والرباعى، وأما في الخماسي فأبنية المزيد فيه منه مقاربة لابنية أصوله، ولو تجاوزنا عن هذا المقام أيضا قلنا: إن الحكم بزيادة مثل ذلك الحرف (يكون) أولى إذا كانت الكلمة بتقدير أصالة الحرف من الابنية الاصول، أما إذا كانت بالتقديرين من ذوات الزوائد كمثالنا - أعنى خندريسا - فان ياءه زائد بلا خلاف فلا تفاوت بين تقديره أصلا وزائدا، ولو قال المصنف بدل خندريس برقعيد لاستراح من قوله " على الاكثر " لانه فعلليل بلا خلاف، إذ ليس فيه من حروف " اليوم تنساه "
__________
(1) السلسبيل: اللين الذى لا خشونة فيه، وربما وصف به الماء، واسم عين في الجنة، قال الله تعالى: (عينا فيها تسمى سلسبيلا).
والجعفليق: العظيمة من النساء.
والعلطبيس: الاملس البراق (*)


شئ غير الياء، ويمكن أن يكون إنما لم يذكره لما قيل: إنه أعجمى، ولو ذكر علطميسا (1) وجعفليقا لم يرد شئ، لان حرف الزيادة غير غالب زيادته في موضعه فيهما قوله " جعفر " هو النهر الصغير، و " الزبرج " الزينة من وشى أو جوهر، وقيل: الذهب، وقيل: السخاب الرقيق، و " البرثن " للسبع والطير كالاصابع للانسان، والمخلب: ظفر البرثن، و " القمطر " ما يصان فيه الكتب ب " والجخدب " الجراد الاخضر الطويل الرجلين، وكذا الجخادب، " والجندل " موضع فيه الحجارة، والجنادل: جمع الجندل: أي الصخر، كأنه جعل المكان لكثرة الحجارة فيه كأنه حجارة، كما يقال: مررت بقاع عرفج (2) كله، و " العلبط " الغليظ من اللبن وغيره، يقال: ما في السماء قرطعب: أي سحابة، وقال ثعلب: هو دابة، و " الجحمرش " العجوز المسنة، يقال: ما أعطاني قذعملا: أي شيئا، والقذعملة: الناقة الشديدة، و " العضرفوط " دويبة، و " الخزعبيل " الباطل من كلام ومزاح، و " القرطبوس " بكسر القاف - الداهية والناقة العظيمة الشديدة، وفيه لغة أخرى بفتح القاف،
__________
(1) العلطميس: الضخم الشديد، والجارية الحسنة القوام، والكثير الاكل الشديد البلع، والهامة الضخمة الصلعاء، قال الراجز: - لما رأت شيب قذالى عيسا * * وهامتي كالطست علطميسا لا يجد القمل بها تعريسا (2) العرفج - بزنة جعفر وزبرج - نبت، قيل: هو من شجر الصيف لين أغبر
له ثمرة خشناء كالحسك، وقيل: طيب الريح أغبر إلى الخضرة وله زهرة صفراء وليس له حب ولا شوك.
وقال المؤلف في شرح الكافية (ج 1 ص 283 طبعة الاستانة): " ومن النعت بغير المشتق قولهم مررت بقاع عرفج كله: أي كائن من عرفج، وقولهم مررت بقوم عرب أجمعون: أي كائنين عربا أجمعون " اه (*)


والاول هو المراد هنا لئلا يتكرر بناء عضرفوط، و " القبعثرى " الجمل الضخم الشديد الوبر، وليست الالف فيه للالحاق، إذ ليس فوق الخماسي بناء أصلى يلحق به (1)، وليست أيضا للتأنيث لانه ينون ويلحقه التاء نحو قبعثراة، بل الالف لزيادة البناء كالف حمار ونحوه، و " الخندريس " اسم من أسماء الخمر.
واعلم أن الزيادة قد تكون للالحاق بأصل، وقد لا تكون ومعنى الالحاق في الاسم والفعل أن تزيد حرفا أو حرفين على تركيب زيادة غير مطردة في إفادة معنى، ليصير ذلك التركيب بتلك الزيادة مثل كلمة أخرى في عدد الحروف وحركاتها المعينة والسكنات، كل واحد في مثل مكانه في الملحق بها، وفى تصاريفها: من الماضي والمضارع والامر والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول إن كان الملحق به فعلا رباعيا، ومن التصغير والتكسير إن كان المحلق به اسما رباعيا لا خماسيا وفائدة الالحاق أنه ربما يحتاج في تلك الكلمة إلى مثل ذلك التركيب في شعر أو سجع ولا نحتم بعدم تغير المعنى بزيادة الالحاق على ما يتوهم، كيف وإن معنى حوقل مخالف لمعنى حقل (2)، وشملل مخالف لشمل معنى (3) وكذا كوثر
__________
(1) كان من حقه، مراعاة لما سيأتي له ذكره قريبا، أن يقول هنا: إذ ليس فوقو
الخماسي لفظ على هذه الزنة يلحق به، من غير تقييده بأصلى (2) حقل يحقل - من باب ضرب يضرب - زرع، وحقلت الابل تحقل - من باب تعب يتعب - أصيبت بالحقلة، وهى من أدواء الابل.
وأما حوقل فمعناه صعف وقد تقدم (3) شملت الريح - من باب قعد - شملا وشمولا: تحولت شمالا، وشمل الخمر - من باب نصر - عرضها للشمال، وشمل الشاة - من باب نصر وضرب - علق عليها (*)


ليس بمعنى (1) كثر، بل يكفى أن لا تكون تلك الزيادة في مثل ذلك الموضع مطردة في إفادة معنى، كما أن زيادة الهمزة في أكبر وأفضل للتفضيل، وزيادة ميم مفعل للمصدر أو الزمان أو المكان، وفى مفعل للالة، فمن ثمة لا نقول إن هذه الزيادات للالحاق وإن صارت الكلم بها كالرباعي في الحركات والسكنات المعينة ومثله في التصغير والجمع، وذلك لظهور زيادة (هذه) الحروف للمعانى المذكورة، فلا نحيلها على الغرض اللفظى مع إمان إحالتها على الغرض المعنوي، وليس لاحد أن يرتكب كون الحرف المزيد لافادة معنى للالحاق أيضا، لانه لو كان كذلك لم يدغم نحو أشد ومرد، لئلا ينكسر وزن جعفر، ولا نحو مسلة ولا مخدة لئلا ينكسر وزن درهم، كما لم يدغم مهدد وقردد محافظة على وزن جعفر، وذلك أن ترك الادغام في نحو قردد ليس لكون أحد الدالين زائدا وإلا لم يدغم نحو قمد (2) لزيادة أحد دالية، ولم يظهر نحو ألندد ويلندد (3)
__________
الشمال (وهو كيس يجعل على ضرعها) وشملهم أمر - من باب فرح ونصر - وشمولا أيضا: عمهم.
وشمل الرجل والشمل وشملل: أسرع وشمر، وبهذا تعلم أن المخالفة بين شمل وشمل في غير المعنى الاخير (1) الكوثر: الكثير من كل شئ، قال الشاعر: - وأنت كثير يابن مروان طيب * * وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والكوثر أيضا: النهر، ونهر في الجنة يتشعب منه جميع أنهارها، فالمخالفة إذن في غير المعنى الاول (2) القمد - بضم أوله وثانيه كعتل - القوى الشديد، قال الشاعر: - فضحتم قريشا بالفرار وأنتم * * قمدون سودان عظام المناكب (3) الالندد واليلندد: مثل الالد، وهو الشديد الخصومة.
قال ابن جنى: همزة ألندد وياء يلندد كلتاهما للالحاق.
فان قلت: إذا كان الزائد إذا وقع أولا لم يكن للالحاق فكيف ألحقوا الهمزة والياء في ألندد ويلندد، والدليل على صحة الالحاق (*)


لاصالة الدالين، بل هو للمحافظة على وزن الملحق به، فكان ينبغى أيضا أن لا يدغم نحو أشد ومرد ومسلة لو كانت ملحقة هذا، وربما لا يكون لاصل الملحق معنى في كلامهم، ككوكب (1) وزينب فانه لا معنى لتركيب ككب وزنب قولنا " أن تزيد حرفا " نحو كوثر وقعدد، وقولنا " أو حرفين " كالندد ويلندد وحبنطى (2) فان الزيادتين في كل واحد منهما للالحاق وأما أقعنسس واحربني (3) فقالوا: ليس الهمزة والنون فيهما للالحاق، بل إحدى سينى اقعنس وألف احر نبى للالحاق فقط، وذلك لان الهمزة والنون فيهما في مقابلة الهمزة والنون الزائدتين في الملحق به أيضا ولا يكون الالحاق إلا يزيادة حرف في موضع الفاء أو العين أو اللام،
__________
ظهور التضعيف ؟ قيل: إنهم لا يحلقون بالزائد من أول الكلمة إلا أن يكون معه زائد آخر، فلذلك جاز الالحاق بالهمزة والياء في الندد وبلندد لما انضم الى الهمزة والياء من النون اه، ولعل هذه القضية المسلمة مأخوذة من استقراء كلام العرب وعليه فلا ترد مناقشة الشارح الانية (1) التمثيل بكوكب مبنى على أن الواو في هذه الكلمة كالواو في جوهر (زائدة للالحاق) وهو أحد رأيين، والاخر أن الواو أصلية واحدى الكافين زائدة.
قال
في اللسان: قال التهذيب: ذكر الليث الكوكب في باب الرباعي ذهب أن الواو أصلية قال: وهو عند حذاق النحويين من هذا الباب (يقصد: وك ب) صدر بكاف زائدة والاصل وكب، أو كوب اه (2) تقول: رجل حبنطى - بالتنوين - أي غليظ قصير بطين (3) اقعنسس فهو مقعنسس.
والمقعنسس: الشديد، والمتأخر أيضا، وقال ابن دريد: رجل مقعنسس، إذا امتنع أن يضام.
واحرنبى الرجل: تهيأ للغضب والشر، واحرنبى أيضا: استلقى على ظهره ورفع رجليه نحو السماء (*)


هذا ما قالوا، وأنا لا أرى منعا من أن يزاد للالحاق لا في مقابلة الحرف الاصلى إذا كان الملحق به ذا زيادة، فنقول: زوائد اقعنسس ألها للالحاق باحرنجم.
وقد تلحقل الكلمة بكلمة ثم يزاد على الملحقة ما يزاد على الملحق بها، كما ألحق شيطن وسلقى (1) بدحرج، ثم ألحقا بالزيادة فقيل: تشيطن واسلنقى كما قيل: تدحرج واحرنجم، فيسمى مثله ذا زيادة الملحق، وليس اقعنسس كذلك، إذ لم يستعمل قعسس ولا تلحق كلمة بكلمة مزيد فيها إلا بأن يجئ في الملحقات ذلك الزائد بعينه في مثل مكانه، فلا يقال: إن اعشوشب واجلوذ (2) ملحقان باحرنجم لان الواو فيهما في موضع نونه، ولهذا ضعف قول سيبويه في نحو سوود: إنه ملحق بجندب (3) المزيد نونه، وقوى قول الاخفش: إنه ثبت نحو جخدب، وإن نحو سودد ملحق به.
وقولنا " والمصدر " يخرج نحو أفعل وفعل وفاعل، فانها ليس ملحقة بدحرج لان مصادرها إفعال وتفعيل ومفاعلة، مع أن زياداتها مطردة لمعان
سنذكرها، ولا تكفى مساواة إفعال وفيعال وفعال كأخراج إخراجا وقاتل قيتالا وكذب كذابا لفعلال مصدر فعلل، لان المخالفة في شئ من التصاريف تكفى في الدلالة على عدم الالحاق، لا سيما وأشهر مصدري فعلل فعللة
__________
(1) شيطن الرجل وتشيطن: صار كالشيطان وفعل فعله.
وسلقاه: ألقاه على ظهره، واسلنقى: مطاوعه.
(2) اعشوشبت الارض: كثر عشبها.
واجلوذ الليل: ذهب.
واجلوذ بهم السير: دام مع السرعة، ومنه اجلوذ المطر (3) الجندب: الذكر من الجراد، وقيل: الصغير منه (*)


وقولنا " في التصغير والتكبير " يخرج عنه حمار، وإن كان بوزن قمطر، لان جمعه قماطر ولا يجمع حمار على حمائر بل حمر وأحمرة، وأما نحو شمائل (1) في جمع شمال فلا يرد اعتراضا، لان فعائل غير مطرد في جمع فعال.
وقولنا " لا خماسيا " لان الملحق به لا يحذف آ خره في التصغير والتكسير كما يحذف في الخماسي، بل يحذف الزائد منه أين كان، لانه لما احتيج إلى حذف حرف فالزائد أولى، وأما إذا كان المزيد للالحاق حرف لين رابعا في الخماسي فانه ينقلب ياء نحو كناهير في جمع كنهور (2) قيل: لا يكون حرف الالحاق في الاولى، فليس أبلم (3) ملحقا ببرثن ولا إئمد بزبرج (4)، ولا أرى منه مانعا، فانها تقع أولا للالحاق مع مساعد اتفاقا، كما في الندد ويلندد وإدرون (5) فما المانع أن يقع بلا مساعد ؟
__________
(1) الشمال - بزنة كتاب - الطبع والسجية.
قال عبد يغوث بن وقاص الحارثى ألم تعلما أن الملامة نفعها قليل، وما لومى أخى من شماليا
والشمال أيضا: ضد اليمين، قال الله تعالى (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال).
والشمال أيضا: الشؤم، قال الشاعر: - ولم أجعل شؤونك بالشمال أي: لم أضعها موضع شؤم (2) الكنهور - بزنة سفرجل - العظيم المتراكب من السحاب، وقيل: قطع من السحاب أمثال الجبال، والنون والواو زائدتان للالحاق بسفرجل (3) الابلم - بضمتين بينهما سكون، أو كسرتين بينهما سكون - هو الخلاص، واحدته أبلمة، وفى الحديث " الامر بيننا وبينكم كقد الابلمة " أي: أنه على نصفين متساويين كما تشق الخوصة نصفين (4) الاثمد - بكسرتين بينهما سكون - حجر يتخذ منه الكحل (5) الادرون - بزنة جردحل - المكان الذى يوضع فيه علف الفرس.
وهو (*)


قيل: ويقع الف للالحاق في الاسم حشوا، لانه يلزمها في الحشو الحركة في بعض المواضع، ولا يجوز تحريك ألف في موضع حرف أصلى، وإنما وجب تحريكها لان الثاني يتحرك في التصغير، وكذا الثالث والرابع الوسط يتحرك أيضا في التصغير والتكسير إذا حذف الخامس، وأما الاخر فقد لا يتحرك كسلمى وبشرى والاعتراض عليه أنه ما المحذور من تحريك ألف في مقابلة الحرف الاصلى ؟ ومع التسليم فانه لا يلزم تحريكها في نحو علابط لا في التصغير ولا في التكسير، بل تحذف، فلا بأس بأن نقول: هو ملحق بقذعمل، وقولهم " الرابع الوسط يتحرك في التصغير والتكسير إذا حذف الخامس " ليس بمستقيم، لان الالف تقلب إذن ياء ساكنة كسر يديح وسراديح في سرداح (1)، ومع التسليم يلزمهم أن يزاد الالف في الاخر نحو أرطى (2) ومعزى لانه يتحرك بالحركة الاعرابية بعد قلبه ياء في التصغير والتكسير
واحترز بعضهم من هذا فقال: الالف لا تكون للالحاق أصلا، وأصلها في نحو أرطى ومعزى ياء، ولا دليل على ما قال، وإنما قلبت في رأيت أريطيا وأراطى لكسرة ما قبلها ولما لم يؤد الامر إلى تحريك الالف وسطا في الفعل حكم الزمخشري وتقبله المصنف بكون ألف نحو تغافل للالحاق بتدحرج، وهو وهم، لان الالف في مثله غالبة في إفادة معنى كون الفعل بين اثنين فصاعدا، ولو كان للالحاق لم يدغم نحو تماد وتراد، كما لم يدغم نحو مهدد كما بينا، ولو كان الالف في تغافل
__________
الاصل أيضا، ويقال: رجع فلان إلى إدرونه، ويقال: فلان إدرون شر، إذا كان نهاية في الشر، قال ابن جنى: هو ملحق بجردحل، وذلك أن الواو التى فيها ليست مدا لان ما قبلها مفتوح فشابهت الاصول بذلك فألحقت بها اه (1) السرداح - بوزن قرطاس، بكسر القاف - الناقة الطويلة والضخم من كل شئ والاسد القوى الشديد (2) الارطى - بفتح فسكون - شجر ينبت في الرمل، واحدته أرطاة (*)


للالحاق لكان في مصدره واسمى فاعله ومفعوله أيضا، فلم يصح إطلاق قولهم: " إن الالف لا تكون للالحاق في الاسم وسطا " وكذا نحو تكلم ليس التضعيف فيه للالحاق بتدحرج كما ادعيا، لوضوح كون التضعيف لمعنى، وما غرهما إلا موافقة البناءين لتدحرج في تصاريفه، وإنما جوز حذف الالف للساكنين في نحو أرطى ومعزى مع أن الوزن ينكسر به كما ينكسر بادغام نحو مهدد وقردد، لان هذ الانكسار ليس لازما، إذ التوين في معرض الزوال وترجع الالف مع اللام والاضافة نحو الارطى وأرطى هذا الموضع
ولبقاء الوزن تقديرا مع سقوط اللام للتنوين حكم سيبويه بكون جوار وأعيل (1) غير منصرفين هذا، ولما لم يقم دليل على امتناع كون الالف في الوسطل للالحاق جاز أن يحكم في نحو ساسم (2) وخاتم وعالم بكونها للالحاق بجعفر، وبكونها في نحو علابط للالحاق بقذعمل
__________
(1) أعيل - بضم الهمزة وفتح العين - تصغير أعلى الذى هو أفعل تفضيل من العلو والاصل الاول في المصغر أعيلو، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسره، ثم استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، ثم حذف التنوين لان الكلمة ممنوعة من الصرف للوصفية ووزن الفعل، ثم خيف من رجوع الياء لزوال الساكنين فجئ بالتنوين عوضا عن هذه الياء.
هذا مذهب سيبويه والخليل على ما ارتضاه المحققون في تقرير مذهبهما، وهو مبنى على أن الاعلال مقدم على منع الصرف لقوة سببه وهو الاستقلال الظاهر المحسوس في الكلمة، وأما منع الصرف فسببه ضعيف إذ هو مشابهة الاسم للفعل وهى غير ظاهرة.
وفى المسألة مذاهب أخرى لا نرى الاطالة بذكرها (2) الساسم: شجر أسود، قيل: هو الابنوس، وقيل: شجر يتخذ منه القسى والامشاط والقصاع والجفان (*)


ثم نقول: الاسم الملحق بالرباعي كثير: فؤعل ككوثر، وفيعل كزينب، وفعول كجدول، وفعلل مضعف اللام كمهدد، وفعلى كأرطى، وفعلن كرعشن (1)، وفعلنة كعرضنة (2)، وفعلن كفرسن (3)، وفعلته كسنبته (4) وفنعل كغسل (5)، وفعل كخدب (6)، وفنعل كخنفس (7) وعند الاخفش فعلل مضعف اللام ملحق بجخدب كسؤدد، ولا يمتنع على ما ذكرنا أن يكون أفعل وإفعل كأبلم وإجرد (8) للالحاق، وأما إفعل كإصبع فلا، لادغام نحو
إوز، وكذا يفعل يكون للالحاق كيلمع (9) وكذا فاعل كعالم
__________
(1) الرعشن - بفتحتين بينهما ساكن - المرتعش (2) العرضنة - بكسر ففتح فسكون - الاعتراض في السير من النشاط، يقال: تعدو الفرس العرضنة: أي معترضة مرة من وجه ومرة من آخر، ونظرت إلى فلان عرضنه: أي بموخر عينى.
(3) الفرسن: طرف خف البعير (4) السنبتة: الحقبة وهى المدة من الزمن، تقول: عشنا في الرخاء سنبتة.
والتاء الاولى فيه زائدة للالحاق على قول سيبويه، يدل على زيادتها أنك تقول سنبة، أما التاء الثانية فهى تاء التأنيث وهى موجودة في الحالين (5) العنسل: الناقة السريعة، وهى مأخوذة من العسلان، وهو عدو الذئب، والزائد فيه النون عند سيبويه، واللام عند غيره (6) الخدب - بكسر ففتح فباء مشددة - الضخم والشيخ والعظيم الجافي (7) الخنفس والخنفساء - بضم الخاء وسكون النون وفتح الفاء، وضمها لغة فيهما - دويبة سوداء أصغر من الجعل منتنة الريح (8) الاجرد - بكسر أوله وثالثه وسكون ثانيه وتشديد آخره - نبت يدل على الكمأة واحدته إجردة، قال النضر: ومنهم من يقول إجرد بتخفيف الدال مثل إثمد، وهذا الذى عناه الشارح (9) اليلمع: السراب، وما لمع من السلاح، واسم برق خلب (*)


وكذا الملحق بالخماسى من الثلاثي والرباعى كثير، فمن الثلاثي الملحق بسفرجل نحو صمحمح (1) وعفنجج (2) وكروس (3) وعملس (4) وعثوثل (5) وهبيخ (6) وعقنقل (7) وخفيدد وخفيفد (8) والندد ويلندد وحبنطى،
ومن الرباعي جحنفل (9) وحبو كر (10)، ومن الملحق بقرطعب من الثلاثي
__________
(1) الصمحمح - كسفرجل - الشديد القوى، والانثى صمحمحة (2) العفنجج - كسفرجل - الضخم الاحمق (3) الكروس - كسفرجل - الشديد (4) العملس - كسفرجل - القوى الشديد على السفر.
والذئب والكلب الخبيثان، قال عدى بن الرقاع يمدح عمر بن عبد العزيز: - عملس أسفار إذا استقبلت له * * سموم كحر النار لم يتلثم وقال الطرماح يصف كلاب الصيد: - يوزع بالامراس كل عملس * * من المطعمات الصيد غير الشواحن (5) العثوثل: الكثير اللحم الرخو (6) الهبيخ - كسفرجل - الرجل الذى لا خير فيه، والاحمق المسترخى.
والهبيخ في لغة حمير: الغلام الممتلئ، والهبيخة: الجارية التارة الممتلئة بلغتهم أيضا (7) العقنقل - كسفرجل - الكثيب العظيم من الرمل إذا ارتكم بعضه على بعض (8) الخفيدد والخفيفد - كسفرجل - الظليم (ذكر النعام) الخفيف، وقيل: الطويل الساقين.
قيل للظليم خفيدد لسرعته، وتقول: خفد - كفرح - خفدا، وخفد - كضرب - خفدا، إذا أسرع في مشيته وفى بعض النسخ مكان خفيفد " خفندد " ومعناه صاحب المال الحسن القيام عليه (9) الجحنفل: الغليظ (10) الحبوكر: الداهية، ورمل يضل فيه السالك (*)


إردب وفردوس وإدرون وإنقحل (1) ومن الرباعي قرشب (2) وعلكد (3) وقولهم همرش (4) عند سيبويه ملحق بجحمرش بالتضعيف، وعند الاخفش ليس فيه زائد وأصله هنمرش، ويجوز على ما ذهبنا إليه أن يكون سرداح ملحقا بجردحل، وعلا بط ملحقا بقذعمل، وكنابيل (5) بقذعميل، وإن
خالفتهما في التصغير والتكسير، لانا ذكرنا أن ذلك لا يعتبر إلا في الرباعي واعلم أنه لا يكون في الرباعي والخماسي الاصليين تضعيف، لثقلهما وثقل التضعيف: أما إذا كان أحد حروفهما تضعيفا زائدا فإنه يحتمل لعروض الزيادة وإن صار العارض لازما، فعلى هذا أحد المثلين في كلمة مع ثلاثة أصول
__________
(1) الفردوس: البستان، وفى تمثيل المؤلف به لما ذكر نظر، فانهم نصوا على أنه لا زائد فيه إلا الواو، فيكون رباعيا ملحقا بالخماسى، والا نقحل كجردحل: الرجل الذى يبس جلده على عظمه من البؤس والكبر والهرم (2) القرشب - كجردحل: الضخم الطويل من الرجال.
وقيل: هو السئ الحال (3) العلكد - بكسر العين وتشديد اللام مفتوحة وسكون الكاف - الغليظ الشديد العنق والظهر من الابل وغيرها، وقيل: هو الشديد مطلقا، الذكر والانثى فيه سواء (4) همرش - كجحمرش - العجوز المضطربة الخلق (بفتح الخاء).
قال ابن سيده: جعلها سيبويه مرة فنعللا (وهو غير ما حكاه المؤلف عن الاخفش) ومرة فعللا، ورد أبو على أن يكون فنعللا، وقال: لو كان كذلك لظهرت النون لان إدغام النون في الميم من كلمة لا يجوز، ألا ترى أنهم لم يدغموا في شاة زنماء (وهى التى لها لحمة متدلية تحت حنكها) كراهية أن يلتبس بالمضاعف.
وهى عند كراع فعلل (بفتح الفاء وتشديد العين مفتوحة وكسر اللام الاولى) قال: ولا نظير لها البتة اه من اللسان (5) كنابيل - بضم الكاف وفتح النون بعدها ألف - اسم موضع، قال الطرماح ابن حكيم، وقيل: قائله ابن مقبل دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * * على عجل دهماء والركب رائح ويقال فيه كنا بين.
ويروى في عجز البيت " والليل رائح " (*)


وأربعة زائد إذا لم يكن بين المثلين حرف أصلى، كقنب (1) وزهلول (2) فان كان
بينهما حرف أصلى فليس بزائد كحدرد (3) ودردبيس (4) وسلسبيل، وقال بعضهم: هو زائد أيضا، فخدرد وسلسبيل عنده فعلع وفعفليل، والاولى الحكم بالاصالة، لعدم قيام دليل زيادة كما قام مع عدم الفصل بالأصلي كما سيجئ، وكذا إذا كان حرفان متباينان بعد مثليهما فالاولان أو الاخيران زائدان، بشرط أن يبقى دونهما ثلاثة أصول أو أكثر، فمرمريس فعفعيل، وصمحمح فعلعل، وأما نحو زلزل وصرصر (5) فليس فيه زائد، إذ لا يبقى بعد الحرفين ثلاثة، ومن قال " سلسبيل فعفليل " قال: زلزل فعفل وقال الكوفيون في نحو زلزل وصرصر - أي: فيما يبقى بعد سقوط الثالث مناسب للمعنى الذى كان قبل سقوطه مناسبة قريبة -: إن الثالث زائد، لشهادة الاشتقاق: فزلزل من زل، وصرصر من صر، ودمدم (6) من دم، وأما ما لم يكن كذلك، كالبلبال والخلخال، فلا يرتكبون ذلك فيه وقال السرى الرفاء في كتاب المحب والمحبوب: زلزل منزل كجلبب من جلب، وكذا نحوه، يعنى أنه كرر اللام للالحاق فصار زلل، فالتبس بباب
__________
(1) القنب - بكسر القاف وضمها مع تشديد النون مفتوحة فيهما -: ضرب من الكتان (2) الزهلول - كعصفور - الاملس من كل شئ (3) حدرد - كجعفر -: اسم رجل، ولم يجئ على فعلع بتكرير العين غيره (4) الدرديس: الداهية، وخرزة سوداء تتحبب بها المرأة إلى زوجها، والعجوز والشيخ الكبير الفاني (5) صرصر: تحتمل هذه الكلمة أن تكون فعلا ومعناه صوت وصاح أشد الصياح، وأن تكون اسما وهو دويبة تحت الارض تصر أيام الربيع (6) دمدم: يقال: دمدم الرجل الرجل ودمه: أي عذبه عذابا تاما.
(*)


ذلل يذلل تذليلا، فأبدل اللام الثانية فاء، وهو قريب، لكنه يرد عليه أن فيه إبدال بعض ما ليس من حروف الابدال كالكاف في كركر بمعنى كر وقال الفراء في مرمريس وصمحمح: إنه فعلليل وفعلل، قال: لو كان فعفعيلا وفعلعلا لكان صرصر وزلزل فعفع، وليس ما قال بشئ، لانا لا نحكم بزيادة التضعيف إلا بعد كمال ثلاثة أصول فإذا تقرر جميع ذلك قلنا: إن التضعيف زائد في نحو قنب وعلكد وقرشب ومهدد وصمحمح ومرمريس وبرهرهة (1) - أي: كل كلمة تبقى فيها بعد زيادة التضعيف ثلاثة أصول أو أربعة - إذ لم يفصل بين المثلين أصلى، وإنما حكمنا بذلك لقيام الدلالة على زيادة كثير من ذلك بالاشتقاق، فطردنا الحكم في الكل، وذلك نحو قطع وقطاع وجبار وسبوح، وكذا في ذرحرح (2)، لقولهم ذروح بمعناه، وفى حلبلاب (3) لقولهم حلب بمعناه، ومرمريس للداهية (من (4)) الممارسة للامور، وألحق ما جهل اشتقاقه بمثل هذا المعلوم، ودليل آخر على زيادة تضعيف نحو صمحمح وبرهرهة جمعك له على صمامح وبراره، ولو كان كسفرجل قلت صماحم
__________
(1) يقال: امرأة برهرهة، إذا كانت بضة، وقيل: هي البيضاء، وقيل: التى لها بريق من صفائها (2) الذرحرح - بضم أوله وفتح ثانيه بعدهما حاء مهملة ساكنة فراء مفتوحة -: هو دويبة أعظم قليلا من الذباب، والذروح كسبوح بمعناه (3) حلبلاب - بكسرتين بعدهما سكون - نبت ينبسط على الارض وتدوم خضرته في القيظ وله ورق أعرض من الكف، والحلب بوزن سكر بمعناه (4) زيادة يقتضيها المقام، فأنه يريد أن التضعيف زائد في كلمة مرمريس
لانها مأخوذة من المراس، وهو شدة العلاج، ويقال: رجل مرمريس إذا كان داهيا عاقلا معالجا للامور (*)


فان قيل: هلا حذفت الميم الثانية أو الحاء الثانية ؟ فالجواب أنه لو حذفت الميم الثانية لالتقى مثلان نحو صماحح، ولو حذفت الحاء الثانية وقلت صماحم لظن أنه كسفرجل: أي أن جميع الحروف أصلية، وأيضا ليس في كلامهم فعالع وفى الكلام فعاعل كثير كسلالم في سلم وقنانب في قنب، وكذا تقول في مرمريس: مراريس، لكثرة فعاعيل كدنانير وقراريط، فجمعا على فعاعل وفعاعيل ليكون أدل على كونهما من ذوات الثلاثة واعلم أن كل كلمة زائدة على ثلاثة في آخرها مثلان متحركان مظهران فهى ملحقة، سواء كانا أصليين كما في ألندد، أو أحدهما زائدا كما في مهدد، لان الكلمة إذن ثقيلة وفك التضعيف ثقيل، فلولا قصد مماثلها للرباعي والخماسي لادغم الحرف طلبا للتخفيف، فلهذا قيل: إن مهدداملحق بجعفر دون معد، ولهذا قال سيبويه: نحو سؤدد ملحق بجندب، مع كون النون في جندب زائدا وعدم ثبوت فعلل بفتح اللام عنده (1)
__________
(1) نذكر هاهنا تكملة في بيان القياسي والسماعي من الالحاق نرى أنه لابد منها إذ كان المؤلف لم يتعرض لبيانها، فنقول: قال أبو عثمان المازنى: " وهذا الالحاق بالواو والياء والالف لا يقدم عليه إلا أن يسمع، فإذا سمع قيل: ألحق ذا بكذا بالواو والياء، وليس بمطرد، فأما المطرد الذى لا ينكسر فأن يكون موضع اللام من الثلاثة مكررا للالحاق مثل مهدد وفردد وعندد وسردد، والافعال نحو جلبب يجلبب جلببة، فإذ سئلت كيف تبنى منضرب مثل جعفر قلت: ضربب، ومن علم قلت: علمم، ومن ظرف قلت: ظرفف، وإن كان فعلا فكذلك وتجريه مجرى
دحرج في جميع أحواله " اه وقال أبو الفتح عثمان بن جنى: " ومعنى قوله إن باب مهدد وجلبب مطرد وباب جهور وكوثر غير مطرد أنك لو احتجت في شعر أو سجع أن تشتق من ضرب اسما أو فعلا أو غير ذلك لجاز، وكنت تقول: ضربب زيد عمرا، وأنت تريد ضرب، وكذا كنت تقول: هذا ضربب أقبل، إذا جعلته اسما، وكذلك ما أشبهه، ولم يجز لك أن تقول: ضورب زيد عمرا، ولا هذا (*)


قال: " وأحوال الابنية قد تكون للحاجة كالماضي والمضارع والامر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل والمصدر واسمى الزمان والمكان والالة والمصغر والمنسوب والجمع والتقاء الساكنين والابتداء والوقف، وقد تكون للتوسع كالمقصور والممدود وذى الزيادة، وقد
__________
رجل ضورب، لان هذا الالحاق لم يطرد فلا تقيسه.
وسألت أبا على (يريد أستاذه الفارسى) عن هذا الموضع في وقت القراءة بالشام والعراق جميعا وأنا أثبت ما تحصل من قوله فيه، قال: لو اضطر شاعر الان لجاز أن يبنى من ضرب اسما وصفة وفعلا وما شاء من ذلك، فيقول: ضربب زيد عمرا، ومررت برجل ضربب، وضربب أفضل من خرجج، لانه إلحاق مطرد، وكذلك كل مطرد من الالحاق نحو هذا رجل ضربني، لان هذا الالحاق مطرد، وليس لك أن تقول: هذا رجل ضيرب، ولا ضورب، لان هذا لم يطرد في الالحاق.
فقلت له: أترتجل اللغة ارتجالا ؟ فقال: نعم، لان هذا الالحاق لما اطرد صار كاطراد رفع الفاعل، ألا ترى أنك تقول: طاب الخشكنان، فترفع وإن لم تكن العرب لفظت بهذه الكلمة لانه أعجمية.
قال: وإدخالهم الاعجمي في كلامهم كبنائك ما تبنيه من ضرب وغيره من القياس، وهذا من طريف ما علقته من أبى على، وهذا لفظه أو معنى لفظه " اه وحاصل هذا أن الالحاق عندهما على ضربين: قياسي، وسماعى، فأما القياسي
فقد ذكرا له موضعين: الاول: ما كان بتكرير اللام مع الثلاثي، والثانى: ما كان بريادة النون في وسط الكلمة، وأما السماعي فما كان بالواو كجمهور ورودن، أو بالياء كشريف وبيطر وزينب ومريم، أو بالالف كجعبى وسلقى ودنيا ومعزى ولكنك إذا رجعت إلى كلام أبى الفتح ابن حنى في عدة مواضع من شرحه على تصريف المازنى ومن كتابه الخصائص تبين لك أنهم لا يعدون من الالحاق قياسيا إلا ما كان بتكرير اللام سواء أكان ثلاثى الاصول وأريد إلحاقه بالرباعي أم كان رباعى الاصول وأريد إلحاقه بالخماسى، فليس لك أن تزيد للالحاق أي حرف ما لم يكن من جنس اللام، إلا أن تريد التمرين كأن تقول: ابن من خرج على مثال كوثر أو جهور أو بيطر أو جعبى أو غسل أو نحو ذلك (*)


تكون للمجانسة كالامالة، وقد تكون للاستثقال كتخفيف الهمزة والاعلال والابدال والادغام والحذف " أقول: قد مضى الكلام على جعله لهذه الاشياء أحوال الكلمة فلا نكرره (1) قوله " قد تكون للحاجة " أي: يحتاج إلى هذه الاشياء: إما لتغير المعنى باعتبارها كما في الماضي والمضارع، إلى قوله " والجمع " وإما للاضطرار إلى بعضها بعد الاعلال كالتقاء الساكنين في نحو " لم يقل " أو بعد وصل بعض الكلم ببعض كالتقائهما في نحو " اذهب اذهب " أو عند الشروع في الكلام كالابتداء، وإما لوجه استحسانى لا ضروري كوجوه الوقف على ما يأتي وفى جعله للمقصور والممدود وذى الزيادة من باب التوسع مطلقا نظر، لان القصر والمد إنما صير إليهما في بعض المواضع باعلال اقتضاه الاستثقال كاسم المفعول المعتل اللام من غير الثلاثي المجرد، واسمى الزمان والمكان، والمصدر مما
قياسه مفعل ومفعل، وسائر ما ذكره في المقصور، وكالمصادر المعتلة اللام من أفعل وفاعل وافتعل كالاعطاء والرماء والاشتراء، وسائر ما نذكره في الممدود، وربما صير إليهما للحاجة كمؤنث أفعل التفضيل، ومؤنث أفعل الصفة، وكذا ذو الزيادة: قد تكون زيادته للحاجة كما في زيادات اسم الفاعل واسم المفعول ومصادر ذى الزيادة ونحو ذلك، وكزيادات الالحاق، وقد يكون بعضها للتوسع في الكلام كما في سعيد وحمار وعصفور وكنابيل ونحو ذلك، ويجوز أن يقال في زيادة الالحاق: إنها للتوسع في اللغة، حتى لو احتيج إلى مثل ذلك البنا في
__________
(1) صواب العبارة أن يقول " على جعله لهذه الاشياء أحوال الابنية " وانظر (ص 4) من هذا الجزء (*)


الوزن والسجع كان موجودا، وذهب أحمد بن يحيى إلى أنه لابد لكل زائد من معنى، ولا دليل على ما ادعى قوله " والاعلال " يدخل فيه إبدال حروف العلة، ونقل حركتها إلى ما قبلها، وحذفها، وحذف حركتهالا للجزم ولا للوقف، ويدخل في الابدال إبدال حرف العلة والهمزة وغيرهما، وكذا الحذف يشمل حذف حرف العلة والهمزة وغيرهما، فقوله " الابدال والحذف " يدخل فيها بعض وجوه الاعلال، وبعض وجوه تخفيف الهمزة قال: " الماضي: للثوثى المجرد ثلاثة أبنية: فعل، وفعل، وفعل، نحو ضربه وقتله جاس وقعد وشربه وومقه وفرح ووثق وكرم " أقول: ذكر لفعل أربعة أمثلة: مثالين للمتعدي: أحدهما من باب فعل يفعل، والثانى من باب فعل يفعل، ولم يذكر من باب فعل يفعل - بفتحهما - لانه فرعهما على ما يأتي في المضارع، ومثالين للازم منهما، وذكر أيضا لفعل أربعة
أمثلة: مثالين للمتعدي: أحدهما من باب فعل يفعل كشرب، والثانى من باب فعل يفعل كومق، ومثالين للازم منهما، وذكر لفعل مثالا واحدا، لانه ليس مضارعه إلا مضموم العين، وليس إلا لازما قال: " وللمزيد فيه خمسة وعشرون: ملحق بدرج نحو شملل وحوقل وبيطر وجهور وقلنس وقلسى، وملحق بتدحرج نحو تجلبب وتجورب وتشيطن وترهوك وتمسكن وتغافل وتكلم، وملحق باحرنجم نحو اقعنسس واسلنقى، وغير ملحق نحو أخرج وجرب وقاتل وانطلق واقتدر واستخرج واشهاب واشهب واغدودن واعلوط، واستكان قيل: افتعل من السكون فالمد شاذ، وقيل: استفعل من كان فالمد قياسي " أقول: شملل: أي أسرع، وأيضا بمعنى أخذ من النخل بعد لقاطه ما يبقى


من ثمره، وحوقل: كبر وعجز عن الجماع، وجهور: رفع صوته، قلنسته وقلسيته: ألبسته القلنسوة، تجلبب: لبى الجلباب، تجورب: لبس الجورب، تشيطن الرجل: صار كالشيطان في تمرده، ترهوك الرجل في المشى: أي كان كأنه يموج فيه، تمسكن: تشبه بالمسكين، احرنجم القوم: ازدحموا، اقعنسس: رجع وتأخر، اسلنقى: مطاوع سلقى: أي صرع، اغدودن النبت: طال، اعلوطت البعير: تعلقت بعنقه وعلوته، استكان: ذل ومن الملحقات بفعلل شريف: أي قطع شرياف الزرع، وهو ورقه إذا طال وكثر حتى يخاف فساد الزرع قد تقدم أن نحو تكلم وتغافل ليس ملحقا، وإن كان في جميع تصاريفه كتدحرج، وفى عد النجاة تمدرع وتمندل وتمكن من الملحق نظرا أيضا، وإن وافقت ترحرج في جميع التصاريف، وذلك لان زيادة الميم فيها ليست
لقصد الالحاق، بل هي من قبيل التوهم والغلط، ظنوا أن ميم منديل ومسكين ومدرعة فاء الكلمة كقاف قنديل ودال درهم، والقياس تدرع وتندل وتسكن كما يجئ في باب ذى الزيادة، وهذا كما توهم في ميم مسيل الاصالة فجمعوه على مسلان وأمسلة، كقفزان وأقفزة في جمع قفيز، فتمدرع وتمندل وتمسكن - وإن كانت على تمفعل في الحقيقة - لكن في توهمهم على تفعلل وقد جاء من الملحقات بدحرج فعال نحو: برأل الديك، إذا نفش برائله (1)
__________
(1) البرائل كعلابط والبرائلي بوزنه مقصورا: ما استدار من ريش الطائر حول عنقه، أو خاص بعرف الخبارى، فإذا نفشه للقتال قيل برأل كدحرج وتبرأل كتدحرج، وابرأل كاشمأز، اه من القاموس، وفى اللسان: وقيل: هو الريش السبط الطويل لا عرض له على عنق الديك...قال: وهو البرائل لديك خاصة (*)


وفنعل نحو: دنقع الرجل: أي افتقر ولزق بالدقعاء، وهى الارض، وكذا فعلن وفمعل (وفعمل) وفعلم وغير ذلك، لكنها لم تعد لغرابتها وكونها من الشواذ، وكذا جاء تهفعل وافعنمل ونحو ذلك من النوادر (1) قوله " واستكان "، قيل: أصله استكن فاشبع الفتح، كما في قوله: -
__________
(1) ذكر المؤلف رحمه الله هذه الاوزان ولم يذكر لها أمثلة، ونحن نذكر لك أمثلة لها: أما فعلن فمن أمثلتها قولهم: فرصن الشئ، إذا قطعه، وأصله الفرص وهو القطع وزنا ومعنى، ومنه قولهم: قحزن الرجل، إذا ضربه فصرعه، وأصله قحز الرجل إذا أهلكه، وأما فمعل فمن أمثلتها قولهم: حمظل الرجل، إذا حنى الحمظل، وهو الحنظل.
وأما فعمل فمن أمثلتها قولهم: قصمل الشئ، إذا قطعه، وأصله القصل وهو القطع وزنا ومعنى، وقولهم: جلط الرجل شعره، إذا حلقه، وأصله جلط.
وأما فعلهم فمن أمثلتها قولهم: فرصم الشئ، إذا قطعه وأصله الفرص.
وأما تهفعل
فمن أمثلتها قولهم: تهلقم مطاوع هلقم الشئ، إذا ابتلعه، وأصله لقم اللقمة إذا أخذها بفيه.
وأما أفضل ؟ فمن أمثالها قولهم: اهرنمع الرجل، إذا أسرع في مشيته وكذلك إذا كان سريع البكاء والدموع.
وقالوا: اهرنمع في منطقه إذا انهمك وأكثر، النون فيه زائدة بلا خلاف، وأما الميم فقال ابن سيده: إنها زائدة، وقال ابن برى: هي أصلية فوزنها افعلل، وعلى كل فانه يتعين إبدال النون ميما وإدغامها في الميم بعدها هذا، وقد أشار المؤلف بقوله: وغير ذلك، وقوله فيما بعد: ونحو ذلك، إلى أوزان أخرى لم يتعرض لذكرها، فمنها يفعل (كدحرج) نحو: يرنا الرجل، إذا صبغ باليرناء (بضم ففتح فنون مشددة وبعد الالف همزة) وهى الحناء.
ومنها تفعل (كدحرج) نحو ترمس بمعنى رمسه: أي غيبة في الرمس وهو القبر، ومنه قولهم: ترفل ترفلة بمعنى رفل (كنصر)، إذا جرذيله وتبختر.
ومنها نفعل كقولهم: نرجس الدواء، إذا وضع فيه النرجس.
ومنها فنعل نحو سنبل الزرع إذا ظهر سنبله.
ومنها هفعل نحو هلقم، إذا أكبر اللقم.
ومنها سفعل نحو سنبس بمعنى نبس: أي نطق، إلى غير ذلك ما تجده في كتب اللغة.
هذا، في أكثر هذه الاوزان مقال (*)


10 - ينباع من ذفرى غصوب جسرة * * زيافة مثل الفنيق المكدم إلا أن الاشباع في استكان لازم عند هذا القائل، بخلاف ينباع، وقيل: استفعل من الكون، وقيل: من الكين، والسين للانتقال، كما في استحجر: أي انتقل إلى كون آخر: أي حالة أخرى: أي من العزة إلى الذلة، أو صار كالكين، وهو لحم داخل الفرج: أي في اللين والذلة قال: " ففعل لمعان كثيرة، وباب المغالبة يبنى على فعلته أفعله - بالضم - نحو كارمنى فكرمته أكرمه، إلا باب وعدت وبعت ورميت، فإنه أفعله - بالكسر - وعن الكسائي في نحو شاعرته فشعرته أشعره - بالفتح "
أقول: اعلم أن باب فعل لخفته لم يختص بمعنى من المعاني، بل استعمل في جميعها، لان اللفظ إذا خف كثر استعماله واتسع التصرف فيه ومما يختص بهذا الباب بضم مضارعه المغالبة، ونعنى بها أن يغلب أحد الامرين الاخر في معنى المصدر، فلا يكون إذن إلا معتديا.
نحو: كارمنى فكرمته أكرمه: أي غلبته بالكرم، وخاصمني فخصمته أخصمه، وغالبنى فغلبته أغلبه، وقد يكون الفعل من غير هذا الباب كغلب وخصم وكرم، فإذا قصدت هذا المعنى نقلته إلى هذا الباب، إلا أن يكون المثال الواوى كوعد، والاجوف
__________
(1) هذا البيت من معلقة عنترة بن شداد العبسى.
وينباع: أصله ينبع (كيفتح) فاشبعت فتحة الباء فصارت ألفا.
والذفرى - بكسر فسكون مقصورا - الموضع الذى يعرق من الابل خلف الاذن.
والغضوب: الناقة الصعبة الشديدة.
والجسرة: الضخمة القوية.
والزيافة: المتبخترة في مشيها.
والفنيق: الفحل المكرم من الابل والمكدم: المعضوض، وروى المقرم، وهو الذى لا يذلل ولا يحمل عليه لكرمه وعتقه (*)


والناقص اليائيين كباع ورمى، فانك لا تنقلها عن فعل يفعل، بل تنقلها إليه إن كانت من غيره، لان هذه الانواع مضارعها يفعل - بالكسر - إذا كان الماضي مفتوح العين قياسا لا ينكسر، كما يجئ وحكى عن الكسائي أنه استثنى أيضا ما عينه أولامه أحد الحروف الحلقية، وقال: يلزمه الفتح، نحو: شاعرته فشعرته اشعره، والحق ما ذهب إليه غيره، لان ما فيه حرف الحقل لا يلزم طريقة واحدة كالمثال الواوى والاجوف والناقص اليائيين، بل كثير منه يأتي على الاصل نحو برأ يبرؤ وهنأ يهنئ، كما يأتي بيانه في موضعه، وقد حكى أبو زيد شاعرته فشعرته أشعره - بالضم - وكذا
فاخرته أفخره - بالضم - وهذا نص في عدم لزوم الفتح في مثله واعلم (1) أنه ليس باب المغالبة قياسا بحيث يجوز لك نقل كل لغة أردت إلى هذا الباب لهذا المعنى، قال سيبويه: وليس في كل شئ يكون هذا، ألا ترى أنك تقول نازعنى فنزعته أنزعه، استغنى عنه بغلبته، وكذا غيره، بل نقول: هذا الباب مسموع كثير قال: " وفعل تكثر فيه العلل والاحزان وأضدادها نحو سقم ومرض وحزن وفرح، ويجئ الالوان والعيوب والحلى كلها عليه، وقد جاء أدم وسمر وعجف وحمق وخرق وعجم ورعن (2) بالكسر والضم "
__________
(1) قال في التسهيل: وهذا البناء (يقصد باب المغالبة) مطرد في كل ثلاثى متصرف تام خال من ملزم الكسر.
اه ويقصد بملزم الكسر ما ذكره المؤلف هاهنا وهو كونه مثالا واويا أو أجوف أو ناقصا يائيين.
ولا ينافيه قول سيبويه الذى ذكه المؤلف لانه يمكن حمل كلامه على أنه أراد به أنهم مع كثرة استعمالهم باب المغالبة تركوا استعماله في هذا الموضع استغناء عنه بغلبته وشبهه، وما قال ابن مالك هو الظاهر كما يدل عليه قولهم: باب المغالبة يبنى على كذا، دون أن يقولوا: جاء على كذا (2) أدم (كعلم وكرم) فهو آدم، إذا كان لونه مشربا سوادا وبياضا، (*)


أقول: اعلم أن فعل لازمه أكثر من متعديه، والغالب في وضعه أن يكون للاعراض من الوجع وما يجرى مجراه، كحزن وردى وشعث وسهك ونكد وعسر وشكس ولحز ولحج وخزى، ومن الهيج كبطر وفرح (1) وخمط خمطا، وهو الرائحة الطيبة، وقم قنمة، وهى الرائحة المكروهة، وغضب وغار يغار وحمش وقلق وحار حيرة وبرق (2).
ومن الهيج ما يدل على الجوع والعطش وضديهما من الشبع والرى، وقريب منه نصف القدح أي امتلا نصفه وقرب إذا قارب الامتلاء، ويكثر في هذا
الباب الالوان والحلى، فالالوان نحو كدر وشهب وصدئ وقهب وكهب وأدم (3)
__________
واللون الادمة.
وسمر (ككرم وفرح) فهو أسمر، واسمار أيضا، إذا كان لونه السمرة، وهى منزلة بين السواد والبياض.
وعجف (كفرح وكرم) فهو أعجف، إذا ذهب سمنه، وهو العجف (بفتحتين).
وحمق (ككرم وغنم) حمقا - بالضم وبضمتين - وحماقة فهو أحمق، إذا كان قليل العقل.
وخرق بالامر (ككرم وفرح) إذا لم يرفق به، وعجم - بضم الجيم - عجمة فهو أعجم وهى عجماء، إذا كان به عجمة وهى لكنة وعدم فصاحة، وظاهر كلام المؤلف أنه ورد كفرح أيضا، لكنا لم نجد بعد مراجعة ما بأيدينا من أمهات كتب اللغة إلا ما قدمناه، وقال في اللسان عن الكسائي: كل شئ من باب أفعل وفعلاء سوى الالوان فانه يقال فيه فعل يفعل مثل عرج يعرج وما أشبهه الا ستة أحرف فانه جاءت على فعل (ككرم) الاخرة والاحمق والارعن والاعجف والايمن اه ولم يذكر السادس، ولعله الاعجم.
(1) ردى: هلك، وسقط في الهوة، وشعث: تلبد شعره واغبر، وسهك: خبثت رائحة عرقه، ونكد: صعب عيشه، وعسر: وقع في ضيق وشدة، أو عمل بيده اليسرى، وشكس: ساء خلقه، ولحز: بخل وشحت نفسه، ولعجت عينه: أصيبت ببثور، وخزى الرجل: وقع في بلية وشر، وبطر: لم يحتمل النعمة وكفرها (2) حمش: غضب، أو صار دقيق الساق، وبرق بصره: تحير، أو دهش فلم يبصر (3) كدر: إذا كان لونه بين السواد والغبرة، وشهب: إذا غلب بياضه على (*)


والاغلب في الالوان افعل وافعال نحو ازراق واخضار وابيض واحمر واصفر، ولا يجئ من هذه الالوان فعل ولا فعل، ونعنى بالحلى العلامات الظاهرة للعيون في أعضاء الحيوان، كشتر وصلع ورسح وهضم (1)
وقد يشاركه فعل مضموم العين في الالوان والعيوب والحلى، كالكلمات التى عدها المصنف، وفى الامراض والاوجاع كسقم وعسر، بشرط أن لا يكون لامه ياء، فان فعل لا يجئ فيه ذلك، إلا لغة واحدة، نحو بهو الرجل (2) وبهى أي: صار بهيا وفعل في هذه المعاني المذكورة كلها لازم، لانها لا تتعلق بغير من قامت به، وأما قولهم: فرقته وفزعته فقال سيبويه: هو على حذف الجار، والاصل فرقت منه وفزعت منه، قال: وأما خشيته فأنا خاش، والقياس خش، فالاصل أيضا خشيت منه، فحمل على رحمته، حمل الضد على الضد، ولهذا جاء اسم الفاعل منه على خاش والقياس خش، لان قياس صفة اللازم من هذا الباب فعل، وكذ كانقياس مصدره خشى فقيل خشية حملا على رحمه، وكذا حمل ساخط على راض مع أنه لازم، يقال: سخط منه أو عليه
__________
سواده، وصدى: إذا كان أسود مشربا حمرة، وقهب إذا كان ذا غبرة مائلة إلى الحمرة، وكهب: إذا كان ذا غبرة مشربة سوادا، وأدم تقدم قريبا ص (71) (1) شتر: انشقت شفته السفلى، وشترت عينه: انقلب جفنها وتشنج، وصلع (بمهملة كفرح) فهو أصلع، إذا انحسر شعر مقدم رأسه لنقصان مادة الشعر في تلك البقعة في بعض النسخ " ضلع " وتقول.
ضلع السيف (بالمعجمة كفرح): اعوج، ورسح: أي خف لحم عجيزته وفخذيه، وهضم: انضم كشحاه (أي جانباه) وضمرت بطنه (2) بهو الرجل وبهى وبها (ككرم وفرح ودعا وسعى)، إذا صار بها (*)


قوله " رعن " أي: حمق، والرعونة: الحمق قال: " وفعل لافعال الطبائع ونحوها كحسن وقبح وكبر وصغر فمن ثمة كان لازما، وشذ رحبتك الدار: أي رحبت بك.
وأما باب سدته فالصحيح أن الضم لبيان بنات الواو لا للنقل، وكذا باب بعته.
وراعوا في باب خفت بيان البنية " أقول: اعلم أن فعل في الاغلب للغرائز، أي: الاوصاف المخلوقة كالحسن والقبح والوسامة والقسامة (1) والكبر والصغر والطول والقصر والغلظ والسهولة والصعوبة والشرعة والبطء والثقل والحلم والرفق، ونحو ذلك وقد يجرى غير الغريزة مجراها، إذا كان له لبث (2) ومكث نحو حلم وبرع (3) وكرم وفحش قوله " ومن ثمة كان لازما " لان الغريزة لازمة لصاحبها، ولا تتعدى إلى غيره هكذا قيل.
وأقول: أيش المانع (4) من كون الفعل المتعدى طبيعة أو كالطبيعة
__________
(1) الوسامة: أثر الحسن، وهى الحسن الوضئ الثابت أيضا، والوسيم: الثابت الحسن، كأنه قد وسم، والقسامة: الحسن، يقال: رجل مقسم الوجه، أي جميل كله كأن كل موضع منه أخذ قسما من الجمال (2) اللبث - بفتح اللام وضمها مع إسكان الباء فيهما -: المكث أو الابطاء والتأخر.
قال الجوهرى: مصدر لبث لبث (بفتح فسكون) على غير قياس، لان المصدر من فعل (بالكسر) قياسه إذا لم يتعد، وقد جاء في الشعر على القياس، قال جرير: وقد أكون على الحاجات ذا لبث * * وأحوذيا إذا انضم الذعاليب (3) برع (بضم الراء): تم في كل فضيلة وجمال، وفاق أصحابه في العلم وغيره (4) أيش: أصلها أي شئ، فخففت بحذف الياء الثانية من أي الاستفهامية، وحذف (*)


قوله " رحبتك الدار "، قال الازهرى: هو من كلام نصر بن سيار وليس بحجة (1).
واولى أن يقال: إنما عداه لتضمنه معنى وسع، أي:
__________
همزة بشئ بعد نقل حركتها الى الساكن قبلها، ثم أعل إعلال قاض، والمؤلف رحمه الله
يستعمل هذا اللفظ كثيرا، وقد وقع مثله لكثير من أفاضل العلماء، قال الشهاب الخفاجى في شفاء الغليل: أيش بمعنى أي شئ، خفف منه، نص عليه ابن السيد في شرح أدب الكاتب، وصرحوا بأنه سمع من العرب، وقال بعض الائمة: جنبونا أيش، فذهب إلى أنها مولدة، وقول الشريف في حواشى الرضى: " إنها كلمة مستعمل بمعنى أي شئ وليست مخففة منها " ليس بشئ، ووقع في شعر قديم أنشده في السير: - من آل قحطان وآل أيش قال السهيلي في شرحه: الايش: يحتمل أنه قبيلة من الجن ينسبون إلى أيش، ومعناه مدح، يقولون: فلان أيش وابن أيش، ومعناه شئ عظيم، وأيش في معنى أي شئ كما يقال: ويلمه، في معنى ويل لامه على الحذف لكثرة الاستعمال اه (1) قال اللسان: " كلمة شاذة تحكى عن نصر بن سيار: أرحبكم الدخول في طاعة ابن الكرماني ؟ أي: أوسعكم ؟ فعدى فعل (بالضم) وليست متعدية عند النحويين، إلا أن أبا على الفارسى حكى أن هذيلا تعديها إذا كانت قابلة للتعدى بمعناها، كقوله: - ولم تبصر العين فيها كلابا قال الازهرى: لا يجوز رحبكم عند النحويين، ونصر ليس بحجة " اه ملخصا ونصر: هو نصر بن سيار بن رافع بن حرى (كغنى) بن ربيعة بن عامر بن هلال بن عوف، كان أمير خراسان في الدولة الاموية، وكان أول من ولاه هشام ابن عبد الملك، وكانت إقامته بمرو، فهو عربي الاصل، وحياته كانت في العصر الذى يستشهد بكلام أهله فلا وجه لقولهم: ليس بحجة (*)


وسعتكم الدار.
وقول المصنف " أي رحبت بك " فيه تعسف لا معنى له (1).
ولا يجئ من هذا الباب أجوف يائى، ولا ناقص يائى، لان مضارع فعل يفعل بالضم لا غير، فلو أتيا منه لاحتجت إلى قلب الياء ألفا في الماضي، وفى المضارع واوا،
نحو يبوع يرمو، من البيع والرمى، فكنت تنتقل من الاخف إلى الاثقل.
وإنما جاء من فعل المكسور العين أجوف وناقص: واويان كخاف خوفا ورضى وغبى وشقي رضوانا وغباوة وشقاوة، لانك تنتقل فيه من الاثقل إلى الاخف بقلب الواوفى يخاف ألفا وفى رضى ياء، بلى قد جاء في هذا الباب من الاجوف اليائى حرف واحد وهو هيؤ الرجل: أي صار ذاهيئة، ولم تقلب الياء في الماضي ألفا إذ لو قلبت لوجب إعلال المضارع بنقل حركتها إلى ما قبلها واوا، لان المضارع يتبع الماضي في الاعلال، فكنت تقول: هاء يهوء، فيحصل الانتقال من الاخف إلى الاثقل، وجاء من الناقص اليائى حرف واحد متصرف (2) وهو بهو الرجل يبهو، بمعنى بهى يبهى: أي صار بهيا، وإنما لم تقلب الضمة كسرة لاجل الياء كما في الترامي بل قلبت الياء واوا لاجل الضمة لان الابنية في الافعال مراعاة لا يخلط بعضها ببعض أبدا، لان الفعلية إنما حصلت بسبب البنية والوزن، إذ أصل الفعل المصدر الذى هو اسم، فطرأ الوزن عليه فصار فعلا، وقد يجئ على قلة في باب التعجب فعل من الناقص اليائى ولا يتصرف كنعم وبئس فلا يكون له مضارع كقضو الرجل (3) ورموت اليد (يده)، ولم
__________
إنما كان تخريج المصنف تعسفا عنده لان حاصله حذف الجار وإيصال العامل اللازم إلى ما كان مجرورا بنفسه، وباب الحذف والايصال شاذ عند النحاة، وأما تخريج الشارح فحاصله أنه ضمن كلمة معنى كلمة، والتضمين باب قياسي عند كثير من النحاة (2) نقول: قد جاء فعل آخر من هذا النوع، وهو قولهم: نهو الرجل: أي صار ذا نهية، والنهية (بضم فسكون) العقل (3) قضو الرجل: أي ما أقضاه، يقال ذلك إذا جاد قضاؤه.
ورموت اليد: أي ما أرماها (*)


يجئ المضاعف من هذا الباب إلا قليلا لثقل الضمة والتضعيف.
وحكى يونس لببت تلب، ولبت تلب أكثر، وأما حببت فمنقول إلى هذا الباب للتعجب كقضور ورمو، ومنه قوله -:.
- * وحب بها مقتولة حين تقتل (1) * فهو كقوله: - 11 - قصعد له وصحبتي بين ضارج * * وبين العذيب بعد ما متأملي (2) على أحد التأويلين في بعد (3) والاصل حببت بالكسر (4) أي: صرت حبيبا، ولم يقولوا في القليل قللت كما قالوا في الكثير كثرت، بل قالوا: قل
__________
(1) سبق شرح هذا الشاهد (ص 43) والاستشهاد به هاهنا على أن أصل حب (بضم الحاء) حبب (بكسر الباء)، ثم نقل إلى فعل (بضم العين) للمدح والتعجب، ثم نقلت الضمة إلى الفاء وادغمت العين في اللام (2) هذا البيت من طويلة امرئ القيس، والضمير في له يعود إلى البرق الذى ذكره في قوله: - أصاح ترى برقا أريك وميضه * * كلمع اليدين في حبى مكلل وضارج والعذيب: مكانان، وما: زائدة، ومتأملي: اسم مفعول من تأمل: أي بعد السحاب المنظور إليه، وهو فاعل بعد، ويجوز أن تجعل ما تمييزا، ويكون قوله متأملي هو المخصوص بالمدح (3) والتأويل الثاني أن يكون سكون العين أصليا، وتكون بعد ظرفا لا فعل تعجب، وما: زائدة، ومتأملي مصدر ميمى بمعنى التأمل والنظر.
وهذا التوجيهان يجريان في رواية بعد (بفتح الباء)، وأما في رواية ضم الباء فلا تحتمل إلا وجها واحدا، وهو أن يكون بعد فعلا ماضيا للتعجب (4) لا وجه لتقييده بالكسر، فأنه قد جاء قبل نقله إلى باب التعجب من باب
ضرب ومن باب تعب، فكل منهما يجوز أن يكون أصلا للمضموم (*)


يقل كراهة للثقل، ولم يأت شررت بالضم (1) بل شررت بالفتح والكسر أي صرت شريرا، وقال بعضهم: عزت الناقة - أي: ضاق إحليلها - تعز بالضم وشر ودم: أي صار دميما، وثلاثتها فعل بالضم.
ولم يثبت ما قاله سيبويه " لا يكاد يكون فيه - يعنى في المضاعف - فعل " وقال الجوهرى: إن لببت لا نظير له في المضاعف، وإنما غرهم الدميم والشرير والدمامة والشرارة ! ! والمستعمل دممت بالفتح تدم لا غير، ولم يستعمل من شديد فعل ثلاثى (2) استغناء باشتد، كما استغنى بافتقر عن فقر، وبارتفععن رفع، فقالوا: افتقر فهو فقير، وارتفع فهو رفيه واشتد فهو شديد، وأما قول على رضى الله عنه " لشد ما تشطرا ضرعيها " (3) فمنوقول إلى فعل كما قلنا في حبذا وحببت، فلا يستعمل حب وشد بمعنى صار حبيبا وشديدا إلا في التعجب كما في حبذا وشدما قوله " وأما باب سدته " جواب عن اعتراض وارد على قوله " كان لازما " أجاب بأن سدته ليس من باب فعل بالضم في الاصل، ولا هو منقول إليه كما هو ظاهر قول سيبويه وجمهور النحاة، وذلك لانهم قالوا: نقل قولت إلى قولت
__________
(1) قال في اللسان (مادة حبب): وحببت إليه (بالضم) صرت حبيبا، ولا نظير له إلا شررت (بالضم) من الشر ولببت من اللب، وتقول: ما كنت حبيبا ولقد حببت بالكسر: أي صرت حبيا اه (2) إن كان المؤلف رحمه الله يقصد أنه لم يستعمل لشديد فعل ثلاثى على فعل (بضم العين) فمسلم، وإن كان يريد أنه لم يستعمل له ثلاثى مطلقا فغير مسلم، لانه قد حكاه صاحب اللسان قال: رحل شديد: قوى، وقد شد يشد بالكسر (كخف يخف فهو خفيف) اه
(3) يقوله رضى الله عنه في شأن الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما فضمير التثنية عائد إليهما، والضمير المؤنث يعود إلى الخلافة عن رسول الله يريد أنهما تقاسماها وأن كل واحد منهما قد أخذها شطرا من الزمن (*)


وبيعث إلى بيعت لينقلوا بعد ذلك ضمة الواو وكسرة الياء إلى ما قبلها فيبقى بعد حذف الواو والياء ما يدل عليهما، وهو الضمة والكسرة، واعترض المصنف على قولهم بأن الغرض المذكور يحصل بدون النقل من باب إلى باب، وباب فعل المضموم العين وفعل المكسور العين في الاغلب يختص كل منهما بمعنى مخالف لمعنى فعل المفتوح العين، ولا ضرورة ملجئة إلى هذا النقل، لا لفظية ولا معنوية، أما المعنى فلانه لا يدعى أحد أن قلت وبعت تغيرا عما كانا عليه من المعنى، وأما اللفظ فلان الغرض قيام دلالة على أن أحدهما واوى والاخر يائى، ويحصل هذا بضم الفاء قال وكسر فاء باع من أول الامر بعد إلحاق الضمير المرفوع المتحرك بهما وسقوط ألفهما للساكنين من غير أن يرتكب ضم العين وكسرها ثم نقل الحركة من العين إلى الفاء.
وأيش المحذور في ذلك (1) ؟ وكيف نخالف أصلا لنا مقررا ؟ وهو أن كل واو أو ياء في الفعل هي عين تحركت بأى حركة كانت من الضم والفتح والكسر وانفتح ما قبلها فانها تقلب ألفا، فقولت بالفتح يجب قلب واوه ألفا، وكذا لو حولت الفتحة ضمة، وكذا بيعت بالكسر والفتح، وأى داع لنا إلى إلحاق الضمائر المرفوعة بقول وبيع اللذين هما أصلا قال وباع ؟ وهل هي في الفاعلية إلا كالظواهر في نحو " قال زيد "، و " باع عمرو " ؟ فالوجه إلحاق هذه الضمائر بقال وباع مقلوبى الواو والياء ألفا، فنقول: تحركت الواو في قول وطول وخوف والياء في بيع وهيب وانفتح ما قبلهما ألفا، وإنما لم تقلب الياء في هيؤ لما تقدم، فصار الجميع قال وطال وخاف وباع وهاب، فلم يمكن مع بقاء
الالف التنبيه على بنية هذه الابواب وأن أصلها فعل أو فعل أو فعل لان الالف يجب انفتاح ما قبلها.
فلما اتصلت الضمائر المرفوعة المتحركة بها وجب تسكين اللام لما هو معلوم، فسقطت الالف في جميعها للسكانين، فزال ما كان مانعا من التنبيه
__________
(1) انظر (ه 4 ص 74)


على الوزن - أي الالف - فقصدوا بعد حذفها إلى التنبيه على بنية كل واحد منها لما ذكرنا من أن بنية الفعل يبقى عليها وتراعى بقدر ما يمكن، وذلك يحصل بتحريك الفاء بمثل الحركة التى كانت في الاصل على العين، لان اختلاف أوزان الفعل الثلاثي بحركات العين فقط، ولم يمكن هذا التنبيه في فعل المفتوح العين نحو قول وبيع، لان حركتي الفاء والعين فيه متماثلتان، فتركوا هذا التنبيه فيه ونبهوا على البنية في فعل وفعل فقط، فقالوا في فعل نحو خاف وهاب: خفت وهبت، وسووا بين الواوى واليائى لما ذكرنا أن المهم هو التنبيه على البنية، وقالوا في فعل نحو طال فهو طويل: طلت، والضمة لبيان البنية لا لبيان الواو، لما ذكرنا، ولم يجئ في هذا الباب أجوف يائى حتى يسووا بينه وبين الواوى في الضم كما سووا بينهما في فعل خفت وهبت، إلا هيؤ، كما ذكرنا، ولا تقلب ياؤه ألفا لما مر، فلما فرغوا من التنبيه على البنية في بابى فعل وفعل.
ولم يكن مثل ذلك في فعل ممكنا، كما ذكرنا، قصدوا فيه التنبيه على الواوى واليائى والفرق بينهما، كما قيل: إن لم يكن خل فخمر (1)، فاجتلبوا ضمة في قال بعد حذف الالف للساكنين، وجعلوها مكان الفتحة، وكذا الكسرة في باع، لتدل الاولى على الواو والثانية على الياء، وأما إذا تحركت الواو والياء عينين وما قبلهما ساكن متحرك الاصل في الافعال والاسماء المتصلة بها فإنه ينقل حرك العين إليه وإن كانت فتحة رعاية لبنية الفعل والمتصل به، وذلك لانه يمكن في مثله المحافظة على
البنية في المفتوح العين، كما أمكن في مضمومها ومكسورها، بخلاف المفتوحة المفتوح ما قبلها نحو قال وباع، كما ذكرنا، لان الفاء ههنا ساكنة، فإذا تحركت
__________
(1) لم نجد هذا المثل في أمثال الميداني ولا في كتب اللغة، والذى في اللسان: " والخل والخمر: الخير والشر، وفى المثل ما فلان بخل ولا خمر: أي لا خير فيه ولا شر عنده " اه (*)


بالفتح وسكن العين علم أن ذلك حركة العين، ولا يراعى هنا الفرق بين الواوى واليائى أصلا، لانه إنما يراعى ذلك إذا حصل العجز عن مراعاة البنية كما مر، بلى يراعى ذل ك في اسم المفعول من الثلاثي، نحو مقول ومبيع، كما يجئ، فمن الواوى قولهم يخاف ويقال وأقيم ونقيم ويقول ويطيح، عند الخليل، وأصله (1) يطوح كما يجئ، ويقوم والمقام والمقيم والمعون، فقد رأيت كيف قصدوا في النوعين بيان البنية بنقل الضمة والكسرة والفتحة إى ما قبلها لما لزمهم إعلال العين بسبب حمل الكلمات المذكورة على أصولها، أعنى الماضي الثلاثي كما يجئ في باب الاعلال، ولم يبالوا بالتباس الواوى واليائى ثم الحركة المنقولة: إن كانت فتحة قلبت الواو والياء ألفا، كما في يخاف ويهاب، لان سكونهما عارض، فكأنهما متحركتان، وما قبلهما كان مفتوح الاصل، وقد تحرك بفتحة العين، فكأن الواو والياء تحركتا وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا، ولا سيما أن تطبيق الفرع بالاصل أولى ما أمكن.
وإن كانت ضمة - ولم يجى في الفعل والاسم المتصل به إلا على الواو، نحو يقول - نقلت إلى ما قبلها وسلمت الواو، بلى قد جاءت على الياء أيضا في اسم
__________
(1) من العرب من قال طوح يطوح (بتضعيف العين فيهما)، ومهم من قال: طيح يطيح (بالتضعيف أيضا)، وقد حكوا طاح يطوح، فهو من باب نصر
عند جميع من حكاه، وحكوا طاح يطيح، فأما على لغة من قال طيح يطيح (بالتضعيف) فهو يأتي من باب ضرب من غير تردد، وأما على لغة من قال طوح يطوح فقد اختلف العلماء في تخريج طاح يطيح، فذهب الخليل إلى أنه من باب حسب يحسب (بكسر العين في الماضي والمضارع)، وذلك أن فعل المفتوح العين لا يكون من باب ضرب إذا كان أجوف واويا، كما لا يكون من باب نصر إذا كان أجوف يائيا، وقيل: هو شاذ، وسيأتى لذلك بحث طويل في كلام المصنف والشارح في " باب المضارع "، وسنعيد الكلام هناك بايضاح أكثر من هذا.
(*)


لمفعول، لكنه روعى فيه الفرق بين الواوى واليائى كما يجئ، وقد جاء أيضا في هيؤ يهيؤ، وقد مر حكمه (1) وإن كانت كسرة: فإن كانت على الياء سلمت بعد النقل نحو يبيع، وإن كانت على الواو - نحو يقيم، ويطيح عند الخليل - قلبت ياء، لتعسر النطق بها ساكنة بعد الكسرة، ولا تقول: إن الضم والكسر في نحو يقول ويبيع نقلا إلى ما قبلهما للاستثقال، إذ لو كان له لم تنقل الفتحة في نحو يخاف ويهاب، وهى أخف الحركات، فلا يستثقل وخاصة بعد السكون، ولا سيما في الوسط، وأيضا فالضمة والكسرة لا تستثقلان على الواو والياء إذا سكن ما قبلهما كما في ظبى ودلو فان قيل: ذلك لان الاسم أخف من الفعل، والاصل في الاعلال الفعل كما يجئ في باب الاعلال قلت: نعم، ولكن الواو والياء المذكورين في طرف الاسم، وهما في الفعل في الوسط، والطرف أثقل من الوسط فان قيل: لم تستثقل في الاسم لكون الحركة الاعرابية عارضة
قلت: نوع الحركة الاعرابية لازم، وإن كانت كل واحدة منهما عارضة، ولو لم يعتد بالحركة الاعرابية في باب الاعلال لم يعل نحو قاض وعصا، فإذا تبين أن النقل ليس للاستثقال قلنا: إنه وجب إسكان العين تبعا لاصل الكلمة، وهو الماضي من الثلاثي، إذ الاصل في الاعلال الفعل كما يبين في بابه، وأصل الفعل الماضي، فلما أسكنت نقلت الحركة إلى ما قبلها لتدل على البنية كما شرحنا وإنما فرق في اسم المفعول من الثلاثي بين الواوى واليائى نحو مقول ومبيع، لان الاصل في هذا الاعلال - أعنى إسكان الواو والياء الساكن ما قبلهما -
__________
(1) انظر (ص 76 من هذا الجزء)


هو الفعل كما ذكرنا، ألا ترى أن نحو دلو وظبى لم يسكن الواو والياء فيهما مع تطرفهما، ثم حملت الاسماء المتصلة بالافعال في هذا الاعلال على الفعل إذا وافقته لفظا بالحركات والسكنات، كما في مقام ومعيشة ومصيبة، واسم المفعول من الثلاثي وإن شابه الفعل معنى واتصل به لفظا، لاشتقاقهما من أصل واحد، لكن ليس مثله في الحركات والسكنات فأجرى مجرى ؟ ؟ ؟ من وجه، وجعل مخالفا له من آخر: فالاول بإسكان عينه، والثانى بالفرق بين واويه ويائيه، مع إمكان التنبيه على البنية، فالاولى على هذا أن نقول: حذفت ضمة العين في مقوول ومبيوع إتباعا للفعل في إسكان العين، وضمت الفاء في الواوى وكسرت في اليائى كما قلنا في قلت وبعد دلالة على الواوى واليائى قال: " وأفعل للتعددية غلبا، نحو أحلسته، وللتعريض نحو أبعته، ولصيرورته ذا كذا نحو أغد البعير، ومنه أحصد الزرع، ولوجوده على صفة نحو أحمدته وأنحلته، وللسلب نحو اشكيته، وبمعنى فعل نحو قلته وأقلته " أقول: اعلم أن المزيد فيه لغير الالحاق لابد لزيادته من معنى، لانها إذا لم تكن لغرض لفظي كما كانت في الالحاق ولا لمعنى كانت عبثا، فذا قيل مثلا:
إن أقال بمعنى قال، فذلك منهم تسامح في العبارة، ذلك عل نحو ما يقال: إن الباء في (كفى بالله) و " من " في (مامن إله) زائدتان لما لم تفيدا فائدة زائدة في الكلام سوى تقرير المعنى الحاصل وتأكيده، فكذا لابد في الهمزة في " أقالني " من التأكيد والمبالغة والاغلب في هذه الابواب أن لا تنحصر الزيادة في معنى، بل تجئ لمعان على البدل، كالهمزة في أفعل تفيد النقل، والتعريض، وصيرورة الشئ ذا كذا، وكذا فعل وغيره


وليست هذه الزيادات قياسا مطردا، فليس لك أن تقول مثلا في ظرف: أظرف، وفى نصر: أنصر، ولهذا رد على الاخفش في قياس أظن وأحسب وأخال على أعلم وأرى، وكذا لا تقول: نصر ولا دخل، وكذا في غير ذلك من الابواب، بل يحتاج في كل باب إلى استعمل اللفظ المعين، وكذا استعماله في المعنى المعين (1)، فكما أن لفظ أذهب وأدخل يحتاج في إلى
__________
(1) قال سيبويه رحمه الله (ج 2 ص 233): " هذا باب افتراق فعلت وأفعلت في الفعل للمعنى، تقول: دخل وخرج وجلس، فإذا أخبرت أن غيره وصيره إلى شئ من هذا قلت: أخرجه وأدخله وأجلسه، وتقول: فزع وأفزعته، وخاف وأخفته، وجال وأجلته، وجاء وأجأته، فأكثر ما يكون على فعل (بتثليث العين) إذا أردت ن غيره أدخله في ذلك يبنى الفعل منه على أفعلت، ومن ذلك أيضا مكث (بضم العين) وأمكثته، وقد يجئ الشئ على فعلت (بتشديد العين) فيشرك أفعلت، كما أنهما قد يشتركان في غير هذا، وذلك قولك: فرح وفرحته، وإن شئت قلت: أفرحته، وغرم وغرمته، وأغرمته إن شئت، كما تقول: فزعته وأفزعته، وتقول: ملح (بضم العين)، وسمعنا من العرب من يقول:
أملحته، كما تقول: أفزعته، وقالو ا: ظرف وظرفته، ونبل ونبلته (بضم عين الثلاثي فيهما)، ولا يستنكر أفعلت فيهما، ولكن هذا أكثر واستغنى به " اه وقال ابن هشام في المغنى (في مبحث ما يتعدى به القاصر): " الحق أن دخولها (يريد همزة التعدية) قياسي في اللازم دون المتعدى، وقيل: قياسي فيه وفى المتعدى إلى واحد، وقيل: النقل بالهمزة كله سماعي " اه ملخصا وقال في المغنى أيضا (في المبحث نفسه): " النقل بالتضعيف سماعي في اللازم وفى المتعدى لواحد، ولم يسمع في المتعدى لاثنين، وقيل: قياسي في الاولين " اه ملخصا فأنت ترى من عبارة سيبويه أنه يسوغ لك أن تبنى على أفعلته للتعدية من الفعل القاصر من غير أن ينكر عليك ذلك، وإن لم تكن سمعت تعديته بالهمزة عن العرب، وذلك أصرح في عبارة ابن هشام.
وقال سيبويه أيضا (في ص 237 ج 2، في مباحث فعلت بالتضعيف): " هذا باب دخول فعلت (بتضعيف العين) على فعلت لا يشركه في ذلك " أفعلت "، تقول: كسرتها وقطعتها، فإذا أردت كثرة العمل قلت: كسرته وقطعته ومزقته، ومما يدلك على ذلك قولهم: علطت البعير وإبل معلطة (*)


السماع فكذا معناه الذى هو النقل مثلا، فليس لك أن تستعمل أذهب بمعنى أزال الذهاب أو عرض للذهاب أو نحو ذلك والاغلب أن تجئ هذه الابواب مما جاء منه فعل ثلاثى، وقد تجئ مما لم يأت منه ذلك، كالجم وأسحم وجلد وقرد واستحجر المكان واستنوق (1) الجمل، ونحو ذلك، وهو قليل بالنسبة إلى الاول
__________
وبعير معلوط، وجرحته وجرحته (بتضعيف العين) أكثرت الجراحات في جسده " اه، فهذه العبارة تفيد أن استعمال فعل (بتضعيف العين) في معنى التكثير بين يديك متى أردت استعمالها منأى فعل ساغ لك ذلك.
ومثل ذلك كثير في عباراته وعبارات
غيره من العلماء والذى نراه أنه إذا كثر ورود أمثلة لصيغة من هذه الصيع في معنى من هذه المعاني كان ذلك دليلا على أنه يسوغ لك أن تبنى على مثال هذه الصيغة لافادة هذا المعنى الذى كثرت فيه وإن لم تسمع اللفظ بعينه (1) ألجم - بالجيم - تقول: ألجم الرجل فرسه، إذا وضع في فمه اللجام، ولم يأت منه ثلاثى، ووقع في جميع النسخ المطبوعة " ألحم " بالحاء المهملة، وهو تصحيف، فان هذه المادة قد جاء منها الثلاثي والمزيد فيه، تقول: لحم الرجل يلحم - من باب كرم، وفيه لغة من باب فرح عن اللحيانى - إذا كثر لحم بدنه، وإذا أكل اللحم كثيرا، وتقول: ألحم الرجل، إذا كثر عنده اللحم، وتقول: ألحم الرجل القوم، إذا أطعمهم اللحم.
وأسحم - بالسين المهملة - تقول: أسحمت السماء، إذا صبت ماءها، ولم يذكر صاحبا القاموس واللسان فعلا ثلاثيا من هذه المادة، ولكنذكر المصدر كفرح وكسعال وكحمرة، ووقع في جميع النسخ المطبوعة " أشحم " بالشين المعجمة - وهو تحريف، فانه قد استعمل من هذه المادة الثلاثي والمزيد فيه، تقول: شحم الرجل القوم - من باب فتح - وأشحمهم، إذا أطعمهم الشحم.
وجلد - بتضعيف اللام - تقول: جلد الجزور، إذا نزع جلده، ولا يقال: سلخ، إلا في الشاة، وقد ورد من هذه المادة فعل ثلاثى بغير هذا المعنى، تقول: جلدته، إذا أصبت جلده، كما تقول: رأسه وبطنه وعانه ويداه، إذا أصاب رأسه وبطنه وعينه ويده، وقرد - بتضعيف الراء تقول: قرد الرجل بعيره، إذا أزال قراده (وهو كغراب: دويبة تعض الابل) (*)


فإذا فهم هذا فاعلم أن المعنى الغالب في أفعل تعدية ما كان ثلاثيا، وهى أن يجعل ما كان فاعلا للازم مفعولا لمعنى الجعل فاعلا لاصل الحدث على ماكان، فمعنى " أذهبت زيدا " جعل زيدا ذاهبا، فزيد مفعول لمعنى
الجعل الذى استفيد من الهمزة فاعل للذهاب كما كان في ذهب زيد، فان كان الفعل الثلاثي غيزإر متعديا إلى واحد فو مفعول لمعنى الهمزة - أي: الجعل والتصيير - كأذهبته، ومنه أعظمت: أي جعلته عظيما باعتقادي، بمعنى استعظمته، وإن كان متعديا إلى واحد صار بالهمزة متعديا إلى اثنين أولهما مفعول الجعل والثانى لاصل الفعل، نحو: أحفرت زيدا النهر: أي جعلته حافرا له، فالاول مجعول، والثانى محفور، ومرتبة المجعول مقدمة على مرتبة معفول أصل الفعل، لان فيه معنى الفاعلية.
وإن كان الثلاثي متعديا إلى اثنين صار بالهمزة
__________
وقد ورد من هذه الماة الفعل الثلاثي، تقول: قرد الرجل والبعير - كفرح - إذا ذل وخضع، وقيل: قرد الرجل: أي سكت عن عى.
واستحجر المكان: كثرت الحجارة فيه، واستنوق الجمل: صار كالناقة في ذلها، لا يستعمل إلا مزيدا، قال ثعلب: " ولا يقال استناق الجمل (يقص أنه لا تنقل حركة الواو إلى الساكن قبلها، ثم تقل ألفا) وذلك لان هذه الافعال المزيدة أعنى " افتعل واستفعل " إنما تعتل باعتلال أفعالها الثلاثية البسيطة التى لا زيادة فيها، فلما كان استنوق واستتيس ونحوهما دون فعل بسيط لا زيادة فيه صحت الياء والواو، لسكون ما قبلهما " اه.
وقولهم " استنوق الجمل " مثل يضرب للرجل يكون في حديث أو صفة شئ ثم يخلطه بغيره وينتقل إليه، وأصله أن طرفة بن العبد كان عند بعض الملوك والمسيب (كمعظم) بن علس (كجبل) ينشده شعرا في وصف جمل ثم حوله إلى نعت ناقة، فقال طرفة: قد استنوق الجمل، فغضب المسيب، وقال: " ليقتلنه لسانه "، فكان كما تفرس فيه.
قال ابن برى: البيت الذى أنشده المسيب بن علس هو قوله: - وإنى لامضى لهم عند احتضاره * * بناج عليه الصيعرية مكدم (*)


متعديا إلى ثلاثة أولها للجعل والثانى والثالث لاصل الفعل، وهو فعلان فقط: أعلم، وأرى وقد يجئ الثلاثي متعديا ولازما في معنى واحد، نحو فتن الرجل: أي صار مفتتنا، وفتنته: أي أدخلت فيه الفتنة، وحزن وحزنته: أي أدخلت فيه الحزن، ثم تقول: أفتنته وأحزنته، فيهما، لنقل فتن وحزن اللازمين لا المتعدين، فأصل معنى أحزنته جعلته حزينا، كأذهبته وأخرجته، وأصل معنى حزنته جعلت في الحزن وأدخلته فيه، ككحلته ودهنته: أي جعلت فيه كحلا ودهنا، والمغزى من أحزنته وحزنته شئ واحد، لان من أدخلت فيه الحزن فقد جعلته حزينا، إلا أن الاول يفيد هذا المعنى على سبيل التقل والتصيير لمعنى فعل آخر - وهو حزن - دون الثاني وقولهم أسرع وأبطأ في سرع وبطؤ، ليس الهمزة فيهما للنقل، بل الثلاثي والمزيد فيه معا غير متعديين، لكنالفرق بينهما أن سرع وبطؤ أبلغ، لانهما كأنهما غريزة كصغر وكبر ولو قال المصنف مكان قوله " الغالب في أفعل أن يكون للتعدية ": " الغالب أن يجعل الش ء ذا أصله " لكان أعم، لانه يدخل فيه ما كان أصله جامدا، نحو أفحى قدره: أي جعلها ذات (1) فحا وهو الابرار، وأجداه: أي جعله ذا جدى (2)، وأذهبه: أي جعله ذا ذهب وقد يجئ أفعل لجعل الش ء نفس أصله إن كان الاصل جامدا، نحو أهديت الشئ: أي جعلته هدية أو هديا (3)
__________
(1) الفحا - بفتح أوله وكسره مقصورا: البزر، أو يابسه.
والابزار: التوابل كالفلفل ونحوه، واحدها بزر - بالفتح والكسر - وواحد التوابل تابل كخاتم (2) الجدى - بفتح أوله مقصورا - والجدوى: العطية
(3) الهدية: اسم ما أتحفت به، والهدى: ما أهدى إلى مكة من النعم (أي: الابل) (*)


قوله " وللتعريض " أي: تفيد الهمزة أنك جعلت ما كان مفعولا للثلاثي معرضا لان يكون مفعولا لاصل الحدث، سواء صار مفعولا له أو لا، نحو أقتلته: أي عرضته لان يكون مقتولا قتل أولا، وأبعت الفرس: أي عرضته للبيع، وكذا اسقيته: أي جعلت له ماء وسقيا شرب أو لم يشرب، وسقيته: أي جعلته يشرب، وأقبرته: أي جعلت له قبرا قبر أو لا قوله " ولصيرورته ذا كذا " أي: لصيرورة ما هو فاعل أفعل صاحب شئ، وهو على ضربين: إما أن يصير صاحب ما اشتق منه، نحو ألحم زيد: أي صار ذا لحم، وأطفلت: أي صارت طفل، وأعس وأيسر وأقل: أي صار ذا عسر ويسر وقلة، وأغد البعير: أي صار (1) ذا غدة، وأراب: أي صار ذا ريبة، وإما أن يصير صاحب شئ هو صاحب ما اشتق منه، نحو أجرب الرجل: أي صار ذا إبل ذات جرب، وأقطف: أي صار صاحب خيل تقطف (2) وأخبث: أي صار ذا أصحاب خبثاء، وألام: أي صار صاحب قوم يلومونه، فإذا صار له لوام قيل: هو مليم، ويجوز أن يكون من الاول: أي صار صاحب لوم، وذلك بأن يلام، كأحصد الزرع: أي صار صاحب الحصاد، وذلك بأن يحصد، فيكون أفعل بمعنى صار ذا أصله الذى هو مصدر الثلاثي، بمعنى أنه فاعله، نحو أجرب: أي صار ذا جرب، أو بمعنى أنه مفعوله، نحو أحصد الزرع، ومنه أكب: أي صار يكب وقولهم " أكب مطاوع كبه " تدريس (3)، لان القياس كون أفعل لتعدية فعل لا لمطاوعته
__________
(1) الغدة - بضم أوله وتشديد الدال مفتوحة -: كل عقدة يطيف بها شحم في جسد الانسان، وهى أيضا طاعون الابل
(2) تقول: قطفت الدابة - من باب ضرب ونصر - قطفا وقطوفا (كنصر وخروج) أساءت السير وأبطأت، والوصف منه قطوف - بفتح القاف - (3) قال في اللسان: " كبه لوجهه فانكب: أي صرعه، وأكب هو على (*)


قوله " ومنه أحصد الزرع " إنما قال " ومنه " لان أهل التصريف جعلوا مثله قسما آخر، وذلك أنهم قالوا: يجئ أفعل بمعنى حان وقت يستحق فيه فاعل أفعل أن يوقع عليه أصل الفعل، كأحصد: أي حان أن يحصد، فقال المصنف: هو في الحقيقة بمعنى صار ذا كذا، أي: صار الزرع ذا حصاد، وذلك
__________
وجهه، وهذا من النوادر أن يقال: أفعلت أنا، وفعلت غيرى، يقال: كب الله عدو المسلمين، ولا يقال: أكب " اه.
وظاهر قول المؤلف: إن القول بأن أكب مطاوع كب تدريس (أي: تدريب وتمرين) أنه غير موافق على قصة المطاوعة بدليل أنه جعله من أمثلة الصيرورة، وقد سبقه بذلك الزمخشري رحمه الله، قال في تفسير سورة الملك من الكشاف: " يجعل أكب مطاوع كبه، يقال: كببته فأكب، من الغرائب والشواذ، ونحو قشعت الريح السحاب فأقشع، وما هو كذلك، ولا شئ من بناء أفعل مطاوع، ولا يتقن نحو هذا إلا حملة كتاب سيبوية، وإنما أكب من باب أنفض وألام، ومعناه: دخل في الكب وصار ذا كب، كذلك أقشع السحاب دخل في القشع، ومطاوع كب وقشع انكب وانقشتع " اه كلامه بحروفه، وقد لخص الشهاب الخفاجى هذين القولين تلخيصا حسنا في شرحه على تفسير البيضاوى فقال في بيان مذهب من قال بالمطاوعة: " وهو على عكس المعروف في اللغة من تعدى الافعال ولزوم ثلاثيه، ككرم وأكرمت، وله نظائر في أحرف يسيرة: كأنسل ريش الطائر ونسلته، وأنزفت البئر ونزفتها، وأمرت الناقة (درت) ومرتها، وأشف البعير (رفع رأسه) وشففته، وأقشع الغيم وقشعته الريح: أي
أزالته وكشفته، وقد حكى ابن الاعرابي كبه الله وأكبه بالتعدية فيهما، على القياس " اه وقال في بيان رأى من قال بالصيرورة: " وليست الهمزة فيه للمطاوعة كما ذهب إليه ابن سيده في المحكم، تبعا لبعض أهل اللغة، كالجواهري، وتبعه ابن الحاجب وأكثر شراح المفصل، قال بعض المدققين: معنى كون الفعل مطاوعا كونه دالا على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد به، كقولك باعدته فتباعد، فالتباعد معنى حصل من المباعدة، كما يفهم من كلام شراح المفصل والشافية، ومباينة المطاوعة للصيرورة غير مسلمة، وفى شرح الكشاف للشريف: الائتمار: معى صيرورته مأمورا، وهو مطاوع الامر، فسوى بين المطاوعة والصيرورة " اه (*)


يحينونة حصادة، ونحوه أجد النهل وأقطع (1) ويجوز أن يكون ألام مثله: أي حان أن يلام ومن هذ النوع - أي: صيرورته ذا كذا - دخول الفاعل في الوقت المشتق منه أفعل، نحو أصبح وأمسى وأفجر وأشهر: أي دخل في الصباح والمساء والفجر والشهر، وكذا منه دخول الفاعل في وقت ما اشتق منه أفعل، نحو أشملنا وأجنبنا وأصبينا وأدبرنا: أي دخلنا في أوقات هذه الرياح (2) قال سيبويه: ومنه أدنف، ومنه الدخول في المكان الذى هو أصله، والوصول إليه، كأكدى: أي وصل إلى الكدية (4) وأنجد وأجبل: أي وصل إلى نجد وإلى الجبل، ومنه الوصول إلى العدد الذى هو أصله، كأعشر وأتسع وآلف: أي وصل إلى العشرة والتسعة والالف، فجميع هذا بمعنى صار ذا كذا: أي صار ذا الصبح، وذا المساء، وذا الشمال، وذا الجنوب، وذا الكدية، وذا الجبل، وذا العشرة قوله " ولوجوده عليها " أي: لوجودك مفعول أفعل على صفة، وهى كونه
__________
(1) أجد النخل: حان له أن يجد: أي يقطع تمره.
وأقطع النخل أيضا:
حان قطاعه (2) أشملنا: دخلنا في وقت ريح الشمال (وهى التى تهب من ناحية القطب) وأجنبنا: دخلنا في وقت ريح الجنوب (وهى التى تقابل ريح الشمال)، وأصببنا: دخلنا في وقت ريح الصبا (وهى ريح مهبها مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار) وأدبرنا: دخلنا في وقت ريح الدبور (وهى ريح تهب من ناحية المغرب تقابل الصبا) (3) الدنف - بفتحتين -: المرض الملازم، وقيل: المرض مطلقا (4) الكدية - بضم فسكون -: الارض الصلبة، وهى أيضا الصخرة تعترض حافر البئر، فإذا وصل إليها قيل: أكدى (*)


فاعلا لاصل الفعل، نحو أكرمن فاربط: أي وجدت فرسا كريما، وأسمنت: أي وجدت سمينا، وأبخلته: أي وجدته بخيلا، أو كونه مفعولا لاصل الفعل، نحو أحمدته: أي وجدته محمودا، وأما قولهم " أفحمتك: أي وجدتك مفحما " فكأن أفعل فيه منقول من نفس أفعل، كقولك في التعجب: ما أعطاك للدنانير، ويقال: أفحمت الرجل: أي أسكته، قال عمرو بن معدى كرب لمجاشع بن مسعود السلمى - وقد سأله فأعطاه -: لله دركم يا بنى سليم، سألنا كم فما أبخلناكم، وقاتلناكم فما أجبناكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم: أي ما وجدناكم بخلاء وجبناء ومفحمين (1) قوله " وللسلب " أي: لسلبك عن مفعول أفعل ما اشتق منه، نحو أشكيته: أي أزلت شكواه قوله " وبمعنى فعل " نحو قلت البيع وأقلته.
وقد ذكرنا أنه لابد للزيادة من معنى، وإن لم يكن إولا التأكيد
وقد جاء أفعل بمعنى الدعاء، نحو أسقيته: أي دعوت له بالسقيا، قال ذو الرمة: - 12 - وقفت على ربع لمية ناقتي * * فما زلت أبكى عنده وأخاطبه
__________
(1) قال ابن برى: " يقال هاجيته فأفحمته بمعنى أسكته، قال: ويجئ أفحمته بمعنى صادفته مفحما تقول: هجوته فأفحمته: أي صادفته مفحما، قال: ولا يجوز في هذا هاجيته، لان المهاجاة تكون من اثنين، وإذا صادفته مفحما لم يكن منه هجاء فإذا قلت: فما أفحمناكم بمعنى ما أسكتناكم جاز، كقول عمرو بن معد يكرب: " وهاجيناكم فما أفحمناكم ": أي فما أسكتناكم عن الجواب " اه كلام ابن برى وبهذا يعلم ما في كلام الشارح المحقق، فأن الشاهد الذى ذكره ليس بمعنى وجده ذا كذا بل معناه ذا كذا (*)


وأسقيه حتى كاد مما أبثه * * تكلمني أحجاره وملاعبه (1) والاكثر في باب الدعاء فعل، نحو جدعه وعقره: أي قال: جدعه الله، وعقره (2)، وأفعل داخل عليه في هذا المعنى، والاغلب من هذه المعاني المذكورة النقل، كما ذكرنا وقد يجئ أفعل لغير هذه المعاني، وليس له ضابطة كضوابط المعاني المذكورة كأبصره: أي رآه، وأوعزت إليه، وقد يجئ مطاوع فعل، كفطرته فأفطر وبشرته فأبشر، وهو قليل قال: " وفعل للتكثير غالبا، نحو غلقت وقطعت وجولت وطوفت وموت المال، وللتعدية نحو فرحته، ومنه فسقته، وللسلب نحو جلدته وقردته، وبمعنى فعل نحو زلته وزيلته " أقول: الاغلب في فعل أن يكون لتكثير فاعله أصل الفعل، كما أن
الاكثر في أفعل النقل، تقول: ذبحت الشاة، ولا تقول ذبحتها، وأغلقت الباب مرة، ولا تقول: غلقت، لعدم تصور معنى التكثير في مثله، بل تقول: ذبحت الغنم، وغلقت الابواب، وقولك: جرحته: أي أكثرت جراحاته، وأما جرحته - بالتخفيف - فيحتمل التكثير وغيره، قال الفرزدق: -
__________
(1) هذان البيتان مطلغ قصيدة لذى الرمة واسمه غيلان بن عقبة.
وتقول: وقفت الدابة وقفا ووقوفا: أي منعتها عن السير.
والربع: الدار حيث كانت، وأما المربع (كملعب) فالمنزل في الربيع خاصة.
ومية: اسم امرأة.
وأسقيه: معناه أدعوا له بقولى: سقالك الله، أو بقولى: سقيا لك، وأبثه - بفتح الهمزة أو ضمها - أخبره بما تنطوى عليه نفسي وتسره، والملاعب: جمع ملعب، وهو المكان الذى يلعب فيه الصبيان (2) الجدع: القطع، وقيل: القطع البائن في الانف والاذن والشفة واليد ونحوها، وتقول: عقر الفرس والبعير بالسيف، إذا قطع قوائمه، ثم اتسع في العقر حتى استعمل في القتل والهلاك (*)


13 - ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها * * حتى أتيت أبا عمرو بن عمار (1) أي: أفتحها وأغلقها، وموت المال: أي أقع الموتان في الابل فكثر فيها (2) الموت، وجولت وطوفت: أي أكثرت الجولان والطواف، قيل: ولذلك سمى الكتاب العزيز تنزيلا، لانه لم ينزل جملة واحدة، بل سورة سورة وآية آية، وليس نصافيه، ألا ترى إلى قوله تعالى: (لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) وقوله: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية) ثم إن التكثير يكون في المتعدى كما في غلق وقطع، وقد يكون في اللازم كما في جول وطوف وموت قوله " وللتعدية نحو فرحته " معنى التعدية في هذا الباب كما في باب أفعل
على ما شرحنا، والاولى أيضا ههنا أن يقال في مقام التعدية: (هو) بمعنى جعل الشئ ذا أصله، ليعم نحو فحى القدر: أي جعلها ذات فحا، وشسع النعل (3)، وهذا لا يتعدى إلى ثلاثة كأفعل إلا محمولا على أفعل كحدث وخبر، كما مر في أفعال القلوب
__________
(1) المراد بأبى عمرو في البيت هو أبو عمرو بن العلاء، قال أبو عبيد البكري في شرح أمالى القالى: " إن أبا عمرو بن العلاء كان هاربا من الحجاج مستترا، فجاء الفرزدق يزوره في تلك الحالة، فكان كلما يفتح له باب يغلق بعد دخوله، إلى أن وصل إليه، فأنشده أبياتا منها هذا البيت "، والشاهد فيه كما قال الاعلم الشنتمرى دخول أفعلت على فعلت - بتشديد العين - في إفادة التكثير، ولكن الذى يؤخذ من كلام المؤلف أن الشاهد في البيت دخول فعلت - بالتخفيف - وأفعلت، على فعلت - بالتشديد - (2) عبارة المؤلف يفهم منها أن الموتان غير الموت، وبالرجوع إلى كتب اللغة كاللسان والقاموس والمصباح وغيرها يعلم أنهما بمعنى واحد (3) شسع نعله - بتضعيف العين - جعل لها شسعا - ومثله شسعها - بالتخفيف من باب منع - وكذا أشسعها، والشسع - بكسر فسكون وبكسرتين - قبال النعل، وهو أحد سيورها، وهو الذى يدخل بين الاصبع الوسطى والتى تليها (*)


قوله " ومنه فسقته " إنما قال ذلك لان أهل التصريف جعلوا هذا النوع قسما برأسه، فقالوا: يجئ فعل لنسبة المفعول إلى أصل الفعل وتسميته به، نحو فسقته: أي نسبته إلى الفسق وسميته فاسقا، وكذا كفرته، فقال المصنف: يرجع معناه إلى التعدية، أي: جعلته فاسقا بأن نسبته إلى الفسق ويجئ للدعاء على المفعول بأصل الفعل، نحو جدعته وعقرته: أي قلت له جدعا لك، وعقرا لك، أو الدعاء له، نحو سقيته: أي قلت له سقيا لك
قوله " وللسلب " قد مر معهاه، نحو قردت البعير: أي أزلت قراده، وجلدته: أي أزلت جلده بالسلخ قوله " وبمعنى فعل " نحو زيلته: أي زلته أزيله زيلا: أي فرقته، وهو أجوف (1) يائى، وليس من الزوال، فهما مثل قلته وأقلته
__________
(1) يريد تقرير أنه فعل - بالتشديد - وليس فيعل، وهو كما قال، والدليل على ذلك أنهم قالوا في مصدره الزييل، ولو كان فيعل لقالوا في مصدره زيلة - بفتح الزاى وتشديد الياء مفتوحة، كالبيطرة - قال في اللسان: " ابن سيده وغيره: زال الشئ يزيله زيلا، وأزاله وإزالا، وزيله فتزيل، كل ذلك فرقه فتفرق، وفى التنزيل العزيز (فزيلنا بينهم) وهو فعلت - بالتضعيف - لانك تقول في مصدره تزييلا، ولو كان فيعلت لقلت: زيلة " اه وقول المؤلف " أجوف يائى " هو هكذا عند عامة أهل اللغة إلا القتبى، فانه زعم أنه أجوف واوى، وقد أنكروه عليه.
قال في اللسان: " وقال القتيبى في تفسير قوله تعالى " فزيلنا بينهم ": أي فرقنا، وهو من زال يزول، وأزلته أنا، قال أبو منصور: وهذا غلط من القتيبى، لم يميز بين زال يزول، وزال يزيل، كما فعل الفراء، وكان القتيبى ذابيان عذب، وقد نحس حظه من النحو ومعرفة مقاييسه " اه (*)


ويجئ أيضا بمعنى صار ذا أصله، كورق: أي أورق: أي صار ذا ورق، وقيح الجرج: أي صار ذا قيح (1) وقد يجئ بمعنى صيرورة فاعله أصله المشتق منه، كروض المكان: أي صار روضا، وعجزت المرأة، وثيبت، وعونت: أي صارت عجوزا وثيبا وعوانا (2) ويجئ بمعنى تصيير مفعوله على ما هو عليه، نحو قوله " سبحان الذى ضوأ
الاضواء، وكوف الكوفة، وبصر البصرة " أي: جعلها أضواء وكوفة وبصرة ويجئ بمعنى عمل شئ في الوقت المشتق هو منه، كهجر: أي سار في الهاجرة (3)، وصبح: أي أتى صباحا، ومسى وغلس (4): أي فعل في الوقتين شيئا
__________
(1) القيح: المدة الخالصة التى لا يخالطها دم، وقيل: هو الصديد الذى كأنه الماء وفيه شكلة دم (2) العوان - بزنة سحاب - من البقر وغيرها: النصف في سنها، وهى التى بين المسنة والصغيرة، وقيل العوان من البقر ولخيل: لتى نتجت بعد بطنها البكر، ويشهد للاول قوله تعالى: (لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك).
وفى المثل " لا تعلم العوان الخمرة " قال ابن برى: أي المجرب عارف بأمره كما أن المرأة التى تزوجت تحسن القناع بالخمار.
ويقال: حرب عوان: أي قوتل فيها مرة، كأنهم جعلوا الاولى بكرا (3) الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو من عند زوالها إلى العصر، لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، وهى أيضا شدة الحر.
وتقول: هجرنا تهجيرا، وأهجرنا، وتهجرنا: أي سرنا في الهاجرة (4) الغلس - بفتحتين -: ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح (*)


ويجئ بمعنى المشى إلى الموضع المشتق هو منه، نحو كوف: أي مشى إلى الكوفة، وفوز وغور: أي مشى إلى المفازة والغور (1) وقد يجئ لمعان غير ما ذكر غير مضبوطة بمثل الضوابط المذكورة، نحو جرب وكلم
قال " وفاعل لنسبة أصله إلى أحد الامرين متعلقا بالاخر للمشاركة صريحا فيجئ العكس ضمنا، نحو ضاربته وشاركته، ومن ثم جاء غير المتعدى متعديا (نحو كارمته وشاعرته) والمتعدي إلى واحد مغاير للمفاعل متعديا إلى اثنين نحو جاذبته الثوب، بخلاف شاتمته، وبمعنى فعل نحو ضاعفته، وبمعنى فعل نحو سافرت " أقول " لنسبة أصله " أي: لنسبة المشتق منه فاعل إلى أحد الامرين: أي الشيئين، وذلك أنك أسندت في " ضارب زيد عمرا " أصل ضارب - أي الضرب - إلى زيد، وهو أحد الامرين، أعنى زيدا وعمرا، وهم يستعملون الامر بمعنى الشئ فيقع على الاشخاص والمعاني قوله " متعلقا بالاخر " الذى يقتضيه المعنى أنه حال من الضمير المستتر في قوله " لنسبة " وذلك أن ضارب في مثالنا متعلق بالامر الاخر، وهو عمرو، وتعلقه به لاجل المشاركة التى تضمنها، فانتصب الثاني لانه مشارك - بفتح الراء - في الضرب لا لانه مضروب، والمشارك مفعول، كما انتصب في " أذهبت عمرا " لانه مجعول
__________
(1) المفازة: الصحراء، وأصلها اسم مكان من الفوز، وإنما سميت بذلك مع أنها مضلة ومهلكة، تفاؤلا لسالكها بالنجاة، كما قالوا للديغ: سليم.
والغور - بفتح فسكون -: بعد كل شئ وعمقه، ومنه قولهم: فلان بعيد الغور، إذا كان لا تدرك حقيقته.
وسموا ما بين ذات عرق إلى البحر الاحمر غورا، وسموا كل ما انحدر مغربا عن تهامة غورا.
والغور أيضا: موضع منخفض بين القدس وحوران، وموضع بديار بنى سليم (*)


ويسمج جعله حالا من قوله " أصله " أو من قوله " أحد الامرين " لان الظاهر من كلامه أن قوله " لنسبة أصله إلى أحد الامرين متعلقا بالاخر للمشاركة صريحا "
مقدمة يريد أن يبنى عليها صيرورة الفعل اللازم في فاعل متعديا إلى واحد، والمتعدي إلى واحد غير مشارك متعديا إلى اثنين، مشيرا إلى قوله في الكافية " المتعدى ما يتوقف فهمه على متعلق " فعلى هذا الذى يتوقف فهمه على هذا الامر الاخر الذى هو المشارك - بفتح الراء - ويتعلق به هو معنى فاعل، لكونه متضمنا معنى المشاركة، لا أصله، فإن قولك " كارمت زيدا " ليس فهم الكرم فيه متوقفا على زيد، إذ هو لازم، وكذا " جاذبت زيدا الثوب " ليس الجذب متعلقا بزيد، إذ هو ليس بمجذوب، بلى في قولك " ضارب زيد عمرا " الضرب متعلق بعمرو، لانه مفعول له، لكن انتصابه ليس لكونه مضروبا، بل لكونه مشاركا، كما في قولك " كارمت زيدا " و " جاذبت زيدا الثوب " وكذا ليس أحد الامرين متعلقا بالاخر في " ضاربت زيدا " تعلقا يقصده المصنف، إذ هو في بيان كون فال متعديا بالنقل، وإنما يكون متعديا إذا كان معنى الفعل متعلقا بغيره، على ما ذكر في الكافية، ومن ثم قال في الشرح " ومن ثم جاء غير المتعدى متعديا لتضمنه المعنى المتعلق " يعنى المشاركة، وفى جعله حالا من المضاف إليه - أعنى الضمير المجرور في قوله " أصله " - ما فيه، كما مر في باب (1) الحال، والظاهر أنه قصد جعله حالا من أحد الامرين مع سماجته، ولو قال " لتعلق مشاركة أحد الامرين الاخر في أصل الفعل بذلك الاخر صريحا
__________
(1) يريد أنه لا يصح اعتبار قول المصنف " متعلقا " حالا من الضمير المضاف إليه في قوله " أصله "، لان المضاف ليس عاملا في المضاف إليه، ولا هو جرء المضاف إليه، ولا هو مثل جرئه في صحة الاستغناء به عنه وإحلاله محله، على ما هو شرط مجئ الحال من المضاف إليه (*)


فيحئ العكس ضمنا " لكان أصرح فيما قصد من بناء قوله " ومن ثم كان غير المتعدى " الخ عليه.
قوله " صريحا " أي: أن أحد الامرين صريحا مشارك والاخر مشارك، فيكون الاولى فاعلا صريحا والثانى مفعولا صريحا، " ويجئ العكس ضمنا " أي: يكون المنصوب مشاركا - بكسر الراء - والمرفوع مشاركا ضمنا، لان من شاركته فقد شاركك، فيكون الثاني فاعلا والاول مفعولا من حيث الضمن والمعنى قوله " ومن ثم " أي: من جهة تضمن فاعل معنى المشاركة المتعلقة بعد أحد الامرين بالاخر.
قوله " والمعتدى إلى واحد مغاير للمفاعل " بفتح العين: أي إلى واحد هو غير المشارك في هذا الباب - بفتح الراء - أي: إن كان المشارك ههنا - بفتح الراء - مفعول أصل الفعل كان المتعى إلى واحد في الثلاثي متعديا إلى واحد ههنا أيضا، نحو " ضاربت زيدا " فان المشارك في الضرب هو المضروب فمفعول أصل الفعل ومفعول المشاركة شئ واحد، فلم يزد مفعول آخر بالنقل، وإن كان المشارك ههنا غير مفعول أصل الفعل، نحو " نازعت زيدا الحديث " فان مفعول أصل الفعل هو الحديث إذ هو المنزوع، والمشارك زيد، صار الفعل إذن متعديا إلى مفعولين، وكذا " نازعت زيدا عمرا " فاعلم أن المشارك - بفتح الراء - في باب فاعل قد يكون هو الذى أوقع أصل الفعل عليه ك " ضاربت زيدا " في المتعدى ر و " كارمته " في اللازم، وقد يكون غير ذلك نحو " نازعت زيدا الحديث " في المتعدى، و " سايرته في البرية " في اللازم، وقد يكون ما زاد من المفعول في باب المفاعلة هو المعامل - بفتح الميم - بأصل الفعل، لا على وجه المشاركة كما في قول على رضى الله عنه " كاشفتك الغطاءات " وقولك: عاودته، وراجعته.


قوله " بمعنى فعل " يكون للتكثير كفعل، نحو " ضاعفت الشئ " أي: كثرت أضعافه كضعفته، و " ناعمه الله " كنعمه.
أي كثر نعمته (1) بفتح النون.
قوله " بمعنى فعل " كسافرت بمعنى (2) سفرت: أي خرجت إلى السفر ولا بد في " سافرت " من المبالغة كما ذكرنا، وكذا " ناولته الشئ " أي: نلته إياه - بضم النون - أي أعطيته، وقرئ (إن الله يدفع) و (يدافع) وقد نجئ بمعنى جعل الشئ ذا أصله كأفعل وفعل، نحو " راعنا سمعك " أي: اجعله ذا رعاية لنا كأرعنا، و " صاعر خده " أي: جعله ذا صعر (3) و " عافاك الله " أي جعلك ذا عافية، و " عاقبت فلانا " أي: جعلته ذا عقوبة وأكثر ما تجئ هذه الابواب الثلاثة متعدية.
قال: " وتفاعل لمشاركة أمرين فصاعدا في أصله صريحا نحو تشاركا، ومن ثم نقص مفعولا عن فاعل، وليدل على أن الفاعل أظهر أن أصله حاصل له وهو منتف عنه نحو تجاهلت وتغافلت، وبمعنى فعل نحو توانيت، ومطاوع فاعل نحو باعدته فتباعد ".
__________
النعمة: المسرة والفرح والترفة (2) ظاهر هذه العبارة أن الثلاثي ن هذه المادة مستعمل، ويؤيده ما في الصحاح واللسان، قال ابن منظور: " يقال: سافرت أسفر (من باب طلب وضرب) سفورا: خرجت إلى السفر، فأنا سافر، وقوم سفر، مثل صاحب وصحب " اه.
لكن قال المجد في القاموس: " ورجل سفر وقوم سفر وسافرة وأسفار وسفار: ذوو سفر، لضد الحضر، والسافر: المسافر، لا فعل له " اه (3) الصعر - بفتحتين -: ميل - بفتحتين - في الوجه، وقيل: في الخد خاصة، وربما كان خلقة في الانسان، يقال: صعر خده وصاعره، إذا أماله من الكبر، قال الله تعالى: (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا) (*)


أقول: لا شك أن في قول المصنف قبل " لنسبة أصله إلى أحد الامرين متعلقا بالاخر للمشاركة صريحا " وقوله ههنا " لمشاركة أمرين فصاعدا في أصله صريحا " تخليطا ومجمجة (1) وذلك أن التعلق المذكور في الباب الاول والمشاركة المذكورة ههنا أمران معنويان، لا لفظيان، ومعنى " ضارب زيد عمرا " و " تضارب زيد وعمرو " شئ واحد، كما يجئ، فمعنى التعلق والمشاركة في كلا البابين ثابت، فكما أن للمضاربة تعلقا بعمر وصريحا في قولك " ضارب زيد عمرا " فكذا للتضارب في " تضارب زيد وعمرو " تعلق صريح به، وكما أن زيدا وعمرا متشاركان صريحا في " تضارب زيد وعمرو " في الضرب الذي هو الاصل فكذاهما متشاركان فيه صريحا في " ضارب زيد عمرا " فلو كان مطلق تعلق الفعل بشئ صريحا يقتضي كون المتعلق به مفعولا به لفظا وجب انتصاب عمرو في " تضارب زيد وعمرو " ولو كان مطلق تشارك أمرين فصاعدا صريحا في أصل الفعل يقتضي ارتفاعهما لارتفع زيد وعمرو في " ضارب زيد عمرا " فظهر أنه لا يصح بناء قوله في الباب الاول " ومن ثم جاء غير المتعدى متعديا "، ولا بناء قوله في هذا الباب " ومن ثم نقص مفعولا عن فاعل " على المشاركة، وكان أيضا من حق اللفظ أن يقول: تفاعل لاشتراك أمرين، لان المشاركة تضاف إما إلى الفاعل أو إلى المفعول تقول: أعجبتني مشاركة القولا عمرا، أو مشاركة عمرو القوم، وأما إذا قصدت بيان كون المضاف إليه فاعلا ومفعولا معا فالحق أن تجئ بباب التفاعل أو الافتعال، نحو أعجبني نشاركنا، واشتراكنا، هذا، والاولى ما قال المالكى (2) وهو أن فاعل
__________
(1) المجمجة: تغيير الكتاب وإفساده، ومجمج الرجل في خبره: لم يبينه (2) هكذا في كافة أصول الكتاب، ولم يتبين لنا مقصود المؤلف من الماكلي، ويخطر على البال أنه أراد الامام أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الخثعمي
الاندلسي (المالقي) وهو شارح الجمل للزجاجي، وتلميذ ابن الطراوة النحوي وأبي بكر بن العربي الماكلي، وكانت وفاته في سنة 581 ه (أي قبل وفاة الرضي بنحو قرن) (*)


لاقسام الفاعلية والمفعولية لفظا، والاشتراك فيهما معنى، وتفاعل للاشتراك في الفاعلية لفظا، وفيها وفى المفعولية معنى واعلم أن الاصل المشترك فيه في بابى المفاعلة والتفاعل يكون معنى، وهو الاكثر، نحو: ضاربته، وتضاربنا، وقد يكون عينا نحو (1) ساهمته: أي قارعته وسايفته، وساجلته، وتقارعنا، وتسابقنا، وتساجلنا (2) ثم اعلم أنه لا فرق من حيث المعنى بين فاعل وتفاعل في إفادة كون الشئ بين اثنين فصاعدا، وليس كما يتوهم من أن المرفوع في باب فاعل هو السابق بالشروع في أصل الفعل على المنصوب بخلاف باب تفاعل، ألا ترى إلى قول الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما لبعض من خاصمه: سفيه لم يجد مسافها، فانه رضى الله عنه سمى المقابل له في السفاهة مسافها وإن كانت سفاهته لو وجدت بعد سفاهة الاول، وتقول: إن شتمتني فما أشاتمك، ونحو ذلك، فلا فرق من حيث المغزى والمقصد الحقيقي بين البابين، بل الفرق بينهما من حيث التعبير عن ذلك المقصود، وذلك
__________
(1) قال في اللسان: " السهم: القدح الذي يقارع به، واستهم الرجلان: تقارعا، وساهم القوم فسهمهم سهما قارعهم فقرعهم، وفي التنزيل: " فساهم فكان من المدحضين) يقول: قارع أهل السفينة فقرع (بصيغة المبنى للمجهول) " اه (2) قال ابن بري: " أصل المساجلة أن يستقي ساقيان فيخرج كل واحد منهما في سجله (دلوه) مثل ما يخرج الاخر، فأيهما نكل فقد غلب، فضربته العرب مثلا للمفاخرة، فإذا قيل: فلان يساجل فلانا، فمعناه أنه يخرج من الشرف مثل ما يخرجه الاخر، فأيهما نكل فقد غلب ".
وقالوا: الحرب سجال: أي سجل منها
على هؤلاء وسجل على هؤلاء.
وبالتأمل في عبارة ابن بري يتبين ن الاشتراك في المساجلة بين المتساجلين: بالنظر إلى أصل الاستعمال في عين، وبالنظر إلى المثل في معنى لا عين، فتمثيل المؤلف بساجلته للاشتراك في العين إنما هو بالنظر إلى أصل استعمال اللفظ (*)


أنه قد يعبر عن معنى واحد بعبارتين تخالف مفردات إحداهما مفردات الاخرى معنى من حيث الوضع، وكذا إعراباتها، كما تقول: جاء في القوم إلا زيدا، وجاءني القوم ولم يجئ من بينهم زيد، أو جاءوني وتخلف زيد، أو لم يوافقهم زيد، ونحو ذلك، والمقصود من الكل واحد، فكذا " ضارب زيد عمرا ": أي شاركه في الضرب، و " تضارب زيد وعمرو " أي: تشاركا فيه، والمقصود من شاركه وتشاركا شئ واحد مع تعدى الاول ولزوم الثاني قوله " ومن ثم نقص " أي: ومن جهة كون تفاعل في الصريح وظاهر اللفظ مسندا إلى الامرين المشتركين في أصل الفعل بخلاف فاعل فانه لاسناده في اللفظ إلى أحد الامرين فقط ونصب الاخر لفظ شارك لمفعوله، فإن كان فاعل متعديا إلى اثنين نحو " نازعتك الحديث " كان تفاعل متعديا إلى ثانيهما فقط، ويرتفع الاول داخلا في الفاعلية، نحو " تنازعنا الحديث " و " تنازع زيد وعمرو الحديث " وإن كان فاعل متعديا إلى واحد نحو " ضاربتك " لم يتعد تفاعل إلى شئ لدخول الاول في جملة الفاعل، نحو " تضاربنا " و " تضارب زيد وعمرو " قوله " نقص مفعولا " انتصاب " مفعولا " على المصدر، وهو بيان النوعي كقولك: ازددت درجة، ونقصت مرتبة، ودنوت إصبعا، أي: نقص هذا القدر من النقصان، ويجوز أن يكون تمييزا، إذ هو بمعنى الفاعل: أي نقص مفعول واحد منه
قوله " وليدل على أن الفاعل أظهر الخ " معنى " تغافلت " أظهرت من نفسي الغفلة التى هي أصل تغافلت، فتغافل على هذا لابهامك الامر على من تخالطه وترى من نفسك ما ليس فيه منه شئ أصلا، وأما تفعل في معنى التكلف نحو: تحلم وتمرأ (1) فعلى غير هذا لان صاحبه يتكلف أصل ذلك الفعل
__________
(1) تحلم: تكلف الحلم، وهو العقل والاناة.
وتمرأ: تكلف المروءة، وهي (*)


ويريد حصوله فيه حقيقة، ولا يقصد إظهار ذلك إيهاما على غيره أن ذلك فيه وفي تفاعل لا يريد ذلك الاصل حقيقة، ولا يقصد حصوله له، بل يوهم الناس أن ذلك فيه لغرض له قوله " وبمعنى فعل " لابد فيه من المبالغة كما تقدم قوله " مطاوع فاعل " ليس معنى المطاوع هو اللازم كما ظن، بل المطاوعة في اصطلاحهم التأثر وقبول أثر الفعل، - سواء كان التأثر متعديا، نحو: علمته الفقه فتعلمه: أي قبل التعليم، فالتعليم تأثير والتعلم تأثر وقبول لذلك الاثر، وهو متعد كما ترى، أو كان لازما، نحو: كسرته فانكسر: أي تأثر بالكسر، فلا يقال في " تنازع زيد وعمرو الحديث "، إنه مطاوع " نازع زيد عمر الحديث " ولا في " تضارب زيد وعمرو " إنه مطاوع " ضارب زيد عمرا " لانهما بمعنى واحد، كما ذكرنا، وليس أحدهما تأثيرا والاخر تأثرا، وأنما يكون تفاعل مطاوع فاعل إذا كان فاعل لجعل الشئ ذا أصله، نحو: باعدته: أي بعدته، فتباعد: أي بعد، وإنما قيل لمثله مطاوع لانه لما قبل الاثر فكأنه طاوعه ولم يمتنع عليه، فالمطاوع في الحقيقة هو المفعول به الذى صار فاعلا، نحو " باعدت زيدا فتباعد " المطاوع هو زيد، لكنهم سموا فعله المسند إلى مطاوعا مجازا وقد يجئ تفاعل للاتفاق في أصل الفعل لكن لا على معاملة بعضهم بعضا
__________
كمال الرجولية، وقال الاحنف: المروءة العفة والحرفة، وسئل بعضهم عن المروءة
فقال: المروءة ألا تفعل في السر أمرا وأنت تستحى أن تفعله جهرا.
ويقال: تمرأ أيضا، إذا صار ذا مروءة، ويقال: تمرأ بنا، إذا طلب كرامنا اسم المروءة، قال سيبويه (ج 2 ص 240): " وإذا أراد الرجل أن يدخل نفسه في أمر حتى يضاف إليه ويكون من أهله فانك تقول تفعل، وذلك: تشجع وتبصر وتحلم وتجلد وتمرأ: أي صار ذا مروءة، وقال حاتم الطائي: - تحلم عن الادنين واستبق ودهم * * ولن تستطيع الحلم حتى تحلما وليس هذا بمنزلة تجاهل، لان هذا يطلب أن يصير حليما " اه (*)


بذلك، كقول على رضى الله تعالى عنه " تعايا أهله بصفة ذاته " (1) وقولهم: " بمعنى أفعل نحو تخاطأ بمعنى أخطأ " مما لا جدوى له، لانه إنما يقال هذا الباب بمعنى ذلك الباب إذا كان الباب المحال عليه مختصا بمعنى عام مضبوط بضابط فيتطفل الباب الاخر عليه في ذلك المعنى، أما إذا لم يكن كذا فلا فائدة فيه، وكذا في سائر الابواب، كقولهم: تعاهد بمعنى تعهد، وغير ذلك كقولهم تعهد بمعنى تعاهد (2) قال: " وتفعل لمطاوعة فعل نحو كسرته فتكسر، وللتكلف نحو تشجع وتحلم، وللاتخاذ نحو توسد، وللتجنب نحو تأثم وتحرج، وللعمل المتكرر في مهلة، نحو تجرعته، ومنه تفهم، وبمعنى استفعل، نحو تكبر (وتعظم) " أقول: قوله " لمطاوعة فعل " يريد سواء كان فعل للتكثير نحو قطعته فتقطع، أو للنسبة نحو قيسته ونزرته وتممته: أي نسبته إلى قيس ونزار وتميم فتقيس وتنزر وتتمم، أو للتعدية نحو علمته فتعلم والاغلب في مطاوعة فعل الذى للتكثير (3) هو الثلاثي الذى أصل فعل، نحو علمته فعلم، وفرحته ففرح، فقوله: " وللتكليف " هو من القسم الاول: أي مطاوع فعل الذى هو
__________
(1) المراد من هذه العبارة أن أهل الله تعالى قد اتفقوا في العى والعجز عن
إدراك كنه ذاته وصفاته.
قال في اللسان: " عى بالامر (بوزن مد) عيا - بكسر العين - وعى وتعايا واستعيا، هذه عن الزجاجي، وهو عى (مثل حى) وعي (كزكى) وعيان (كريان) عجز عنه ولم يطق إحكامه " اه (2) قال في اللسان: " وتعهد الشئ وتعاهده واعتهده: تفقده وأحدث العهد به...ثم قال: وتعهدت ضيعتي وكل شئ، وهو أفصح من قولك تعاهدته، لان التعاهد إنما يكون بين اثنين، وفى التهذيب: ولا يقال تعاهدته، قال: وأجازهما الفراء " اه (3) الاولى أن يقول: " والاغلب في مطاوعة فعل الذى للتعدية " بدليل التمثيل الذى مثل به (*)


للنسبة تقديرا، وإن لم يثبت (1) استعماله لها، كأنه قيل: شجعته وحلمته: أي نسبته إلى الشجاعة والحلم، فتشجع وتحلم: أي انتسب إليهما وتكلفهما وتفعل الذى للاتخاذ مطاوع فعل الذي هو لجعل الشئ ذا أصله، إذا كان أصله اسما لا مصدرا، " فتردى الثوب " مطاوع " رديته الثوب ": أي جعلته ذا رداء، وكذا " توسد الحجر ": أي صار ذا وسادة هي الحجر مطاوع " وسدته الحجر " فهو مطاوع فعل المذكور المتعدى إلى مفعولين ثانيهما بيان لاصل الفعل، لان الثوب بيان الرداء والحجر بيان الوسادة، فلا جرم يتعدى هذا المطاوع إلى مفعول واحد.
وتفعل الذى للتجنب مطاوع فعل الذى للسلب تقديرا، وإن لم يثبت استعماله (1) كأنه قيل: أئمته وحرجتهه بمعنى جنبته عن الحرج والاثم وأزلتهما عنه كقردته، فتأثم وتحرج: أي تجنب الاثم والحرج وتفعل الذى للعمل المتكرر في مهلة مطاوع فعل الذى للتكثير، نحو
جرعتك الماء فتجرعته: أي كثرت لك جرع الماء (2) فتقبلت ذلك التكثير وفوقته اللبن فتفوقه وحسيته المرق فتحساه: أي كثرت له فيقه وهو
__________
(1) انظر هذا مع قول الشارح فيما سبق: " وليست هذه الزيادات قياسا مطردا، بل يحتاج في كل باب إلى سماع استعمال اللفظ المعين وكذا استعماله في المعنى المعين الخ " فانك تجد بين الكلامين تضاربا، وقد بينا لك فيما سبق اختيارنا في المسألة (انظر ص 84 ه ا) (2) تجرع الماء: تابع جرعه مرة بعد أخرى كالمتكاره، قال تعالى: (يتجرعه ولا يكاد يسيغه) قال ابن الاثير: " التجرع: شرب في عجلة، وقيل: " هو الشرب قليلا قليلا " اه، فكأنه من الاضداد، والحديث ههنا عن المعنى الثاني (*)


جنس الفيقة (1): أي قدر اللبن المجتمع بين الحلبتين، وكثرت له حساءه (2) قوله " ومنه تفهم " إنما قال " ومنه " لان معنى الفعل المتكرر في مهلة ليس بظاهر فيه، لان الفهم ليس بمحسوس كما في التجرع والتحسى، فبين أنه منه، وهو من الافعال الباطنة المتكررة في مهلة، هذا، والظاهر أن تفهم للتكلف في الفهم كالتسمع والتبصر قوله " وبمعنى استفعل " تفعل يكون بمعنى استفعل في معنيين مختصين باستفعل: أحدهما الطلب، نحو تنجزته: أي استنجزته: أي طلبت نجازه: أي حضوره والوفاء به، والاخر الاعتقاد في الشئ أنه على صفة أصله، نحو استعظمته وتعظمته: أي اعتقدت فيه أنه عظيم، واستكبر وتكبر: أي اعتقد في نفسه أنها كبيرة
__________
(1) الفيقة والفيق: اسم اللبن الذى يجتمع بين الحلبتين في الضرع، وذلك بأن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب، والياء فيهما منقلبة عن الواو، لسكونها إثر كسرة، يقال: فاقت الناقة تفوق فواقا (كغراب) وفيقة (كديمة)، والفيقة: واحدة الفيق كما ذكر المؤلف، وجمع الفيق أفواق كشبر وأشبار،
وأفاويق جمع الجمع.
قال ابن برى: " وقد يجوز أن تجمع فيقة على فيق ثم تجمع فيق على أفواق، فيكون مثل شيعة وشيع وأشياع ".
والفواق (كسحاب وغراب): ما بين الحلبتين من الوقت.
قال في اللسان: " وفوقت الفصيل: أي سقيته اللبن فواقا فواقا، وتفوق الفصيل إذا شرب اللبن كذلك " اه.
وبين هذا وبين كلام المؤلف بعد فتأمله، فان عبارة أهل اللغة تدل على أن معنى فوقته سقيته اللبن وقتا بعد وقت فأين معنى التكثير الذى ذكره المؤلف ؟ (2) قال في القاموس: " حسا الطائر الماء حسوا، ولا تقل شرب، وحسا زيد المرق: شربه شيئا بعد شئ، كتحساه واحتساه، وأحسيته أنا وحسيته، واسم ما يحتسى الحسية (كالغنية) والحسا (كالعصا) ويمد، والحسو كدلو، والحسو كعدو، والحسوة (بالضم): الشئ القليل منه " اه.
ومثله في اللسان.
وأنت ترى أن مدلول حسيته سقيته الحساء شيئا بعد شئ، وتحساه شربه شيئا بعد شئ، فمن أين جاء تكثير الحساء الذى ذكره المؤلف ؟ (*)


والاغلب في تفعل معنى صيرورة الشئ ذا أصله كتأهل وتألم وتأكل وتأسف وتأصل وتفكك وتألب: أي صار ذا أهل، وألم، وأكل: أي صار مأكولا، وذا أسف، وذا أصل، وذا فكك (1) وذا ألب (2) فيكون مطاوع فعل الذي هو لجعل الشئ ذا أصله، إما حقيقة كما في البته فتألب وأصلته فتأصل، وإما تقديرا كما في تأهل، إذ لم يستعمل أهل بمعنى جعل ذا أهل وقد يجئ تفعل مطاوع فعل الذى معناه جعل الشئ نفس أصله، إما حقيقة أو تقديرا، نحو تزبب العنب، وتأجل الوحش (3) وتكلل: أي صار إكليلا (4): أي محيطا
__________
(1) الفكك - بفتح الفاء والكاف - انفساخ القدم وانكسار الفك وانفراج
المنكب استرخاء وضعفا، وهو أفك المنكب.
(2) الالب: مصدر ألب القوم إليه - كضرب ونصر - إذا أتوه من كل جانب.
والالب أيضا الجمع الكثير من الناس، وأصله المصدر فسمى به، قال حسان بن ثابت للنبى صلى الله عليه وسلم: - الناس ألب علينا فيك ليس لنا * * إلا السيوف وأطراف القناوزر (3) الاجل - بكسر الهمزة وسكون الجيم -: القطيع من بقر الوحش والظبا، وتأجلت البهائم: صارت آجالا، قال لبيد بن ربيعة العامري: - والعين ساكنة على أطلائها * * عوذا تأجل بالفضاء بهامها (4) الاكليل - بكسر الهمزة وسكون الكاف - شبه عصابة مزينة بالجواهر، وهو التاج أيضا، ولما كان التاج والعصابة يحيط كل منهما بالرأس صح أن يسمى كل ما أحاط بشئ إكليلا على سبيل التشبيه، وأن يشتق له من ذلك فعل أو وصف، من ذلك تسميتهم اللحم المحيط بالظفر إكليلا، ومن ذلك قولهم روضة مكللة: أي محفوفة بالنور، وعمام مكلل: أي محفوف بقطع من السحاب، فتقول: تكلل النور والسحاب: أي صار كل منهما إكليلا، أي محيطا.
ولم نعثر على الفعل المطاوع (بفتح الواو) لهذا إلا في شعر لا يحتج به، فالظاهر أن المؤلف مثل بتأجل الوحش وتكلل للمطاوع (بكسر الواو) تقديرا (*)


قال: " وانفعل لازم مطاوع فعل نحو كسرته فانكسر، وقد جاء (مطاوع أفعل نحو) أسفقته فأسفق وأزعجته فانزعج، قليلا، ويختص بالعلاج والتأثير، ومن ثم قيل انعدم خطأ " أقول: باب انفعل لا يكون إلا لازما، وهو في الاغلب مطاوع فعل، بشرط أن يكون فعل علاجا: في من الافعال الظاهرة، لان هذا الباب موضوع
للمطاوعة، وهى قبول الاثر، وذلك فيما يظهر للعيون كالكسر والقطع والجذب أولى وأوفق، فلا يقال علمته فانعلم، ولا فهمته فانفهم، وأما تفعل فانه وإن وضع لمطاوعة فعل كما ذكرنا، لكنه إنما جاز نحو فهمته فتفهم وعلمته فتعلم، لان التكرير الذى فيه كأنه أظهره وأبرزه حتى صار كالمحسوس، وليس مطاوعة انفعل لفعل مطردة في كل ما هو علاج، فلا يقال: طردته فانطرد، بل طردته فذهب وقد يجئ مطاوعا لافعل نحو أزعجته فانزعج، وهو قليل، وأما انسفق فيجوز أن يكون مطاوع سفقت الباب: أي أوردته لان سفقت وأسفقت بمعنى قال: " وافتعل للمطاوعة غالبا نحو غممته فاغتم، وللاتخاذ نحو اشتوى وللتفاعل نحو اجتوروا، وللتصرف نحو اكتسب ".
أقول: قال سيبويه: الباب في المطاوعة انفعل، وافتعل قليل، نحو جمعته فاجتمع، ومزجته فامتزج قلت: فلما لم يكن موضوعا للمطاوعة كانفعل جاز مجيئه لها في غير العلاج، نحو غممته فاغتم ولا تقول فانغم (1) ويكثر إغناء افتعل عن انفعل في مطاعوة ما فاؤه لام أو راء أو واو أو نون
__________
(1) في اللسان عن سيبويه أنك تقول: اغتم وانغعم.
قال سيبويه " وهى عربيه " (*)


أو ميم، نحو لامت الجرح، أي: أصلحته، فالتأم، ولا تقول انلام، وكذا رميت به فارتمى، ولا تقول انرمى، ووصلته فاتصل، لا أنوصل، ونفيته فانتفى انفي، وجاء امتحى وامحى (1)، وذلك لان هذه الحروف مما تدغم النون الساكنة فيها، ونون انفعل علامة المطاوعة فكره طمسها، وأما تاء افتعل في نحو ادكروا طلب فلما لم يختص بمعنى من المعاني كنون انفعل صارت كأنها ليست
بعلامة، إذ حق العلامة الاختصاص قوله " وللاتخاذ " أي: لاتخاذك الشئ أصله، وينبغى أن لا يكون ذلك الاصل مصدرا، نحو اشتويت اللحم: أي اتخذته شواء، وأطبخ الشئ: أي جعله طبيخا، واختبز (2) الخبز: أي جعله خبزا، والظاهر أنه لاتخاذك الشئ أصله لنفسك، فاشتوى اللحم: أي عمله شواه لنفسه، وامتطاه: أي جعله لنفسه مطية، وكذا اغتذى وارتشى (3) واعتاد قوله " وللتفاعل " نحو اعتوروا: أي تناوبوا، واجتوروا: أي تجاوروا، ولهذا لم يعل، لكونه بمعنى ما لا يعمل
__________
(1) الذى في جميع النسخ " انمحى " بالنون الظاهرة والذى في القامس واللسان " امحى " بابدال النون ميما وإدغامها في الميم، قال في اللسان: " والاصل فيه انمحى، وامتحى لغة رديئة " اه (2) كان الاولى أن يقول: اختبز الدقيق: أي عالجه حتى جعله خبزا، ولعله أطلق الخبز على الدقيق باعتبار ما يؤول إليه الامر (3) في اللسان: " غذاه وغذوا وغذاه بالتضعيف فاغتذى وتغذى " اه وهو ظاهر في أن اغتذى مطاوع غذا وليس للاتخاذ كما ذهب إليه المؤلف، ولم نعثر على نحو قولك اغتذى الشئ، حتى يصير معناه اتخذه غذاء، وفى اللسان أيضا: " رشاه يرشوه رشوا: أعطاه الرشوة (مثلثة الراء)، وارتشى منه رشوة، إذا أخذها " اه وهو ظاهر أيضا في المطاوعة لا الاتخاذ.
وأما اعتاد فقد ورد بمعنى الاتخاذ نحو اعتاد الشئ جعله عادة له، وورد مطاوعا أيضا نحو عودته (بالتضعيف) فاعتاد (*)


قوله " وللتصرف " أي: الاجتهاد والاضطراب في تحصيل أصل الفعل، فمعنى كسب أصاب، ومعنى اكتسب اجتهد في تحصيل الاصابة بأن زاول أسبابها، فلهذا قال الله تعالى: (لها ما كسبت) أي: اجتهدت في الخير أو لا فانه
لا يضيع (وعليها ما اكتسبت) أي: لا تؤاخذ إلا بما اجتهدت في تحصيله وبالغت فيه من المعاصي، وغير سيبويه لم يفرق بين كسب واكتسب وقد يجئ افتعل لغير ما ذكرنا مما لا يضبط، نحو ارتجل الخطبة، ونحوه قال " واستفعل للسؤال غالبا: إما صريحا نحو استكتبته، أو تقديرا نحو استخرجته، وللتحول نحو استحجر الطين، و * إن البغاث بأرضنا يستنسر * وقد يجئ بمعنى فعل نحو قر واستقر " أقول: قوله " أو تقديرا نحو استخرجته " تقول: استخرجت الوتد، ولا يمكن ههنا طلب في الحقيقة، كما يمكن في " استخرجت زيدا " إلا أنه بمزاولة إخراجه والاجتهاد في تحريكه كأنه طلب منه أن يخرج، فقولك أخرجته لا دليل فيه على أنك أخرجته بمرة واحدة أو مع اجتهاد، بخلاف استخرج، وكذلك " استعجلت زيدا " أي: عجلته، فإذا كان بمعنى عجلت (1) فكأنه طلب العجلة من نفسه، ومن مجاز الطلب قولهم: استرفع الخوان، واسترم البناء، واسنرقع الثوب (2)
__________
(1) تقول: عجلت عجلا - كفرح فرحا - وعجلة، ومنه قوله تعالى (وعجلت إليك رب لترضى) وتقول أيضا: عجل - بالتضعيف - وتعجل بمعناه: أي أسرع.
ويأتى عجل - بالتضعيف - وتعجل متعديين أيضا: بمعنى طلب العجلة، والذى في كلام المؤلف يجوز أن يكون مخففا مكسور العين، وأن يكون مضعفا لازما.
(2) الخوان - ككتاب وغراب -: ما يوضع عليه الطعام، وضع أو لم يوضع، (*)


ويكون للتحول إلى الشى حقيقة، نحو استحجر الطين: أي طار حجرا حقيقية، أو مجازا: أي صار كالحجر في الصلابة، وإن البغاث بأرضا يستنسر (1) أي: يصير كالنسر في القوة، والبغاث - مثيلث الفاء - ضعاف الطير قوله " بمعنى فعل " نحو قر واستقر، ولابد في استقر من مبالغة
ويجى أيضا كثيرا للاعتقاد في الشئ أنه على صفة أصله، نحو استكرمته: أي اعتقدت فيه الكرم، واستسمنته: أي عددته ذا سمن، واستعظمته: أي عددته ذا عظمة ويكون أيضا للاتخاذ كما ذكرنا في افتعل، نحو استلام (2)
__________
والمائدة: ما يكون عليه الطعام، وقيل: الخوان والمائدة واحد.
قال الليث: هو معرب، وقولهم: استرفع الخوان (بالرفع) معناه حان له أن يرفع.
واسترم البناء: حان له أين يرم، إذا بعد عهده بالتطيين والاصلاح.
واسترقع الثوب: حان له أن يرقع، وقد رأى المؤلف ن هذه الحينونة تشبه أن تكون طلبا، لان هذه الاشياء لما أصبحت في حالة تستوجب حصول أصل الفعل (وهو ههنا الرفع والرم والرقع) صارت كأنها طلبت ذلك (1) هذا مثل يضرب للضعيف يصير قويا، وللذليل يعز بعد الذل، وفى اللسان " يضرب مثلا للئيم يرتفع أمره، وقيل: معناه من جاوزنا عز بنا ".
والبغاث: اسم جنس واحدته بغاثة وهو ضرب من الطير أبيض بطئ الطيران صغير دوين الرخمة، ويستنسر: يصير كالنسر في القوة عند الصيد، يصير ولا يصاد.
وجمع البغاث بغثان (كرغفان) (2) اللاءمة - بفتح اللام وسكون الهمزة وربما خففت - أداة من أدوات الحرب، قيل: هي الدرع، وقيل: جميع أدوات الحرب من سيف ودرع ورمح ونبل وبيضة ومغفر يسمى لامة، ويقال: استلام الرجل، إذا لبس اللاءمة، (*)


وقد يجئ لمعان أخر غير مضبوطة وأما أفعل فالاغلب كونه للون أو العيب الحسى اللازم (1) وافعال في اللون والعيب الحسى العارض، وقد يكون الاول فيما اشتق منه، نحو اعشوشبت الارض: أي صارت ذات عشب (2)
كثير، وكذا اغدودن (3) النبت، وقد يكون متعديا، نحو اعروريت الفرس (4) وافعول بناء مرتجل ليس منقولا من فعل (5) ثلاثى، وقد يكون متعديا كاعلوط: أي علا، ولازما كاجلوذ واخروط: أي أسرع (6) وكذا افعنلى مرتجل، نحو
__________
وحكى أبو عبيدة أنه يقال: تلام - بتضعيف الهمزة - أيضا (1) المراد باللازم في هذا الموضع ما لا يزول والمراد بالعارض ما يزول (2) العشب: هو الكلاء مادام رطبا، واحدته عشبة (كغرفة) وقال أبو حنيفة الدينورى: العشب: كل ما أباده الشتاء وكان بناته ثانية من أرومة وبذر.
(3) يقال: اغدودن النبت، إذا اخضر حتى يضرب إلى السواد من شدة ريه قال أبو عبيد: المغددون: الشعر الطويل، وقال أبو زيد: شعر مغدودن: شديد السواد ناعم.
(4) اعرورى الفرس: صار عريا، واعرورى الرجل الفرس: ركبه عريا، فهو لازم متعد، ولا يستعمل إلا مزيدا، وقد استعاره تأبط شرا لركوب المهلكة فقال: - يظل بموماة ويمسى بغيرها * * جحيشا، ويعرورى ظهور المهالك (5) مراده بهذا أنه ليس واحد مما ذكر من الامثلة منقولا عن فعل ثلاثى مشترك معه في أصل معناه، فأما المادة نفسها بمعنى آخر فلا شأن لنا بها، وأكثر ما ذكر من الامثلة قد ورد لها أفعال ثلاثية ولكن بمعان أخر.
(6) قول الشارح " أي اسرع " تفسير لا جلوذ واخروط جميعا (*)


اغرندى (1)، وقد يجئ افعوعل كذلك، نحو إذ لولى: أي استتر (2)، وكذا افعل وافعال يجيئان مرتجلين، نحو اقطر واقطار: أي أخذ في الجفاف وجميع الابواب المذكورة يجئ متعديا ولازما، إلا انفعل وافعل وافعال واعلم أن المعاني المذكورة للابواب المتقدمة هي الغالبة فيها، وما يمكن ضبطه،
وقد يجئ كل واحد منها لمعان أخر كثيرة لا تضبط كما تكررت الاشارة إليه قال: " وللرباعي المجرد بناء واحد نحو دحرجته ودربخ، وللمزيد فيه ثلاثة: تدحرج، واحرنجم، واقشعر، وهى لازمه " أقول: دربخ: أي خضع، وفعلل يجئ لازما ومتعديا، وتفعلل مطاوع فعلل المتعدى كتفعل لفعل، نحو دحرحته فتدحرج، واحر نجم في الرباعي كانفعل في الثلاثي، واقشعر واطمأن من القشعريرة والطمأنينة، كاحمر في الثلاثي، وافعنلل المحلق باحر نجم كاقعنس غير متعد مثل المحلق به، وكذا تجورب وتشيطن الملحقان بتدحرج، وكذا احر نبى المحلق باحر نجم، وقد جاء متعديا في قوله: - 13 - إنى أرى النعاس يغرندينى * * أطرده عنى ويسر ندينى (3)
__________
(1) تقول اغرنداه واغرندى عليه، إذا علاه بالشتم والضرب والقهر، وإذا غلبه، وقد وقع في بعض نسخ الاصل بالعين المهملة ولم نجد له أصلا في كتب اللغة (2) هذا الذى ذكره المؤلف في اذلولى أحد وجهين، وهو الذى ذكره سيبويه رحمه الله، فمادتها الاصلية على هذا (ذل ي) زيد فيه همزة الوصل أولا وضعفت العين وزيدت الواو فارقة بين العينين، والوجه الثاني أن أصوله (ذل ل)، وأن الاصل فيه ذل يذل ذلا، ثم ضعفت العين فصار ذلل يذلل تذليلا، ثم استثقل ثلاثة الامثال فقلبو الثالث ياء، كما قبلوا في نحو تظنى وتقضى وربى، وأصلها تظنن وتقضض وربب، ثم زيدت فيه الواو وهمزة الوصل فوزنه افعوعل أيضا، ولكن على غير الوجه الاول.
(3) هذا بيت من الرجس استشهد به كثير من النحاة منهم أبو الفتح بن (*)


وكأنه محذوف الجار: أي يغرندي على، ويسرندى على: أي يغلب ويتسلط
واعلم أن المعاني المذكورة للابنية المذكورة ليس مختصة بمواضيها، لكنه إنما ذكرها في باب الماضي لانه أصل الافعال قال: " المضارع بزيادة حرف المضارعة على الماضي، فإن كان مجردا على فعل كسرت عينه أو ضمت أو فتحت إن كان العين أو اللام حرف حلق غير واف، وشذ أبى يأبى، وأما قلى يقلى فعامرية (1) وركن
__________
جنى والسخاوى وابن هشام، ولم ينسبه واحد منهم، ويروى: - قد جعل النعاس يغرندينى * * أدفعه عنى ويسرندينى ويغرندينى ويسرندينى كلاهما بمعنى يغلبنى، وقد اختلف العلماء في تخريجه، فجعله جماعة كالمؤلف من باب الحذف والايصال، وجعله ابن هشام شاذا، وجعله ابن جنى صحيحا لا شذوذ فيه، وقسم افعنلى إلى متعد ولازم، قال: " افعنليت على ضربين متعد وغير متعد، فالمتعدى نحو قول الراجز (وذكر البيت)، وغير المتعدى نحو قولهم: احر بنى الديك " اه ومثله للسخاوي في شرح المفصل، والجوهري في الصحاح.
(1) الذى في اللسان: " قلاه يقليه (كرماه يرميه)، وقليه يقلاه (كرضيه يرضاه).
وحكى سيبويه قلاه يقلاه (كنهاه ينهاه) قال: وهو نادر، وله نظائر حكاها، شبهوا الالف بالهمزة، وحكى ابن الاعرابي لغة رابعة وهى قلوته أقلوه (كدعوته أدعوه)، وأنكرها ابن السكيت فقال: يقال قلوت البر والبسر وبعضهم يقول قليت، ولا يكون في البغض إلا قليت " اه كلامه ملخصا.
وقوله " وله نظائر " منها أبى بأبى، وغشى يغشى، وشجب يشجى، وجبى يجبى، كل هذه قد جاءت في بعض اللغات بفتح عين الماضي والمضارع.
وقوله: " شبهوا الالف بالهمزة " هذا وجه آخر غير الذى ذكره المؤلف، وحاصله أن فتح العين في الماضي ليس للاعلال ولكن لاقتضاء ما أشبه حرف الحلق إياها، وسيأتى بيان
ما ذكره المؤلف (*)


يركن من التداخل (1)، ولزموا الضم في الاجوف بالواو المنقوص بها، والكسر فيهما بالياء، ومن قال طوحت وأطوح وتوهت وأتوه فطاح يطيح وتاه يتيه شاذ عنده أو من التداخل (2)، ولم يضموا في المثال، ووجد
__________
(1) قد ورد هذا الفعل من باب علم، ومن باب نصر، والمصدر فيهما ركنا وركونا (كفهم ودخول)، وحكى بعضهم لغة ثالثة وهى ركن يركن (كفتح يفتح) وحكى كراع فيه لغة رابعة وهى ركن يركن (بالكسر في الماضي والضم في المضارع)، واختلف في تجريج اللغتين الثالثة والرابعة: فقيل: هما شاذتان، والرابعة أشذ من الثالثة، ونظيرها فضل يفضل، وحضر يحضر، ونعم ينعم، وقيل في اللغتين الثالثة والرابعة: هما من التداخل بين اللغتين الاولى والثانية اه ملخصا من اللسان مع زيادة (2) قد مضى قولنا في هذه الكلمة (ه 1 ص 81) ونزيدك ههنا أن من العرب من يقول: طوحه وطح به، وتوهه (بالتضعيف في الكل)، ومنهم من قال: طيحه وتيهه (بالتضعيف أيضا)، فعلى الاول: الكلمتان من الاجوف الواوى، وعلى الثاني هما من الاجوف اليائى، ومنهم من قال: طاح يطوح، وتاه يتوه، وذلك بناء على أنهما من الاجوف الواوى، وأنهما من باب نصر ينصر، وهو ظاهر، ومنهم من قال: طاح يصيح، وتاه يتيه، فان اعترتهما من الاجوف اليائى فأمرهما ظاهر وهما من باب ضرب يضرب، وإن اعتبرتهما من الاجوف الواوى فهما محل خلاف في التخريج بين العلماء: فقال سيبويه: هما من باب فعل يفعل (بالكسر فيهما) ولم يجز عنده أن يكونا من باب ضرب يضرب، لانه لا يكون في بنات الواو، كراهية الالتباس ببنات الياء، كما لا يكون باب نصر ينصر في بنات
الياء، كراهية الالتباس ببنات الواو، فأصل طاح وتاه وتوه (كفرح) تحركت الواو فيهما وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وأصل يطيح ويتيه يطوح ويتوه (كيضر) نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ثم قلبت الواو ياء لسكونها أثر كسرة، وقال غير سيبويه: الكلمتان من باب ضرب فهما بهذا الاعتبار شاذتان، ووجه الشذوذ فيه أن الاجوف الواوى من باب فعل المفتوح العين (*)


يجد ضعيف، ولزموا الضم في المضاعف المتعدى نحو يشده ويمده (1) وجاء في الكسر في يشده ويعله (2) وينمه ويبته، ولزموه في حبه يحبه وهو قليل (3) "
__________
لا يكون مضارعه الا مضمونا، وقول المؤلف " أو من التداخل " سيأتي ما فيه في كلام الشارح (وانظر ص 127) (1) اعلم أن المد يجئ متعديا بمعنى الجذب، نحو مددت الحبل أمده، والبسط نحو قوله تعالى: (والارض مددناها) وطموح البصر إلى الشئ، لانه قوله تعالى: (ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم)، وبمعنى الامهال، ومنه قوله تعالى: (ويمدهم في طغيانهم يعمهون)، ويجئ لازما بمعنى السيل أو ارتفاع النهار أو كثرة الماء، تقول: مد النهر، إذا سال، وتقول: مد النهار، إذا ارتفع، وتقول: إذا ارتفع أيضا، وظاهر كتب اللغة أنه في كل هذه المعاني من باب نصر، فأما المتعدى فقد جاء على القياس فيه، وأما اللازم فهو حينئذ شاذ (2) العلل (بفتحتين) والعل بالادغام: الشرب بعد الشرب، ويسمى الشرب الاول نهلا، وقد ورد فعل هذا متعديا ولازما، وورد كل من المتعدى واللازم من بابى نصر وضرب: أما مجئ المعتدى كنصر، ومجئ اللازم كضرب فهو القياسي، وأما العكس فيهما فشاذ، وقد جاء هذا الفعل من العلة بمعنى مرض لازما، ولم يسمع فيه الا كسر المضارع على القياس (3) الكثير في الاستعمال أجبته أحبه فأنا محب إياه على مثال أكرمته
أكرمه فأنا مكرمه، والكثير في اسم المفعول محبوب، وقد جاء المحب قليلا في الشعر نحو قول عنترة: - ولقد نزلت، فلا تظنى غيره، * * منى بمنزلة المحب المكرم وقد جاء حبه يحبه (ثلاثيا)، وقد استعمل اللغتين جميعا غيلان بن شجاع النهشلي في قوله: - أحب أبا مروان من أجل تمره * * وأعلم أن الجار بالجار أرفق (*)


أقول: اعلم أن أهل التصريف قالوا: إن فعل يفعل - بفتح العين فيهما - فرع على فعل يفعل أو يفعل - بضمها أو كسرها في المضارع -، وذلك لانهم لما رأوا هذا الفتح لا يجئ إلا مع حرف الحلق، ووجدوا في حرف الحلق معنى مقتضيا لفتح عين مضارع الماضي المفتوح عينه، كما يجئ، غلب على ظنهم أنها علة له، ولما لم يثبت هذا الفتح إلا مع حرف الحلق غلب على ظنهم أنه لا مقتضى له غيرها، إذ لو كان لثبت الفتح بدون حرف الحلق، فغلب على ظنهم أن الفتح ليس شيئا مطلقا غير معلل بشئ، كالكسر والضم، إذ لو كان كذلك لجاء مطلقا بلا حرف حلق أيضا كما يجئ الضم والكسر، وقوى هذا الظن نحو قولهم وهب يهب ووضع يضع ووقع يقع، لانه تمد لهم أن الواو لا تحذف إلا في المضارع المكسور العين، فحكموا أن كل فتح في عين مضارع فعل المفتوح العين لاجل حرف الحلق، ولولاها لكانت إما مكسورة أو مضمومة فقالوا: قياس مضارع فعل المفتوح عينه إما الضم أو الكسر، وتعدى بعض النحاة - وهو أبو زيد - هذا، وقال: كلاهما قياس، وليس أحدهما أولى به من الاخر، إلا أنه ربما يكثير أحدهما في عادة ألفاظ الناس حتى يطرح الاخر
__________
فأقسم لولا تمره ماحببته * * وكان عياض منه أدنى ومشرق قال الجوهري: " وحبه يحبه بالكسر فهو محبوب شاذ، لانه لا يأتي في
المضاعف يفعل بالكسر إلا ويشركه يفعل بالضم ما خلا هذا الحرف " اه لكن ذكر أبو حيان أنه سمع فيه الضم أيضا، فيكون فيه وجهان، وعلى هذا لا يتم قول المؤلف ولزموه في حبه يحبه، ولا تعليل الجوهري شذوذه بعدم مجئ الضم فيه، ولو أنه علل الشذوذ بما هو علته على الحقيقة - وذلك أن القياس المضعف المتعدى (*)


ويقبح استعماله، فإن عرف الاستعمال فذاك، وإلا استعملا معا، وليس على المستعمل شئ، وقال بعضهم: بل القياس الكسر، لانه أكثر، وأيضا هو أخف من الضم وبعد، فاعلم أنهم استعملوا اللغتين في ألفاظ كثيرة كعرش يعرش، ونفر ينفر، وشتم يشتم، ونسل ينسل، وعلف يعلف، وفسق يفسق، وحسد يحسد ويلمز، ويعتل، ويطمث، ويقتر، وغير ذلك مما يطول ذكره وفي الافعال ما يلزم مضارعه في الاستعمال إما الضم وإما الكسر، وذلك إما سماعي أو قياسي، فالسماعي الضم في قتل يقتل، ونصر ينصر، وخرج يخرج، مما يكثر، والكسر في ضرب يضرب، ويعتب (1)، وغير ذلك مما لا يحصى، والقياسي كلزوم الضم في الاجوف والناقص الواويين، والكسر فيهما يائيين وفى المثال اليائى (2) كما يجئ، ومن القاسي الضم في باب الغلبة، كما مر.
ثم نقول: إنما ناسب حرف الحلق - عينا كان أولاما - أن يكون عين المضارع معها مفتوحا لان الحركة في الحقيقة بعض حروف المد بعد الحرف المتحرك بلا فصل، فمعنى فتح الحرف الاتيان ببعض الالف عقيبها، وضمها الاتيان ببعض الواو عقيبها، وكسرها الاتيان ببعض الياء بعدها، ومن شدة تعقب أبعاض هذه الحروف الحرف
__________
ظاهر عبارة المؤلف أن هذا الفعل لم يرد إلا من باب ضرب، وقد نص
في المصباح على أنك تقول: " عتب عليه عتبا من بابى ضرب وقتل، ومعتبا أيضا إذا لامه في تسخطه " ومثله في القاموس واللسان (2) لا وجه لتخصيص المؤلف المثال باليائى لانه سيأتي له أن يبين علة اختصاص المثال مطلقا بباب ضرب، على أن أمثلة المثال الواوى التى وردت من باب ضرب أضعاف أمثلة المثال اليائى منه (*)


المتحرك التبس الامر على بعض الناس فظنوا أن الحركة على الحرف، وبعضهم تجاوز ذلك وقال: هي قبل الحرف، وكلاهما وهم، وإذا تأملت أحسست بكونها بعده، ألا ترى أنك لا تجد فرقا في المسموع بين قولك الغزو - باسكان الزاى والواو - وبين قولك الغز - بحذف الواو وضم الزاى - وكذا قولك الرمى - باسكان الميم والياء - والرم - بحذف الياء وكسر الميم - وذلك لانك إذا أسكنت حرف العلة بلا مد ولا اعتماد عليه صار بعض ذلك الحرف فيكون عين الحركة إذ هي أيضا بعض الحرف، كما قلنا، ثم إن حروف الحلق سافلة في الحلق يتعسر النطق بها، فأرادوا أن يكون قبلها إن كانت لاما الفتحة التى هي جزء الالف التى هي أخف الحروف، فتعدل خفها ثقلها، وأيضا فالالف من حروف الحلق أيضا فيكون قبلها جزء من حرف من حيزها، وكذا أرادوا أن يكون بعد حرف الحلق بلا فصل إن كانت عينان الفتحة الجامعد للوصفين، فجعلوا الفتحة قبل الحلقى إن كان لاما، وبعده إن كان عينا، ليسهل النطق بحروف الحلق الصعبة، ولم يفعلوا ذلك إذا كان الفاء حلقيا: إما لان الفاء في المضارع ساكنة فهى ضعيفة بالسكون (ميتة)، وإما لان فتحة العين إذن تبعد من الفاء، لان الفتحة تكون بعد العين التى بعد الفاء، وليس تغيير حرف الحلق من الضم أو الكسر إلى الفتح بضربة لازب، بل هو أمر استحسانى، فلذلك جاء برأ يبرؤ (1)، وهنأ يهنئ، وغير ذلك، وهى لا تؤثر في فتح ما يلزمه وزن واحد
__________
(1) الذى جاء من باب نصر هو برأ المريض، وقد جاء فيه لغات أخرى إحداها من باب نفع، والثانية من باب كرم، والثالثة من باب فرح، وأما برأ الله الخلق (أي خلقهم) فلم يأت إلا من باب جعل.
قال الازهرى: " ولم نجد فيما لامه همزة فعلت أفعل (من باب نصر ينصر).
وقد استقصى العلماء باللغة هذا فلم يجدوه إلا في هذا الحرف (يريد برأ المريض يبرؤ)، ثم ذكر قرأت أقرؤ، (*)


مطرد، فلذلك لا تفتح عين مضارع فعل يفعل - بضم العين - نحو وضؤ (1) يوضؤ، ولا في ذوات الزوائد مبنية للفاعل أو للمفعول، نحو أبرأ يبرئ (2)، واستبرأ يستبرئ (3) وأبرئ واستبرئ، وذلك لكراهتهم خرم قاعدة ممهدة، وإنما جاز في مضارع فعل لانه لم يلزم هذا المضارع ضم أو كسر، بل كان يجئ تارة مضموم العين، وتارة مكسورها، فلم يستنكر أيضا أن يجئ شئ منه يخالفهما، وهو الفتح، ولما جاء في مضارع فعل - بالكسر - مع يفعل - بالكسر - يفعل - بالفتح - وهو الاكثر، كما يجئ، جوزوا تغيير بعض المكسور إلى الفتح لاجل حرف الحلق، وذلك في حرفين وسع يسع (4) ووطئ يطأ، دون ورع يرع يله ووهل يهل ووغر يغر ووحر يحر (5)، وإيما
__________
وهنأت الابل أهنوها، إذا طليتها بالهناء - وهو ضرب من القطران -، وقد جاء فيه يهنئها ويهنؤها (من بابى ضرب ونفع)، وجاء هنأنز الطعام يهنئني ويهنؤني (من بابى ضرب ونفع أيضا)، إذا أتاك بغير تعب ولا مشقة.
(1) تقول وضؤ يوضؤ وضاءة، إذا صار وضيئا، والوضاءة: الحسن والنظافة (2) تقول: أبرأنه من كذا، وبرأته أيضا (بالتضعيف)، إذا خلصته (3) الاستبراء: الاستنقاء (أي طلب النقاء والبراءة)، والاستبراء أيضا: ألا يطا اجرية ؟ ؟ ؟ حتى تحيض عنده حيضة (4) السعة: نقيض الضيق، وقد وسعه يسعه ويسعه (بفتح السين وكسرها):
وكسر السين في المضارع قليل في الاستعمال مع أنه الاصل، فأصل الفعل بكسر العين في الماضي والمضارع، وإنما فتحها في المضارع حرف الحلق، والدليل على أن أصلها الكسر حذف الواو، ولو كانت مفتوحة العين في الاصل لثبتت الواو وصحت أو قلبت ألفا على لغة من يقول ياجل.
وتقول: وطئ الشئ يطؤه وطئا، إذا داسه، قال سيبويه: " أما وطئ يطأ فمثل ورم يرم ولكنهم فتحوا يفعل وأصله الكسر كما قالوا قرأ يقرأ " اه (5) الورع: التحرج والتقى، وقد ورع يرع ويورع (كيضرب ويفتح) ورعا (*)


لم يغير ماضى فعل يفعل، نحو وضؤ يوضؤ، لانه لو فتح لم يعرف بضم المضارع أن ماضيه كان في الاصل مضموم العين، لان ماضى مضموم العين يكون مضموم العين ومفتوحها، وكلاهما أصل، بخلاف مضارع فعل، فان الفتح في عين الماضي يرشد إلى أن عين المضارع إما مكسورة أو مضمومة، كما تقرر قبل، فيعلم بفتح عين الماضي فرعية فتح عين المضارع، وأما فتحة عين يسع ويطأ فلا يلتبس بالاصلية في نحو يحمد ويرهب، وإن كان فتح عين مضارع فعل - بكسرها - أكثر من الكسر، لان سقوط الواو فيهما يرشد إلى كونهما فرعا للكسرة، وإنما لم تغير لحرف الحلق عين فعل المكسور العين إلى الفتح نحو سئم، لان يفعل في مضارع فعل المفتوح العين فرع كما ذكرنا، وفعل المضموم العين لا يجئ مضارعه مفتوحها، فماضى يفعل المفتوح العين إذن يكون مكسورها مطردا، وقد ذكرنا أن كل ما اطرد فيه غير الفتح لا يغير ذلك كراهة لخرم القاعدة كما في أبرئ ويستبرئ، وأيضا كان يلتبس بفعل يفعل المفتوح الماضي المغير مضارعه لحرف الحلق
__________
ورعة (بكسر الراء) وورعا (بسكون الراء) وفيه لغة أخرى من باب كرم وروعا
ووراعة.
والوله: ذهاب العقل من الحزن ومن السرور، وفعله وله يله ويوله (بالكسر والفتح في المضارع) وفيه لغة أخرى كوعد يعد.
والوهل: الضعف والفزع، والذى يؤخذ من القاموس واللسان أن وهل قد جاء من باب علم يعلم ومن باب ضرب يضرب، وليس فيهما لغة في هذا الفعل كوثق يثق، وهى التى حكاها المؤلف.
والوغر: الحقد والغيظ، والذى في القاموس واللسان أن فعله قد جاء من باب علم يعلم كوجل يوجل، ومن باب ضرب كوعد يعد، وليس فيهما اللغة التى حكاها المؤلف.
والوحر: بمعنى الوغر، وفعله وحر يحر ويوحر (بكسر العين في الماضي وفتحها وكسرها في المضارع)، فالتى ذكرها المؤلف إحدى اللغتين في هذه الكلمة (*)


ثم إن الحروف التى من مخرج الواو، كالباء والميم، من ضرب يضرب وصبر يصبر ونسم (1) ينسم وحمل يحمل، لا تغير كسر العين إلى الضم الذى هو من مخرج الواو، وكذا الحروف التى من مخرج الياء، كالجيم والشين، في شجب يشجب ومجن يمجن ومشق (2) يمشق، لا تحول ضم العين إلى الكسر الذى هو من مخرج الياء، كما فعل حرف الحلق بالضمة والكسرة، على ما تقدم، لان موضعي الواو والياء بمنزلة حيز واحد، لتقارب ما بينهما واجتماعهما في الارتفاع عن الحلق، فكأن الحروف المرتفعة كلها من حيز واحد، بخلاف المستفلة - أي: الحلقية - وأيضا فتحنا هناك لتعديل ثقل الحلقية بخفة الفتحة
__________
(1) نسمت الريح تنسم - من باب ضرب - نسما ونسيما ونسمانا هبت ضعيفة، ونسم البعير بخفه: ضرب، ونسم الشئ - كضرب وعلم -: تغير (2) الواو والباء والميم مخرجها من الشفتين، والياء والجيم والشين مخرجها من بين وسط اللسان ووسط الحنك الاعلى، وحديث المخارج الذى ذكره المؤلف ههنا
يقصد به دفع اعتراض يرد على قوله فيما سبق: " وأيضا فالالف من حروف الحلق أيضا، فيكون قبلها جزء من حرف من حيزها " وحاصله أنه إذا كان فتح العين فيما إذا كانت هي واللام حرفا من حروف الحلق سببه أن الفتحة جزء من الالف التى هي من حروف الحلق قصدا إلى التجانس بين حرف الحلق والحركة التى قبله أو بعده بلا فصل ة فان اطراد العلة يقتضى ضم العين في المضارع الذى تكون عينه أو لامه من مخرج الواو كالباء والميم كما يقتضى كسر عين المضارع الذى تكون عينه أو لامه من مخرج الياء كالجيم والشين، فأجاب المؤلف بهذا الذي ذكره.
وتقول: مجن يمجن - كنصر - مجونا ومجانه ومجنا (بالضم)، إذا كان لا يبالى قولا أو فعلا وتقول: شجب يشجب - كقعد - شجوبا، وشجب يشجب - كفرح - شجبا (بفتحتين) إذا حزن أو هلك، وتقول: شجبه الله يشجبه - كنصره - أي: أهلكه والمشق: السرعة في الطعن والضرب، والاكل، وفى الكتابة مد حروفها، وفعله من باب نصر (*)


قوله " غير ألف " أي: أن فعل يفعل المفتوح عيهما لا يجئ بكون العين ألفا، نحو: قال يقال، مثلا، أو يكون اللام ألفا، نحو: رمى يرمى، لان الالف لا يكون في موضع عين يفعل ولا لامه إلا بعد كون العين مفتوحة، كما في يهاب ويرضى، فإذا كانت الفتحة ثابتة قبل الالف وهى سبب حصول الالف فكيف يكون الالف سبب حصول الفتحة ؟ ! ! " وشذ أبى يأبى " قال بعضهم: إنما ذلك لان الالف حلقية، وليس بشئ لما ذكرنا أن الفتحة سبب الالف فكيف يكون الالف سببها ؟ قال سيبويه: " ولا نعلم إلا هذا (1) الحرف "، وذكر أبو عبيدة جبوت الخراج (2) أجبى،
__________
(1) لعلك تقول: كيف يذكر عن سيبويه أنه لا يعلم كلمة قد جاءت على فعل
يفعل - كنفع يفنع - ولامها ألف وليست عينها حرفا من حروف الحلق إلا أبى يأبى، ثم يذكر عنه بعد ذلك أفعالا أخرى، من هذه البابة، فنقول لك: إنه لا تنافى، لان سيبويه رحمه الله قد ذكر كل هذه الافعال التى نقلها عنه المؤلف، إلا أنه احتج لابي يأبى وخرجه، ولم يحتج لسائر الافعال، لان الاول روى كذلك عن العرب كافة، وأما غيره فلم يثبت عنده إلا من وجيه ضعيف، فلهذا أمسك عن الاحتجاج له.
انظر الكتاب (ج 2 ص 254).
قال أبو سعيد السيرافي: " يدل كلام سيبويه على أنه ذهب في أبى يأبى إلى أنهم فتحوا من أجل تشبيه ما الهمزة فيه أولى بما الهمزة فيه أخيرة " اه.
قال ابن سيده: " إن قوما ما قالوا في الماضي أبى - بكسر العين - فيأبى بفتحها على لغتهم جار على القياس، كنسى ينسى " اه.
قال ابن جنى: وقد قالوا أبى يأبى - كضرب يضرب - وأنشد أبو زيد يا إبلى ماذامه فتأبيه * * ماء رواء ونصى حوليه انتهى كلام ابن جنى.
وأنت خبير أنه على ما حكاه ابن سيده من مجئ أبى من باب علم، وما حكاه ابن جنى من مجيئه من باب ضرب يجوز أن يكون قولهم: أبى يأبى - بالفتح فيهما - من باب تداخل اللغتين (2) الذى في القاموس أن " جبى " قد جاء واويا ويائيا، وأنه في الحالين (*)


وأجبو هو المشهور، وحكى سيبويه أيضا قلى يقلى، والمشهور يقلى بالكسر، وحكى هو وأبو عبيدة عضضت تعض، والمشهور عضضت بالكسر، وحكى غير سيبويه ركن يركن وزكن يزكن، من الزكن (1)، وزكن بالكسر أشهر، وحكى أيضا غسا الليل - أي: أظلم - يغسى، وشجا يشجى، وعثا (2) يعثى، وسلا يسلا، وقنط يقنط، ويجوز أن يكون غسا وشجا وعثا وسلا طائية كما في قوله: -
*...بنت على الكريم (3) *
__________
من باب سعى ورمى، ولم يذكر " يجبو " في الواوى، فإذا صح نقله فيهما كان مجئ الواوى من باب رمى شاذا كما أن مجيئه فيهما من باب سعى شاذ، وقال في اللسان: " جبا الخراج يجباه ويجبيه: جمعه، وجباه يجباه مما جاء نادرا مثل أبى يأبى، وذلك أنهم شبهوا الالف في آخره بالهمزة في قرأ يقرأ وهدأ يهدأ " اه فليس فيه يجبوه أيضا، فيجبوه غير معروف في كتب اللغة التى أيدينا وإن كان هو القياس، ثم اطلعنا بعد ذلك على قول ابن سيده في لمخصص (ج 14 ص 211): " وقد حكى أبو زيد في كتاب المصادر جبوت الخراج أجباه وأجبوه " اه (1) الزكن - بفتحتين - العلم أو الظن أو التفرس، ولم يحك في القاموس فعله إلا من باب فرح (2) عثى: أفسد، وقد جاء على ثلاث لغات كرمى ودعا وأبى، والاخيرة نادرة، وهى محل الكلام، وقد حكيت هذه اللغات الثلاث في غسى الليل أيضا.
وأما سلى فقد حكى فيه ثلاث لغات كدعا ورضى ورمى، ولم يذكروه كسعى، وهو الذى ذكره المؤلف.
وأما شجا، فقد حكوه متعديا كدعا ولازما كفرح ولم يذكروه كسعى: فأن صح ما ذكره المؤلف جاز أن يكون من باب التداخل وأن يكون على لغة طئ (3) هذه قطعة من بيت من بحر المنسرح وهو بتمامه: (*)


لانه جاء عثى يعثى وغسى يغسى وشجى يشجى وسلى يسلى وأما قلى فلغة ضعيفة عامرية، والمشهور كسر مضارعه، وحكى بعضهم قلى يقلى - كتعب يتعب - فيمكن أن يكون متداخلا، وأن يكون طائيا، لانهم يجوزون قلب الياء ألفا في كل ما آخره ياء مفتوحة فتحة غير إعرابية مكسور ما قبلها،
نحو بقى في بقى، ودعى في دعى، وناصاة في ناصية (1) وأما زكن يزكن بالزاى إن ثبت فشاذ، وكذا ما قرأ الحسن: (ويهلك الحرث) بفتح اللام، وركن يركن كما حكاه أبو عمرو من التداخل، وذلك لان ركن يركن - بالفتح في الماضي والضم في المضارع - لغة مشهورة، وقد حكى أبو زيد عن قوم ركن بالكسر يركن بالفتح، فركب من اللغتين ركن يركن بفتحهما، وكذا قال الاخفش في قنط يقنط لان قنط يقنط كيقعد ويجلس مشهوران، وحكى قنط يقنط كتعب يتعب قوله " ولزموا الضم في الاجوف بالواو والمنقوص بها "، إنما لزموا الضم فيما ذكر حرصا على بيان كون الفعل واويا، لا يائيا، إذ لو قالوا في قال وغزا: يقول ويغزو، لوجب قلب واو المضارعين ياء لما مر من أن بيان البنية عندهم أهم من الفرق بين الواوى واليائى، فكان يلتبس إذن الواوى باليائى في الماضي والمضارع ولهذا بعينه التزموا الكسر في الاجوف والناقص اليائيين، إذ لو قالوا في باع ورمى:
__________
نستوقد النبل بالحضيض ونصطاد نفوسا بنت على الكرم وهو بيت لرجل من بنى القين بن جسر، والنبل: السهام، ومعنى " نستوقد النبل " نرمى بها رميا شديدا فتخرج النار لشدة رمينا وقوة سواعدنا، والحضيض: الجبل أو قراره وأسفله، وأراد بقوله " نفوسنا بنت على الكرم " أنه إنما يقتل الرؤساء والسادة.
(1) الناصية: شعر مقدم الرأس (*)


يبيع ويرمى لوجب قلب الياء واوا لبيان البنية، فكان يلتبس بالواوى اليائى في الماضي والمضارع فان قلت: أليس الضمة في قلت والواو في غزوت وغزوا والكسرة في بعت
والياء في رميت ورميا تفرقان في الماضي بين الواوى واليائى ؟ ؟ قلت: ذلك في حال التركيب، ونحن نريد الفرق بينهما حال الافراد فان قلت: أليس يلتبسان في الماضي والمضارع في خاف يخاف من الخوف وهاب يهاب من الهيبة وشقي يشقى من الشقاوة وروى يروى ؟ ؟ قلت: بلى، ولكنهم لم يضمؤا في واوى هذا الباب ولم يكسروا في يائيه، لان فعل المسكور العين اطرد في الاغلب فتح عين مضارعه، ولم ينكسر إلا في لغات قليلة كما يجئ، فلم يقلبه حرف العلة عن حاله، بخلاف فعل بالفتح فان مضارعه يجئ مضموم العين ومكسورها، فأثر فيه حرف العلة بالزام عينه حركة يناسبها ذلك الحرف، وهذا كما تقدم من أن حرف الحلق لم يغير كسرة ينبئ ويستنبئ لما اطرد فيهما الكسر فاما إن كان لام الاجوف اليائى أو عين الناقص اليائى - حلقيا، نحو شاء يشاء وشاخ يشيخ وسعى يسعى وبغى يبغى فلم يلزم كسر عين المضارع فيه كما لزم في الصحيح كما رأيت، وكذا إن كان عين الناقص الواوى حلقيا نحو شأى يشأى - أي: سبق - ورغا يرغو (1) لم يلزم ضم عين مضارعه كما لزم في الصحيح على ما رأيت، وذلك لان مراعاة التناسب في نفس الكلمة بفتح العين للحلقى، كما ذكرنا، مساوية للاحتراز من التباس الواوى باليائى، وما عرفت أجوف واويا حلقى اللام من (باب) فعل يفعل بفتحهما، بل الضم في عين المضارع لازم، نحو ناء ينوء وناح ينوح
__________
(1) رغا البعير والناقة يرغوا رغاء: صوت (*)


ولنا أن نعلل لزوم الضم في عين مضارع نحو قال وغزا، ولزوم الكسر في عين مضارع نحو باع ورمى، بأنه لما ثبت الفرق بين الواوى واليائى في مواضى
هذه الافعال أتبعوا المضارعات إياها في ذلك، وذلك أن ضم قلت وكسر فاء بعت للتنبيه على الواو والياء، ونحو دعوت ودعوا يدل على كون اللام واوا، ونحو رميت ورميا يدل على كونها ياء، وأما نحو خفت تخاف وهبت تهاب وشقي يشقى وروى يروى وطاح يطيح عند الخليل (1) فإن أصله عنده طوح يطوح كحسب يحسب فلما لم يثبت في مواضى هذه الافعال فرق بين الواوى واليائى في موضع من المواضع لم يفرق في مضارعاتها قوله " ومن قال طوحت وأطوح وتوهت وأتوه " اعلم أنهم قالوا: طوحت - أي: أذهب وحيرت - وطيحت بمعناه، وكذا توهت وتيهت بمعناهما، وهو أطوح منك وأطيح، وأتوه وأتيه، فمن قال طيح وتيه فطاح يطيح وتاه يتيه عنده قياس كباع يبيع، ومن قال طوح وأطوح منك وتوه وأتوه منك فالصحيح كما حكى سيبويه عن الخليل أنهما من باب حسب يحسب فلا يكونان أيضا شاذين ومثله آن يئين من الاوان: أي حان يحين (2)، ولو كان طاح فعل واويا كقال
__________
(1) انظر (ص 81، ص 115) (2) قال سيبويه رحمه الله تعالى (ج 2 ص 361): " وأما طاح يطيح وتاه يتيه فزعم الخليل أنهما فعل يفعل بمنزلة حسب يحسب وهى من الواو، يدلك على ذلك طوحت وتوهت (بالتضعيف) وهو أطوح منه وأتوه منه، فانما هي فعل يفعل من الواو كما كانت منه فعل يفعل (بفتح عين المضارع) ومن فعل يفعل اعتلتا، ومن قال: طيحت وتيهت، فقد جاء بها على باع يبيع مستقيمة، وإنما دعاهم إلى هذا الاعتلال ما ذكرت لك منكثرة هذين الحرفين، فلو لم يفعلوا ذلك وجاء على الاصل أدخلت الضمة على الياء والواو، والكسرة عليهما في فعلت (بالضم) وفعلت (بالكسر) ويفعل (بالضم) ويفعل (بالكسر) ففروا من أن يكثر هذا


لوجب أن يقال: طحت - بضم الطاء - ويطوح، ولم يسمعا، وكذا لم يسمع تهت ويتوه، وقال المصنف " من قال طوح وتوه فطاح يطيح وتاه يتيه شاذان " بناء على أن الماضي فعل بفتح العين، ووجه الشذوذ فيه أن الاجوف الواوى من باب فعل المفتوح العين لا يكون مضارعه إلا مضمومها وفى بعض نسخ هذا الكتاب " أو من التداخل " وكأنه ملحق وليس من المصنف، وإنما وهم من ألحقه نظرا إلى ما في الصحاح أنه يقال: طاح يطوح، فيكون أخذه من طاح يطوح الواوى الماضي، ومن طاح يطيح اليائى المضارع فصار طاح يطيح، والدى ذكره الجوهرى من يطوح ليس بمسموع (1)، ولو ثبت طاح يطوح لم يكن طاح يطيح مركبا (2)، بل كان يطوح كقال يقول وطاح يطيح كباع يبيع، وليس ما قال المصنف من الشذوذ بشئ، إذ لو كان
__________
في كلامهم مع كثرة الياء والواو، فكان الحذف والاسكان أخف عليهم، ومن العرب من يقول: ما أتيهه وتيهت وطيحت، وقال: آن يئين، فهو فعل يفعل (كحسب يحسب) من الاوان وهو الحين " اه (انظر: ص 81، وص 115 من هذا الجزء) (1) لقد تبع الجوهرى في ذلك كثير من أئمة اللغة كالمجد وابن منظور والرازي على أن الجوهرى وحده كاف في إثبات يطوح لانه نقل ما صح عنده من لغة العرب، وهو يقول: " قد أودعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة " ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (2) إن كان غرض المؤلف من هذا الكلام أن التركيب حينئذ لا محوج له، لان الاولى حمل الواوى على باب نصر واليائى على باب ضرب كما هو القياس المطرد في اللغة فهذا كلام مسلم لاشية فيه، وإن كان غرضه أن التركيب حينئذ غير ممكن فلا نسلم له ذلك، لان من الممكن أن نأخذ الماضي من الواوى على لغة من قال
طوح ونأخذ المضارع من اليائى (*)


طاح كقال لقيل طحت كقلت بضم الفاء، ولم يسمع، والاولى أن لا تحمل الكلمة على الشذوذ ما أمكن قوله " ولم يضموا في المثال " يعنى معتل الفاء الواوى واليائى، فلم يقولوا وعد يوعد ويسر ييسر، لان قياس عين مضارع فعل المفتوح العين على ما تقدم إما الكسر أو الضم، فتركوا الضم استثقالا لياء يليها أو واو بعدها ضمة، إذ فيه اجتماع الثقلاء، ألا ترى إلى تخفيف بعضهم واو يوجل وياء ييأس بقلبهما ألفا نحو ياجل وياءس، وإن كان بعدهما فتحة وهى أخف الحركات، فكيف إذا كانت بعدهما ضمة ؟ فان قلت: أو ليس ما فروا إليه أيضا ثقيلا، بدليل حذف الواو (نحو) يعد وجوبا وحذف ياء (نحو) ييسر عند بعضهم، كما يجئ في الاعلال ؟ قلت: بلى، ولكن ويل أهون من ويلين فان قلت: فإذا كان منتهى أمرهم إلى الحذف للاستخفاف، فهلا بنوا بعضه على يفعل أيضا بالضم وحذفوا حرف العلة حتى تخف الكلمة كما فعلوا ذلك بالمكسور العين ؟ قلت: الحكمة تقتضي إذا لم يكن بد من الثقيل أو أثقل منه أن تختار الثقيل على الاثقل، ثم تخفف الثقيل، لا أن تأخذ الاثقل أولا وتخففه فان قلت: أو ليس قد قالوا: يسر ييسر (1) من اليسر ووسم يوسم ؟ قلت: إنما بنوهما على هذا الاثقل إذ لم يكن لفعل المضموم مضارع
__________
(1) قد قالوا: يسر ييسر فهو يسير، إذا قل، وإذا سهل، وبابه كرم، وقالوا أيضا: يسر ييسرا من باب فرح، بالمعنى السابق، وقالوا: يسر الرجل ييسر
من باب ضرب فهو ياسر، إذا لعب الميسر، ومنهم من قال: يسر يسر بحذف الياء التى هي فاء الكلمة في هذا المعنى الاخير (*)


إلا مضموم العين، فكرهوا مخالفة المعتل الفاء لغيره بكسر عنى مضارعة، بخلاف فعل مفتوح العين، فان قياس مضارعه إما كسر العين أو ضمها على ما تكرر الاشارة إليه، فأثر فيه حرف العلة بالزام عين مضارعه الكسر.
فان قلت: فلما ألجئوا في فعل المضموم العين إلى هذا الاءثقل فهو خففوه بحذف الفاء ؟ قلت: تطبيا للفظه بالمعنى، وذلك أن معنى فعل الغريزة الثابتة والطبيعة اللازمة، فلم يغيروا اللفظ أيضا عن حاله لما كان مستحق التغيير بالحذف فاء الكلمة وهى بعيدة عن موضع التغيير، إذ حق التغيير في آخر الكلمة أو فميا يجاور الاخر، فلذلك غير في طال يطول وسرو يسرو (1)، وإن كانا من باب فعل أيضا، وأما وهب يهب ووضع يضع ووقع يقع وولغ يلغ فالاصل (2) فيها كسر عين المضارع، وكذا وسع يسع ووطئ يطأ، فحذف الواو، ثم فتح العين لحرف الحلق، وكذا ودع - أي ترك - يدع والماضي لا يستعمل إلا ضرورة (3)، قال: -
__________
(1) تقول سر ويسرو - ككرم يكرم - وسرا يسرو - كدعا يدعو - وسرى يسرى - كرضى يرضى - إذا كان شريفا ذا مروءة (2) المراد بالاصل هنا الحالة الاولى السابقة على الحذف، وليس المراد به الغالب والكثير (3) قول المؤلف " والماضي لا يستعمل إلا ضرورة " يخالفه قوله في باب الاعلال: " ويدع مثل يسع، لكنه أميت ماضيه " فان مقتضاه أنه لم يسعمل في نثر ولا نظم
ومقتضى قوله هنا: " لا سيتعمل إلا ضرورة " أنه يستعمل في الشعر، هذا، وقد زاد غير المؤلف أنه لم يستعمل مصدر هذا الفعل ولا اسم فاعله ولا اسم مفعوله وكل ذلك غير صحيح، فقد قرأ عروة بن الزبير، ومجاهد، ومقاتل، وابن أبي عبلة، ويزيد النحوي (وما ودعك ربك وما قلى) بالتخفيف، وجاء في الحديث: (*)


15 - ليت شعري عن خليلي من الذى * غاله في الحب حتى ودعه (1) وحمل يذر على يدع لكونه بمعناه (2)، ولم يستعمل ماضيه لا في السعة ولا في الضرورة
__________
" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم " قال ابن الاثير في النهاية: " أي عن تركهم إياها والتخلف عنها، يقال: ودع الشئ يدعه ودعا، إذا تركه، والنحاة يقولون: إن العرب أماتوا ماضي يدع ومصدره واستغنوا عنه بترك، والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح، وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله، فهو شاذ في الاستعمال فصيح في القياس " اه كلام ابن الاثير.
ومن مجئ اسم الفاعل ما أنشده ابن برى من قول معن بن أوس: عليه شريب لين وادع العصا * يساجلها حماته وتساجله وما أنشده الفارسي في البصريات: فأيهما ما أتبعن فانني * حزين على ترك الذي أنا وادعه وقد استشهد الجوهري على مجئ اسم المفعول من هذا الفعل بقول خفاف ابن ندبة: إذا ما استحمت أرضه من سمائه * جرى وهو مودوع وواعد مصدقى (1) هذا البيت من كلام أبي الاسود الدؤلى، قاله ابن برى، وقال الازهري: إنه لانس بن زنيم الليثي، وأنشد معه بيتا آخر، وهو قوله:
لا يكن برقك برقا خلبا * إن خير البرق ما الغيث معه والشاهد فيه مجئ ودع ماضيا مخففا، ومثله قول سويد بن أبي كاهل اليشكري: سل أميري ما الذي غيره * عن وصالي اليوم حتى ودعه وقول الاخر: فسعى مسعاته في قومه * ثم لم يدرك ولا عجزا ودع (2) اعلم أنهم استعملوا الفعل المضارع من هذه المادة فقالوا: يذر، ومنه قوله (*)


فان قيل: فهلا حذفت الواو من يوعه أوعد مع أن الضمة أثقل قلت: بل الضمة قبل الواو أخف من الفتحة قبلها للمجانسة التي بينهما وإنما لم تحذف الياء من نحو ييئس إذ هو أخف من الواو، على أن بعض العرب يجرى الياء مجرى الواو في الحذف، وهو قليل، فيقول: يسر يسر ويئس يئس بحذب الياء قوله " ووجد يجد ضعيف " هي لغة بني عامر، قال لبيد بن ربيعة العامري: - 16 - لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة * تدع الصوادى لا يجدن غليلا (1)
__________
تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) واستعملوا منه الامر فقالوا: ذر، ومنه قوله تعالى (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقوله (ذرني والمكذبين) ولم يستعملوا منه اسم فاعل ولا اسم مفعول ولا مصدرا ولا فعلا ماضيا، وهذا المضارع المسموع قد ورد بالفتح، إلا ما حكى عن بعضهم من قوله: " لم أذر ورائي شيئا "، ومقتضى القواعد المقررة أن يكون ماضى هذا الفعل المقرر مكسور العين، فيكون فتح عين مضارعه هو الاصل والقياس، وحينئذ فيسأل عن علة حذف الواو، إذ كان المعروف أنها لا تحذف إلا بين الياء والكسرة حقيقة أو تقديرا، وجواب هذا هو الذى عناه المؤلف بقوله: حمل على يدع، يريد أنه
حمل عليه في حذف الواو لكونه بمعناه، إذ ليس فيه نفسه ما يقتضى حذفها، ويمكن أن يقدر أن الماضي مفتوح العين، فيكون قياس المضارع كسر العين، لان المثال الواوي المفتوح العين في الماضي لا يكون إلا من باب ضرب، فيكون حذف الواو جاريا على القياس، لانها وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة أصلية، ويسأل حينئذ عن سر فتح العين في المضارع مع أنه ليس فيه ما يقتضى الفتح فيجاب بأنه حمل على يدع في فتح العين لكونه بمعناه، وفي يدع موجب الفتح وهو حرف الحلق، وهذا يماثل ما قال بعضهم في أبى يأبى: إنه فتحت عينه حملا له على منع يمنع لانه بمعناه (1) تبع المؤلف الجوهري في نسبة هذا البيت للبيد.
قال ابن برى في حواشيه (*)


يجوز أن يكون أيضا في الاصل عندهم مكسور العين كأخواته، ثم ضم بعد
__________
على الصحاح: " الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم "، وكذا نسبه الصاغانى في العباب لجرير، وقد رجعنا إلى ديوان جرير فألفيناه فيه، وقبله وهو أول قصيدة يهجو فيها الفرزدق: لم أر قبلك يا أمام خليلا * أنأى بحاجتنا وأحسن قيلا واستشهد المؤلف بالبيت على أن الضم في مضارع وجد لغة ضعيفة خاصة ببني عامر، ووجه ضعفها أنها جارجة عن القياس والاستعمال، إذ القياس ألا تحذف فاء المثال إذا كانت واوا إلا من المضارع المكسور العين، والاستعمال الغالب في هذه الكلمة الكسر، قال الله تعالى (فان لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم) (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) فيكون الضم شاذا قاسا ؟ ؟ ؟ واستعمالا، ثم إن ابن مالك ذهب في التسهيل إلى أن لغة بنى عامر ليس مقصورة على يجد، بل هي عامة في كل ما فاؤه واو من المثال: أي أنهم يحذفون الفاء ويضمون العين في كل مثال واوي على فعل (بفتح العين) فيقولون في وكل: يكل، وفي ولد: يلد، وفى وعد: يعد، وهكذا، وهذا القول الذي قاله ابن مالك مخالف لما ذهب إليه فحول النحويين، قال السيرافي: " إن بني عامر يقولون ذلك في يجد من الموجدة والوجدان، وهم في غير
يجد كغيرهم " وكذا قال صاحب الصحاح، وقال ابن جنى في سر الصناعة: " ضم الجيم من يجد لغة شاذة غير معتد بها لضعفها وعدم نظيرها ومخالفتها ما عليه الكافة فيما هو بخلاف وضعها " ا ه وقال الرازي في المختار: " ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال " اه وقال ابن عصفور: " وشذ من فعل الذي فاؤه واو لفظة واحدة فجاءت بالضم وهي: وجد يجد، قال: وأصله يوجد (بالكسر) فحذفت الواو لكون الضمة هنا شاذة والاصل الكسر " اه، وقال ابن جنى في شرح تصريف المازني: " فأما قول الشاعر: لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة * تدع الحوائم لا يجدن غليلا فشاذ، والضمة عارضة، ولذلك حذفت الفاء، كما حذفت في يقع ويدع، وإن كانت الفتحة هناك، لان الكسر هو الاصل، وإنما الفتح عارض " اه (*)


حذف الواو، ويجوز أن يكون ضمه أصليا حذف منه الواو لكون الكلمة بالضمة بعد الواو أثقل منها بالكسرة بعدها قوله " ولزموا الضم في المضاعف المتعدى " نحو مد يمد، ورد يرد، إلا أحرفا جاءت على يفعل أيضا، حكى المبرد عله يعله وهره يهره: أي كرهه، وروى غيره نم الحديث ينمه، وبته يبته، وشده يشده: وجاء في بعض اللغات: حبه يحبه، ولم يجئ في مضارعه الضم وما كان لازما فانه يأتي على يفعل بالكسر، نحو عف يعف، وكل يكل - إلا ما شذ من عضضت تعض على ما ذكرنا، وحكى يونس أنهم قالوا: كععت - أي: جبنت - تكع بالفتح فيهما (1) وتكع بالكسر أشهر، فمن فتح فلاجل حرف الحلق، قال سيبيويه: لما كان العين في الاغلب ساكنا بالادغام لم يؤثر فيه حرف الحلق كما أثر في صنع يصنع.
ومن فتح فلانها قد تتحرك في
لغة أهل الحجاز، نحو: لم يكعع وفى يكععن اتفاقا كيصنع ويصنعن قال: " وإن كان على فعل فتحت عينه أو كسرت إن كان مثالا، وطيئ تقول في باب بقي يبقى، وأما فضل يفضل ونعم ينعم فمن التداخل "
__________
وظاهر كلام ابن جنى وابن عصفور أن الشذوذ في يجد من جهة ضم العين لا من جهد حذف الفاء لان العين على كلامهما مكسورة في الاصل فيتحقق مقتضى الحذف، فيكون قياسيا، ويجوز كما قال المؤلف أن تكون الضمة أصلية لا عارضة، فيكون الشذوذ في حذف الفاء، ورواية الكسر التى حكاها السيرافي في هذا البيت لا ترد هذا الاحتمال كما زعم البغدادي في شرح الشواهد (1) هذه لغة حكاها يونس، وحكى غيره في هذا اللفظ ثلاث لغات أخرى: إحداها كنصر، والثانية كضرب، والثالثة كعلم، وقد أشار المؤلف إلى الثانية (*)


أقول: اعلم أن القياس في مضارع فعل المكسور العين (1) فتحها، وجاءت أربعة أفعال من غير المثال الواوي، يجوز فيها الفتح والكسر، والفتح أقيس، وهى حسب يحسب، ونعم ينعم، ويئس ييئس، ويبس ييبس، وقد جاءت أفعال من المثال الواوى لم يرد في مضارعها الفتح، وهي ورث يرث، ووثيق يثق، وومق يمق، ووفق يفق، وورم يرم، وولى يلى، وجاء كلمتان روى في مضارعهما الفتح، وهما: ورى الزند يرى، ووبق يبق، وإنما بنوا هذه الافعال على الكسر ليحصل فيها علة حذف الواو فتسقط، فتخف الكلمة، وجاء وحر صدره من الغضب، ووغر بمعناه، يحر ويغر، ويوحر
__________
(1) توضيح المقام وتفصيله أن القياس في مضارع فعل بالكسر يفعل (بالفتح)، لانهم أرادوا أن يخالف المضارع الماضي لفظا كما خالفه معنى، ولا تنحصر الالفاظ التي جاءت على القياس من هذا الباب في عدد معين، بل تستطيعان تجزم بأن كل فعل
ثلاثي ماضيه بكسر العين لابد أن يكون مضارعه بفتح العين إلا أفعالا محصورة ستسمع حديثها قريبا، وما جاء بالكسر من هذا الباب فهو شاذ مخالف للقياس، وما جاء بالضم منه فهو متداخل، والذي جاء بالكسر ضربان: ضرب جاء فيه - مع الكسر الذي هو شاذ - الفتح الذي هو القياس، وضرب لم يجئ فيه إلا الكسر الذى هو شاذ، فأما الضرب الاول فأربعة عشر فعلا، خمسة منها من غير المثال الواوى: ذكر المؤلف منها أربعة، والخامس بئس (بالموحدة) يبئس ويبأس، وتسعة من المثال الواوى: ذكر المؤلف منها ثمانية والتاسع وهل يهل ويوهل، وأما الضرب الثاني فتسعة عشر فعلا، ستة عشر منها من المثال الواوي، ذكر المؤلف منها عشرة والباقي هو: وروى المخ يرى: أي سمن، ووجد يجد وجدا: أي أحب، ووعق عليه يعق: أي عجل، وورك يرك وروكا: أي اضطجع، ووكم يكم وكما: أي اعنتم، ووقه له يقه: أي سمع له وأطاع، والثلاثة الباقية من الاجوف الواوي، وهي من هذا الضرب على ما ذهب إليه الخليل، وقد ذكرها المؤلف كلها (وهى طاح وتاه وآن) وأما الضرب الثالث - وهو المضموم في المضارع - فقد ذكر المؤلف منه جملة صالحة (وهي فضل ونعم وحضر ودمت ومت ونكل وبحد) وقد سبق له ذكر ركن (*)


ويوغر أكثر، وجاء ورع يرع بالكسر على الاكثر، وجاء يورع، وجاء وسع يسع ووطئ يطأ، والاصل الكسر بدليل حذف الواو لكنهم ألزموهما بعد حذف الواو فتح عين المضارع، وقالوا: جاء وهمت أهم، والظاهر أن أهم مضارع وهمت - بفتح العين - ومضارع وهمت بالكسر أو هم بالفتح، ويجوز أن يكون وهمت أهم - بكسرهما - من التداخل، وجاء آن يئين من الاوان، وطاح يطيح، وتاه يتيه، كما ذكرنا، وجاء وله يله، ويوله أكثر، قالوا: وجاء وعم يعم، بمعنى نعم ينعم، ومنه عم صباحا، وقيل: هو من أنعم بحذف النون تشبيها
بالواو، فقوله " أو كسرت إن كان مثالا " أي: مثالا واويا، وليس الكسر بمطرد في كل مثال واوى أيضا، فما كان ينبغي له هذا الاطلاق، بل ذلك محصور فيما ذكرناه.
قوله " وطئ تقول في باب بقى يبقى " مضى شرحه قوله " وأما فضل يفضل ونعم ينعم فمن التداخل " المشهور فضل يفضل، كدخل يدخل، وحكى ابن السكيت فضل يفضل، كحذر يحذر، ففضل يفضل يكون مركبا منها، وكذا نعم ينعم مركب من نعم ينعم كحذر يحذر وهو المشهور، ونعم ينعم كظرف يظرف، وحكى أبو زيد حضر يحضر، والمشهور حضر بالفتح وجاء حرفان (1) من المعتل: دمت تدوم ومت تموت - بكسر الدال والميم في الماضي - والمشهور ضمهما كقلت تقول، وهما مركبان، إذ جاء دمت تدام ومت تمات، كخفت تخاف، قال: -
__________
(1) زاد ابن القطاع على هذين الحرفين حرفين آخرين، وهما: كدت تكود وجدت تجود - بكسر أول الماضي فيهما - والاصل فيهما كاد يكود وجاد يجود - مثل قال يقول - وكان يكاد وجاد يجاد - مثل خاف يخاف - فأخذ المضارع من الاولى مع الماضي من الثانية (*)


17 - بنيتي سيدة البنات * عيشي ولا نأمن أن تماتى (1) وحكى أبو عبيدة نكل ينكل، وأنكره الاصمعي، والمشهور (2) نكل ينكل، كقتل يقتل، وحكى نجد ينجد (3): أي عرق، ونجد ينجد كحذر يحذر هو المشهور قال: " وإن كان على فعل ضمت "
__________
(1) لم يتيسر لنا الوقوف على نسبة هذا البيت إلى قائل معين، وقد أنشده الجوهري
في الصحاح، وابن جنى في الخصائص (ح 1 ص 386) ولكنه رواه هكذا بنى يا سيدة البنات * عيشي ولا يؤمن أن تماتى وبنيتي في رواية المؤلف تصغير بنت أضيف الى ياء المتكلم، وهو منادى بحرف نداء محذوف، و " سيدة البنات " جعله بعضهم نعتا للمنادى، وأجاز فيه الرفع والنصب، ويجوز أن يكون بدلا أو عطف بيان أو منادى بحرف نداء محذوف و " عيشي " فعل دعاء، و " تمانى " لغة في تموتين، فقد جاء هذا الفعل من باب نصر، كقال يقول، قال الله تعالى (قل موتوا بغيظكم) ومن باب علم، كخاف يخاف، وقد قرئ في قوله تعالى (ياليتني مت قبل هذا) وفي قوله تعالى (ولئن متم أو قتلتم لالى الله تحشرون) بضم الميم على أنه من اللغة الاولى، وبكسرها على أنه من اللغة الثانية، قال الصاغانى في العباب: " قد مات يموت، ويمات أيضا، وأكثر من يتكلم بهاطئ، وقد تكلم بها سائر العرب " اه وحكى يونس في هذه الكلمة لغة أخرى كباع يبيع (2) في اللسان والقاموس أن هذا الفعل قد جاء كضرب، ونصر، وعلم، فالتركيب من ماضى الثالثة ومضارع الثانية، ولم يذكر التركيب الذى حكاه أبو عبيدة واحد منهما.
(3) النجد - بفتحتين -: العرق من علم أو كرب أو غيرهما، قال النابغة الذبياني: يظل من خوفه الملاح معتصما * بالخيزرانة بعد الاين والنجد والفعل نجد ينجد - كعلم يعلم - ومقتضى التركيب أن يكون فيه لغة أصلية ثانية (*)


أقول: اعلم أن ضم عين مضارع فعل المضموم العين قياس لا ينكسر، إلا في كلمة واحدة، وهى كدت بالضم تكاد، وهو شاذ، والمشهور كدت تكاد خفت تخاف، فان كان كدت بالضم كقلت فهو شاذ (1) أيضا، لان فعل يفعل
بفتحهما لابد أن يكون حلقى العين أو اللام قال: " وإن كان غير ذلك كسر ما قبل الاخر، ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة نحو تعلم وتجاهل فلا يغير، أو لم تكن اللام مكررة،
__________
من باب نصر أو كرم بهذا المعنى، لكن الذى في اللسان والقاموس وكتاب الافعال لابن القوطية أنه قد أتى هذا الفعل بهذا المعنى من باب علم، كما تقدم، ومن باب عنى مبنيا للمجهول، ونص في اللسان على أن المضارع قد جاء كينصر، كما ذكر المؤلف ولم يذكر ما يصح أن يكون ماضيا له، وعلى هذا يكون هذا الفعل شاذا، ليس من باب التداخل.
نعم قد جاء هذا الفعل من باب كرم بمعنى صار ذا نجدة، وجاء متعديا من باب نصر بمعنى أنجده وأعانه، ولكن واحدا من هذين البابين لا يتحقق به التداخل ما دام من شرطه اتحاد المعنى في البابيين اللذين تتركب منهما اللغة الثالثة (1) اعلم أن هذا الفعل قد جاء واويا ويائيا: أما الواوى فقد جاء من باب علم ومن باب نصر، مثل خفت تخاف، وقلت تقول، فتقول في الماضي المسند للضمير: كدت - بكسر الكاف - على الاول - وضمها - على الثاني، وأما اليائى فجاء من باب علم ليس غير، وجاء من باب باع بمعنى آخر، تقول: كاد الرجل الرجل يكيده كيدا: أي دبر له، ومنه قوله تعالى (إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا)، وتقول: كادت المرأة تكيد كيدا، إذا حاضت، فأذا علمت هذا تبين لك أن قول العرب: كدت - بضم الكاف - تكاد من باب التداخل، وأن الماضي أخذ من باب نصر والمضارع أخذ من باب علم، كما أن قولهم: كدت - بكسر الكاف - تكود متداخل أيضا، ماضيه من باب علم ومضارعه من باب نصر، فاعتبار المؤلف تبعا لسيبويه كدت - بالضم - تكاد شاذ، سواءا كان من العرب كرم أو نصر، ليس بوجيه، بل هو من التداخل، لانه لا يعدل إلى القول بالشذوذ ما أمكن الحمل على وجه صحيح كما كرر المؤلف نفسه مرارا (*)


نحو احمر واحمار فيدعم، ومن ثم كان أصل مضارع أفعل يؤفعل إلا أنه رفض لما يلزم من توالى الهمزتين في المتكلم فخفف في الجميع، وقوله: 18 - * قوله أهل لان يؤ كرما * شاذ، والامر واسم الفاعل واسم المفعول وافعل التفضيل تقدمت "
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور أورده الجوهري في الصحاح، ونقله اللسان، ولم نقف على نسبته إلى قائل معين، ولا وقفنا له على سابق أو لاحق، والاستشهاد به في قوله يؤ كرم حيث أبقى الهمزة، فلم يحذفها كما هو القياس في استعمال أمثاله، ولم يخففها بقلبه واوا، وإن لم يكن ذلك القلب واجبا، لعدم الهمزتين.
قال سيبويه (ح 2 ص 330): " وزعم الخليل أنه كان القياس أن تثبت الهمزة في يفعل ويفعل (ويقصد المضارع المبنى للمعلوم والمبنى للمجهول) وأخواتهما، كما ثبتت التاء في تفعلت وتفاعلت في كل حال، ولكنهم حذفوا الهمزة في باب أفعل من هذا الموضع فاطرد الحذف فيه لان الهمزة تثقل عليهم كما وصفت لك، وكثر هذا في كلامهم فحذفوه.
واجتمعوا على حذفه كما اجتمعوا على حذف كل وترى، وكان هذا أجدر أن يحذف حيث حذف ذلك الذي من نفس الحرف لانه زيادة لحقته زيادة فاجتمع فيه الزيادة وأنه يستثقل وأن له عوضا إذا ذهب، وقد جاء في الشعر حيث اصظر الشاعر، قال الراجز، وهو خطام المجاشعي: * وصاليات ككما يؤثفين * وإنما هو من أثفيت، وقالت ليلى الاخيلية: - * كراة غلام من كساء مؤرنب * انتهى كلامه بحروفه.
وخطام بزنة كتاب، وما أنشده لليلى الاخيلية هو عجز بيت تصف فيه قطاة تدلت على فراخها وفراخها خص الرؤوس (أي: لا ريش عليها)
وصدره: - * تدلت على حص الرؤوس كأنها * (*)


أقول: يعنى وإن كان الماضي غير الثلاثي المجرد كسر ما قبل الاخر، في غير ما أوله التاء، لانه يتغير أوله فيه، سواء كان رباعيا، أو ثلاثيا مزيدا فيه، أو رباعيا كذلك، نحو دحرج يدحرج، وانكسر ينكسر، واحرنجم يحر نجم، وإنما كسر ما قبل الاخر في غير ما في أوله التاء لانه يتغير أوله في المضارع عما كان عليه في الماضي: إما بسقوط همزة الوصل فيما كانت فيه، وإما بضم الاول، وذلك في الرباعي نحو يدحرج (ويدخل) ويقاتل ويقطع، والتغيير مجرئ على التغيير، وأما ما فيه تاء فلم يتغير أوله إلا بزيادة علامة المضارعة التي لا بد منها قوله " أو لم تكن اللام مكررة " كان أولى أن يقول: أو تكن اللام مدغمة، لان نحو يسحنكك مكر اللام ولم يدغم (1) قوله " ومن ثم " إشارة إلى قوله قبل: " المضارع بزيادة حرف المضارعة على الماضي " وقد مر في شرح الكافية (2) في باب المضارع ما يتعلق بهذا الموضع
__________
(1) اسخكك الليل: أي اشتدت ظلمته، واسخكك الشعر فهو مسحنكك: أي اشتد سواده، وقول المؤلف: " كان أولى أن يقول أو تكن اللام مدغمة " ليس بأولى مما ذكره صاحب الاصل، بل العبارتان مشتملتان على قصور، فكما أن عبارة الاصل لا تشمل نحو اسحنكك بسحنكك وجلبب يجلبب واقعنسس يقعنسس، كذلك عبارته التى اختارها لا تشمل نحو عازه يعازه وماده الحبل يماده وشاقه في الامر يشاقه، فأن هذه الكلمات على زنة فاعل، وليس مكررة اللام واللام فيها مدغمة بل هي مدغم فيها، إلا أن يقال: إن عبارته من باب الحذف والايصال، وأصلها " أو تكن اللام مدغما فيها " فحذف حرف الجر وأوصل العامل الى الضمير فاستتر
وهو بعيد، على أن استثناء مكرر اللام أو مدغمها ليس بوجيه، لان حركة ما قبل الاخر قبل الادغام هي الكسر، فالامر فيه جار على الاصل قبل الاستثناء، وتكون القاعدة أن المبدوء بالتاء الزائدة لا يكسر ما قبل آخره، وغيره يكسر ما قبل آخره تحقيقا كيستغفر أو تقديرا كيحمر إلا أن يكون نظرهم إلى ظاهر الامر من غير التفات إلى الاصل (2) قال المؤلف في شرح الكافية: " إنه قد يطرد في الاكثر الحكم الذي (*)


واعلم أن جميع العرب، إلا أهل الحجاز، يجوزون كسر حرف المضارعة سوى الياء في الثلاثي المبني للفاعل، إذا كان الماضي على فعل بكسر العين، فيقولون: أنا إعلم ونحن نعلم وأنت تعلم، وكذا في المثال والاجوف والناقص والمضاعف، نحو إيجل وإدخال وإشقى وإعض، والكسرة في همزة إخال وحده أكثر وأفصح من الفتح، وإنما كسرت حروف المضارعة تنبيها على كسر عين الماضي، ولم يكسر الفاء لهذا المعنى، لان أصله في المضارع السكون، ولم يكسر العين لئلا يلتبس يفعل المفتوح بيفعل المسكور، فلم يبق إلا كسر حروف المضارعة، ولم يكسر والياء استثقالا، إلا إذا كان الفاء واوا، نحو ييجل، لاستثقالهم الواو والتي بعد الياء المفتوحة وكرهوا قلب الواو ياء من غير كسرة قبلها، فأجازوا الكسر مع الواو في الياء أيضا لتخف الكلمة بانقلاب الواو ياء، فأما إذا لم يكسر والياء فبعض العرب يقلب الواو ياء، نحو ييجل، وبعضهم يقلبه ألفا لانه إذا كان القلب بلا علة ظاهرة فالى الالف التي هي الاخف أولى، فكسر الياء لينقلب الواو ياء، لغة جميع العرب إلا الحجازيين، وقلبها ياء بلا كسر الياء وقلبها ألفا لغة بعضهم في كل مثال واوي، وهي قليلة.
وجيع العرب إلا أهل الحجاز اتفقوا على جواز كسر حرف المضارعة في أبي، ياء كان أو غيره، لان كسر أوله شاذ، إذ هو حق ما عين ماضيه مكسور، وأبي
مفتوح العين، فجر أهم الشذوذ على شذوذ آخر وهو كسر الياء (1)، وأيضا فان
__________
ثبتت علته في الاقل، كحذفهم الواو في تعدو أعد ونعد، لحذفهم لها في يعد، وكذا حذفوا الهمزة في يكرم ونكرم، لحذفهم لها في أكرم " (1) " أبى " مفتوح العين، فلم يكن يستحق أن يكسر حرف المضارعة في مضارعه.
إلا أنهم شذوا فيه فكسروا حرف المضارعة الذي يجوز كسره في غيره وهو الالف والنون والتاء، ثم استمرءوا طعم الشذوذ فوق ذلك بكسر الياء من حروف المضارعة أيضا (*)


الهمزة الثقيلة يجوز انقلابها مع كسر ما قبلها ياء فيصير ييبي كييجل (1) وإنما ارتكبوا الشذوذ في جواز كسر أول تأبى ونأبى وآبى لان حق ماضيه الكسر لما كان المضارع مفتوح العين، فكأن عين ماضيه مكسور، ولا يمتنع أن يقال: إن أصل ماضيه كان كسر العين لكنه اتفق فيه جميع العرب على لغة طيئ في فتحه، ثم جوز كسر حروف المضارعة دلالة على أصل أبى وكذا كسروا حروف المضارعة مع الياء في حب فقالوا: إحب نحب يحب تحب، وذلك لان حب يحب كعز يعز شاذ قليل الاستعمال، والمشهور أحب يحب، وهو أيضا شاذ من حيث إن فعل إذا كان مضاعفا متعديا فمضارعه مضموم العين، ويحب مكسور العين، ففيه شذوذان، والشذوذ يجرئ على الشذوذ، فكسروا أوائل مضارعه ياء كان أو غيره وإن لم يكن ماضيه فعل، وقال غير سيبويه: إن إحب ونحب ويحب وتحب بكسر حروف المضارعة مضارعات أحب، وشذوذه لكسر المضموم، كما قالوا في المغيرة المغيرة، وكذا المصحف (2) والمطرف (3) في المصحف والمطرف
__________
(4) حاصل هذا أنهم إنما كسروا ياء المضارعة في يأبى، ليتسنى لهم تحفيف
الهمزة بقلبها ياء، لسكونها إثر كسرة فيصير ييبى، وهو أخف من يئبى، لان حرف العلة أخف من غيره، ونقول: لو أن ذلك الذي ذكره المؤلف من غرضهم لكان بقاء الياء مفتوحة أولى من كسرها، وذلك لانهم لو أبقوها مفتوحة لامكنهم أن يقلبو الهمزة ألفا، لسكونها إثر فتحة، فيصير يأبى، والالف أخف حروف العلة (2) قال في اللسان: " المصحف بضم فسكون ففتح - والمصحف - كمنبر: الجامع للصحف المكتوبة بين الدفتين، كأنه أصحف: أي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين، والفتح فيه لغة، قال أبو عبيد: تميم تكسرها وقيس تضمنها، ولم يذكر من يفتحها ولا أنها تفتح، إنما ذلك عن اللحياني عن الكسائي...استثقلت العرب الضمة في حروف فكسرت الميم وأصلها الضم فمن ضم جاء به على أصله ومن كسر فلاستثقاله الضمة اه " (3) قال في اللسان: " المطروف والمطرف - بكسر الميم وضمها مع سكون (*)


وكسر (وا) أيضا غير الياء من حروف المضارعة فيما أوله همزة الوصل مكسورة، نحو أنت تستغفر وتحرنجم، تنبيها على كون الماضي مكسور الاول، وهو همزة ثم شبهوا ما في أوله تاء زائدة من ذوات الزوائد، نحو تكلم وتغافا وتدحرج بباب انفعل، لكون ذي التاء مطاوعا في الاغلب كما أن انفعل كذلك، فتفعل وتفاعل وتفعلل مطاوع فعل وفاعل وفعلل، فكسروا غير الياء من حروف مضارعاتها، فكل ما أول ماضيه همزة وصل مكسورة أو تاء زائدة يجوز فيه ذلك.
وإنما لم يضموا حرف المضارعة فيما ماضيه فعل مضموم العين منبهين به على ضمة عين الماضي لاستثقال الضمتين لو قالوا مثلا: تظرف قوله " من توالى همزتين " إنما حذفت ثانية همزتي نحو أو كرم مع أن قياسها أن تقلب واوا كما في أويدم على ما يجئ في باب تخفيف الهمزة لكثرة استعمال مضارع باب الافعال فاعتمدوا التخفيف البليغ، وإن كان على خلاف القياس
قال: " الصفة المشبهة من نجو فرح على فرح غالبا، وقد جاء معه الضم في بعضها، نحو ندس وحذر وعجل، وجاءت على سليم وشكس وحر وصفر وغيور، ومن الالوان والعيوب والحلى على أفعل " أقول: اعلم (1) أن قياس نعتما ماضيه على فعل - بالكسر - من الادواء الباطنة كالوجع واللوى (2) وما يناسب الادواء من العيوب الباطنة كالنكد
__________
الطاء وفتح الراء فيهما - واحد المطارف، وهي أردية من خز مربعة لها أعلام، وقيل: ثوب من خز مربع له أعلام: قال الفراء: المطرف من الثياب: ما جعل في طرفيه علمان، والاصل مطرف بالضم فكسر والميم، ليكون أخف كما قالوا مغزل - كمنبر - وأصله مغزل - بالضم - من أغزل.
أي أدير...وفي الحديث أريت على أبى هريرة رضى الله عنه مطرف خز، هو بكسر الميم وفتحها وضمها: الثوب الذي في طرفيه علمان: والميم زائدة " اه (1) شرحنا بعض أمثلة هذا الفصل فيما مضى (من ص 71 - ص 73) وسنتكلم على ما لم يذكر هناك (2) اللوى: وجع في المعدة (*)


والعسر والحز، ونحو ذلك من الهيجانات والخفة غير حراره الباطن والامتلاء كالارج والبطر والاشر والجذل والفرح والقلق (1) والسلس أن يكون على فعل وقياس ما كان من الامتلاء كالسكر والري والغرث (2) والشبع، ومن حرارة الباطن كالعطش والجوع والغضب واللهف والثكل (3) - أن يكون على فعلان وما كان من العيوب الظاهرة كالعور والعمى، ومن الحلى كالسواد والبياض والزبب والرسح والجرد والهضم (4) والصلع - أن يكون على أفعل، ومؤنثه فعلاء،
وجمعهما فعل
__________
(1) الارج: توهيج ريح الطيب.
والاشر: المرح والبطر، وقد جاء الوصف منه بفتح الهمزة وكسر الشين أو ضمها أو سكونها أو فتحها، وجاء أشران أيضا، والجذل: الفرح، وقد جاء الوصف كغضبان أيضا، وقد جاء في الشعر جاذل والقلق: الانزعاج، ويقال: رجل قلق ومقوق وامرأة قلقة ومقلاقة.
والسلس ومثله السلاسة والسلوس كخروج: اللين والسهولة والانقياد (2) الغرث - بالغين المعجمة والراء المهملة - أيسر الجوع، وقيل: أشده، وقيل: الجوع مطلقا، والرجل غرث وغرثان والانثى غرثى وغرثانة (3) اللهف: الاسى والحزن والغيظ، ويقال: هو الاسف على شئ يفوتك بعد أن تشرف عليه، والوصف لهف ولهيف ولهفان.
والثكل - بفتحتين: فقدان الحبيب، ويقال: هو فقدان الرجل والمرأة ولدهما.
ويقال: هو فقدان المرأة زوجها، ويقال هو فقدان المرأة ولدها، والرجل ثاكل وثكلان والمرأة ثكلى وثكول وثاكل (4) الزبب: كثرة شعر الذراعين والحاجبين والعينين، وقيل: هو كثرة الشعر وطوله، والوصف منه أزب وزباء، والجرد: قصر الشعر، وهو عيب في الدواب، وهو ورم في مؤخر عرقوب الفرس يعظم حتى يمنعه المشى، والذكر (*)


فمن ثم قيل في عمى القلب عم لكونه باطنا، وفي عمى العين أعمى، وقيل: الاقطع والاجذم، بناء على قط وجذم (1) وإن لم يستعملا، بل المستعمل قطع وجذم - على ما لم يسم فاعله - والقياس مقطوع ومجذوم وقد يدخل أفعل على فعل قالوا في وجر - أي خاف - وهو من العيوب الباطنة، فالقياس فعل: وجر وأوجر، ومثله حمق وأحمق، وكذا يدخل فعل على أفعل في العيوب الظاهرة والحلى، نحو شعث
وأشعث، وحدب وأحدب (2) وكدر وأكدر، وقعس وأقعس (3) وكذا
__________
أجرد، والانثى جرداء، وقالوا: مكان جرد - كسبط - وأجرد، وجرد - كفرح، وأرض جرداء وجردة - كفرحة، إذا كانت لا نبات بها، والهضم: خمص البطن ولطف الكشح، وهو أهضم، وهي هضماء وهضيم، ويقال: بطن هضيم ومهضوم وأهضم (1) حكى صاحبا القاموس واللسان: قطعت يده قطعا - كفرح فرحا - وقطعة بفتح فسكون، إذا انقطعت بداء عرض لها، وحكيا أيضا: قطع - كفرح وكرم - قطاعة - كجزالة - إذا لم يقدر على الكلام أو ذهبت سلاطة لسانه، ومثل ذلك كله في كتاب الافعال لابن القوطية، فان كان الاقطع وصفا بأحد هذه المعاني فلا محل لانكار المؤلف مجئ المبنى للفاعل من هذا الفعل، وإن كان الاقطع وصفا بمعنى الذي قطعت يده بفعل فاعل، لا بمرض عرض لها، فكلامه مستقيم.
وحكى من ذكرنا أيضا: جذمت يده - كفرح - إذا قطعت، وجذمتها - كضرب - فهو أجذم، فان كان الاجذم في كلام المؤلف وصفا بهذا المعنى فلا محل لانكاره، وإن كان مراده بالاجذم المصاب بالجذام فمسلم، لانه لم يستعمل منه إلا جذم مبنيا للمجهول (2) في اللسان: الحدب: خروج الظهر ودخول البطن والصدر، تقول: رجل أحدب وحدب، والاخيرة عن سيبويه (3) القعس: دخول الظهر وخروج البطن والصدر.
ويقال: الرجل أقعس (*)


يدخل أيضا فعل على فعلان في الامتلاء وحرارة الباطن، كصد (1) وصديان وعطش وعطشان ويدخل أيضا أفعل على فعلان في المعنى المذكور، كأهى وهيمان،
وأشيم (2) وشيمان وقد ينوب (3) فعلان على فعل، كغضبان، والقياس غضب، إذا الغضب هيحان:
__________
وقعس، كقولهم: أجرب وجرب، وأنكد ونكد، قال في اللسان: وهذا الضرب يعتقب عليه هذان المثالان كثيرا (1) الصدى: شدة العطش، وقيل: هو العطش ما كان، تقول: صدى يصدى - مثل رضى يرضى - فهو صد وصاد وصدى - كطل وصديان، والانثى صديا (2) تقول: هيم البعير يهيم - كعلم يعلم - هياما - بضم الهاء وكسرها - إذا أصابه داء كالحمى يسخن عليه جلده فيشتد عطشه، وهو هيمان ومهيوم وأهيم، والانثى هيمى ومهيومة وهيماء، وأما الهيام بمعنى شدة العشق والافتتان بالنساء ففعله هام يهيم - كباع يبيع - ويقال في المصدر: هيما وهيوما وهياما - بالكسر - وهميانا - بفتحات - والرجل هاثم وهيماز وهيوم، والانثى هاثمة وهيمى.
وتقول: شيم الفرس يشيم شما - كفرح يفرح فرحا - فهو أشيم، إذا الفت لونه بقعة من لون غيره، وقد راجعنا اللسان والقاموس والمخصص والافعال لابن لقوطية وكتاب سيبويه والمصباح ومختار الصحاح فلم بحد واحدا من هؤلاء ذكر أنه يقال فيه شمان أيضا (3) ظاهره أنه لم يجئ الوصف من غضب إلا غضبان، إذ جعله من باب النيابة لا من باب الدخول، وليس كذلك، بل حكى له صاحب القاموس وغيره ثمانية أوصاف: غضب - كفرح - وغضوب - كصبور - وغضب - كعتل - وغضبة - بزيادة التاء - وغضبة - بفتح الغين والضاد مضمومة أو مفتوحة والباء مضددة وغضبان - وغضب - كعضد - (*)


وإنما كان كذلك، لان الغضب يلزمه في الاغلب حرارة البطن، وقالوا: عجل
وعجلان، فعجل باعتبار الطيش والخفة وعجلان باعتبار حرارة الباطن والمقصود أن الثلاثة المذكورة إذا تقاربت فقد تشترك وقد تتناوب وقالوا: قدح (1) قربان إذا قارب الامتلاء، ونصفان إذا امتلا إلى النصف، وإن لم يستعمل قرب ونصف، بل قارب وناصف، حملا على المعنى: أي امتلا.
ويجئ فعيل فيما حقه فعل، كسقيم ومريض، وحمل سليم على مريض.
والقياس سالم ومجئ فعيل في المضاعف والمنقوص اليائى أكثر كالطبي واللبيب والخسيس والتقى والشقى، وقد جاء فاعل في معنى الصفة المشبهة - أي: مطلق الاتصاف (2) بالمشتق
__________
(1) أخذ المؤلف هذه العبارة عن سيبويه قال: " وقالوا: قدح نصفان وجمجمة نصفي، وقدح قربان وجمجمة قربي، إذا قارب الامتلاء، جعلوا بمنزلة الملان، لان ذلك معناه معنى الامتلاء، لان النصف قد امتلا، والقربان ممتلئ أيضا إلى حيث بلغ، ولم نسمعهم قالوا: قرب ولا نصف، اكتفوا بقارب وناصف، ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون قرب ونصف، كما قالوا: مذاكير، ولم يقولوا: مذكير ولا مذكار " اه، والجمجمة: القدح أيضا (2) هذا رأى للمؤلف خالف به المتقدمين من فطاحل العلماء، فان مذهبهم أن الصفة المشبهة موضوعة للدلالة على استمرار الحدث لصاحبه في جميع الازمنة، وقد أوضح هذه المخالفة في شرح الكافية فقال: (ج 2 ص 191): " والذي أرى أن الصفة المشبهة كما أنها ليست موضوعة للحدوث في زمان ليست أيضا موضوعة للاستمرار في جميع الازمنة، لان الحدوث والاستمرار قيدان في الصفة، ولا دليل فيها عليهما، فليس معنى حسن في الوضع الا ذو حسن، سواء كان في بعض الازمنة (*)


منه من غير معنى الحدوث - في هذا الباب وفي غيره، وإن كان أصل فاعل الحدوث، وذلك كخاشن وساخط وجائع ويعنى بالحلى الخلق الظاهرة كالزبب والغمم (1) فيعم الالوان والعيوب قال: " ومن نحو كرم على كريم غالبا، وجاءت على خشن وحسن وصعب وصلب وجبان وشجاع ووقور وجنب " أقول: الغالب في باب فعل فعيل، ويجئ فعال - بضم الفاء وتخفيف العين - مبالغة فعيل في هذا الباب كثيرا، لكنه غير مطرد، نحو طويل وطوال، وشجيع وشجاع، ويقل في غير هذا الباب كعجيب وعجاب، فان شددت العين كا أبلغ كطوال، ويجئ على فعل كخشن، وعلى أفعل كأخشن وخشناء وعلى فاعل كعاقر قال: " وهي من فعل قليلة وقد جاء نحو حريص وأشيب وضيق وتجئ من الجميع بمعنى الجوع والعطش وضدهما على فعلان نحو جوعان وشبعان وعطشان وريان " أقول: إنما يكثر الصفة المشبهة في فعل لانه غلب في الادواء الباطنة والعيوب الظاهرة والحلى، والثلاثة لازمة في الاغلب لصاحبها، والصفة المشبهة كما مر في شرح
__________
أو جميع الازمنة، ولا دليل في اللفظ على أحد القيدين، فهو حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو الاتصاف بالحسن، لكن لما أطلق ذلك ولم يكن بعض الازمنة أولى من بعض ولم يجز نفيه في جميع الازمنة، لانك حكمت بثبوته فلابد من وقوعه في زمان، كان الظاهر ثبوته في جميع الازمنة إلى أن تقوم قرينة على تخصصه ببعضها، كما تقول: كان هذا حسنا فقبح أو سيصير حسنا، أو هو الان حسن فقط فظهوره في الاستمرار ليس وضعيا " اه (1) الغمم: أن يكثر الشعر في الوجه والقفا حتى يضيقا، يقال: رجل أغم
وجبهة غماء، قال هدية بن الخشرم: فلا تنكحي إن فرق الدهر بيننا * أغم القفا والوجه ليس بأنزعا


الكافية لازمة، وظاهرها الاستمرار، وكذا فعل للغرائز، وهي غير متعدية ومستمرة، وأما فعل فليس الاغلب فيه الفعل اللازم، وما جاء منه لازما أيضا ليس بمستمر، كالدخول والخروج، والقيام والقعود، وأشيب نادر، وكذا أميل من مال يميل، وحكى غير سيبويه (1) ميل يميل كجيد يجيد فهو أجيد (2)، وفيعل لا يكون إلا في الاجوف، كالسيد والميت والجيد والبين، وفيعل - بفتح العين - لا يكون إلا في الصحيح العين، اسما كان أو صفة، كالشيلم والغيلم والنيرب والصيرف (3) وقد جاء حرف واحد في المعتل بالفتح، قال:
__________
(1) حكى ابن القطاع ميل ميلا - كفرح فرحا - إذا اعوج خلقة، أو إذا لم يستقر على ظهر الدابة، أو إذا لم يكن معه سيف، وحكى مال عن الطريق والحق يميل ميلا، إذا عدل، وحكى مال يمال مالا، إذا كثر ماله، ورجل مال وامرأة مالة، وصف بالمصدر، أو هو صفة مشبهة كفرح، أو مخفف مائل، أو مقلوبة على نحو ما سبق بيانه (ص 21 ه 4) وحكى أبو زيد أنه يقال: ميل الحائط يميل - كعلم يعلم - ومال يميل - كباع يبيع - فالحائط ميلاء، والجدار أميل (2) الجيد - بفتحتين - طول العنق وحسنه، وقيل: دقته مع طول، والفعل جيد يجيد - كعلم يعلم - ويقال: عنق أجيد وامرأة جيداء، ولا يتعت به الرجل (3) الشيلم، ومثله الشولم والشالم، هو حب صغار مستطيل أحمد كأنه في خلقة سوس الحنطة، وهو مر شديد المرارة، والغيلم: الجارية المغتلمة، ومنع الماء في الابار، والضفدع، والسلحفاة الذكر، والشاب العريض المفرق الكثير الشعر، والنيرب: الشر والنميمة، قال الشاعر (عدى بن خزاعي): -
ولست بذي نيرب في الكلام * ومناع قومي وسبابها والصيرف: النقاد، وهو الذي يبيع الفضة بالذهب، وهو المحتال المجرب، فالكلمة الاولى اسم ليس غير وكذا الثالثة، والثانية اسم أو وصف، والرابعة وصف (*)


19 - * ما بال عيني كالشعيب العين (1) *
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور، ليس هو أول أرجوزة لرؤبة بن العجاج كما قال البغدادي في شرح الشواهد، بل هو البيت الخامس عشر، وبعده: وبعض أعراض الشجون الشجن * دار كرقم الكاتب المرقن بين نقا الملقى وبين الاجؤن * يا دار عفراء ودار البخدن بك المهى من مطفل ومشدن والشعيب - بفتح أوله - المزادة الصغيرة.
والعين: التي فيها عيون وثقوب فهي تسيل، وهم يشبهون خروج الدمع مع العين بخروج الماء من خرز المزادة، والشجون: جمع شجن، وهو الحزن.
والشجن: جمع شاجن مثل راكع وركع والشاجن: اسم فاعل من شجنه يشجنه، إذا حزنه، وبابه نصر.
ورقم الكاتب: مرقومه، والمرقن: صفة للكاتب، وهو الذي ينقط الكتاب.
وقوله: دار خبر قوله وبعض أعراض.
والنقا: الكثيب من الرمل، والملقى والاجؤن: مكانان.
والبخدن: المرأة الرخصة الناعمة التارة، هذا أصله، وقد سموا به امرأة، وهو كزبرج وجعفر.
والمطفل: ذات الطفل.
والمشدن: ذات الشادن وهو ولد الظبية، والشاهد في البيت كما قال الاعلم مجئ عين على فيعل بالفتح، وهو شاذ في المعتل، لم يسمع إلا في هذه الكلمة، وكان قياسها أن تكسر العين مثل سيد وهين ولين وقيل ونحو هذا، وهذا بناء يختص به المعتل ولا يكون في الصحيح.
ونقول: وقد جاء هذا اللفظ على القياس بكسر العين كما حكاه في اللسان، وفي شرح أدب الكاتب،
وهذا الذي ذكروه من أن سيدا ونحوه على زنة فيعل بكسر العين هو مذهب سيبويه، وهو أحد ثلاثة مذاهب، وثانيها وهو مذهب جماعة أن أصله فيعل بفتح العين فكسرت العين شذوذا كما كسروا الباء من البصري، وثالثها وهو مذهب الفراء أن أصله على زنة فعيل مثل طويل، فقدمت الياء إلى موضع العين، وبقيت كل واحدة على حالها من الحركة والسكون، ثم قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء، وهذا عنده قياس مطرد في كل ما جاء على فعيل صفة مشهة من الاجوف، وسيأتي تفصيل هذه المذاهب في باب الاعلال (*)


وهو ما فيه عيب وخرق من الاسقية، وقد يخفف نحو سيد بحذف (1) الثاني وذلك مطرد الجواز، كما يجئ في باب الاعلال قوله " وتجئ من الجميع " أي: من فعل، وإنما قال هذا ليدخل فيه نحو جاع يجوع وناع ينوع (2)، وما يجئ من غير باب فعل - بكسر العين - بمعنى الجوع والعطش قليل، وهو محمول على باب فعل، كما حمل ملان وقربان عليه، على ما مر قال: " المصدر: أبنية الثلاثي المجرد منه كثيرة، نحو قتل وفسق وشغل ورحمة ونشدة وكدرة ودعوى وذكرى وبشرى وليان وحرمان وغفران ونزوان وطلب وخنق وصغر وهدى وغلبة وسرقة وذهاب وصراف وسؤال وزهادة ودراية وبغاية ودخول ووجيف وقبول وصهوبة ومدخل ومرجع ومسعاة ومحمدة وكراهية الا أن الغالب في فعل اللازم نحو ركع، على ركوع، وفي المتعدى، على ضرب، وفي الصنائع ونحوها نحو كتب على كتابة، وفي الاضطراب نحو خفق، على خفقان، وفي الاصوات نحو صرخ، على صراخ، وقال الفراء: إذا جاءك فعل مما لم يسمع مصدره
__________
(1) من ذلك تخفيفهم قيلا، بدليل جمعه على أقيال، ومن ذلك قول الشاعر في تخفيف هين ولين: - * هينون لينون أيسار ذوو كرم * (2) ناع: هو إتباع لجاع يجوع، تقول: رماك الله بالجوع والنوع، ويقال: هو العطش.
قال في اللسان: " وهو أشبه، لقولهم في الدعاء على الانسان: جوعا ونوعا، ولو كان الجوع نوعا لم يحسن تكريره، وقيل: إذا اختلف اللفظان جاز التكرير، قال ابن برى: والصحيح أن هذا ليس إتباعا، لان الاتباع لا يكون بحرف العطف " اه ملخصا (*)


فاجعله فعلا للحجاز وفعولا لنجد، ونحو هدى وقرى مختص بالمنقوص، ونحو طلب مختص ينفعل، إلا جلب الجرح والغلب " أقول قوله " ورحمة ونشدة " ليس الاول للمرة ولا الثاني للهيئة وإن وافقتا في الوزن ما يصاغ لهما والتى ذكرها المصنف من أوزان مصادر الثلاثي هي الكثيرة الغالبة، وقد جاء غير ذلك أيضا كالفعلل نحو السودد، والفعلوت نحو الجبروت (1) والتفعل نحو التدرا (2) والفيعلولة كالكينونة، وأصلها (3) كينونة، والفعلولة كالشيخوخة
__________
(1) الجبروت: الكبر والقهر، وقد جاء هذا اللفظ على أوزان كثيرة (2) التدرأ - بضم التاء وسكون الدال بعدها راء مهملة مفتوحة - هو الدر والدفع، قال العباس بن مرداس السلمي: - وقد كنت في الحرب ذا تدرإ * فلم أعط شيئا ولم أمنع قال ابن الاثير: " ذوتدرإ: أي ذو هجوم، لا يتوقى ولا يهاب، ففيه قوة على دفع أعدائه " اه
(3) الكينونة: مصدر كان يكون كونا وكينونة، قال الفراء: العرب تقول في ذوات ؟ ؟ ؟ مما يشبه زغت وسرت طرت طيرورة وحدت حيدودة فيما لا يحصى من هذا الضرب، فأما ذوات الواو مثل قلت ورضت فانهم لا يقولون ذلك، وقد أتى عنهم في أربعة أحرف منها: الكينونة من كنت، والديمومة من دمت، والهيعوعة من الهواع، والسيدودة من سدت، وكان ينبغى أن يكون كونونة، ولكنها لما قلت من مصادر الواو وكثرت في مصادر الياء ألحقوها بالذى هو أكثر مجيئا منها إذ كانت الواو والياء متقاربي المخرج، قال: وكان الخليل يقول: كينونة فيعولة هي في الاصل كيونونة التقت منها ياء وواو والاولى منهما ساكنة، فصيرتا ياء مشددة مثل ما قالوا الهين من هنت، ثم خففوها، فقالوا: كينونة كما قالوا هين لين، قال الفراء: وقد ذهب مذهبا، إلا أن القول عندي هو الاول، وسيأتي لنا في هذا الموضوع مزيد بحث في باب الاعلال إن شاء الله (*)


والصيرورة والفعلنية (1) كالبلهنية، والفعيلة كالشبيبة والفضيحة، والفاعولة كالضارورة بمعنى الضرر، والتفعلة كالتهلكة، والمفاعلة كالمسائية، وأصلها (2) مساوئة فقلب، والفعلة والفعلى كالغلبة والغلبى (3) وغير ذلك قوله " الغالب في فعل اللازم على فعول " ليس على إطلاقه، بل إذا لم يكن للمعانى التي نذكرها بعد من الاصوات والادواء والاضطراب، فالاولى بنا أولا أن لا نعين الابواب من فعل وفعل، ولا المعتدى واللازم، بل نقول: الغالب في الحرف وشبهها من أي باب كانت الفعالة بالكسر، كالصياغة، والحياكة، والخياطة، والتجارة، والامارة وفتحوا الاول جوازا في بعض ذلك، كالوكالة والدلالة والولاية والغالب في الشراد والهياج وشبهه الفعال كالفرار (4) والشماس والنكاح،
__________
(1) الرخاء وسعة العيش (2) المسائية: أحد مصادر ساءه يسوءه، إذا فعل به ما يكره.
قال في اللسان: " قال سيبويه: سألت الخليل عن سوائية فقال: هي فعالية بمنزلة علانية، والذين قالوا: سواية، حذفوا همزة هار ولاث كما اجتمع أكثرهم على حذف همزة ملك وأصله ملاك، وسألته عن مسائية فقال: هي مقلوبة، وإنما حدها مساوئه، فكرهوا الواو مع الهمزة لانهما حرفان مستثقلان، والذين قالوا: مساية حذفوا الهمزة تخفيفا " اه ومنه تعلم أن وزن المؤلف مسائية فاعلة ؟ ؟ ؟ إنما هو بالنظر إلى الاصل قبل القلب، وأما وزنها الان فمفالعة، وإنما قلبت الواو ياء لتطرفها حكما بعد كسرة (3) الغلبة والغلبى - بضم الغين واللام فيهما - مصدران من مصادر غلب، وقد ورد من الاول قول الشاعر، وهو المرار: أخذت بنجد ما أخذت غلبة * وبالغور لى عز أشم طويل ولم نقف للثاني على شاهد، ولكنه حكان في اللسان.
(4) الفرار: الروغان والهرب، ومنه قوله تعالى: (لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) (*)


والضراب (1)، والوداق (2)، والطماح، والحران شبه الشماس (3) والشراد والجماح والجامع امتناعه مما يراد منه ويجئ فعال بالكسر في الاصوات أيضا لكن أقل من مجئ فعال بالضم وفعيل فيها، وذلك كالزمار والعرار (4) والفعال قياس من غير المصادر في وقت حينونة الحدث، كالقطاف والصرام والجداد والحصاد (5) والرفاع، ويشاركه فعال بالفتح
والفعال بالكسر غالب في السمات أيضا كالعلاط والعراض (6) لوسم على العنق، والجناب على الجنب، والكشاح على الكشح والغالب في مصدر الادواء من غير باب فعل المكسور العين الفعال، كالسعال
__________
(1) الضراب: مصدر ضرب الفحل الناقة، إذا نزا عليها (2) الوداق: مصدر ودقت الدابة (إذا كانت من ذوات الحافر): أي اشتهت الفحل، وحمى ابن القوطية والمجد الوداق - بفتح الواو - وحكى ابن القوطية الفعل كوعد وكوثق، وحكى المجد تثليث عينه.
والطماح: مصدر طمحت المرأة تطمح من باب فتح - إذا نشزت وجمحت.
والحران: مصدر حرنت الدابة، إذا وقفت عند استدرار جريها (3) التماس: مصدر شمست الدابة والفرس - كسمع وكنصر، وفيه لغة ثالثة كفضل يفضل، من باب التداخل - إذا شردت وجمحت ومنعت ظهرها.
(4) الزمار: صوت النعام، وفعله كضرب.
والعرار: مصدر عن الظليم يعر - من باب ضرب - إذا صاح، ويقال أيضا: عار معارة وعرارا (5) القطاف - ككتاب وكسحاب - وقت قطف العنب ونحوه.
والصرام - كسحاب وككتاب - أو ان إدراك النخل.
والجداد - ككتاب وكسحاب - أوان قطع ثمر النخل.
والحصاد - كسحاب وككتاب - أوان حصد الزرع.
والرفاع كسحاب وككتاب - أوان حمل الزرع بعد الحصاد إلى البيدر (6) العلاط: سمة في عرض عنق البعير، وربما كان خطا أو خطين أو خطوطا في كل جانب.
والعراض: سمة في عرض فخذ البعير، ومنه تعرف ما في تفسير المؤلف من التساهل (*)


والدوار، والعطاس، والصداع، ويشاركه في لفظ لسواف فعال بالفتح (1)، لاستثقال
الضم قبل الواو.
والغالب في الاصوات أيضا الفعال بالضم، كالصراخ والبغام والعواء (2) ويشاركه في الغواث فعال (3) بالفتح، ويأتي فيها كثيرا فعيل أيضا، كالضجيج والنئيم والنهيب (4) وقد يشتركان، كالنهيق والنهاق، والنبيح (5) والنباح، ويجئ فعال من غير المصادر بمعنى المفعول، كالدقاق، والحطام، والفتات، والرفات (6) والفعالة للشئ القليل المفصول من الشئ الكثير، كالقلامة، والقراضة، والنقاوة، والنفاية (7)
__________
(1) قال في القاموس: والسواف بالضم مرض الابل ويفتح، وساف المال يسوف ويساف هلك أو وقع فيه السواف (2) البغام ومثله البغوم - بضم الباء فيهما - مصدر بغمت الظبية - من باب منع ونصر وضرب، فهي بغوم، إذا صاحت إلى ولدها بأرخم ما يكون من صوتها، وتقول: بغمت الناقة، إذا قطعت الحنين ولم تمد، وتقول: بغم الثيتل والايل والوعل إذا صوت.
والعواء: مصدر عوى الكلب والذئب يعوى، إذا لوى خطمه ثم صوت أو إذا مد صوته (3) قال في القاموس: الغواث - بالضم، وفتحه شاذ، وهو صوت المستغيث، إذا صاح " واغوثاه " (4) النئيم: الانين، أو هو صوت خفى، والنئيم أيضا: صوت الاسد والقوس والظبي، والفعل كضرب ومنع.
والنهيت ومثله النهات: الزئير والزحير، والنهات: الاسد، ومثله المنهت - بضم الميم وفتح النون وتشديد الهاء مكسورة - والفعل كضرب (5) النهيق والنهاق: صوت الحمار، والفعل كضرب وكسمع وكنصر، والنبيح والنباح ومثلهما النبح والنباح: صوت الكلب والظبي والتيس والحية، والفعل كمنع وكضرب (6) الدقاق كغراب: فتات كل شئ.
والحطام: ما تكسر من اليبيس.
والفتات:
ما تفتت.
والرفات: الحطام، وكصرد: التبن.
(7) القلامة: ما سقط من الظفر.
والقراضة: ما سقط بالقرض، ومنه (*)


والقياس المطرد في مصدر التنقف والتقلب الفعلان، كالنزوان، والنقزان، والعسلان والرتكان (1)، وربما جاء فيه الفعال، كالنزاء والقماص (2)، والشنأن شاذ، لانه ليس باضطراب.
والاغلب في الالوان الفعلة، كالشهبة والكدرة (3)، وفي الادواء من باب فعل المكسور العين الفعل، كالورم، والمرض والوجع.
وبعض الاوزان المذكورة ليس بمصدر.
ثم نقول: الاغلب الاكثر في غير المعاني المذكورة أن يكون المتعدى على فعل من أي باب كان، نحو قتل قتلا، وضرب ضربا، وحمد حمدا، وفعل اللازم فعول، نحو دخل دخولا وأما فعل اللازم ففعل بالفتح، كترب (4) تربا، وفعل - وهو لازم لا غير - فعالة في الاغلب، نحو كرم كرامة، كما يجئ
__________
قراضة الذهب.
والنقاوة: الذي في القاموس أن النقاوة والنقاية - بضم أولهما، خيار الشئ، والنقاية والنقاة - بضم أولهما وفتحه - ردئ الشئ وما ألقى منه، وليس فيه النقاوة بالمعنى الاخير.
والنفاية - بضم أوله وفتحه - ومثله النفاة كالحصاة والنفوة - بفتح فسكون والنفاء والنفاوة - بالضم - وهو رديئه وبقيته (1) النزوان: الوثبان، ولا يقال إلا للشاء والدواب والبقر في معنى السفاد، والنقزان، ومثله النقز: هو الوثبان صعدا في مكان واحد، قد غلب على الطائر المعتاد الوثب كالغراب والعصفور.
والعسلان: أن يسرع الذئب والثعلب ويضطرب في عدوه ويهز رأسه.
والرتكان: مقاربة البعير خطوة في زملائه، ولا يقال إلا للبعير (2) القماص: مصدر قمص الفرس وغيره من باب ضرب ونصر، وهو بضم القاف وكسرها، أو إذا صار عادة له فبالضم، وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا
ويعجن برجليه اه من القاموس (3) انظر (ص 72 ه 3) (4) ترب الرجل - كفرح: لصق بالتراب من الفقر (*)


قوله " قال الفراء: إذا جاءك فعل مما لم يسمع مصدره " يعنى قياس أهل نجد أن يقولوا في مصدر ما لم يسمع مصدره من فعل المفتوح العين: فعول، متعديا كان أو لازما، وقياس الحجازيين فيه فعل، متعديا كان أولا، هذا قوله، والمشهور ما قدمنا، وهو أن مصدر المتعدى فعل مطلقا، إذا لم يسمع، وأما مصدر اللازم ففعول من فعل المفتوح العين وفعل من فعل المكسور وفعاله من فعل، لانه الاغلب في السماع فيرد غير المسموع إلى الغالب قوله " ونحو هدى وقرى " قالوا: ليس في المصادر ما هو على فعل إلا الهدى والسرى، ولندرته في المصدر يؤنثهما بنو أسد على توهم أنهما جمع هدية وسرية، وإن لم تسمعا، لكثرة فعل في جمع فعلة، وأما تقى فقال الزجاج: هو فعل والتاء بدل من الواو كما في تقوى، وقال المبرد: وزنة تعل والفاء محذوف كما يحذف في الفعل، فيقال في اتقى يتقى: تقى يتقى (1) على ما يجئ في آخر
__________
(1) اعلم أنهم قالوا: اتقى يتقى كثيرا، ومنه قوله تعالى: (يا أيها النبي تق الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجا) وهو افتعل من الوقاية، وأصله أو تقى قلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة فصار ايتقى، ثم قلبت الياء تاء وأدغمت في التاء، ومنهم من يقلب الواو تاء من أول الامر، وقالوا: تقى يتقى بسكون التاء تخفيفا، تق، فأما الماضي فنحو قول أوس بن حجر يصف رمحا: تقاك بكف واحد وتلذه * يداك إذا ما هز بالكف يعسل وأما المضارع فنحو قول الاسدي:
ولا أتقى الغيور إذا رأني * ومثلى لز بالحمس الربيس أما الامر فنحو قول عبد الله بن همام السلولي: زيادتنا نعمان لا تنسينها * تق الله فينا والكتاب الذى تتلو وربما قالوا في المضارع يتقى - يفتح التاء - ومنه قول خاف بن ندبة: (*)


الكتاب، ولم يجئ فعل في مصدر فعل المفتوح عيه إلا في المنقوص، نحو الشرى، والقرى، والقلى، وهو أيضا قليل.
قوله " ونحو طلب مختص بيفعل " يعني لم يجئ في باب فعل المفتوح مصدر على فعل المفتوح العين إلا ومضارعه يفعل بالضم سوى حرفين: جلب الجرح جلبا: أي أخذ في الالتئام، والمضارع من جلب الجرح يجلب ويجلب معا، وليس مختصا بيفعل بالضم، وأما الغلب فهو من باب غلب يغلب، قال الله تعالى: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) قال الفراء: يجوز أن يكون في الاصل من بعد غلبتهم بالتاء، فحذف التاء، كما في قوله: - 20 - إن الخيط أجدوا البين فانجردوا وأخلفوك عد الامر الذي وعدوا (1) أي: عدة الامر
__________
جلالها الصيقلون فأخلصوها خفافا كلها يتقى بأثر وكأنه لما كثر استعمالهم اتقى يتقى بالزيادة توهموا أن التاء في أصل بناء الكلمة فخففوه بحذف همزة الوصل والتاء الاولى الساكنة، ثم لما رأوا المضارع مفتوح ما بعد حرف المضارعة ولا نظير له في أبنيتهم سكنوا ما بعد حرف المضارعة ليصير على مثال قضى يقضى، ثم بنوا المشتقات على ذلك فقالوا تقى تقية ورجل تقى ورجال أتقياء وتقواء وتقاة
(1) البيت للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب أحد شعراء الدولة الاموية.
والخليط: المخالط والمعاشر كالنديم والجليس بمعنى المنادم والمجالس، والبين: البعد والفراق، وأجدوه: صيروه جديدا، وانجردوا: بعدوا وأصله من قولهم: جرد بنا السير: أي امتد، والشاهد فيه قوله " عد الامر " حيث حذف التاء في الاضافة كما حذفت في قوله تعالى: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) وقوله: (وإقام الصلاة) (*)


وأما فعلان فنادر، نحو لوى ليانا (1)، قال بعضهم: أصله الكسر ففتح للاستثقال، وقد ذكره أبو زيد بكسر اللام، وجاء أيضا شنآن بالسكون، وقرئ في التنزيل بهما.
ولم يأت الفعول - بفتح الفاء - مصدرا إلا خمسة أحرف (2): توضأت وضوءا
__________
(1) نقول: لواه دينه ولواه بدينه ليا وليانا - بفتح اللام وكسرها - في المصدرين، إذا مطله، قال ذو الرمة: تطيلين لياني وأنت مليئة * وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا وأصل اللى والليان لوى ولويان، فقلبت الواو ياء، لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت الياء في الياء، قال في اللسان: قال أبو الهيثم لم يجئ من المصادر على فعلان - بفتح فسكون - إلاليان، وحكى ابن برى عن أبى زيدليان - بالكسر - وهى لغية (2) اعتبر المؤلف هذه الكلمات مصادر تبعا لسيبويه وجماعة، وللعلماء في ذلك كلام، قال سيبويه (ج 2 ص 228) " هذا باب ما جاء من المصادر على فعول (بفتح الفاء) وذلك قولك: توضأت وضوءا حسنا، وتطهرت طهور حسنا، وأولعت به ولوعا، وسمعنا من العرب من يقول: وقدت النار وقودا، غالبا، وقبله قبولا، والوقود (بالضم) أكثر، والوقود (بفتح الواو) الحطب، وتقول:
إن على فلان لقبولا: فهذا مفتوح " اه.
وقال في اللسان: " الوضوء بالفتح الماء الذي يتوضأ به كالفطور والسحور لما يفطر به ويتسحر به، والوضوء أيضا المصدر من توضأت للصلاة مثل الولوع والقبول، وقيل: الوضوء بالضم المصدر، وحكى عن أبى عمرو بن العلاء القبول بالفتح مصدر لم أسمع غيره، وذكر الاخفش أن الوقود بالفتح الحطب والوقود بالضم الاتقاد وهو الفعل، قال: ومثل ذلك الوضوء وهو الماء والوضوء بالضم وهو الفعل، وزعموا أنهما لغتان بمعنى واحد، يقال: الوقود (بالفتح) والوقود (بالضم) يجوز أن يعنى بهما الحطب ويجوز أن يعنى بهما الفعل، وقال غيره: القبول والولوع مفتوحان وهما مصدران شاذان وما سواها من المصادر فمبنى على الضم.
التهذيب: الوضوء الماء والطهور مثله، ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء، لا يقال الوضوء ولا الطهور، قال الاصمعي: قلت (*)


وتطهرت طهورا، وولعت ولوعا، ووقدت النار وقودا، وقبل قبولا، كما حكى سيبويه قال: " وفعل اللازم نحو فرح على فرح، والمتعدي نحو جهل على جهل، وفي الالوان والعيوب نحو سمر وأدم على سمرة وأدمة، وفعل نحو كرم على كرامة غالبا، وعظم وكرم كثيرا " أقول: قوله " وفى الالوان والعيوب " هذا الذي ذكره هو الغالب في الالوان، وإن كانت من فعل بضم العين أيضا، وقد جاء شئ منها على فعل كالصدأ والعيس (1)، وأما العيسة - بكسر العين - فأصلها الضم، كسرت
__________
لابي عمرو: ما الوضوء ؟ فقال: الماء الذي يتوضأ به، قلت: فما الوضوء بالضم ؟ قال: لا أعرفه " اه ونقل نصوصا أخرى لا تخرج عن هذا المعنى، واعلم أن من العلماء من يجعل المصدر هو الدال على الفعل الذى هو الحدث، وأكثر المتقدمين على هذا، فليس عندهم مصدر واسم مصدر، بل كل مادل على الحدث فهو مصدر، وتكاد
تلمس هذا في عبارة سيبويه وفي ما ذكره اللسان عن جلة العلماء، والمتأخرون على على الفرق بين المصدر واسم المصدر، وأحسن ما يفرق به بينهما ما ذكره ابن مالك في التسهيل حيث عرف اسم المصدر بقوله: " هو ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه وخالفه يخلوه لفظا وتقديرا دون عوض من بعض ما في فعله " اه ومدار الفرق بينهما على أن الاسم الدال على الحدث إن اشتمل على جميع حروف الفعل لفظا أو تقديرا أو بالتعويض فهو مصدر، سواء أزادت حروفه عن حروف الفعل أم ساوت حروفه حروفه، وإلا فهو اسم مصدر، فمثال المصدر التوضؤ والقتال بالنسبة لقاتل والعدة بالنسبة لوعد والاعلام بالنسبد لاعلم، ومثال اسم المصدر الغسل بالنسبة إلى اغتسل والعطاء بالنسبة لاعطى والكلام بالنسبة لكلم، وعلى هذا فالوضوء والطهور والولوع إن كان فعله أولع كما ذكره سيبويه أسماء مصادر إن أريد بها الحدث سواء أكان أولها مضموما أم مفتوحا، وأما الوقود والقبول والولوع إن كان فعله ولع كما ذكر المؤلف فمصادر سماعية وإن أردت بهذه الالفاظ معنى غير معنى الحدث فليست مصادر ولا أسماء مصادر.
(1) العيس: بياض يخالطه شئ من شقرة، وقيل: هو لون أبيض مشرب (*)


للياء، وقد جاءت الصهوبة (1) والكدورة، قال سيبويه: قالوا: البياض والسواد تشبيها بالصباح والمساء لانهما لونان مثلهما وأما مجئ العيوب على فعلة - بالضم - فقليل، كالادرة والنفخة (2)، وقد جاء الفعلة والفعلة لموضع الفعل في الاعضاء كثيرا، كالقطعة والقعة (3) لموضع القطع، وكذا الجذمة والجذمة، والصلعة والصلعة، والنزعة والنزعة (4) ويكون الفعلة - بضم الفاء وسكون العين - للفضلة أيضا، كالقلفة، والغرلة (5)
__________
صفاء في ظلمة خفية.
والعيسة بكسر العين فعلة بضم الفاء على مثال الصهبة والكمتة
والحمرة والصفرة، لانه ليس في الالوان فعلة بالكسر، وإنما كسر أولها لتصح الياء كما كسرت الباء في بيض لتصح الياء (1) الصهوبة والصهبة والصهب: حمرة في الشعر، وقيل: أن تكون أطراف الشعر حمراء وأصولها سوداء (2) الادرة - بالضم - والادر: بفتحتين - انتفاخ في الخصية، وقيل: انفتاق في إحدى الخصيتين، والنفخة - بالضم - داء يصيب الفرس ترم منه خصياه، وهي أيضا انتفاخ البطن من طعام ونحوه (3) اللقطة - بالضم، وبفتحتين - موضع القطع من اليد، وقيل: بقية اليد المقطوعة، وفي الحديث إن سارقا سرق فقع فكان يسرق بقطعته (بفتحتين) والظاهر أن المراد بقية يده المقطوعة (4) الذي في القاموس واللسان الحذمة - بفتح فسكون، وبفتحتين - وفي القاموس ذكر الصلعة - بفتحتين - وذكرها في اللسان بالضم وبفتحتين، وفي القاموس واللسان جميعا النزعة بفتحتين، لكن ذكر سيبويه (ح 2 ص 223) هذه الالفاظ ما عدا النزعة، وضبطت كما في الاصل الذي معنا.
والجذمة: موضع الجذم، وهو القطع.
والصلعة: موضع الصلع، وهو ذهاب الشعر من مقدم الرأس إلى مؤخره.
والنزعة: موضع النزع وهو انحسار الشعر من جانبي الجبهة (5) القلفة - بالضم، وبفتحتين - جلة الذكر التى تغطى الحشفة، وقلفها الخاتن، إذا قطعها، والغزلة - بالضم - هي القلفة (*)


ويجئ الفعل للمفعول، كالذبح والسفر (1) والزبر ويجئ الفعل - بفتح الفاء والعين - له أيضا، كالخبط للمخبوط، والنفض للمنفوض (2)،
وجاء فعلة: بسكون العين كثيرا بمعنى المفعول كالسبة والضحكة واللعنة، وبفتح العين للفاعل، وكلتاهما للمبالغة ويجئ المفعلة لسبب الفعل، كقوله عليه الصلاة والسلام " الولد مبخلة مجبنة محزنة ".
ويجئ الفعول لما يفعل به الشئ كالوجور لما يوجر (به)، وكذا النقوع والقيوء (3)
__________
الذبح - بالكسر - ما يذبح، قال الله تعالى (وفديناه بذبح عظيم) والسفر - بالكسر - واحد الاسفار، وهى الكتب الكبار، سمى بذلك لانه مسفور، أي مكتوب، والسافر الكاتب، وجمعه سفرة، وبه فسر قوله تعالى (بأيدي سفرة كرام بررة).
والزبر - بالكسر - ومثله الزبور كرسول: الكتاب أيضا، سمى بذلك لانه يزبر: أي يكتب، تقول: زبر الكتاب يزبره - كضربه يضربه ونصره ينصره - إذا كتبه، وجمع الزبر زبور - كقدر وقدور - وجمع الزبور زبر كرسول ورسل (2) الخبط - بفتحتين - ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق أو غيره، ويمزج بالماء فتوجره الابل، والخبط أيضا: ما خبطته الدواب وكسرته، والمخابط: جمع مخبط كمنبر وهو العصا.
والنفض بالتحريك: ما تساقط من الورق والثمر، وما وقع من الشئ إذا نفضته: أي زعزعته وحركته.
(3) الذي في القاموس واللسان والمزهر عن أبي عبيدة أن الوجور - بفتح الواو - الدواء يوجر في الفم، سمى بذلك لانه يدخل فيه، والوجر: إدخال الماء أو الدواء في الحلق، وآلة الوجر: ميجر وميجرة، فليس المراد بما يفعل به الشئ آلة الشئ كما قد يتبادر من العبارة، بل المراد ما يتحقق به الشئ، والمراد بالشئ في عبارته الحدث.
وفي القاموس واللسان النقوع كصبور: ما ينقع في الماء ليلا ليشرب (*)


قوله " وفعل نحو كرم على كرامة غالبا " فعالة في مصدر فعل أغلب من غيره، وقيل: الاغلب فيه ثلاثة: فعل كجمال، وفعالة ككرامة، وفعل كحسن، والباقي يحفظ حفظا.
قال: " والمزيد فيه والرباعي قياس، فنحو أكرم على إكرام، ونحو كرم على تكريم وتكرمة، وجاء كذاب وكذاب، والتزموا الحذف والتعويض في نحو تعزية وإجازة واستجازة، ونحو ضارب على مضاربة وضراب، ومراء شاذ، وجاء قيتال، ونحو تكرم على تكرم، وجاء تملاق، والباقي واضح " أقول: يعني بقياس المصادر المنشعبة ما مر في شرح الكافية، من كسر أول الماضي وزيادة ألف قبل الاخر، فيكون للجميع قياس واحد.
وذكر المصنف منها ههنا ما جاء غير قياسي، أو جرى فيه تغيير، وترك الباقي وذكر أفعل أولا، وإن كان مصدره قياسيا، تنبيها به على كيفية القياس، وخصه بالذكر إذ هو أول الابواب المنشبعة، على ما يذكر في كتاب المصادر، وأيضا إنما ذكره في مصدره تغيير في الاجوف، نحو إقامة، والظاهر أنه أراد بالقياس القياس المختص بكل باب، فان لكل باب قياسا خاصا لا يشاركه فيه غيره، كما مر في شرح الكافية (1)
__________
نهارا وبالعكس، والنقع: نبذ الشئ في الماء، وبابه فتح.
والقيوء بالفتح: الدواء الذي يشرب للقئ.
والقيوء أيضا صيغة مبالغة بمعنى كثير القئ (1) قال في الكافية وشرحها (ح 2 ص 178): " وهو من الثلاثي سماع ومن غيره قياس، تقول أخرج إخراجا واستخرج استخراجا: ترتقى أبنية مصادر الثلاثي الى اثنين وثلاثين في الاغلب كما يجئ في التصريف، وأما في غير الثلاثي فيأتي قياسا كما تقول مثلا: كل ما ماضيه على أفعل فمصدره على إفعال، وكل ما ما ضيه على فعل (*)


قوله " تكريم وتكرمة " تفعيل في غير الناقص مطرد قياسي، وتفعلة كثيرة، لكنها مسموعة، وكذا في المهموز اللام، نحو تخطيئا وتخطيئة، وتهنيئا وتهنئة، هذا عن أبي زيد وسائر النحاة، وظاهر كلام سيبويه أن تفعله لازم في المهموز اللام كما في الناقص، فلا يقال تحطيئا وتهنيئا، وهذا كما ألحق أرأيت بأقمت (1)، وأما إذا كان لام الكلمة حرف علة فانه على تفعلة لا غير، وذلك
__________
فمصدره على تفعيل، وكل ما ماضيه على فعلل فمصدره على فعللة، ويجوز أيضا أن يرتكب قياس واحد لجميع الرباعي والمزيد فيه، وهو أن يقال: تنظر إلى الماضي وتزيد قبل آخره ألفا، فان كان قبل الاخر في الماضي متحركان كسرت أولهما فقط كما تقول في أفعل إفعال، وفي فعلل فلال، وفي فعلى فعلاء، وفي فاعل فيعال، وفي فعل فعال، وإن كان ثلاث متحركات كسرت الاولين كانفعال وافتعال واستفعال وافعلال وافعيلا إذا أصل ماضيهما افعلل وافعالل، وتفعال - بكسر التاء والفاء وتشديد العين - وليس هذا بناء على أن المصدر مشتق من الفعل، بل ذلك لبيان كيفية مجئ المصدر فياسا لمن اتفق له سبق علم بالفعل، والاشهر في مصدر فعل وفعلل وفاعل وتفعل خلاف القياس المذكور، وهو تفعيل وفعللة ومفاعلة وتفعل، وأما فعال في مصدر فاعل كقتال فهو مخفف القياسي، إذ أصله قيتال، ولم يأت في تفعلل وتفاعل وما ألحق بتفعلل من تفو على وتفيعل ونحوهما إلا خلاف القياس كالتفعلل والتفاعل " اه (1) المقصود إلحاق أرأيت بأقمت في حذف الوسط وهو عين الكلمة وإن كان سبب الحذف في أقمت موجودا وهو التخلص من التقاء الساكنين، وليس موجودا في أرأيت، إلا أنهم لما استثقلوا الهمزة في أرأيت مع كثرة استعمال هذه الكلمة نقلوا فتحتها إلى الساكن قبلها، ثم خففوها بقلبها ألفا، ثم حذفوها تخلصا
من التقاء الساكنين، قال سيبويه (ح 2 ص 244): " ولا يجوز الحذف أيضا في تجزئة وتهنئة وتقديرهما تجزعة وتهنعة لانهم ألحقوهما بأختيهما من بنات الياء والواو كما ألحقوا أرأيت بأقمت حين قالوا أريت " اه (*)


بحذف الياء الاولى، وإبدال الهاء منها، لاستثقال الياء المشددة، وقد جاء التشديد في الضرورة كما في قوله: - 21 - فهي تنزى دلوها تنزيا * كما تنزى شهلة صبيا (1) وإنما قلنا " إن المحذوف ياء التفعيل " قياسا على تكرمة، لانه لم يحذف فيها شئ من الاصول، ولانها مدة لا تتحرك، فلما رأينا الياء في نحو تعزية متحركة عرفنا أن المحذوف هو المدة، فلو حذفت الثانية لزم تحريك المدة لاجل تاء التأنيث وأما إجازة واستجازة فأصلهما إجواز واستجواز أعل المصدر باعلام الفعل كما يجئ في باب الاعلال، فقلبت العين ألفا، فاجتمع ألفان، فحذفت الثانية عند الخليل وسيبويه، قياسا على حذف مدة نحو تعزية، ولكونها زائدة، وحذفت الاولى عند الاخفش والفراء، لان الاول يحذف للساكنين إذا كان مدا، كما في قل وبع، ويجئ احتجاجهم في باب الاعلال في نحو مقول ومبيع، وأجاز سيبويه عدم الابدال أيضا، نحو أقام إقاما واستجاز استجازا، استدلالا بقوله تعالى (وإقام الصلاة) وخص الفراء ذلك بحال الاضافة، ليكون المضاف إليه قائما مقام الهاء، وهو أولى، لان السماع لم يثبت إلا مع الاضافة، ولم يجوز سيبويه حذف التاء من نحو التعزية على حال، كما جوز في (إقام الصلاة) إذ لم يسمع.
قوله " وجاء كذاب " هذا وإن لم يكن مطردا كالتفعيل لكنه هو القياس كما مر في شرح الكافية، قال سيبويه: أصل تفعيل فعال، جعلوا التاء
__________
(1) لم نقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين.
وتنزى: تحرك، وتنزيا مصدره والشهلة: المرأة العجوز أو النصف.
يقول: إن هذه المرأة تحرك دلوها لتملاها كما تحرك المرأة العجوز صبيها في ترقيصها إياه، والاستشهاد به على مجئ مصدر فعل من الناقص على التفعيل شذوذا من حيث الاستعمال (*)


في أوله عوضا من الحرف الزائد، وجعلو الياء بمنزلة ألف الافعال، فغيروا آخره كما غيروا أوله، فان التغيير مجرئ على التغيير.
ولم يجئ فعال في غير المصدر إلا مبدلا من أول مضعفه ياء نحو قيراط ودينار وديوان.
وأما المصدر فانه لم يبدل فيه ليكون كالفعل وفعال في مصدر فعل، وفيعال وفعال في فاعل، وتفعال في فعل، وإن كانت قياسا لكنها صارت مسموعة لا يقاس على ما جاء (1) منها، ولا يجئ فعال فيما فاؤه ياء الاستثقال، فلا يقال يسار في ياسر، وفعال في فاعل مقصور فيعال، والياء في مكان ألف فاعل وأما كذاب - بالتخفيف - في مصدر كذب فلم أسمع به، والاولى أن يقال في قوله تعالى: (وكذبوا بآياتنا كذابا) في قراءة التخفيف: إنه مصدر كاذب أقيم مقام مصدر كذب، كما في قوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا).
قوله " ومراء شاذ " يعنى بالتشديد، والقياس مراء بالتخفيف (2)، وإنما
__________
(1) أن المستعمل من مصدر فعل - بالتضعيف - التفعيل كالتكليم والتسليم والتكبير، وإن كان أصل القياس فيه على ما ذكر هو من الاصل الفعال - بكسر الفاء وتشديد العين - وأن المستعمل باطراد من مصدر فاعل المفاعلة كالمقاتلة والمضاربة والمماراة والمداراة والمياسرة وإن كان القياس هو الفيعال - بكسر الفاء -
ومخففه الفعال - بكسر الفاء وتخفيف العين - وأن المستعمل من مصدر تفعل هو التفعل كالتقدم والتلكؤ والتأخر، وإن كان القياس هو التفعال، ولا يخفى أن كون المذكورات هي القياس إنما يجرى على أن للجميع قياسا واحدا، والعجب منه، فأنه قدم هنا قريبا أن الاولى أن يكون لكل باب قياس خاص فكيف عدل عن هذا الاولى (2) المراء - بالتخفيف - والمراء بالتشديد، مصدر قولك ماريت الرجل أماريه إذا جادلته، والمراء أيضا: الامتراء والشك


زادوا في المصادر على الافعال شيئا لان الاسماء أخف من الافعال، وأحمل للاثقال.
قال: " ونحو الترداد والتجوال والحثيثي والرميا للتكثير " أقول: يعنى أنك إذا قصدت المبالغة في مصدر الثلاثي بنيته على التفعال، وهذا قول سيبويه، كالتهذار في الهذر الكثير، والتلعاب والترداد، وهو مع كثرته ليس بقياس مطرد، وقال الكوفيون: إن التفعال أصله التفعيل الذي يفيد التكثير، قلبت ياؤه ألفا فأصل التكرار التكرير، ويرجح قول سيبويه بأنهم قالوا التلعاب، ولم يجئ التلعيب، ولهم أن يقولوا: إن ذلك مما رفض أصله، قال سيبويه: وأما التبيان فليس ببناء مبالغة، وإلا انفتح تاؤه، بل هو اسم أقيم مقام مصدر بين، كما أقيم غاره وهي اسم مقام إغارة في قولهم: أغرت غارة، ونبات موضع إنبات، وعطاء موضع إعطاء، في قولهم: أنبت نباتا، وأعطى عطاء قالوا: ولم يجئ تفعال - بكسر التاء - إلا ستة عشر اسما: اثنان بمعنى المصدر، وهما التبيان والتلقاء، ويقال: مر تهواء من الليل: أي قطعة، وتبراك وتعشار وترباع: مواضع، وتمساح معروف، والرجل الكذاب أيضا،
وتلفاق: ثوبان يلفقان، وتلقام: سريع اللقم، وتمثال وتجفاف معروفان، وتمراد: بيت الحمام، وأتت الناقة على (1) تضرابها، وتلعاب: كثير
__________
(1) الذي في سيبويه (ح 2 ص 247): " وقد يجئ الفعل يراد به الحين، فإذا كان من فعل يفعل - بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع - بنيته على مفعل - بكسر العين - تجعل الحين الذى فيه الفعل كالمكان، وذلك قولك أتت الناقة على مضربها، وأتت على منتجها، إنما تريد الحين الذي فيه النتاج والضراب " اه.
وقال في اللسان: " وناقة ضارب ضربها الفحل على النسب، وناقة تضراب (*)


اللعب، وتقصار: للمحنقة (1)، وتنبال: للقصير وأما الفعيلى فليس أيضا قياسيا، فالحثيثي والرميا والحجزيي مبالغة التحاث والترامي والتحاجز: أي لا يكون من واحد، وقد يجئ منه ما يكون مبالغة لمصدر الثلاثي كالدليلي والنميمي والهجيري والخليفي: أي كثرة الدلالة، والنميمة، والهجر: أي الهذر، والخلافة، وأجاز بعضهم المد في جميع ذلك، والاولى المنع، وقد حكى الكسائي خصيصاء بالمد، وأنكره الفراء قال: " ويجئ المصدر من الثلاثي المجرد أيضا على مفعل قياسا مطردا كمقتل ومضرب، وأما مكرم ومعون، ولا غيرهما، فنادران حتى جعلهما الفراء جمعا لمكرمة ومعونة، ومن غيره على زنة المفعول كمخرج ومستخرج، وكذا الباقي، وأما ما جاء على مفعول كالميسور والمعسور والمجلود والمفتون فقليل، وفاعله كالعافية والعاقبة والباقية والكاذبة أقل " أقول: قال سيبويه: لم يجئ في كلام العرب مفعل، يعنى لا مفردا ولا جمعا، قال السيرافي: فقوله: - 22 - بثين، الزمى " لا " إن " لا " إن لزمته * على كثرة الواشين أي معون (2)
__________
بفتح التاء - كضارب.
وقال اللحياني: هي التي ضربت فلم يدر الاقح هي أم غير لاقح " ولم نجد في كتب اللغة تضرابا - بالكسر - ولا المثال على الوجه الذي ذكره المؤلف (1) المخنقة: القلادة.
سميت بذلك لانها تلبس عند المخنق (كمعظم).
وفي اللسان: " والتقصار والتقصارة - بكسر التاء - القلادة للزومها قصرة العنق (والقصرة بفتحات أصل العنق) " (2) البيت من قصيدة لجميل بن عبد الله بن معمر العذري.
وبثبين مرخم بثينة (*)


أصله معونة، فحذفت التاء للضرورة، وكذا قوله: - 23 - * ليوم روع أو فعال مكرم (1) * وذهب الفراء إلى أنهما جمعان، على ما هو مذهبه (2) في نحو تمر وتفاح، فيجيز مكرما ومعونا في غير الضرورة، فعند الفراء يجئ مفعل جمعا، وقد جاء مهلك بمعنى الهلك، ومألك، وله أن يدعى فيهما أنهما جمعا مهلكة ومألكة،
__________
اسم حبيبته.
يقول: إذا سألك الواشون عني أو عن شئ يرتبط بي فلا تذكري شيئا سول كلمة لا، فان هذه الكلمة إن لزمتها أكبر عون لك على رد كيدهم، والشاهد فيه قوله معون بضم العين وأصله معون بسكونها وضم الواو - فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها، وهذا شاذ، والقياس المعان، وأصله معون فنقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ثم قبلت ألفا (1) هذا بيت من الرجز المشطور من كلمة لابي الاخزر الحماني يمدح فيها مروان بن الحكم بن العاص، وقد روى قبله: نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي ويروى البيت الذي قبله:
مروان مروان لليوم اليمى ويروى: مروان مروان أخو اليوم اليمى وقوله: اليمى: أصله اليوم - بفتح الياء وكسر الواو - كقولهم يوم أيوم وليلة ليلاء.
ثم قدمت الميم على الواو، فتطرفت الواو إثر كسرة فقلبت ياء، وعلى الرواية الثالثة يجوز أن يكون أصله أخو اليوم اليوم، على المبتدأ والخبر، فقدم الميم بحركتها على الواو فقلبت ضمة الميم كسرة ثم قلبت الواو ياء لتطرفها حينئذ إثر كسرة.
والروع: الفزع والخوف.
والفعال - بفتح الفاء - الوصف حسنا أو قبيحا.
والمكرم: الكرم، وهو محل الشاهد في البيت.
(2) مذهب الفراء في هذا هو مذهب الكوفيين، وسيأتي ايضاحه في جمع التكسير (*)


وجاء في بعض القراءات (1) (فنظرة إلى ميسرة) قوله " قياسا مطردا " ليس على إطلاقه، لان المثال الواوي منه بكسر العين كالموعد والموجل، مصدرا كان أو زمانا أو مكانا، على ما ذكر سيبويه، بلى إن كان المثال معتل اللام كان بفتح العين كالمولى، مصدرا كان أو غيره، قال سيبويه عن يونس: إن ناسا من العرب يقولون من يوجل ونحوه موجل وموحل بالفتح مصدرا كان أو غيره، قال سيبويه: إنما قال الاكثرون موجل بالكسر لانهم ربما غيروه في توجل ويوحل، فقالوا: ييجل، ويأجل، فلما أعلوه بالقلب شبهوه بواو يوعد المعل بالحذف، فكما قالوا هناك موعد قالوا ههنا موجل، ومن قال المؤجل بالفتح فكأنهم الذين يقولون: يوجل، فيسلمونه، والاسماء المتصلة بالافعال تابعة لها في الاعلال، وإنما قالوا مودة بالفتح اتفاقا لسلامة الواو في الفعل اتفاقا
وقد يجئ في الناقص المفعل مصدرا بشرط التاء كالمعصية والمحمية (2)
__________
(1) قال ابن جنى: " هذه القراءة قرائة مجاهد قال هو من باب معون ومكرم (بضم العين) وقيل: هو على حذف الهاء " اه وقال الجوهري: " وقرأ بعضهم فنظرة إلى ميسرة بالاضافة، قال الاخفش: وهو غير جائز، لانه ليس في الكلام مفعل - بضم العين - بغير الهاء: أما مكرم ومعون فهما جمع مكركة ومعونة " اه والميسر: اليسر والسعة والغنى (2) تقول: عصى الرجل أميره يعصيه عصيا وعصيانا ومعصية، إذا لم يطعه، وتقول حمى الشئ حميا وحمى وحماية ومحمية، إذا منعه ودفع عنه.
قال سيبويه: " لا يجئ هذا الضرب على مفعل (بكسر العين) إلا وفيه الهاء، لانه إن جاء على مفعل بغير هاء اعتل، فعدلوا إلى الاخف " اه كلامه.
وقوله اعتل يقصد أنه كان حينئذ يجرى عليه إعلال قاض فتحذف الياء للتخلص من التقاء الساكنين إن كان مرفوعا أو مخفوضا منونا.
(*)


وجاء في الاجوف المعيشة، قال سيبويه في (حتى مطلع الفجر) بالكسر: أي طلوعه (1)، ويجوز أن يقال: أنه اسم زمان: أي وقت طلوعه
__________
(1) قال في اللسان: " وأما قوله عز وجل (هي حتى مطلع الفجر) فان الكسائي قرأها بكسر اللام وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو بكسر اللام، وعبيد أحد الرواة عن أبى عمرو، وقال ابن كثير ونافع وابن عامر واليزيدي عن أبي عمرو، وعاصم وحمزة: هي حتى مطلع الفجر - بفتح اللام - قال الفراء: وأكثر القراء على مطلع (بالفتح).
قال: وهو أقوى في قياس العربية، لان المطلع بالفتح هو الطلوع، والمطلع - بالكسر - هو الموضع الذي تطلع منه، إلا أن العرب تقول: طلعت الشمس مطلعا فيكسرون وهو يريدون المصدر.
وقال: إذا كان الحرف من باب فعل يفعل، مثل دخل يدخل وخرج يخرج وما أشبهها آثرت
العرب في الاسم منه والمصدر فتح العين، إلا أحرفا من الاسماء ألزموها كسر العين في مفعل: من ذلك (وذكر بعض ما ذكر المصنف من الاسماء) فجعلوا الكسر علامة للاسم، والفتح علامة للمصدر.
قال الازهري: والعرب تضع الاسماء مواضع المصادر، ولذلك قرأ من قرأ (هي حتى مطلع الفجر)، لانه ذهب بالمطلع وإن كان اسما إلى الطلوع مثل المطلع (بالفتح) وهذا قول الكسائي والفراء، وقال بعض البصريين: من قرأ مطلع الفجر - بكسر اللام - فهو اسم لوقت الطلوع.
قال ذلك الزجاج.
قال الازهري: وأحسبه قول سيبويه " اه كلامه.
قال سيبويه - ج 2 ص 247) وأما ما كان يفعل لانه ليس في الكلام مفعل (بالضم) فلما لم يكن إلى ذلك سبيل، وكان مصيره إلى إحدى الحركتين (الكسرة أو الفتحة) ألزموه أخفهما، وذلك قولهم قتل يقتل وهذا المقتل (بالفتح)...وقد كسروا المصدر في هذا كما كسروا في يفعل (بفتح العين)، قالوا: أتيتك عند مطلع الشمس، وهذه لغة بنى تميم، وأما أهل الحجاز فيفتحون، وقد كسروا الاماكن في هذا أيضا، كأنهم أدخلوا الكسر أيضا كما أدخلوا الفتح " اه كلامه.
وقال أبو سعيد السيرافي: ومن ذلك (يريد بناء المصدر على المفعل بالكسر) فيما ذكره سيبويه المطلع في معنى الطلوع، وقد قرأ الكسائي (حتى مطلع الفجر) ومعناه حتى طلوع الفجر، وقال (*)


وقد جاء بالفتح والكسر محمدة ومذمة ومعجزة ومظلمة ومعتبة ومحسبة وعلق مضنة (1) وبالضم والكسر المعذرة (2)، وبالفتح والضم الميسرة (3)
__________
بعض الناس المطلع (بالكسر) الموضع الذي يطلع فيه الفجر، والمطلع (بالفتح) المصدر.
والقول ما قال سيبويه، لانه لا يجوز إبطال قراءة من قرأ بالكسر ولا يحتمل إلا الطلوع، لان حتى إنما يقع بعدها في التوقيت ما يحدث، والطلوع هو الذي يحدث، والمطلع ليس بحادث في آخر الليل، لانه الموضع " اه كلامه
(1) تقول: حمده يحمده - كعلم يعلم - حمدا كنصر، ومحمد ومحمدة - بالفتح فيهما - ومحمدا ومحمدة - بالكسر فيهما - وهما نادران.
وتقول: ذمه يذمه ذما كمد مدا ومذمة - بفتح الذال - أي: عابه، ولم نجد في كتب اللغة من هذا المعنى مصدرا على مذمة بالكسر، لكن في القاموس واللسان أنه يقال: رجل ذو مذمة - بالفتح والكسر -، إذا كان كلا وعبثا على الناس.
وتقول: عجز عن الامر - من بابي سمع وضرب - عجزا ومعجزا بكسر الجيم وفتحها في الاخيرين.
قال سيبويه: " الكسر على النادر والفتح على القياس لانه مصدر ".
وتقول: ظلمه يظلمه - من باب ضرب - ظلما بالفتح والضم، ومظلمة - بكسر اللام -، إذا جار عليه ووضع أمره على غير موضعه.
ولم يذكر صاحبا اللسان والقاموس فتح اللام فيهما.
وتقول عتب على يعتب - كيجلس ويخرج - عتبا وعتابا ومعتبا - بالفتح - ومعتبة - بالفتح والكسر -، إذا لامه وسخط عليه، وتقول: حسب الشئ يحسبه - بكسر عين المضارع وفتحها والكسر أجودهما - حسبانا - بكسر أوله - ومحسبة - بكسر السين أو فتحها - إذا ظنه، والكسر نادر عند من قال في المضارع يحسب بالفتح وأما عند من كسر عين المضارع فهو القياس.
وتقول: هذا الشئ علق مضنة: أي هو شئ نفيس يتنافس فيه أي يضن به، ويقال أيضا: هو عرق مضنة، وذلك كما يقال: فلان علق علم وتبع علم وطلب علم، الكل بكسر أوله وسكون ثانيه، والمعنى أنه يعلق العلم ويتبع أهله ويطلبه.
والضاد مكسورة أو مفتوحة (2) العذر (بضم العين) والعذرة (بالكسر) والعذري (بالضم) والمعذرة (بضم الذال وكسرها) الحجة التي يعتذر بها (3) اليسر، واليسار، والميسرة (بفتح السين وضمها): السهولة والغنى.
قال (*)


وجاء في التثليب مهلك ومهلكة ومقدرة ومأدبة (1) وجاء بالكسر وحده المكبر والميسر والمحيض والمقيل والمرجع والمجئ
والمبيت والمشيب والمعيب والمزيد والمصير والمير والمعرفة والمغفرة والمعذرة والمأوية والمعصية والمعيشة (2)
__________
سيبويه: ليست الميسرة على الفعل، ولكنها كالمسربة والمشربة في أنهما ليستا على الفعل " (1) تقول: هلك يهلك - كضرب يضرب - هلاكا وهلوكا ومهلكا ومهلكة (بتثليث اللام فيهما) وتهلكة بضم اللام ليس غير: أي مات.
وتقول: قدر على الشئ يقدر - كجلس وخرج وفرح - قدرة ومقدرة (بتثليث الدال) وقدرانا (بكسر أوله) وقدارا وقدارة (بفتح أولهما، وقد يكسر أول الاول) وقدورا وقدورة (بضم أولهما): قوى عليه وتمكن منه.
وتمثيل المؤلف بالمأدبة في هذا الموضع غير صحيح لعدة وجوه: الوجه الاول أن المأدبة اسم لطعام يصنع لدعوة أو عرس وليس مصدرا.
والوجه الثاني أنه ليس مثلث الدال، حتى يسوغ له ذكره مع المثلثات.
والوجه الثالث أنه غير مذهب كبار النحويين، فان سيبويه قد نص في كتابه (ح 2 ص 248) على أن المأدبة ليست مصدرا ولا مكانا، وأنها كالمشربة التي هي اسم للغرفة، والمسربة التي هي اسم لشعر الصدر.
وقد كان خطر لنا أن هذه الكلمة محرفة عن المأربة بالراء المهملة فانها مثلثة الراء ويقال: أرب الرجل احتاج، فان كانت المأربة المثلثة أحد مصادر هذا الفعل صح هذا الذي خطر لنا، وإن كانت اسما كالارب بمعنى الحاجة لم يتم، وليس في عبارد اللغويين نص على أحد الطريقين (2) تقول: كبر الرجل - كفرح - كبرا - كعنب - ومكبرا - كمنزل -، إذا طعن في السن.
وتقول: يسر الرجل ييسر - كضر يضرب - أي لعب بالقداح، والميسر: اللعب بالقداح، أو هو الجزور التي كانوا يتقامرون عليها، وعلى الثاني لا يصلح مثالا.
وتقول: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا، إذا سال دمها، فقول المؤلف: إنه بالكسر وحده غير صحيح، وتقول: قال القوم يقيلون قيلولة وقيلا وقائلة ومقيلا ومقالا، إذا ناموا نصف النهار، والمقيل مصدر عن سيبويه، ومما ذكرنا تعلم أن تمثيل المؤلف به لما جاء بالكسر وحده غير مستقيم.
(*)


فذو التاء المفتوح العين شاذ من جهة، وكذا المكسور العين أو المضمومها بلا تاء، وأما المكسورها أو المضمومها مع التاء فشاذ من وجهين قوله " ومن غيره " أي: من غير الثلاثي المجرد فيصلح للمصدر والمفعول والزمان والمكان كالمدحرج والمقاتل والمحر نجم كما يجئ الميسور: اليسر، العسر، والمجلود: الجلد: أي الصبر، المفتون: الفتنة، قال الله تعالى: (بأيكم المفتون) أي: الفتنة، على قول، وخاللف (1)
__________
قال في القاموس: " رجع يرجع رجوها، ومرجعا - كمنزل - ومرجعد شاذان، لان المصادر من فعل يفعل (كضرب يضرب) إنما تكون بالفتح، ورجعى ورجعانا بضمهما، انصرف.
ورجع الشئ عن الشئ وإليه رجعا - ومرجعا كمقعد ومنزل - صرفه ورده " اه.
وتقول: جاء يجئ جيئا ومجيئا، إذا أتى.
قال في اللسان: " والمجئ شاذ، لان المصدر من فعل يفعل (كضرب يضرب) مفعل بفتح العين، وقد شذت منه حروف فجاءت على مفعل كالمجئ والمحيض والمكيل والمصير " اه.
والعيب والعاب والمعاب والمعابة والمعيب: أن تصم الرجل، وفعله عاب يعيب، وهو لازم ومتعد، ومن هذا تعلم أن اقتصار المؤلف على الكسر فيه غير مستقيم، هذا، وقد مثل المؤلف نفسه بالمعذرة لما جاء فيه الضم والكسر، فكيف مثل به ههنا لما جاء بالكسر وحده، وتقول: أوى له يأوى - أوية وأية ومأوية ومأواة، إذا رق له ورئى، قال زهير: بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا ومنه تعلم تقصير المؤلف في التمثيل به لما جاء بالكسر وحده (1) قد ذكر المؤلف كما ذكر غيره في هذه الاية وجهين، والحقيقة أن فيها ثلاثة أوجه: الاول: أن الباء زائدة، وأى مبتدأ، والمفتون اسم مفعول بمعنى المجنون خبر
المبتدأ، والثاني: أن الباء أصلية بمعنى في، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم والمفتون اسم مفعول أيضا بمعنى المجنون مبتدأ مؤخر.
والثالث: أن الباء للملابسة والجار والمجرور خبر مقدم والمفتون مصدر بمعنى الجنون مبتدأ مؤخر، والمعنى الفتنة ملابسة لاي الفريقين من المسلمين والكفار (*)


سيبويه غيره في مجئ المصدر على وزن المفعول، وجعل الميسور والمعسور صفة للزمان: أي الزمان الذي يوسر فيه ويعسر فيه، على حذف الجار، كقولهم: المحصول: أي المحصول عليه، وكذا قال في المرفوع والموضوع، وهما نوعان من السير، قال: هو السير الذى ترفعه الفرس وتضمه: أي تقويه وتضعفه، وكذا جعل المعقول بمعنى المحبوس المشدود: أي العقل المشسدود المقوى، وجعل الباء في (بأيكم المفتون) زيادة، وقيل: بأيكم الجنى، وهو المفتون، والمجلود: الصبر الذي يجلد فيه: أي يستعمل الجلادة، وأما المكروهة فالظاهر أنها ليست مصدرا، بل هو الشئ المكروه، والهاء دليل الاسمية، وكذا المصدوقة: يقال: بين لي مصدوقة حاله: أي حقيقتها، من قولهم: صدقني (1) سن بكره: أي بين حاله التى صدقنيها.
قوله: " وفاعلة كالعافية " تقول: عافاني الله معافاة وعافية، وأما العاقبة فالظاهر أنه اسم فاعل لانه بمعنى الاخر، يقال: عقب الشئ (الشئ) أي: خلفه، والهاء دليل الاسمية، أو يقال: إنها صفة النهاية في (2) الاصل، وأما
__________
(1) هذا مثل من أمثال العرب.
قال في اللسان: " وفى المثل صدقني سن بكره وأصله أن رجلا أراد بيه بكر له فقال للمشترى: إنه جمل، فقال المشتري: بل هو بكر فبينما هما كذلك إذ ند البكر فصاح به صاحبه هدع (بكسر أوله وفتح ثانيه وآخره مبنى على السكون).
وهذه كلمة يسكن بها صغار الابل إذا نفرت، وقيل: يسكن بها
البكارة خاصة، فقال المشتري: صدقنى سن بكره " اه (2) كلام المؤلف في هذه الكلمة مضطرب، ولو كان نظم كلامه هكذا " وأما العاقبد فالظاهر أنه اسم فاعل، لانه بمعنى الاخر.
يقال: عقب الشئ الشى: أي خلفه.
والهاء للتأنيث.
أو يقال: إنها صفة النهاية في الاصل ثم صارت إسما لها.
والهاء دليل الاسمية " لكان كلا ما مستقيما، فانه لا معنى لجعلها اسم فاعل مع كون الهاء دليل الاسمية، إذ الهاء التي في اسم الفاعل للفرق بين صفتي المذكر والمؤنث، والهاء التي هي دليل الاسمية إنما يؤتى بها في الوصف بعد نقله من معناه الاصلي إلى (*)


الباقية في قوله تعالى (فهل ترى لهم من باقية) فقيل: بمعنى بقاء، ويجوز أن يكون بمعنى نفس باقية، أو شئ باق، والهاء للاسمية، وكذا الفاضلة بمعنى الشئ الفاضل، والهاء للاسمية، أو العطية الفاضلة، والكاذبة في قوله تعالى (ليس لوقعتها كاذبة) قيل: بمعنى الكذب، ويجوز أن يكون بمعنى نفس كاذبة: أي تكون النفوس في ذلك الوقت مؤمنة صادقة، والدالة: الدلال والغنج، هذا كله مع التاء، قيل: وقد يوضع اسم الفال مقام المصدر، نحو قم قائما: أي قياما، كما يوضع المصدر مقام اسم الفاعل، نحو رجل عدل وصوم، ويجوز أن يكون قائما حالا مؤكدة، وكذا في قوله: - 24 - * كفى بالنأي من أسماء كاف (1) * أي: كافيا، كقوله: -
__________
الاسم، كقولهم: مقدمة وحقيقة.
وبعد فاعلم أن كلمة العاقبة قد جاءت لثلاث معان: الاول المصدر.
تقول: عقب الولد أباه يعقبه كنصره ينصره عقبا وعاقبة، إذا خلفه.
والثاني: اس مفاعل من هذا الفعل، ومنه إطلاق العاقب على النبي صلى الله عليه وسلم، لانه خلف جميع الرسل، ومن أجل هذا كان الاخفش يقول: إن الهاء في العاقبة
للتأنيث.
والثالث: أنها اسم لاخر الشئ مثل العقب - كنمر - والعقب - كفلس والعقبة والعقبى - بضم أولهما - والتا حينئذ للنقل من الوصفية إلى الاسمية.
ويدل على صحة ما ذهبنا إليه من اضطراب كلام المؤلف في هذه الكلمة أن عبارته مستقيمة على الاوجه التي ذكرناها في الكلمات التي بعد هذه الكلمة، فقوله في كلمة " الباقية " " فقيل بمعنى بقاء " إشارة إلى أنها مصدر، وقوله " ويجوز أن يكون بمعنى نفس باقية " إشارة الى أنها وصف والهاء للتأنيث، ولهذا قدر الموصوف مؤنثا، وقوله " أو شئ باق والهاء للاسمية " إشارة الى أنها اسم.
(1) هذا صدر بيت لبشر بن أبي خازم أحد شعراء الجاهلية.
وعجزه: - وليس لنأيها إذ طال شافي واستشهد به على أن قوله " اسم فاعل من كفاه يكفيه، وهو منصوب على (*)


25 - * فلو أن واش باليمامة داره (1) * فكما أن اسم المفعول في قوله تعالى: " والنجوم مسخرات " بنصبهما حال مؤكدة، لا بمعنى المصدر، فكذا اسم الفاعل فيما نحن فيه.
وقوله: - 26 - ألم ترنى عاهدت ربي وإنني * لبين رتاج قائم ومقام على حلفة لا أشتم الدهر مسلما * ولا خارجا من في زور كلام (2) قال سيبويه: معناه لا اشتم شما ولا يخرج خروجا، وقال عيسى بن عمر: هو حال معطوف على الحال الذي هو " لا أشتم " أي غير شاتم ولا خارج، كقوله تعالى: " صافات ويقبضن " ولم يذكر ما عاهد الله عليه لدلالة الكلام، لانه كجواب القسم يحذف مع القرينة، وعند سيبويه " لا أشتم " جواب " عاهدت " قال: " ونحو دحرج على دحرجة ودحراج بالكسر، ونحو زلزل على زلزال بالفتح والكسر "
__________
الحال من النأى الذي هو فاعل كفى، وقد عامل الشاعر المنقوص في حالة النصب كما يعامله في حالة الرفع والجر فحذف الياء (1) هذا صدر بيت لمجنون بنى عامر المعروف بمجنون ليل.
وعجز قوله: * ودارى بأعلى حضرموت اهتدى ليا * واستشهد به على أن العرب قد تعامل المقوص في حالة النصب كما تعامله في حالة الرفع والجر، فتحذف ياءه، وذلك أن قوله " واش " اسم أن منصوب بفتحة مقذرة على آخره منع من ظهورها إجراء المنصوب مجرى المرفوع.
(2) هذان البيتان للفرزدق: همام بن غالب، والشاهد فيه في قوله " خارجا " فانه عند سيبويه مصدر حذف عامله، وتقديره: لا أشتم مسلما الدهر ولا يخرج خروجا من فمى زور كلام، وكان عيسى بن عر يجعل خارجا اسم فاعل، ويقول: إنما قوله " لا أشتم " حال، فأراد عاهدت ربي في هذه الحال وأنا غير شاتم ولا خارج من فمى زور كلام.
وأيد ابن هشام ما ذهب إليه سيبويه.
(*)


أقول: قال سيبويه: الهاء في دحرجة عوض من الالف الذي هو قياس مصادر غير الثلاثي المجرد قبل الاخر، والفعللة هو المطرد دون الفعلال، لا يقال: برقش (1) برقاشا، وكذا الفعلال مسموع في المحلق بدحرج غير مطرد، نحو حيقال، وكذا في المضاعف، ولا يجوز في غير المضاعف فتح أول فعلال، وإنما جاز ذلك في المضاعف - كالقلقال (2) والزلزال والخلخال - قصدا للتخفيف، لثقل التضعيف ومصادر ما زيد فيه من الرباعي نحو تدحرج واحرج واحرنجام واقشعرار، وأما اقشعر قشعريرة واطمأن طمأنينة فالمنصور بان فيهما اسمان واقعان مقام المصدر، كما في أنبت نباتا وأعطى عطاء.
قال: " والمرة من الثلاثي المجرد الذي لا تاء فيه على فعلة، نحو ضربة وقتلة، وبكسر الفاء للنوع، نحو ضربة وقتلة، وما عداه على المصدر المستعمل، نحو إناخة، فإن لم تكن تاء زدتها، ونحو أتيته إتيانه ولقيته لقاءه شاذ " أقول: اعلم أن بناء المرة إما أن يكون من الثلاثي المجرد أو غيره، والثلاثي المجرد إما مجرد عن التاء أولا
__________
ورد هذا الفعل لازما، ومتعديا.
تقول: برقش الرجل برقشة، إذا ولى هاربا.
وتقول: برقش الرجل الشئ، إذا نقشه بألوان شتى.
(2) تقول: قلقلت الشئ قلقلة، وقلقالا (بكسر أوله وفتحه، وضمه نادر)، إذا حركته، وقال في اللسان: " فإذا كسرته فهو مصدر، وإذا فتحته فهو اسم مثل الزلزال والزلزال ".
والذي في القاموس: قلقل الشئ قلقة وقلقالا (بالكسر ويفتح) حركة، أو بالفتح الاسم، وتقول: خلخل العظم، إذا أخذ ما عليه من اللحم.
(*)


فالمجرد عنها تجعلها على فعلة بفتح الفاء وحذف الزوائد ان كانت فيه، نحو خرجت خرجت ودخلت دخلة وذو التاء تبقيه على حاله، نحو دريت دراية ونشدت (1) نشدة ولا تقول درية ونشدة، كذا قال المصنف، ولم أعثر في مصنف على ما قاله، بل أطلق المصنفون أن المرة من الثلاثي لمجرد على فعلة، قال سيبويه: إذا أردت الوحدة من الفعل جئت بها أبدا على فعلة على الاصل، لان أصل المصادر فعل، هذا قوله، والذي أرى أنك ترد ذا التاء أيضا من الثلاثي الى فعلة، فتقول: نشدت نشدة بفتح النون وغير الثلاثي المجرد تخليه على حاله، سواء كان رباعيا كدحرجة أو ذا
زيادة كانطلاق وإخراج وتدحرج، فان لم تكن فيه الاء زدتها، نحو أكرمته إكرامة، وإن كان فيه تاء خليتها، نحو عزيته تعزية: أي واحدة، والاكثر الوصف في مثله بالواحدة رفع اللبس، نحو عزيته تعزية واحدة، ولو قلنا بحذف تلك التاء والمجئ بتاء الوحدة فلا بأس واستدل سيبويه على أن أصل مصادر جميع الثلاثي متعديا كان أو لازما فعل ببناء الوحدة، فال: لا شك أن الجنس من نحو تمرة وتفاحة بحذف التاء، فكان القياس أن يكون الجنس في نحو خرجة ودخلة كذلك أيضا، ونعنى بالجنس المصدر المطلق، نحو خرج ودخل، إلا انهم تصرفوا في مصادر الثلاثي بزيادة الحروف وتغيير التركيب لخفته، دون الرباعي وذى الزيادة ثم اعلم أنه ان جاء للرباعي وذى الزيادة مصدران أحدهما أشهر فالوحدة على
__________
(1) تقول: نشد الضالة نشدا ونشدة ونشدانا (بكسر الاخيرين): اطلبها، وإذا عرفها (*)


ذلك الاشهر دون الغريب، تقول: دحرج دحرجة واحدة، ولا تقول دحراجة، وكذا لا تقول قاتلت قتالة، ولا كذب كذابة وقد شذ في الثلاثي حرفان لم تحذف منهما الزوائد ولم يردا إلى بناء فعلة، بل ألحق بهما التاء كما هما، وهما إتيانة ولقاءة، ويجوز أتية ولقية على القياس، قال أبو الطيب: 27 - لقيت بدرب القلة الفجر لقية * شف كمدي والليل فيه قتيل (1) قوله " وما عداه " أي: ما عدا الثلاثي المجرد الخالى من التاء، وهو ثلاثة: الرباعي، وذو الزيادة، والثلاثي ذو التاء، على ما ذهب إليه المصنف قوله " فان لم تكن تاء " أي: فيما عداه وقوله " وبكسر الفاء للنوع نحو ضربة " أي: ضربا موصوفا بصفة، وتلك
الصفة إما أن تذكر نحو " حسن الركبة " و " سيئ الميتة " و " جلست جلسة حسنة " أو تكون معلومة بقرينة الحال، كقوله: - 28 - ها إن تاعذرة إن لم تكن نفعت * فإن صاحبها قد تاه في البلد (2)
__________
(1) البى من قصيدة طويلة لابي الطيب المتنبي يمدح فيها سيف الدولة الحمداني: وأولها: ليالي بعد الظاعنين شكول * طوال، وليل العاشقى طويل والظاعنين: أي الراحلين.
وشكول: أي متشاكلة متشابهة.
ودرب القلة.
موضع وراء الفرات، وأصل الدرب المضيق في الجبال، واستعمل في كل مدخل الى بلاد الروم وفي كل باب طريق واسع.
وأصل القلة أعلى الجبل، وذكر المؤلف لهذا البيت كذكره لامثالهمن شعر المتنبي وأبى تمام والبحتري وأبي العلاء ليس على سبيل الاستشهاد ولكنه للتمثيل (2) هذا البيت من قصيدة طويلة للنابغة الذبيانى، ويروى عجزه هكذا: * فإن صاحبها محالف النكذ * (*)


أي عذر بليغ: وقد لا تكون الفعلة مرة والفعلة نوعا كالرحمة والنشدة قال " أسماء الزمان والمكان مما مضارعه مفتوح العين أو مضمومها ومن المنقوص على مفعل، نحو مشرب ومقتل ومرمى، ومن مكسورها والمثال على مفعل، نحو مضرب وموعد، وجاء المنسك والمعجزر والمنبت والمطلع والمشرق والمغرب والمفرق والمسقط والمسكن والمرفق والمسجد والمنخر، وأما منخر ففرع كمنتن ولا غيرهما، ونحو المظنة والمقبرة فتحا وضما ليس بقياس، وما عداه فعلى لفظ المفعول " أقول: اعلم أنهم (كأنهم) (كانوا) بنوا الزمان والمكان على المضارع، فكسروا العين فيما مضارعه مكسور العين، وفتحوهما فيما مضارعه مفتوحها، وإنما لم يضموها فيما مضارعه مضمومها نحو يقتل وينصر لانه لم يأت في الكلام في غير هذا
الباب مفعل إلا نادرا كمكرم ومعون على ما ذكرنا، فلم يحملوا ما أدى إليه قياس كلامهم على بناء نادر في غير هذا الباب، وعدل إلى أحد اللفظين مفعل ومفعل، وكان الفتح أخف فحمل عليه وقد جاء من يفعل المضموم العين كلمات على مفعل بالكسر لا غير، وهى: المشرق، والمغرب، والمرفق وهو موصل الذراع والعضد، وهو أيضا كل ما ينتفع به، والارتفاق: الانتفاع، والاتكاء على المرفق، ويقال فيهما المرفق على وزن المثقب أيضا، لانهما آلتا الرفق الذي هو ضد الخرق، إذ المتكئ على مرفقه ساكن مطمئن، وكذا ذو المال المنتفع به على الاغلب، ومعنى الموضع فيهما أبعد وذلك بتأويل أنهما مظنتا الرفق ومحلاه، ومنها المنبت، والمخر، والمجزر، والمسقط، والمظنة وقد جاء من يفعل المضموم العين أيضا كلمات سمع في عينها الفتح والكسر، وهي


المفرق، والمحشر، والمسجد، والمنسك (1)، وأما المحل بمعنى المنزل فلكون مضارعه على الوجهين قرئ قوله تعالى (فيحل عليكم غضبي) على الوجهين وجاء فيما مضارعه يفعل بالكسر لغات بالفتح والكسر، وهي المدب، (3)
__________
(1) النسك - بالضم وبضمتين - كل ما يتقرب به الى الله تعالى، وقد نسكت أنسك - مثل نصر ينصر - بفتح أوله وكسره وسكون ثانية - قال في اللسان: " والمنسك والمنسك (بفتح السين وكسرها) شرعة النسك.
وقيل: المنسك (بالفتح) النسك نفسه، والمنسك (بكسر السين) الموضع الذي تذبح فيه النسكة.
وقال الفراء: المنسك في كلام العرب (بكسر السين) الموضع المعتاد الذى تعتاده.
ويقال: إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره...قال ابن الاثير: قد تكرر ذكر المناسك والنسك والنسيكة في الحديث، فالمناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها
وهو المتعبد (مكان التعبد) ويقع على المصدر والزمان والمكان " اه ملخصا.
وهذه أقوال لا يتلاقى بعضها مع بعض.
(2) اعتبار المدب - بفتح الدال وكسرها - اسم مكان أحد تخريجين للعلماء في هذه الكلمة، ومنهم من جعل المفتوح مصدرا والمكسور اسم مكان، فيكون موافقا للقياس.
قال في اللسان: " ومدب السيل ومدبه (بفتح الدال وكسرها) موضع جريه.
يقال: تنح عن مدب السيل ومدبه، ومدب النمل ومدبه، فالاسم مكسور والمصدر مفتوح، وكذلك المفعل من كا ماكان على فعل يفعل (كضرب يضرب) قال في التهذيب: والمدب (بكسر الدال) موضع دبيب النمل وغيره " اه ملخصا.
وأنت ترى أنه لا يظهر وجه التفريع في قول صاحب اللسان " فالاسم مكسور والمصدر مفتوح " والمأوى: المنزل.
قال الازهري: سمعت الفصيح من بنى كلاب يقول لمأوى الابل " مأواة " بالهاء.
وقال الجوهري: مأوى الابل - بكسر الواو - لغة في مأوى الابل خاصة، وهو شاذ.
وقال الفراء: ذكر لي أن العرب يسمى مأوى الابل مأوى بكسر الواو.
قال: وهو نادر، لم يجئ في ذوات الياء والواو مفعل بكسر (*)


ومأوى الابل، والمزلة، ومضربة السيف، وجاء مقبرة ومشرقة ومفيأة ومفيؤة ومقنأة ومقنؤة (1) فتحا وضما، وكذا المشربة في الغرفة، لانهم كانوا يشربون في الغرف، والمشرقة والمفيأة من ذوات الزوائد، إذ هما موضعان للتشرق والتفيؤ فيشذان من هذا الوجه أيضا، ولهذا لم تعل المفيأة، أو لانه لم يذهب بها مذهب الفعل، كما يجئ، والمسربة لشعر الصدر مضمومة العين لاغير، قال سيبويه: لم تذهب بالمسجد مذهب الفعل، ولكنك جعلته اسما لبيت، يعنى أنك أخرجته عما يكون اسم الموضع، وذلك لانك تقول: المقتل
في كل موضع يقع فيه القتل، ولا تقصد به مكانا دون مكان، ولا كذلك المسجد
__________
العين، إلا حرفين: مأقى العين، ومأوى الابل، وهما نادران، واللغة العالية فيهما " مأوى وموق وماق " اه.
واعتباره مأقى العين على مفعل كلام غير مبنى على تحقيق ولا نظر، لان قولهم " موق وماق " بثلاثة أحرف يدل على أن الميم من أصل الكلمة، فإذا قالوا مأقى مع ذلك تبينا أن الياء هي الزائدة، كما كان الاطل دليلا على أن الياء زائدة في الايطل، فوزن المأقى على هذا فعلى - بكسر اللام أو فتحا - (1) زل يزل زلا - كضرب يضرب -: زلق، والمزلة - بفتح الزاى وكسرها -: الموضع الذي تزلق عليه الاقدام ولا تثبت، وقال في اللسان: " وضريبة السيف، ومضربة ومضربة ومضربته ومضربته - بفتح الراء وكسرها فيهما -: حده، حكى الاخيرتين سيبويه، وقال: جعلوا اسما كالحديدة، يعنى أنهما ليستا على الفعل، وقيل: هو دون الظبة، وقيل: هو نحو من شبر في طرفه " اه والمشرقة: موضع القعود للشمس، وحكى ابن سيده فيه ثلاث لغات: فتح الراء، وضمها، وكسرها، وقال: هي الموضع الذي تشرق على الشمس، وخص بعضهم ذلك بالشتاء.
والمفيؤة: موضع الفئ، وهو ظل العشي، وحكى الفارسي عن ثعلب فيها المفيئة، مثل المعيشة، وحكى المجد في القاموس اللغتين اللتين حكاهما المؤلف.
والمفنأة - بفتح النون وضمها - الموضع الذي لا تصيبه الشمس في الشتاء، وحكى فيها الضم والفتح، من غير همز (*)


فإنك جعلته اسما لما يقع فيه السجود بشرط أن يكون بيتا على هيئة مخصوصة، فلم يكن مبنيا على الفعل المضارع كما في سائر أسماء المواضع، وذلك أن مطلق الفعل لا اختاص فيه بموضع دون موضع، قيل: ولو أردت موضع السجود وموقع الجبهة من الارض سواء كان في المسجد أو غيره فتحت العين، لكونه إذن مبنيا على الفعل لكونه مطلقا كالفعل، وكذا يجوز أن يقال في المنسك،
إذ هو مكان نسك مخصوص، وكذا المفرق، لانه مفرق الطريق، أو الرأس، وكذا مضربة السيف مخصوصة برأس السيف قدر شبر، وليس بمعنى موضع الضرب مطلقا، فلذا جاء فيه الفتح أيضا: أي لكونه غير مبنى على الفعل، ولذا دخلته التاء التي لا تدخل الفعل، وكذا المقبرة، إذ ليست اسما لكل ما يقبر فيه: أي يدفن، إذ لا يقال لمدفن شخص واحد مقبرة فموضع الفعل إذن مقبر كما هو القياس، وكذا المشرقة اسم لموضع خاص لا لكل موضع يتشرق فيه من الارض من جانب الغرب أو الشرق (1) وكذا المقنأة والمفيأة، وكذا المنخر صار اسما لثقب الانف، ولا يقصد فيه معنى النخر، وكذا المشربة ليس اسما لكل موضع يشرب فيه الماء ويجري، قال سيبويه: وكذا المطبخ والمربد بكسر الميم فيهما اسمان لموضعين خاصين لا لموضع الطبخ مطلقا، ولا لكل موضع الربود: أي الاقامة، بل المطبخ بيت يطبخ فيه الاشياء معمول له، والمربد محبس الابل، أو موضع يجعل فيه التمر، ويجوز أن يقال في المرفق بكسر الميم في المعنيين: أن أصله الموضع، فلما اختص غير بكسر الميم عن وضع الفعل كما قال سيبويه في المطبخ والمربد، فكل ما جاء على مفعل بكسر العين مما مضارعه يفعل بالضم فهو شاذ من
__________
(1) لم يبين المؤلف هذا الموضع الخاص أي شئ هو، كما بين المشربة مثلا أنها صارت اسما للغرفة، ولم نعثر على ما يرشد إلى هذا المعنى الخاص في كتب اللغة التي بين أيدينا (*)


وجه، وكذا مفعلة بالتاء مع فتح العين، (1)، وكذا مفعل بكسر الميم وفتح العين، ومفعلة كالمظنة أشذ، ومفعلة بضم العين كالمقبرة أشذ، إذ قياس الموضع إما فتح العين أو كسرها، وكذا كل ما جاء من يفعل المكسور العين على مفعل بالفتح شاذ من وجه، وكذا مفعلة بالتاء معكسر العين، ومفعلة بفتحها أشذ، لكن كل ما ثبت اختصاصه ببعض الاشياء دون بعض وخروجه عن طريقة
الفعل فهو العذر في خروجه (2) عن القياس كما ذكرنا قوله " ومن المنقوص " يعنى نحو المثوى وإن كان من يفعل بكسر العين وإن كان أيضا مثالا واويا كالمولى لموضع الولاية، وذلك لتخفيف الكلمة بقلب اللام ألفا، وإنما كان المثال الواوي على مفعل بالكسر وإن كان على يفعل كالمؤجل والموحل لما ذكرنا في باب المصدر، وذكرنا هناك أن بعض العرب يقولون موجل وموحل فيطرد ذلك في الموضع والزمان أيضا، وحكى الكوفيون الموضع، وقد جاء على مفعل بالفتح من المثال بعض أسماء ليست بمصادر ولا أمكنة مبنية على الفعل، كموحد في العدد، والموهبة للغدير من الماء (3)، وأما موظب في اسم
__________
(1) مع أن الامثلة التي وردت مقترنة بالتاء كثيرة جدا قد نص كثير من العلماء على أن لحاق التاء شاذ يقتصر فيه على ما سمع، والتمس بعضهم للحاق التاء لبعض الاسماء سببا كالمبالغة أو إرادة البقعة.
وهذا عجيب، ما مدخل التاء في الزنة ؟ ! ! (2) هذا وجه ذكره المؤلف تبعا لسيبويه، ومن العلماء من يرى أن هذه الالفاظ أسماء أمكنة الاحداث المطلقة، ولم يخرج بها عن مذهب الفعل ولكنها من حيث صيغتها شاذة عن القياس (3) الموهبة - بفتح الهاء وكسرها -: غدير صغير من الماء، وقيل: نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء.
وفي التهذيب: وأما النقرة في الصخرة فموهبة بفتح الهاء.
جاء نادرا قال: - ولفوك أطيب إن بذلت لنا * من ماء موهبة على خمر (*)


مكان وموهب وموألة وموكل ومورق في أعلام رجال معينين فمنقولات من المبنى على الفعل، وفيها العدل كما ذكرنا في باب مالا ينصرف والمثال اليائي بمنزلة الصحيح عندهم لخفته تقول في ييقظ ميقظ في المصدر والزمان والمكان، ومنه قوله نعالى (فنظرة إلى ميسرة) بفتح العين
قوله " ولا غيرهما " قال سيبويه: يقال في مغيرة مغيرة بكسر الميم للاتباع.
قوله " فتحا وضما " يعني بهما المقبرة، دون المظنة، فانه لم يأت فيها إلا الكسر، وإنما كان الفتح في المقبة شاذا لكونها بالتاء، والمفعل في المكان والزمان والمصدر قياسه التجرد عن التاء قوله " وما عداه فعلى لفظ المفعول " يعني ماعد الثلاثي المجرد، وهو ذو الزيادة والرباعي، فالمصدر بالميم منه والمكان والزمان على وزن مفعوله، قياسا لا ينكسر، كالمخرج والمستخرج والمقاتل والمدحرج والمتدحرج والمحرنجم يحتمل كل منها أربعة معان قال: " الالة على مفعل ومفعال ومفعلة، كالمحلب والمفتاح والمكسحة، ونحو المسعط والمنخل والمدق والمدهن والمكحلة والمحرضة ليس بقياس ".
أقول: اعلم أن المحلب ليس موضع الحلب، لان موضعه هو المكان الي يقعد فيه الحالب للحلب، بل هو آلة يحصل بها الحلب، وكذا المسرجة - بكسر الميم - كما قال سيبويه قوله " ونحو المسعط والمنخل " هذا لفظ جار الله، وهو موهم أنه جاء من هذا النوع غير الالفاظ المذكورة أيضا، وقال سيبويه: جاء خمسة أحرف بضم


الميم: المكحلة، والمسعط، والمنخل، والمدق، والمدهن، هذر كلامه، وجاء المنصل (1) أيضا، لكنه ليس بآلة النصل، بل هو بمعنى النصل، وأما المحرضة فذكرها الزمخشري، وفي الصحاح المحرضة بكسر الميم وفتح الراء، وكذا قال ابن يعيش: لا أعرف الضم (2) فيها، قال سيبويه في الاحرف الخمسة: هي مثل المغفور والمغثور، وهما ضرب من الصمغ، والمغرود: ضرب من
الكمأة، والمغلوق: المغلاق، أربعة أحرف جاءت على مفعول، لا نظير لها في كلام العرب، وقال سيبويه في المكحلة وأخواتها: لم يذهبوا بها مذهب الفعل، ولكنها جعلت أسماء لهذه الاوعية، يعني ان المكحلة ليست لكل ما يكون فيه الكحل، ولكنها اختصت بالالة المخصوصة، وكذا أخواتها، فلم تكن مثل المكسحة والمصفاة، فجاز تغييرها عما عليه قياس بناء الالة كما قلنا في المسجد وأخواته، والمسعط: ما يسعط به الصبي أو غيره، أي يجعل به السعوط في أنفه، والمدق: ما يدق به الشئ كفهر العطار، والمدهن: ما يجعل فيه الدهن من زجاج ونحوه، ولو قيل إن المكحلة والمدهن موضعان
__________
(1) المنصل - بضم الميم، وصاده مضمومة أو مفتوحة - السيف.
قال ابن سيده: لا نعلم اسما اشترك فيه هذان الوزنان إلا المنصل والمنخل " اه بمعناه.
والنصل: حديدة السيف والرمح والسهم والسكين ما لم يكن لها مقبض، فان كان معها مقبض فهي سيف أو رمح أو سهم أو سكين (2) الذي ذكر صاحب القاموس وصاحب اللسان المحرضة - بكسر الميم وفتح الراء - كما نقل المؤلف عن الصحاح، وقالا: هي وعاء الحرض.
والحرض كقفل وكعنق -: الاشنان وهو شجر يؤخذ ورقه رطبا ثم يحرق ويرش الماء على رماده فينعقد، ثم تغسل به الايدى والثياب، ولا يزال مستعملا في جزيرة العرب إلى يوم الناس هذا.
وقرئ في قوله تعالى (حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين) بفتحتين وبضمتين وبضم فسكون (*)


للكحل والدهن، ولم يبنيا على مفعل كما هو بناء المواضع لانهما ليس موضعين لما يفعل فيه الشئ كالمقتل حتى يبنيا على الفعل، بل هما موضعان لاسم جامد، لم يبعد، فإذا جعلا آ لتين فهما بمعنى آلة الحل والدهن - بفتح الكاف
والدال - كالمثقب لالة الثقب، والمحرضة: وعاء الحرض: أي الاشنان، والظاهر أن مضربة السيف آلة الضرب، لا موضعه، غيرت عما هو قياس بناء الالة لكونها غير مذهوب بها مذهب الفعل وجاء الفعال أيضا للالة، كالخياط والنظام واعلم أن الشئ إذا كثر بالمكان وكان اسمه جامدا فالباب فيه مفعلة بفتح العين، كالمأسدة والمسبعة والمذأبة: أي الموضع الكثير الاسد والسباع والذئاب، وهو مع كثرته ليس بقياس مطرد، فلا يقال مضبعة ومقردة، ولم يأتوا بمثل هذا في الرباعي فما فوقه، نحو الضفدع والثعلب، بل استغنوا بقوله: كثير الثعالب، أو تقول: مكان مثعلب ومعقرب ومضفدع ومطحلب بكسر اللام الاولى على أنها اسم فاعل، قال (لبيد): - 29 - يممن أعدادا يلبنى أو أجا * مضفدعات كلها مطحلبة (1)
__________
(1) البيت للبيد بن ربيعة العامري، كما ثبت في بعض نسخ الاصل.
وقد أنشد الجوهري والصاغاني في العباب هذا البيت لما ذكره المؤلف.
ويممن: قصدن والاعداد - بفتح الهمزة -: جمع عد بكسر العين مثل حمل وأحمال وقدح وأقداح ووتر وأوتار، والعد: الماء الذي له مادة لا تنقطع كماء العين وماء البئر، ولبنى - بضم فسكون -: اسم جبل، وأجا بوزن عصا في هذا البيت، والاكثرون يهمزونه مثل خطأ، وهو أحد جبلى طئ، ومضفدعات: كثيرة الضفادع، وهي صفة لاعداد، ومطحلبة: كثيرة الطحلب.
وتقول: ضفدع الماء وطحلب، إذا كثرت ضفادعه وطحالبه، مثل قولك: زجست الدواء، وفلفلت الطعام وعبهرته، وزعفرت الثوب، وعندمت الفتاة أناملها، ونحو ذلك من كل فعل تأخذه على مثال دحرج من اسم جنس رباعى الاصول أو منزل منزلته (*)


ولو كانوا يقولون من الرباعي على قياس الثلاثي لقالوا مثعلبة ومعقربة على وزن المفعول، لان نظير المفعل فيما جاوز الثلاثة على وزن مفعوله، نحو مدحرج ومقاتل وممزق، كما ذكرنا في المكان والزمان والمصدر، ولم يسمع مثعلبة ومعقربة بفتح اللام، فلا تظن أن معنى قول سيبويه " فقالوا على ذلك أرض مثعلبة ومعقربة " أن ذلك مما سمع، بل معنى كلامه أنهم لو استعملوا من الرباعي لقالوا كذا، قال: ومن قال ثعالة قال مثعلة، لان ثعالة من الثلاثي، قال الجوهري: وجاء معقرة بحذف الباء: أي كثيرة العقارب، وهو شاذ (1) قال: " المصغر المزيد فيه ليدل على تقليل، فالمتمكن يضم أوله ويفتح ثانيه وبعدهما ياء ساكنة، ويكسر ما بعدها في الاربعة إلا في تاء التأنيث وألفيه والالف والنون المشبهتين بهما وألف أفعال جمعا "
__________
(1) لم يذكر المؤلف ولا صاحب الاصل تعريف اسم الالة، وسكتا عن بيان الفعل الذي يؤخذ منه، وعبارة سيبويه في تعريفه اسم الالة: أنه ما يعالج به، وعبارة المفصل وشرحه: اسم ما يعالح به وينقل، واما أنه يؤخذ من أي الافعال فانا رأينا العرب قد استعمل أسماء آلات من أفعال ثلاثية متعدية مثل المكسحة والمكنسة والمفتاح كالميضئة والمطهرة والمصفاة، ووجدنا بعض أسماء الالات مأخوذا على هذا القياس وليس له أفعال ثلاثية مجردة من معناها، من ذلك المصباح فانالم نجد له فعلا ثلاثيا من معناه، بل المستعمل منه استصبح أي أشعل السراج، ومن ذلك المسرجة فان فعلها أسرج، ووجدناهم قد أخذوا بعض أسماء الالات من أسماء الاجناس، ومن ذل لمخدة، فانهم أخذوها من الخد، والملحفة، فأنهم أخذوها من اللحاف، وجدنا كل ذلك في كلام العرب ولكنا نرى الا يؤخذ اسم الالة من اسم جنس حتى يكون قد استعمل منه فعل، فأما من الافعال فيؤخذ من الثلاثي اللازم والمتعدي على إحدى هذه
الصيغ التي ذكرها المؤلف والله أعلم (*)


أقول: يعنى المصغر ما زيد فيه شئ حتى يدل على تقليل، فيشمل المهمات كذياك واللذيا وغيرهما، والتقليل يشمل تقليل العدد كقولك: " عندي دريهمات " أي أعدادها قليلة، وتقليل ذات المصغر بالتحقير حتى لا يتوهم عظيما نحو كليب ورجيل، ومن مجاز تقليل الذات التصغير المفيد للشفقة والتلطف كقولك يا بنى ويا أخى، وأنت صديقي، وذلك لان الصغار يشفق عليهم ويتلطف بهم، فكنى بالتصغير عن عزة المصغر على من أضيف إليه، ومن ذلك التصغير المفيد للملاحة كقولك هو لطيف مليح ومه قوله: - 3 - يا ما أميلح غزلا ناشدن لنا * (1) (من هؤليائكن الضال والسمر) وذلك لان الصغار في الاغلب لطاف ملاح، فإذا كبرت غلظت وجهمت، ومن تقليل ذات المصغر تصغير قبل وبعد في نحو قولك خروجي قبيل قيامك، أو بعيده، لان القبل هو الزمان المتقدم على الشئ، والبعد هو الزمان المتأخر عنه، فمعنى قبيل قيامك أي في زمان متقدم على قيامك صغير المقدار، والمراد ان الزمان الذي أوله مقترن بأخذى في الخروج وآخره متصل بأخذك في القيام صغير المقدار، ومنه تصغير الجهات الست كقولك: دوين النهر، وفويق الارض، على ما ذكرنا من التأويل في قبيل وبعيد، والغرض من تصغير مثل هذا الزمان والمكان
__________
(1) هذا البيت قد اختلف في نسبته إلى قائله فنسبه قوم إلى العرجى ونسبه جماعة إلى بدوى سموه كاملا الثقفى ونسبه قوم إلى الحسين بن عبد الرحمن العريني وأميلح: تصغير أملح، وهو فعل تعجب من الملاحة وهى البهجة وحسن المنظر، والفعل ككرم، والغزلان جمع غزال.
وشدن بتشديد النون: فعل ماض مسند إلى نون النسوة وتقول: شدن الغزال يشدن شدونا مثل خرج يخرج خروجا، إذا
قوى وطلع قرناه واستغنى عن أمه.
وهؤلياء: تصغير هؤلاء.
والضال: جمع ضالة وهو السدر البري (والسدر شجر النبق).
والسمر - بفتح فضم - جمع سمرة، وهي شجرة الطلح وسقط من الاصل الشطر الثاني من البيت (*)


قرب ظروفهما مما أضيفا إليه من ذلك الجانب الذي أفاده الظرفان، فمعي خروجي قبيل قيامك قرب الخروج من القيام من جانب القبلية، وكذا ما يماثله وقيل: يجئ التصغير للتغظيم، فيكون من باب الكناية، يكنى بالصغر عن بلوغ الغاية في العظم، لان الشئ إذا جاوز حده جانس ضده، وقريب منه قول الشاعر: - 31 - داهية قد صغرت من الكبر * صل صفا ما تنطوي من القصر (1) واستدل لمجئ التصغير للاشارة إلى معنى التعظيم بقوله: - 32 - وكل أناس سوف تدخل بينهم * دويهية تصفر منها الانامل (2) ورد بأن تصغيرها على حسب احتقار الناس لها وتهاونهم بها، إذ المراد بها الموت: أي يجيئهم ما يحتقرونه مع أنه عظيم في نفسه تصفر منه الانامل، واستدل أيضا بقوله:
__________
(1) لم نعثر لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ولم يشرحه البغدادي.
والداهية: المصيبة من مصائب الدهر، وأصل اشتقاقها من الدهى - بفتح فسكون.
وهو النكر، وذلك لان كل أحد ينكرها.
والصل: الحية التي تقتل إذا نهشت من ساعتها، والصفا: الصخرة الملساء، ويقال للحية: إنها لصل صفا، وإنها لصل صفى (كدلى)، أذا كانت منكرة، وهو يريد بهذا أنها ضخمة (2) هذا البيت لبى بن ربيعة العامري.
وقوله دويهية هو تصغير داهية، ويروى في مكانه خويخية وهو مصغر خوخة - بفتح فسكون - وهى الباب الصغير
أي أنه سينفتح عليهم باب يدخل إليهم منه الشر، والمراد بالانامل الاظفار وصفرتها تكون بعد الموت.
والشاهد في هذا البيت قوله دويهية فقد حقق المؤلف أن تصغيرها للتحقير وحكى أنه قيل إن تصغيرها للاشارة إلى التعظيم (*)


33 - فويق جبيل شاهق الرأس لم تكن * لبتلغه حتى تكلل وتعملا (1) ورد بتجويز كون المراد دقة الجبل وإن كان طويلا، وإذا كان كذا فهو أشد لصعوده واعلم أنه قصدوا بالتصغير والنسبة الاختصار كما في التثنية والجمع وغير ذلك، إذ قولهم رجيل أخف من رجل صغير، وكوفي أخصر من منسوب إلى الكوفة، وفيهما معنى الصفة كما ترى، لكن المنسوب يعلم رفعا بخلاف المصغر، لما مر في شرح (2) الكافية، ولما كان استعمال الجمع في كلامهم أكثر من استعمال
__________
(1) هذا البيت من قصيدة لاوس بن حجر في وصف قوس: نصف امتناع منبتها وتجشمه الاهوال إليها، والقواسون يطلبون العيدان العتاق من منابتها حيث كانت في السهول والحزون ويستدلون عليها من الرعاء وقناص الوعول ويجعلون فيها الجعائل وربما أبصر والشجرة منها بحيث لا يستطيعها راق فيتدلون عليها بالحبائل في المهاوي والمهالك.
وفويق: تصغير فوق.
وجبيل: تصغير جبل.
وتكل تتعب وتعيى، وبابه ضرب.
وتعمل: أراد تجتهد في العمل (2) قال المؤلف في شرح الكفاية (ج 2 ص 169): " والوصف الذي يجمع بالواو والنون اسم الفاعل واسم المفعول وأبنية المبالغة، إلا ما يستثنى، والصفة المشبهة والمنسوب والمصغر نحو رجيلون، إلا أن المصغر مخالف لسائر الصفات من حيث لا يجري على الموصوف جريها، وإنما لم يجر لان جرى الصفات عليه إنما كان لعدم دلالتها على الموصوف المعين كالضارب والمضروب والطويل والصري،
فانها لا تدل على موصوف معين، وأما المصغر فانه دال على الصفة والموصوف المعين معا، إذ معنى رجيل رجل صغير، فوزانه وزان نحو رجل ورجلين في دلالتهما على العدد والمعدود معا، فلم يحتاجا إلى ذكر عدد قبلهما كما تقدم، وكل صفة تدل على الموصوف المعين لا يذكر قبلها كالصفات الغالبة، ويفارقها أيضا من حيث إنه لا يعمل في الفاعل عملها، لان الصفات ترفع بالفاعلية ما هو موصفها معنى، والوصوف في المصغر مفهوم من لفظه فلا يذكر بعده كما لا يذكر قبله، فلما لم يعلم (*)


المصغر، وهم إليه أحوج، كثرو أبنية الجمع ووسعوها ليكون لهم في كل موضع لفظ من الجمع يناسب ذلك الموضع، إذ ربما يحتاج في الشعر أو السجع إلى وزن دون وزن فقصرهم الجموع على أوزان قليقد كالتصغير مدعاة إلى الحرج، بخلاف المصغر، ثم لما كان أبنية المصغر قليلة واستعمالها في الكلام أيضا قليلا، صاغوها على وزن ثقيل، إذ الثق مع القلة محتمل، فجلبوا لاولها أثقل الحركات، ولثالثها أوسط حروف المد ثقلا، وهو الباء، لئلا يكون ثقيلا بمرة، وجاءوا بين الثقلين بأخف الحركات، وهو الفتحة، لتقاوم شيئا من ثقلهما، والاولى أن يقال: إن الضم والفتح في عنيق وجميل وصريد غيرهما في عنق وجمل وصرد، كما قيل في فلك وهجان قوله " فالمتمكن يضم أوله " إنما خص المتمكن لان المبهمات تصغر على غير هذا النمط، كما يجئ في آخر الباب قوله " في الاربعة " احتراز من الثلاثي، لان ما بعد الياء فيه حرف الاعراب فلا يجوز أن يلزم الكسر، وكان ينبغى أن يقول " في غير الثلاثي " ليعم نحو عصيفير (1) وسفيرج، وإذا حصل بعد ياء التصغير مثلان أدغم أحدهما في الاخر فيزول الكسر بالادغام، نحو أصيم ومديق، ويعد هذا من باب التقاء السكانين على حده، كما يجئ في بابه، وهو أن يكون الساكن الاول حرف مدأى ألفا أو
واوا أو ياء ما قبلها من الحركة من جنسها، إذ ما قبل ياء التصغير وإن لم يكن من جنسها لكن لما لزمها السكون أجريت مجرى المدمع أنفي مثل هذا الياء والواو أي الساكن المفتوح ما قبله شيئا من المد، وإن لم يكن تاما، ألا ترى أن الشاعر إذا
__________
في الفاعل وهو أصل معمولات الفعل لم يعمل في غيره من الظرف والحال وغير ذلك " اه وسيأتي لهذا الموضوع مزيد بحث في أول باب النسب (1) عصيفير: تصغير عصفور وفي بعض النسخ عصيفر - بمهملتين - فتكون تصغير عصفر وهو نبات يصبغ به (*)


قال قصيدة قبل رويها ياء أو واو ساكنة مفتوح ما قبلها فهى مردفة ولزمه أن يأتي بها في جميع القصيدة كما في قوله: - 34 - ومهمهين قذفين مرتين * ظهراهما مثل ظهور الترسين (2) قوله " إلا في تاء التأنيث " لانها كلمة مركبة مع الاولى وإن صارت كبعض حروف الاولى من حيث دوران الاعراب عليها، وآخر أولى الكلمتين المركبتين مفتوح، فصار حكم التاء في فتح ما قبلها في المصغر والمكبر سواء قوله " وألفي التأنيث " أي المقصورة والممدودة، نحو حبيلى وحميراء، وإنما لم يكسر ما قبلهما إبقاء عليهما من أن ينقلبا ياء، وهما علامتا التأنيث، والعلامة لا تغير ما أمكن، أما لزوم انقلاب علامة التأنيث ياء في المقصورة فظاهر، وأما في الممدودة فالعلامة وإن كانت هي الهمزة المنقلبة عن ألف التأنيث، والالف التى قبلها للمد كما في حمار، لكن لما كان قلب ألف التأنيث همزة لا واوا ولا ياء للالف التى قبلها، كما ذكرنا في باب التأنيث، استلزم قلب الاولى ياء قلب الثانية ياء أيضا كما في قوله: - 35 - * لقد أغدو على أشقر يغتال الصحاريا (1) *
__________
(1) هذا بيتان من الرجز المشطور من أرجوزة طويلة لخطام بن نصر بن عياض بن يربوع المجاشعى الدارمي.
ومهمهين: تثنية مهمه وهو القفر المخوف.
وقذفين: تثنية قذف - بفتحتين كبطل - وهو البعيد من الارض.
ومرتين: تثنية مرت - بفتح فسكون - وهو الارض التى لا ماء بها لا نبات.
والظهر: ما ارتفع من الارض، شبهه بظهر الترس في ارتفاعه وتعريه من النبات (2) هذا البيت للوليد بنيزيدبن عبد الملك بن مروان، وأراد بالاشقر الفرس الذى لونه الشقرة، وهى حمرة صفة بخلاف الشقرة في الانسان، فأنها فيه حمرة يعلوها بياض.
ويغتال: يهلك، واستعاره لقطع المسافة بسرعة شديدة.
والصحارى (*)


وقد تغير علامة التأنيث إذا اضطروا إليه، وذلك إذا وقعت قبل ألف التثنية نحو حبليان، أو ألف الجمع نحو حبليات، وإنما جاز تغييرها بلا ضرورة في نحو حمداوان وحمراوات إجراء لالفي التأنيث الممدودة والمقورة مجرى واحدا في قبلهما قبل ألفى التثنية والجمع.
وقد يجئ أسماء في آخرها ألف للعرب فيها مذهبان: منهم من يجعل تلك الالف للتأنيث فلا يقلبها في التصغير ياء، ومنهم من يجعلها لغير التأنيث فيكسر ما قبلها ويقلبها ياء، وذلك نحو علقى وذفرى وتترى، فمن نونهال قال عليق وذفير وتتير، ومن لم ينونها قال عليقى وذفيرى وتترى (1) وكذا يجئ في الممدودة ما لهم فيه مذهبان كغوغاء (2) من نونه وجعله فعلالا كزلزال قال في التصغير
__________
- بتشديد الياء - جمع صحراء وهي البرية وتشديد الياء في صحارى هو الاصل في جمع ما مفرده مثل صحراء كعذاره ولكنهم كثيرا ما يخففون بحذف الياء الاولى لاستثقال الياء المشددة في آخر الجمع الاقصى مع بقاء كسر ما قبلها، وقد يخففون بعد ذلك بفتح هذه الكسرة وقلب الياء ألفا كما قالوا عذارى وصحارى ومدارى.
وسيأتى
لذلك مزيد بحث في باب جمع التكسير (1) علقى: شجر تدوم خضرته في القيظ وله أفنان طوال دقاق وورق لطاف اختلف في ألفها فبعضهم يجعلها للتأنيث فلا ينونها.
وبعضهم يجعلها للالحاق بجعفر وينونها والذفرى: العظم الشاخص خلف الاذن، واختلف في ألفها أيضا على النحو السابق.
وتترى: أصلها وترى من المواترة وهى المتابعة، فالتاء بدل من الواو بدلا غير قياسي واختلف في ألفها أيضا فمنهم من جعلها للالحاق بمنزلة أرطى ومعزى، ومنهم من يجعلها للتأنيث بمنزلة سكرى وغضبى.
(2) غوغاء: الاصل في الغوغاء الجراد حين يخف للطيران، ثم استعير للسفلة من الماس والمتسرعين إلى الشر، ويجوز أن يكون من الغوغاء الذى هو الصوت والجلبة لكثرة لغطهم وصياحهم (*)


غويفى، ومن لم ينونه وجعله كحمراء قال غويغاء، وكذا في قوباء (1) من فتح الواو فالالف للتأنيث لا غير، وتصغيره قويباء، ومن سكنها وجعله ملحقا بقرطاس فتصغيره قويبي.
وإنما لم تقلب الالف التى قبل النون الزائدة ياء تشبيها لها بألف حمراء، وليس كل ألف ونون زائدتين في آخر الاسم تشبهان بألف التأنيث الممدودة فيمتنع قلب ألفه في التصغير ياء، فإذا أرادت تمييز ما يقلب ألفه ياء مما لا تقلب فاعلم أنهما إذا كانا في علم مرتجل نحو عثمان وعمران وسعدان وغطفان وسلمان ومروان شابهتاها، لان تاء التأنيث لا تلحقهما لا قبل العلمية ولا معها، أما قبلها فلفرضنا ارتجالها، وأما معها فلان العلمية مانعة كما مر فيما لا ينصرف (2)، فعلى هذا تقول عثيمان
__________
(1) قوباء - بضم القاف والواو مفتوحة أو ساكنة -: الذى يظهر في الجسد
ويخرج عليه وهو داء معروف يتقشر ويتسع يعالج ويداوى بالريق.
قال الفراء: " القوباء تؤنث وتذكر، وتحرك وتسكن، فيقال هذه قوباء - بالتحريك - فلا تصرف في معرفة ولا نكرة، ويلحق بباب فقهاء، وهو نادر، وتقول في التخفيف هذه قوباء، فلا تصرف في المعرفة وتصرف في النكرة " اه ومراده بالتخفيف سكون الواو، وإنما كانت محتملة للصرف وعدمه حينئذ لكون الالف للالحاق، ولو كانت للتأنيث لم تنصرف معرفة ولا نكرة، لان ألف التأنيث تستقل وحدها بالمنه من الصرف (2) قال في شرح الكافية (ج 1 ص 43): " وأما الزيادة في الاعلام فنقول: إن كان الحرف الزائد لا يفيد معنى كألف التأنيث في نحو بشرى وذكرى وتاء التأنيث في نحو غرفة وألف الالحاق في نحو معزى لم يجز زيادته، لان مثل ذلك لا يكون إلا حال الوضع، وكلامنا فيما يزاد على العلم بعد وضعه إذا استعمل على وضعه العلمي، وكذا الحكم إن لم تفد الزيادة، إلا ما أفاد العلم كتاء الوحدة ولا التعريف، من غير اشتراك العلم، وإن أفادت الزيادة معنى آخر فان لم يقع لفظ العلم بذلك المعنى على ما وضع له أولا لم يجز، لزوال الوضع العلمي، فلا تزيد (*)


عميران وسعيدان وغطيفان وسليمان ومريان، وأما عثمان في فرخ الحبارى على ما قيل وسعدان في نبت فتصغيرهما عثيمين وسعيدين، وليسا أصلين لسعدان وعثمان علمين، بل اتفق العلم المرتجل والجنس، كما اتفق الاعجمي والعربي في يعقوب وآزر، وسعدان اسم مرتجل من السعادة كسعاد منها، وعثمان مرتجل من العثم (1)، وكذا إن كانتا في صفة ممتنعة من التاء كجوعان وسكران تشابهانها بانتفاء التاء، فتقول: سكيران وجويعان، وإن كانتا في صفة لا تمتنع من التاء كالعريان والندمان والصميان للشجاع والقطوان للبطئ شبهتا بالالف والنوف في
باب سكران، لكونها صفات مثله وان لحقتها التاء، فقيل: عريان ونديمان وصميان وقطيان، وإن كانتا في الاسم الصريح غير العلم فانهما لا تشبهان بالالف والنون في باب سكران مطلقا، إذ لا يجمعهما الوصف كما جمع عريانا وسكران، بل ينظر هل الالف رابعة أو فوقها، فان كانت رابعة نظر، فان كان الاسم الذي هما في آخره مساويا لاسم آخره لان قبلها ألف زائدة في عدد الحروف والحركات والسكنات وإن لم يساوه وزنا حقيقيا قلب في التصغير ياء تشبيها لها بذلك الالف الذي قبل اللام، وذلك في ثلاثة أوزان فقط: فعلان، وفعلان، وفعلان، كحومان وسلطان وسرحان، فان نون حومان موقعها موقع اللام في جبار وزلزال، وموقع نون
__________
عليه التاء المفيدة لمعنى التأنيث، وإن بقى لفظ العلم مع تلك الزيادة واقعا على ما كان موضوعا له جازت مطلقا إن لم يخرج العلم بها عن التعيين كياء النسبة وياء التصغير وتنوين التمكن نحو هاشمى وطليحة، وإن خرج بها عن التعيين جازت بشرط جبران التعيين بعلامته كما في الزيدان والزيدون على ما يجئ في باب الاعلام " اه (1) العثم - بفتح فسكون -: جبر العظم المكسور على غير استقامته، وتقول عثمت المرأة المزادة - من باب نصر - إذا خرزتها خرزا غير محكم، وفي المثل " إلا أكن صنعا فانى أعتثم " أي: إن لم أكن حاذقا فأنى أعمل على قدر معرفتي، والصنع بفتحتين - الماهر الحاذق (*)


سلطان كلام قرطاس وزنار (1) وطومار، وموقع نون سرحان كلام سربال (1) ومفتاح وإصباح، فتقول: حويمين وسليطين وسريحين، كزليزيل وقريطيس ومفيتيح، وإن لم يكن الاسم المذكور مساويا لما ذكرنا فيما ذكرنا كالظربان والسبعان (3) وفعلان وفعلان وفعلان إن جاءت في كلامهم لم يشبه ألفها بالالف التى قبل اللام، إذ لا يقع موقع الالف والنون فيها ألف زائدة بعدها لام،
بل تشبه الالف والنون فيها بالالف والنون في باب سكران، فلا نقلب الالف ياء، نحو ظريبان وسبيعان في تصغير ظربان وسبعان، وإنما جاز تشبيههما بها ههنا في التصغير ولم يجز ذلك في الجمع فلم يقل ظرابان بل ظرابين لتمام بنية التصغير قبل الالف والنون، وهى فعيل، بخلاف بنية الجمع الاقصى، وإذا جاز لهم لاقامة بنية الجمع الاقصى قلب ألف التأنيث وهى أصل الالف والنون كما في الدعاوى والفتاوى والحبالي في المقصورة والصحارى في الممدودة كما يجئ في باب الجمع فكيف بالالف والنون
__________
(1) الزنار - كرمان - ومثله الزنارة: ما يلبسه الذمي يشده على وسطه.
والطومار ومثله الطامور كالخابور: الصحيفة، قال ابن سيده: " قيل هو دخيل وأراه عربيا محضا ؟ ؟ ؟ لان سيبويه قد اعتد به في الابنية فقال: هو ملحق بفسطاط وإن كانت الواو بعد الضمة، فانما كان ذلك لان موضع المد إنما هو قبيل الطرف مجاورا له كألف عماد وياء عميد وواو عمود، فأما واو طومار فليست للمد، لانها لم تجاور الطرف، فلما تقدمت الواو فيه ولم تجاور طرفه قال إنه ملحق " اه (2) السربال: القميص، والدرع، وقيل: كل ما لبس فهو سربال (3) الظربان - بفتح فكسر - والظرباء كذلك ممدودا: دابة تشبه القرد على قدر الهر، وقيل: تشبه الكلب طويلة الخرطوم سوداء الظهر بيضاء البطن كثيرة الضو متننة الرائحة تفسو في جحر الضب فيخرج ن خبث رائحتها فتأكله، وتزعم الاعراب أنه تفسو في ثوب أحدهم إذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب.
والسبعان - بفتح السين وضم الباء -: موضع معروف في ديار قيس، قال ابن مقبل:


وكان قياس نحو ورشان وكروان (1) أن يكون كظربان، إذ لا يقع موقع نونه لام، كما لم يقع موقع نون ظربان وسبعان، لكنه لما جاءت على هذا
الوزن الصفات أيضا كالصميان والقطوان (2) وشبهت ألفها بألف سكران فلم تقلب كما مر، قصدوا الفرق بينهما، فقلبت في الاسم فقيل: وريشين وكريوين (3)، لان تشبيه الصفة بالصفة أنسب وأولى من تشبيه الاسم بها وإن كانت الالف فوق الرابعة: فان كانت خامسة كزعفران وعقربان وأفعوان (4) لم يجز تشبيهها بالالف التي قبل اللام وقلبها ياء، إذ لا تقلب تلك الالف ياء في التصغير إلا رابعة كمفتاح ومصباح، فلم يبق إلا تشبيهها بألف التأنيث
__________
ألا يا ديار الحي بالسبعان * أمل عليها بالبلا الملوان قال في اللسان: " ولا يعرف في كلامهم اسم على فعلان (بفتح الفاء وضم العين) غيره " اه (1) الورشان - بفتحات - طائر شبه الحمامة، والانثى ورشانة، يجمع على ورشان - بالكسر - ووراشين، والورشان أيضا: الجزء الذي يغطيه الجفن الاعلى من بياض المقلة.
والكروان بالتحريك - طائر، ويدعى الحجل والقبج (الاول كبطل والثاني كفلس) وجمعه كروان (بكسر فسكون) وكراوين (2) الصميان - بفتحات - من الرجال: الشديد المحتنك السن، والجرئ الشجاع، والصميان أيضا: التلفت والوثب: يقال رجل صميان، إذا كان ذا توثب على الناس والقطوان - بفتحات -: مقارب الخطو في مشيه.
يقال: قطا في مشيته يقطو واقطواطى فهو قطوان وقطوطى (3) كذا في جميع النسخ بتصحيح الواو، والذي يقتضيه القياس كما يأتي في كلام المؤلف قريبا أن يقال: كربين بقلب الواو التي هي لام ياء وجوبا.
اللهم إلا أن يكون أراد الاتيان بها حسب الاصل (4) العقربان - بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه مع تخفيف الباء وتشديدها -: الذكر من العقارب.
والافعوان - بضم أوله وثالثه وسكون ثانيه كذل - الذكر من الافاعى (*)


فقيل: زعيفران وعقيربان وأفيعيان وفي صليان (1) صليليان، وكان القياس أن يقال في أسطوانة أسيطيانة، لكنه حذف الواو فيها شاذا، فصارت الالف رابعة فقيل: أسيطينة، كثعيمين، وكذا قيل في الجمع أساطين، كذا قياس إنسان أن يصغر على أنيسين كسريحين لكنه لما زيد ياء قبل الالف شاذا في الاصح كما يجئ في ذى الزيادة صارت الالف خامسة كما في أفعوان وعقربان وإن كانت الالف فوق الخامسة: فان كان في جملة الاحرف المتقدمة عليها ما يلزمه حذف بحيث تصير الالف بعد حذفه خامسة بقيت بحالها لانها تصير إذن كما في عقربان، وذلك كما تقول في عبوثران (2) عبيثران، لان الواو زائدة، وإن لم يكن كذلك حذفت الالف والنون كما تقول في قرعبلانة (3) قريعبة لانك تحذف الاصلى قبلهما فكيف تخليهما ؟
__________
(1) الصليان نبت له سنمة عظيمة كأنها رأس القصبة إذا خرجت أذنابها تجذبها الابل والعرب تسميه خبزة الابل، واختلف علماء اللغة في وزنه فمنهم من قال إنه على وزن فعلان بكسر الفاء والعين المشددة -، وقال بعضهم: هو فعليان - بكسر الفاء واللام وسكون العين - (2) قال في اللسان: " العبوثران والعبيثران: نبات كالقيصوم في الغبرة، إلا أنه طيب للاكل، له قضبان دقاق طيب الريح، وتفتح الثاء فيهما وتضم أربع لغات " اه (3) القرعبلانة: دويبة عريضة محبنطئة عظيمة البطن.
قال ابن سيده: وهو مما فات الكتاب من الابنية، إلا أن ابن جنى قد قال: كأنه قرعبل ولا اعتداد بالالف والنون بعدها، على أن هذه اللفة لم تسمع إلا في كتاب العين.
قال الجوهري: أصل القرعبلانة قرعبل فزيدتفيه ثلاثة حروف لان الاسم لا يكون على أكثر من خمسة أحرف وتصغيره قريعبة.
قال الازهرى: ما زاد على قرعبل فهو فضل ليس من حروفهم الاصلية.
قال: ولم يأت اسم في كلام العرب زائدا على خمسة أحرف إلا
بزيادات ليس من أصلها أو وصل بحكاية كقولهم فتفتحه طورا وطورا تجيفه * فتسمع في الحالين منه جلن بلق (*)


وأما العلم المنقول عن الشئ فحكمه حكم المنقول عنه، تقول في سرحان (1) وورشان وسلطان أعلاما: سريحين ووريشين وسليطين، تكون قبل التصغير غير منصرفة للعلمية والالف والنون، وتنصرف بعد التصغير لزوال الالف بانقلابها ياء، وهذا كما لا ينصرف معزى علما لمشابهة ألفها لالف التأنيث فإذا صغرنه صرفته لانقلابها ياء نحو معيز، وتقول في ظربان وعقربان وسكران وندمان أعلاما: ظريبان وعقيربان وسكيران ونديمان كما كانت قبل النقل إلى العلمية، وهذا كما تقول في أجمال علما: أجيمال، بالالف على ما ذكره سيبويه هذا، ثم إن النحاة قالوا في تعريف الالف والنون المشبهتين بألف التأنيث: كل ما قلب ألفه في الجمع ياء فاقلبها في التصغير أيضا ياء، وما لم تقلب في التكسير فلا تقلب في التصغير، وهذا رد إلى الجهالة، ولا يطرد ذلك في نحو ظربان لقولهم ظربيان وظرابين، وما لم يعرف هل قلب ألفه في التكسير أو لا اختلفوا فيه: فقال السيرافي وأبو علي: لا تقلب ألفه حملا على باب سكران، لانه هو الاكثر، وقال الاندلسي: يحتمل أن يقال: الاصل عدم التغيير، وأن يقال: الاصل الحمل على الاكثر فتغير والله أعلم، وإنما تغير ألف أفعال إبقاء على علامة ما هو مستغرب في التصغير، أعنى الجمع، وذلك لانهم - كما يجئ - لم يصغروا من (2) صيغ الجمع المكسر إلا الاربعة الاوزان التي للقلة، وهي: أفعل وأفعال وأفعلة وفعلة،
__________
حكى صوت باب ضخم في حالتي فتحه وإسفاقه وهما حكايتان متاينتان جلن على حده وبلق على حدة، إلا أنهما التزقا في اللفظ فظن غير المميز أنهما كلمة واحدة " اه (1) السرحان: الذئب، وقيل: الاسد بلغة هذيل.
قال سيبويه: النون زائدة وهو فعلان، والجمع سراحين وسراحن وسراحي (2) إنما لم يصغروا جموع الكثرة لان المقصود من تصغير الجمع تقليل العدد
فلم يجمعوا بين تقليل العدد بالتصغير وتكثيره بابقاء لفظ جمع الكثرة لكون ذلك يشبه أن يكون تناقضا (*)


فكان تصغير الجمع مستنكرا في الظاهر، فلو لم يبقوا علامته لم يحمل السامع المصغر على أنه مصغر الجمع لتباين بينهما في الظاهر، وأما ألف نحو إخراج وإدخال فهي وإن كانت علامة المصدر إلا أنها تقلب في التصغير ياء، إذ لا يستغرب تصغير المصدر استغراب تصغير الجمع، وإذا سميت بأجمال قلت أيضا أجيمال كما ذكرنا.
قال: " ولا يزاد على أربعة، ولذلك لم يجئ في غيرها إلا فعيل وفعيعل وفعيعيل، وإذا صغر الخماسي على ضعفه فالاولى حذف الخامس، وقيل: ما أشبه الزائد، وسمع الاخفش سفير جل " أقول: قوله " ولا يزاد على أربعة " عبارة ركيكة، مراده منها أنه لا يصغر الخماسي، أي: لا يرتقى إلى أكثر من أربعة أحرف أصول في التصغير، لان للاسماء ثلاث درجات: ثلاثي، ورباعي، وخماسي، فيصغر الثلاثي، ويزاد عليه أن يرتقى منه إلى الرباعي أيضا، فيصغر، ولا يزاد على الرباعي: أي لا يزاد الارتقاء عليه، بل يقتصر عليه، فان صغرته على ضعفه فالحكم ما ذكر من حذف الخامس قوله " ولذلك " أي لانه لا يرتقى من الرباعي لا تتجاوز أمثلة التصغير عن ثلاثة، وذلك أنه إن كان ثلاثيا على أي وزن كان من الاوزان العشرة فتصغيره على فعيل، وإن كان رباعيا فإما أن يكون مع الاربعة مدة رابعة أولا، فتصغير الاول فعيعيل، وتصغير الثاني فعيعل، وحكى الاصمعي في عنكبوت عنيكبيت وعناكبيت، وهو شاذ قوله " لم يجئ في غيرها " أي: في غير ذي تاء التأنيث، وذى ألف التأنيث، وذز الالف والنون المشبهتين، وذى ألف أفعال، وأما فيها فيجئ غير الامثلة الثلاثة
ويجئ الامثلة الثلاثة قبل تاء التأنيث، كقديرة وسليهبة وزنييرة (1)
__________
(1) القدر - بكسر فسكون -: معروف وهى مؤنثة بغير تاء.
قال في اللسان: (*)


في زنبورة، وكذا قبل ألف التأنيث الممدودة، نحو حميراء وخنيفساء ومعييراء (1) في معيوراء، وكذا قبل الالف والنون نحو سليمان وجعيفران وعبيثران بابدال الياء من الواو المحذوفة، ولا يجى قبل ألف الجمع إلا فعيل كأجيمال، وكذا قبل ألف التأنيث المقصورة لا يجى فعيعل وفعيعيل، لانها تحذف خامسة في التصغير كما يجئ.
وكان على المصنف أن يذكر ياء النسبة أيضا نحو بريدى في بريدى (1) ومشيهدي في مشهدى ومطيليقى في منطلقي، بابدال الياء من النون، فيقول: لم يجئ في غيرها وغير المنسوب بالياء إلا كذا
__________
" وتصغيرها قدير بلا هاء على غير قياس.
قال الازهري: القدر مؤنثة عند جميع العرب بلا هاء فإذا صغرت قلت لها قديرة وقدير، بالهاء وغير الهاء، والسليهبة تصغير السلهبة والسلهبة بفتح السين والهاء بينهما لام ساكنة الجسيمة من النساء، يقال فرس سلهب وسلهبة للذكر إذا عظم وطال وطالت عظامه.
وزنيبيرة تصغير زنبورة كما قال المؤلف والزنبورة والزنبور والزنبار (كقرطاس) ضرب من الذباب لساع.
قال الجوهري: الزنبور الدبر (النحل) وهى تؤنث، والزنبار لغة فيه حكاها ابن السكيت، ويجمع الزنابير، وأرض مزبرة كثيرة الزنابير كأنهم ردوه إلى ثلاثة أحرف وحذفوا الزيادات ثم بنوا عليه كما قالوا أرض معقرة ومثعلة أن ذات عقارب وثعالب (1) المعيوراء: اسم لجمع العير، قال الازهرى: المعيورا: الحمير، مقصور، وقد يقال المعيوراء ممدودة مثل المعلوجا والمشيوخا والمأتوناه يمد ذلك كله ويقصر (2) البردى - بضم الباء وسكون الراء -: ضرب من تمر الحجاز جيد معروف
عند أهل الحجاز، وفي الحدث أنه أمر أن يؤخذ البردى في الصدقة.
والبردى - بفتح الباء - نبت معروف، واحدته بردية، وهذه الياء التى في بردى على اختلاف ضبطيه ليست ياء النسب، وإنما هي ياء زيدت لا للدلالة على معنى كياء الكرسي وقد صرح بذلك المؤلف في أول باب النسب من هذا الكتاب، فتسميته لها هنا ياء النسبة فيه تسامح، والمراد أنها على صورة ياء النسبة (*)


فان قال فعيلي هو فعيل، والياء زائدة قلنا: لا شك في زيادتها إلا أنها صارت كجزء الكلمة، مثل تاء التأنيث، بدليل دوران إعراب الكلمة عليها كما على التاء وتصح المعارضة بنحو حميزة وحبيلى وحميراء، فانها فعيل، والتاء والالفان زوائد.
وهلا ذكر المثنى والمجموع نحو العميران والعميرون، فقال: ويكسر ما بعدها إلا في تاء التأنيث وألفيه وياء النسبة وألف المثنى ويائه وواو الجمع وألف جمع المؤنث وألف أفعال والالف والنون المضارعتين وكذا في المركب نحو بعلبك قوله " فالاولى حذف الخامس " لان الكلمة ثقيلة بالخمسة الاصول، فإذا زدت عليها ياء التصغير زادت ثقلا، وسبب زيادة الثقل وإن كانت زيادة الياء لكنه لا يمكن حذفها إذ هي علامة التصغير، فحذف ما صارت به الكلمة مؤدية إلى الثقل بزيادة حرف آخر عليها، وذلك هو الخامس، ألا ترى أن الرباعي لا يستثقل بزيادة الياء عليه، فحذف الحرف الخامس مع أصالته فان قيل: أليس في كلام العرب ما هو زائد على الخماسي نحو قبعثرى وسلسبيل (1) وغير ذلك ؟ قلت: بلى، لكن تلك الزيادات ليست بقياسية فلا يكثر المزيد فيه بسببها
إذ كل واحد كالشاذ في زنته، وأما زيادة ياء التصغير فقياس، فلو سنوا قاعدة زيادتها على الخماسي الاصلى حروفه لصارت قياسا، فيؤدى إلى الكثرة، إذ يصير لهم قانون يقاس عليه فان قيل: أليس مثل مستخرج قياسا ؟
__________
(1) انظر كلمة قبعثرى (ص 9 ه 5) من هذا الجزء و (ص 52 س 1) أيضا وكلمة سلسبيل (ص 50) (*)


قلت: بلى، لكنه مبنى على الفعل وجار مجراه، وجاز ذلك في العمل كثيرا غالبا قريبا من القياس، نحو استخرج واحرنجم، لكونه أقل أصولا من الاسم إذ لا يجئ منه الخماسي الاصلي حروفه، والثقل بالحروف الاصول لرسوخها وتمكنها أشد وأقوى.
قوله " وقيل ما أشبه الزائد " اعلم أن من العرب من يحذف في الخماسي الحرف الذي يكون من حروف " اليوم تنساه " وإن كان أصليا لكونه شبيه الزائد، فإذا كان لابد من حذف فحذف شبه الزائد أولى، كما أنه إذا كان في كلمة على خمسة زائد حذف الزائد كان نحو دحيرج في مدحرج، لكن الفرق بين الزائد حقيقية وبين الاصلي المشبه له بكونه من حروف " اليوم تنساه " أن مثل ذلك الاصلي لا يحذف إلا إذا كان قريب الطرف بكونه رابعا، بخلاف الزائد الصرف، فانه يحذف أين كان، فلا يقال في جحمرش جحيرش لبعد الميم من الطرف، كما يقال في مدحرج دحيرج، وقال الزمخشري: إن بعض العرب يحذف شبه الزائد أين كان، وهو وهم على ما نص عليه السيرافي والاندلسي، فان لم يكن مجاور الطرف شيئا من حروف " اليوم تنساه " لكن يشابه واحدا منها في المخرج حذف أيضا، فيقال في فرزدق: فريزق، لان الدال من مخرج التاء
قوله " وسمع الاخفش سفيرجل " يعنى باثبات الحروف الخمسة كراهة لحذف حرف أصلى، وبابقاء فتحة الجيم كما كانت، وحكى سيبويه عن بعض النحاة في التصغير والتكسير سفيرجل وسفارجل - بفتح الجيم فيهما - فقال الخليل لو كنت محقرا للخماسي بلا حذف شئ منه لسكنت الحرف الذي قبل الاخير فقلت سفيرجل قياسا عى ما ثبت في كلامهم، وهو نحو دنينير، لان الياء ساكنة قال " ويرد نحو باب وناب وميزان وموقظ إلى أصله لذهاب المقتضى، بخلاف قائم وتراث وأدد، وقالوا عييد لقولهم أعياد "


أقول: اعلم أن الاسم إما أن يكون فيه قبل التصغير سبب قلب أو حذف أولا: فان كان فإما أن يزيل التصغير ذلك السبب، أولا، فما يزيل التصغير سبب القلب الي كان فيه نحو باب وناب، ونحو ميزان وموقظ، ونحو طي ولي، ونحو عطاء وكساء، ونحو ذوائب وماء وشاء عند المبرد، وفم، ونحو قائم وبائع، ونحو أرؤر والنؤر، ونحو متلج ومتعد (1)، وما يزيل التصغير سبب الحذف الذي
__________
(1) المعروف أن أول المصغر مضموم وثانيه مفتوح دائما وباب وناب المكبران ألفهما مقلوبة عن الواو والياء لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، إذا صغرا زال فتح ما قبل الواو والياء الذى هو شطر سبب القلب، وميزان أصله موزان قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فإذا صغر ضم أوله فزال سبب القلب.
وموقظ أصله ميقظ ابدلت ياؤه واو لسكونها إثر ضمة فإذا صغر ضم أوله وفتح ثانيه فزال سبب قلب الياء واوا.
وطى ولى أصلهما طوى ولوى أبدلت واوهما ياء لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون فإذا صغرا ضم أولهما وفتح ثانيهما فيزول سبب قلب الواو ياء.
وعطاء وكساء أصلهما عطاو وكساو أبدلت واوهما ألفا ثم همزة أو همزة من أول الامر على اختلاف العلماء في ذلك لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة فإذا صغر أبدلت ألفهما
ياء لوقوعها بعد ياء التصغير فيزول سبب قلب الواو ألفا أو همزة.
وذوائب أصلها ذآئب فكروهوا اكتناف همزتين للالف التي هي في حكم العدم فأبدلوا الهمزة الاولى واوا أبدالا شاذا فأذا صغر ذوائب اسم رجل حذف الالف، فتقع ياء التصغير فاصلة بين الهمزتين فيزول سبب إبدال الهمزة الاولى واوا.
وماء وشاء أصلهما موه وشوه قلبت عينهما الفا ثم لا مهما همزة لان الهاء عندهم من الحروف الخفية وكذلك الالف فكرهوا وقوع حرف خفي بعد مثله فأبدلوا الهاء همزة لقربها منها في المخرج، فإذا صغرا ضم أولهما فيزول سبب قلب عينهما ألفا وسبب قلب لامهما همزة.
وفم أصله فوه حذفت لامه اعتباطا ثم أبدلت واوه ميما لان الاسم المعرب لا يكون على حرفين ثانيهما لين، فإذا صغر ردت لامه لتتم بها بنية التصغير فيزول سبب قلب الواو ميما.
وقائم وبائع أصلهما قاوم وبايع قلبت عينهما ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها إذ الالف لزيادتها في حكم العدم، فإذا صغرا زال سبب قلب عينهما ألفا، (*)


كان فيه نحو عصا وفتى وعم (1) والسبب هو اجتماع الساكنين، وقريب منه ما لم يزل التصغير سبب الحذف لكنه عرض في التصغير ما يمنع من اعتبار ذلك السبب، كالثلاثي المحذوف منه حرف إما لقصد التخفيف على غير قياس نحو سه وغد، ونحو ابن واسم وبنت وأخت وحم، فان قصد التخفيف بالحذف لا يمكن اعتباره في التصغير، إذ لا يتم الوزن بدون المحذوف، وإما لاعلال قياسي كعدة وزنة، وما لا يزيل التصغير سبب القلب الذي كان في مكبره نحو تراث وأدد (2) وما لا يزيل التصغير سبب الحذف الذي كان في مكبره كميت
__________
لوقوعها بعد ياء التصغير وهى ساكنة.
وأدؤر جمع دار وأصله أدور قلبت الواو المضمومة ضمة لازمة همزة جوازا، فإذا صغر وقعت العين بعد ياء التصغير في اسم زائد على الثلاثة فوجب أن تكون مكسورة فزال سبب قلب العين همزة.
والنؤور بزنة صبور: النيلج ودخان الشحم، وحصاة كالائمة تدق فتسفها اللثة: والنؤور أيضا المرأة النفور من الريبة، وأصل النؤر النوور، قلبت الواو همزة جوازا لكونها
مضمومة ضما لازما، فأذا صغر زال سبب قلبها همزة لانها تقع ثانيا في المصغر، وهو مفتوح على ما قدمنا.
وأصل متلج ومتعد موتلج وموتعد (بوزان مفتعل) من الولوج والوعد فقلب الواو فيهما تاء لوقوعها قبل تاء الافتعال ثم أدغمت في التاء، فأذا صغرا حذفت تاء الافتعال لانها تخل بصيغة التصغير فيزول بحذفها سبب قلب الواو تاء (1) أصل عصا وفتى عصو وفتى قلبت لامهما ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، ثم حذفت الالف تخلصا من التقاء الساكنين، وكذا التنوين، فإذا صغرا زال سبب قلب لامهما ألفا لوقوعها بعد ياء التصغير التي هي ساكنة، ومتى زال سبب القلب ألفا زال سبب الحذف.
وأصل عم عمى استثقلت الضمة أو الكسرة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء، فإذا صغر وقعت الياء بعد ياء التصغير الساكنة فلا تستثقل الحركة عليها كما لم تستثقل على نحو ظبي، فيزول سبب الحذف (2) التراث كغراب: المال الموروث، أصله وراث استثقلوا الواو المضمومة في أول الكلمة فأبدلوها تاء إبدالا غير قياسي: وأدد: علم شخصي، وأصله ودد فقلبت (*)


وهار وناس ويرى وأرى ونرى وترى ويضع وتضع وخير وشر (1) وإن لم يكن فيه قبل التصغير سبب قلب ولا حذف فإما أن يعرض في التصغير ذلك كعروض سبب قلب ألف نحو ضارب وحمار، وواو جدول وأسود وعروة ومزود وعصفور وعروض (2)، وكعروض سبب حذف خامس نحو سفرجل، وثالثة يا آت نحو أحوى (3) ومعاوية وعطاء، وألف نحو مساجد، وما يحذف من نحو مستخرج واستخراج ومنطلق وانطلاق، وإما أن لا يعرض فيه ذلك كما في تصغير نحو رجل وجعفر
__________
الواو المضمومة ضمة لازمة همزة جوازا، فإذا صغر واحد من هذين اللفظين لم يزل التصغير سبب القلب فيه لبقاء الضمة.
(1) المحذوف من ميت ياء، والمحذوف من هار ياء أيضا كقاض، والمحذوف
من ناس همزة، وأصله أناس، والمحذوف من يرى وأخواته همزة وأصلهن يرأى وأرأى ونرأى وترأى، والمحذوف من يضع وتضع واو وهى فاء الكلمة وأصله يوضع وتوضع، والمحذوف من خير وشر همزة أفعل وأصلهما أخير وأشرر، وسبب الحذف في جميع هذه الكلمات هو قصد التخفيف، وهذ السبب لا يزول عند التصغير، بل تشتد الداعية إليه (2) العروة من الدلوو الكوز: المقبض، ومن الثوب آخت زره.
والمزود - كمنبر -: وعاء الزاد.
والعروض: اسم مكة والمدينة وما حولهما، والناقة الصعبة التي لم ترض، وميزان الشعر، واسم الجزء الاخير من النصف الاول من البيت، والطريق في عرض الجبل في مضيق (3) الاحوى: وصف من الحوة - بضم الحاء وتشديد الواو - وهو سواد إلى الخضرة، أو حمرة إلى السواد، وفعله حوى كرضى.
ومعاوية: أصله اسم فاعل من عاوى، وتقول: تعاوت الكلاب وعاوى الكلب الكلب، إذا تصايحا ونبح أحدهما الاخر وأطلقوا معاوية على الكلبة التي تصيح عند السفاد، وأطلقوه أيضا على جرو الثعلب، وقالوا أبو معاوية للفهد، ومن أسمائهم معاوية (*)


فالقس الذي أزال التصغير سبب القلب الذي كان فيه اختلف في بعضه: هل ينتفي المسبب لزوال السبب أو لا ؟ واتفق في بعضه على أنه ينتفي ذلك بانتفاء سببه، فمما اتفقوا فيه على رجوع الاصل الالف المنقلبة عن الواو والياء ثانية لتحركها وانفتاح ما قبلها، تقول في باب وناب: بويب وينيب، لزوال فتحة ما قبلهما، وبعض العرب يجعل المنقلبة عن الياء في مثله واوا أيضا حملا على الاكثر، فإن أكثر الالفا في الاجوف منقلبة عن الواو، وهذا مع مناسبة الضمة للواو بعدها، وبعض العرب يكسر أول المصغر في ذوات الياء نحو
نييب وشييخ، خوفا على الياء من انقلابها واوا لضمة ما قبلها، وتفصيا من استثقال ياء بعد ضمة لو بقيتا كذلك، وهذا كما قيل في الجمع بيوت وشيوخ - بكسر الفاء - وقرئ به في الكتاب العزيز، وإذا كان الالف في نحو باب مجهول الاصل وجب قلبها في التصغير واوا عند سيبويه، لان الواو على ما مر أقرب، فتقول في تصغير صاب وآءة (1) - وهما شجران -: صويب وأويأة، والاخفش يحملها على الياء لحفتها فيقول: صييب وأييأة، وتقول في " رجل خاف " أي خائف، و " كبش صاف " برفع لاميهما: خويف وصويف، بالواو لا غير، لانه يجوز أن يكون أصله خائفا وصائفا فحذفت العين، فتكون
__________
(1) الصاب: شجر مر، واحدته صابة، قيل: هو عصارة الصبر، وقيل: هو شجر إذا اعتصر خرج منه كهيئة اللبن وربما نزت منه نزية أي قطرة فتقع في العين كأنها شهاب ونار، وربما أضعف البصر.
قال أبو ذؤيب الهذلي: - إني أرقت فبت الليل مشتجرا * كأن عينى فيها الصاب مذبوح والاء - بوزن عاع -: شجر واحدته آءة، قال الليث: الاء شجر له ثمر ياكله النعام.
قال: وتسمى الشجرة سرحة وثمرها الاء، ومن كلامه الاخير قال المجد في القاموس: " الاء ثمر شجر، لا شجر، ووهم الجوهري " (*)


الالف زائدة، فوجب قلبها واوا كما في ضويرب، وأن يكون خوفا وصوفا كقولك: رجل مال، من مال يمال كفزع يفزع، فترد الالف إلى أصلها كما في بويب، وكذا تقول: إن الالف في فتى ترد إلى أصلها لزوال فتحة ما قبلها، وكذا في العصا ترد إلى الواو، لكنها تقلب ياء لعروض علة قلبها في التصغير ياء ومن المتفق عليه رد الياء المنقلبة عن الواو لسكونها وانكسار ما قبلها إلى أصلها نحو ميقات وريح، تقول في تصغيرهما: مويقيت ورويحة، لزوال الكسر والسكون، وهذا كما تقول في الجمع مواقيت، وحكى بعض الكوفيين أن من العرب من لا
يردها في الجمع إلى الواو، قال: - 36 - حمى لا يحل الدهر إلا بأمرنا * ولا نسأل الاقوام عقد المياثق (1)
__________
(1) ورد هذا البيت في نوادر أبى زيد الانصاري الثقة عند سيبويه (ص 64) منسوبا إلى عياض بن درة، وهو شاعر جاهلي طائي، وذكر قبله بيتا آخر، وهو: وكنا إذا الدين الغلبى برى لنا * إذا ما حللناه مصاب البوارق وقال في شرحه " الدين: الطاعة، والغلبى: المغالبة، وبرى لنا: عرض لنا، يبرى بريا، وانبرى ينبرى انبراء " اه، ومثل هذا بنصه في شواهد العينى، وتبعه البغدادي في شرح الشافية إلا أنه ضبط مصابا بفتح الميم، وقال: هو اسم مكان من صابه المطر، إذا مطر، والصوب: نزول المطر، والبوارق: جمع بارقة وهي سحابة ذات برق.
والغلبي: ليس مصدرا للمفاعلة إنما هو أحد مصادر غلبه يغلبه غلبا بسكون اللام وغلبا بتحريكها وغلبة بالحاق الهاء وغلابية كعلانية وغلبة كحذقة وغلبى ومغلبة بفتح اللام كذا في العباب، والاستشهاد بالبيت عند المؤلف على أن من العرب من لا يرد الواو المنقلبة ياء في الجمع (*)


وإنما قالوا عييد في تصغير عيد ليفرقوا بينه وبين تصغير عود، وكذلك فرقوا جمعيهما فقالوا أعياد في جمع عيد وأعواد في جميع عود (1) وكذا اتفقوا على رد الاصل في قريريط وذنينير لزوال الكسر الموجب لقلب أول المضعف ياء، كما قيل قراريط ودنانير.
وكذا اتفقوا على رد أصل الياء التي كانت أبدلت من الواو لاجتماعها مع الياء وسكون أولاهما، كما تقول في تصغير طى ولي، لتحرك الاولى في التصغير، وكذا تقول: طويان ورويان في تصغير طيان (2) وريان، كما تقول في الجمع: طواء ورواء، وكذا إذا حقرت قيا (3) وأصله قوى كجبر من الارض
القواء: أي القفر.
وكذا اتفقوا على رد أصل الهمزة المبدلة من الواو والياء لتطرفها بعد الالف الزائدة، نحو عطاء وقضاء، فتقول: عطى، تردها إلى الواو، ثم تقلبها ياء لانكسار ما قبلها، ثم تحذفها نسيا لاجتماع ثلاث يا آت كما يجئ، وكذا تقلب همزة الالحاق في حرباء ياء، فتقول: حريبى، لان أصلها ياء كما يجئ في باب الاعلال
__________
(1) هذا الذي ذكره المؤلف وجه غير الوجه الذى يتبادر من عبارة ابن الحاجب، فحاصل ما ذكره ابن الحاجب أنهم لم يردوا الياء التى في عيد إلى أصلها وهو الواو عند التصغير حملا للتصغير على الجمع، أما ما ذكره المؤلف فحاصله أنهم لم يردوها للفرق ين تصغير عيد وعود كما فرقوا بين جمعيهما (2) طيان: صفة مشبهة من طوى يطوى - كرضى يرضى - ومصدره الطوى - كالجوى وكالرضا - والطيان هو الذى لم يأكل شيئا (3) القى - بكسر أوله - والقواء - بفتح القاف ممدودا ومقصورا - الارض القفر الخالية من الاهل.
وفى حديث سلمان " من صلى بأرض فأذن وأقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى قطره " (*)


وإن كانت الهمزة أصلية خليتها كأليئة في تصغير ألاءة (1)، وإن لم تعرف هل الهمزة صل أو بدل من الواو والياء خليت الهمز في التصغير بحاله ولم تقلبه، إلى أن يقوم دليل على وجوب انقلابه، لان الهمزة موجودة، ولا دليل على أنها كانت في الاصل شيئا آخر، وكذلك ترد أصل الياء الثانية في برية (2) وهو الهمزة عند من قال: إنها من برأ أي خلق، لانها إنما قلب ياء لكون الياء قبلها ساكنة حتى تدغم فيها، ومن جعلها من البرى - وهو التزاب - لم يهمزها في التصغير، وكذا النبي أصله عند سيبويه الهمز، لقولهم تنبأ مسيلمة (3)
فخففت بالادغام كما في برية، فكان قياس التصغير نبيئ، قال سيبويه: لكنك إذا صغرته أو جمعته على أفعلاء كأنبياء تركت الهمزة لغلبة تخفيف الهمزة في النبي فتقول في التصغير نبى بياءين على حذف الثالث كما في أخى، وقد جاء النبآء
__________
(1) قال في القاموس: " الالاء - كسحاب - ويقصر: شجر مر دائم الخضرة واحدته ألاءة وألاء أيضا " (2) قال في اللسان: " في التهذيب البرية أيضا الخلق بلا همز.
قال الفراء: هي من برأ الله الخلق أي خلقهم، وأصلها الهمز، وقد تركت العرب همزها ونظيره النبي والذرية.
وأهل مكة يخالفون غيرهم من العرب يهمزون البريئة والنبي والذريئة من ذرأ الله الخلق وذلك قليل.
قال الفراء: وإذا أخذت البرية من البرى وهو التراب فأصلها غير الهمزة.
وقال اللحيانى: أجمعت العرب على ترك همز هذه الثلاثة ولم يستثن أهل مكة " (3) قال سيبويه (ج 2 ص 126): فأما النبي فان العرب قد اختلفت فيه، فمن قال النبآء قال كان مسيلمة نبئ سوء (مصغرا) وتقديرها نبيع، وقال العباس بن مرداس: يا خاتم النبئاء إنك مرسل * بالحق كل هدى السبيل هداكا ذا القياس، لانه مما لا يلزم، ومن قال أنبياء قال نبى سوء (مصغرا) كما قال في عيد حين قالوا أعياد عييد " وبما نقلناه من عبارة سيبويه يتبين لك ما في عبارة المؤلف من قصور عن أداء المعنى الذي يؤخذ من عبارة سيبويه (*)


وكذا اتفقوا على رد الالف في آدم إلى أصلها، وهو الهمزة، في التصغير والجمع، لكنه يعرض للهمزة فيهما ما يوجب قلبها واوا، وذلك اجتماع همزتين متحركتين لا في الاخر غير مكسورة إحداهما، كما يجئ في باب تخفيف الهمزة وكذا اتفقوا على أنك إذا صغرت ذوائب اسم رجل قلت: ذؤيئب بهمزتين مكتنفتين للياء، لان أصل ذوائب ذآئب بهمزتين، إذ هي جمع ذؤابة (1) فكره
اكتناف همزتين للالف التي هي لخفتها كلا فصل، فأبدلوا الاولى شاذا لزوما واوا، وإنما لم يقلبوا الثانية لتعود الاولى إلى القلب في المفرد: أي في ذؤابة، وإنما أبدلت واوا لانها أبدلت في مفرده ذلك، وليكون كأوادم وجوامع، هذا، وقال سيبويه في تصغير شاء: شوى، قال: أصل شاء إما شوى أو شوو قلبت العين ألفا واللام همزة وكلاهما (2) شاذ، وفيه جمع بين إعلالين، والقياس قلب اللام
__________
(1) الذؤابة - بضم أوله -: الناصية أو منبتها من الرأس، وشعر في أعلى ناصية الفرس، وأعلى كل شئ (2) أما شذوذ قلب العين ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها فلان من شرط هذا القلب ألا تكون اللام حرف علة، وأما شذوذ قلب اللام همزة فلانها وقعت بعد ألف ليس زائدة.
والاعلالان هما قلب العين ألفا واللام همزة.
وقد نقل المؤلف عبارة سيبويه بالمعنى والاستنتاج وزاد فيها، وها نحن أولاء نسوقها إليك بنصها.
قال (ج 2 ص 126): " وأما الشاء فان العرب تقول فيه شوى، وفي شاة شويهة، والقول فيه أن شاء من بنات الياءات أو الواوات التي تكون لامات، وشاة من بنات الواوات التي تكون عينات ولامها هاء، كما كانت سواسية ليس من لفظ سى، كما كانت شاء من بنات الياءات التى هي لامات، وشاة من بنات الواوات التي هي عينات، والدليل على ذلك هذا شوى، وإنما ذا كامرأة ونسوة، والنسوة ليست من لفظ امرأة، ومثله رجل ونفر " اه، وقول سيبويه " وإنما ذا كامرأة ونسوة " يريد به أن شاء اسم جمع لا واحد له من لفظه بل من معناه وهو شاة كما أن نسوة اسم جمع له واحد من معنا.
دون لفظه وهو امرأة (*)


فقط ألفا، قال: ليس لفظ شاء من شاة لان أصلها شوهة بدليل شويهة، بل هو بالنسبة إلى شاة كنسوة إلى امرأة، واستدل على كون لامه حرف علة بقولهم في
الجمع شوي ككليب، وقال المبرد: شوى من غير لفظ (1) شاء، وأصل شاء شوه فهو من شاة كتمر من تمرة، قلبت العين ألفا على القياس، كما في باب، ثم قلبت الهاء همزة لخفائها بعد الالف الخافى أيضا، وهذا كما أن أصل ماء موه، قال: فتقول في تصغير شاء: شويه، كما تقول في ماء: مويه، لزوال الالف الخافي في التصغير، فترد اللام إلى أصلها، كما تقول في الجمع: شياه، ومياه وكذا اتفقوا على رد ميم " فم " إلى أصله، وهو الواو، لانه إنما جعلت مما لئلا تحذف باجتماع الساكنين، فيبقى الاسم على حرف وما اختلف في هذا القسم في رجوع الحرف المقلوب فيه إلى أصله باب قائم ونائم، وباب أدؤر والنؤر، بالهمزة، وباب متعد، قال سيبويه في الجميع: لا ترد إلى أصولها في التصغير، بل تقول: قويتم، وأديئر، وأديئر، بالهمزة بعد الياء فيهما وكذا نؤير، بالهمزة قبل الياء، ومتيعد ومتيزن، ولعل ذلك لان قلب العين همزة في باب قائل، وقلب الواو في متعد - وإن كانا مطردين - إلا أن العلة فيهما ليست بقوية، إذ قلب العين ألفا في قائم ليس لحصول العلة في جوهره، ألا ترى أن ما قبل العين أي الالف ساكن عريق في السكون، بخلاف سكون
__________
(1) المبرد يخالف سيبويه من وجوه: أحدها أنه جعل شويا اسم جمع له واحد من معناه وهو شاء، الثاني: أنه جعل شاء اسم جنس جمعيا له واحد من لفظه يفرق بينهما بالتاء وهو شاة، الثالث: أنه قلب العين ألفا قياسا لتحركها وانفتاح ما قبلها مع عدم اعتلال اللام، وقلب اللام التي هي هاء همزة قلبا غير قياسي، الرابع: أنه صغر شاء على شويه في حين أن سيبويه صغره على شوى، وهذا الوجه نتيجة حتمية للوجوه السابقة (*)


قاف أقوم، ومع هذا لم يكن حرف العلة في الطرف الذى هو محل التغيير كما كانت في رداء، فلا جرم ضعف علة القلب فيه ضعفا تاما حتى صارت كالعدم،
لكنه حمل في الاعلال على الفعل نحو قال، فلما كانت علة القلب ضعيفة لم يبال بزوال شرطها في التصغير بزوال الالف، وإنما كان الالف شرط علة القلب لانها قبل العين المتحركة كالفتحة، أو نقول: هي لضعفها كالعدم فكأن واو قاوم متحرك مفتوح ما قبلها، وكذا نقول: إن علة قلب الواو في أو تعد تاء ضعيفة، وذلك لان الحامل عليه كراهة مخالفة الماضي للمضارع لو لم تقلب الواو تاء، لكون الماضي بالياء والمضارع بالواو، مع كون التاء في كثير من المواضع بدلا من الواو نحو تراث وتكلة وتقوى (1)، ونحو ذلك، ومخالفة الماضي للمضارع غير عزيزة كما في قال يقول وباع يبيع، فظهر أن قلب الواو تاء وإن كان مطردا إلا أنه لضرب من الاستحسان، ولقد تخفيف الكلمة بالادغام ما أمكن، ولضعف العلة لم يقلبه بعض الحجازيين تاء، بل قالوا يتعد يا تعد، كما يجئ في باب الاعلال، فلما ضعفت علتا قلب عين نحو قائم وفاء نحو متعد صار الحرفان كأنهما أبدلا لا لعلة، فلم يبال بزوال العلتين في التصغير، فقيل: قويئم بالهمزة، ومتيعد بالتاء وحذف الافتعال، كما في تصغير نحو مرتفع.
وخالف الجرمي في الاول، فقال: قويل وبويع بترك الهمزة لذهاب شرط العلة، وهو قوع العين بعد الالف، وقد اشترط سيبويه أيضا في كتاب في قلب العين في اسم الفاعل ألفا ثم همزة وقوعها بعد الالف، واتفق عليه النحاة، فلا
__________
(1) يقال: رجل وكل - بالتحريك - ووكلة - كهمزة - وتكلة على البدل، ومواكل، كل ذلك معناه عاجز كثير الاتكال على غيره.
والتقية والتقوى والاتقاء كله واحد، وأصل تقوى وقيا، لانه من وقيت، أبدلت واوه تاء وياؤه واوا (*)


وجه لقول المصنف في الشر إن علة قلب العين ألفا فيه حاصلة، وهى كونه اسم فاعل من فعل معل، فان هذه العلة إنما تؤثر بشرط وقوع العين بعد الالف
باتفاق مهم وحالف الزجاج في نحو متعد فقال في تصغيره: مويعد، لذهاب العلة وهي وقوع الواو قبل التاء، ذلك لان التاء تحذف في التصغير كما في مرتدع ومجتمع كما يجئ.
وأما نحو أدؤر ونؤر فان سيبويه لم يبال بزوال علة قلب الواو همزة في التصغير وهى كونها واوا مضمومة، لانها وإن كانت مطردة في جواز قلب كل واو مضمومة ضمة لازمة همزة، كما يجئ، لكنها استحسانية غير لازمة، نحو وجوه ونحوه، فهى علة كلا علة، وخالفه المبرد فقال: إنما همزت الواو لانضمامها، وقد زالت في التصغير فتقول في أدؤر ونؤر المهموزين: أدير بالياء المشددة ونوير بالواو الصريحة، ولا كلام في نحو تخمة وتراث وتهمة (1)، لان قلب الواو تاء لاجل انضمامها في أول الكلمة، فكرهوا الابتداء بحرف ثقيل متحرك بأثقل الحركات، والضمة حاصلة في التصغير، وهذا القلب غير مطرد، بخلافه في نحو اتعد قوله " وأدد " (2) هو أبو قبيلة من اليمن، وهو أدد بن زيد بن كهلان بن
__________
(1) التخمة - بضم ففتح: الثقل الذي يصيبك من الطعام، تأؤه مبدلة من الواو والتهمة - بوزن تخمة -: ظن السوء، وأصلها وهمة من الوهم أبدلت واوها تاء (2) قال في اللسان في مادة ودد: " الود بفتح الواو: صنم كان لقوم نوح ثم صار لكلب، وكان بدونة الجندل، وكان لقريش صنم يدعونه ودا (بضم الواو) ومنهم من يهمز فيقول أد، ومنه سمى عبدود، ومنه سمى أد بن طابخة، وأدد جد معد بن عدنان " اه.
وقال في مادة أد " وأدد: أبو قبيلة من اليمن، وهو أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير، والعرب تقول أددا، جعلوه بمنزلة ثقب ولم (*)


سبأ بن حمير، وأد أبو قبيلة، وهو أد بن طابخة بن الياس بن مضر، يعنى أنه في
الاصل ودد بالواو المضمومة، واستثقل الابتداء بها فقلبت همزة كما في أجوه وأقتت، وإبدال الواو المضمومة ضمة لازمة همزة في الاول كانت أو في الوسط قياس مطرد لكن على سبيل الجواز لا الوجوب، ولا أدرى أي شئ دعاهم إلى دعوى انقلاب همزة أدد عن الواو، وما المانع من كونه من تركيب " أدد " وقد جاء منه الاد بمعنى الامر العظيم، وغير ذلك قال: " فإن كانت مدة ثانية فالواو لازمة، نحو ضويرب في ضارب وضويريب في ضيراب، والاسم على حرفين يرد محذوفه، تقول في عدة وكل اسما وعيدة وأكيل، وفى سه ومذا سما ستيهة ومنيذ، وفي دم وحر دمى وحريح، وكذلك باب ابن واسم وأخت وبنت وهنت، بخلاف باب ميت وهار وناس " أقول: قد مر أن نحو ضويرب مما عرض فيه في التصغير علة القلب اعلم أن كل مدة زائدة ثانية غير الواو تقلب في التصغير واوا لانضما ما قبلها، فتقول في ضارب وضيراب وطومار: ضويرب وضويريب وطويمير (1)، وأما إن لم تكن زائدة نحو القير (2) والناب فلا، بل تقول: قيير ونييب قوله " والاسم على حرفين يرد محذوفه " هذا من باب ما عرض فيه في التصغير مانع منه من اعتبار سبب الحذف الذى كان في المكبر كما ذكرنا اعلم أن كل اسم ثلاثي حذف فاؤه أو عينه أو لامه وجب في التصغير ردها،
__________
يجعلوه بمنزلة عمر " اه وهذا الصنيع منه يشعر بوجود خلاف في همزة أدد، هل هي أصلية أو منقلبة عن الواو، وأنه لم يترجح عنده أحد المذهبين (1) الطومار: الصحيفة، والمؤلف أراد أن يمثل به لما كانت المدة الثانية فيه واوا، وحكمها أن تبقى في التصغير ولا تقلب (2) القير - بالكسر - والقار: شئ أسود يطلى به السفن والابل، أو هما الزفت (*)


لان أقل أوزان التصغير فعيل، ولا يتم إلا بثلاثة أحرف، فإذا كنت محتاجا إلى حرف ثالث فرد الاصلي المحذوف من الكلمة أولى من اجتلاب الاجنبي، وأما إن كانت الكلمة موضوعة على حرفين أو كنت لا تعرف أن الذاهب منها أي شئ هو، زدت في آخرها في التصغير ياء، قياسا على الاكثر، لان ما يحذف من الثلاثي اللام دون الفاء والعين، كدم ويد وفم وحر، وأكثر ما يحذف من اللام حرف العلة، وهى إما واو، أو ياء، ولو زدت واوا وجب قلبها ياء لاجتماعها مع الياء الساكنة قبلها، فجئت من أول الامر بالياء، فقلت في تصغير من ومن وأن الناصبة للمضارع وإن الشرطية أعلاما: منى وأنى، وأما إذا نسبت إلى مثل هذه فيجيئ حكمها في باب النسب، وتقول في تصغير عدة: وعيدة وهذ التاء وإن كانت كالعوض من الفاء ولذلك لا يتجامعان نحو وصلة ووعدة، لكنه لم يتم بنية تصغير الثلاثي - أي فعيل - بها، لان أصلها أن تكون كلمة مضمومة إلى كلمة، فلهذا فتح ما قبلها كما فتح في نحو بعلبك، فالتاء مثل كرب ما قبلها، واما إذا قامت التاء مقام اللام وصارت عوضا منه كما في أخت وبنت فانها تخرج عما هو حدها من فتح ما قبلها، بل تسكن ويوقف عليها تاء، ولا يعتد بمثل هذه أيضا في البنية، بل يقال أخيه برد اللام حفظا لاصل التاء، وهو الانفصال، وكونها كلمة غير الكلمة الاولى، فإذا لم يعتد بها في البنية في نحو بنت مع كونها عوضا من اللام قائمة مقامها لما فيها من رائحة التأنيث فكيف يعتد بها فيها في نحو عدة مع عدم قيامها مقام المعوض منه بدلالة فتح ما قبلها كما هو حقها في الاصل وكذا الوقف عليها هاء، وتقول في كل اسما: أكيل، ترد الهمزة التى هي فاء الكلمة، ولا ترد همزة الوصل، لانه إنما احتيج إليها لسكون الفاء، وفى المصغر يتحرك ذلك


قوله " وفي مذ " هذا بناء على أن أصله منذ، وقد ذكرنا في شرح (1) الكافية أنه لم يقم دليل عليه قوله " سه " أصله سته وفيه ثلاث لغات إحداها هذه، وهى محذوفة العين، والثانية ست بحذف اللام مع فتح السين، والثالثة است بحذف اللام وإسكان السين والمجئ بهمزة الوصل فأما إذا سميت بقم وبع فانك تقول في المكبر: قوم وبيع، كما مر في باب الاعلام (2) فلا يكون من هذا الباب قوله " وفي دم وحر " لام دم ياء، ولام حر حاء، حذفت لاستثقال الحاءين بينهما حرف ساكن، وحذف العين في سه ومذ واللام من حر ودم ليس قياسا بل القياس في نحو عم وفتى، وحذف الفاء في كل شاذ، وفي عدة قياس كما يجئ في موضعه قوله " وكذا باب ابن واسم وبنت وهنت " يعنى إذا حذفت اللام وأبدلت منها همزة الوصل في أول الكملة أو التاء في موضعه فانه لا يتم بالبدلين بنية تصغير الثلاثي، بل لابد من رد اللام، وإنما لم يتم بهمزة الوصل لانها غير لازمة، بل لا تكون إلا في الابتداء، فلو اعتد بها لم تبق البنية في حال الدرج إن سقطت
__________
(1) قد سبق أن تكلمنا على هذه الكلمة فيما مضى من الكتاب (ص 7) (2) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 134): " ولهذا يرد اللام أو العين إذا سمى بفعل محذوف اللام أو العين جزما أو وقفا كيغز ويرم ويخش واغز وارم واخش ويخف ويقل ويبع وخف وقل وبع، فتقول: جاءني يغز ويرم والتنوين للعوض كما في قاض اسم امرأة، ويخشى كيحيى واغزو وارمي واخشى ويخاف ويقول ويبيع وقول وبيع وخاف، كما مر في غير المنصرف " اه (*)


الهمزة وإن لم تسقط خرجت همزة الوصل عن حقيقتها، لانها هي التي تسقط في الدرج، وإنما لم يعتد بالتاء في البنية لما فيها من رائحة التأنيث لاختصاص الابدال بالمؤنث دون المذكر، وإنما قلنا إن الهمزة والتاء بدلان من اللام لانهما لا تجامعانه، ولم يجئ من الكلمات ما أبدل من لامه تاء فيكون ما قبلها ساكنا ويوقف عليها تاء إلا سبع كلمات: أخت، وبنت، وهنت، وكيت، وذيت، وثنتان (1)
__________
(1) أخت: أصلها أخو، حذفت لامها اعتباطا وعوض عنها التاء مع قصد الدلالة على المؤنث وغيرت الصيغة من فعل (كجبل) إلى فعل (بضم فسكون) دلالة على أن التاء ليس متمحضة للتأنيث.
وبنت: أصلها بنو، فعل بها ما فعل بأخت إلا أنهم كسروا فاء الكلمة منها.
والهن والهنت: كناية عن الشئ يستفحش ذكره.
قال في اللسان: ويقال للمرأة ياهنة أقبلي فأذا وقفت قلت: يا هنه وقالوا: هنت بالتاء ساكنة النون فجعلوه بمنزلة بنت وأخت، وهنتان وهنات، تصغيرها هنية وهنيهة، فهنية على القياس وهنيهة على إبدال الهاء من الياء في هنية للقرب الذي بين الهاء وحروف اللين، والياء في هنية بدل من الواو في هنيوة، والجمع هنات على اللفظ وهنوات على الاصل.
قال ابن جنى: أما هنت فيدل على أن التاء فيها بدل من الواو قولهم هنوات قال: أرى ابن نزار قد جفاني وملنى * على هنوات شأنها متتابع أما كيت فقد قال في اللسان: " وكان من الامر كيت وكيت، يكنى بذلك عن قولهم كذا وكذا، وكان الاصل فيه كية وكية (بتشديد الياء) فأبدلت الياء الاخيرة تاء وأجروها مجرى الاصل لانه ملحق بفلس والملحق كالاصلى.
قال ابن سيده: قال ابن جنى: أبدلوا التاء من الياء لاما وذلك في قولهم كيت وكيت وأصلها كية وكية ثم إنهم حذفوا الهاء وأبدلوا من الياء التى هي لام تاء كما فعلوا ذلك في قولهم ثنتان فقالوا كيت
فكما أن الهاء في كية علم تأنيث كذلك الصيغة في كيت علم تأنيث، وفى كيت ثلاث لغات، منهم من يبنيها على الفتح (طلبا للخفة) ومنهم من يبنيها على الضم (تشبيها لها بقبل وبعد) ومنهم من يبنيها على الكسر (على أصل التخلص من التقاء الساكنين).
(*)


وكلتا عند سيبويه (1)، وقولهم منت (2) بسكون النون مثلها، لكنها
__________
قال: وأصل التاء فيها هاء وإنما صارت تاء في الوصل " اه بتصرف.
وأما ذيت.
فالقول فيها كالقول في كيت تماما.
وأما ثنتان فقد قال في اللسان: " والاثنان ضعف الواحد، والمؤنث الثنتان، تاؤه مبدلة من ياء، ويدل على أنه من الياء أنه من ثنيث لان الاثنين قد ثنى أحدهما إلى صاحبه، وأصله ثنى (كجبل) يدلك على ذلك جمعهم إياه على أثناء بمنزلة أبناء وآخاء، فنقلوه من فعل (بفتح الفاء والعين) إلى فعل (بكسر الفاء وسكون العين) كما فعلوا ذلك في بنت، وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير افتعل إلا ما حكاه سيبويه من قولهم: أسنتوا، وما حكاه أبو على من قولهم: ثنتان اه، وقوله أسنتوا قال عنه ابن يعيش (10: 40): و " قولهم أسنتوا أي أجدبوا، وهو من لفظ السنة على قول من يرى أن لامها واو، لقولهم سند سنواء واستأجرته مساناة، ومنهم من يقول التاء بدل من الواو، ومنهم من يقول إنها بدل من الياء، وذلك أن الواو إذا وقعت رابعة تنقلب ياء على حد أوعيت وأغزيت ثم أبدل من الياء التاء، وهو أقيس " أه (1) قال ابن يعيش في شرح المفصل (ح 1 ص 55): " وقد اختلف العلماء في هذه التاء (يريد تاء كلتا) فذهب سيبويه إلى أن الالف للتأنيث والتاء بدل من لام الكلمة كما أبدلت منها في بنت وأخت ووزنها فعلى كذكري وحفرى - وهو بنت - وذهب أبو عمر الجرمى إلى أن التاء للتأنيث والالف لام الكلمة كما كانت في كلا، والاوجه الاول، وذلك لامرين: أحدهما: ندرة البناء وأنه ليس في الاسماء فعتل
(بكسر الفاء وسكون العين وفتح التاء)، والثانى: أن تاء التأنيث لا تكون في الاسماء المفردة إلا وقبلها مفتوح نحو حمزة وطلحة وقائمة وقاعدة، وكلتا اسم مفرد عندنا، وما قبل التاء فيه ساكن فلم تكن تاؤه للتأنيث مع أن تاء التأنيث لا تكون حشوا في كلمة، فلو سميت رجلا بلكتا لم تصرفه في معرفة ولا نكرة كما لو سميت بذكرى وسكرى لان الالف للتأنيث، وقياس مذهب أبى عمر الجرمى ألا تصرفه في المعرفة وتصرفه في النكرة، لانه كقائمة وقاعدة إذا سمى بهما فاعرفه " اه.
ويؤخذ مما ذكره المؤلف في باب النسب أن من العلماء من ذهب إلى أن التاء بدل من الواو التى هي لام الكلمة وليس فيها معنى التأنيث كالتاء في ست، وأصله سدس، وكالتاء في تكلة وترات وأصلها وكلة ووراث (2) منت: أصله من زيدت فيه التاء عند الحكاية وقفا للدلالة على تأنيث المحكى (*)


ليست بدلا من اللام، إذ لا لام لمن وضعا، وتقول في تصغيرها: أخية، وبنية، وبنية، وهنيهة، لان لامها ذات وجهين كسنة، وتصغير سنة أيضا على سنية وسنيهة، وتقول في منت: منية كما تصغر من على ما ذكرنا، وتقول في كيت وذيت: كيية وذيية، لقولهم في المكبر ذية وكية أيضا، ومن قال أصلهما كوية وذوية لكون باب طوى أكثر من باب حيى قال: كوية وذوية، وإنما فتحت ما قبلها في التصغير ووقفت عليها هاء لانك إذا رددت اللام لم يكن التاء بدلا منها، وإذا سميت بضربت قلت: ضربة كما مر في العلم وتصغرها على ضريبة، وتقول في تصغير فل (1) فلين، لان لامه نون من قولهم
__________
والافصح فيه أن يقال: منه، بتحريك نونه وإبدال تائه هاء (1) هذا الذي ذهب إليه المؤلف في هذا الكلمة هو مذهب الكوفيين في " فل " التى تختص بالنداء في نحو قولهم يافل ويافلة وهو مذهب جميع النحاة في فل التى
تستعمل في غير النداء من مواقع الكلام نحو قول الشاعر * في لجة أمسك فلانا عن فل * ومذهب البصريين في المختص بالنداء أن لامه ياء وأنه يقال في تصغيره فلى.
قال أبو الحسن الاشمونى: " لا يستعمل فل في غير النداء ويقال للمؤنثة: يافلة، واختلف فيهما، فمذهب سيبويه أنهما كنايتان عن نكرتين ففل كناية عن رجل وفلة كناية عن امرأة، ومذهب الكوفيين أن أصلهما فلان وفلانة فرخما، ورده الناظم، لانه لو كان مرخما قيل فيه فلا، ولما قيل في التأنيث فلة وذهب الشلويين وابن عصفور وصاحب البسيط إلى أن فل وفلة كناية عن العلم نحو زيد وهند بمعنى فلان وفلانة، وعلى ذلك مشى الناظم وولده.
قال الناظم في شرح التسهيل وغيره: إن يافل بمهى يا فلان ويافلة بمعنى يا فلانة.
قال: وهما الاصل، فلا يستعملان منقوصين في غير نداء إلا في غير نداء إلا في ضرورة فقد وافق الكوفيين في أنهما كناية عن العلم وأن أصلهما فلان وفلانة وخالفهم في الترخيم ورده بالوجهين السابقين " اه.
وقال بعد ذلك: " وجر في الشعر فل، قال الراجز: في لجة...، (*)


فلان، وتقول في تصغير قط ورب وبخ مخففات: قطيط وربيب وبخيخ (1) وتقول في تصغير ذه مسكن الهاء ذيى لان الهاء بدل من الياء، والاصل ذى كما مر في أسماء الاشارة
__________
والصواب أن أصل هذا فلان وانه حذف منه الالف والنون للضرورة كقوله: * درس المنا بمتالع فأبان * أي درس المنازل وليس هو فل المختص بالنداء، إذ معنا هما مختلف على الصحيح كما مر أن المختص بالنداء كناية عن اسم الجنس، وفلان كناية عن علم ومادتهما مختلفة، فالمختص مادته من ف ل ى فلو صغرته قلت فلى وهذا مادته ف ل ن فلو صغرته قلت
فلين " اه.
وقال ابن منظور في اللسان: " قال ابن بزرج: يقول بعض بني أسد: يافل أقبل ويافل أقبلا ويافل أقبلوا وقالوا للمرأة فيمن قال يافل أقبل يا فلان أقبلي وبعض بنى تميم يقول يا فلانة أقبلي، وبعضهم يقل يافلاة أقبلي، وقال غيرهم: يقال للرجل: يافل أقبل وللائنين يا فلان ويافلون للجميع أقبلوا وللمرأة يافل (بفتح اللام) أقبلز ويافلتان ويافلاة أقبلن نصب في الواحد لانه أراد يافلة فنصبوا الهاء.
ثم قال قال الخليل: فلان تقديره فعال (بضم الفاء) وتصغيره فلين (بتشديد الياء) قال: وبعض يقول: هو في الاصل فلان (بضم الفاء وسكون العين) حذفت منه واو.
قال: وتصغيره على هذا القول فليان، وروى عن الخليل أنه قال: فلان نقصانه ياء أو واو من آخره والنون زائدة لانك تقول في تصغيرة فليان فيرجع إليه ما نقص وسقط منه ولو كان فلان مثل دخان لكان تصغيره فلين مثل دخيت (بتشديد الياء فيهما) ولكنهم زادوا ألفا ونونا على فل (بفتح اللام) " اه ملخصا (1) قال ابن هشام: قط على ثلاثة أوجه - أحدها - أن تكون ظرف زمان لاستغراق ما مضى، وهذه بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة في أفصح اللغات...وقد تكسر على أصل التقاء الساكنين وقد تتبع قافه طاءه في الضم وقد تخفف طاءه مع ضمها أو إسكانها - والثانى: أن تكون بمعنى حسب، وهذه مفتوحة القاف ساكنة الطاء، ويقال فيها: قطى وقطك...- والثالث: أن تكون اسم فعل بمعنى يكفى فيقال قطني بنون الوقاية " اه ومثل هذا في شرح الكافية للمؤلف (ح 2 (*)


قوله " بخلاف ميت وهائر (1) وأناس، حذفتها لا لعلة موجبة، بل للتخفيف، وهذه العلة غير زائلة في حال التصغير، ولا حاجة ضرورية إلى رد المحذوف، كما كانت في القسم المتقدم، إذ يتم بية التصغير بدونها، وكذا لا ترد المحذوف في تصغير يرى وترى وأرى ونرى، ويضع وتضع،
وخير وشر، بل تقول: يرى وترى وأرى ونرى ويضيع وتضيع وخيير وشرير، وحكى يونس أن أبا عمرو كان يقول في مر: مرئ كمريع، يهمز ويكسر كمعيط في معط: فألزمه سيبويه أن يقول في ميت وناس مييت وأنيس، وكان المازني يرد نحو يضع وهار إلى أصله، نحو يويضع وهو يئر
__________
ص 117) وزاد أنه يقال في قط الظرفية قط بضم القاف مع تخفيف الطاء مضمومة ومراد المؤلف هنا قط الظرفية المخففة على أي وجه من وجوهها.
وقال صاحب المغنى: " وفى رب ست عشرة لغة ضم الراء وفتحها وكلاهما مع التشديد والتخفيف والاوجه الاربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو محركة ومع التجرد منها فهذه اثنتا عشرة والضم والفتح مع إسكان الباء وضم الحرفين مع التشديد ومع التخفيف ".
وبخ: كلمة تقال عند تعظيم الشى، أو استحسانه وهى بسكون الخاء وبكسرها منونة أو بغير تنوين وبتشديدها مكسورة مع التنوين وبضما مخففة مع التنوين، فان كررتها سكنتهما أو نونتهما مع الكسر أو نونت الاولى وسكنت الثانية (1) قال في اللسان: " هار البناء هورا هدمه.
وهار البناء والجرف يهور هورا وهؤورا فهو هائر وهار على القلب " اه، فالفعل لازم ومتعد، وقوله وهار على القلب يريد أن أصله هاور ثم قدمت الراء على الواو فصار هارواثم قلبت الواو ياء لتطرفها اثر كسرة فصار هاريا ثم أعل إعلال قاض.
وقال في اللسان أيضا: " الناس قد يكون من الانس ومن الجن، وأصله أناس فخفف، ولم يجعلوا الالف واللام فيه عوضا من الهمزة المحذوفة، لانه لو كان كذلك لما اجتمع مع المعوض منه في قول الشاعر: (*)


قال السيرافي: فيلزمهم أن يقولوا: أخير وأشير، وقد حكى يونس عن جماعة هويئر، فقال سيبويه: هذا تصغير هائر لا تصغير هار (1)، كما قالوا في تصغير بنون
أبينون، وهو تصغير أبنى مقدرا كأضحى، وإن لم يستعمل كما مر في شرح الكافية (2) في الجمع، ولو كان تصغير بنون على لفظه قلت بنيون
__________
(1) يريد أنك إذا صغرت هائرا الذي بقى على أصله من غير قلب مكاني قلت هويئر كما تقول سويئل ونويئل وصوبئم في تصغير سائل ونائل وصائم، وإذا أردت تصغير هار الذى قدمت لانه على عينه قلت هوير كما تقول قويض وغويز في تصغير قاض وغاز (2) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 170، 171): " الشاذ من جمع المذكر بالواو والنون كثير منها أبينون،، قال: زعمت تماضر أنني إما أمت * يسدد أبينوها الاصاغر خلتى وهو عند البصريين جمع أبين وهو تصغير أبنى مقدرا على وزن أفعل كأضحى فشذوذه عندهم لانه جمع لمصغر لم يثبت مكبره.
وقال الكوفيون: هو جمع أبين، وهو تصغير أبن مقدرا وهو جمع أبن كادل في جمع دلو، فهو عندهم شاذ من وجهين كونه جمعا لمصغر لم يثب مكبره ومجئ أفعل في فعل وهو شاذ كأجبل وأزمن، وقال الجوهرى: شذوذه لكونه جمع أبين تصغير ابن بجعل همزة الوصل قطعا، وقال أبو عبيد: هو تعغير بنين على غير قياس " اه.
قال البغدادي (ح 3 ص 401): " وقال ابن جنى في إعراب الحماسة: ذهب سيبويه إلى أن الواحد المكبر من هذا الجمع أبنى على وزن أفعل مفتوح العين بوزن أعمى ثم حقر أيضا فصار أبين كأعيم ثم جمع بالواو والنون فصار أبينون ثم حذفت النون للاضافة فصار أبينوها، وذهب الفراء إلى أنه كسر ابنا على أفعل مضمون العين ككلب وأكلب، ويذهب البغداديون في هذه المحذوفات إلى أنها كلها سوا كن العين فأبين عنده كأديل كما أن ابن ذلك المقدر عندهم كأدل وكأن سيبويه إنما عدل إلى أن جعل الواحد من ذلك أفعل اسما واحدا مفردا غير مكسر لامرين أحدهما
أن مذهبه في ابن أنه فعل (بفتح العين) بدلالة تكسيرهم إياها هلى أفعال، (*)


قال " وإذا ولى ياء التصغير واو أو ألف منقبلة أو زائدة قلبت ياء، وكذلك الهمزة المنقلبة بعدها نحو عرية وعصية ورسيلة، وتصحيحها في باب أسيد وجديد قليل، فإن اتفق اجتماع ثلاث يا آت حذفت الاخيرة نسيا على الافصح، كقولك في عطاء وإداوة وغاوية ومعاوية: عطى وأدية وغوية ومعية، وقياس أحوى أحى غير منصرف، وعيسى يصرفه، وقال أبو عمرو: أحى، وعلى قياس أسيود أحيو " أقول: قوله " وذا ولى ياء التصغير " إلى قوله " وجديل قليل " من باب ما يعرض فيه للتصغير سبب القلب (1)
__________
وليس من باب فعل (كقفل) أو فعل (كجذع) - والاخر - أنه لو كان أفعل لكان لمثال القلة ولو كان له لقبح جمعه بالواو والنون وذلك أن هذا الجمع موضوع للقلة فلا يجمع بينه وبين مثال القلة، لئلا يكون ذلك كاجتماع شيئين لمعنى واحد وذلك موفوض في كلامهم " اه (1) شملت هذه العبارة أربعة أنواع عرض فيها سبب القلب عند التصغير - الاول - الواو التالية لياء التصغير سواء أكانت أصلية وهى لام كعروة ودلو وحقو أم كانت زائدة كعجوز ورسول وجزور.
وهذا النوع تقلب واوه ياء بسبب عرض وهو اجتماع الواو والياء في كلمة وسبق إحداهما بالسكون - الثاني - الالف المقلبة عن واو أو ياء ولا تكون إلا لاما كفتى وعصا ورحى.
وهذا النوع ترد فيه الالف إلى أصلها إذ قد زال بسبب التصغير سبب قلب الواو والياء ألفا وهو تحرك كل منهما مع انفتاح ما قبله، وعرض سبب آخر موجب للقلب في الواو وهو اجتماعها مع الياء وسبق إحداهما
التى هي ياء التصغير بالسكون وللادغام في الياء وهو اجتماع المثلين في كلمة وأولهما ساكن، والظاهر أن المؤلف رحمه الله لم يراع رد الالف إلى أصلها بل قلبها من أول الامر ياء - الثالث - الالف الزائدة لياء التصغير كألف رسالة وقلادة وقضاعة وقحافة وسحابة وشهامة.
وهذا النوع تقلب فيه الالف ياء لما قد تقرر من أنه يحب كسر الحرف التالى لياء التصغير فيما زاد على الثلاثة والالف حرف (*)


قوله " فان اتفق اجتماع - إلى آخر ما ذكر " من باب ما يزول فيه في التصغير سبب القلب الذى كان في المكبر ويعرض في التصغير سبب الحذف قوله " قلبت ياء " ليس على إطلاقه، بل بشرط أن لا يكون بعد الواو أو الالف حرفان يقعان في التصغير موقع العين واللام من فعيعل، فإنه إن كان بعدهما حرفان كذا وجب حذفهما، وكذا كل ياء في مثل موقعهما، تقول في تصغير مقاتل: مقيتل، بحذف الالف، إذ مفيعل - بتشديد الياء - ليس من أبنية التصغير، وكذا تقيتل في تصغير تقوتل علما بحذف الواو، وكذا حميرير في تصغير احميرار بحذف الياء مع همزة الوصل، كما يجئ، وإنما تقلب الالف والواو ياء إذا وقعا إما موقع اللام من فعيل، نحو أذى في تصغير إذا علما، وعرية في تصغير عروة، أو موقع العين من فعيعل، كرسيلة في رسالة، وعجيز في عجوز، وإنما قلبتا ياءين لانهما إذن لابد من تحريكهما، فإذا تحركت الواو وقبلها ياء ساكنة وجب قلبها ياء، وإذا قصدت تحريك الالف فجعلها ياء أولى، لانها إن جعلتها واوا وجب قلبها ياء لما ذكرنا، وجعلها هنزة بعيد، لان اعتبار التقارب في الصفة في حروف العلة أكثر من اعتبار التقارب في المخرج، فلذلك لا تقلب الالف همزة إلا في موضع لو قلبت
__________
لا يقبل الحركة ولم يجز قلبها إلى حرف آخر من غير حروف العلة لان حروف العلة بعضها أنسب ببعض، ولم يجز قلبها واوا لانها لو قلبت واوا لاجتمعت مع
الياء الساكنة السابقة عليها، فكان ينبغي قلبها ياء فأثرنا الاختصار بقلبا ياء من أول الامر - الرابع - الهمزة المنقلبة عن واو أو ياء التالية لالف زائدة مثل كساء وبناء وقضاء وسماء وعواء وزها.
وهذا النوع تقلب فيه الالف الزائدة ياء لما تقدم في النوع الثالث، فيزول سبب قلب الواو أو الياء همزة، فتعود كل منهما، ثم تقلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة، وكأن المصنف والشارح لا يريان رجوع الهمزة إلى أصلها بل يقلبانها ياء من أول الامر، ولهذا لم يفرقا بين الواوى واليائي.
واعلم أن النوع الرابع كما عرض فيه سبب القلب قد عرض فيه سبب الحذف (*)


فيه واوا أو ياء لانقلبت ألفا أيضا، كألف التأنيث في حمراء (1) والالف في نحو الضالين ودابة (2)، وأما العألم والبأز فنادران (3)
__________
(1) أصل حمراء حمرى كسكرب ثم قصد مد الصوت فزيدت ألف قبل ألف التأنيث فاجتمع ألفان فلزم قلب الثانية همزة لانه لو قلبت الاولى لفات الغرض المأتى بها لاجله، ولو قلبت الثانية واوا أو ياء رعاية للتقارب في الصفة بين حروف العلة لصارت حينئذ حمراى أو حمراو فتقع كل من الواو والياء متحركة مفتوحا ما قبلها إذ لا اعتداد بالالف لزيادتها فيجب انقلابهما ألفا فتعود الكلمة سيرتها الاولى.
(2) يحكى عن أيوب السختيانى في الشواذ (والا الضألين) بهمزة مفتوحة - فرارا من التقاء الساكنين، وحكى أبو زيد عنه دأبة وشأبة - بهمزة مفتوحة أيضا - للعلة المتقدمة.
وإنما قلب الالف همزة ولم يقلبها ياء ولا واوا لانه لو قلبها إلى إحداهما لصارت كل واحدة منهما متحركة مفتوحا ما قبلها فيلزم قلبها ألفا.
قال أبو البقاء العكبرى في كتابه وجوه القراءات (ج 1 ص 5): " وقرأ أيوب السختيانى بهمزة مفتوحة:، وهى لغة فاشية في العرب في كل ألف وقع بعدها حرف مشدد نحو ضال ودابة وجان
والعلة في ذلك أنه قلب الالف همزة لتصح حركتها لئلا يجمع بين ساكنين " اه وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسيره (ج 1 ص 131) الاصل في الضالين الضاللين، حذفت حركة اللام الاولى ثم أدغمت اللام فاجتمع ساكنان مدة الالف واللام المدغمة.
وقرأ أيوب السختيانى ولا الضألين - بهمزة غير ممدودة - كأنه فر من التقاء الساكنين وهى لغة، حكى أبو زيد قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن) فظننته أنه قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة.
قال أبو الفتح: وعلى هذه اللغة قول كثير: * إذا ما الغوانى بالعبيط احمأرت * اه كلامه (3) إنما كان ذلك نادر لان الالف لو قلبت واوا أو ياء لم يلزم قلبهما ألفا لعدم تحركهما.
وقد قال المؤلف في باب الابدال: وعن العجاج أنه كان يهمز (*)


ثم إن الواو الواقعة بعد ياء التصغير - أعنى التي لا تحذف - لا يخلوا إما أن تكون لاما أو غير لام فاللام تقلب ياء لا غير، تقول: غزى وعرية في غزو وعروة، وكذا غزيان وعشياء وغزيية بياءين مشددتين، في تصغير غزوان وعشوا (1) وغزوية منسوبة إلى الغزو وأما غير اللام فان كانت ساكنة في المكبر فلابد من قلبها ياء، نحو عجيز
__________
العالم والخاتم، وليس ذلك فرارا من التقاء الساكنين ولكن لتقارب مخرجى الالف والهمزة " اه كلامه، نقول: ومن شواهد قلب الالف همزة في العالم قول العجاج.
يا دار سلمي يا اسلمي ثم اسلمي * فخندف هامة هذا العألم ومن شواهد قلبها همزة في البأز قول الشاعر
كأنه بأزدجن فوق مرقبة * جلى القطا وسط قاع سملق سلق الجمع فقالوا: أبؤز وبئزان كما استمر قلب الواو ياء في عيد لسكونها إثر كسرة عند جمعه فقالوا أعياد (1) قال عن اللسان ؟ ؟ ؟: " والغزو السير إلى قتال العدو وانتها به.
غزاهم غزوا وغزوانا، عن سيبويه، صحت الواو فيه كراهية الاخلال.
وغزاة، اه وقوله.
صحت الواو فيه كراهية الاخلال، يريد به أن حق الواو في غزوان أن تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، لكنها لم تقلب لانها لو قلبت لاجتمع ألفان فكان يجب حذف إحداهما دفعا لالتقاء الساكنين فيصير غزان فيلتبس فعلان (بفتح العين) بفعال.
والعشواء أنثى الاعشى، قال في اللسان: " العشا مقصور سوء البصر بالليل والنهار يكون في الناس والدواب والابل والطير، وقيل: هو ذهاب البصر وقيل: هو ألا يبصر بالليل، وقد عشى يعشى عشى (كعمي يعمى عمى) وهو عش وأعش والانثى عشواء، اه ملخصا (*)


وجزير في عجوز (1) وجزور، وإن كانت فيه متحركة أصلية كانت كأسود ومزود، أو زائدة كجدول فالاكثر القلب، ويجوز تركه كأسيود وجديول (2)، لقوة الواو المتحركة، وعدم كونها في الاخر هو محل التغيير، وكون ياء التصغير عارضة غير لازمة، وقال بعضهم: إنما جاز ذلك حملا على التكسير، نحو جداول وأساود، ولو كان حملا عليه لجاز في مقام ومقال مقيوم ومقيول كما في مقاول ومقاوم قوله " وكذلك الهمزة المنقلبة بعدها " أي: الهمزة المنقلبة عن الالف المنقلبة عن واو أو ياء بعد الالف الزائدة التي تلى ياء التصغير يعرض فيه سبب قلب الالف ياء كما مر، ويزول سبب قلب اللام ألفا، إذ من جملته الالف الزائدة والفتحة التي
__________
(1) أجمعوا على أنه يقال للمرأة المسنة: عجوز - بلا تاء - واختلفوا في أنه هل يقال لها عجوزة - بالتاء - وفى أنه هل يقال للرجل عجوز أيضا، وقد حكى صاحب اللسان عن بعض أئمة اللغة أنه يقال للرجل عجوز، كما حكى أنه يقال للمرأة عجوزة بالتاء مع القلة.
والجزور: المجزور من الابل، يقع على الذكر والانثى وهو مؤنث بلا تاء تقول: هذه جزور بنى فلان وجزور بنى فلان ذبحتها وإن عنيت بذلك المذكر (2) المزود: وعاء يجعل فيه الزاد.
والاسود: أصله صفة من السواد، وقد سمى به نوع الحيات وهو العظيم الذى فيه سواد وقد قالوا في مؤنثه أسودة وقالوا في مؤنث الصفة سوداء ولم يفرق المؤلف رحمه الله بين الصفة والاسم في جواز الوجهين - وهما التصحيح وقلب الواو ياء في التصغير -، والذي حكاه أبو الحسن الاشمونى في شرحه الى الالفية في باب الابدال أنه إن جمعت الكلمة على صيغة منتهى الجموع جاز فيها الوجهان في التصغير، وذلك كأسود الاسم وجدول فقد قيل في جمعهما أساود وجداول، وأما إن كانت الكلمة لم تجمع على هذه الزنة فليس فيها إلا الاعلال وذلك كأسود وأعور وأحول وأحور إذ جاء جمعها على فعل - بضم فسكون - وإنما أجاز الوجهين: أما الاعلال فلانه الاصل، وأما التصحيح فحملا للتصغير على التكسير، وإنما لم يفرق المؤلف هذا الفرق لانه جعل علة جواز التصحيح قوة الواو بالحركة (*)


قبلها، ويعرض سبب آخر لقلب اللام، إن كان واوا، ثم سبب آخر لحذف ذلك اللام، وذلك أنه إذا اجتمع ثلاث يا آت والاخيرة متطرفة لفظا كما في أحى أو تقديرا كما في معينة وثانيتها مكسورة مدغم فيها، ولم يكن ذلك في الفعل كما في أحيى ويحيى ولا في الجارى عليه نحو المحيى، وجب حذف الثالثة نسيا، كما يجئ في باب الاعلال تحقيقه
فإذا حقر نحو عطاء قلب ألفه ياء كما في حمار، فيرجع لام الكلمة إلى أصلها من الواو لزوال الالف قبلها، ثم تنقلب ياء مكسورا ما قبلها، فتجتمع ثلاث يا آت: الاولى للتصغير، والثانية عوض من الالف الزائدة، والثالثة عوض عن لام الكلمة، فتحذف الثالثة نسيا، فيبقى عطى، ويدور الاعراب على الثانية وكذا إداوة، لا فرق بينهما، إلا أن لام إداوة لم تنقلب ألفا ثم همزة، لانها لم تتطرف كما تطرف لام عطاء وأما غاوية فانك تقلب ألفها واو كما في ضارب، فتجتمع ياء التصغير والواو التي هي عين الكلمة، فتنقلب ياء لسكون الاولى، فيجتمع ثلاث يا آت: ياء التصغير، وبعدها العين، ثم اللام وأما معاوية فانك تحذف ألفها كما في مقاتل، فتزيد ياء التصغير، وتنقلب العين ياء لما ذكرنا، قال 37 - وقاء ما معية من أبيه * لمن أوفى بعقد أو بعهد (1)
__________
(1) هذا البيت من كلام الصمة الاصغر - وهو معاوية بن الحارث، وهو والد دريد ابن الصمة الشاعر المعروف - وكان الصمة أسيرا هو وابنه معيد، فقتل الصمة، فقال هذا البيت وهو يجود بنفسه، يريد أن في ابنه الباقي بعده أحسن الخلف والعوض منه والوقاء - بكسر الواو وفتحها بعدها قاف -: ما حميت به شيئا أو حفظته و " ما " زائدة وقوله معية مبتدأ مؤخر خبره وقاء، و " من أبيه " متعلق بوقاء أو بمحذوف حال من ضمير المبتدأ و " أو في " مثل وفى مخففه، والعقد: إحكام العهد " والعهد " الامان وقد (*)


وكذا يجتمع في أحوى (1) ثلاث يا آت بسبب قلب العين ياء، فبعد حذف
__________
أنشد المؤلف هذا البيت دليلا على أنه يقال في تصغير معاية معية - بحذف الالف وقلب الواو ياء وإدغامها مع ياء التصغير وحذف الياء التالية لها لكونها ثالثة.
قال في القاموس وشرحه: " تصغير معاوية معيوة على قول من يقول أسيود، ومعية
وهذا قول أهل البصرة لان كل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءات أولاهن ياء التصغير حذفت واحدة منهن لم تكن أولاهن ياء التصغير لم يحذف منه شيئا، تقول في تصغير مية ميبة، وأما أهل الكوفة فلا يحذفون منه شيئا يقولون في تصغير معاوية معيية (يريد أنهم لم يحذفوا من الياءات شيئا ولا شك أنهم حذفوا الالف) على قول من يقول أسيد.
ومنهم من يقول معيوية " اه ومثله أيضا في صحح الجوهري (1) الاحوى: وصف من الحوة بضم الحاء وتشديد الواو - وهى سواد إلى الخضرة أو حمرة تضرب الى السواد.
قال الجوهري: " تصغير أحوى أحيو في لغة من قال أسيود.
واختلفوا في لغة من أدغم.
قال عيسى بن عمر: أحيى فصرف.
قال سيبويه قد أخطأ هو، ولو جاز هذا لصرف أصم لانه أخف من أحوى ولقالوا أصيم فصرفوا.
وقال أبو عمرو بن العلاء أحى كما قالوا أحيو: قال سيبويه: ولو جاز هذا لقلت في عطاء عطى.
وقال يونس أحى قال سيبويه: هذا هو القياس والصواب " اه كلام الجوهري.
واليك ما ذكر سيبويه في هذا الموضوع بحرفه (ح 2 ص 132) قال: " واعلم أنه إذا كان بعدياء التصغير ياء ان حذفت التي هي آخر الحروف ويصير الحرف على مثال فعيل، ويجري على وجوه العربية (يريد أنه يعرب بالحركات الظاهرة) وذلك قولك في عطاء عطى وقضاء قضى وسقاية سقية وإداوة أدية وفي شاوية شوية وفي غاو غوى إلا أن تقول شويوية وغوبو في قول من قال أسيود وذلك لان هذه اللام إذا كانت بعد كسرة اعتلت واستثقلت إذا كانت بعد كسرة في غير المعتل فلماذا كانت كسرة في ياء قبل تلك الياء ياء التحقير ازدادوا لها استنقا لا فحذفوا وكذلك أحوى، إلا في قول من قال أسيود، ولا تصرفه لان الزيادة ثابتة في أوله، ولا يلتفت إلى قلته كما لا يلتفت إلى قلة يضع، وأما عيسى فكان يقول: أحى ويصرف وهذا خطأ، لو جاز ذا لصرفت أصم (*)


الياء الثالثة كان سيبويه يمنه صرفه، لانه وإن زال وزن الفعل لفظا وتقديرا أيضا بسبب حذف اللام نسيا، لكن الهمزة في الاول ترشد إليه وتنبه عليه، كما منع صرف نحو يعد ويروى اتفاقا، وإن نقص عن وزن الفعل بحذف الفاء والعين وجوبا، وكان عيسى بن عمر يصرفه، نظرا إلى نقصان الكلمة عن وزن الفعل نقصانا لازما، بخلاف نحو أرس في تخفيف أرأس، فان النقص فيه غير لازم (1) وليس بشئ، لان الواجب والجائز كما ذكرنا في مثله سواء مع قيام حرف المشابهة وكان أبو عمرو بن العلاء لا يحذف الثالثة نسيا، بل إنما يحذفها مع التنوين حذف ياء قاض ومع اللام والاضافة يردها كالاحيى، قال الفارسي: إنما فعل ذلك لمشابهته في اللفظ الفعل، فكأنه اسم جار عليه مثل المحيى وكذا يلزمه أن يقول في يصغير يحيى يحى، ورد سيبويه على ابن العلاء بقولهم في عطاء: عطى، بحذف الثالثة
__________
لانه أخف من أحمر وصرفت أرأس إذا سميت به ولم تهمز فقلت أرس.
وأما أبو عمرو فكان يقول: أحى (أي بالادغام وحذف الثالثة معتدا بها فيعربه كقاض) ولو جاز ذا لقلت في عطاء عطى (كقاض) لانها ياء كهذه الياء وهى بعد يا ء مكسورة، ولقلت في سقاية سقيبة وشا وشوى.
وأما يونس فقوله: هذا أحى (بمنع الصرف) كما ترى وهو القياس والصواب " اه.
قال السيرافي: " ورأيت أبا العباس المبرد يبطل رد سيبويه بأصم قال: لان أصم لم يذهب منه شئ لان حركة الميم الاولى في أصمم قد ألقيت على الصاد، وليس هذا بشئ، لان سيبويه إنما أراد الخفة مع ثبوت الزائد، والمانع من الصرف لا يوجب صرف، وأصم أخف من أصمم الذي هو الاصل ولم يجب صرفه وكذلك لو سميت رجلا بيضع ويعد لم تصرفه وإن كان قد سقط حرف من وزن الفعل " اه (1) الا رأس العظيم الرأس.
والانثى رأسي، وقد خفف الا رأس بالقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها ثم حذفها فيصير الارس - بفتح الهمزة والراء -
وهو قبل التخفيف وبعده غير منصرف للوصفية ووزن الفعل إجماعا (*)


إجماعا، ولا يلزمه ذلك على ما اعتذر له أبو على وقد مر جميع هذا في باب غير المنصرف (1) ومن قال أسيود قال في معاوية وغاوية: معيوية، وغويوية، وفي أحوى احيو، إذ لم يجتمع ثلاث يا آت حتى تحذف الثالثة نسيا.
والكلام في صرف أحى عند أبى عمرو ومنع صرفه، وكذا في صرف أحيو ومنعه، والبحث في أن التنوين فيهما للصرف أو للعوض كما مر في جوار في باب مالا ينصرف سواء (2)
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 1 ص 52) ما نصه: " واعلم أنك إذا صغرت نحو أحوى قلت أحى بحذف الياء الاخيرة نسيا لكونها متطرفة بعد ياء مكسورة مشددة في غير فعل أو جار مجراه كأحيى والمحيى وقياس مثلها الحذف نسيا كما يجئ في التصريف إن شاء الله تعالى، فسيبويه بعد حذف الياء نسيا يمنه الصرف لانه بقى في أوله زيادة دالة على وزن الفعل، وعيسى بن عمر يصرفه لنقصانه عن الوزن بحذف الياء نسيا، بخلاف نحو جوار فأن الياء كالثابت بدليل كسرة الراء كما ذكرنا، فلم يسقط عن وزن أقصى الجموع والاولى قول سيبويه " ألا ترى أنك لا تصرف نحو يعد ويضع علما وإن كان قد سقط حرف من وزن الفعل، وأبو عمرو بن العلاء لا يحذف الياء الثالثة من نحو أحى نسيا بل يعله إعلال أعيل وذلك لان في أول الكلمة الزيادة التي في الفعل وهي الهمزة بخلاف عطى تصغير عطاء فجعله كالجاري مجرى الفعل أعنى المحيى في الاعلال فأحى عنده كأعيل سواء في الاعلال ومنع الصرف وتعويض التنوين من الياء كما ذكرنا، وبعضهم يقول أحيو في تصغير أحوى كأسيو في تصغير أسود كما يجئ في التصريف، ويكون في الصرف
وتركه كأعيل على الخلاف المذكور " اه (2) قد سبق لنا القول في نحو جوار وبيان أنه معل ممنوع من الصرف وبيان مذهب سيبويه في مثله (ص 58 من هذا الكتاب).
وقال المؤلف في شرح الكافية (ح 1 ص 51) ما ملخصه: " اختلفوا في كون جوار رفعا وجرا منصرفا أو غير منصرف، فقال الزجاج: إن تنوينه للصرف وإن الاعلال مقدم على منع (*)


وقول المصنف " حذفت الاخيرة نسيا على الافصح " يومى إلى أنه لا تحذف غلى غير الافصح، وليس كذلك، بل الواجب في الياء المقيدة بالقيود المذكورة الحذف اتفاقا، إلا في نحو أحى مما في أوله شبه حرف المضارعة، فان أبا عمرو لا يحذفها نسيا كما مر، قال السيرافى: تقول في عطاء: عطى، وفي قضاء قضى، وفي سقاية سقية، وفي إداوة أدية، ثم قال: فهذا لا يجوز فيه غيره، وقال ابن خروف في مثله: إن القياس إعلاله إعلال قاض، لكن المسموع حذف الثالثة نسيا، بل قال الاندلسي والجوهري: إن ترك الحذف مذهب الكوفيين، وأنا أرى ما نسبا إليهم وهما منهما وكذا تحذف الياء المشددة المتطرفة الواقعة بعد ياء مشددة، إذا لم يكن الثانية للنسبة كما إذا صغرت مروية اسم مفعول من روى قلت: مرية، والاصل مريية، وكذا تصغر أروية فيمن قال أنها أفعولة، وأما من قال فعلية والياء
__________
الصرف لقوة سبب الاعلال وسر ما ذهب إليه أن الاسم بعد الاعلال لم يبق على صيغة أقصى الجوع، ويمنع بأن الياء الساقطة في حكم الثابت بدليل كسرد الراء، وكل ما حذف لاعلال موجب فهو بمنزلة الباقي.
وقال المبرد التنوين عوض من حركة الياء، ومنع الصرف مقدم على الاعلال، وقال سيبويه والخليل: إن التنوين عوض من الياء واختلف في تفسير هذا القول ففسره بعضهم بأن منع الصرف مقدم الى الاعلال وفسره السيرافي
بأن الاعلال مقدم على منع الصرف فالتنوين عوض من الياء، بخلاف نحو أحوى وأشقى، فانه قدم الاعلال في مثلهما أيضا ووجد علة منع الصرف بعد الاعلال حاصلة: لان ألف أحوى المنون ثابت تقديرا، فهو على وزن أفعل، فحذف تنوين الصرف، لكن لم يعوض التنوين من الالف المحذوفة ولا من حركة اللام، كما فعل في جواز، لان أحوى بالالف أخف منه بالتنوين، وأما جوار فهو بالتنوين أخف منه بالياء، والخفة اللفظية مقصودة في غير المنصرف بقدر ما يمكن، تنبيها بذلك على ثقله المعنوي بكونه متصفا بالفرعين " اه (*)


للنسبة فأنه يقول في تصغيرها (1) أريية بيائين مشددتين، كما إذا صغر غزوى المنسوب إلى الغزو قيل: غزييى، وكذا يصغر علوى وعدوى على عليى وعديى بياءين مشددتين وإنما لم تحذف شيئا إذا طرأ التصغير على المنسوب كما في الامثلة المذكورة وحذفت ياء التصغير إذا طرأ النسب على المصغر في نحو أموى وقصوى المنسوبين إلى أمية وقصى لان المنسوب في مصغر المنسوب هو العمدة إذ هو الموصوف، ألا ترى أن معنى عليى علوى مصغر فلم يجز إهدار علامته، وكذا لا يهدر علامة المصغر
__________
(1) قال في اللسان: " والاروية بضم الهمزة وعن اللحيانى كسرها: الانثى من الوعول، وثلاث أراوى - على أفاعيل - إلى العشر، فإذا كثرت فهى الاروى - على أفعل - على غير قياس، قال ابن سيده: وذهب أبو العباس إلى انها فعلى، والصحيح أنها أفعل، لكون أروية أفعولة.
قال: والذى حكيته من أن أراوى لادنى العدد وأروى للكثير قول أهل اللغة، قال: والصحيح عندي أن أراوى تكسير أروية، كأرجوحة وأراجيح، والاروى اسم للجمع " اه.
ثم قال: " قال ابن بري: أروى تنون ولا تنون، فمن نونها احتمل أفعلا مثل أرنب
وأن يكون فعلى مثل أرطى ملحق بجعفر، فعلى هذا القول يكون أروية أفعولة، وعلى القول الثاني فعلية، وتصغير أروى إذا جعلت وزنها أفعلا أريو (منقوصا مثل قاض) على من قال أسيود وأحيو، وأرى (منقوصا أيضا) على من قال أسيد وأحى، وأما أروى فيمن لم ينون فوزنه فعلى (أي: والالف للتأنيث) وتصغيرها أريا (مثل ثريا)، وأما أروية إذا جعلتها أفعولة فأريوية عند من قال أسيود، ووزنها أفيعيلة، وأرية عند من قال أسيد، ووزنها أفيعة، وأصلها أرييية: فالاولى ياء التصغير، والثانية عين الفعل، والثالثة واو أفعولة، والرابعة لام الكلمة، فحذفت منها اثنتين، ومن جعل أروية فعلية فتصغرها أرية ووزنها فعلية، وحذفت الياء المشددة.
قال: وكون أروى أفعل أقيس، لكثرة زياة الهمزة أولا، وهو مذهب سيبويه لانه جعل أروية أفعولة " اه (*)


إذ هو الطارئ، والطارئ إذا لم يبطل حكم المطرود عليه لمانع فلا أقل من أن لا يبطل حكمه بالمطرو عليه، وأما المنسوب إلى المصغر فليس المصغر فيه عمدة، إذ ليس موصوفا، بل هو من ذنابات المنسوب، إذ معني قصوى منسوب إلى قصى فجاز إهدار علامته إجابة لداعى الاستثقال، وأما النسبة فطارئة فلا تهدر علامتها فعلى هذه القاعدة ينسب إلى جهينة جهنى بحذف الياء، ثم إذا صغرت جهنيا زدت الياء فقلت جهينى قال: " ويزاد في المؤنث الثلاثي بغير تاء كعيينة وأذينة، وعريب وعريس شاذ، بخلاف الرباعي كعقيرب، وقد يديمة ووريئة شاذ، وتحذف ألف التأنيث المقصورة غير الرابعة كجحيجب وحويلى في جحجبى وحولايا وتثبت الممدودة مطلقا ثبوت الثاني في بعلبك " أقول: اعلم أن التصغير يورد في الجامد معنى الصفة، ألا ترى أن معنى رجيل رجل
صغير، فالاسم المصغر بمنزلة الموصوف مع صفته، فكما أنك تقول: قد صغيرة بالحاق التاء في آخر الوصف، قلت: قديمة، بالحاق التاء في آخر هذا الاسم الذى هو كآخر الوصف، والدليل على عروض معنى الوصف فيه أنك لا تقول رجلون لعدم معنى الوصف وتقول في تصغير رجال: رجيلون، وإن ما لم يرفع المصغر (1) لا ضميرا ولا ظاهرا مع تضمنه معنى الوصف كما ترفع سائر الاوصاف من اسمى الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمنسوب لانها إنما ترفع من الضمير والظاهر أصحابها المخصوصة التي لا تدل ألفاظ الوصف عليها إذ الصفات لم توضع لموصوفات معينة، بل صالحة لكل موصوف، فان حسنا في قولك " رجل حسن " لا يدل على رجل فرفع ضميره، وكذا لا يدل على وجهه في قولك " رجل حسن وجهه " فرفعه، والموصوف
__________
(1) سبق القول في هذا الموضوع بما لا نحتاج معه إلى زيادة (*)


المخصوص في رجيل مدلول عليه بتركيب هذا اللفظ مع الوصف، فلا يحتاج إلى رفع ما هو موصوفه حقيقية، ولما رأى بعض النحاة أن التصغير يورد في الاسم معنى الوصف ورأوا أن العلم لا معنى للوصف فيه قالوا: تصغير الاعلام ليس بوجه، وليس ما توهموا بشئ، لانك لا تجعل بالتصغير عين المكبر نعتا حتى يرد ما قالوا، بل تصف بالتصغير المكبر، إلا أنك تجعل اللفظ الواحد - وهو المصغر - كالموصوف والصفة، ووصف الاعلام غير مستنكر، بل شائع كثير، وإنما لم يحلقوا التاء بآخر ما زاد على ثلاثة من الاسماء في التصغير لانهم لما قصدوا فيه ذكر الموصوف مع صفته بلفظ واحد توخوا من الاختصار ما يمكن، ألا ترى إلى حذفهم فيه كل ما زاد على أربعة من الزائد والاصلي، وهذا هو العلة في تخفيفات الملحق به ياء النسب، لان المنسوب أيضا كالصفة مع الموصوف مع ثقل الياء المشددة في آخر الاسم الذى هو موضع الخفة، لكنك لم تحذف في النسب الزائد على الاربعة
لكون علامة النسبة كالمنفصل من المنسوب، بخلاف علامة التصغير، فالمقصود أنهم اجترؤا في الثلاثي الذى هو أخف الابنية - لما طرأ فيه معنى الوصف - على زيادة التاء التى تلحق آخر أوصاف المؤنث، فلما وصلوا إلى الرباعي وما فوقه والتاء وإن كانت كلمة برأسها إلا أنها كحرف الكلمة المتصلة هي بها لم يروا زيادة حرف على عدد حروف لو زاد عليها أصلى طرحوه في التصغير، فقدروا الحرف الاخير كالتاء، إذ هي محتاج إليها لكون الاسم وصفا، فقالوا: عقيب وعقيرب (1)
__________
(1) العقاب بزنة غراب - طائر من العتاق مؤنثة، وقيل: العقاب يقع على الذكر والانثى، وتمييزه باسم الاشارة والضمير.
والعقرب واحدة العقارب، وهي دويبة من الهوام تكون للذكر والانثى بلفظ واحد، والغالب عليه التأنيث، وقد يقال للانثى عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف، ويصغر على عقيرب كما تصغر زينب على زيينب، والذكر عقربان - بضم العين والراء - وهو دابة له أرجل طوال، وليس ذنبه كذنب العقارب (*)


وإذا كان الاسم المؤنث على أكثر من ثلاثة لكنه يعرض فيه في حال التصغير ما يرجع به إلى الثلاثة وجب زيادة التاء فيه، نحو سمية في سماء، لانه يجتمع فيه ثلاث يا آت فتحذف الاخيرة نسيا كما ذكرنا وكذا إذا صغرت الثلاثي المزيد فيه نحو عناق وعقاب وزينب تصغير الترخيم قلت: عنيقة، وعقيبة، وزنيبة وإن كان الثلاثي جنسا مذكرا في الاصل وصف به المؤنث - نحو امرأة عدل أو صوم أو رضى - فانك تعتبر الاصل في التصغير، وهو التذكير، ولا تزيد فيه التاء نحو: امرأة رضى وعديل وصويم، كما أن نحو حائض وطالق لفظ مذكر جعل صفة لمؤنث، وإن كان معناه لا يمكن إلا في المؤنث، فإذا سمى
بمثله مذكر صرف، لكونه الان علم مذكر ليس فيه تاء ظاهرة ولا حرف قائم مقامها: الوضع، كما كان في عقرب إذ وضع نحو لفظ حائض - كما مر في غير المنصرف على التذكير كضارب وقاتل (1)، فإذا صغرت نحوه تصغير الترخيم لم تزد
__________
(1) قال سيبويه (ح 2 ص 20): " واعلم أنك إذا سميت المذكر بصفة المؤنث صرفته، وذلك أن تسمى رجلا بحائض أو طامث أو متئم فزعم أنه إنما يصرف هذه الصفات لانها مذكرة وصف بها المؤنث كما يوصف المذكر بمؤنث لا يكون إلا لمذكر، وذلك نحو قولهم: رجل نكحة، ورجل ربعة، ورجل خجاة، فكأن هذا المؤنث وصف لسلعة أو لعين أو لنفس وما أشبه هذا، وكأن المذكر وصف لشئ، فكأنك قلت هذا شئ حائض، ثم وصف به المؤنث، كما تقول هذا بكر ضامر ثم تقول ناقة ضامر " اه.
وقال المؤلف في شرح الكافية (ح 1 ص 45): " وههنا شروط أخر لمنع صرف المؤنث إذا سمى به مذكر تركها المصنف - أحدها - ألا يكون ذاك المؤنث منقولا عن مذكر، فا ربابا اسم امرأة، لكن إذا سميت به مذكرا انصرف، لان الرباب قبل تسمية المؤنث به كان مذكرا بمنى الغيم، وكذا لو سميت بنحو حائض وطالق (*)


التاء، لكونه مذكرا في الاصل، فتقول: حييض وطليق وإذا سمى مؤنثا بثلاثي مذكر نحو شجر وحجر وزيد ثم صغرته زدت التاء وكذا إذا سميت مؤنثا بمؤنث ثلاثي لم يكن تدخل التاء في تصغيره قبل العلمية كحرف وناب ودرع فان قلت: فكيف راعيت الاصل في نحو امرأة عدل وصوم، ولم تقل عديلة وصويمة ولم تراع ذلك في العلم ؟ ؟ قلت: لان الوصف غير مخرج عن أصله بالكلية، إذ معنى " امرأة عدل " كأنها من كثرة العدل تجسمت عدلا، ومعنى " امرأة حائض " إنسان
حائض، فقد قصدت فيهما المعنى الاصلي الذي وضع اللفظ باعتباره، وأما في العلم فلم تقصد ذلك، لانه منقول ووضع ثان غير الواضح الاول وغرضه الاهم الابانة عن المسمى، لا معناه الاصلي، فإذا سميت بالحجر فهو كما لو سميت بغطفان وغيره من المرتجلات، وقليلا ما يراعى في العلم معنى المنقول منه وكذا إذا سميت مذكرا بمؤنث مجرد عن التاء كأذن وعين لم تلحق به التاء في التصغير، لانه - كما ذكرنا - وضع مستأنف، ويونس يدخل التاء فيه، فيقول: أذينة وعيينة، استدلالا بأذينة وعيينة علمي رجلين، وهذان عند النحاة إنما سمى المذكران بهما بعد التصغير، فلا حجة فيه وإذا سميت مذكرا بنحو أخت وبنت وصغرته حذفت التاء، فتقول: أخى، برد
__________
مذكرا انصرف، لانه في الاصل لفظ مذكر وصف به المؤنث، إذ معناه في الاصل شخص حائض، لان الاصل المطرد في الصفات أن يكون المجرد من التاء منها صيغة المذكر وذو التاء موضوعا للمؤنث، فكل نعت لمؤنث بغير التاء فهو صيغة موضوعة للمذكر استعملت للمؤنث " اه (*)


اللام المحذوفة المبدلة منها التاء، إذ لايتم بنية التصغير بالتاء كما ذكرنا، ولا تأتي بعدها بالتاء لانه مذكر إذن واعلم أنه قد شذت من الثلاثي أسماء لم تلحقها التاء في التصغير: ذكر سيبويه منها ثلاثة، وهي الناب بمعنى المسنة من الابل، وإنما قالوا فيها نييب لان الناب من الاسنان مذكر (1)، والمسنة من الابل قيل لها ناب لطول نابها كمايقال لعظيم البطن بطين بتصغير بطن، فروعي أصل ناب في التذكير، وكذا قال في الفرس فريس لوقوعه على المذكر والمؤنث فغلب (2) وكذا قال في الحرب - وهي (3) مؤنثة -:
__________
(1) الناب من الاسنان: هي السن التي خلف الرباعية.
قال في اللسان: " والناب
والنيوب الناقة المسنة، سموها بذلك حين طال ناباها وعظم، مؤنثة، وهو مما سمى فيه الكل باسم الجزء " اه، والذى قاله المؤلف من أن الناب من الاسنان مذكر هو ص 11): " الناب المسنة من النوق مؤنثة، وجمعها نيب، وتصغيرها نييب بغير هاء..وأما الناب من الاسنان فمذكر، وكذلك ناب القوم سيدهم، يقال: فلان ناب بني فلان: أي سيدهم " (2) قال صاحب الصحاح: " الفرس يقع على الذكر والانثى، ولا يقال للانثى فرسة، وتصغير الفرس فريس، وإن أردت الانثى خاصة لم تقل إلا قريسة بالهاء، عن أبژ بكر بن السراج " اه وأنت ترى أن ما ذكره الجوهري عن ابن السراج يخالف ما ذكره المؤلف (3) الذي ذكره المؤلف من أن الحرب مؤنثة المعروف عن أهل اللغة، قال ابن سيده في المخصص (ح 17 ص 9): " الحرب أنثى، يقال في تصغيرها حريب بغير هاء فأما قولهم.
فلان حرب لى: أي معاد، فمذكر " اه.
وحكى صاحب اللسان عن ابن الاعرابي فيها التذكير، ثم قال: وعندي أنه إنما حمله على معنى القتل أو الهرج (*)


حريب، لكونها في الاصل مصدرا، تقول: نحن حرب، وأنتم حرب، وذكر الجرمى من الشواذ درع الحديد (1)، والعرس وهى مؤنثة (2)، قال: - 38 - إنا وجدنا عرس الحناط * لئيمة مذمومة الحواط (3) (1) هذا الذي ذكره المؤلف في الدرع أنها مؤنثة - أحد رأيين لاهل اللغة، والثاني أنها تذكر وتؤنث قال ابن سيده (ح 17 ص 20): " درع الحديد تذكر وتؤنث، والتأنيث الغالب المعروف والتذكير أقلهما، أولا ترى أن أسماءها وصفاتها الجارية مجرى الاسماء مؤنثة ؟ كقولهم: لامة، وفاضة، ومفاضة، وجدلاء، وحدباء، وسابغة، فأما ذائل فقد تكون على التذكير وقد تكون على
النسب، وأما دلاص فبمنزلة كناز وضناك - بزنة كتاب - وإن كان قد يجوز أن يكون نعتا غير مؤنث على تذكير الدرع " اه وقوله بمنزلة كناز وضناك يريد به أنه لفظ يقع الى الذكر والانثى من غير تاء، والكناز والضناك كلاهما بمعنى الضخمة الشديدة اللحم، ويوصف بهما النساء والنوق.
وقول المؤلف درع الحديد احتراز من درع المرأة: أي قميصها، فانه مذكر ليس غير عند بعض اللغويين ومنهم اللحياني وعند الاخرين أنه يذكر ويؤنث (2) الذي ذهب إليه المؤلف من أن العرس مؤنثة أحد رأيين، وذهب ابن سيده كالجوهري إلى أنه يذكر ويؤنث، قال (ح 17 ص 19): " العرس يذكر ويؤنث ويصغرونها عريس وعريسة، وجمعها في القبيلين عرسات، وحقيقة العرس طعام الزفاف " اه (3) هذا الرجز لدكين الراجز، وبعده: ندعى مع النساج والخياط * وكل علج شخم الاباط والعرس - كعنق وكقفل - مضى شرحه، والحناط - بائع الحنطة، والصيغة للنسب، والحواط: جمع حائط وهو اسم فاعل من حاط يحوط إذا التف حول الشئ، والمراد هنا الذين يقومون بخدمة الناس في الدعوات، لانه يحيطون بهم، وذكر صاحب اللسان أن الحواط مفرد ومعناه الحظيرة التي يكون الطعام فيها.
(*)


والقوس (1)، وذكر غيرهما العرب والذود والضحى (2) وقد شذ في الرباعي قدام ووراء (3) فألحق بمصغرهما الهاء والقياس تركها، وحكى أبو حاتم أميمة في أمام، وقال: ليس بتبت، قال السيرافي: إنما لحقتهما الهاء لانهما ظرفان: لا يخبر عنهما، (ولا يوصفان) ولا يوصف بهما، حتى يتبين تأنيهما بشئ من ذلك، كما تقول: لسعت العقرب، وعقرب لاسعة، وهذه العقرب، فأنثا
__________
والعلج - بكسر فسكون -: الرجل من كفار العجم وهو أيضا الشديد الغليظ.
وقيل كل ذى لحية، والشخم - بفتح الشين وكسر الخاء -: المنتن (1) الذي ذكره المؤلف في القوس أحد رأيين فيها: قال ابن سيده: " القوس التي يرمى عنها أنثى، وتصغيرها قويس بغير هاء، شذت عن القياس، ولها نظائر قد حكاها سيبويه " والرأى الثاني أنها تذكر وتؤنث، قال الجوهري: " القوس يذكر ويؤنث فمن أنث قال في تصغيرها قويسة، ومن ذكره قال قويس " اه (2) العرب - بفتحتين وكقفل -: خلاف العجم، مؤنثة، ولم يحلق تصغيرها الهاء، وقد قالوا: العرب العاربة، وقال عبد المؤمن بن عبد القدوس في تصغير العرب: ومكن الضباب طعام العريب * ولا تشتهيه نفوس العجم ولو جعلت وجه التذكير في تصغير عرب أن أصله مصدر عرب كفرح كما قاله المؤلف في كلمة الحرب لم تعد الصوب.
والذود: ما بين الثلاث إلى العشر من إناث الابل، قال ابن سيده (ح 17 ص 9): " الذود أنثى، وتصغيرها ذويد بغير هاء " وقال في اللسان عنه: " الذود مؤنث، وتصغيره بغير هاء على غير قياس توهموا به المصدر ".
واما الضحى فقد قال في اللسان: " الضحو والضحوة والضحية: ارتفاع النهار، والضحى فويق ذلك أنثى، وتصغيرها بغير هاء، لئلا يلتبس بتصغير ضحوة " اه (8) أما قدام ووراء فقد قال اللسان: " قدام نقيض وراء، وهما يؤنثان، ويصغران بالهاء، قديدمة وقديديمة ووريئة، وهما شاذان لان الهاء لا تلحق الرباعي في التصغير، قال الكسائي: قدام مؤنثة، وإن ذكرت جاز، وقد قيل في تصغيره قديديم، وهذا يؤيد ما حكاه الكسائي من تذكيرها " اه (*)


تتينا لتأنيهما، وفي وراء قولان: أحدهما (3) أن لامه همزة، قالوا: يقال: ورأت بكذا: أي ساترت به، ومنه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا أراد سفرا ورأ بغيره " وأصحاب الحديث لم يضبطوا الهمزة فرووا " ورى بغيره "، وقال
بعضهم: بل لامه واو أو ياء، مثل كساء ورداء، من وريت بكذا، وهو الاشهر، فتصغيره على هذا وريد لا غير، بحذف الياء الثالثة كما في سمية تصغير سماء ومذهب أبى عمرو أنه إذا حذف ألف التأنيث المقصورة خامسة فصاعدا كما يجئ أبدل منها تاء، وحو حبيرة في حبارى ولغيغيزة في لغيزى (2)، ولم ير ذلك غيره من النحاة، إلا ابن الانباري فانه يحذف الممدودة أيضا خامسة فصاعدا، ويبدل منها التاء كالمقصورة، ولم يوافقه أحد في حذف الممدودة قوله " ويحذف ألف التأنيث المقصورة غير الرابعة " إنما تحذف خامسة
__________
(1) قال في اللسان: " ووريت الخبر أورية تورية إذا سترته وأظهرت غيره كأنه مأخوذ من وراء الانسان، لانه إذا قال وريته فكأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر " اه، فقد أشار إلى أن التورية من مادة وراء وإن لم يصرح بذلك، فتكون الهمزة في وراء منقلبة عن ياء لتطرفها إثر ألف زائدة، ومثل الذي ذكره صاحب اللسان قول ابن الاثير في النهاية: " كان إذا أراد سفرا ورى بغيره: أي ستره وكنى عنه وأوهم أنه يريد غيره، وأصله من الوراء: أي ألقى البيان وراء ظهره " اه (2) الحبارى - بضم أوله وتخفيف ثانيه -: طائر يقع الى الذكر والانثى، والواحد والجمع، وهو على شكل الاوزة قال الجوهري: وألفه ليست للتأنيث ولا للالحاق، وإنما بنى الاسم عليها فصارت كأنها من نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة ولا نكرة: أي لا تنون " اه وهذا كلام ينقض آخره أوله لان الالف التى ليست للتأنيث ينصرف الاسم معها سواء أكانت للالحاق أم لم تكن، وعدم الصرف في المعرفة والنكرة دليل على أن الالف للتأنيث، وقوله وإنما بنى الاسم عليها الخ كلام لا معنى له.
واللغيزي بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحا -: مثل اللغز - كقفل (*)


فصاعدا لانها لازمة للكلمة، وصائرة كالحروف التى زيدت لبنية الكلمة،
مثل ألف حمار، مع أنها لا تفيد معنى التأنيث كما تفيده الرابعة نحو سكرى حتى تراعى لكونه علامة، وإذا كانت الحروف الاصلية تحذف خامسة فكيف بالزائدة كالاصلية، فإذا صغرت العرضنى (1) قلت عريضن، والنون للالحاق، فهو بمنزلة أصلى رابع، وكذا إذا صغرت العبدى (2) قلت عبيد، بحذف الالف، لان إحدى الدالين وإن كانت زائدة إلا أنها تضعيف الحرف الاصلي، فتحصنت من الحذف بذلك، وبكونها ليست من حروف " اليوم تنساه " وبكونها ليست في الطرف، بخلاف ألف التأنيث فانها عارية من الثلاثة، وكذا تقول في لغيزي لغيغيز بحذف الالف، دون إحدى الغينين، كما أنك لا تحذف في تصغير عفنجج (3) غير النون، لان إحدى الجيمين تضعيف لحرف أصلي، وليست من حروف " اليوم تنساه "، ولا تحذف ياء لغيزي في التصغير، لانها لا تخل ببنيته، بل تصير مدا قبل الاخر كما في عصيفير، كما أنك لا تحذف من
__________
وكرطب وكجبل - وهو ما عمى من الكلام وأخفى المراد منه، وياء اللغيزي ليست للتصغير، فأن ياء التصغير لا تكون رابعة، وإنما ياؤه بمنزلة الياء في خليطى والالف الاولى في شقارى وخبازى وخضارى (1) يقال: عدت الفرس العرضنى والعرضند والعرضناة - بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه في الثلاثة -: إذا كانت تمشى معترضة مرة من وجه ومرة من آخر بسبب نشاطها، وهو ضرب من خيلاء الخيل (2) العبدى بكسر العين والباء وتشديد الدال مفتوحة بعدها ألف - ومثله العبداء بضبطه ممدوا والمعبوداء والمعبدة كمشيوخاء ومشيخة: أسماء جمع العبد، وخص بعضهم العبدى بالعبيد الذين يولدون في الملك (3) العفنجج: الضخم الاحمق (*)


حولايا - وهو اسم رجل - غير ألف التأنيث، ولا تحذف الالف التي بعد اللام لانها مدة رابعة لا تحذف في التصغير، بل قد تجلب لتكون عوضا من زائد محذوف في موضع آخر، نحو مطيليق في منطلق، فالاخلال بالبنية في حولايا ولغيزي من ألف التأنيث، لا من الالف والياء المتوسطتين، إذ لو حذفتهما وقلت لغيغزى وحويليا لوقعت ألف التأنيث خامسة موقع اللام في سفيرجل، فاحتجت إلى حذفها أيضا، وأما في نحو حبارى فكل واحدة من ألف التأنيث والالف المتوسطة متساويتان في الاخلال ببنية التصغير، وأيتهما حذفت تحصل البنية، إذ لو حذفت المتوسطة لم تكن ألف التأنيث خامسة، بل تقل: حبيرى كحبيلى، ولو حذفت ألف التأنيث قلت: حبير كحمير، فالالفان إذن مستاويتان كالالف والنون في حبنطى، تقول: حبينط وحبيط، فان ترجحت الثانية - بكونها في الاصل علامة التأنيث فلا تحذف - ترجحت الاولى بالتوسط، فمن مم حازفيه حبير وحبيرى، وإذا صغرت بردرايا (1) حذفت الالفين والياء بينهما، وقلت بريدر، لاخلال الجميع بالبنية هذ كله في ألف التأنيث المقصورة، وأما الممدودة في نحو خنفساء، والالف والنون في نحو زعفران وظربان، وياء النسب في نحو سلهبي (2)، والنون للمثنى، والواو والنون في جمع المذكر، والالف والتاء في جمع المؤنث، نحو ضاربان وضاربون وضاربات، فجميعها - لكونه على حرفين - وكذا تاء التأنيث لكونها
__________
(1) بردرابا - بفتح أوله وسكون ثانيه بعده دال مهملة مفتوحة فراء مهملة كذلك فألف -: موضع.
قال ياقوت في المعجم: أظنه بالنهروان من أعمال بغداد (2) سلهى: كلمة منسوبة إلى سلهب، وهو الطويل من كل شئ، وقيل: من الرجال، وقيل: من الخيل والناس (*)


متحركة صارت كأنها اسم ضم إلى اسم، كما في نحو بعلبك، تمت بنية التصغير دون هذه الزوائد، ولم تخل بها، بخلاف الالف المقصورة فانها حرف واحد ساكنة خفية ميتة، لا يصح أن تقدر ككلمة مستقلة، بل هي كبعض الحروف المزيدة في البنية نحو مدات عماد وسعيد وعجوز، فحبيلى كسفيرج، كما أن حبالى كسفارج، لولا المحافظة في الموضعين على علامة التأنيث لكسر ما قبلها، فلا تقول: إن بنية التصغير تمت قبل الالف في حبيلى وإنه كطليحة، كما لا نقول: إن بنية الجمع تمت قبلها في حبالى فعلى هذا إذا صغرت (نحو) ظريفان وظريفون وظريفات أجناسا قلت: ظريفان وظريفون وظريفات، بالياء المشددة قولا واحدا، وكذا عند المبرد إذا جعلتها أعلاما، لان هذه الزيادات وإن لم تكن حال العلمية مفيدة لمعان غير معاني الكلمات المتصلة هي بها حتى تعد كالكلم المستأنفة بل صارت المدات بسبب العلمية كمدات عمود وحمار وكريم، لكنها كانت قبل العلمية كالكلم المستقلة، مثل تاء التأنيث، فروعي الاصل ولم تغير، وأما عند سيبويه فحالها أعلاما خلاف حالها أجناسا: هي في حال العلمية بالنظر إلى أصلها (منفصلة) كالتاء، وبالنظر إلى العلمية كأنها من تمام نبية الكلمة، فلا جرم أنه أبقى هذه الزيادات بحالها في حال العلمية إبقاء ثانية كلمتي بعيلبك وثنيتا عشرة، وحذف المدات إن كانت قبلها نحو ياء ظريفان وظريفون وظريفات، وألف نحو جداران ودجاجات، وواو نحو عجوزات، إذا كانت هذه الاسماء أعلاما، لجعل الزيادات اللاحقة كبعض حروف بنية الكلمة، فتستثقل معها، ومن ثم قال يونس في ثلاثون جنسا ثليثون بحذف الالف، لان الواو والنون كجزء الكلمة، إذ ليس بجمع ثلاث، وإلا كان أقل عدد يقع عليه تسعة كما مر في أول شرح الكافية، وكذا قال سيبويه في بروكاء وبراكاء


وقريثاء (1) إنه بحذف الواو والالف والياء، لجعل الالف الممدودة كالجزء من وجه وغير الجزء من آخر، على ما بينا.
قال: بريكاء وقريثاء مخففين، والمبرد يشدد نحوهما، لانه لا يحذف شيئا، قال سيبويه: لو جاء في الكلام فعولاء بفتح الواو لا تحذفها حذف واو جلولاء (2)، لانها تكون إذن للالحاق بحرملاء (3) فتكون كالاصلية، وأما واو بروكاء وجلولاء فمدة ضعيفة فلا مبالاة بحذفها لاقتضاء القياس المذكور ذلك، وإذا صغرت معيوراء ومعلوجاء (4) لم يحذف الواو، لان لمثل هذه المدة حالا في الثبات ليست لغيرها، كما قلنا في ألف حولايا التى قبل الواو، وأما مع تاء التأنيث فلا خلاف أن المدة الثالثة لا تحذف، نحو دجاجة ودجاجتنا،
__________
(1) قال في اللسان: البروكاء (بفتح فضم) والبراكاء (بضم أولها) والبراكاء (بفتح أولها): الثبات في الحرب والجد وأصله من البروك، قال بشر بن أبي خازم ولا ينجي من الغمرات إلا * براكاء القتال أو الفرار والبراكاء (بفتح أولها) أيضا: ساحة القتال " اه بتصرف.
والقريثاء (بفتح فكسر): ضرب من التمر أسود ومثله الكريثاء ولا نظير لهما في البناء، وكأن الكاف في الثاني بدل من القاف في الاول (2) جلولاء - بفتح أوله وضم ثانيه آخره ألف ممدودة -: ناحية من نواحي سواد العراق في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وهو نهر عظيم في العراق.
وبها كات الوقعة المشهورة في الفرس للمسلمين سنة 16 من الهجرة وجلولاء أيضا: مدينة مشهورة بافريقيا بينها وبين القيروان أربعة وعشرون ميلا وكان فتحها على يدى عبد الملك بن مروان (3) حرملاء (بفتح فسكون ففتح): اسم موضع كما في اللسان والقاموس ولم يذكره ياقوت
(4) معيوراء: اسم جمع عير، وهو الحمار وحشيا كان أو أهليا وقد غلب على الوحشى.
ومعلوجاء: اسم جمع لعلج وقد تقدم (ص 243 ه 3) (*)


علما كانت أولا، لان أصل تاء التأنيث على الانفصال، تقول: دجيجة ودجيجتان، قولا واحدا كبعيلبك.
وإذا صغرت نحو حبلوى ومهوى وهو كسهلبي كسرت ما قبل الواو، لان ما بعد ياء التصغير في الرباعي مكسور لا غير، فتنقلب الواو ياء مكسورة، ولا يجوز فتح ما قبلها كما فتحته في المنسوب إلى ملهژ وحبلى، لما ذكرنا، فلم يبق إلا حذف الياء المنقلبة من الواو، كما حذفت (في) غازى وقاضي المنسوبين إلى غاز وقاض، ولم يمكن حذف ياء النسب لكونها علامة ولتقويها بالتشديد.
وإنما كسر ما قبل واو حبلوى في التصغير وإن كان بدلا من حرف لا يكون ما قبلها في التصغير إلا مفتوحا - أعنى ألف التأنيث - نحو حبيلى، لتغير صورة الالف، فلم يبق لها الحرمة الاصلية لزوال عين الالف، هذا، وجحجبى: قبيلة من الانصار، وحولايا: اسم رجل.
قال: " المدة الواقعة بعد كسرة التصغير تنقلب ياء إن لم تكنها، نحو مفيتيح وكريديس، وذو الزيادتين غيرها من الثلاثي يحذف أقلهما فائدة كمطيلق ومغيلم ومضيرب ومقيدم في منطلق ومغتلم ومضارب ومقدم، فإن تساويا فمخير كقليسية وكقلينسة وحبينط وحبيط، وذو الثلاث غيرها تبقى الفضلى منها كمقيعس، ويحذف زيادات الرباعي كلها مطلقا غير المدة كقشيعر في مقشعر وحريجيم في اخرنجام ويجوز التعويض من حذف الزيادة بمدة بعد الكسرة فيما ليست فيه كمغيليم في مغتلم "
أقول: يعنى بكسرة التصغير الكسرة التى تحدث في التصغير بعد يائه، والمدة إما واو كما في عصفور وكردوس - وهو جماعة الخيل - أو ألف كما في مفتاح


ومصباح ولا حاجة إلى التقييد بالمدة، بل كل حرف لين رابعة فانها في التصغير تصير ياء ساكنة مكسورا ما قبلها إن لم تكن كذلك، إلا ألف أفعال وفعلان، وألفى التأنيث، وعلامات المثنى والجمعين، فيدخل فيه نحو جليليز وفليليق في تصغير جلوز (2) وفليق وإن لم تكن الواو والياء مدا، وكذا الواو والياء المتحركتان كما في مسرول ومشريف، تقول: مسبريل ومشيريف (3)، وكذا تقول في ترقوة: تريقية (4)، ويجب سكون كل ياء بعد كسر التصغير، إذا لم تكن حرف إعراب كما في رأيت أريطيا إلا إذا كان
__________
(1) المدة في عرفهم هي حرف اللين الساكن الذي قبله حركة من جنسه، واللين حرف العلة الساكن تقدمته حركة مجانسة أم لم تتقدمه: فاللين أعم من المد وحرف العلة يطلق على الالف والواو والياء سواء أكانت متحركة أم ساكنة وسواء أكانت مسبوقة بحركة أم لا، وسواء أكانت الحركة السابقة مجانسة أم لا، فهو أعم من المد والين جميعا، وعلى ذلك يكون واو عصفور وألف قرطاس وياء قنديل حروف علة ومد ولين، ويكون واو يوم وياء بين وبيع حروف علة ولين وليس حروف مد، ويكون ياء بيان وواو وعد ونزوان حروف علة وليست مدا ولا لينا.
هذا أمر ثابت مقرر عندهم، وإذا عرفت هذا علمت أن تعبير ابن الحاجب بالمدة فيه قصور لانه لا يشمل واو فرعون وجلوز وياء غرنيق وفليق، كما أن تعبير الرضى بحرف اللين كذلك لانه لا يشمل واو مسرول ولا ياء مشريف اسمى مفعول، والصواب التعبير بحرف العلة الرابع (2) الجوز (بكسر الجيم وتشديد اللام مفتوحة) البندق الذي يؤكل لبه.
والفليق (بضم الفاء وتشديد اللام مفتوحة) أيضا: ضرب من خوخ يتفلق عن نواه (3) يقال: فرس مسرول، إذا جاوز بياض تحجيله العضدين والفخذين، وذرع مشريف، إذا قطع شريانه، أي ورقه وذلك إذا طال حتى يخشى فساده (4) الترقوة (بفتح فسكون فضم): مقدم الحلق في أعلى الصدر (*)


بعدها تاء التأنيث كتريقية، أو الالف الممدودة كسييمياء في سيمياء (1)، أو الالف والنون المضارعتان لالفي التأنيث كعنيفيان في عنفوان (2) قوله " إن لم تكنها " أي: إن لم تكن ياء، لان الياء لا تقلب ياء قوله " وذو الزيادتين غيرها " أي: غير المدة الرابعة، والاولى أن يقال غير حرف اللين الرابعة، ليكون أعم اعلم أن الثلاثي إذا كان ذا زيادة واحدة لم تحذفها: في الاول كانت كمقتل وأسود، أو في الوسط ككوثر وجدول وخاتم وعجوز وكيبر وحمار أو في الاخر كحبلى وزيدل وإن كان ذا زيادتين غير المدة المذكورة لم يمكن بقاؤهما، إذ الخماسي يحذف حرفه الاصلى، فكيف بذى الزيادة ؟ فإذا لم يكن بد من الحذف اقتصر على
__________
(1) السيمياء والسيماء: العلامة يعرف بها الخير والشر، ويقصران، قال أبو بكر: " قولهم عليه سيما حسنة معناه علامة، وهي مأخوذة من وسمت أسم، قال: والاصل في سيما وسمي، فحولت الواو من موضع الفاء فوضعت في موضع العين، كما قالوا ما أطيبه وأيطبه، فصار سومى، وجعلت الواو ياء، لسكونها وانكسار ما قبلها " اه وعلى هذا يكون وزن سيما عفلا وسيماء عفلاء وسيمياء عفلياء (بكسر العين وسكون الفاء في الجميع)، ولكن مجئ سومة (بضم أوله) وسيمة (بكسره)
بمعنى العلامة كالسيماء والسيمياء واشتقاق أفعال من هذه المادة على هذا الترتيب نحو سوم، وصفات كما في قوله تعالى " والخيل المسومة " وقوله تعالى " من الملائكة مسومين " كل ذلك يدل على أن وزن سيماء وسيمياء فعلاء وفعلياء، ويؤكده صنيع القاموس واللسان والصحاح حيث أطبقوا على ذكرها في مادة (س وم) (2) عنفوان الشئ وعنفوه (بضم العين والفاء وسكون النون بينهما وتشديد الواو في الثانية): أوله أو أول بهجته (*)


حذف إحداهما، إذ هو قدر الضرورة، وتصير الكلمة بذلك على بنية التصغير، فلا يرتكب حذفهما معا فالزيادتان إما أن تكونا متساويتين، أو تكون إحداهما الفضلى، فان فضلت إحداهما الاخرى حذفت المفضوله والفضل يكون بأنواع: منها أن تكون الزيادة في الاول كميم منطلق ومقتدر ومقدم ومحمر وكهمزة ألندد (1) وأرندج وكياء يلندد ويرندج، فالاولى بالابقاء أولى لان الاواخر محل التغيير لتثاقل الكلمة إذا وصلت إليها، ثم بعد ذلك الاوساط أولى، وأما الاوائل فهى أقوى وأمكن منهما، وهي مصونة عن الحذف إلا في القليل النادر، إذ الكلمة لا تثقل بأول حروفها ولميم نحو منطلق ومقتدر فضيلتان أخريان: كونها ألزم من الزائد المتأخر، إذ هي مطردة في جميع اسمى الفاعل والمفعول من الثلاثي المزيد فيه ومن الرباعي، وكونها طارئة على الزائد المتأخر، والحكم للطارئ.
ومن أنواع الفضل أن يكون أحد الزائدين مكرر الحرف الاصلى دون الاخر، فالمكرر بالابقاء أولى، لكونه كالحرف الاصلى، فجيم عفنجج ودال غدودن (2)
أولى بالابقاء من الباقيين، وكذا المضعف في خفيدد وحمارة وصبارة (3) أفضل
__________
(1) الالندد واليلندد: الشديد الخصومة مثل الالد.
والارندج واليرندج: السواد يسود به الخف (2) العفنجج: تقدم ذكره في (ص 245 ه 3).
أما الغدودن فانه يقال: شاب غدودن: أي ناعم، وشعر غدودن: أي كثير ملتف طويل (3) الخفيدد: السريع، والظليم الخفيف.
والحمارة (بفتح الحاء والميم مخففة وتشديد الراء): شدة الحر.
والصبارة: شدة البرد، وهي بزنة الحمارة (*)


من الباقي، هذا مع أن النون والواو والياء والالف أبعد من الطرف، إلا أنها ضعفت بالسكون، وأما قطوطى - وهو البطئ المشى - فعند سيبويه فعوعل كغدودن، فتقول: قطيط، أو قطيطى بابدال الياء من الواو المحذوفة، وقال المبرد: بل هو فعلعل، وأصله قطوطو كصمحمح، وقال: فعلعل أكثر من فعوعل، فأحد المضعفين - أعنى الطاء والواو الاولين أو الثانيين - زائد كما في صمحمح وبرهرهة (1)، قال سيبويه: جاء منه أقطوطي إذا أبطأ في مشيه، وهو أفعوعل كاغدودن، وافعلعل لم يأت في كلامهم، ولو كان أيضا فعلعلا كما قال المبرد كان القياس حذف الواو الاولى، على ما ذكرنا في شرح معنى الالحاق أن صمحمحا وبرهرهة يجمعان على صمامح وبراره وإذا صغرت عطودا (2) فعند سيبويه تحذف الواو الاولى، لانهما وإن كانتا زائدتين لكن الثانية أفضل وأقوى لتحركها وسكون الاولى، فتقول: عطيد، وبالابدال عطييد، وقال المبرد: لا يجوز حذف إحدى الواوين، لان عطودا كمسرول، والواو الرابعة ساكنة كانت أو متحركة لا تحذف كما ذكرنا، فكما قلت هناك مسيريل تقول هنا: عطييد، بالمد لا غير وإذا حقر (3) عثول - وهو ملحق بجردحل - بزيادة الواو وإحدى
اللامين - فمذهب سيبويه، وحكاه عن الخليل، وقال: هو قول العرب، أنك
__________
(1) الصمحمح (كسفرجل): الشديد القوى.
والبرهرهة: المرأة البيضاء الشابة أو التي ترعد نعومة (2) العطود (كسفرجل): الشديد الشاق من كل شئ، وهو أيضا السريع من المشى، قال الراجز * إليك أشكو عنقا عطودا * (3) العثول (بكسر فسكون ففتح فلام مشددة): الكثير اللحم الرخو، وهو أيضا الكثير شعر الجسد والرأس (*)


تحذف آخر اللامين دون الواو، وإن كان تضعيف الحرف الاصلي، لكونه طرفا مع تحرك الواو، بخلاف ياء خفيدد، وأيضا للقياس على الخماسي الملحق هو به، وقال المبرد، وحكاه عن المازني: إنك تقول عثيل نظرا إلى كون اللام مضعف الحرف الاصلي دون الواو، وإذا كان السماع عن العرب على ما ذكر سيبويه مع أنه يعضده قياس ما فلا وجه لما قال المبرد لمجرد القياس وإذا صغرت ألنددا فانك تحذف النون قولا واحدا، لان الدالين أصليان، إذ هو من اللدد، والهمزة لتصدرها تحصنت من الحذف فإذا حذفتها قال سيبويه أليد بالادغام كأصيم، وقال المبرد: بل أليدد بفك الادغام لموافقة أصله، وقول سيبويه أولى، لانه كان ملحقا بالخماسي لا بالرباعي، فلما سقطت النون لم يبق ملحقا بالخماسي، ولم يقصد في الاصل إلحاقه بالرباعي حتى يقال أليدد كقريدد، فتقول على هذا في عفنجج عفيج (1) بالادغام أيضا كأصيم وإذا صغرت ألببا وحيوة (2) وفك الادغام فيهما شاذ، قلت: أليب وحيية بالادغام فيهما، لان هذا الشذوذ مسموع في المكبر لا في المصغر، فلا تقيسهما في الشذوذ على مكبريهما، بل يرجعان إلى أصل الاذغام
وإن كانت الزيادتان في الثلاثي متساويتين من غير فضل لاحداهما على الاخرى فأنت مخير في حذف أيتهما شئت، كالنون والواو في القلنسوة، ولو قيل إن حذف الواو لتطرفها أولى لم يبعد
__________
(1) وقع في الاصل سفنجج ولم نجد له معنى في كتب اللغة التي بين أيدينا فأصلحناه إلى عفنجج وهو كما تقدم الضخم الاحمق (2) قال في اللسان: " بنات ألبب: عروق في القلب يكون منها الرقة، وقيل لاعرابية تعاتب ابنها: مالك لا تدعين عليه ؟ قالت: تأبى له ذلك بنات ألببى، قال الاصمعي: كان أعرابي عنده امرأة فبرم بها فألقاها في بئر فمر بها نفر فسمعوا


قيل: وكذلك الخيار في حذف النون أو الالف في (1) حبنطي، إذ هما للالحاق وليس أحدهما أفضل، ولو قيل في الموضعين حذف الاخير لتطرفه أولى مع جواز حذف الاول، لكان قولا وكذا قيل بالتخيير بين ألف عفرنى (2) ونونه، إذ هما للالحاق، بدليل عفرناه.
__________
همهمتها من البئر فاستخرجوها وقالوا: من فعل هذا بك ؟ فقالت: زوجي، فقالوا: ادعى الله عليه، فقالت: لا تطاوعني بنات ألببى، فأن جمعت ألببا قلت: ألابب، والتصغير أليبب، وهو أول من قول من أعلها " اه ملخصا، وهو يريد من الاعلال هنا الادغام فهو مخالف لما ذكر المؤلف كما ترى.
وحيوة (بفتح فسكون): اسم رجل قلبت الياء واوا فيه لضرب من التوسع وكراهة لتضعيف الياء، قال في اللسان: " وإذا كانو قد كرهوا تضعيف الياء مع الفصل حتى دعاهم ذلك إلى التغيير في حاحيت وهاهيت كان إبدال اللام في حيوة ليختلف الحرفان أحرى وانضاف إلى ذلك أنه علم والاعلام قد يعرض فيها مالا يوجد في غيرها نحو مورق وموهب وموظب، قال الجوهري: حيوة اسم رجل، وإنما لم يدغم كما أدغم هين وميت لانه اسم موضوع لا على وجه الفعل " اه (1) الحبنطى: الممتلئ غيظا أو بطنة، ويقال فيه: حبنطا وحبنطأة، قال في
اللسان: " فأن حقرت فأنت بالخيار، إن شئت حذفت النون وأبدلت من الالف ياء وقلت حبيط بكسر الطاء منونا، لان الالف ليست للتأنيث فيفتح ما قبلها كما تفتح في تصغير حبلى وبشرى، وإن بقيت النون وحذفت الالف قلت: حبينط، وإن شئت أيضا عوضت ن المحذوف في الموضعين، وإن شئت لم تعوض، فان عوضت في الاول قلت حبيطى (بياء مشددة آخره) وفي الثاني تقول: حبينيط " اه بتصرف وإصلاح في التصغير مع التعويض على الوجه الاول (2) العفرنى (بفتحتين بعدهما سكون): الشديد، وتقول: رجل عفر (كتبر) (*)


وأما العرضني فالالف فيه للتأنيث، فحذفها واجب، لكونها خامسة في الطرف، دون النون، كما مر وحذف الالف الاولى في مهارى (1) علما أرجح من جهة مشابهة الاخيرة للاصلي، بانقلابها، وحذف الثانية أرجح من جهة كونها أخيرة فتساوتا وأنت مخير في حنظأو (2) بين حذف الواو والنون، والواو أولى، وأما الهمزة فبعيد زيادتها في الوسط، كما يجئ في باب ذى الزيادة، قال سيبويه: أنت مخير في حذف واو كوألل (3) أو إحدى اللامين، وأما الهمزة فأصلية لبعد زيادتها في الوسط، فان رجحنا حذف اللام بكونها في الطرف ووقوعها كشين جحمرش ترحج حذف الواو بسبب كون اللام مضعف الحرف الاصلى
__________
وعفرية (بكسرتين بينهما سكون) وعفريت وعفر (كطمر) وعفرى (بزيادة الياء المشددة عليه) وعفرنية (كقذعملة) وعفارية (بضم أوله)، إذا كان خبيثا منكرا، وتقول: أسد عفر وعفرني، وتقول: لبؤة عفرناة (كسفرجلة)، فدل لحوق التاء على أن الالف في عفرنى ليست للتأنيث (1) المهارى - بزنة الصحارى - جمع مهرية، وهي إبل منسوبة إلى مهرة (بفتح
الميم وسكون الهاء وصوب ياقوت فتحها) وهو ابن حيدان أبو قبيلة، ويقال في الجمع أيضا: مهارى ككراسي ومهار كجوار، وقد روى ياقوت عن العمرانى أن مهرة بلاد تنسب إليها الابل، ثم قال: " هذا خطأ إنما مهرة قبيلة، وهي مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة تنسب إليهم الابل المهرية، وباليمن لهم مخلاف يقال باسقاط المضاف إليه " اه وبعد ذلك لا تحل لتخطئة العمرانى مادام مخلاف هذه القبيلة يسمى مهرة، وهذا معنى قوله باسقاط المضاف إليه (2) الحنظأ و (كجردحل) وهو بالطاء المهملة وبالظاء المشالة أيضا كما في القاموس وإن لم يذكره في اللسان ولا في الصحاح إلا بالمهملة، وهو القصير.
والحنطأ و (بالمهملة): العظيم البطن أيضا (3) الكوألل (كسفرجل): القصير مع غلظ وشدة (*)


وكذا كان ينبغي أن يكون مذهبه التخيير في زيادتي عثول (1) ومما أنت مخير فيه نحو جمادى وسماني وحبارى (2) كما مر وقال سيبويه: وليس مهارى وصحارى علمين كحبارى، فإن الالف الاخيرة في حبارى للتأنيث، قصار لها وإن كانت في الاخر ثبات قدم، بخلاف الالف الاخيرة في مهارى وصحارى، فإنها ليست للتأنيث، بل هي بدل من الياء التي هي بدل من ألف التأنيث كما يجئ في الجمع، فهى بالحذف أولى وفي ثمانية وعلانية وعفارية (3) رجح سيبويه حذف الالف لضعفها وقوة الياء، ولكون الياء في مقام الحرف الاصلى في نحو ملائكة وعذافرة (4) فهي للالحاق دون الالف، قال: وبعض العرب يقول: ثمينة وعفيرة، بحذف الاخير، لكونه في الطرف الذي هو محل التغيير
__________
(1) لعل السر في أن سيبويه خير في تصغير كوالل بين حذف الواو وإحدى اللامين وأوجب في تصغير عثول حذف آخر اللامين أنه قدر في عثول زيادة الواو أولا
للالحاق بالرباعي ثم زيادة اللام للالحاق بجردحل، فلما أريد التصغير حذف منه ما ألحق بالخماسي وهو اللام الاخيرة، كما أن الخماسي يحذف منه حرفه الاخير، وأما كوألل فالحرفان زيدا معا للالحاق بسفرجل، فلما أريد تصغيره وكان لكل من اللام والواو مزية بدون رجحان لاحدهما خير في حذف أي واحد منهما (2) جمادى (كحبارى): من أسماء الشهور، معرفة مؤنثة، ويقال: ظلت العين جمادى (بالتوين): أي جامدة لا تدمع.
والسمانى (كحبارى أيضا): طائر، يطلق على الواحد والجمع.
وقد تقدم ذكر الحبارى قريبا (3) علن الامر (كخرج وجلس وفرح وكرم) علنا (مثل الفرح) وعلانية (مثل طواعية) واعتلن أيضا: أي ظهر.
والعفارية: الجرئ الشديد، وقد تقدم مع العفرنى (4) لعذافر (كعلايط): الاسد العظيم الشديد من الابل، والانثى عذافرة (*)


وأما نحو قبائل وعجائز علما فسيبويه والخليل اختارا حذف الالف لضعفها.
ويونس اختار حذف الهمزة لقربا من الطرف، فإذا صغرت على هذا مطايا قلت: مطى، بياء مشددة على القولين: أما الخليل فإنه يحذف الالف التي بعد الطاء فيصير مطيا فتدخل يا التصغير قبل هذه الياء وتكسر هذه الياء فتنقلب الالف لكسرة ما قبلها ياء، فيجتمع ثلاث يا آت كما في تصغير عطاء، فتحذف الثالثة نسيا، وأما يونس فيحذف الياء التي هي بدل من الهمزة فيبقى ألفان بعد الطاء فتدخل ياء التصغير قبل الاولى، فتنقلب الاولى ياء مكسورة كما في حمار، فتنقلب الثانية أيضا ياء لكسرة ما قبلها، فيصير مثل تصغير عطاء، فيحذف ثالثة الياآت، ولا يقال ههنا مطئ بالهمزة كما قال الخليل في رسائل رسيئل، لان هذه الهمزة لم تثبت قط في الجمع ثبوت همزة رسائل، بل تجعل الياء الزائدة همزة وتقلب الهمزة
بلا فصل ياء مفتوحة كما يجئ في موضعه ولو صغرت خطايا قلت: خطئ بالهمزة أخيرا، لانك إن حذفت الالف التي بعد الطاء على قول الخليل وسيبويه، فعند سيبويه يرجع ياء خطايا إلى أصلها من الهمزة لانها إنما أبدلت ياء لكونها في باب مساجد بعد الالف، وترجع في الحال الهمزة إلى أصلها من الياء الزائدة التي كانت بعد الطاء في خطيئة، فترجع الهمزة التي هي لام إلى أصلها (1)، لانها إنما انقلبت ياء لاجتماع همزتين مكسورة أولاهما، وعند الخليل
__________
(1) إن قلت: فلماذا قالوا في تصغير رسائل وقبائل وعجائز أعلاما: رسيئلا وعجيئزا وقبيئلا، مع أنه بعد حذف الالف الثالثة قد زال سبب قلب حرف المد الذي في الواحد ألفا ثم همزة ولم يقولوا في قضايا ومطايا وزوايا ونحوهن أعلاما بالهمزة أيضا مع أنه إذا جذف الالف الثالثة زال سبب انقلاب هذه الهمزة ياء فالجواب أن نقول: إن سبب قلب اللين همزة في نحو رسائل ضعيف، لانهم إنما قلبوه لتحركه وانفتاح ما قبله، إذ لم يعتدوا بالالف حاجزا، أو لانهم شبهوا (*)


إنما قلبت الهمزة إلى موضع الياء خوفا من اجتماع همزتين، فإذا لم تنقلب الاولى همزة بسبب زوال ألف الجمع لم تقلب الهمزة إلى موضع الياء، بل تبقى في موضعها وإن حذفت ياء خطايا على قول يونس رجعت الهمزة أيضا إلى أصلها، لعدم اجتماع همزتين، فتقول أيضا: خطئ، كحمير.
قوله " وذو الثلاث غيرها " أي: الثلاثي ذو الزوائد الثلاث غير المدة المذكورة تبقى الفضلى من زوائده الثلاث، على ما قلنا في ذى الزيادتين، وتحذف الثنتان في نحو مقعنسس، قال سيبويه: تحذف النون وإحدى السينين، لكون الميم أفضل منهما، وقال المبرد: بل تحذف الميم كما تحذف في نحو محرنجم، لان السين للالحاق بحرف أصلى، وقول سيبويه أولى، لان السين وإن كانت للالحاق بالحرف الاصلي
وتضعيف الحرف الاصلي، لكنها طرف إن كانت الزائدة هي الثانية، أو قريبة من الطرف إن كانت هي (1) الاولى، والميم لها قوة التصدر مع كونها مطردة في
__________
الالف بالفتحة، فلما كان سبب ذلك ضعيفا لم يبالوا بفقدانه، فان وجود الضعيف كلا وجود، ولذلك يقولون في تصغير قائم وبائع: قويئم وبويئع بالهمزة.
أما علة قلب الهمزة ياء في مطايا ونحوها فقوية: لانها إما أن تكون الهرب من اجتماع همزتين ومن اجتماع شبه ثلاث ألفات، فلما كان السبب قويا اعتبروا زوال سببه زوالا له (1) اعلم أنهم اختلفوا في الحرف المكرر لحرف أصلي سواء أكان الزائد للالحاق كما في جلبب ومهدد واقعنسس ومقعنسس، أم كان لغير الالحاق، نحو قطع واسبطر ومكفهر ومحمر، وما أشبه ذلك، هل الزائد أول الحرفين المتجانسين أو ثانيهما ؟ فقال الخليل: الزائد هو الاول، وقال غيره: الزائد هو الثاني واختاره ابن الحاجب، وقال سيبويه: إن شئت اعتبرت الاول هو الزائد، وإن شئت اعتبرت الثاني هو الزائد، وسيأتي مزيد بحث لهذه المسألة بذكر آراء العلماء ودليل كل واحد منهم في باب ذى الزيادة، وإنما قصدنا ههنا إلى أن نبين لك أن ترديد المؤلف إشارة إلى هذا الاختلاف (*)


معنى، كما ذكرنا قبل، وإن حذفت في مغدودن الدال الاولى فلابد من حذف الواو أيضا فيبقى مغيدن، وإن حذف الثانية وقعت الواو رابعة فلا يحتاج إلى حذفها لانها تصير مدة نحو مغيدين، وإن كانت إحدى الزوائد حرف اللين المذكورة - أعنى الرابعة - لم تحذفها قطعا، وتكون المعاملة مع الزائدتين الباقبيتين، وكأن ذلك اللين ليس فيه، تقول في تملاق (1) تميليق، بالمد، وإنما حذفت إحدى اللامين وإن كانت من تضعيف الاصلى لان التاء أفضل منهما بالتصدر، ومجيئها في مصادر كثيرة بلا تضعيف، كالتفعلل
والتفاعل والتعفيل والتفوعل، ويسقط جميع همزات الوصل، في الرباعي كانت أو في الثلاثي، تقول في افتقار وانطلاق: فتيقير ونطيليق، وفي احرنجام: حريجيم لانك تضم أول حروف الكلمة في التصغير، فلو لم تحذف الهمزة ضممتها، فكانت تسقط في الدرج فتنكسر بنية التصغير، وتقول في الثلاثي ذى أربعة الزوائد مع المد نحو استخراج: تخيريج، وإنما كان سقوط السين أولى من سقوط التاء إذ لا تزاد السين في أول الكلمة إلا مشفوعة بالتاء، فلو قلنا سخيريج لكان سفيعيلا وليس له نظير، وأما تفيعيل فهو كالتجيفيف (2) والتاء تزاد في الاول بلا سين، وتقول
__________
(1) التملاق - بكسر التاء والميم وتشديد اللام -: مصدر قولك تملقة وتملق له كالتملق، ومعناه تودد إليه وتلطف له، وقال الشاعر: ثلاثة أحباب فحب علاقة * وحب تملاق وحب هو القتل (2) التجيفيف: تصغير التجفاف - بكسر تائه أو فتحها - وهو آلة للحرب يلبسها الانسان والفرس ليتقي بها، والتاء مزيدة فيه للالحاق بقرطاس أو زلزال، والالف زائدة أيضا.
قال في اللسان: " ذهبوا فيه إلى معنى الصلابة والجفوف، قال ابن سيده: ولولا ذلك لوجب القضاء على تائها بأنها أصل، لانه بازاء قاف قرطاس، قال ابن جنى: سألت أبا على عن تجفاف: أتاؤه للالحاق بباب قرطاس ؟ فقال: نم، واحتج في ذلك مما انضاف إليها من زيادة الالف معها " اه، والتجفاف يفتح التاء - مصد جرفف الثوب ونحوه كالتجفيف والتاء زائدة للمصدر لا للالحاق (*)


في اشهيباب واغديدان واقعنساس: شهيبيب وغديدين وقعيسيس، وحذف الهمزة لابد منه لما ذكرنا، ثم حذف الياء والنون أولى من حذف مضعف الاصلي، وتقول في اعلواط علييط (1)، بحذف الهمزة وإحدى الواوين، وأصله عليويط، وتقول في اضطراب: ضتيريب، برد الطاء إلى أصلها من التاء، لان جعلها طاء إنما كان لسكون الضاد، فيكون التجاوز إذن بين المطبقين،
أما إذا تحركت الضاد والحركة بعد الحرف، كما ذكرنا، فهى فاصلة بينهما، ألا ترى أنك تقول حبطت بالتاء (2) بعد الطاء لا غير، فإذا أسكنت الطاء مع تاء المتكلم جاز عند بعض العرب أن تقلب التاء طاء فيقال: حبط كما يجئ في باب الادغام قوله " وتحذف زيادات الرباعي كلها مطلقا غير المدة " إنما وجب حذفها إلا المدة ليتم بنية التصغير، وإذا لم يكن من الحذف بد فالزائد (إن وجد) كان أولى بالحذف من الاصلى، تقول في مدحرج وفيه زائد واحد: دحيرج، وفي محرنجم وفيه اثنان: حريجم، وفي احرنجام وفيه ثلاثة: حريجيم، بحذف الجميع، إلا المدة، وتقول في قمحدوة وسلحفاة: قميحدة وسليحفة (3) وفي منجنيق: مجينيق،
__________
(1) اعلواط: مصدر اعلواط البعير إذا تعلق بعنقه وعلاه أو ركبه بلا خطام أو عريا، واعلوط فلانا: أخذه وحبسه ولزمه (2) حبط: جاء هذا الفعل من بابى سمع وضرب بمعنى بطل أو أعرض، تقول: حبط عمله يحبط حبطا وحبوطا، ومنه قوله تعالى " لئن أشركت ليحبطن عملك " وتقول: حبط فلان عن فلان: أي أعرض: وجاء من باب فرح ليس غير بمعنى انتفخ، تقول: حبط البعير، إذا أكل كلاء فأكثر منه فانتفخ بطنه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم " (3) القمحدوة - بفتحتين فسكون فضم - العظم الناتئ فوق القفا خلف الرأس والسلحفاة - بضم أو كسر ففتح فسكون - ويقال سلحفية وسلحفاء ويقصر (*)


بناء على زيادة النون الاولى بدليل (1) مجانيق، وفي عنتريس - وهو الشديد - عتيريس بحذف النون، لانه من (2) العترسة، وهى الاخذ بشدة، وفي خنشليل: (3) خنيشيل، لزيادة إحدى اللامين وعدم قيام دليل على زيادة النون، وفي منجنين: (4) منيجين، لان إحدى النونين الاخيرتين زائدة
__________
وتسكن لامه: دابة من دواب الماء وتعيش في البر يحيط بها من أعلى غطاء صدفى سميك لها أرجل قصار تسير بها على الارض زحفا (1) المنجنيق - بفتح الميم أو كسرها وسكون النون بعدها جيم مفتوحة ونون مكسورة -: أداة من أدوات الحرب ترمى بها الحجارة (2) العترسة الاخذ بالشدة وبالجفاء والعنف والغلظة، والعتريس (كقنديل) الجبار الغضبان والغول الذكر والدهاية، والعترس (كجعفر): العظيم الحسيم، والعنتريس: الداهية أيضا، والناقة الصلبة الوثيقة الشديدة الكثيرة اللحم، وقد يوصف به الفرس، قال في اللسان " قال سيبويه: هو من العترسة التي هي الشدة، لم يحك ذلك غيره " اه (3) الخنشليل - بفتحتين بينهما سكون ثم لام مكسورة -: السريع الماضي الجيد الضرب بالسيف، والمسن من الناس والابل، ويقال: ناقة خنشليل: أي طويلة، قال صاحب اللسان: " جعل سيبويه الخنشليل مرة ثلاثيا وأخرى رباعيا فان كان ثلاثيا فخنشل مثله، وإن كان رباعيا فهو كذلك " اه، يريد أنك إن جعلته ثلاثيا فأصوله الخاء والشين واللام وتكون النون والياء وإحدى اللامين زوائد ويكون الخنشل من الثلاثي زيدت فيه النون للالحاق بجعفر (كعنبس وعنسل)، وإن جعلته رباعيا فأصوله الخاء والنون والشين واللام، والياء وإحد اللامين زائدتان ويكون الخنشل كجعفر لا ملحقا به، ويؤيد هذا أن صاحب القاموس ذكر الخنشليل مرتين: الاولى في مادة خ ش ل على أنه من مزيد الثلاثي، والثانية عقد له ترجمة خاصة خ ن ش ل على أنه من مزيد الرباعي (4) المنجنين ومثله المنجنون - بفتح فسكون ففتح -: السانية أي الدولاب (*)


لتكررها، فحذفت الاولى دون الثانية، لانك لو حذفت الثانية أحوجت إلى
حذف الياء أيضا، وأيضا المسموع في جمعه مناجين، وكذلك تحذف الاولى ن طمأنينة وقشعريرة، فتقول: طميئينة وقشيعيرة، وتقول في عنكبوت: عنيكب، وسمع الاصمعي عنيكبيت، وهو شاذ، وفي عيضموز وجحنفل (1) وعجنس: عضيميز، وجحيفل، وعجينس قال سيبويه في تصغير إسماعيل وإبراهيم: سميعيل وبريهيم، بحذف الهمزة، ورد عليه المبرد بأن بعد الهمزة أربعة أصول، فلا تكون الهمزة زائدة كما في إصطبل على ما يجئ في باب ذى الزيادة، فاذن هما خماسيان، فتحذف الحرف الاخير، فتقول: أبيريه وأسيميع كشميريخ (2)، والقياس يقتضى ما قاله المبرد، إلا أن المسموع من العرب ما قاله سيبويه، كما روى أبو زيد وغيره عن العرب، وحكى سيبويه عن العرب في تصغيرهما تصغير الترخيم بريه وسميع،
__________
التى يستقى بها، قال ابن برى: " هو رباعى الاصول، ميمه أصلية وكذا النون التي تليها، وهى مؤنثة وجمعها مناجين " اه، وعلى هذا فوزن منجنون فعللول (كعضر فوط) والنون الاخيرة للتكرير، ووزن منجنين فعلليل (كجعفليق) والنون الاخيرة للتكرير أيضا (1) العيضموز - بفتح فسكون ففتح -: العجوز والناقة الضخمة والصخرة الطويلة العظيمة، وقد وقع في بعض النسخ " عضموز " بزنة عصفور وهو بضاد معجمة أو صاد مهملة، وهو الدولاب أو دلوه، ولكن لا محل لذكره في هذا الموضع لان ليس مما اجتمع فيه زيادتان، بل ولا هو مما فيه زيادة واحدة تحذف.
وإنما زيادته تقلب ياء لكونها مدة قبل الاخر.
والجحفل - كسفرجل - الغليظ الشفة.
والعجنس كسفرجل أيضا -: الجمل الضخم الصلب الشديد مع ثقل وبطء (2) شميريخ: تصغير شمراخ كقرطاس أو شمروخ كعصفور، وهو الغصن الذي عليه البسر.
وهو في النخل بمنزلة العنقود من الكرم (*)


وهو دليل على زيادة الميم في إبراهيم واللام في إسماعيل، فتكون الهمزة في الاول وبعدها ثلاثة أصلال كما مر، ولولا السماع في تصغير الترخيم لم نحكم بزيادة الميم واللام، لانهما ليستا مما يغلب زيادته في الاخر وأما إستبرق (1) فأصله أيضا أعجمى فعرب، وهو بالفارسية إستبر (ه)، فلما عرب حمل على ما يناسبه في الابنية العربية، ولا يناسب من أبنية الاسم شيئا، بل يناسب نحو استخرج، أو تقول: يناسب نحو استخراج من أبنية الاسماء باجتماع الالف والسين والناء في الاول، فحكمنا بزيادة الاحرف الثلاثة حملا له على نظيره، ولا بد من حذف اثنتين من الحروف الزائدة، فبقينا الهمزة لفضلها بالتصدر، وليس بهمزة وصل كما كانت في استخراج حى تحذف، فحذفنا السين والتاء، وكذا تحذف الزيادة في الخماسي مع الخامس الاصلى، تقول في قرعبلانة وقرطبوس (2): قريعبة وقريطب قوله " ويجوز التعويض عن حذف الزائد " قال سيبويه: التعويض قول يونس، فكل ما حذفت في التصغير، سواء كان أصليا كما في سفرجل أو زائدا كما في مقدم، يجوز لك التعويض منه بياء ساكنة قبل الا خبر، إن لم يكن في المكبر حرف علة في ذلك الموضع، وإن كان كما في احرنجام فلا تقدر على التعويض، لاشتغال المحل بمثله
__________
(1) الاستبرق: ما غلظ من الحرير.
قال ابن الاثير: " وقد ذكرها الجوهرى في برق على أن الهمزة والسين والتاء زوائد.
وذكرها الازهرى في خماسى القاف على أن همزتها وحدها زائدة.
وقال أصلها بالفارسية استفره، وقال أيضا إنها وأمثالها من الالفاظ حروف عربية وقع فيها وفاق بين العجمية والعربية، وقال: هذا عندي هو الصواب " اه قال الزجاج: هو اسم أعجمى أصله بالفارسية استفره ونقل من العجمية
إلى العربية، وفي القاموس أنه معرب استروه (2) القرطبوس - بفتح القاف أو كسرها ثم راء ساكنة فطاء مهملة مفتوحة -: الداهية والناقة العظيمة الشديدة.
والقر عبلانة: دويبة (انظر ص 10 ه 1) (*)


قال " ويرد جمع الكثرة لا اسم الجمع إلى جمع قلته، فيصغر نحو غليمة في غلمان، أو إلى واحدة، فيصغر ثم يجمع جمع السلامة، نحو غليمون ودويرات " أقول: قوله " لا اسم الجمع " قد عرفت في شرح الكافية معنى اسم الجمع (1) فإذا كان لفظ يفيد الجمعية: فان كان لفظه مفردا، كاسم الجمع واسم الجنس، فانه يصغر على لفظه، سواء جاء من تركيبه واحد كراكب وركب ومسافر وسفر وراجل (2) ورجل، يقول: ركيب، ورجيل، وسفير، أو لم يجئ، نحو قويم ونفير، في تصغير قوم ونفر.
وكذا في الجنس تقول: تمير وتفيفيح.
__________
1 0) سيأتي ذكر الفروق بين الجمع واسم الجمع واسم الجنس في آخر باب جمع التكسير فلا محل لذكرها هنا (2) يقال: رجل سفر وقوم سفر - بفتح السين وسكون الفاء - وسافرة وأسفار وسفار - بضم السين وتشديد الفاء - وسافرة وأسفار وسفار - بضم السين وتشديد الفاء -: ذوو سفر، والسافر والمسافر واحد سفر من قولهم قوم سفر.
ويقال: رجل الرجل رجلا (كفرح فرحا) فهو راجل ورجل (كعضد) ورجل (ككتف) ورجيل (كشيهد) ورجل (كضخم) ورجلان (كغضبان)، إذا لم يكن له ظهر يركبه في سفره، وكما جاء الرجل (بسكون الجيم) وصفا للواحد
جاء للكثير أيضا، واختلف العلماء فيه حينئذ: فذهب سيبويه الى أنه جمع راجل، ورجح الفارسي قول سيبويه، وقال: لو كان جمعا ثم صغر لرد إلى واحده ثم جمع، ونحن نجده مصغرا على لفظه، وأنشد: بنيته بعصبة من ماليا * أخشى ركيبا ورجيلا عاديا (*)


ومذهب الاخفش - وهو أن ركبا جمع راكب، وسفرا جمع مسافر - يقتضي رد مثلهما إلى الواحد، نحو رويكبون ومسيفرون، وكذا يفعل.
وإن كان لفظه جمعا: فإما أن يكون جمع سلامة، فهو يصغر على لفظه، سواء كان للمذكر، نحو ضويربون، أو للمؤنث، نحو ضويربات، إما أن يكون جمع تكسير، وهو إما للقلة، وهو أربعة: أفعل، وأفعال، وأفعلة، وفعلة، فتصغر على لفظها، نحو أكيلب وأجيمال وأقيفزة وغليمة، وإما للكثرة، وهو ما عدا الاربعة، ولا يخلو إما أن يكون له من لفظه جمع قلة ككلاب وأكلب وفلوس وأفلس، أولا كدارهم ودنانير ورجال، فالثاني يرد إلى واحده ويصغر ذلك الواحد، ثم ينظر، فإن كان ذلك الواحد عاقلا مذكر اللفظ والمعنى جمعته بالواو والنون لحصول العقل فيه أولا وعروض الوصف بالتصغير، كرجيلون في تصغير رجال، وإن لم يكن عاقلا جمعته بالالف والتاء مذكرا كان ككتيبات في كتب، أو مؤنثا كقديرات في قدور، وكذا إن اتفق أن يكون عاقلا مؤنث اللفظ مذكر المعنى، أو عاقلا مذكر اللفظ مؤنث المعنى، فتقل في جرحى وحمقى وحمر وعطاش في المذكر: جريحون وأحيمقون وأحيمرون وعطيشانون، وفي المؤنث: جريحات وحميقاوات وحميراوات وعطيشيات، بجمع المصغرات جمع السلامة، وإن لم يجز ذلك في المكبرات، وكذا تقول في حوائض جمع حائض: حويضات، وإن لم تجمع حائضا جمع السلامة.
وأما في القسم الاول - أي الذي له جمع قلة مع جمع الكثرة - فلك
التخيير بين رد جمع كثرته إلى جميع قلته وتصغيره، كتصغيرك كلابا وفلوسا على أكيلب وأفيلس، وبين رد جمع كثرته إلى الواحد وتصغير ذلك الواحد ثم جمعه إما بالواو والنون أو بالالف والتاء، كما في ذلك القسم سواء.


وإنما لم يصغر جمع الكثر على لفظه لان المقصود من تصغير الجمع تقليل العدد، فمعنى عندي غليمة أي عدد منهم قليل، وليس المقصود تقليل ذواتهم، فلم يجمعوا بين تقليل العدد بالتصغير وتكثيره بابقاء لفظ جمع الكثرة، لكونه تناقضا، وأما أسماء الجموع فمشتركة بين القلة والكثرة، وكذا جمع السلامة على الصحيح كما مضى (1) في شرح الكافية، فيصغر جميعها نظرا إلى القلة، فلا يلزم التناقض، ولم يصغر شئ من جموه الكثرة على لفظه إلا أصلان جمع أصيل (2)
__________
(1) الذي قاله في شرح الكافية (ج 2 ص 177) هو " قالوا: مطلق الجمع على ضربين قلة وكثرة والمراد بالقليل من الثلاثة إلى العشرة، والحدان داخلان، وبالكثير ما فوق العشرة، قالوا: وجمع القلة من المكسر أربعة: أفعل، وأفعال، وأفعلة، وفعلة، وزاد الفراء فعلة (بفتح الفاء والعين) كقولهم: هم أكلة رأس: أي قليلون يكفيهم ويشبعهم رأى واحد، وليس بشئ، إذ القلة مفهومة من قرينة شبعهم بأكل رأس واحد لا من إطلاق فعلة، ونقل التبريزي أن منها أفعلاء كأصدقاء، وجمعا السلامة عندهم منها أيضا، استدلالا بمشابهتهما للتثنية في سلامة الواحد، وليس بشئ، إذ مشابهة شئ لشئ لفظا لا تقتضي مشابهته له معنى أيضا، ولو ثبت ما نقل أن النابغة قال لحسان لما أنشده قوله: لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى * وأسيافنا يقطن من نجدة دما قللت جفانك وسيوفك لكان فيه دليل على أن المجموع بالالف والتاء جمع قلة، وقال ابن خروف: جمعا السلامة مشتركان بين القلة والكثرة فيلحان لهما " اه كلامه.
وقد ذهب
بعضهم إلى أن الاسم إن كان له جمع تكسير وجمع سلامة كالجفان والجفنات فجمع السلامة للقلة وجمع التكسير للكثرة، وإن لم يكن له إلا جمع سلامة فجمع السلامة مشترك بين القلة والكثرة (2) الاصيل: العشى، وهو ما بعد الزوال إلى الغروب، وقيل: من زوال الشمس إلى الصباح.
يجمع على أصل كرسل، وأصلان كبعير وبعران، وآصال وأصائل.
(*)


تشبيها بعثمان، فيقال: أصيلان، وقد يعوض من نونه اللام فيقال أصيلال، وهو شاذ على شاذ.
واجاز الكسائي والفراء تصغير نحو شقران وسودان جمع اشقر وأسود على لفظه، نحو شقيران وسويدان.
وإن اتفق جمع كثرة ولم يستعمل واحده كعباديد وعباييد، بمعنى متفرقات، حقرته على واحده القياسي المقدر ثم جمعته جمع السلامة، نحو عبيديدون، وعبيبيدون، لان فعاليل جمع فعلول أو فعليل أو فعلال (1)
__________
قال السيرافي: إن كان أصيلان تصغير أصلان جمع أصيل فتصغيره نادر، لانه إنما يصغر من الجمع ما كان على بناء أدنى العدد، وأبنية أدنى العدد أربعة أفعال وأفعل وأفعله وفعلة وليست أصلان واحدة منها، فوجب أن يحكم عليه بالشذوذ، وإن كان أصلان واحدا كرمان وقربان فتصغيره على بابه (1) اختلفت كلمة سيبويه في تصغيرها هذا الجمع (وهو جمع الكثرة الى لم يستعمل واحده)، والنسب إليه، فذهب في النسب إلى أنه ينسب إليه على لفظه مخافة أن يحدث في لغة العرب شيئا لم يقولوه وذلك بأن يجئ بالواحد المقدر، وذهب في التصغير إلى أنه يجاء بالواحد المقدر ثم يصغر ويجمع جمع السلامة، والفرق بين البابين مشكل مادام الذى منعه من الرد إلى الواحد هو أن لا يقول على العرب ما لم يقولوه قال في باب النسب (ح 2 ص 89): " وإن أضفت إلى عباديد قلت عباديدى، لانه
ليس له واحد، وواحده يكون على فعلول أو فعليل أو فعلال، فإذا لم يكن له واحد لم تجاوزه حتى تعلم، فهذا أقوى من أن أحدث شيئا لم تكلم به العرب " اه.
وقال في باب التصغير (ج 2 ص 142): " وإذا جاء الجمع ليس له واحد مستعمل في الكلام من لفظه يكون تكسيره عليه قياسا ولا غير ذلك فتحقيره على واحد هو بناؤ ه إذا جمع في القياس، وذلك نحو عباديد، فإذا حقرتها قلت: عبيديدون، لان عباديد إنما هو جمع فعلول أو فعليل أو فعلال، فإذا قلت: عبيديدات فأياما كان واحدها فهذا (*)


وإن جاء بعض الجموع على واحد مهمل وله واحد مستعمل غير قياسي رد في التصغير إلى المستعمل، لا إلى المهمل القياسي، يقال في محاسن ومشابه: حسينات وشبيهات، وفي العاقل المذكر: حسينون وشبيهون، وكان أبو زيد يرده إلى المهمل (1) القياسي، نحو محيسنون ومشيبهون ومحيسنات ومشيبهات، قال يونس: إن من العرب من يقول في تصغير سراويل: سرييلات (2) اعتقادا منه أنها
__________
تحقيره " اه.
ولعل الفرق بين البابين أنك في باب النسب تحافظ على لفظ الواحد الذى قدرته مفردا لهذا الجمع فكنت تقول عبدادى أو عبديدى أو عبدودى، فأما في التصغير فانك لا تحافظ على هذا المفرد.
بل تنطق بجمع التصحيح مصغرا بصورة واحدة فتقول عبيديدون وعبيديدات مهما فرضت المفرد، ألا ترى أن تصغير عبداد أو عبدود أو عبديد هو عبيديد على كل حال، هذا، والعباديد والعباييد كما في القاموس الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه، والاكام، والطرق البعيدة.
وفي اللسان " قال الاصمعي: يقال: صاروا عباديد وعباييد: أي متفرقين، وذهبوا عباديد كذلك إذا ذهبوا متفرقين، ولا يقال: أقبلوا عباديد " اه، وعلى هذا يكون عبيديدون للفرق من الناس وعبيديدات للفرق من الخيل أو للطرق أو الاكام.
(1) أبو زيد ينسب إلى الجمع الذى له واحد من لفظه غير قياسي على لفظه فيقول
في محاسن محاسني، وفي ملامح ومشابه ومذاكير وأباطيل وأحاديث: ملامحي ومشابهي ومذاكيري وأباطيلي وأحاديثي، فأى فرق بين التصغير والنسب، وهلا صغر على لفظه ههنا كما نسب إلى لفظه إذا كان يريد ألا يحدث في كلام العرب ما لم يقولوه (2) لا خلاف بين العلماء في أن ساويل كلمة أعجمية عربت، وإنما الخلاف بينهم في أنها مفرد أو جمع، فذهب سيبويه إلى أنها مفرد، وذهب قوم إلى أنها جمع من قبل أن هذه الصيغة خاصة بالجمع في العربية فمثلها مثل سرابيل فالواحد سروال أو سروالة كما كان واحد السرابيل سربالا، والذي يظهر من كلام المؤلف أنه فهم من كلام يونس أنه يذهب إلى أن سراويل جمع في اللفظ وإن كان مسماه واحدا (*)


جمع سروالة، لان هذه الصيغة مختصة بالجمع، فجعل كل قطعة منها سروالة، قال: 39 - عليه من اللؤم سروالة (1) ومن جعلها مفردا - وهو الاولى - قال: سرييل أو سريويل، وقد شذ عن القياس بعض الجموع، وذلك كما في قوله: - 40 - قد رويت إلا الدهيدهينا * قليصات وأبيكرينا (2) والدهداه صغار الابل، وجمعه دهاديه، والابيكر مصغر الا بكر جمع البكر فكان القياس دهيدهات وأبيكرات
__________
(1) هذا صدر بيت من المتقارب لا يعلم قائله حتى ذهب جماعة من العلماء إلى أنه مصنوع، وعجزه: - * فليس يرق لمستعطف * واللؤم: الشح ودناءة الاباء، ويرق: مضارع من الرقة، وهى انعطاف القلب.
وقد أنشد المؤلف هذا الشاهد دليلا على أن السراويل جمع واحدة مستعمل وهو سروالة (2) هذا بيت من الرجز لم يعرف قائله، وقد أنشده أبو عبيد في الغريب المصنف وقبله.
يا وهب فابدأ ببنى أبينا * ثمت ثن ببنى أخينا
وجيرة البيت المجاورينا * قد رويت...الخ إلا ثلاثين وأربعينا * قليصات...الخ ومنه تعلم أن الشاهد الذي ذكره المؤلف ليس مرتبا على ما ذكر.
وقد أنشد البيت شاهدا على أن قوله الدهيدهين وقوله أبيكرين شاذان من قبل أن الاول تصغير دهادية، وهو جمع ما لا يعقل، فكان قياسه دهيدهات على ما قال، وأن الثاني تصغير أبكر وهو جمع بكر فكان حقه أبيكرات على ما قال، وقوله " فكان القياس دهيدهات " ليس بصواب، والقياس دهيديهات لان الدهادية جمع دهداه، وهو على خمسة أحرف (*)


وإذا حقرت السنين والارضين قلت: سنيات وأريضات، لان الواو والنون فيهما عوض من اللام الذاهبة في السنة والتاء المقدرة في أرض، فترجعنا في التصغير فلا يبدل منهما، بل يرجع جمعهما إلى القياس، وهو الجمع بالالف والتاء، وإذا جعلت نون سنين معتقب الاعراب من غير علمية صغرته على سنين، إذ هو كالواحد في اللفظ، وكان الزجاج يرده إلى الاصل فيقول سنيات أيضا، نظرا إلى المعنى، إذ هو مع كون النون معتقب الاعراب جمع من حيث المعنى، ولا يجوز جعل نون أرضين من دون العلمية معتقب الاعراب، لانهما إنما تجعل كذلك في الشائع، إما في الذهاب اللام، أو في العلم، كما تبين في شرح الكافية في باب الجمع (1) وإذا سميت رجلا أو امرأة بأرضين فان جعلت النون معتقب الاعراب فتصغيره
__________
رابعها مد، فالقياس في مثله أن تقلب المدة ياء ولا تحذف، وقوله " وأبيكرات " ليس بصواب أيضا، لان الاكبر جمع القلة لبكر كنهر وأنهر، والقياس في مثله أن يصغر على لفظه ولا تلحق به علامة جمع التصحيح، فيقال: أبيكر، كما يقال أنيهر وأفيلس، ولهذا الذى لاحظناه على عبارته تجده قد ذكر في شرح الكافية عن البصريين غير ما ذكره ههنا، قال (ج 2 ص 1 17): " وأبيكرون جمع أبيكر تصغير أبكر
مقدا كأضحى عند البصريين، فهو شاذ من وجهين: أحدهما: كونه بالواو والنون من غير العقلاء، والثاني: كونه جمع مصغر لمكبر مقدر، وهو عند الكوفيين جمع تصغير أبكر جمع بكر، فضذوذه من جهة جمعه بالواو والنون فقط كالدهيدهين " اه فالذي ذكره هنا هو مذهب الكوفيين وقد عرفت ملاحظتنا عليه (1) هذا الذي ذكره المؤلف من الاقتصار في لزوم الياء وجعل الاعراب بحركات على النون على جمع محذوف اللام كسنين وبنين وثبين وعلى ما صار علما من الجموع كفلسطين وما ألحق بها كأربعين هو مذهب جمهور النحاة وهو الذي قرره المؤلف في شرح الكافية (ج 2 ص 172) وقد ذهب الفراء إلى أن جعل الاعراب بحركات على (*)


كتصغير حمصيصة (1).
تقول: أريضين، منصرفا في المذكر غير منصرف في المؤنث، وإن لم تجعله معتقب الاعراب لم ترده أيضا في التحقير إلى الواحد، إذ ليس جمعا وإن أعراب باعرابه، كما أنك إذا صغرت مساجد علما قلت: مسيجد، ولا ترده إلى الواحد ثم تجمعه، فلا تقول: مسيجدات، فتقول: أريضون رفعا، وأريضين نصبا وجرا.
وأما إن سميت بسنين رجلا أو أمرأة ولم تجعل النون معتقب الاعراب رددته إلى واحده، لان علامة الجمع إذن باقية متصلة باسم ثنائي، ولا يتم بها بنية التصغير كما تمت في أريضون، فترد اللام المحذوفة، ولا تحذف الواو والنون لانهما وإن كانتا عوضا من اللام المحذوفة في الاصل إلا أنهما صارتا بالوضع العلمي جزأ من العلم، فتقول: سنيون رفعا، وسنيين نصبا وجرا وإن جعلتا مع العلمية معتقب الاعراب قلت سنيين منصرفا في المذكر غير منصرف في المؤنث، ولا يخالف الزجاج ههنا كما خالف حين جعلت النون متعقب الاعراب بلا علمية، لان اللفظ والمعنى في حال العلمية كالمفرد مع جعل النون معتقب
الاعراب فكيف يرد إلى الواحد ! ؟
__________
النون مع لزوم الياء مطرد في جمع المذكر السالم وما حمل عليه وعلى هذا جاء قول الشاعر: رب حى عرندس ذى طلال * لا يزالون ضاربين القباب وعلى هذا يص أن تجعل النون معتقب الاعراب في أرضين كما كان ذلك جائزا في سنين.
(1) الحمصيصة (بفتح أوله وثانيه وكسر ثالثه): بقلة رميلة حامضة وقد تشدد ميمها وهى واحدة الحمصيص (*)


قوله " إلى جمع قلته "، يعنى إن كان له جمع قلة فأنت مخير بين الرد إليه والرد إلى واحده، وإن لم يكن له ذلك تعين الرد إلى واحده قوله " غليمون " أي في العاقل، " ودويرات " أي في غيره، وغليمون تصغير غلمان، ودويرات تصغير دور، وكلاهما مما جاء له جمع قلة وهو غلمة وأدؤر.
والمركب يصغر صدره، مضافا كان أولا، نحو أبى بكر، وأميمة عمرو، ومعيديكرب، وخميسة عشر، وذهب الفراء في المضاف إذا كان كنية إلى تصغير المضاف إليه، احتاجا بنحو أم حبين وأبى الحصين (1)، وقوله: - 41 - أعلاقة أم الوليد بعدما * أفنان رأسك كالثغام المخلس (2) قال: " وما جاء على غير ذلك كأنيسيان وعشيشية وأغيلمة وأصيبية شاذ "
__________
(1) أم حبين: دويبة على خلقة الحرباء عريضة الصدر عظيمة البطن، وقيل: هي أنثى الحرباء، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى بلالا وقد عظم بطنه فقال له مازجا: " أم حبين " يريد تشبيهه بها في عظم بطنه.
وأبو الحصين:
كنية الثعلب، ويقال له أيضا: أبو الحصن، كما قالوا: أم عوف وأم عويف لدويبة (2) هذا البيت نسبه في اللسان للمرار الاسدي، ويقال هو للمرار الفقعسى.
والعلاقة: الحب.
وأم الوليد (بضم الواو وفتح اللام وتشديد الياء) تصغير أم الوليد وهو محل الشاهد حيث صغر العجز، ولو صغر الصدر لقال: أميمد الوليد.
والافنان: جمع فنن وأصله الغصن من الشجرة، وأراد به ههنا خصل شعر الرأس.
والثغام (بزنة سحاب) قال أبو عبيد: هو بنت أبيض الثمر والزهر يشبه بياض الشيب به، قال حسان بن ثابت: إما ترى رأسي تغير لونه * شمطا فصبح كالثغام الممحل والمخلس: اسم فاعل من أخلس النبات، إذا كان بعضه أخضر وبعضه أبيض وكذلك يقال: أخلس رأسه، إذا خالط سواده بياضه (*)


قياس إنسان أنيسين كسريحين في سرحان، فزادوا الياء في التصغير شاذا فصار كعقيربان كما ذكرنا في أول الباب، ومن قال إن إنسانا إفعان من نسى - كما يجئ في باب ذي الزيادة - فأنيسيان قياس عنده (1)
__________
(1) قال في اللسان: " الانسان أصله إنسيان (بكسر الهمزة)، لان العرب قاطبة قالوا في تصغيره: أنيسيان، فدلت الياء الاخيرة على الياء في تكبيره، إلا أنهم حذفوها لما كثر الناس في كلامهم، وفي حديث ابن صياد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: انطلقوا بنا إلى أنيسيان قد رابنا شأنه، وهو تصغير إنسان جاء شاذا على غيرقياس، وقياسه أنيسان.
قال: وإذا قالوا: أناسين فهو جمع بين مثل بستان وبساتين، وإذا قالوا أناسى كثيرا فخففوا الياء أسقطو الياء التي تكون فيما بين عين الفعل ولامه، مثل قراقير، وقراقر، ويبين جواز أناسى بالتخفيف قول العرب أناسية كثيرة، والواحد إنسى، وأناسى إن شئت، وروى عن ابن عباس
رضى الله عنهما أنه قال: إنما سمى الانسان إنسانا لانه عهد إليه فنسى، قال أبو منصور: إذا كان الانسان في الاصل إنسيانا فهو إفعلان من النسيان، وقول ابن عباس حجة قوية له، وهو مثل ليل إضحيان من ضحى يضحى (كرضى يرضى) وقد حذفت الياء فقيل إنسان...قال الازهري: وإنسان في الاصل إنسيان وهو فعليان من الانس والالف فيه فاء الفعل وعلى مثاله حرصيان: وهو الجلد الذي يلى الجلد الاعلى من الحيوان، سمى حرصيانا لانه يحرص: أي يقشر، ومنه أخذت الحارصة من الشجاج، يقال: رجل حذريان إذا كان حذرا.
قال الجوهري: وتقدير إنسان فعلان، وإنما زيد في تصغيره ياء كما زيد في تصغير رجل فقيل رويجل.
وقال قوم.
أصله إنسيان على إفعلان فحذفت الياء استخفافا لكثرة ما يجرى على ألسنتهم، فإذا صغروه ردوها لان التصغير لا يكثر " اه.
قال ابن سيده في المخصص (ج 1 ص 16): " إنسان عندي مشتق من أنس، وذلك أن أنس الارض وتجملها وبهاءها إنما هو بهذا النوع الشريف اللطيف المعتمر لها والمعنى بها، فوزنه على هذا فعلان (بكسر فسكون).
وقد ذهب بعضهم إلى أنه إفعلان من نسى، لقوله تعالى (*)


وعشيشيه تصغير عشية، والقياس عشية، بحذف ثالثة الياآت كما في معية، وكأن مكبر عشيشية عشاة، تجعل أولى ياءي عشية ؟ ؟ ؟ فتدغم الشين في الشين وتنقلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكذا قالوا في تصغير عشى: عشيشيان، وكأنه تصغير عشيان، وقد صغروا عشيا أيضا على عشيانات، كأن كل جزء منها عشى، فعشيانات جمع عشيشيان على غير القياس، كما أن عشيشيانا تصغير عشى على غير القياس (1)
__________
(ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى) ولو كان كذلك لكان إنسيانا ولم تحذف الياء منه لانه ليس هناك ما يسقطها، فأما قولهم: أناسى فجمع إنسان، شابهت النون
الالف لما فيها من الخفاء، فخرج جمع إنسان على شكل جمع حرباء، وأصلها أناسين وليس أناسى جمع إنسى كما ذهب إليه بعضهم لدلالة ما ورد عنهم من قول رويشد.
أنشده أبو الفتح عثمان بن جنى: - أهلا بأهل وبيتا مثل بيتكم * بالاناسين أبدال الاناسين قال: ياء أناسى الثانية بدل من هذه النون، ولا تكون نون أناسين هذه بدلا من ياء أناسي كما كانت نون أثانين بدلا من ياء أثاني جمع أثناء التى هي جمع الاثن بمعنى الاثنين لان معنى الاثانين ولفظها من باب ثنيت والياء هنا لام البتة فهى ثم ثابتة وليس أناسين مما لامه حرف علة، وإنما الواحد إنسان فهو إذن كضبعان وضباعين وسرحان وسراحين " اه (1) العشى والعشية: ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، وقيل من زوال الشمس إلى الصباح، وقيل آخر النهار، وقال الليث: العشى بغير هاء، آخر النهار، فإذا قلت عشية فهو ليوم واحد، يقال: لقيته عشيد يوم كذا وكذا، ولقيته عشية من العشيات وقيل العشى والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة.
قال في اللسان: " وتصغير العشى عشيشيان على غير القياس، وذلك عند شفى وهو آخر ساعة من النهار، وقيل تصغير العشى عشيان على غير قياس مكبره كأنهم صغروا عشيانا (بفتح فسكون) والجمع عشيانات، ولقيته عشيشية، وعشيشيات، وعشيشيانات، وعشيانات، كل ذلك (*)


وكذا قالوا في تصغير مغرب: مغيربان، ثم جمعوا فقالوا: مغيربانات، وهذا جمع قياسي لتصغير غير قياسي، وكأنهم جعلوا كل جزء منه مغربا، كقولهم: بغير أصهب العثانين (1)
__________
نادر، ولقيته مغيربان الشمس ومغيربانات الشمس، وفي حديث جندب الجهنى فأتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية.
قال: هي تصغير عشيد على غير قياس أبدل من الياء الوسطى شين كأن أصله عشيية (بثلاث ياءات) وحكى عن ثعلب أتيته عشيشة
وعشيشيانا وعشيانا قال: ويجوز في تصغير عشية عشية وعشيشية، قال الازهري: كلام العرب في تصغير عشية عشيشية جاء نادرا على غير قياس، ولم أسمع عشية في تصغير عشية، وذلك أن عشية تصغير العشوة وهو أول ظلمة الليل فأرادوا أن يفرقوا بين تصغير العشية وبين تصغير العشوة " اه، وقول المؤلف: " وكأن مكبر عشيشية عشاة " بفتح العين وتشديد الشين - وهذا الذي ذكره هو قول النحاة، قال ابن يعيش: " وأما عشيشية فكأنه تصغير عشاة، فلما صغر وقعت ياء التصغير بين الشينين ثم قلبت الالف ياء لانكسار ما قبلها، فصار عشيشية " اه وقد سمعت في كلام صاحب اللسان ما يخالف هذا، وفي كل من الوجهين شذوذ، فما ذكره المؤلف فيه تقدير مكبر غير مسموع في اللغة، وما ذكره صاحب اللسان فيه إبدال الياء شينا وهو إبدال شاذ في اللغة.
ومثل هذا تماما ما ذكره المؤلف في تصغير عشى على عشيشيان.
وقول المؤلف " وقد صغروا عشيا أيضا على عشيانات " غير مستقيم وذلك لانه يفيد أن عشيانات تصغير العشى الواحد بتقدير أن أل جزء منه عشى، وقد سمعت عن اللسان أن عشيانات جمع عشيان الذى هو مصغر عشى، وهو كلام واضح، ومنه تعلم أيضا أن قول المؤلف " فعشيانات جمع عشيشيان على غير القياس " كلام غير مستقيم أيضا، بل العشيانات جمع العشيان الذى هو تصغير عشى، فالتصغير شاذ والجمع مطابق للقياس فافهم (1) العثانين جمع عثنون (كعصفور): وهو شعيرات طول تحت حنك البعير وجعلوا كل واحدة منها عثنونا فجمعوها على عثانين.
وصهبتها أن يحمر ظاهرها وباطنها أسود (*)


وأصيلان شاذ أيضا، لكونه تصغير جمع الكثرة على لفظه، كما ذكرنا، كأنهم جعلوا كل جزء منه أصيلا، وأصيلال شاذ على شاذ، والقياس أصيلات
وقالوا في بنون: أبينون، والقياس بنيون كم امر في شرح الكافية في باب الجمع (1) وقالوا في تصغير ليلة لييلية بزيادة الياء كما في أنسيان، وكأنه تصغير ليلاة، قال: 42 - * في كل يوم ما وكل ليلاه (2) * وعلية بنى الليالى
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 170): " الشاذ من جمع المذكر بالواو والنون كثير، منها أبينون، قال: زعمت تماضر أننى إما أمت * يسدد أبينوها الاصاغر خلتى وهو عند البصريين جمع أبين وهو تصغير أبنى مقدرا على وزن أفعل فأضحى فشذوذة عندهم لانه جمع لمصغر لم يثبت مكبره، وقال الكوفيون: هو جمع أبين، وهو تصغير أبن مقدرا، وهو جمع ابن، كأدل في جمع دلو، فهو عندهم شاذ من وجهين: كونه جمعا لمصغر لم يتبت مكبره، ومجئ أفعل في فعل، وهو شاذ كأجبل وأزمن.
وقال الجوهري: شذوذه لكونه جمع أبين تصغير ابن يجعل همزة الوصل قطعا.
وقال أبو عبيد: هو تصغير بنين على غير قياس " اه (2) هذا بيت من مشطور الرجز لم نعثر على قائله، وبعده: حتى يقول كل را إذ رآه * يا ويحه من جمل ما أشقاه والظاهر أن المعنى أنه يعمل جمله في جميع أوقات الليل والنهار من كل يوم وكل ليلة حتى يرثى له كل من رآه ويترحم عليه قائلا ويحه ما أشقاه، و " ما " في قوله " في كل يوم ما " زائدة، وقد أنشد المؤلف البيت شاهدا على وجود ليلاة التى بمعنى ليلة، وهى التى صغرت على لييلية بقلب ألفها ياء لوقوعها بعد الكسرة، فلما أرادوا تصغير ليلد استغنوا عنه بتصغير ليلاة لكونهما بمعنى واحد كما أنهم حينما أرادوا (*)


وقالوا في تصغير رجل: رويجل، قيل: إن رجلا جاء بمعنى راجل، قال: - 43 - أما أقائل عن ديني على فرسي * وهكذا رجلا إلا بأصحاب (1) أي: راجلا، فرويجل في الاصل تصغير راجل الذي جاء بمعناه رجل، فكأنه تصغير رجل بمعنى راجل، ثم استعمل في تصغير رجل مطلقا، راجلا كان أولا فان سميت بشئ من مكبرات هذه الشواذ ثم صغرته جرى على القياس المحض، فتقول في إنسان وليلة ورجل أعلاما: أنيسين ورجيل ولييلة، إذ العلم وضع ثان وأغيلمة وأصيبية في تصغير (2) غلمة وصبية شاذان أيضا، والقياس غليمة وصبية، ومن العرب من يجئ بهما على القياس
__________
تكسير ليلة استغنوا بتكسير ليلاة فقالوا: ليال، كما في قوله تعالى (والفجر وليال عشر) وهذا كقولهم أهال في تكسير أهل، وإنما هو تكسير أهلات (1) هذا بيت من البسيط قائله حيى بن وائل، وكان قد أدرة قطرى بن الفجاءة الخارجي أحد بنى مازن، وقد رواه أبو زيد في نوادره (ص 5) وذكر بعده بيتا آخر، وهو قوله: لقد لقيت إذا شر وأدركني * ما كنت أزعم في خصمى من العاب وقد وقع في النوادر رواية عجز بيت الشاهد * ولا كذا رجلا إلا بأصحابي * وروى عن أبى الحسن رواية صدر البيت: * أما أقاتلهم إلا على فرس * وأما بتخفيف الميم وفتح الالف.
ورجلا معناه راجلا، كما يقول العرب: جاءنا فلان حافيا رجلا: أي راجلا، كأنه قال: أما أقاتل فارسا ولا كما أنا راجلا إلا ومعى أصحابي، فلقد لقيت إذن شرا: أي إنى أقاتل وحدي، يريد أنه يقاتل عن دينه وعن حسبه وليس تحته فرس ولا معه أصحاب.
والعاب: العيب (2) في جميع النسخ التي رأيناها المخطوطة منها والمطبوعة قوله (في جمع غلمة
وصبية) وهو تحريف ظاهر، والصواب ما أثبتناه (*)


قال: " وقولهم أصيغر منك ودوين هذا وفويقه لتقليل ما بينهما " أقول: قوله " أصيغر منك " اعلم أن المقصود من تحقير النعوت ليس تحقير الذات المنعوت غالبا، بل تحقير ما قام بها من الوصف الذى يدل عليه لفظ النعت، فمعنى ضويرب ذو ضرب حقير، وقولهم أسيود وأحيمر وأصيفر أي ليست هذه الالوان فيه تامة، وكذا بزيزيز وعطيطير (1) أي الصنعتان فيهما ليستا كاملتين، وربما كانا كاملين في أشياء أخرى، وقولك " هو مثيل عمرو " أي المماثلة بينهما قليلة، فعلى هذا معنى " أصيغر منك " أي زيادته في الصغر عليك قليلة، وكذا " أعيلم منك " و " أفيضل منك " ونحوه، لان أفعل التفضيل ما وضع لموصوف بزيادة على غيره في المعنى المشتق هو منه، وقد تجئ لتحقير الذات كما في قول على " يا عدى نفسه " وأما تحقير العلم نحو زيد وعمرو فلمطلق التحقير، وكذا في الجنس الذي ليس بوصف كرجل وفرس، ولا دليل فيه على أن التحقير إلى أي شئ يرجع إلى الذات أو الصفة أو إليهما قوله " ودوين هذا، وفويقه "، قد ذكرنا حقيقة مثله في أول باب التحقير قال: " ونحو ما أحيسنه شاذ، والمراد المتعجب منه " أقول: عند الكوفيين أفعل التعجب اسم، فتصغيره قياس، وعند البصريين هو فعل كما تقدم في بابه في شرح للكافية، وإنما جرأهم عليه تجرده عن معنى الحدث والزمان اللذين هما من خواص الافعال، ومشابهته معنى لافعل التفضيل، ومن ثم يبنيان من أصل واحد، فصار أفعل التعجب كأنه اسم فيه معنى الصفة
__________
(1) بزيزيز: تصغير بزاز وهو صيغة نسب لمن يبيع البز وهى الثياب، وقيل
ضرب منها.
وعطيطير: تصغير عطار وهو صيغة نسب أيضا يبيع العطر (*)


كأسود وأحمر، والصفة - كما ذكرنا - إذا صغرت فلتصغير راجع إلى ذلك الوصف المضمون، لا إلى الموصوف، فالتصغير في " ما أحيسنه " راجع إلى الحسن، وهو تصغير التلطف كما ذكرنا في نحو بنى وأخي، كأنك قلت هو حسين، وقوله 30 - ياما أميلح غزلانا (1) أي: هن مليحات، ولما كان أفعل التعجب فعلا على الصحيح لم يمنعه تصغيره عن العمل، كما يمنع في نحو ضويرب على ما يجئ.
قوله " والمراد المتعجب منه " أي: مفعول أحيسن، فإذا قلت " ما أحيسن زيدا " فالمراد تصغير زيد، لكن لو صغرته لم يعلم أن تصغيره من أي وجه هو، أمن جهة الحسن، أم من جهة غيره ؟ فصغرت أحسن تصغير الشفقة والتلطف، لبيان أن تصغير زيد راجع إلى حسنه، لا إلى سائر صفاته.
قال: " ونحو جميل وكعيت لطائرين وكميت للفرس موضوع على التصغير ".
أقول: جميل طائر صغير شبيه بالعصفور (2)، وأما كعيت فقيل هو البلبل، وقال المبرد: هو شبيه بالبلبل وليس به.
وإنما نطقوا بهذه الاشياء مصغرة لانها مستصغرة عندهم، والصغر من لوازمها فوضعوا الالفاظ على التصغير، ولم تستعمل مكبراتها، وقولهم في جمع جميل
__________
(1) سبق في أول هذا الباب القول في شرح هذا البيت (أنظر ص 190 ه 1) (2) في اللسان: " قال سيبويه: الجميل البلبل، لا يتكلم به إلا مصغرا فإذا جمعوه قالوا: جملان " (*)


وكعيت جملان وكعتان كصردان (1) ونغران (2) تكسير لمكبريهما المقدرين وهما الجمل والكعت، وإنما قدرا على هذا الوزن لانه أقرب وزن مكبر من صيغة المصغر، فلما لم يسمع مكبراهما قدرا على أقرب الاوزان من وزن المصغر، وإنما قلنا إن جملانا وكعتانا جمعان للمكبر المقدر لا المصغر لانه جرت عادتهم أن لا يجمعوا المصغر إلا جمع السلامة إما بالواو والنون وبالالف والتاء، قيل: وذلك لمضارعة التصغير للجمع الاقصى بزيادة حرف لين ثالثة، ولا يجمع الجمع الاقصى إلا جمع السلامة كالصرادين والصواحبات، ولا منع أن نقول: إن كعيتا وجميلا لما وضعا على التصغير نظرا إلى استصغارهما في الاصل ثم استعملا بعد ذلك من غير نظر إلى معنى التصغير فيهما لان الكعيت كالبلبل معنى، ولا يقصد في البلبل معنى التصغير، وإن كان في نفسه صغيرا - انمحى عنهما معنى التصغير في الاستعمال، وإن كانا موضوعين عليه، وصارا كلفظين موضوعين على التكبير، فجمعا كما يجمع المكبر، وأقرب المكبرات إلى هذه الصيغة فعل كنغر وصرد فجمعا جمعهما، فعلى هذا كعتان وجملان جمعان للفظي كعيت وجميل، لا لمكبريهما المقدرين وأما كميت فهو تصغيرأ كمت وكمتاء تصغير الترخيم (3)، وقد ذكرنا
__________
(1) الصردان (بكسر فسكون) جمع صرد - بضم ففتح - وهو طائر فوق العصفور، وقيل هو طائر أبقع ضخم الرأس يكون في الشجر نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار.
قال الازهري: يصيد العصافير، وفي الحديث الشريف: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربعة: النملة، والنحلة، والصرد، والهدهد (2) النغران: جمع نغر - كصرد - وهو طير كالعصافير حمر المناقير، ومؤنثه نغرة (كهمزة)، وأهل المدينة يسمونه البلبل، وبتصغيره جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال لبن كان لابي طلحة الانصاري وكان له نغر يلعب به فمات
" فما فعل النغير يا أبا عمير " (3) قال في اللسان: " قال ابن سيده: الكمتة لون بين السواد والحمرة يكون (*)


أن المراد بتصغير الصفة تصغير المعنى المضمون، لا تصغير ما قام به ذلك المعنى، والكمتة، لون يلزمه الصغر، إذ هي لون ينقص عن سواد الادهم ويزيد على حمرة الاشقر، فهى بين الحمرة والسواد، فوضعوا كميتا على صيغة التصغير لصغر معناه المضمون، وهو يقع على المذكر والمؤنث، وجمعه كمت، وهو جمع مكبره المقدر، وهذا يقوى أن جملانا وكعتانا جمعان للمكبر أيضا وسكيت بالتخفيف مصغر سكيت - بالتشديد - تصغير الترخيم (1)
__________
في الخيل والابل وغيرهما، وقد كمت ككرم، كمتا وكمته وكماتة واكمات (كاحمار) والكميت من الخيل يستوى فيه المذكر والمؤنث.
قال سيبويه: سألت الخليل عن كميت فقال هو بمنزلة جميل يعنى الذي هو البلبل.
وقال: إنما هي حمرة يخالطها سواد ولم تخلص، وإنما حقروها لانها بين السواد والحمرة ولم تخلص لواحد منهما فيقال له أسود أو أحمد فأرادوا بالتصغير أنه منهما قريب، وإنما هذا كقولك هو دوين ذاك، والجمع كمت، كسروه على مكبره المتوهم، وإن لم يلفظ به، لان قياس الاوصاف من الالوان هو أفعل كأحمر وأشقر وأسود وقياس جمعها على فعل كحمر وخضر وسود.
وقد جاء جمع الكميت على كمت في قول طفيل: وكمتا مدماة كأن متونها * جرى فوقها واستشعرت لون مذهب والكميت أيضا: الخمر التي فيها سواد وحمرة " اه ملخصا من اللسان (1) قال في اللسان: " والسكيت والسكيت بالتشديد والتخفيف: الذي يجئ في آخر الحلبة آخر الخيل، قال الليث السكيت مثل الكميت خفيف: العاشر الذي يجئ في آخر الخيل إذا أجريت بقى مسكتا، وفي الصحاح آخر ما يجئ من الخيل في الحلبة من العشر المعدودات، وقد يشدد فيقال السكيت وهو القاسور والفسكل
أيضا، وما جاء بعده لا يعتد به.
قال سيبويه: سكيت بالتخفيف ترخيم سكيت (بالتشديد) يعنى أن تصغير سكيت إنما هو سكيكيت، فإذا رخم حذفت زائدتاه " اه (*)


وإذا صغرت مبيطرا وميسطرا كان التصغير بلفظ المكبر، لانك تحذف الياء كما تحذف النون في منطلق، وتجئ بياء التصغير في مكانه، ولو صغرتهما تصغير الترخيم لقلت: بطير، وسطير قال: " وتصغير الترخيم أن تحذف كل الزوائد ثم تصغر كحميد في أحمد " أقول: اعلم أن مذهب الفراء أنه لا يصغر تصغير الترخيم إلا العلم، لان ما أبقى منه دليل على ما ألقى لشهرته، وأجاز البصرية في غير العلم أيضا، وقد ورد في المثل " عرف حميق جمله " (1) تصغير أحمق وإذا صغرت مدحرجا تصغير الترخيم قلت: دحيرج، وما قال بعض العرب في تصغير إبراهيم وإسماعيل - أعنى بريه وسميع - فإما أن يكون جعل الميم واللام زائدتين، وإن لم يكونا من الغوالب في الزيادة في الكلم العربية في مثل مواضعهما، كما يجئ في باب ذي الزيادة، لكنهم جعلوا حكم العجمية غير حكم العربية، أو يكون حذف الحرف الاصلي شاذا، لان تصغير الترخيم شاذ، والاعجمي غريب شاذ في كلامهم، فشبهوا الميم واللام لااصليتين، لكونهما من حروف " اليوم تنساه " بحروف الزيادة، وحذفوهما حذفا شاذا، لاتباع الشذوذ للشذوذ، فعلى هذا يكون الهمزة أصلا كما في إصطبل، فيكون تصغيرهما على بريهيم وسميعيل، بحذف الهمزة وهما المشهوران، شاذا أيضا، والقياس
__________
(1) قال العلامة الميداني في مجمع الامثال (ج 1 ص 401 طبع بولاق) " عرف حميق جمله: أي عرف هذا القدر وإن كان أحمق، ويروى عرف حميقا جمله: أي
أن جمله عرفه فاجترأ عليه.
يضرب في الافراط في مؤانسة الناس.
ويقال: معناه عرف قدره.
ويقال: يضرب لمن يستضعف إنسانا ويولع به فلا يزال يؤذيه ويظلمه " (*)


ما قال المبرد: أي أبيريه وأسيميع، وقد مر، وتصغير الترخيم شاذ قليل قال: " وخولف باسم الاشارة والموصول فألحق قبل آخرهما ياء، وزيدت بعد آخرهما ألف، فقيل: ذيا وتيا وأوليا واللذيا واللتيا واللذيان واللتيان واللذيون واللتيات " أقول: كان حق اسم الاشارة أن لا يصغر، لغلبة شبه الحرف عليه، ولان أصله وهو " ذا " على حرفين، لكنه لما تصرف تصرف الاسماء المتمكنة فوصف (ووصف) به وثنى وجمع وأنث أجرى مجراها في التصغير، وكذا كان حق الموصولات أن لا تصغر، لغلبة شبه الحرف عليها، لكن لما جاء بعضها على ثلاثة أحرف كالذى والتي وتصرف فيه تصرف المتمكنة فوصف به وأنث وثنى وجمع جاز تصغيره وتصغير ما تصرف منه، دون غيرهما من الموصولات، كمن وما قيل: لما كان تصغيرهما على خلاف الاصل خولف بتصغيرهما تصغير الاسماء المتمكنة، فلم تضم أوائلهما، بل زيد في الاخر ألف بدل الضمة بعد أن كملوا لفظ " ذا " ثلاثة أحرف بزيادة الياء على آخره، كما تقدم أنه يقال في تصغير من: منى، فصار ذايا، فأدخلوا ياء التصغير ثالثة بعد الالف ما هو حقها، فوجب فتح ما قبلها كما في سائر الاسماء المتمكنة، فقلبت الالف ياء، لا واوا، ليخالف بها الالفات التي لا أصل لها في المتمكنة، فانها تقلب في مثل هذا الموضع واوا، لوقوعها بعد ضمة التصغير كما في ضويرب، فصار ذييا أو تقول: كان أصل " ذا " ذيى أو ذوى، قلبت اللام ألفا، وحذفت العين
شاذا كما في سه، وردت في التصغير كما هو الواجب، وزيد ياء التصغير بعد العين، فرجعت الالف إلى أصلها من الياء كما في الفتى إذا صغر، فصار ذييا، أو ذويا، وكون


عينه واوا في الاصل أولى (1)، لكون باب طوى أكثر من باب حيى، وأما
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ج 2 ص 28): " قال الاخفش: هو - يريد ذا اسم الاشارة - من مضاعف الياء لان سيبويه حكى فيه الامالة، وليس في كلامهم تركيب نحو حيوت فلامه أيضا ياء، وأصله ذيى بلا تنوين لبنائه، محرك العين، بدليل قلبها ألفا، وإنما حذفت اللام اعتباطأ أولا كما في يد ودم ثم قلبت العين ألفا، لان المحذوف اعتباطا كالعدم، ولو لم يكن كذا لم تقلب العين، ألا ترى إلى نحو مرتو.
فان قيل: فلعله ساكن العين وهى المحذوفة لسكونها والمقلوب هو اللام المتحركة، قلت: قيل ذلك، لكن الاولى حذف اللام لكونها في موضع التغيير، ومن ثم قل المحذوف العين اعتباطا كسه، وكثر المحذوف اللام كدم، ويد، وغد، ونحوها.
وقيل: أصله ذوى، لان باب طويت أكثر من باب حييت، ثم إما أن نقول: حذفت اللام فقلبت العين ألفا، والامالة تمنعه، وإما أن نقول: حذفت العين وحذفها قليل كما مر فلا جرم كان جعله من باب حييت أولى.
وقال الكوفيون.
الاسم الذال وحدها والالف زائدة، لان تثنيته ذان بحذفها، والذي حمل البصريين على جعله من الثلاثية لا من الثنائية غلبة أحكام الاسماء المتمكنة عليه كوصفه، والوصف به، وتثنيته، وجمعه، وتحقيره، ويضعف بذلك قول الكوفيين، والجواب عن حذ الالف في التثنية أنه لاجتماع الالفين، ولم يرد إلى أصله فرقا بين المتمكن وغيره، نحو فتيان وغيره، كما حذف الياء في اللذان.
قال ابن يعيش: لا بأن بأن نقول هو ثنائي كما، وذلك أنك إذا سميت به قلت: ذاء، فتزيد ألفا أخرى ثم تقلبها همزة، كما تقول: لاء، إذا سميت ب " لا " وهذا حكم الاسماء التي لا ثالث لها وضعا إذا كان ثانيها حرف لين وسمى بها، ولو كان أصله ثلاثة قلت:
ذاى، رداله إلى أصله " اه كلام المؤلف في شرح الكافية.
وأنت إذا تدبرته وجدته يرجح فيه غير ما رجحه هنا، فهو هنا يرجح أن أصل " ذا " ذوى ويدفع ما اعترض به على ذلك من حكاية سيبويه فيها الامالة الدالية على كون العين ياء بأن المحذوف هو العين وهذه الالف بدل من اللام التي هي ياء، مع أنه يرجح فيما نقلناه أن المحذوف هو اللام، لان حذف اللام اعتباطا أكثر من حذف العين كذلك، (*)


إمالة ذا فلكون الالف لا ما في ذوى والعين محذوفة، ثم حذفوا العين شاذا لكون تصغير المبهمات على خلاف الاصل كما مر، فجرأهم الشذوذ على الشذوذ، ألا ترى أنهم لم يحذفوا شيئا من الياآت في حيى وطوى تصغيري حى وطى، ولا يجوز أن يكون المحذوفة ياء التصغير لكونها علامة، ولا لام الكلمة للزوم تحرك ياء التصغير بحذفها، فصار ذيا.
ولم يصغر في المؤنث إلا تا وتى، دون ذى، لئلا يلتبس بالمذكر، وأما ذه، فأصله ذى كما يجئ في باب الوقف (1)
__________
وهذه الالف بدل من الياء التى هي عين (ثم انظر ج 3 ص 126 من شرح ابن يعيش للمفصل) (1) ذكر في باب الوقف أن بنى تميم يقلبون ياء هذى في الوقف هاء، فيقولون هذه بسكون الهاء، وإنما أبدلت هاء لخفاء الياء بعد الكسرة في الوقف، والهاء بعدها أظهرتها، وإنما أبدلت هاء لقرب الهاء من الالف التي هي أخت الياء في المد، فإذا وصل هؤلاء ردرها ياء، فقالوا: هذى هند، لان ما بعد الياء يبينها، وقيس وأهل الحجاز يجعلون الوقف والوصل سواء بالهاء الح، وقال ابن يعيش: (ج 3 ص 131): " وأماذه فهى ذى والهاء فيها بدل من الياء وليس للتأنيث أيضا، فان قيل: فلم قلتم إن الهاء بدل من الياء في ذى، وهلا كان الامر فيهما بالعكس ؟ قيل: إنما قلنا إن الياء هي الاصل لقولهم في تصغير ذا ذيا، وذى إنما هو تأنيث ذا فكمال أن الهاء ليس لها
أصل في المذكر فكذلك هي في المؤنث لانها من لفظه، فان قيل: فهلا كانت الهاء للتأنيث على حدها في قائمة وقاعدة ؟ فالجواب أنه لو كانت للتأنيث على حدها في قائمة وقاعدة لكانت زائدة وكان يؤدى إلى أن يكون الاسم على حرف واحد، وقد بينا ضعف مذهب الكوفيين في ذلك، وأمر آخر أنك لا تجد الهاء علامة للتأنيث في موضع من المواضع، والياء قد تكون علامة للتأنيث في قولك اضربي، فاما قائمة وقاعدة فانما التأنيث بالتاء، والهاء من تغيير الوقف، ألا تراك تجدها تاء في الوصل نحو طلحتان، وهذه طلحة يا فتى، وقائمة يا رجل، فإذا وقفت كانت هاء، والهاء (*)


وحذفوا في المثنى الالف المزيد عوضا من الضمة، اكتفاء بياء التصغير، وذلك لاجتماع ألفى المثنى والعوض، والقياس في اجتماع الساكنين حذف الاول، إذا كان مدا، كما يجئ في بابه وقالوا في " أولى " المقصور وهو مثل هدى: أوليا، والضمة في أوليا هي التي كانت في أولى وليست للتصغير، فلذا زيد الالف بدلا من الضمة، وأما " أولاء " بالمد فتصغيره أولياء، قال المبرد: زيد ألف العوض قبل الاخر، إذ لو زيدت في الاخر كما في أخواته لالتبس تصغير أولاء الممدود بتصغير أولى المقصور.
وذلك أن أولاء كقضاء لما صرفته وجعلته كالاسماء المتمكنة قدرت همزته التي بعد الالف منقلبة عن الواو أو الياء كما في رداء وكساء، فكما تقول في تصغير رداء: ردى، بحذف ثالثة الياآت، فكذا كنت تقول أولى ثم تزيد الالف على آخره فيصير أوليا فيلتبس بتصغير المقصور، فلذا زدت ألف العوض قبل الهمزة بعد الالف، فانقلبت ألف " أولاء " ياء كألف حمار إذا قلت حمير، لكنه لم يكسر الياء كما كسرت في نحو حمير لتسلم ألف العوض، فصار أولياء وأما الزجاج فانه يزيد ألف العوض في آخر أولاء كما في أخواته، لكنه
يقدر همزة " أولاء " في الاصل ألفا، ولا دليل عليه، قال: فإذا دخلت ياء التصغير اجتمع بعدها ثلاث ألفات: الاولى الذى كان بعد لام أولاء، والثاني أصل الهمزة على ما ادعى، والثالث ألف العوض، فينقلب الاول ياء كما في حمار
__________
في " ذه " ثابتة وصلا ووقفا، والكلام إنما هو في حقيقته وما يندرج عليه، ألا ترى أننا نبدل من التنوين ألفا في النصب وهو في الحقيقة تنوين على ما يندرج عليه الكلام.
ويؤيد ذلك أن قوما من العرب وهم طيئ يقفون على هذا بالتاء فيقولون شجرت، وجحفت، فثبت بما ذكرناه أن الهاء في " ذه " ليست كالهاء في قائمة فلا تفيد فائدتها من التأنيث " اه (*)


ويبقى الاخيران، فيجعل الاخير همزة كما في حمراء وصفراء، فتكسر كما كانت في المكبر وتقول في الذى والتي: اللذيا واللتيا بزيادة ياء التصغير ثالثة وفتح ما قبلها، وفتح الياء التي بعد ياء التصغير، لتسلم ألف العوض، وقد حكى اللذيا واللتيا بضم الاول جمعا بين العوض والمعوض منه وتقول في المثنى: اللذيان واللتيان، واللذيين واللتيين، بحذف ألف العوض قبل علامتى المثنى، لاجتماع الساكنين، فسيبويه يحذفها نسيا فيقول في المجموع: اللذيون واللذيين، بضم الياء وكسرها، يحذف ألف العوض في المثنى والمجموع نسيا، كما حذف ياء الذى في المثنى، والاخفش لا يحذفها نسيا، لا في المثنى ولا في المجموع، فيقول في الجمع: اللذيون واللذيين (بفتح الياء) كالمصطفون والمصطفين فيكون الفرق عنده بين المثنى والمجموع في النصب والجر بفتح النون وكسرها، والمسموع في الجمع ضم الياء وكسرها كما هو مذهب سيبويه ونما أطرد في المصغر اللذيون رفعا واللذيين نصبا وحراوشد في المكبر
اللذون رفعا لانه لما صغر شابه المتمكن فجرى جمعه في الاعراب مجرى جمعه وعند سيبويه استغنوا باللتيات جمع سلامة اللتيا بحذف ألف العوض للساكنين عن تصغير اللاتي واللائى، وقد صغرهما الاخفش على لفظهما، قياسا لا سماعا، وكان لا يبالى بالقياس في غير المسموع فقال في تصغير اللاتي: اللويتا، بقلب الالف واوا كما في الجمع: أي اللواتي، وحذف ياء اللاتي لئلا يجتمع مع ألف العوض خمسة أحرف سوى الياء، وقال في تصغير اللائي: اللويئا، بفتح اللام فيهما، وقال المازني: إذا كان لابد من الحذف فحذف الزائد أولى، يعنى الالف التى بعد اللام فتصغير اللاتي كتصغير التى سواء، قال بعض البصريين: اللويتيا (*)


واللويئيا، من غير حذف شئ، وكل لك هوس وتجاوز عن المسموع بمجرد القياس، ولا يجوز، هذا ما قيل وأنا أرى أنه لما كان تصغير المبهمات على خلاف الاصل، كما ذكرنا، جعل عوض الضمة ياء، وأدغم فيها ياء التصغير، لئلا يستثقل الياآن، ولم يدغم في ياء التصغير لئلا يتحرك ياء التصغير التي لم تجر عادتها بالتحرك، فحصل في تصغير جميع المبهمات ياء مشددة: أولاهما ياء التصغير، والثانية عوض من الضمة، فاضطر إلى تحريك ياء العوض، فألزم تحريكها بالفتح، قصدا للخفة، فان كان الحرف الثاني في الاسم ساكنا كما في " ذا " و " تا " و " ذان " و " تان " جعلت هذه الياء المشددة بعد الحرف الاول، لانها إن جعلت بعد الثاني - كما هو حق ياء التصغير - لزم التقاء الساكنين، فألف ذياوتيا، على هذا، هي التي كانت في المكبر، وإن كان ثاني الكلمة حرفا متحركا كاولى وأولاء جعلت ياء التصغير في موضعها بعد الثاني، فعلى هذا كان حق الذي والتي اللذيى واللتيى بياء ساكنة في الاخر بعد ياء مفتوحة مشددة، لكنه خفف ذلك بقلب الثالثة ألفا كراهة لاجتماع الياآت،
ويلحق بذيا وتيا ومثنييهما وجمعيهما من هاء التنبيه وكاف الخطاف ما لحقها قبل التصغير، نحو هذيا وذيا لك، قال 30 - * من هؤليائكن الضال والسمر * (1) قال: " ورفضوا تصغير الضمائر، ونحو متى وأين ومن وما وحيت ومنذ ومع وغير وحسبك، والاسم عاملا عمل الفعل، فمن ثم جاز ضويرب زيد وامتنع ضويرب زيدا " أقول: إنما امتنع تصغير الضمائر لغلبة شبه الحرف عليها مع قلة تصرفها، إذ
__________
(1) انظر (ص 190 ه 1) (*)


لا تقع لا صفة ولا موصوفة كما تقع أسماء الاشارة، ولمثل هذه العلة لم تصغر أسماء الاسفتهام والشرط، فانه تشابه الحرف ولا تتصرف بكونها صفات وموصوفات وأما من وما الموصولتان فأوغل في شبه الحرف من " الذي " لكونهما على حرفين ولعدم وقوعهما صفة كالذى وحيث وإذ وإذا ومنذ مثل الضمائر في مشابهة الحرف، وأقل تصرفا منها، لانها مع كونه لا تقع صفات ولا صفات ولا موصوفات تلزم في الاغلب نوعا من الاعراب وأما مع فإنه وإن كان معربا لكنه غير متصرف في الاعراب، ولا يقع صفة ولا موصوفا، مع كونه على حرفين وكذا عند لا يتصرف (1) وإن كان معربا على ثلاثة، وكذا لم يصغر لدن لعدم تصرفه وإنما لم يصغر غير كما صغر مثل وإن كانت المغايرة قابلة للقلة والكثرة كالمماثلة، لقصوره في التمكن، لانه لا يدخله اللام ولا يثنى ولا يجمع بخلاف مثل ولا يصغر سوى (2) وسواء بمعنى غير أيضا، ولا يصغر حسبك لتضمنه معنى
__________
(1) قال سيبويه (ح 2 ص 136): " ولا تحقر عندكما تحقر قبل وبعد ونحوهما لانك إذا قلت عند فقد قللت ما بينهما وليس يراد من التقليل أقل من ذا، فصار ذا كقولك قبيل ذاك إذا أردت أن تقلل ما بينهما " اه.
وهذا وجه من التعليل لعدم تصغير عند حاصله أنه لما كان مصغرا بمعناه الاصلى لم يحتج إلى التصغير لان المصغر لا يصغر، وهو وجه حسن (2) هذا الذي ذكره المؤلف في هذه الكلمة هو ما ذكره سيبويه في الكتاب (ح 2 ص 135) حيث قال: " ولا يحقر غير لانها ليست بمنزلة مثل، وليس كل شئ يكون غير الحقير عندك يكون محقرا مثله، كما لا يكون كل شئ مثل الحقير حقيرا، وإنما معنى مررت برل غيرك معنى مررت برجل سواك، وسواك لا يحقر، لانه ليس اسما متمكنا، وإنما هو كقولك مررت برجل ليس بك، فكما قبح تحقير (*)


الفعل، لانه بمعنى اكتف، وكذا ما هو بمعناه من شرعك (1) وكفيك ولا يصغر شئ من أسماء الافعال، وكذا لا يصغر الاسم (2) العامل عمل الفعل، سواء كان اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، لان الاسم إذا صغر صار
__________
ليس قبح تحقير سوى، وغير أيضا ليس باسم متمكن، ألا ترى أنها لا تكون إلا نكرة، ولا تجمع ولا تدخلها الالف واللام " اه.
والذي نريد أن ننبهك إليه هو أن عدم التمكن في سوى الذي علل به سيبويه عدم تصغير ما ليس معناه عدم التصرف أي ملازمة هذه الكلمة للنصب على الظرفية كما هو المعروف من مذهب سيبويه، بل معناه أنها ليس كسائر الاسماء المتمكنة كما أشار إليه، مع أن القائلين بخروجها عن النصب على الظرفية والجر بمن إلى سائر مواقع الاعراب قد ذهبوا أيضا إلى أنها لا تصغر، ومنهم من علل عدم تصغيرها بأنها غير متمكنة، فوجب أن يكون التمكن في هذا الموضع بمعنى آخر، ويشير إلى ذلك المعنى تعليل بعضهم عدم
جواز التصغير بشدة شبه هذه الكلمة بالحرف ودلالتها على معناه وهو إلا الاستثنائية (1) تقول: هذا رجل شرعك من رجل فتصف به النكرة ولا تثنيه ولا تجمعه ولا تؤنثه، ومعناه كافيك من رجل، وقد ورد في المثل شرعك ما بلغك المحل أي حسبك من الزاد ما بلغك مقصدك (انظر مجمع الامثال ح 1 ص 319 طبع بولاق) قال في اللسان: " قال أبو زيد: هذا رجل كافيك من رجل، وناهيك، وجازيك من رجل، وشرعك من رجل، كله بمعنى واحد " اه وفى القاموس: " وكافيك من رجل، وكفيك من رجل مثلثة الكاف: حسبك " اه زاد في اللسان أنك تقول: هذا رجل كفاك به، وكفاك به، بكسر الكاف أو ضمها مع القصر، لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث (2) قد أطلق الشارح القول هنا كما أطلقه المصنف، وفي المسألة تفصيل خلاصته أنك لو قلت: هذا ضارب زيدا، فأعملت اسم الفاعل فيما بعده النصب لم يجز تصغيره بحال، وإذا قلت هذا ضارب زيد، فأضفت اسم الفاعل إلى ما بعده فان أردت به الحال أو الاستقبال لم يجز أن تصغره: لانه حينئذ كالعامل، وإن أردت به المضى جاز تصغيره.
قال سيبويه (ح 2 ص 136): " واعلم أنك لا تحقر الاسم إذا كان (*)


موصوفا بالصغر، كما تكررت الاشارة إليه، فيكون معنى " ضويرب " مثلا ضارب صغير، والاسماء العاملة عمل الفعل إذا وصفت انعزلت عن العمل، فلا تقول: " زيد ضارب عظيم عمرا ولا أضارب عظيم الزيدان، وذلك لبعدها إذن عن مشابهة الفعل، إذ وضعه على أن يسند ولا يسند إليه، والموصوف يسند إليه الصفة، هذا في الصفات، أعنى اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة، أما المصدر فلا يعزله عن العمل كونه مسندا إليه، لقوة معنى الفعل فيه، إذ لا يعمل الفعل الذي هو الاصل في الفاعل ولا في المفعول إلا لتضمنه معنى المصدر، كما ذكرنا في شرح
الكافية في باب المصدر، فيجوز على هذا أن تقول أعجبني ضربك الشديد زيدا، وضريبك زيدا (1) وقيل: إنما لم يصغر الاسم العامل عمل الفعل لغلبة شبه الفعل عليه إذن، فكما لا يصغر الفعل لا يصغر مشبهه، ويلزم منه عدم جواز تصغير المصدر العامل عمل الفعل
__________
بمنزلة الفعل ألا ترى أنه قبيح هو ضويرب زيدا وهو ضويرب زيد إذا أردت بضارب زيد التنوين، وإن كان ضارب زيد لما مضى فتصغيره جيد " اه (1) هذا الذي ذكره المؤلف ههنا من أن المصدر يعمل مصغرا ويعمل موصوفا في المفعول به أيضا غير المعروف عن النحاة، أما المصغر فقد قال ابن هشام في شرح القطر: " ويشترط (أي في إعمال المصدر عمل الفعل) ألا يكون مصغرا، فلا يجوز أعجبني ضريبك زيدا، ولا يختلف النحويون في ذلك " اه.
بل الذي ذكره المؤلف نفسه في شرح الكافية يناقض ما قاله هنا ويوافق ما قاله ابن هشام فيما سمعت.
قال في شرح الكافية (ح 2 ص 183) " والتصغير يمنع المصدر عن العمل كما يمنع اسم الفاعل والمفعول لضعف معنى الفعل بسبب التصغير الذى لا يدخل الافعال، ومن ثمت يمنع الوصف ثلاثتها عن العمل " اه وأما ما ذكره في المصدر المنعوت فهو رأى ضعيف من ثلاثة آراء وحاصله جواز إعمال المصدر المنعوت مطلقا: أي سواء (*)


ويصغر الزمان المحدود من الجانبين، كالشهر واليوم والليلة والسنة، وإنما تصغر باعتبار اشتمالها على أشياء يستقصر الزمان لاجلها من المسار (1) وأما غير المحدود كالوقت والزمان والحين فقد يصغر لذلك، وقد يصغر لتقليله في نفسه وأما أمس وغد فانهما لم يصغرا وإن كانا محدودين كيوم وليلة لان الغرض
الاهم منهما كون أحد اليومين قبك يومك بلا فصل والاخر بعد يومك، وهما من هذه الجهة لا يقبلان التحقير، كما يقبله قبل وبعد، كما ذكرنا في أول باب التصغير، ولم يصغرا (أيضا) باعتبار مظروفيهما وإن أمكن ذلك كما لم يصغرا باعتبار تقليلهما في أنفسهما لما كان الغرض الاهم منهما ما لا يقبل التحقير ومثل أمس وغد عند سيبويه كل زمان يعتبر كونه أولا وثانيا وثالثا ونحو ذلك، فلا تصغر عنده أيام الاسابيع كالسبت والاحد والاثنين إلى الجمعة، وكذا أسماء الشهور كالمحرم وصفر إلى ذى الحجة، إذ معناها الشهر الاول والثاني ونحو ذلك، وجوز الجرمى والمازني تصغير أيام الاسبوع وأسماء الشهور، وقال بعض
__________
أكان نعته سابقا على المعمول أم متأخرا عنه، والرأى الثاني المنع مطلقا، والثالث إن تقدم المعمول عن النعت جاز وإ فلا وهذا اختيار ابن هشام.
قال في شرح القطر: " ويشترط ألا يكون موصوفا قبل العمل، فلا يقال: أعجبني ضربك الشديد زيدا، فأن أخرت الشديد جاز، قال الشاعر: إن وجدى بك الشديد أرانى * عاذرا فيك من عهدت عذولا فأخر الشديد عن الجار والمجرور المتعلق بوجدي " (1) المسار: جمع مسرة، ووقع في النسخ التي بين أيدينا كافة " من المساد " بدال مهملة، وهو تحريف (*)


النحاة: إنك إذا قلت اليوم الجمعة أو السبت بنصب اليوم فلا تصغر الجمعة والسبت إذ هما مصدران بمعنى الاجتماع والراحة، وليس الغرض تصغيرهما، وقال: ولا يجوز تحقير اليوم المنتصب أيضا لقيامه مقام وقع أو يقع، والفعل لا يصغر، وإذا رفعت اليوم فالجمعة والسبت بمعنى اليوم فيجوز تصغيرهما، وحكى عن بعضهم عكس هذا القول، وهو جواز تصغير الجمعة والسبت مع نصب اليوم وعدم جوازه مع رفعه
زيدا، فأن أخرت الشديد جاز، قال الشاعر: إن وجدى بك الشديد أرانى * عاذرا فيك من عهدت عذولا فأخر الشديد عن الجار والمجرور المتعلق بوجدي " (1) المسار: جمع مسرة، ووقع في النسخ التي بين أيدينا كافة " من المساد " بدال مهملة، وهو تحريف (*)


النحاة: إنك إذا قلت اليوم الجمعة أو السبت بنصب اليوم فلا تصغر الجمعة والسبت إذ هما مصدران بمعنى الاجتماع والراحة، وليس الغرض تصغيرهما، وقال: ولا يجوز تحقير اليوم المنتصب أيضا لقيامه مقام وقع أو يقع، والفعل لا يصغر، وإذا رفعت اليوم فالجمعة والسبت بمعنى اليوم فيجوز تصغيرهما، وحكى عن بعضهم عكس هذا القول، وهو جواز تصغير الجمعة والسبت مع نصب اليوم وعدم جوازه مع رفعه واعلم أنك إذا حقرت كلمة فيها قلب لم ترد الحروف إلى أماكنها نقول في لاث وأصله لائث وشاك وأصله شائك وفي قسى علما وأينق وأصلهما قووس وأنوق: لويث وشويك - بكسر الثاء والكاف - وقسى بحذف تالثة الياآت نسيا، وأيينق، وذلك لان الحامل على القلب سعة الكلام ولم يزلها التصغير حتى ترد الحروف إلى أماكنها.
والحمد لله، وصلى الله على رسوله وآله بحمد الله تعالى وحسن توفيقه قد انتهينا من مراجعة الجزء الاول من شرح شافية ابن الحاجب الذي ألفه العلامة المحقق رضى الدين الاستراباذى، في أثناء سبعد أشهر آخرها يوم الاثنين المبارك الثالث عشر من شهر ذي الحجة أحد شهور عام 1356 ست وخمسين وثلثمائة وألف من الهجرة.
ويليه الجزء الثاني مفتتحا بباب " النسب " نسأل الله الذي جلت قدرته أن يعين على إكماله.


شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي ج 2
شرح شافية ابن الحاجب
رضي الدين الأستراباذي ج 2


شرح شافية ابن الحاجب تأليف الشيخ رضى الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي 686 ه مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الادب المتوفى في عام 1093 من الهجرة حققهما، وضبط غريبهما، وشرح مبهمهما، الاساتذة محمد نور الحسن المدرس في تخصص كلية اللغة العربية، محمد الزفزاف المدرس في كلية اللغة العربية، محمد محيى الدين عبد الحميد المدرس في تخصص كلية اللغة العربية القسم الاول الجزء الثاني دار الكتب العلمية بيروت - لبنان


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين


المنسوب قال: " المنسوب الملحق بآخره ياء مشددة ليدل على نسبته إلى المجرد عنها، وقياسه حذف تاء التأنيث مطلقا، وزيادة التثنية
والجمع إلا علما قد أعرب بالحركات، فلذلك جاء قنسرى وقنسرينى " أقول: قوله: " على نسبته إلى المجرد عنها " يخرج ما لحقت آخره ياء مشددة للوحدة كرومى وروم، وزنجي وزنج، وما لحقت آخره للمبالغة كأحمرى ودواري (1)، وما لحقته لا لمعنى كبردى (2) وكرسي، فلا يقال لهذه الاسماء: إنها منسوبة، ولا ليائها: إنها ياء النسبة (3)، كما يقال لتمرة والتاء فيه للوحدة،
__________
(1) قال في اللسان: " والدهر دوار بالانسان ودواري: أي دائر به على إضافة الشئ إلى نفسه.
قال ابن سيده: هذا قول اللغوين.
قال الفارسي: هو على لفظ النسب وليس بنسب، ونظيره بختى وكرسي " وقد قال العجاج: والدهر بالانسان دوارى * أفنى القرون وهو قعسرى أي: أنه يدور ويتقلب بالانسان حالا بعد حال وأنه يفنى قرونا كثيرة وهو باق على شدته وقوته، وأصل القعسرى الجمل الضخم الشديد، فشبه الدهر به في قوته وشدته (2) البردى: إما أن يكون بضم فسكون، وإما أن يكون بفتح فسكون، وهو على الاول نوع من تمر الحجاز جيد، وعلى الثاني نبت معروف واحدته بردية.
(انظر ج 1 ص 203) من هذا الكتاب (3) قد اختلفت عبارات المؤلف في هذه الياء، فهو أحيانا يذكر أنها ياء النسبة كما في قوله (ح 1 ص 203): " وكان على المصنف أن يذكر ياء النسبة أيضا نحو بريدي في بردى " وأحيانا يذكر أنها ليست للنسبة كما هنا، وقد حل هو (*)


ولعلامة وهي فيه للمبالغة، ولغرفة ولا معنى لتائها: إنها أسماء مؤنثة وتاءها تاء التأنيث، وذلك لجريها مجرى التأنيث الحقيقي في أشياء، كتأنيث ما أسند
إليها، وكصيرورتها غير منصرفة في نحو طلحة، وانقلاب تائها في الوقف هاء قوله " حذف تاء التأنيث مطلقا " أي: سواء كان ذو التاء علما كمكة والكوفة، أو غير علم كالعرفة والصفرة، بخلاف زيادتي التثنية والجمع، فإنهما قدلا يحذفان في العلم كما يجئ، وسواء كانت التاء في مؤنث حقيقي أولا كعزة وحمزة، وسواء كانت بعد الالف في جمع المؤنث نحو مسلمات، أولا، وأما نحو أخت وبنت فان التاء تحذف فيه، وإن لم تكن للتأنيث، بدليل صرف أخت وبنت إذا سمى بهما (1)، وذلك لما في مثل هذه التاء من رائحة
__________
هذا الاشكال بقوله في هذا الباب في شان ياء الوحدة كرومي: " ولقائل أن يقول: ياء الوحدة أيضا في الاصل للنسبة، لان معنى زنجى شخص منسوب إلى هذه الجماعة بكونه واحدا منهم فهو غير خارج عن حقيقة النسبة، إلا أنه طرأ عليه معنى الوحدة " وملخص هذا أنه ينظر أحيانا إلى الاصل فيعتبرها باء نسبة، وينظر أحيانا أخرى إلى ما طرأ من معنى الوحدة فينفي عنها ذلك، وما قاله في ياء الوحدة يجرى مثله تماما في ياء المبالغة، لكن ياء نحو الكرسي والبردى، وهى المزيدة لا لغرض، لا يجرى فيها مثل ذلك، ولا عذر له في تسميتها ياء نسبة إلا أن صورتها صورة ياء النسبة (1) قال سيبويه في الكتاب (ح 2 ص 13): " وإن سميت رجلا ببنت أو أخد صرفته، لانك بنيت الاسم على هذه التاء وألحقتها ببناء الثلاثة كما ألحقوا سنبته بالاربعة، ولو كانت كالهاء لما سكنوا الحرف الذى قبلها، فأنما هذه التاء فيها كتاء عفريت، ولو كانت كألف التأنيث لم ينصرف في النكرة، وليست كالهاء لما ذكرت لك، وإنما هذه زيادة في الاسم بنى عليها وانصرف في المعرفة، ولو أن الهاء التي في دجاجة كهذه التاء انصرف في المعرفة " اه وكتب أبو سعيد السيرافي في شرح كلامه هذا فقال: " التاء في بنت وأخت منزلتها عند سيبويه منزلة التاء في (*)


التأنيث (1) وإنما حذفت تاء التأنيث حذرا من اجتماع التاءين: إحداهما قبل الياء، والاخرى بعدها، لو لم تحذف، إذ كان المنسوب إلى ذى التاء مؤنثا بالتاء (2) إذ كنت تقول: امرأة كوفتية، ثم طرد حذفها في المنسوب المذكر، نحو رجل كوفي قيل: إنما حذفت لان الياء قد تكون مثل التاء على ما ذكرنا، في إفادة الوحدة والمبالغة، وفي كونها لا لمعنى، فلو لم تحذف لكان كأنه اجتمع ياءان أو تاآن، ويلزمهم على هذا التعليل أن لا يقلولوا نحو كوفية وبصرية، إذ هذا أيضا جمع بينهما.
__________
سنتة وعفريت، فهى فيهما زائدة للالحاق بجذع وقفل، فإذا سمينا بواحدة منهما رجلا صرفناه لانه بمنزلة مؤنث على ثلاثة أحرف ليس فيها علامة تأنيث كرجل سميناه بفهر وعين، والتاء الزائدة التي للتأنيث هي التي يلزم ما قبلها الفتحة ويوقف عليها بالهاء كقولنا دجاجة وما أشبه ذلك " اه ملخصا.
والمراد في كلام سيبويه والسيرافي من التاء المزيدة للالحاق في سنبتة التاء الاولى لا الثانية كما هو ظاهر (1) قول المؤلف في شرح الكافيد (ح 1 ص 43): " ونريد بتاء التأنيث تاء زائدة في آخر الاسم مفتوحا ما قبلها تنقلب هاء في الوصف، فنحو أخت وبنت ليس مؤنثا بالتاء، بل التاء بدل من اللام، لكنه اختص هذا الابدال بالمؤنث دون المذكر لمناسبد التاء للتأنيث، فعلى هذا لو سميت ببنت وأخت وهنت مذكرا لصرفتها " اه.
وقوله " لكنه اختص هذا الابدال بالمؤنث الخ " هو مراده بقوله هنا " لما في مثل هذه التاء من رائحة التأنيث "، يدلك على أن هذا مراده قوله في هذا الباب كما يأتي قريبا: " فان أبدل من اللام في الثلاثي التاء وذلك في الاسماء المعدودة المذكورة في باب التصغير نحو أخت وبنت وهنت وثنتان وكيت وذيت
فعند سيبويه تحذف التاء وترد اللام، وذلك لان التاء وإن كانت بدلا من اللام الا أن فيها رائحة من التأنيث لاختصاصها بالمؤنث في هذه الاسماء " اه (2) قيد المؤنث المنسوب إلى ذى التاء بكونه بالتاء في جميع النسخ، والصواب (*)


ويحذف الالف والتاء في نحو مسلمات (1) لافادتهما معا للتأنيث كإفادتهما للجمع، فيلزم من إبقائهما اجتماع التاءين في نحو عرفاتية، ولا ينفصل إحدى الحرفين من الاخرى ثبوتا وزوالا، لكونهما كعلامة واحدة، تقول في أذرعات وعانات: أذرعي (2)
__________
حذف هذا القيد، لان اجتماع التاءين لازم في المنسوب إلى ذى التاء ولو كان المنسوب مؤنثا بغير تاء كزينب فانك كنت تقول في نسبها الى البصرة: بصرتية (1) ظاهرة عبارة ابن الحاجب والرضى هنا أن جمعى التصحيح الباقيين على الجمعية إذا أريد النسبة إليهما حذفت منهما علامة الجمع: أي الالف والتاء في جمع المؤنث والواو والنون في جمع المذكر، مع أن الذى يقتضيه كلام الرضى عند شرح قول ابن الحاجب: " والجمع يرد إلى الواحد " ويقتضيه تعليلي النحويين رد الجمع إلى الواحد عند النسبة إليه: أن يرد جمعا التصحيح عند النسبة إليهما الى الواحد لا أن تحذف منهما علامة الجمع، وفرق بين الرد إلى الواحد وحذف علامة الجمع فإن أرضين مثلا إذا نسبت إليه وهو باق على جمعيته قلت: أرضى بسكون الراء - وإذا نسبت إليه مسمى به حاكيا إعرابه الذى كان قبل التسمية به قلت: أرضى بفتح الراء وحذف علامة الجمع، وكذلك تمرات في جمع تمرة: إذا نسبت إليه جمعا قلت تمرى - باسكان الميم - أي: برده إلى واحده، وإذا نسبت إليه مسمى به قلت: تمرى - بفتح الميم وحذف علامة الجمع: أي الالف والتاء -.
وتحقيق المقام أنك إذا نسبت إلى المثنى والجمع مطلقا: أي سواء أكان جمع تصحيح أم جمع تكسير،
فان كانت غير مسمى بها ردت إلى واحدها، وإن كانت مسمى بها ففى المثنى وجمع المذكر السالم التفصيل الذى ذكره الرضى هنا، أما جمع المؤنث السالم فليس فيه إلا حذف علامة الجمع أي الالف والتاء للعلة التي ذكرها المحقق الرضى (2) أذرعات - بفتح فسكون فراء مكسورة - وقال ياقوت: " كأنه جمع أذرعة جمع ذراع جمع قلة، وهو بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان ينسب إليه الخمر، وقال الحافظ أبو القاسم: أذرعات مدينة بالبلقاء، وقال النحويون: بالتثنية والجمع تزول الخصوصية عن الاعلام فتنكر وتجرى مجرى النكرة من أسماء الاجناس فإذا أردت تعريفه عرفته بما تعرف به الاجناس، وأما نحو أبانين وأذرعات وعرفات فتسميته ابتداء تثنية وجمع، كما لو سميت رجلا بخليلان أو مساجد، وإنما عرف مثل ذلك بغير حرف تعريف وجعلت أعلاما لانها (*)


وعاني (1)
__________
لا تفترق فنزلت منزلة شئ واحد فلم يقع إلياس، واللغة الفصيحة في عرفات الصرف، ومنع الصرف لغة، تقول: هذه عرفات وأذرعات (بالرفع منونا) ورأيت عرفات وأذرعات (بالكسر منونا) ومررت بعرفات وأذرعات (بالجر منونا) لان فيه سبا واحدا، وهذه التاء التي فيه للجمع لا للتأنيث، لانه اسم لمواضع مجتمعة فجعلت تلك المواضع اسما واحدا وكأن اسم كل واحد منهما عرفة وأذرعة، وقيل: بل الاسم جمع والمسمى مفرد، فلذلك لم يتنكر، وقيل: إن التاء فيه لم تتمخض للتأنيث ولا للجمع، فأشبهت التاء في بنات وثبات، وأما من منعها الصرف فانه يقول: إن التنوين فيها للمقابلة أي يقابل النون التى في جمع المذكر السالم، فعلى هذا غير منصرفة...وينسب إلى أذرعات أذرعي " اه وفي اللسان: " وقال سيبويه: أذرعات بالصرف وغير الصرف، شبهوا التاء
بهاء التأنيث ولم يحفلوا بالحاجز لانه ساكن والساكن ليس بحاجز حصين، إن سأل سائل فقال: ما تقول في من قال هذه أذرعات ومسلمات وشبه تاء الجماعة بهاء الواحدة فلم ينون للتعريف والتأنيث فكيف يقول إذا نكر أينون أم لا، فالجواب أن التنوين مع التنكير واجب هنا لا محالة لزوال التعريف فأقصى أحوال أذرعات إذا نكرتها في من لم يصرف أن تكون كحمزة إذا نكرتها، وكما تقول: هذا حمزة وحمزة آخر (بالتنوين) فتصرف النكرة لا غير فكذلك تقول: عندي مسلمات ونظرت إلى مسلمات أخرى (بالتنوين) فنون مسلمات لا محالة، وقال يعقوب أذرعات ويذرعات موضع بالشأم حكاه في المبدل " اه وفي القاموس: " وأذرعات بكسر الراء وتفتح: بلد بالشأم والنسبة أذرعي بالفتح " اه ومثل قوله: " والنسبة أذرعي بالفتح " في اللسان عن ابن سيده، نقول: أما النسبة بفتح الراء إلى أذرعات (بفتح الراء) فواضحة، فانها لا تعدو حذف تاء التأنيث ثم تحذف الالف لكونها خامسة كألف خوزلى مثلا، وأما النسبة بفتح الراء إلى أذرعات بكسر الراء فانها بعد حذف علامة الجمع، وهى الالف والتاء صار الاسم على أربعة أحرف ثالثها مكسور فلو بقى على حاله لاجتمع كسرتان بعدهما ياءان فخففوا ذلك بفتح الراء كما قالوا في تغلب تغلبى بفتح اللام وأبو العباس محمد بن يزيد المبرد يطرد ذلك ويقيسه، وغيره يقصره على السماع (1) عانات: جمع عانة، وعانة بلد مشهور بين الرقة وهيت يعد في أعمال (*)


ويحذف أيضا كل ياء مشددة مزيدة في الاخر (1)، سواء كانت للنسب أو للوحدة أو للمبالغة أو لا لمعنى (2)، فتقول في المنسوب إلى بصرى ورومي وأحمرى وكرسي: بصرى ورومي وأحمرى وكرسي، كراهة لاجتماعهما قوله: " وزيادة التثنية والجمع " أي: جمع السلامة، زيادة التثنية الالف
والنون أو الياء والنون، في نحو مسلمان ومسلمتان ومسلمين ومسلمتين، وزيادة الجمع الواو والنون أو الياء والنون، في نحو مسلمون ومسلمين، والالف والتاء في نحو مسلمات.
__________
الجزيرة، وربما قالوا في الشعر: عانات، كأنهم جمعوها بما حولها.
قال الشاعر (نسبه ابن برى إلى الاعشى) تخيرها أخو عانات شهرا * ورجى خيرها عاما فعاما وعانه أيضا: بلد بالاردن (1) احترز المؤلف بالياء المشددة المزيدة عن ياء القاضي فان فيها خلافا سيأتي تفصيله، وحاصله أن منهم من يرى حذفها ومنهم من يرى جواز حذفها وقلبها واوا، وعن الياء المشددة المكونة من ياءين إحداهما أصل والاخرى زائدة كما في اسم المفعول من الثلاثي الناقص اليائي نحو مكنى ومرمى ومبغى عليه، فان هذه الياء المشددة لا يتحتم حذفها، بل يجوز حذفها وهو الراجح ويجوز حذف الزائدة من الياءين وقلب الاصلية واوا، فيقال: مكنى أو مكنوى، ومرمى أو مرموى ومبغى أو مبغوى، وسيأتي إتمام بحث ذلك (2) ياء الوحدة تدخل على اسم الجنس الجمعي لتكون دالة على الواحد منه نحو روم ورومي، وعرب وعربى وفرس وفرسى، وعجم وعجمي، وترك وتركي، ونبط ونبطى، وياء المبالغة ياء تلحق الاخر للدلالة على نسبة الشئ إلى نفسه، فيكون المنسوب والمنسوب إليه شيئا واحدا كأحمر وأحمرى، ودوار ودوارى، ووجه المبالغة أنهم لما رأوا المنسوب كاملا في معناه ولم يجدوا شيئا ينسبونه إلى أكمل منه في معناه نسبوه إلى نفسه.
وأما الياء الزائدة لا معنى فهى ياء بنى عليها الاسم وليس له معنى بدونها نحو كرسى (*)


أما حذف النوف فواضح، لدلالتها على تمام الكلمة، وياء النسبة كجزء من أجزائها، وأما حذف الالف والواو والياء المذكورة فلكونها إعرابا ولا يكون في الوسط إعراب، وأيضا لو لم تحذف لاجتمع العلامتان المتساويتان في نحو مسلمانيان ومسلمونيون، وعلامتا التثنية والجمع في نحو مسلمونيان ومسلمانيون، فيكون للكلمة إعرابان، فان جعلت المثنى والمجموع بالواو والنون علمين فلا يخلو من أن تبقى الاعراب في حال العلمية كما كان، أولا (1)، فان أبقيته وجب الحذف أيضا في النسبة، إذ المحذور باق، ولهذا إذا سميت شخصا بعشرين أو مسلمين لم يجز أن تقول عشرونان وعشرونون ومسلمونان ومسلمونون، وإن أعربتهما بالحركات وجعلت النون بعد الالف في المثنى والنون بعد الياء في الجمع معتقب الاعراب كما عرفت في شرح الكافية لم يكن الالف والياء للاعراب، ولم يفد النون تمام الكلمة، بل كانت الكلمة كسكران وغسلين (2) فيجب أن
__________
(1) للعلماء في إعراب المثنى وجمع المذكر السالم بعد التسمية بهما أقوال: أما المثنى فمنهم من يعربه بالحروف كما كان قبل التسمية، ومنهم من يلزمه الالف والنون ويعربه إعراب ما لا ينصرف كحمدان، ومنهم من يلزمه الالف والنون ويصرفه كسرحان.
وأما جمع المذكر السالم فمنهم من يعربه بالحروف كما كان قبل العلمية، ومنهم من يجريه مجرى غسلين: أي يلزمه الياء ويعربه بالحركات على النون ويصرفه، ومنهم من يجريه مجرى هرون: أي يلزمه الواو والنون ويمنعه من الصرف للعلمية وشبه العجمة، ومنهم من يجريه مجرى عربون - بضم العين وسكون الراء أو بفتحهما - أي: يلزمه الواو والنون ويصرفه، ومنهم من يلزمه الواو مع فتح النون ويعربه بحركات مقدرة على الواو منع من ظهورها حكاية أصله حالة رفعه التى هي أشرف حالاته (2) الغسلين: ما يخرج من الثوب بالغسل، ومثله الغسالة، والغسلين في
القرآن العزيز: ما يسيل من جلود أهل النار من قيح وغيره، وقال الليث: الغسلين: شديد الحر (يريد أنه وصف).
وقيل: شجر في النار (*)


ينسب إليهما بلا حذف شئ، نحو بحراني وقنسريني (1) وأما إذا نسبت
__________
(1) قال المؤلف في ضرح الكافية (ح 2 ص 131): " إذا أردت التسمية بشئ من الالفاظ: فان كان ذلك اللفظ مثنى أو مجموعا على حده كضاربان وضاربون، أو جاريا مجراهما كائنان وعشرون، أعرب في الاكثر إعرابه قبل التسمية، ويجوز أن تجعل النون في كليهما معتقب الاعراب بشرط ألا يتجاوز حروف الكلمة سبعة، لان حروف قرعبلانة غاية عدد حروف الكلمة، فلا تجعل النون في مستعتبان ومستعتبون معتقب الاعراب، فإذا أعربت النون ألزم المثنى الالف دون الياء، لانها أخف منها، ولانه ليس في المفردات ما آخره ياء ونون زائدتان وقبل الياء فتحة، قال (ابن أحمر وقيل ابن مقبل) * ألا يا ديار الحى بالسبعان * وألزم الجمع الياء دون الواو لكونها أخف منها وقد جاء البحرين في المثنى على خلاف القياس، يقال: هذه البحرين بضم النون ودخلت البحرين (بفتحها).
قال الازهري: ومنهم من يقول البحران على القياس، لكن النسبة إلى البحران الذى هو القياس أكثر، فبحراني أكثر من بحرينى وإن كان استعمال البحرين مجعولا نونه معتقب الاعراب أكثر من استعمال البحران كذلك، وجاء في الجمع الواو قليلا مع الياء، قالوا: قنسرين وقنسرون، ونصيبين ونصيبون، ويبرين ويبرون، لان مثل زيتون في كلامهم موجود، وقال الزجاج نقلا عن المبرد: يجوز الواو قبل النون المجعول معتقب الاعراب قياسا، قال: ولا أعلم أحدا سبقنا إلى هذا قال أبو علي: لا شاهد له وهو بعيد عن القياس " اه
قال ياقوت: " البحرين: هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر، ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم إلا أن الزمخشري قد حكى أنه بلفظ التثنية، فيقولون: هذه البحران وانتهينا إلى البحرين، ولم يبلغني من جهة أخرى...وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان.
قيل: هي قصبة هجر، وقيل: هجر قصبة البحرين، وقد عدها قوم من اليمن، وجعلها آخرون قصبة يرأسها " اه، وقنسرين بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده - وقد كسره قوم - ثم (*)


إلى نحو سنين وكرين غير علمين (1) فإنه يجب رده إلى الواحد كما سيجئ
__________
سين مهملة: مدينة من مدن الشام تقع على خط تسع وثلاثين درجة طولا وخمس وثلاثين درجد عرضا قرب حمص، افتتحها أبو عبيدة بن الجراح سنة سبع عشرة من الهجرة.
ونصيبين - بالفتح ثم الكسر ثم ياء علامة الجمع الصحيح: مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وفيها وفي قراها بساتين كثيرة، بينها وبين الموصل ستة أيام، وعليها سور كانت الروم بنته، ويبرين - بالفتح ثم السكون وكسر الراء وياء ثم نون، ويقال فيه أبرين: اسم قرية كثيرة النخل والعيون العذبة بحذاء الاحساء من بنى سعد بالبحرين، وقال الخارزنجى رمل أبرين ويبربن بلد قيل هي في بلاد العماليق (اليمامة).
ويبرين أيضا: قرية من قرى حلب ثم من نواحى عزاز.
قال أبو زياد الكلبي أراك إلى كثبان يبرين صبة * وهذا لعمري لو قنعت كثيب وإن الكثيب الفرد من أيمن الحمى * إلى وإن لم آته لحبيب وقال جرير: لما تذكرت بالديرين أرقني * صوت الدجاج وضرب بالنواقيس فقلت للركب إذ جد الرحيل بنا * يا بعد يبرين من بابا الفراديس (1) سنين: جمع سنة، وكرين: جمع كرة، وهما ملحقان بجمع المذكر السالم في الاعراب بالواو والنون أو الياء والنون لكونهما غير علمين ولا وصفين لمذكر
عاقل ولكون بناء واحدهما لم يسلم في الجمع، أذ قد حذفت لانه وأكثر هذا النوع يغير بعض حركات واحده، ومراد المؤلف من " نحو سنين وكرين " كل ثلاثي (*)


من وجوب رد الجموع في النسب إلى آحادها، سواء جعلت النون معتقب الاعراب، أولا قوله " جاء قنسرى " يعنى في المنسوب إلى ما لم يجعل نونه معتقب الاعراب " وقنسريني " (يعني) في المنسوب إلى المجعول نونه معتقب الاعراب.
واعلم أن علامة النسبة ياء مشددة في آخر الاسم المنسوب إلى المجرد عنها فيدل على ذات غير معينة موصوفة بصفة معينة وهى النسبة إلى المجرد عنها فيكون كسائر الصفات: من اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، فإن كلا منها ذات غير معينة موصوفة بصفة معينة، فيحتاج إلى موصوف يخصص تلك الذات، إما هو أو متعلقه نحو: مررت برجل تميمي، وبرجل مصرى حماره، فيرفع في الاول ضمير الموصوف وفى الثاني متعلقه، مثل سائر الصفات المذكورة، ولا يعمل في المفعول به، إذ هو بمعنى اللازم: أي منتسب أو منسوب، ولعدم مشابهته للفعل لفظا لا يعمل إلا في مخصص تلك الذات المبهمة المدلول عليها إما ظاهرا كما في " برجل مصرى حماره " أو مضمرا كما في " برجل تميمي " ولا يعمل في غيره إلا في الظرف الذي يكفيه رائحة الفعل، نحو " أنا قرشي أبدا " أو في الحال (1) المشبه له، كما
__________
حذفت لامه وعوض عنها في المفرد تاء التأنيث ولم يسمع له جمع تكسير على أحد أبنية جموع التكسير المعروفة، وهذا النوع كما يعرب إعراب جمع المذكر السالم يعرب بالحركات الظاهرة على النون، وقد ورد من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم دعاء على أهل مكة " اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف " وغرض المؤلف مما ذكر ذفع ما يتوهم من أن نحو سنين كالجمع والمثنى المسمى إذا أعربا بالحركات
فبين أن هذا النوع يرد إلى واحده في كل حال (1) نريد أن نبين لك أولا: أن قول المؤلف المشبه له ليس للاحتراز وإن ما هو صفة كاشفة الغرض منها التعليل لعمل المنسوب في الحال كعمله في الظرف الذى يكفيه رائحة الفعل، وثانيا: أن وجه الشبه بين الحال والظرف من ناحية أن معناهما (*)


مضى في بابه، قال عمران بن حطان: 44 - يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن * وإن لقيت معديا فعدناني (1)
__________
واحد، ألا ترى أن قولك جاء زيد راكبا وقت ركوبه، ولهذا صح أن كل شئ دل على معنى الفعل يعمل فيهما فاسم الفاعل واسم المفعول وسائر الصفات وأسماء الافعال والحروف المشبهة للفعل، كل ذلك يعمل في الظرف والحال جميعا، وثالثا: أنهما وإن تشابها فيما ذكرنا فان بينهما فرقا، ألا ترى أن الحال لا يجوز أن تتقدم على عاملها المعنوي إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا على الصحيح والظرف يتقدم عليهما، ومثال عمل المنسوب في الحال أنت قرشي خطيبا وهو تميمي متفاخرا (1) هذا البيت لعمران بن حطان السدوسي الخارجي وهو أحد المعدودين من رجالات الخوارج علما ومعرفة وحفظا وكان عبد الملك بن مروان قد أهدر دمه فطلبه عماله على الجهات فكان دائم النقلة وكان إذا نزل على قوم انتسب لهم نسبا قريبا من نسبهم، والبيت من كلمة له يقولها لروح بن زنباع الجذامي وكان عمران قد نزل عليه ضيفا وستر عنه نفسه وانتسب له أزديا، فلما انكشفت حاله ترك له رقعة مكتوبا فيها: يا روح كم من أخى مثوى نزلت به * قد ظن ظنك من لخم وغسان حتى إذا خفته فارقت منزله * من بعد ما قيل عمران بن حطان
قد كنت جارك حولا ما تروعني * فيه روائع من إنس ومن جان حتى أردت بي العظمى فأدركني * ما أدرك الناس من خوف ابن مروان (*)


أما سائر الصفات المذكورة فلمشابهتها للفعل لفضا أيضا نتعدى في العمل إلى غير مخصص تلك الذات المدلول عليها من الحال والظرف وغيرهما.
فان قيل: فاسم الزمان والمكان أيضا نحو المضرب والمقتل واسم الالة يدلان على ذات غير معينة موصوفة بصفة معينة، إذ معنى المضرب مكان أو زمان يضرب فيه، ومعنى المضرب آلة يضرب بها، فهلا رفعا ما يخصص تينك الذاتين أو ضميره.
فيقال: صمت يوما معطشا: أي معطشا هو، وصمت يوما معطشا نصفه، وسرت فرسخا معسفا: (1) أي معسفا هو، وسرت فرسخا معسفا نصفه.
فالجواب أن اقتضاء الصفة والمنسوب لمتبوع يخصص الذات المبهمة التي يدلان عليها وضعي بخلاف الالة واسمي الزمان والمكان فانها وضعت على أن تدل على ذات مبهمة متصفة بوصف معين غير مخصصة بمتبوع ولا غيره، فلما لم يكن لها مخصص لم تجر عليه، ولم ترفعه، ولم تنصب أيضا شيئا، لان النصب
__________
فاعذر أخاك ابن زنباع فإن له * في النائبات خطوبا ذات ألوان يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن * وإن لقيت معديا فعدناني لو كنت مستغفرا يوما لطاغية * كنت المقدم في سرى وإعلاني لكن أبت لي آيات مطهرة * عند الولاية في طه وعمران ولم يشرح البغدادي هذا البيت في شرح شواهد الشافية وقد ذكر قصة عمران وأبياته في شرح شواهد الكافية (ش 397) انظر خزانة الادب (2: 435 - 441) وكامل المبرد ح 2 ص 108 وما بعدها)
(1) المعسف: اسم مكان من العسف، وهو الاخذ في غير الجادة، وأصله السير على غير الطريق، وبابه ضرب (*)


في الفعل الذي هو الاصل في العمل بعد الرفع فكيف في فروعه، فمن ثم أولوا قوله: 45 - كأن مجر الرامسات ذيولبا * عليه قضيم نمقته الصوانع (1)
__________
(1) هذا البيت للنابغة الذبياني من قصيدة طويلة أولها عفا ذو حسا من فرتنى فالفوارع * فجنبا أريك فالتلاع الدوافع وقبل البيت المستشهد به قوله: توهمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابغ رماد ككحل العين ما إن تبينه * ونؤى كذم الحوض أثلم خاشع وذو حسا، وفرتنى، وأريك: مواضع.
ويروى * عفا حسم من فرتني * وهو موضع أيضا.
وتوهمن: تفرست، والايات: العلامات، واللام في قوله " لستة أعوام " بمعن بعد، وما في قوله " ما إن تبينه " نافيه، وإن بعدها زائدة، وتبينه: تظهره، والنؤى - بضم فسكون -: حفيرة تحفر حول الخباء لئلا يدخله المطر، والجذم - بكسر فسكون -: الاصل، والخاشع: اللاصق بالارض، والضمير في عليه راجع إلى النؤى، والرامسات: الرياح الشديدة الهبوب وهي مأخوذة من الرمس وهو الدفن، ومنه سمى القبر رمسا، لانها إذا هبت أثارت الغبار فيدفن ما يقع عليه، والمراد من ذيولها أواخرها التى تكون ضعيفة، والقضيم - بفتح فكسر -: الجلد الابيض، ويقال: هو حصير خيوطه من سيور.
ونمقته: حسنته.
والصوانع: جمع صانعة وهى اسم فاعل من الصنع.
والاستشهاد بالبيت على أن مجر الرامسات مصدر ميمى بمعنى الجر، وإضافته
إلى الرامسات من إضافة المصدر لفاعله، وذيولها مفعوله والكلام على تقدير مضاف، وكأنه قد قال: كأن أثر جر الرامسات ذيولها، فأما أن مجر (*)


بقولهم: كان أثر مجر أو موضع، على حذف المضاف، وعلى أن مجر بمعنى جر مصدر.
وأما المصغر فموضوع لذات مخصوصة بصفة مخصوصة، إذ معنى رجيل رجل صغير، فليس هناك مخصص غير لفظ المصغر حتى يرفعه، هذا، واعلم أن المنسوب إليه يلزمه بسبب ياء النسب تغييرات: بعضها عام في جميع الاسماء، وبعضها مختص ببعضها، فالعام كسر ما قبلها ليناسب الياء، والمختص: إما حذف الحرف، كحذف تاء التأنيث وعلامتي التثنية والجمعين وياء فعلية وفعيلة وفعيل وفعيل المعتلى اللام وواو فعولة، وإما قلب الحرف كما في رحوى وعصوى وعموى في عم، وإما رد الحرف المحذوف كما في دموى، وإما إبدال بعض الحركات ببعض كما في نمري وشقرى (1)، وإما زيادة الحرف كما في كمى ولائي، وإما زيادة الحركة كما في طووى وحيوى، وإما نقل بنية إلى أخرى كما تقول في المساجد مسجدي، وإما حذف كلمة كمرئي في امرئ القيس، هذا هو القياسي من التغييرات، وأما الشاذ منها فسيجئ في أماكنه.
قال: " ويفتح الثاني من نحو نمر والدئل بخلاف تغلبي على الافصح "
__________
مصدر فلما ذكره المؤلف من أن اسم المكان والزمان لا ينصبان المفعول، لانهما لا يرفعان وعمل النصب فرع عمل الرفع، وأما تقدير المضاف فليصح المعنى، لانك لو لم تقدره لكنت قد شبهت الحدث وهو الجر بالذات وهو القضم، وإنما يشبه الحدث بالحدث أو الذات بالذات، وهذا واضح بحمد الله إن شاء الله
(1) شقرى - بفتح الشين والقاف جميعا -: منسوب إلى شقرة - بفتح فكسر - وهى شقائق النعمان، وشقائق النعمان: نبات له نور أحمر، يقال: أضيفت إلى النعمان بن المنذر لانه حماها، وقيل: إنها أضيفت الى النعمان بمعنى الدم لانها تشبهه في اللون، وهو الاظهر عندنا (*)


أقول: اعلم أن المنسوب إليه إذا كان على ثلاثة أحرف أوسطها مكسور وجب فتحه في النسب، وذلك ثلاثة أمثلة: نمر، ودئل، وإبل، تقول: نمري ودؤلى وإبلي، وذلك لانك لو لم تفتحه لصار جميع حروف الكلمة المبنية على الخفة: أي الثلاثية المجردة من الزوائد، أو أكثرها، على غاية من الثقل، بتتابع الامثال: من الياء والكسرة، إذ في نحو إبلى لم يخلص منها حرف، وفي نحو نمري ودئلي وخربى (1) لم يخلص منها إلا أول الحروف، وأما نحو عضدي وعنقي فانه وإن استولت الثقلاء أيضا على البنية المطلوبة منها الخفة إلا أن تغاير الثقلاء هون الامر، لان الطبع لا ينفر من توالى المختلفات وإن كانت كلها مكروهة كما ينفر من توالى المتمائلات المكروهة، إذ مجرد التوالي مكروه حتى في غير المكروهات أيضا، وكل كثير عدو للطبيعة.
وأما إذا لم يكن وضع الكلمة على أخف الابنيه بأن تكون زائدة على الثلاثة فلا يستنكر تتالى الثقلاء الامثال فيها، إذ لم تكن في أصل الوضع مبنية على الخفة، فمن ثم تقول تغلبى ومغربى وجندلى (2) وغلبطى (3) ومستخرجي ومدحرجى وجحمرشى.
__________
(1) خربي: منسوب إلى خربة - كنبقة - وهي موضع الخراب الذي هو ضد العمران، أو هو منسوب إلى خرب بزنة كتف - وهو جبل قرب تعار (جبل ببلاد قيس)، وأرض بين هيت (بلد بالعراق) والشام، وموضع بين فيد (قلعة
بطريق مكة) والمدينة (2) جندلى: منسوب إلى جندل وهو المكان الغليظ الذي فيه الحجارة، قال ابن سيده: " وحكاه كراع بضم الجيم.
قال: ولا أحقه " اه (3) العلبط والعلابط: القطيع من الغنم، ويقال: رجل علبط، وعلابط، إذا كان ضخما عظيما، وصدر علبط، إذا كان غليظا عريضا، ولبن علبط، إذا كان رائبا خاثرا جدا، وكل ذلك محذوف من فعالل وليس بأصل، لانه لا تتوالى أربع حركات (*)


هذا عند الخليل، فتغلبي بالفتح عند شاذ لا يقاس عليه، واستثنى المبرد من جملة الزائد على الثلاثة ما كان على أربعة ساكن الثاني نحو تغلبي ويثربي فأجاز الفتح فيما حرفه الاخير مع الكسر، قياسا مطردا، وذلك لان الثاني ساكن والساكن كالميت المعدوم، فلحق بالثلاثي.
والقول ما قاله الخليل، إذ لم يسمع الفتح إلا في تغلبي (1).
ومن كسر الفاء إتباعا للعين الحلقى المكسور في نحو الصعق قال في المنسوب صعقى - بكسر الصاد وفتح العين - قال سيبويه: سمعناهم (2) يقولون صعقى - بكسر الصاد والعين - وهو شاذ، ولعل ذلك ليبقى سبب كسر الصاد بحاله أعنى كسر العين.
__________
(1) دعوى المؤلف أنه لم يسمع الفتح إلا في تغلبي غير صحيحة فقد قال صاحب اللسان: " النسب إلى يثرب يثربي ويثربي، وأثربي وأثربي (بفتح الراء وكسرها فيها).
فتحو الراء استثقالا لتوالى الكسرات "، اه وفي حواشي ابن جماعة على الجار بردى: أنهم نسبوا إلى المشرق والمغرب بالفتح والكسر، (2) الصعق - بفتح الصاد وكسر العين - وبعضهم يقوله بكسرتين، فيتبع الفاء للعين، وهو صفة مشبهة، ومعناه المغشى عليه، والفعل صعق كسمع صعقا -
بفتح فسكون أو بفتحين - وقد لقب بالصعق خويلد بن نفيل.
قال في القاموس: " ويقال فيه الصعق كابل والنسبة صعقى محركة، وصعقي كعنبى على غير قياس، لقب به لان تميما أصابوا رأسه فكان إذا سمع صوتا صعق، أو لانه اتخذ طعاما فكفأت الريح قدوره فلعنها فأرسل الله عليه صاعقة " اه وقال سيبويه (2: 73) " وقد سمعنا بعضهم يقول في الصعق: صعقي (بكسر الصاد والعين) يدعه على حاله وكسر الصاد لانه يقول صعق (بكسرتين) والوجه الجيد فيه صعقى (بفتحتين) وصعقي (بكسر ففتح) جيد " اه وملخص هذا أن من يقول صعقا كابل ينسب إليه على لفظه وقياسه فتح العين مع بقاء كسر الصاد، وأن خيرا من ذلك أن يقال في المنسوب إليه صعق - بفتح وكسر - وينسب إليه صعقى - بفتحتين - (*)


قال: " وتحذف والوا والياء من فعولة وفعيلة بشرط صحة العين ونفي التضعيف كحنفي وشنئى، ومن فعيلة غير مضاعف كجهني بخلاف طويلي وشديدي، وسليقي وسليمي في الازد، وعميرى في كلب، شاذ، وعبدي وجذمي في بني عبيدة وجذيمة أشذ، وخريبي شاذ، وثقفى وقرشي وفقمى في كنانة، وملحي في خزاعة، شاذ وتحذف الياء من المعتل اللام من المذكر والمؤنث، وتقلب الياء الاخيرة واوا كغنوى وقصوى وأموى، وجاء أميى بخلاف غنوى، وأموى شاذ، وأجرى يحوى في تحية مجرى غنوى، وأما في نحو عدو فعدوى اتفاقا، وفي نحو عدوة قال المبرد مثله وقال سيبويه عدوى "
أقول: اعلم أن سبب هذا التغيير قريب من اسبب الاول، وذلك أن فعيلا وفعيلا قريبان من البناء الثلاثي، ويستولى الكسر مع الياء على أكثر حروفها لو قلت فعيلى وفعيلى، وهو في الثاني أقل، وأما إذا زادت الكلمة على هذه البنية مع الاستيلاء المذكور نحو إزميلى (1) وسكيتي وسكيتى (2) بتشديد الكاف فيهما
__________
(1) إزميلى منسوب إلى إزميل - بكسر أوله وثالثه وسكون ثانيه - وهو شفرة الحذاء، والحديدة في طرف الرمح لصيد البقر، والمطرقة، والازميل من الرجال الشديد والضعيف، فهو من الاضداد (2) سكيتى بكسر أوله وتشديد ثانيه وآخره ياء مشددة -: منسوب إلى سكيت، وهو كثير الكسوت، وسكيتى - بضم أوله وتشديد ثانيه وآخره ياء مشددة -: منسوب إلى سكيت، وهو الذي يجئ في آخر الحلبة آخر الخيل (*)


فلا يحذف منها حرف المد، سواء كانت مع التاء أولا، إذ وضعها إذن على الثقل فلا يستنكر الثقل العارض في الوضع الثاني، أعنى وضع النسبة، لكن مع قرب بناء فعيل وفعيل من البناء الثلاثي ليسا مثله، إذ ذاك موضوع في الاصل على غاية الخفة، دون هذين، فلا جرم لم يفرق في الثلاثي بين فعل وفعلة نحو نمر ونمرة، وفتح العين في النسب إليهما، وأما ههنا فلكون البناءين موضوعين على نوع من الثقل بزيادتهما على الثلاثي لم يستنكر الثقل العارض في النسب غاية الاستنكار حتى يسوي بين المذكر والمؤنث، بل نظر، فلما لم يحذف في المذكر حرف لم يحذف حرف المد أيضا، ولما حذف في المؤنث التاء كما هو مطرد في جميع باب النسب صار باب الحذف مفتوحا، فحذف حرف اللين أيضا، إذ الحذف يذكر الحذف، فحصل به مع التخفيف الفرق بين المذكر والمؤنث، وكذا ينبغي أن يكون: أي يحذف للفرق بين المذكر والمؤنث، لان المذكر أول، وإنما حصل الالتباس بينهما
لما وصلوا إلى المؤنث، ففصلوا بينهما بتخفيف الثقل الذى كانوا اغتفروه في المذكر وتناسوه هناك، وإنما ذكروه ههنا بما حصل من حذف التاء مع قصد الفرق، فكان على ما قيل: * ذكرتني الطعن وكنت ناسيا * (1)
__________
(1) قال الميداني في مجمع الامثال (1: 45 طبع بولاق): " قيل إن أصله أن رجلا حمل على رجل ليقتله وكان في يد المحمول عليه رمح فأنساه الدهش والجزع ما في يده، فقال له الحامل: ألق الرمح، فقال الاخر: إن معى رمحا لا أشعر به ؟ ! ذكرتني الطعن - المثل، وحمل على صاحبه فطعنه حتى قتله أو هزمه.
يضرب في تذكر الشئ بغيره، يقال: إن الحامل صخر بن معاوية السلمى والمحمول عليه يزيد بن الصعق، وقال المفضل: أول من قاله رهيم بن حزن الهلالي - رهيم ككميت، وحزن كفلس - وكان انتقل بأهله وماهل من بلده يريد بلد آخر فاعترضه قوم من بنى تغلب فعرفوه، وهو لا يعرفهم، فقالوا له: خل ما معك (*)


ويذكرون التخفيف أيضا بسبب آخر غير حذف التاء، وهو كون لام الفعل في فعيل وفعيل ياء نحو على وقصى، خففوا لاجل حصول الثقل المفرط لو قيل عليى وقصيى في البناء القريب من الثلاثي، ولم يفرقوا في هذا السبب.
لقوته بين ذي التاء وغيره، فالنسبة إلى على وعلية علوى، وكذا قصى وأمية، كما إستوى في نمر ونمرة، خففوا هذا بحذف الياء الساكنة لان ما قبل ياء النسبة لا يكون إلا متحركا بالكسر كما مر، والاولى مد فلا يتحرك، وتقلب الياء الباقية واوا لئلا يتوالى الامثال، فان الواو وإن كانت أثقل من الياء
__________
وانج، قال لهم: دونكم المال ولا تتعرضوا للحرم، فقال له بعضهم: إن أردت أن نفعل ذلك فألق رمحك، فقال: وإن معى لرمحا ؟ ! فشد عليهم فجعل يقتلهم
واحدا بعد واحد وهو يرتجز ويقول: ردوا على أقربها الاقاصيا * إن لها بالمشرفى حاديا ذكرتني الطعن وكنت ناسيا " اه والضمير في " أقربها " يعود إلى الابل المفهومة من الحال وإن لم يجر لها ذكر في الكلام، والاقاصى: جمع أقصى أفعل تفضيل من قصى كدعا ورضى: أي بعد والمشرفي - بفتح الميم والراء: منسوب إلى مشارف، وهى قرى قرب حوران منها بصرى من الشام ثم من أعمال دمشق، إليها تنسب السيوف المشرفية.
قال أبو منصور الازهرى: قال الاصمعي: السيوف المشرفية منسوبة إلى مشارف، وهى قرى من أرض العرب تدنو من الريف، وحكى الواحدى: هي قرى باليمن، وقال أبو عبيدة: سيف البحر شطه، وما كان عليه من المدن يقال لها المشارف تنسب إليها السيوف المشرفية، قال ابن إسحاق: مشارف قرية من قرى البلقاء.
نقول: فمن قال إن مشسارف قرى فهو جمع لفظا ومعنى، فالنسبة إليه برده إلى واحده، فيقال: مشرفى، وهو قياس، ومن قال: إن مشارف قرية فهو جمع لفظا مفرد في المعنى، فالنسبة إليه تكون على لفظه، فيقال: مشارفي، فقولهم مشرفى على هذا الوجه شاذ (*)


لو انفردت لكنهم استراحوا إليها من ثقل تتالى الامثال كما ذكرنا، ولا تكاد تجد ما قبل ياء النسبة ياء إلا مع سكون ما قبلها نحو ظبي لان ذلك السكون يقلل شيئا من الثقل المذكور، ألا ترى أن حركة الياء تستثقل في قاض إذا كانت ضمة أو كسرة، بخلاف ظبي، وليس الثقل في نحو أميى لانفتاح ما قبل أولى الياءين المشددتين كالثقل في نحو عليى، لان ههنا مع الياءين المشددتين كسرتين، فلهذا كان استعمال نحو أميى بياءين مشددتين أكثر من استعمال
نحو عديى كذلك، وقد جاء نحو أميى وعديى بياءين مشددتين فيهما في كلامهم كما حكى يونس، وإن كان التخفيف فيهما بحذف أولى الياءين وقلب الثانية واوا أكثر.
وأما فعول وفعولة فسيبويه (1) يجريهما مجرى فعيل وفعيلة في حذف حرف اللين في المؤنث دون المذكر قياسا مطردا، تشبيها لواو المد بيائه لتساويهما في المد وفى المحل أعنى كونهما بعد العين، ولهذا يكونان ردفا في قصيدة واحدة كما تقول مثلا في قافية غفور وفى الاخرى كبير، وقال المبرد شنئى في شنوأة شاذ لا يجوز القياس عليه، وقال: بين الواو والياء والضم والكسر في هذا الباب فرق، ألا ترى أنهم قالوا نمري بالفتح في نمر ولم يقولوا في سمر سمرى اتفاقا،
__________
(1) قال العلامة الشيخ خالد الازهرى: " وما ذكرناه في فعيلة وفعيلة من وجوب حذف الياء فيهما وقلب الكسرة فتحة في الاولى فلا نعلم فيه خلافا، وأما فعولة فذهب سيبويه والجمهور إلى وجوب حذف الواو والضمة تبعا واجتلاب فتحة مكان الضمة، وذهب الاخفش والجرمي والمبرد إلى وجوب بقائهما معا، وذهب ابن الطراوة إلى وجوب حذف الواو فقط وبقاء الضمة بحالها " اه ومنه تعلم أن المذهب المنسوب إلى أبى العباس محمد بن يزيد المبرد أصله للاخفش والجرمي، فأنهما سابقان عليه، وتعلم أيضا أن في الكسألة رأيا ثالثا وهو مذهب ابن الطراوة (*)


وكذا قالوا في المعتل اللام في نحو عدى عدوى وفى عدو عدوى اتفاقا، فكيف وافق فعولة فعيلة ولم يوافق فعل فعيلا ولا فعول المعتل اللام فعيلا، وكذا فعولة المعتل اللام بالواو أيضا، عند المبرد فعولى، وعند سيبويه فعلى كما كان في الصحيح.
فالمبرد يقول في حلوب، وحلوبة حلوبي، وكذا في عدو وعدوة عدوى،
ولا يفرق بين المذكر والمؤنث لا في الصحيح اللام ولا في المعتلة، ولا يحذف الواو من أحدهما، وسيبويه يفرق فيهما بين المذكر والمؤنث، فيقول في حلوب وعدو: حلوبي وعدوى، وفى حلوبة وعدوة: حلبى وعدوى، قياسا على فعيل وفعيلة، والذى غره شنوءة فإنهم قالوا فيها شنئى، ولو لا قياسها على نحو حنيفة لم يكن لفتح العين المضمومة بعد حذف الواو وجه، لان فعليا كعضدي وعجزي موجود في كلامهم، فسيبويه يشبه فعولة مطلقا قياسا بفعيلة في شيئين: حذف اللين، وفتح العين، والمبرد يقصر ذلك على شنوءة فقط، وقد خلط المصنف (1) ههنا في الشرح فاحذر تخليطه، وقول المبرد ههنا متين كما ترى (2).
__________
(1) قال ابن جماعة في حواشي الجاربردى: " زعم الشاح تبعا للشريف والبدر ابن مالك أن كلام المصنف في الشرح المنسوب إليه يقتضى أن يكون الحاذف المبرد وغير الحاذف سيبويه، وإنه خطأ وقع منه، وساق كلامه على حسب ما وقع في نسخته، والذي رأيته في الشرح المذكور عكس ذلك الواقع موافقا لما في المتن، ولعل النسخ مختلفة، فلتحرر " اه ومنه تعلم أن التخليط الذى نسبه المؤلف إلى ابن الحاجب ليس صحيح النسبة إليه، وإنما هو من تحريف النساخ، والشريف الذي يشير إليه هو الشريف الهادي وهو أحد شراح الشافية، وليس هو الشريف الجرجاني (2) قد قوى مذهب أبى العباس المبرد بعض العلماء من ناحية القياس والتعليل والاخذ بالنظائر والاشباه فقد قال العلامة ابن يعيش (5: 147): " وقول أبى العباس متين من جهة القياس، وقول سيبويه أشد من جهة السماع، وهو قولهم (*)


قوله: " بشرط صحة العين ونفى التضعيف " يعنى إن كان فعولة معتلة العين نحو قووله وبيوعه في مبالغة قائل وبائع، أو كانت مضاعفة نحو كدودة، وكذا إن كانت فعيلة معتلة العين كحويزة وبييعة من البيع، أو مضاعفة كشديدة،
لم تحذف حرف المد في شئ منها، إذ لو حذفته لقلت قولى وبيعي وكددى وحوزى (1) وبيعي وشددي، فلو لم تدغم ولم تتقلب الواو ولا الياء ألفا
__________
شنئى وهذا نص في محل النزاع " اه، لكن ابن جماعة قال بعد حكاية الاقوال في هذا المسألة: " والاول مذهب سيبويه وهو الصحيح، للسماع، فان العرب حين نشيت إلى شنوءة قالوا: فان قيل: شنئى شاذ، أجيب بأنه لو ورد نحوه مخالفا له صح ذلك، ولكن لم يسمع في فعولة غيره، ولم يسمع إلا كذلك، فهو جميع المسموع منها، فصار أصلا يقاس عليه " اه، والذى ذكره ابن جماعة في مذهب سيبويه وجيه كما لا يخفى (1) الذي في القاموس: الحويزة كدويرة: قصبة بخوزستان، وكجهينة ممن قال الحسين، وبدر بن حويزة محدث " اه والذى في اللسان: " وبنو حويزة قبيلة قال ابن سيده: أظن ذلك ظنا " اه وليس فيهما حويزة - بفتح فكسر - كما يؤخذ من كلام المؤلف، ولكن الذي في ابن يعيش يقتضى صحة كلام المؤلف، فانه قال في (5: 146): " وكذلك لو نسبت إلى بنى طويلة وبنى حويزة وهم في التيم قلت: طويلى وحويزى، والتصريف يوجب أن الواو إذا تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا كقولهم: دار، ومال، وحذف الياء إنما هو لضرب من التخفيف، فلما آل الحال إلى ما هو أبلغ منه في الثقل أو إلى اعلال الحرف احتمل ثقله وأقر على حاله " اه وفي كلام سيبويه ما يؤيد صحة ما يؤخذ من كلام ابن يعيش، فقد قال في (2: 71): " وسألته عن شديدة، فقال: لا أحذف لا ستثقالهم الضعيف، وكأنهم تنكبوا التقاء الدالين وسائر هذا من الحروف، قلت: فكيف تقول في بنى طويلة، فقال: لا أحذف لكراهيتهم تحريك هذه الواو في فعل (بفتحتين) ألا ترى أن فعل من هذا الباب العين فيه ساكنة والالف مبدلة فيكره هذا كما يكره التضعيف، وذلك قولهم في بنى حويزة حويزى " (*)


لكنت كالساعي إلى مثعب موائلا من سبل (1) الراعد، إذ المد في مثله ليس في غاية الثقل كما ذكرنا، ولذلك لم يحذف في المجرد عن التاء الصحيح اللام، بل حذفه لادنى ثقل فيه، حملا على الثلاثي كما مر، مع قصد الفرق بين المذكر والمؤنث، واجتماع المثلين المتحركين في كلمة (2) وتحرك الواو والياء عينين مع انفتاح
__________
(1) أخذ هذه العبارة من بيت لسعيد بن حسان بن ثابت وهو مع بيت قبله: فررت من معن وإفلاسه * إلى اليزيدى أبى واقد وكنت كالساعي إلى مثعب * موائلا من سبل الراعد ومعن المذكور هنا هو معن بن زائدة الشيباني الذى يضرب به المثل في الجود، وإنما أضاف الافلاس إليه لان الافلاس لازم للكرام غالبا، والمراد باليزيدى أحد أولاد يزيد بن عبد الملك، والمثعب - بفتح اليم وسكون الثاء وفتح العين المهملة -: مسيل الماء.
وموائل: اسم فاعل من واءل إلى المكان مواءلة ووئالا: أي بادر.
والسبل - بفتحتين -: المطر.
والراعد: السحاب ذو الرعد (2) هذا الذي ذكره المؤلف في تعليل عدم حذف المد من فعولة وفعيلة المضاعفين مسلم في فعولة وليس بمسلم في فعيلة، لانه بعد حذف حرف المد من نحو شديدة تفتح العين فيصير شددا كلبب ومثل هذا الوزن يمتنع الادغام فيه لخفته ولئلا يلتبس بفعل ساكن العين.
قال المؤلف في باب الادغام: " وإن كان (يريد اجتماع المثلين) في الاسم، فأما أن يكون في ثلاثي مجرد من الزيادة أو في ثلاثي مزيد فيه، ولا يدغم في القسمين إلا إذا شابع الفعل، لما ذكرنا في باب الاعلال من ثقل الفعل فالتخفيف به أليق، فالثلاثي المجرد إنما يدغم إذا وازن الفعل نحو رجل صب.
قال الخليل: هو فعل - بكسر العين - لان صببت صبابة فأنا صب كقنعت قناعة فأنا قنع، وكذا طب طبب، وشذ رجل ضفف، والوجه ضف، ولو بنيت مثل نجس (بضم العين) من رد قلت: رد بالادغام، وكان
القياس أن يدغم ما هو على فعل كشرر وقصص وعدد لموازنته الفعل، لكنه لما كان الادغام لمشابهة الفعل الثقيل وكان مثل هذا الاسم في غاية الخفة لكونه مفتوح (*)


ما قبلهما قليلان متروكان عندهم، ولو أدغمت وقبلت لبعدت الكلمة جدا عما هو أصلها لا لموجب قوى.
فأن قلت: لم تقلب الواو والياء ألفا في قوول وبيوع وبييع مع تحركهما وانفتاح ما قبلها، فما المحذور لو لم تقلبا أيضا مع حذف المد ؟ فالجواب أنهما لم تقلبا مع المد لعدم موازنة الفعل معه التي هي شرط في القلب كما يجئ في باب الاعلال، ومع حذف المد تحصل الموازنة.
قوله: " ومن فعيلة غير مضاعف "، إنما شرط ذلك لانه لو حذف من مد يدي في مديدة (1) لجاء المحذور المذكور في شديدة، ولم يشترط ههنا صحة العين لان (نحو) قويمة (2) إذا حذف ياؤه لم تكن الواو متحركة منفتحا ما قبلها كما كان يكون في طويلة وقووله لو حذف المد.
__________
الفاء والعين - ألا ترى الى تخفيفهم نحو كبد وعضد دون نحو جمل - تركوا الادغام فيه، وأيضا لو أدغم فعل (بفتح الفاء والعين) مع خفته لالتبس بفعل ساكن العين فيكثر الالتباس، بخلاف فعل وفعل بكسر العين وضمها فانهما قليلان في المضعف، فلم يكثرت بالالتباس القليل، وإنما اطرد قلب العين في فعل (بفتحتين) نحو دار وباب ونار وناب ولم يجز فيه الادغام مع أن الخفة حاصلة قبل القلب كما هي حاصلة قبل الادغام، لان القلب لا يوجب التباس فعل (بفتحتين) بفعل (بفتح فسكون)، إذ بالالف يعرف أنه كان متحرك العين لاساكنها بخلاف الادغام " اه (1) مديدة: تصغير " مدة " ويجوز أن يكون المكبر بضم أوله ومعناه الزمان وما أخذت من المداد على القلم.
وبالفتح ومعناه واحدة المد الذى هو الزيادة
في أي شئ.
وبالكسر ومعناه ما يجتمع في الجرح من القيح (2) قويمة: تصغير قامة أو قومة أو قيمة، فأما القامة فمصدر بمعنى القيام، أو هي جمع قائم كقادة في جمع قائد، أو حسن طول الانسان، أو اسم بمعنى جماعة الناس.
وأما القومة فمصدر بمعنى القيام أيضا، أو المرة الواحدة منه.
وأما القيمة فثمن الشئ بالتقويم وأصلها قومة قلبت الواو ياء لسكوتها إثر كسرة (*)


قوله " وسيلقى شاذ " السليقة: الطبيعة، والسليقي: الرجل يكون من أهل السليقة، وهو الذى يتكلم بأصل طبيعته (ولغته) ويقرأ القرآن كذلك، بلا تتبع للقراء فيما نقلوه من القراآت، قال: ولست بنحوى يلوك لسانه * ولكن سليقى أقول فأعرب (1) قول " وسليمي في الازد وعميرى في الكلب "، يعنى إن كان في العرب سليمة في غير الازد وعميرة في غير كلب، أو سميت الان بسليمة أو عميرة شخصا أو قبيلد أو غير ذلك قلت: سلمى وعمري في القياس، والذى شذ هو المنسوب إلى سليمة قبيلة من الازد، وإلى عميرة قبيلة من كلب، كأنهم قصدوا الفرق بين هاتين القبيلتين وبين سليمة وعميرة من قوم آخرين.
قوله " وعبدي وجذمى " قال سيبويه: تقول في حى من بنى عدى يقال: لهم بنو عبيدة: عبدى، وقال: وحدثنا من نثق به أن بعضهم يقول: في بنى جذيمة جذمى فيضم الجيم ويجريه مجرى عبدى، فرقا بين هاتين القبيلتين وبين مسمى آخر بعبيدة وجذيمة، وحذف المضاف: أعنى " بنو " في الموضعين، لما يجئ بعد من كيفية النسبة إلى المضاف والمضاف إليه، ولو سميت بعبيدة وجذيمة شيئا آخر جرى النسبة إليه على القياس، كما قلنا في عميرة وسليمة.
وإنما كان هذا أشذ من الاول لان في الاول ترك حذف الياء كما في فعيل، وغايته إبقاء الكلمة على أصلها، وليس فيه تغيير الكلمة عن أصلها،
__________
(1) لم نعثر على نسبة هذا البيت إلى قائل معين، وهو من شواهد كثير من النحاة، والمراد أنه يفتخر بكونه لا يتعمل الكلام ولا يتتبع قواعد النحاة ولكنه يتكلم على سجيته ويرسل الكلام إرسالا فيأتى بالفصيح العجيب.
و " يلوك لسانه ": يديره في فمه والمراد يتشدق في كلامه ويتكلفه (*)


وأما ههنا ففيه ضم الفاء المفتوحة، وهو إخراج الكلمة عن أصلها.
قوله " وخريبى شاد " كل ما ذكر كان شاذا في فعيلة - بفتح الفاء وكسر العين - وخريبى شاذ في فعيلة - بضم الفاء وفتح العين - وخريبة قبيلة، والقصد الفرق كما ذكرنا، إذ جاء خريبة اسم مكان أيضا، وكذلك شذ رماح ردينية، وردينة زوجة سمهر المنسوب إليه الرماح.
قوله " وثقفى " هذا شاذ في فعيل والقياس إبقاء الياء قوله " وقرشى وفقمى وملحى " هي شاذة في فعيل بضم الفاء، والقياس إبقاء الياء أيضا، وإنما قال " في كنانة " لان النسب إلى فقيم بن جرير بن دارم من بنى تميم فقيمى على القياس، وقال " ملحى في خزاعة " لان النسب إلى مليح بن الهون بن خزيمة مليحى على القياس، وكذا إلى مليح بن عمرو بن ربيعة في السكون، والقصد الفرق في الجميع كما ذكرنا قال السيرافي (1): أما ما ذكره سيبويه من أن النسبة إلى هذيل هذلي فهذا الباب عندي لكثرته كالخارج عن الشذوذ، وذلك خاصة في العرب الذين بتهامة وما يقرب منها، لانهم قالوا قرشي وملحى وهذلى وفقمى، وكذا قالوا في
__________
(1) اعلم أن في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الاول، وهو مذهب سيبويه
وجمهور النحاة أن قياس النسب الى فعيل كأمير، وفعيل كهذيل، بقاء الياء فيهما، فان جاء شئ مخالفا لذلك كثقفي في الاول وهذلى في الثاني فهو شاذ، الثاني، وهو مذهب أبى العباس المبرد، أنك مخير في النسب إليهما بين حذف الياء وبقائها قياسا مطردا، فيجوز أن تقول في النسب إلى شريف وجعيل: شريفي وجعيلي، وأن تقول: شرفي وجعلي، وما جاء على أحد هذين الوجهين فهو مطابق للقياس، الثالث، مذهب أبي سعيد السيرافي الذي أومأ اليبه المؤلف، وهو أنك مخير في فعيل - بضم الفاء - بين إثبات الياء وحذفها، فأما في فعيل - بفتح الفاء - (*)


سليم وخثيم وقريم وحريث وهم من هذيل: سلمى وخثمى وقرمى وحرثي، وهؤلاء كلهم متجاورون بتهامة وما يدانيها، والعلة اجتماع ثلاث يا آت مع كسرة في الوسط قوله " وتحذف الياء من المعتل اللام "، لا فرق في ذلك بين المذكر والمؤنث بالتاء، بخلاف الصحيح فانه لا يحذف المد فيه إلا من ذى التاء كما ذكرنا قوله " وتقلب الياء الاخيرة واوا " لئلا يجتمع الياآت مع تحرك ما قبلها لما ذكرنا قوله " وجاء أميى "، يعنى جاء في فعيل من المعتل اللام إبقاء الياء الاولى لقلة الثقل بسبب الفتحة قبلها، ولم يأت نحو غنيى، هذا قوله، وقد ذكرنا قبل أنه قد يقال غنيى، على ما حكى يونس، وقال السيرافي: إن بعضهم يقول عديى إلا أنه أثقل من أميى، لزيادة الكسرة فيه، وقال سيبويه: بعض العرب يقول في النسب إلى أمية أموى بفتح الهمزة، قال: كأنه رده إلى مكبره طلبا للخفة (1)
__________
فليس لك إلا اثبات الياء، وإنما فرق بينهم لكثرة ما ورد من الاول بالحذف في حين أنه لم يرد من الثاني بالحذف إلا ثقفي هذا كله في صحيح اللام منهما، فأما معتل اللام نحو على وغنى ففيه ما ذكره المؤلف من كلام يونس والمصنف (1) اعلم أن أمية تصغير أمة، وهى الجارية، والتاء في أمة عوض عن اللام المحذوفة، وأصلها الواو، والدليل على أن أصلها الواو جمعهم لها على أموات، فلما أرادوا تصغيرها ردوا اللام كما هو القياس في تصغير الثلاثي الذى بقى على حرفين ثم قلبوا الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وأدغمت ياء التصغير فيها، وزادوا تاء التأنيث على ما هو قياس الاسم الثلاثي المؤنث بغير التاء فأما تاء العوض فقد حذفت حين ردت اللام، لانه لا يجمع بين العوض و (*)


قوله " وأجرى تحوى في تحية مجرى غنوى " إنما ذكر ذلك لان كلامه كان في فعيلة، وتحية في الاصل تفعلة إلا أنه لما صار بالادغام كفعيلة في الحركات والسكنات، فشارك بذلك نحو عدى وغنى في علة حذف الياء في النسب وقلب الياء واوا (1) فحذفت ياؤه الاولى وقلبت الثانية واوا لمشاركته له في العلة، وإن خالفه في الوزن وفي كون الياء الساكنة في تحية عينا وفي أمية (2) للتصغير واعلم أنك إذا نسبت إلى قسى وعصى علمين (3) قلت: قسوى وعصوى
__________
والمعوض عنه، والنسب إلى أمة المكبر أموى برد اللام وجوبا كما هو قياس النسب إلى الثلاثي المحذوف اللام، إذ كانت قد ردت في جمع التصحيح (1) وقع ف ي أصول الكتاب ألها " فشارك بذلك نحو عدى وغنى في علة حذف الياء في التصغير وقلب الياء واوا " والذى يتجه عندنا أن كلمة " التصغير " وقعت سهوا وأن الصواب " في علة حذف الياء في النسب " لان حذف الياء الاولى مع قلب الثانية واوا لا يكون إلا في النسب وعلى هذا تكون إضافة " علة " الى " حذف "
على معنى اللام، وعلة الحذف هي استثقال الياءات مع الكسرتين.
نعم أن تحية وغنيا يشتركان في باب التصغير في حذف إحدى الياءات لوجود ياءين بعد ياء التصغير، لكنهما عند المؤلف تحذف ياؤهما الاخيرة نسيا، وعند ابن مالك تحذف الياء التي تلى ياء التصغير كما نص عليه في التسهيل، وليس من اللائق حمل كلام المؤلف على غير مذهبه، على أنه لو أمكن تصحيح بقاء كلمة " التصغير " على حالها بالنسبة إلى حذف الياء لم يمكن بقاؤها بالنسبة الى قلب الياء واوا، لان محله النسب لا التصغير، فلا جرم وجب ما ذكرناه (2) قوله " وفى أمية للتصغير " هذه كلمة مستدركة، لانه لا يشبه تحية بأمية وإنما يشبهها بنحو غنية، ألا ترى أن وجه الشبه أنهما سواء في الحركات والسكنات والاصل في ذلك أن يكون سواء في نوع الحركة لا في جنسها فكان الاوفق أن يقول وفي " غنية " زائدة (3) إنما قال " علمين " للاحتراز عن النسب إليهما جمعين فأن النسب إليهما حينئذ يرد كل واحد منهما إلى مفرده، فتقول عصوى وقوسى (*)


فضممت الفاء لان أصله الضم، وإنما كنت كسرته إتباعا لكسرة العين، فلما انفتح العين في النسبة رجع الفاء إلى أصلها قال: " وتحذف الياء الثانية في نحو سيد وميت ومهيم من هيم، وطائي شاذ، فإن كان نحو مهيم تصغير مهوم قيل مهيمى بالتعويض " أقول: اعلم أنه إذا كان قبل الحرف الاخير الصحيح ياء مشددة مكسورة فألحقت ياء النسب به وجب حذف ثانيتهما المكسورة على أي بنية كان الاسم: على فيعل كميت، أو على مفعل كمبين، أو على أفيعل كأسيد، أو على فعيل كحمير
أو على غير ذلك، لكراهتهم في آخر الكلمة الذي اللائق به التخفيف اكتناف ياءين مشددتين بحرف واحد مع كسرة الياء الاولى وكسرة الحرف الفاصل، وكان الحرف في الاخر أولى، إلا أنه لم يجز حذف إحدى ياءى النسب لكونهما معا علامة، ولا ترك كسرة ما قبلهما لالتزامهم كسره مطردا، ولا حذف الياء الساكنة لئلا يبقى ياء مكسورة بعدها ياء مشددة، فان النطق بذلك أصعب من النطق بالمشددتين بكثير، وذلك ظاهر في الحس، فلم يبق إلا حذف المكسورة، فان كان الاخير حرف علة كما في المحيى فسيجئ حكمه، فان كانت الياء التي قبل الحرف الاخير مفتوحة كمبين ومهيم اسمى مفعول لم يحذف في النسبة شئ لعدم الثقل قوله " وطأيى شاذ " أصله طيئى كميتى فحذف الياء المكسورة كما هو القياس، فصار طيئى بياء ساكنة، ثم قلبوا الياء الساكنة ألفا على غير القياس قصدا للتخفيف لكثرة استعمالهم إياه، والقياس قلبها ألفا إذا كانت عينا أو طرفا وتحركت وانفتح ما قبلها كم يجئ، ويجوز أن يكون الشذوذ فيه من جهة حذف


الياء الساكنة فتنقلب الياء التى هي عين ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها على ما هو القايس قوله: " ومهيم من هيم " هو اسم فاعل من هيمة الحب: أي صيره هائما متحيرا.
قوله " فإن كان نحو مهيم تصغير مهوم اسم فاعل من هوم " أي نام نوما خفيفا، فإذا صغرته حذفت إحدى الواوين، كما تحذف في تصغير مقدم إحدى الدالين، وتجئ بياء التصغير، فإن أدغمته فيها صار مهيما، وإن لم تدغمه كما تقول في تصغير أسود: أسيود (1) قلت: مهيوم، ثم إن أبدلت من المحذوف
قلت: مهيم ومهيويم، كما تقول: مقيديم، قال جار الله وتبعه المصنف: إنك إذا نسبت إلى هذا المصغر المدغم فالواجب إبدال الياء من الواو المحذوفة، فتقول: مهييمى لانك لو جوزت النسب إلى ما ليس فيه ياء البدل وهو على صورة اسم فاعل من هيم فان لم تحذف منه شيئا حصل الثقل المذكور، وإن حذفت التبس المنسوب إلى هذا المضر بالمنسوب إلى اسم الفاعل من هيم، فألزمت ياء البدل ليكون الفاصل بين الياءين المشددتين حرفين: الياء الساكنة والميم، فتتباعدان أكثر من تباعدهما حين كان الفاصل حرفا، فلا يستثقل اجتماع الياءين المشددتين في كلمة حتى يحصل الثقل بترك حذف شئ منهما أو الالتباس بحذفه، وكذا ينبغي أن ينسب على مذهبهما إلى مصغر مهيم اسم فاعل من هيم، أعنى بياء العوض، وهذا الذي ذكرنا في تصغير مهيم ومهوم أعنيي حذف أحد المثلين مذهب سيبويه في تصغير عطود (2) على ما ذكرنا في التصغير، أما المبرد فلا يحذف منه شيئا، لان الثاني وإن كان متحركا يصير مدة رابعة فلا يختل به بنية
__________
(1) انظر (1: 230) من هذا الكتاب (2) انظر (1: 253) من هذا الكتاب (*)


التصغير كما قال سيبويه في تصغير مسرول (1) مسيريل، فعلى مذهبه ينبغى أن لا يجوز في تصغير مهوم ومهيم إلا مهيم بياء ساكنة بعد المشددة كما تقول في تصغير عطود: عطييد لا غير، فعلى مذهبه لا يجئ أنه إذا نسب إلى مصغر مهوم أو مهيم يجب الابدال من المحذوف لانه لا يحذف شيئا حتى يبدل، فلا ينسب هو أيضا إلى المصغر إلا مهييمي، لكن الياء ليس بعوض كما ذكرنا، ومذهب سيبويه وإن كان على ما ذكرنا من حذف إحدى الواوين في نحو عطود، إلا أنه لم يقل ههنا انك لا تنسب إلى المصغر إلا مع الابدال كما ذكر
جار الله، بل قال: إنك إذا نسبت إلى مهيم الذى فيه ياء ساكنة بعد المشددة لم تحذف منه شيئا، قال: لانا إن حذفنا الياء التي قبل الميم بقى مهيم والنسبة إلى مهيم توجب حذف إحدى الياءين فيبقى مهميى، كما يقال في حمير: حميئرى، فيصير ذلك إخلالا به، يعنى يختل الكلمة بحذف الياءين منها، فاختاروا ما لا يوجب حذف شيئين، يعنى إبقاء الياء التي هي مدة، ليتباعد بها وبالميم الياءان المشددتان أكثر فيقل استثقال تجاورهما، هذا قوله، ويجوز أن يكون سيبويه ذهب ههنا مذهب المبرد من أن النسبة إلى مثله لا تكون إلا بالمد، إذ لا يحذف من الكلمة شئ، فلا يكون الياء في مهييمي للتعويض ويجوز أن يكون ذهب ههنا أيضا إلى ما ذهب إليه في عطود، أعنى حذف أحد المثلين وجواز التعويض منه وتركه إلا أنه قصد إلى أنك إن نسبت إلى ما فيه ياء العوض لم تحذف منه شيئا خوف إجحاف الكلمة بحذف الياءين، وإن نسبت إلى المصغر الذى ليس فيه ياء العوض حذفت الياء المكسورة وقلت: مهيمى، كما تقول في المنسوب إلى اسم الفاعل من هيم وفي المنسوب إلى حمير إذ لا إجحاف
__________
(1) انظر (1: 250) من هذا الكتاب (*)


فيه إذن، ولا يبالي باللبس، وثاني الاحتمالين في قول سيبويه أرجح، لئلا يخالف قوله في عطود، وعلى كل حال فهو مخالف لما ذكر جار الله والمصنف قال: " وتقلب الالف الاخيرة الثالثة والرابعة المنقلبة واوا كعصوى ورحوى وملهوى ومرموي، ويحذف غيرهما كحبلى وجمزي ومرامي وقبعثرى، وقد جاء في نحو حبلى حبلوى وحبلاوى، بخلاف نحو جمزى " أقول: اعلم ان آخر الاسم المسوب إليه إما أن يكون ألفا أو واوا أو ياء
أو همزة قبلها ألف أو همزة ليس قبلها ذلك، أو حرفا غير هذه المذكورة، فالقسمان الاخيران لا يغير حرفهما الاخير لاجل ياء النسبة، ونذكر الان ما آخره ألف فنقول: الذي آخره ألف إن كانت ألفه ثانية: فإما أن تكون لامه محذوفة كما إذا سمى بفازيد وذامال وشاة (1)، ولا رابع لها أولا لام له وضعا، كما إذا سمى
__________
(1) أصل فازيد قبل الاضافة فوه - بفتح أوله وسكون ثانيه - بدليل جمعه على أفواه وتصغيره على فوية، ثم حذفت لامه اعتباطا فكره بقاء الاسم المعرب على حرفين ثانيهما لين فأبدل الثاني ميما فصار فم، فأذا أضيف زال المقتضى لابداله ميما، لان المضاف والمضاف إليه كالشئ الواحد فنزلوا المضاف إليه منزلة لام الكلمة فرجع حرف العلة، فجعلوه قائما مقام حركة الاعراب في الرفع ثم جعلوا الواو ألفا في النصب وياء في الجر لتكون الالف والياء مثل الفتحة والكسرة وضموا ما قبل الواو في الرفع وفتحوا ما قبل الالف في النصب وكسروا ما قبل الياء في الجر طلبا للتجانس والخفة، وأماذا مال فأصله قبل الاضافة ذوى - بفتح أوله وثانيه - على الراجح، فحذفت لامه اعتباطا ثم جعلت عينه التي هي الواو قائمة مقام حركة الاعراف في الرفع، وجعلت الالف والياء قائمتين مقام الفتحة والكسرة في حالتي النصب والجر، ثم حركت الفاء بحركة مناسبة للعين طلبا للتجانس والخفة (*)


بذا (1) وما ولا، وإن كانت ثالثة: فإما أن تكون منقلبة عن اللام كالعصى والفتى وهو الاكثر، أو تكون أصلية كما في متى وإذا، وإن كانت رابعة: فاما أن تكون منقلبة عن اللام كالاعلى والاعمى، أو للالحاق كالارطى (2) والذفرى (3)، أو للتأنيث كحبلى وبشرى، أو أصلية نحو كلا وحتى، والخامسة قد تكون منقلبة، وللالحاق، وللتأنيث، كالمصطفى والحبنطى (4)
والحبارى (5)، والسادسة قد تكون منقلبة كالمستسقى، وللالحاق كالمسلنقى (6) واسلنقى علما، وقد تكون للتأنيث كحولايا (7)، وقد تكون لتكثير البناء فقط كقبعثرى (8).
__________
وأما شاة فأصلها شوهة - بفتح أوله وسكون ثانيه - بدليل قولهم في التصغير شويهة فحذفت لام الكلمة اعتباطا، ثم حركت العين بالفتح لاتصال تاء التأنيث بها، ثم أعلت العين بقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذ الحركة وإن كانت عارضة إلا أنها لازمة، فجعلت كالاصلية فاعتد بها في الاعلال بخلاف حركة نحو شى في شئ وضو في ضوء ونحو اشتروا الضلالة، ولا تنسوا الفضل بينكم (1) مراده، " ذا " ذا الاشارية، وقد تبع في جعلها ثنائية الوضع ابن يعيش في شرح المفصل.
انظر (1: 285) من هذا الكتاب (2) انظر (1: 57) (3) انظر (1: 70) - و (1: 195) من هذا الكتاب (4) انظر (1: 54) - و (1: 255) من هذا الكتاب (5) انظر (1: 244) - و (1: 257) من هذا الكتاب (6) مسلنقى: اسم مفعول من اسلنقى، وهو مطاوع سلقاه، إذا صرعه وألقاه على ظهره (7) حولايا: اسم قرية من عمل النهروان على ما في القاموس، وقد ذكر المؤلف في باب التصغير أنه اسم رجل: انظر (1: 246) من هذا الكتاب (8) انظر (1: 9) من هذا الكتاب (*)


فالثانية التي لامها محذوفة إن وقع موقعها قبل النسب حرف صحيح على وجه الابدال قلب الالف في النسبة إليه، فيقال في النسب إلى فازيد علما:
فمى، بحذف المضاف إليه كما يجئ، أما قلبها في النسب ميما فلان ياء النسب كأنها الاسم المنسوب، والمجرد عنها هو المنسوب إليه، فلا جرم لا يلحق هذه الياء اسما إلا ويمكنه أن يستقل بنفسه من دون الياء ويعرب، وكذا ينسب إلى فوزيد وفي زيد علمين، وإن لم يقع موقعها حرف صحيح على وجه الابدال رد اللام كما تقول في المسمى بذا مال وفى شاة: ذووى وشاهى، (1) وكذا تقول في المسمى بذومال وذي مال، والثانية التى لا لام لها وضعا يزاد عليها مثلها.
كما يجئ، لان الملحق به ياء النسب كما قلنا يجب أن يمكن كونه اسما معربا من دون الياء، فإذا زدت عليها ألفا اجتمع ألفان، فتجعل ثانيتهما همزة، لان الهمزة من مخرج الالف ومخرج الفتحة التى قبلها، ولم تقلب الالف واوا وإن كان إبدال حروف العلة بعضها من بعض أكثر من إبدالها بغيرها، كما تقول في الرحى: رحوى على ما يجئ، لان وقوع الهمزة طرفا بعد الالف أكثر من وقوع الواو بعدها، فتقول ذائى في ذا للاشارة، ولائي ومائى، فقولهم: مائية الشئ منسوب إلى ما المستفهم بها عن حقيقة الشئ كما مر في الموصلات ومن قال ماهية فقد قلب
__________
(1) دووى على أن أصل ذا مال " ذوو " واضح، وأما على أن أصلها ذوى فوجهه أن الياء قلبت واوا دفعا لاستثقال الياءات والكسرة كما في عم وشج وشاهى في النسبة إلى شاة مبنى على مذهب سيبويه من أن ساكن العين إذا تحرك بعد حذف لامه يبقى على حركته عند رد اللام في النسب، لان ياء النسبة عارضة ولا اعتداد بالعارض، أما على مذهب الاخفش من أن العين إذا تحركت بعد حذف اللام ترجع إلى سكونها بعد رد اللام فيقال شوهى لا شاهى، لان المقتضى لتحريك العين هو حذف اللام فإذا ردت اللام زال المقتضى لتحريك العين فترجع إلى سكونها (*)


الهمزة هاء لتقاربهما، وحال الواو والياء ثانيتين لا ثالث لهما كحال الالف سواء، فتقول في المنسوب إلى لو: لوى وفى المنسوب إلى في: فيوى، وأصله فيى فعمل به ما عمل بالمنسوب إلى حى كما يجئ وإن كانت الالف ثالثة قلبت واوا مطلقا، وإنما لم تحذف الالف للساكنين كما تحذف في نحو الفتى الظريف لانها لو حذفت وجب بقاء ما قبل الالف على فتحته دلالة على الالف المحذوفة، لان ما حذف لعلة لانسيا تبقى حركة ما قبل المحذوف فيه على حالها كما في قاض وعصا فكنت فكنت تقول في النسبة إلى عصا وفتى: عصى وفتى بالفتح، إذ لو كسر ما قبل الياء لا التبس بالمحذوف لامه نسيا كيدى ودمى فكان إذن ينخرم أصلهم الممهد، وهو أن ما قبل ياء النسبة لا يكون إلا مكسورا في اللفظ ليناسبها، بخلاف ما قبل ياء الاضافة فانه قد لا يكون مكسورا كمسلماى وفتاى ومسلمي، وذلك لكون يا الاضافة اسما برأيه، بخلاف ياء النسبة، فأنها أوغل منها في الجزئية وان لم تكن جزأ حقيقيا كما مر، وإنما لم تبدل الالف همزة لان حروف العلة بعضها أنسب إلى بعض وأما إبدالهم الالف همزة في نحو صفراء وكساء ورداء دون الواو والياء فلما يجئ من أنها لو قلبت إلى أحدهما لوجب قلبها ألفا، فكان يبطل السعي، وإنما لم تقلب ياء كراهة لاجتماع الياءات، وإنما لم يقلب واو نحور جوى ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها لعروض حركتها (1) لان ياء النسب كما مر ليس له اتصال تام بحيث يكون كجزء مما قبله بل هو كالاسم المنسوب، وأيضا لئلا يصار إلى مافر منه
__________
(1) الاولى أن يقصر في عدم قلب واو نحو رحوى ألفا على تعليل الثاني، إذ لا يظهر لدعوى عروض حركة الواو وجه، اللهم إلا أن يقال إن الواو لما كانت منقلبة عن الالف الساكنة لاجل ياء النسبة العارضة كان أصل الواو والسكون وتحريكها إنما جاء لياء النسبة (*)


وأما الالف الرابعة فإن كان منقلبة، أو للالحاق، أو أصلية، فالاشهر الاجود قلبها واوا دون الحذف، لكونها أصلا أو عوضا من الاصل أو ملحقة بالاصل، وإن كانت للتأنيث فالاشهر حذفها لانه إذا اضطر إلى إزالة عين العلامة فالاولى بها الحذف، فرقا بين الزائدة الصرفة والاصلية أو كالاصلية، ويتحتم حذفها إذا تحرك ثانى الكلمة كجمزى (1)، لزيادة الاستثقال بسبب الحركة، فصارت الحركة - لكونها بع حروف المد كما ذكرنا غير مرة - كحرف، فإذا كان الاولى يألف التأنيث من دون هذا الاستثقال الحذف كما ذكرنا صار معه واجب الحذف وكما يتحتم حذف الالف خامسة كما يجئ يتحتم حذفها رابعة مع تحرك ثاني الكلمة، والحركة قد تقوم مقام الحرف فيما فيه نوع استثقال كما مر فيما لا ينصرف ألا ترى أن قدما يتحتم منع صرفه علما كعقرب دون هند ودعد، (2) وإن
__________
(1) يقال: جمز الانسان والبعير والدابة يجمز، كيضرب، جمزا وجمزى، إذا عدا عددا دون الجرى الشديد، ويقال: حمار جمزى إذا كان وثابا سريعا (2) قال المؤلف في شرح الكافية (1: 44): " فالمؤنث بالتاء المقدرة حقيقيا كان أولا إذا زاد على الثلاثة وسميت به لم ينصرف سواء سميت به مذكرا حقيقيا أو مؤنثا حقيقيا أولا هذا ولا ذاك، وذلك لان فيه تاء مقدرة وحرفا سادا مسده، فهو بمنزلة حمزة، وإن كان ثلاثيا فما أن يكون متحرك الاوسط أولا، والاول إن سميت به مؤنثا حقيقيا كقدم في اسم امرأة أو غير حقيقي كسقر لجهنم فجيمع النحويين على منع صرفة.
للتاء المقدرة ولقيام تحرك الوسط مقام الحرف الرابع القائم مقام التاء، والدليل على قيام حركة الوسط مقام الحرف الرابع أنك تقول في حبلى: حبلى وحبلوى، ولا تقول في جمزى إلا جمزى، كما لا تقول
في جمادى إلا جمادى، وخالفهم ابن الانباري فجعل سقر كهند في جواز الامرين نظرا إلى ضعف الساد مسد التاء، وإن سميت به مذكرا حقيقيا أو غير حقيقي فلا خلاف عندهم في وجوب صرفه، لعدم تقدير تاء التأنيث، وذلك كرجل سميته يسقر وكتاب سميته بقدم " اه (*)


كان ثاني الكلمة ساكنا جاز تشبيه ألف التأنيث بالالف المنقلبة، والاصلية والتي للالحاق، فتقول: حبلوى، وبألف التأنيث الممدودة، فتزيد قبلها ألفا آخر، وتقلب ألف التأنيث واوا فتقول: حبلاوى ودنياوى كصحراوي، وكما جاز تشبيه ألف التأنيث بالمنقلبة والاصلية والتى للالحاق جاز تشبيه المنقلبة والاصلية والتى للالحاق بألف التأنيث المقصورة في الحذف، فتقول: ملهى وحتى وأرطى، وبألف التأنيث الممدودة، تقول: ملهاوى وحتاوى وأرطاوى، وقد شبهوا - في الجمع أيضا - المنقلبة بألف التأنيث لكن قليلا، فقالوا: مدارى في جمع مدرى (1)، كحبالى في جمع حبلى كما يجئ في بابه (2) وأما الخامسة فما فوقها فانها تحذف في النسب مطلقا، منقلبة كانت أو غيرها، بلا خلاف بينهم، للاستثقال، إلا أن تكون خامسة منقلبة وقبلها حرف مشدد،
__________
(1) قال في اللسان: " والمدرى والمدراة (بكسر أولهما وسكون ثانيهما) والمدرية (بفتح أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه): القرن، والجمع مدار، ومدارى الالف بدل من الياء، ودرى رأسه بالمدرى: مشطه.
قال ابن الاثير: المدرى والمدراة: شئ يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر المتلبد، ويستعمله من لم يكن له مشط، ومنه حديث أبى: أن جارية له كانت تدرى رأسها بمدارها: أي تسرحه، يقال: أدرت المرأة تدرى ادراء، إذا سرحت شعرها به، وأصلها تدترى: تفتعل من استعمال المدرى، فأدغمت التاء في الدال " اه
(2) قال المؤلف في باب الجمع من هذا الكتاب: " وقد جاء في بعض ما آخره ألف منقلبة ما جاء في ألف التأنيث من قلب الياء ألفا تشبها له به، وذلك نحو مدرى، ومدار، ومدارى - بالالف - وذلك ليس بمطرد.
وقال السيرافي: هو مطرد، سواء كان الالف في المفرد منقلبة أو للالحاق وإن كان الاصل إبقاء الياء، فتقول على هذا في ملهى: ملاه وملاهي، وفى أرطي: أراط وأراطى، وقال: إنه لا يقع فيه إشكال، والاولى الوقوف على ما سمع " اه (*)


فإن يونس جعلها كالرابعة في جواز الابقاء والحذف، فمغلى عنده كأعلى وألزمه سيبويه أن يجوز في الخامسة للتأنيث القلب أيضا نحو عبدى (1) كما أجاز في الرابعة للتأنيث كحبلى، ولا يجيزه يونس ولا غيره، ولا يلزم ذلك يونس، لان أصل الرابعة التى للتأنيث الحذف كما تقدم فلزم فيما هو كالرابعة، بخلاف المنقلبة فان أصل الرابعة المنقلبة القلب (2)، وألزمه سيبويه أيضا أنه لو
__________
(1) انظر (1: 245 ه 2) من هذا الكتاب (2) حاصل هذا الكلام أن العلماء أجمعوا في الالف الرابعة على جواز القلب والحذف إذا كان ثانى الكلمة ساكنا بلا فرق بين الالف المنقلبة عن أصل كملهى والتى للتأنيث كحبلى، تقول: ملهى وملهوى وحبلى وحبلوى، اتفاقا، ومع اتفاقهم على جواز الوجهين اتفقوا على أن القلب في المنقلبة أرجح من الحذف وعلى أن الحذف في ألف التأنيث أرجح من القلب، فأما إذا كانت الالف خامسة ليس فيما قبلها حرف مشدد فقد أجمعوا أيضا على وجوب حذفها في النسب مطلقا تقول في حبارى ومصطفى: حبارى ومصطفى، فان كانت الالف خامسة وفيما قبلها حرف مشدد فان كانت للتأنيث فقد أجمعوا على وجوب الحذف، تقول في عبدى وكفرى وزمكى: عبدى وكفرى وزمكى، وإن كانت الالف في هذا الحال لغير
التأنيث مثل معدى ومصلى ومعلى (بضم ففتح فتشديد الثالث فيهم) فيونس يجوز فيها القلب والحذف حملا لها على الرابعة لان الحرف المشدد بمنزلة الحرف الواحد، وسيبويه يوجب فيها حينئذ الحذف اعتدادا بالحرف المشدد كحرفين، وقد قال سيبويه: إنه يجب إذا اعتبرنا الحرف المشدد حرفا واحدا أن يجوز في ألف التأنيث في هذه الحال الوجهان لوجود العلة التي اقتضت الجواز فيها كوجودها في المنقلبة، مع أنهم أجمعوا في التي للتأنيث على وجوب الحذف، وقد ذكر المؤلف رحمه الله أن ذلك لا يلزم يونس، لان بين ألف التأنيث الرابعة والالف التى لغير التأنيث فرقا، لان الاصل في ألف التأنيث الحذف والاصل في التى لغير التأنيث القلب، فلما حملت الخامسة التي قبلها حرف مشدد على الرابعة أعطى كل نوع ما هو الاصل فيه فجعل حكم التى للتأنيث الحذف وحكم غيرها جواز القلب، ونقول: كان مقتضى هذا (*)


جاء مؤنث على مثل معد وخدب (1) ونحو ذلك فسمى به مذكر يصرف، لانه يكون إذن كقدم إذا سمى به مذكر (2) ولا قائل به قوله: " كحبلى وجمزى " الالف فيهما رابعة للتأنيث، إلا أن جمزى متحرك الثاني بخلاف حبلى، وألف مرامي خامسة منقلبة، وفي قبعثرى سادسد لتكثير البنية فقط قال: " وتقلب الياء الاخيرة الثالثة المكسورة ما قبلها واوا ويفتح ما قبلها كعموى وشجوى، وتحذف الرابعة على الافصح كقاضي، ويحذف ما سواهما، كمشترى، وباب محى جاء على محوى ومحيى كأميى " أقول: اعلم أن الياء الاخيرة في المنسوب إليه لا تخلو من أن تكون ثانية محذوفة اللام كما إذا سمى بفى زيد وذى مال، أو ثانية لالام لها ضعا كفى وكى،
وقد ذكرنا حكم القسمين، أو ثانية فاؤها كشية (3)، ويجئ حكمها،
__________
الذي ذكره من الفرق أن يجب في المنقلبة القلب لانه أصل في الذى حمل عليه وهو الرابعة المنقلبة، كما وجب الحذف في التي للتأنيث لانه أصل في المحمول عليه وهو الرابعة التى للتأنيث (1) أنظر (1: 59 ه 6) من هذا الكتاب (2) حاصل هذا الوجه الذى ألزم به سيبويه يونس أن علم المؤنث إذا سمى به مذكر يشترط في منع صرفه الزيادة على ثلاثة أحرف، فلو جعلنا أحرف المشدد بمنزلة حرف واحد كما يقتضيه جعل يونس نحو معلى بمنزلة أعلى في جواز الحذف والابقاء لزمنا أن نصرف علم المؤنث الذى سمينا به مذكرا وكان على أربعة أحرف وفيه حرف مشدد، والاجماع على وجوب منع صرف مثل هذا (3) الشيه - بكسر الشين وفتح الياء مثل عدة - مصدر وشى الثوب يشيه وشيارشية، مثل وعد يعد وعدا وعدة، إذا حسنه ونمقه وجعله ألوانا (*)


أو تكون ثالثة، وهى إما متحرك ما قبلها ولا تكون الحركة إلا كسرة كالعمى والشجى، أو ساكن ما قبلها، وهو إما حرف صحيح كظبى ورقية (1) وقنية (2) أو ألف كراى وراية، أو ياء مدغم فيها كطى وحى، أو تكون رابعة، وهى إما أن ينكسر ما قبلها كالقاضي والغازي، أو يسكن، والساكن إما ألف كسقاية أو ياء مدغم فيها كعلي وقصي، أو غير ذلك كقرأي (3)، وكذا الخامسة: إما أن ينكسر ما قبلها كالمرامي، أو يسكن، والساكن إما ألف كدرحاية (4) وحولايا، أو ياء مدغم فيها ككرسي ومرمى، أو غير ذلك كإنقضى على وزن إنقحل (5) من قضى.
والواو الاخيرة إما أن تكون ثانية محذوفة اللام كفو زيد وذو مال، أو
ثانية لا لام لها وضعا كلو واو، وقد ذكرنا حكم هذين القسمين أيضا، أو تكون ثالثة ساكنا ما قبلها كغزو وغزوة ورشوة وعروة، أو متحركا ما قبلها بالضم نحو سروة من سرو على مثال سمرة من غير طريان التاء، وكذا الرابعة يكون
__________
(1) الرقية: العوذة التى يرقى بها صاحب الافة كالحمى والصرع وغير ذلك من الافات، قال عروة بن حزام.
فما تركا من عوذة يعرفانها * ولا رقية إلا بها رقياني (2) القنية (بكسر فسكون، وبضم فسكون ويقال قنوة وقنوة) ما يتخذه الانسان من الغنم وغيرها لنفسه لا للتجارة (3) يريد ما أخذته من قرأ على وزان قمطر، وأصله بهمزتين أولاهما ساكنة فأبدلت ثانيتهما، لان ثانية الهمزتين الواقعتين طرفا تبدل ياء (4) الدرحاية - بكسر فسكون - الرجل الكثير اللحم القصير الضخم البطن اللئيم الخلقة، ووزنه فعلاية، وهو ملحق بفعلالة كجعظارة، والجعظارة: القصير الرجلين الغليظ الجسم (5) الانقحل - بكسر الهمزة وسكون النون وفتح القاف وسكون الحاء (*)


ما قبلها ساكنا كشقاوة، أو مضموما كعرقوة وقرنوة (1)، وكذا الخامسة ما قبلها إما ساكن كحنطأو (2) ومغزو، أو مضموم كقلنسوة.
ولو انفتح ما قبل الياء والواو طرفين لانقلبتا ألفا، ولو انكسر ما قبل الواو الاخيرة لانقلبت ياء، ولو انضم ما قبل الياء طرفا في الاسم لانقلبت الضمة كسرة كما يجئ في ناب الاعلال.
فكل ما ذكرنا أو نذكر من أحكام الياءات والواوات المذكورة في باب النسب فهو على ما ذكر، وما لم نذكر حكمه منها لا يغير في النسب عن حاله.
فنقول: إن الياء الثالثة المكسور ما قبلها تقلب واوا لاستثقال الياءات مع حركة ما قبل أولاها، وتجعل الكسرة فتحة، وإذا فتحوا العين المكسورة في الصحيح اللام فهو في معتلها أولى، لئلا تتوالى الثقلاء.
وإذا كانت المكسورة ما قبلها رابعة، فان كان المنسوب إليه متحرك الثاني كيتقى مخفف يتقى (3) فلابد من حذف الياء، وكذا إن كان الثاني ساكنا عند سيبويه والخليل كقاضي ويرمى لان الالف المنقلبة والاصلية رابعة جاز
__________
المهملة - الذى يبس جلده على عظمه من الكبر (أنظر ج 1 ص 61 ه 1) (1) القرنوة - بفتح القاف وسكون الراء وضم النون، ولا نظير لها سوى عرقوة وعنصود وترقوة وثندوة - وهى نوع من العشب وقال في اللسان: " القرنوة نبات عريض الورق ينبب في ألوية الرمل ودكا دكه.
ورقها أغبر يشبه ورق الحندقوق " اه، وفيه عن أبى حنيفة " قال أبو زياد: من العشب القرنوة، وهى خضراء غبراء على ساق يضرب ورقها إلى الحمرة ولها ثمرة كالسنبلة، وهي مرة يدبغ بها الاسناقي، والواو فيها زائدة للتكثير، لا للمعنى ولا للالحاق، ألا ترى أنه ليس في الكلام مثل فرزدقة " اه (2) الحنطأو - بكسر الحاء المهملة وسكون النون وبعدها طاء مهملة أو ظاء شالة - وهو القصير (انظر 1 ص 256 ه 2) (3) أنظر (ج 1 ص 157 ه 1) (*)


حذفها مع خفتها، كما ذكرنا، فحق الياء مع ثقلها بنفسها وبالكسرة قبلها وجوب الحذف إذا اتصل بها ياء النسبة فان قلت: افعل به ما فعلت بالثلاثي نحو العمى من قلب الكسرة فتحة والياء واو، (1) وقد استرحت من الثقل، لانه يصير كالاعلى،
قلت: ثقل الرباعي في نفسه إلى غاية التخفيف: أي الحذف، أدعى منه إلى ما دون ذلك (2)، وهو ما ذكر السائل من القلب، بخلاف الثلاثي، فان خفته في نفسه لا تدعو إلى مثل ذلك، ومن أجرى في الصحيح نحو تغلبى مجرى نمري - وهو المبرد - لكون الساكن كالميت المعدوم، يرى أيضا في المنقوص نحو قاض مجرى عم، فيقول: قاضوى ويرموى، وأما الياء المكسورة ما قبلها إذا كانت خامسة فصاعدا فلا كلام في حذفها، وحو مستقى ومستسقى، إذ الالف مع خفتها تحذف وجوبا في هذا المقام كما مر قوله " وباب محى " الياء الاخيرة في محى خامسة يجب حذفها، كما في مستق، فيبقى محى بعد حذفها كقصي، وإن خالف الياء الياء، فيعامل معاملته، كما قلنا في تحية، وليس محى مثل مهيم لوجوب حذف الياء الخامسة، فتلتقي الياءان المشددتان، بخلاف نحو مهيم، قال أبو عمرو: محوى أجود، وقال المبرد: بل محيى بالتشديدين أجود (3)، وإذا وقع الواو ثالثة أو فوقها مضموما
__________
(1) الذى في الاصول " والوا ياء " وهو خطأ صوابه ما أثبتناه (2) معنى هذه العبارة أن الاسم الرباعي الذى هو بطبعه ثقيل محتاج إلى التخفيف أكثر من الثلاثي فلم يكتف فيه بما دون منتهى التخفيف وهو الحذف بخلاف الثلاثي الذى لم يبلغ مبلغه في الثقل، فأنه اكتفى فيه بأول مراتب التخفيف وهو قلب الياء واوا، فقوله " إلى غاية التخفيف " متعلق بأدعى، وكذلك قوله " منه " وقوله " إلى ما دون ذلك " متعلق كذلك بأدعى، و " أدعى " هو خبر المبتدأ (3) قال اين جماعة: " قال مبرمان: سألت أبا العباس (يعنى المبرد) هل (*)


ما قبلها كسروة وقرنوة فالواجب في النسب قلب الواو ياء والضمة كسرة حتى يصير كعم وقاض، ثم ينسب إليه الثلاثي: بفتح العين وقلب الياء واوا،
وذلك لانك تحذف التاء للنسبة، وقد ذكرنا أن ياء النسبة كالاسم المستقل من جهة أن المنسوب إليه قبلها ينبغي أن يكون بحيث يصح أن يستقل ويعرب فبعد حذف التاء يتطرف الواو والمضموم ما قبلها في الاسم المتمكن، فتقلب ياء كما في الادلى، وتقول فيما واوه رابعة أو فوقها نحو عرقوة وقمحدوة (1): عرقي وقمحدى كما تقول قاضى ومشترى وبعض العرب يجعل الياء قائما مقام التاء حافظا للواو من التطرف لان في الياء جزئية ما بدليل انتقال الاعراب إليها كما في تاء التأنيث فيقول: قرنوى وقمحدوى، ويقول أيضا: سروى في سروة، وبعض العرب يقول في الرابعة: عرقوى بفتح القاف كقاضوي، فأما في الخامسة وما فوقها: فليس إلا الحذف كقمحدى، كما في مشترى ومستسقى قال: " ونحو ظبية وقنية ورقية وغزوة وعروة ورشوة
__________
يجوز أن يحذف من المحيى ياء لاجتماع الياءات ؟ فقال: لا، لان محييا (الذى هو اسم فاعل حيى بالتضعيف) جاء على فعله، واللام تعتل كما تعتل في الفعل، قال: والاختيار عندي محيى (أي بأربع ياءات) لانى لا أجمع حذفا بعد حذف " اه كلامه، وقوله " واللام تعتل كما تعتل في الفعل " يريد أن الياء في محى الذى هو اسم فاعل تعل بحذفها لانها تعل في الفعل بالاسكان في المضارع والقلب ألفا في الماضي، فالاعلال في الفعل سبب الاعلال في المشتق وإن اختلف نوع الاعلال، وقوله " لانى لا أجمع حذفا بعد حذف " معناه إن الياء الخامسة قد حذفت، فلو حذف الثالثة وقلب الرابعة واوا كما في نحو على فقالوا محوى لكانوا قد جمعوا على الكلمة ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ جحاف بها، فأما قول أبي عمرو " محوى أجود " فوجهه الخفة إذ لا يلزم عليه اجتماع الامثل الثقلاء وهى الياءات (1) القمحدوة: العظم الناتئ فوق القفا خلف الرأس (أنظر ج 1 ص 261 ه 3) (*)


على القياس عند سيبويه، وزنوى وقروي شاذ عنده، وقال يونس ظبوى وغزوى، واتفقا في باب غزو وظبى، وبدوي شاذ " أقول: الذى ذكر قبل هذا حكم الواو والياء لامين إذا تحرك ما قبلهما، وهذا حكمهما ساكنا ما قبلهما، فنقول: إذا كان قبل الواو ساكن صحيحا كان أولا لم يغير الواو في النسب اتفاقا: ثالثة كانت كغزوى ودوى (1) وساوى (2) في ساوة وقصيدة واوية، أو رابعة كشقاوى، أو خامسة كحنطأوى ومغزوى، إذ الواو لا تستثقل قبل الياء إذا سكن (3) ما قبلها، إذ تغاير حرفي العلة وسكون ما قبل أولاهما يخففان أمر الثقل، وإذا كان يلتجأ إلى الواو مع تحرك ما قبلها في نحو عموى وقاضوى عند بعضهم فما ظنك بتركها على حالها مع سكون ما قبلها ؟ فعلى هذا لا بحث في ذى الواو الساكن ما قبلها إلا في نحو عروة فان في فتح عينه وإسكانها خلافا كما يجئ، وإنما البحث في ذي الياء الساكن ما قبلها
__________
(1) دوى: منسوب إلى الدو (بفتح الدال المهملة وتشديد الواو) وهو الفلاة الواسعة، وقيل: الارض المستوية، وقال: قد لفها الليل بعصلبى * أروع خراج من الدوى * مهاجر ليس بأعرابي * وقال العجاج: دوية لهولها دوى * للريح في أقرابها هوي وفي القاموس أنه أيضا اسم بلد، وفي المعجم أنه اسم أرض بعينها (2) ساوى: منسوب لساوة، وهي مدينة بين الرى وهمذان بينها وبين كل منهما ثلاثون فرسخا (3) ليس لقوله " إذا سكن ما قبلها " مفهوم، لان الواو لا تستثقل قبل ياء النسب سكن ما قبلها أو تحرك، فهذا القيد لبيان الواقع لا للاحتراز (*)


فنقول: إن كانت الياء ثالثة والساكن قبلها حرف صحيح فلا يخلو من أن يكون مع التاء كظبية أولا كظبي، فالمجرد لا تغيير فيه اتفاقا لحصول الخفة بسكون العين وصحتها، ولعدم ما يجرئ على التغيير من حذف التاء، وأما الذى مع التاء فسيبويه والخليل ينسبان إليه أيضا بلا تغيير سوى حذف التاء، فيقولان: ظبي وقنيي ورقيي، وكذا في الواوي غزوى وعروى ورشوى، لسكون عين جميعها، إذ التخفيف حاصل والاصل عدم التغيير، وكان يونس يحرك عين جميع ذلك واويا كان أو يائيا بالفتح، أما في اليائى فلتخف الكلمة بقلب الياء واوا، وخص ذلك بالثلاثي ذى التاء، أما الثلاثي فلان مبناه على الخفة فطلبت بقدر الممكن، فلا تقول في إنقضية (1) ألا إنقضيى، وأما ذو التاء فلان التغيير بحذف التاء جرا على التغيير بالفتح، مع قصد الفرق بين المذكر والمؤنث كما ذكرنا في فعيل وفعيلة، وأما الفتح في الواوى فحملا على اليائى، والذي حمل يونس على ارتكاب هذا في اليائي والواوي مع بعده من القياس قولهم في القرية قروى وفي بنى زنية وبنى البطية - وهما قبيلتان (2) - زنوي وبطوى، وكان الخليل يعذر يونس في ذوات الياء دون ذوات الواو، لان ذوات الياء بتحريك عينها تنقلب ياؤها واوا، فتخف شيئا، وإن كان يحصل بالحركة أدنى ثقل، لكن ما يحصل بها من الخفة أكثر مما يحصل من الثقل، وأما ذوات الواو فيحصل بتحريك عينها ثقل من دون خفة، ولم يرد به أيضا سماع كما ورد في اليائى قروى وزنوى وبطوى، ومع ذلك فاختيار الخليل ما ذكرنا أولا
__________
(1) يريد ما تينيه من قضى على مثال إنقحلة، وهى مؤنث إنقحل، وقد مضى قريبا (انظر ص 43) (2) ذكر في القاموس واللسان أن بنى زينة حى، وذكر عن ابن سيده أن
البطية لا يدرى موضوعها، وأن سيبويه قد حكاها، وخرجها ابن سيده على أن تكون من أبطيت لغة في أبطأت، ولم يذكر واحد منهما أن بنى البطية قبيلة (*)


قوله " وبدوي شاذ " لانه منسوب إلى البدو، وهو مجرد عن التاء فهو عند الجميع شاذ قال: " وباب طى وحى ترد الاولى إلى أصلها وتفتح نحو طووى وحيوى بخلاف دوى وكوى وما آخره يا مشددة بعد ثلاثة إن كان نحو مرمى قيل مرموى ومرمى وإن كانت زائدة حذفت ككرسي وبخاتي في بخاتى اسم رجل " أقول قوله " دوى وكوى " (1) إنما ذكر مثالين لبيان أن حكم ذى التا والمجرد عنها سواء، بخلاف نحو غزو وغزوة كما تقدم في الفصل المتقدم، والذي يتقدم حكم الياء الثالثة إذا كان قبلها ساكن صحيح، فان لم يكن ما قبلها حرفا صحيحا فإما أن يكون ياء أو ألفا، ولو كان واوا صار ياء كما في طى لما يجئ في باب الاعلال من أن الواو والياء إذا اجتمعا وسكن سابقهما قلبت الواو ياء فنقول: إن كانت ثالثة وما قبلها ياء ساكنة، ولابد أن تكون مدغمة (2) فيها فإذا نسب إلى مثله وجب فك الادغام، لئلا يجتمع أربع ياءات في البناء الموضوع على الخفة فيحرك العين بالفتح الذى هو أخف الحركات، فيرجع العين
__________
(1) الكوى: المنسوب إلى الكوة، وهى بفتح الكاف أو ضمها مع تشديد الواو فيهما، ويقال كو أيضا بغير تاء - وهى الثقب غير النافذ في البيت أو الحائط (2) محل ما ذكره من وجوب الادغام إذا كانت الياء الساكنة أصلا أو منقلبة عن واو، فالاول نحو حى وعى، والثانى نحو طى ولى، فإن كانت الياء الساكنة
منقلبة عن همزة لم يكن الادغام واجبا، وذلك لان حكم الياء المنقلبة عن همزة انقلابا غير لازم كحكم الهمزة مثل رئى مخفف رئى (وانظر ج 1 ص 28 (*)


إن كانت واوا إلى أصلها لزوال سبب انقلابها ياء - وهو اجتماعهما مع سكون الاول - فتقول في طي: طووى، ويبقى الياء بحالها نحو حيوى لانه من حيى واتنقلب الياء الثانية في الصورتين واوا: إما بأن تنقلب أولا ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم تقلب واوا كما في عصوى ورحوى، أو تقلب الياء من أول الامر واوا لاستثقال ياء متحرك ما قبلها قيل ياء النسب، ولا ينقلب ألفا لعروض حركتها وحركة (1) ما قبلها، لانهما لاجل ياء النسبة التى هي كالاسم المفصل على ما مر، ولم يقلب العين ألفا: إما لعروض حركتها، وإما لان العين لا تقلب إذا كانت اللام حرف علة، سواء قلبت اللام كما في هوى أو لم تقلب كما في طوى على ما يجئ في باب الاعلال قال سيبويه ومن قال أميى قال حيى وطيى لان الاستثقال فيهما واحد، والذى يظهر أن أمييا أوفى من حيى لان بناء الثلاثي على الخفة في الاصل يقتضى أن يجنب ما يؤدى إلى الاستثقال أكثر من تجنيب الزائد على الثلاثة، ألا ترى إلى قولهم نمري بالفتح دون جندلى
__________
(1) أما أن حركة ما قبل اللام في نحو طووى وحيوى عارضة فمسلم إذ أصلها قبل فك الادغام السكون، وأما أن حركة اللام نفسها عارضة فغير مسلم لانها محل الحركة الاعرابية حال الادغام، على أن عروض حركة العين لا يمنع من قلب اللام إذا كانت واوا أو ياء ألفا، فان أحدا من العلماء لم يشترط لقلب كل من الياء والواو ألفا أصالة تحرك ما قبلهما، بل القلب حاصل مع عروض الحركة،
وانظر إلى باب أقام وأجاب واستقام واستضاف ومقام ومجاب ومستقام ومستضاف فانك تجد كلا من الواو والياء قد انقلب ألفا مع طرو حركة ما قبلهما، ثم هم يقولون: تحركت الواو أو الياء بحسب الاصل وانفتح ما قبلها الان فانقلبت ألفا - وهذا واضح إن شاء الله.
نعم التعليل الصحيح لعدم قلب الواو ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها هو ما ذكره سابقا من أنك لو قلبتها ألفا المزمك أن تقلبها واوا ثانية المزوم تحرك ما قبل ياء النسب والالف لا تقبل الحركة فيبطل سعيك.
(*)


واليا الثالثة إذا كان قبلها ألف، ولا تكون تلك الالف زائدة، بل تكون منقلبة عن العين نحو آ ية وآى وغاية وغاى وراية وراى، (1) فالاقيس ترك الياء بحالها، كما في ظبيى، ومن فتح هناك في ظبية وقال ظبوى لم يفتح العين ههنا، لانه لا يمكنه إلا بقلبها همزة أو واوا أو ياء فيزيد الثقل، وإنما لم يقلب الياء في آى وراى ألفا ثم همزة كما في رداء لان الالف قبلها ليست بزائدة، وهو شرطه كما يجئ في باب الاعلال.
ويجوز ههنا في النسبة قلب الياء همزة لان الياء لم تستثقل قبل المجئ بباء النسب، فلما اتصلت حصل الثقل فقلبت همزة قياسا على سائر الياآت المتطرفة المستثقلة بعد الالف، وإن كان بين الالفين فرق، فإنها تقلب ألفا ثم همزة فقلبت هذه أيضا همزة، فقيل: رائى، في راى وراية.
__________
(1) هذا الذى ذكره المؤلف من أن الالف أصلية لا زائدة في هذه الكلمات مبنى على رأى غير الكسائي رحمه الله من العلماء، فأما على رأيه فهى زائدة، وحاصل الكلام في هذا الكلمات أن العلماء اختلفوا في أصلهن ووزنهن، فقال الجمهور أصل آية أيية (بوزن شجرة) قلبت العين ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكان القياس يقتضى بقاء العين وقلب اللام فيقل أياه، لان اللام طرف وهى أولى بالاعلال
والتغيير، وقال قوم: أصل آية أيية كشجرة أيضا، ثم قلبت اللام ألفا على ما يقتضيه القياس فصار أياة مثل حياة، ثم قدمت اللام على العين فصار آية، فوزنها على الاول فعلة وعلى الثاني فلعة (بفتحات فيهما) وقال قوم: أصلها أييه بوزن سمرة ثم أعلت العين ألفا على خلاف القياس أيضا، ووزنها فعلة (بفتح فضم) وقيل: أصلها أوية أو أوية (كتمرة في الاول وكشجرة في الثاني) ثم أعلت العين على خلاف القياس، وقال الفراء أصلها أية كحية ثم قلبت العين ألفا لانفتاح ما قبلها كقلبهم إياها في طائى وياجل، وقال الكسائي: أصلها آيية على مثال ضاربة، فكرهوا اجتماع الياءين مع انكسار أولاهما فحذفت الاولى فزنتها فالة، ومثل ذلك يجرى في غير آية من هذه الكلمات (*)


ويجوز قلبها واوا أيضا لان الياء الثالثة المتطرفة المستثقلة لاجل ياء النسب بعدها تقلب واوا كما في عموى وشجوى.
هذا كله إذا كانت الياء الساكن ما قبلها ثالثة، فإن كانت رابعة نظرنا: فإن كانت بعد ألف منقلبة.
ولا تكون إلا عن الهمزة، نحو قراى في تخفيف قرأى، لان العين لا تتقلب ألفا مع كون اللام حرف علة كما في هوى وطوى، فلا تغير الياء في النسب عن حالها، لان قلب الهمزة ألفا إذن غير واجب، فالالف في حكم الهمزة، وإن كانت الالف زائدة - وهو الكثير الغالب كما في سقاية (1) ونقاية (2) - قلب الياء همزة في النسب لان القياس كان قلبها ألفا ثم همزة لولا التاء المانعة من التطرف، فلما سقطت التاء للنسبة وياء النسبة في حكم المنفصل كما تقدم صارت الياء كالمتطرفة، ومع ذلك هي محتاجة إلى التخفيف بمجامعتها لياء النسب، فقلبت ألفا ثم همزة كما في رداء، ولم تقلب لمجرد كونها كالمتطرفة كما في رداء وسقاء (3) لان لياء النسب نوع اتصال، بل قلبت لهذا
ولاستثقال اجتماع الياآت فمن ثم لم يقلب واو شقاوة في شقاوى إذ لا استثقال كما
__________
(1) السقاية - بكسر السين - الاناء الذى يشرب به، ومنه قوله تعالى: (فلما جهزهم جعل السقاية في رحل أخيه) وهى أيضا البيت الذى يتخذ مجمعا للماء ويسقى منه الناس، وهى أيضا مصدر بمعنى السقى، ومنه قوله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج) الاية.
(2) نقاية الشئ (بضم النون) خياره، ونقاية الطعام (بفتح النون وتضم أيضا) رديئة (3) السقاء - بكسر السين - جلد السخلة إذا أجذع، يقال: لا يكون إلا للماء، ويقال: إنه يكون للماء وللبن، والوطب للبن خاصة، والنحى للسمن خاصة، قال: يجبن بنا عرض الفلاة وما لنا * عليهن إلا وخدهن سقاء (*)


كان مع الياآت، وبعضهم يقلب يا سقاية في النسب واوا لان الياء المستثقلة قبل ياء النسب تقلب واوا كما في عموى وشجوى إذا لم تحذف كما في قاضي.
وكذا يجوز لك في الياء الخامسة التى قبلها ألف زائدة نحو درحاية (1) قلب الياء همزة وهو الاصل أو واوا كما في الرابعة.
وإن كان الساكن المتقدم على الياء الرابعة ياء نحو على وقصى فقد تقدم حكمه بقى علينا حكم الياء الخامسة إذا كان الساكن قبلها ياء، فنقول: ذلك على ضربين، لانه إما أن يكون الياءان زائدتين كما في كرسي وبردي وكوفي فيجب حذفهما في النسب فيكون المنسوب والمنسوب إليه بلفظ واحد، وإما أن يكون ثانيهما أصليا، فإن سكن ثاني الكلمة نحو مرمى وكذا يرمى في النسب إلى
يرمى على وزن يعضيد (2) من رمى، فالاولى حذفهما أيضا للاستثقال ويجوز حذف الاول فقط وقلب الثاني واوا احتراما للحرف الاصلي فتقول: مرموى ويرموى، وإنما فتحت ما قبل الواو استثقالا للكسرتين مع اجتماع ثلاثة أحرف معتلة، فيكون كقاضوى عند المبرد، وإن تحرك ثاني الكلمة فلابد من حذفهما مع أصالة الثاني، كما تقول في النسب إلى قضوية (3) على وزن حمصيصة من قضى:
__________
(1) تقدم قريبا شرح هذه الكلمة (انظر: ص 43 من هذا الجزء) (2) اليعضيد - بفتح الياء وسكون العين المهملة - قال ابن سيده: اليعضيد بقلة زهرها أشد صفرة من الورس (الزعفران) وقيل: هي من الشجر، وقال أبو حنيفة: " اليعضيد بقلة من الاحرار مرة لها زهرة صفراء تشتهيها الابل والغنم والخيل أيضا تعجب وتخصب عليها قال النابغة ووصف خيلا: يتحلب اليعضيد من أشداقها * صفرا مناخرها من الجرجار (3) أصل قضوية قضيية بثلاث ياءات أولاهن مكسورة لانه من قضيت، فقلبوا أولى الياءات واوا حين كرهوا اجتماعهن كما فعلوا ذلك في فتوى (*)


قضوى، لاغير، وهذا بناء على أن أول المكرر هو الزائد كما هو مذهب الخليل على ما يجئ في باب ذى الزيادة.
وإن كانت الياء المشددة خامسة وجب حذفها بلا تفصيل، سواء كان الثاني أصلا كما في الاحاجى (1) والاوارى (2)، أو كانا زائدين كما في بخاتى اسم رجل فهو غير منصرف لكونه في الاصل أقصى الجموع، والمنسوب إليه يكون منصرفا لان ياء النسبة لكونها كالمنفصل لا تعد في بنية أقصى الجموع كما تقدم في باب ما لا ينصرف، ألا ترى إلى صرف جمالي وكمالي.
قال: " وما آخره همزة بعد ألف إن كانت للتأنيث قلبت
واوا، وصنعاني وبهرانى وروحاني وجلولى وحرورى شاذ، وإن كانت أصلية ثبتت على الاكثر كقرائي، وإلا فالوجهان ككسائي وعلباوى ".
أقول: اعلم أن الهمزة المتطرفة بعد الالف: إما أن تكون بعد ألف زائدة، أولا، فالتى بعد ألف زائدة على أربعة أقسام، لانها إما أن تكون أصلية
__________
(1) الاحاجى: جمع أحجية (بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وكسر الجيم بعدها ياء مشددة) ويقال أحجوة (بتشديد الواو وقبلها ضمة)، وهى الكلمة التى يخالف معناها لفظها (2) الاوارى: جمع الارى، وهو الحبل تشد به الدابة في محبسها، وهو أيضا عود يدفن طرفاه ويبرز وسطه كالحلقة تشد إليه الدابة، قال النابغة إلا الاوارى لايا ما أبينها * والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (*)


كقراء (1) ووضاء (2)، والاكثر بقاؤها قبل ياء النسب بحالها، وإما أن تكون زائدة محضة وهى للتأنيث، ويجب قلبها في النسب واوا، لانهم قصدوا الفرق بين الاصلى المحض والزائد المحض، فكان الزائد بالتغيير أولى، ولولا قصد الفرق لم تقلب، لان الهمزة لا تستثقل قبل الياء استثقال الياء قبلها، لكنهم لما قصدوا الفرق والواو أنسب إلى الياء من بين الحروف وأكثر ما يقلب إليه الحرف المستثقل قبل ياء النسب قلبت إليه الهمزة، وقد تشبه قليلا حتى يكاد يلحق بالشذوذ الهمزة الاصلية بالتى للتأنيث فتقلب واوا نحو قراوى ووضاوى، وإما أن لا تكون الهمزة زائدة صرفة ولا أصلية صرفة، وهى على ضربين: إما منقلبة عن حرف أصلى ككساء ورداء، وإما ملحقة بحرف أصلى كعلباء (3)، وحرباء (4)، ويجوز فيهما وجهان: قلبها واوا، وإبقاؤها بحالها، لان لها نسبة إلى
الاصلى من حيث كون إحداهما منقلبة عن أصلى والاخرى ملحقة بحرف أصلى،
__________
(1) القراء (بضم القاف وتشديد الراء مفتوحة) الناسك المتعبد، والقراء (بفتح القاف وتشديد الراء) الحسن القراءة أو الكثيرها، والهمزة في كليهما أصلية (2) الوضاء (بضم الواو وتشديد الضاد مفتوحة) الوضئ الحسن الوجه، قال أبو صدقة الدبيرى والمرء يلحقه بفتيان الندى * خلق الكريم وليس بالوضاء (3) العلباء - بكسر فسكون - عصب عنق البعير، ويقال: الغليظ منه خاصة.
وقال اللحيانى: العلباء مذكر لا غير، وهما علباوان يمينا وشمالا بينهما منبت العنق، والجمع العلابي (4) الحرباء - بكسر فسكون - ذكر أم حبين، ويقال: هو دويبة نحو العظاءة أو أكبر يستقبل الشمس برأسه ويكون معها كيف دارت، ويقال: إنه يفعل ذلك ليقى جسده برأسه ويتلون ألوانا بحر الشمس، والجمع الحرابي، والانثى الحرباء، والحرباء أيضا: مسمار الدرع، ويقال: هو المسمار في حلقة الدرع.
(*)


ولها نسبة إلى الزائد الصرف من حيث إن عين الهمزة فيهما ليست لام الكلمة كما كانت في قراء ووضاء، لكن الابقاء في المنقلبة لشدة قربها من الاصلى أولى منه في الملحقة، فنقول: كل ماهى لغير التأنيث يجوز فيه الوجهان، لكن القلب في الملحقة أولى منه في المنقلبة، والقلب في المنقلبة أولى منه في الاصلية، والقلب في الملحقة أولى من الابقاء، وفي المنقلبة بالعكس، وهو في الاصلية شاذ.
وأما الهمزة التي بعد ألف غير زائدة كماء وشاء فإن الالف فيهما منقلبة عن الواو وهمزتهما بدل من الهاء فحقها أن لا تغير (1)، فالنسب إلى ماء مائى بلا
__________
(1) أنت تعرف أنهم جوزوا في همزة كساء ورداء ونحوهما قلبها واوا وبقاءها
فأجازوا أن تقول كساوي أو كسائي ورداوى أو ردائي، وأوجبوا في همزة شاء وماء بقاء الهمزة فلم يجيزوا إلا أن تقول شائى ومائى، قياسا، مع اشتراك هذين النوعين في أن الهمزة في كل منهما منقلبة عن أصل، ولعل السر في تغاير الحكمين أن انقلاب حرف العلة إلى الهمزة في رداء وكساء قياس لعلة اقتضته، فجعلوا قيام سبب القلب مذكرا بالاصل وهو الالف التى انقلبت عن الواو أو الياء فرجعوا إليه في النسب، فأما في ماء وشاء ونحوهما فالهمزة فيهما منقلبة انقلابا شاذا لغير علة تقتضيه، فانصرف الذهن عن أصل الهمزة - وهو الهاء - لعدم قيام سبب الابدال، فاعتبرت الهمزة كالاصلية في نحو قراء ووضاء.
ولم يرجعوا إلى الاصل الذي هو الهاء فيقولوا ماهى وشاهى، ولان الهمزة أخف من الهاء لكون الهمزة أخت حروف العلة، على أنهم ربما قالوا شاوى تشبيها للهمزة المنقلبة عن الهاء بالهمزة المنقلبة عن حرف العلة، قال الشاعر: ولست بشاوى عليه دمامة * إذا ماغدا يغدو بقوس وأسهم وأنشد الجوهري لمبشر بن هذيل الشمخى: ورب خرق نازح فلاته * لا ينفع الشاوى فيها شاته ولا حماراه ولا علاته * إذا علاها اقتربت وفاته هذا بيان ما ذكره المؤلف، وهو موافق لما ذكره سيبويه حيث قال (ج 2 ص (*)


تغيير، وكذا كان القياس أن ينسب إلى شاء، لكن العرب قالوا فيه شاوى على غير القياس، فإن سمى بشاء فالاجود شائى على القياس لانه وضع ثان، ويجوز شاوى كما كان قبل العلمية.
__________
84): " وأما الاضافة إلى شاء فشاوى، كذلك يتكلمون به، قال الشاعر: فلست بشاوى عليه دمامة (البيت) وإن سميت به رجلا أجريته على القياس، تقول:
شائى، وإن شئت قلت شاوى كما قلت عطاوى، كما تقول في زينة وثقيف إذا سميت رجلا بالقياس " اه، وحاصل هذا الكلام أن القياس في نحو شاء - من كل همزة أبدلت من غير حرف من حروف العلة وقبلها ألف غير زائدة - بقاء الهمزة عند النسب، لكنهم خالفوا القياس في كلمة شاء فقالوا شاوى، وأنت إذا سميت بشاء يجوز لك أن تقول شائى على ما يقتضيه القياس وأن تقول شاوى كما كانوا يقولون قبل التسمية.
والذى في شرح الاشمونى وحواشي الصبان نقلا عن ابن هشام يخالف هذا ويخالف بعضه بعضا، قال الاشموني: " إذا نسبت إلى ماء وشاء فالمسموع قلب الهمزة واوا نحو ماوى وشاوى، ومه قوله * لا ينفع الشاوى فيها شاته * (البيت) فلو سمى بماء أو شاء لجرى في النسب إليه على القياس فقيل مائى وماوى وشائى وشاوى " اه، وهذا يخالف ما ذكره المؤلف من وجهين: الاول أنه ذكر أن العرب قد قالت ماوى بالواو في النسب إلى ماء، ولم يحكه المؤلف، الثاني أنه يؤخذ منه أن القياس في هذا النوع جواز القلب واوا والابقاء على نحو ما يجوز في عطاء وكساء ورداء.
وقال الصبان في حاشيته: " قال ابن هشام: إذا نسب إلى ماء نسب إليه كما ينسب إلى كساء فتقول مائى وماوى، لان الهمزة بدل، غاية ما فيه أن المبدل منه مختلف فيهما، فهو في كساء واو، وفي ماء هاء، لان أصله موه اه يس: أي فأطلق ابن هشام جواز الوجهين وفصل الشارح بين ما قبل التسمية فيتعين القلب وقوفا على ما سمع، وما بعدها فيجوز الوجهان " اه.
وهذا يخالف ما ذكره المؤلف ههنا كما يخالف ما ذكره الاشمونى، أما مخالفته ما ذكره مؤلف هذا الكتاب فلانه جعل القياس في النسب إلى ماء وشاء جواز القلب والابدال، سواء أكنت قد سميت به أم لم تكن.
وأما مخالفته لما ذكره الاشمونى فقد ذكرها الصبان في عبارته التي نقلناها لك.
(*)


صنعاء: بلد في اليمن، وبهراء: قبيلة من قضاعة، وروحاء: موضع قرب المدينة، وجلولاء: موضع بالعراق، وكذا حروراء، وقالوا في دستواء: دستواني (1)، ووجه قلب الهمزة نونا وإن كان شاذا مشابهة ألفى التأنيث الالف والنون، وهل قلبت الهمزة نونا أو واوا ثم قلبت الواو نونا ؟ مضى الخلاف فيه في باب مالا ينصرف (2)، وحذف في جلولاء وحرورا لطول الاسم، شبهوا
__________
(1) كذا في جميع النسخ، وكلام المؤلف صريح في أن الكلمة ممدودة، والذي في القاموس والمعجم لياقوت أن الكلمة مقصورة، قال في القاموس: " ودستوا بالقصر قرية بالاهواز، والنسبة دستوانى ودستوائى " اه، وقال ياقوت: " دستوا بفتح أوله وسكون ثانيه وتاء مثناة من فوق: بلدة بفارس، وقال حمزة: المنسوب إلى دستى دستفائى، ويعرب على الدتسوائى، وقال السمعاني: بلدة بالاهواز، وقد نسب إليها قوم من العلماء، وإليها تنسب الثياب الدستوائية " وقد ضبطت التاء المثناة في مادة (د س ت) من القاموس بالضم بخط القلم، وفي مادة (د س ا) منه بالفتح بضبط القلم أيضا.
(2) قال المؤلف في شرح الكافية (ج 1 ص 52): " اعلم أن الالف والنون إنما تؤثران لمشابهتهما ألف التأنيث الممدودة من جهة امتناع دخول تاء التأنيث عليهما، وبفوات هذه الجهة يسقط الالف والنون عن التأثير، وتشابهانها أيضا بوجوه أخر لا يضر فواتها، نحو تساوى الصدرين وزنا، فسكر من سكران كحمر من حمراء، وكون الزائدين في نحو سكران مختصين بالمذكر كما أن الزائدين في نحو حمراء مختصان بالمؤنث، وكون المؤنث في نحو سكران صيغة أخرى مخالفة للمذكر، كما أن المذكر في نحو حمراء كذلك، وهذه الاوجه الثلاثة موجودة في فعلان فعلى غير حاصلة في عمران وعثمان وغطفان ونحوها، وتشابهانها أيضا بوجهين آخرين لا يفيدان من دون الامتناع من التاء، وهما زيادة الالف والنون
معا كزيادة زائدي حمراء معا، وكون الزائد الاول في الموضعين ألفا، فانه اجتمع الوجهان في ندمان وعريان مع انصرافهما، فالاصل على هذا هو الامتناع من تاء التأنيث، وقال المبرد: جهة الشبه أن النون كانت في الاصل همزة بدليل قلبها إليه (*)


ألف التأنيث بتائه فحذفوها (1) الحرورية: هلا الخوارج، سماهم بهذا الاسم أمير المؤمنين علي رضى الله تعالى عنه لما نزلوا بحروراء حين قارقوه.
قال: " وباب سقاية سقائي بالهمزة، وباب شقاوة شقاوى بالواو، وباب راى وراية رايى ورائي وراوي ".
أقول: يعنى بباب سقاية وشقاوة ما في آخره واو أو ياء بعد ألف زائدة، لم تقلب ياؤه وواوه ألفا ثم همزة لعدم تطرفهما بسبب التاء غير الطارئة، ويعنى بباب
__________
في صنعاني وبهرانى في النسب إلى صنعاء وبهراء، وليس بوجه، إذ لا مناسبة بين الهمزة والنون حتى يقال إن النون أبدل منها، وأما صنعاني وبهرانى فالقياس صنعاوى وبهراوى كحمراوي، فأبدلوا النون من الواو شاذا، وذلك للمناسبة التي بينهما، ألا ترى إلى إدغام النون في الواو، وجرأهم على هذا الا بدل قولهم في النسب إلى اللحية والرقبة: لحيانى ورقباني، بزيادة النون من غير أن تبدل من حرف، فزيادتها مع كونها مبدلة من حرف يناسبها أولى " اه، وقال ابن يعيش في شرح المفصل (ج 10 ص 36): " القياس في صنعاء وبهراء أن يقال في النسب إليهما صنعاوى وبهراوى، كما تقول في صحراء صحراوي، وفي خنفساء خنفساوى، تبدل من الهمزة واوا فرقا بينها وبين الهمزة الاصلية، على ما تقدم بيانه في النسب، وقد قالوا صنعاني وبهرانى عى غير قياس، واختلف الاصحاب في ذلك، فمنهم من قال: النون بدل من الهمزة في صنعاء وبهراء، ومنهم
من قال: النون بدل من الواو، كأنهم قالوا صنعاوى كصحراوي ثم أبدلوا من الواو نونا، وهو رأى صاحب هذا الكتاب (الزمخشري) وهو المختار، لانه لا مقاربة بين الهمزة والنون، لان النون من الفم والهمزة من أقصى الحلق، وإنما النون تقارب الواو فتبدل منها " اه (1) بقى أن يقال: هل حذفت ألف التأنيث - التى هي الهمزة في اللفظ - أولا ثم حذفت الالف التى قبلها لانها خامسة وقياس الالف الخامسة أن تحذف في النسب ؟ أم حذفت الهمزة والالف التى قبلها معا لكونهما معا كعلامة وكون زيادتهما في الكلمة معا على ما تقدم بيانه في الهامشة السابقة، والظاهر الاول، وإن كان الثاني له وجه.
(*)


راى وراية ما في آخره ياء ثالثة بعد ألف غير زائدة، وقد مضى شرح جميع ذلك قال: " وما كان على حرفين إن كان متحرك الاوسط أصلا والمحذوف هو اللام ولم يعوض همزة الوصل أو كان المحذوف فاء وهو معتل اللام وجب رده كأبوي وأخوى، وستهى في ست ووشوى في شية، وقال الاخفش وشي على الاصل، وإن كانت لامه صحيحة والمحذوف غيرها لم يرد كعدي وزنى وسهى في سه وجاء عدوى وليس برد، وما سواهما يجوز فيه الامران نحو غدى وغدوى وابنى وبنوى وحرى وحرحى، وأبو الحسن يسكن ما أصله السكون فيقول غدوى وحرحى، وأخت وبنت كأخ ابن عند سيبويه وعليه كلوى، وقال يونس أختى وبنتى وعليه كلتى وكلتوى وكلتاوى " أقول: اعلم أن الاسم الذى على حرفين على ضربين: ما لم يكن له ثالث
أصلا، وما كان له ذلك فحذف، فالقسم الاول لابد أن يكون في أصل الوضع مبنيا، لان المعرب لا يكون على أقل من ثلاثة في أصل الوضع، فإذا نسبت إليه فإما أن تنسب إليه بعد جعله علما للفظه، أو تنسب إليه بعد جعله علما لغير لفظه، كما تسمى شخصا بمن أوكم ففى الاول لابد من تضعيف ثانيه، سواء كان الثاني حرفا صحيحا أولا، كما تبين في باب الاعلام، فتقول في الصحيح: الكمية واللمية بتشديد الميمين، وفي غيره: المائية، وهو منسوب إلى ما، ولوى ولوئى، (1) فيمن يكثر لفظة لو،
__________
(1) في بعض النسخ سقطت كلمة " ولوئى " والصواب بثبوتها، وأراد الشارح (*)


وكذا تقول في لا: لائى، لانك إذا ضعفت الالف واحتجت إلى تحريك الثاني فجعله همزة أولى، كما في صحراء وكساء، وكذا تقول في اللات (1): لائى، لان التاء للتأنيث، لان بعض العرب يقف عليها بالهاء نحو اللاه، وتقول في كى وفى: كيوى وفيوى، لانك تجعلهما كيا وفيا كحى، ثم تنسب إليهما كما تنسب إلى حى وطى، ومبنى ذلك كله أن ياء النسبة في حكم الكلمة المنفصلة وفي الثاني: أي المجعول علما لغير لفظه، لا تضعف ثانى حرفيه الصحيح (2)، نحو جاءني منى وكمى، بتخفيف الميم والنون، كما تبين في باب الاعلام، وإذا كان الثاني حرف علة ضعفته عند جعله علما قبل النسبة كما مر في باب الاعلام والقسم الثاني الذى كان له ثالث فحذف ان قصدت تكميله ثلاثة ثم نسبت إلى رد إليه ذلك الثالث في النسبة، لان ما كان من أصل الكلمة أولى بالرد من المجئ بالأجنبي فنقول: لا يخلو المحذوف من أن يكون فاء، أو عينا، أو لاما
__________
بذلك الاشارة إلى ما حكى عن بعض العرب من أنه يجعل الزيادة المجتلبة بعد حرف العلة همزة على الاطلاق، فيقول: لائى، وكيئى، ولوئى، وما أشبه ذلك
(1) اللات.
اسم صنم، واختلف في تائه، فقيل: أصلية مشددة، سمى الصنم برجل كان يلت السويق عنده للحاج، فلما مات هذا الرجل عبد الصنم وسمى بوصفه، وقيل: هذه التاء زائدة للتأنيث، وهى مخففة، قال في اللسان: " وكان الكسائي يقف عليها بالهاء، قال أبو إسحاق: هذا قياس، والاجود اتباع المصحف والوقوف عليها بالتاء " اه بتصرف (2) وجه الفرق بين ما جعل علما للفظه وما جعل علما لغير لفظه أن الاولى لم يبعد عن أصله، لانه إنما نقل من المعنى إلى اللفظ، فلا بأس بتغيير لفظه بتضعيف ثانيه ليصير على أقل أوزان المعربات، وأما الثاني - وهو ما جعل علما لغير لفظه - فقد انتقل من المعنى إلى معنى آخر أجنبي منه فلو غير لفظه بالتضعيف لكان تغييرا في اللفظ والمعنى جميعا فيبعد جدا (*)


فان كان فاء، والمطرد منه المصدر الذى كان فاؤه واوا ومضارعه محذوف الفاء، نحو عدة ومقة ودعة وسعة وزنة، فان كان لامه صحيحا لم ترد في النسب فاؤه نحو عدى وسعى، لان الحذف قياسي لعلة، وهى إتباع المصدر للفعل، فلا يرد المحذوف من غير ضرورة مع قيام العلة الحذفة، وأيضا فالفاء ليس موضع التغيير كاللام حتى يتصرف فيه برد المحذوف بلا ضرورة، كما كانت في التصغير، وإن كان لامه معتلا كما في شية وجب رد الفاء، لان ياء النسب كالمنفصل كما تكرر ذكره، واتصاله أوهن من اتصال المضاف إليه، ألا ترى أنك تقول: ذو مال، وفوزيد، فلا ترد اللام من ذو، ولا تبدل عين فوميما، فإذا نسبت قلت: ذووى وفمى، وأوهن اتصالا من التاء أيضا، لانك تقول: عرقوه وقلنسوة وعرقى وقلنسى وسقاية بالياء لا غير وسقائى بالهمزة عند بعضهم، ولولا أن الواو قبل ياء النسب أولى من الهمزة وأكثر لناسب أن
يقال في شقاوة شقائي أيضا بالهمزة، فنقول: جاز حذف الفاء في شية وإن لم يكن في الكلمات المعربة الثنائية ما ثانيه حرف علة لان التاء صارت كلام الكلمة فلم يتطرف الياء بسببها وكذا في الشاة والذات واللات، فلما سقطت التاء في شية وخلفتها الياء وهو أوهن اتصالا منه كما مر بقيت الكلمة المعربة على حرفين ثانيهما حرف لين كالمتطرف، إذ الياء كالعدم، ولا يجوز في المعرب تطرف حرف اللين ثانيا، إذ يسقط بالتقاء الساكنين إما لاجل التنوين أو غيره، فيبقى الاسم المعرب على حرف، فلما لم يجز ذلك رددنا الفاء المحذوفة أعنى الواو حتى تصير الكلمة على ثلاثة آخرها لين كعصا وعم، فلما رد الفاء لم تزل كسرة العين عند سيبويه، ولم تجعل ساكنة كما كانت في الاصل، لان الفاء وإن كانت أصلا إلا أن ردها ههنا لضرورة كما ذكرنا، وهذه الضرورة عارضة في النسب غير لازمة فلم يعتد بها فلم تحذف كسرة العين اللازمة لها عند


حذف الفاء، فصار وشيى كإبلى، ففتح العين كما في إبلى ونمرى، فانقلبت اليا ألفاء ثم واوا أو انقلبت من أول الامر واوا كما ذكرنا في حيوى، وأما الاخفش فانه رد العين إلى أصلها من السكون لما رد الفاء فقال وشى كظبى ولا تستثقل الياآت مع سكون ما قبلها، والفراء يجعل الفاء المحذوفة في هذا الباب من الصحيح اللام كان أو من المعتله، بعد اللام، حتى يصير في موضع التغيير: أي الاخر، فيصح ردها، فيقول: عدوى وزنوى وشيوى، في عدة وزنة وشية، وحمله على ذلك ما روى عن ناس من العرب عدوى في عدة فقاس عليه غيره وإن كان المحذوف عينا، وهو في اسمين فقط (1): سه اتفاقا، ومذ عند قوم، لم ترده في النسب، إذ ليس العين موضع التغيير كاللام، والاسم المعرب يستقل بدون ذلك المحذوف
وإن كان المحذوف لاما فان كان الحذف للساكنين كما في عصا وعم فلا كلام في رده في النسبة، لزوال التنوين قبل ياء النسب فيزول التقاء الساكنين، وإن كان نسيا لا لعلة مطردة نظر: إن كان العين حرف علة لم يبدل منها قبل النسب حرف صحيح وجب رد اللام كما في شاة وذو مال، تقول: شاهى، وذووى، وإن أبدل منها ذلك لم يرد اللام نحو فمى في " فوزيد "، كما مر قبل، وإن لم يكن العين حرف علة قال النحاة: نظر، فان كان اللام ثبت رده من غير ياء النسبة في موضع من المواضع - وذلك إما في المثنى، أو في المجموع بالالف والتاء، أو في حال الاضافة وذلك في الاسماء الستة - رد في النسبة وجوبا، لان النسبة يزاد لها في موضع اللام ما لم يكن في الاصل كما قلنا في كمية ولائي، فكيف
__________
(1) أورد على هذا الحصر رب المخففة، بناء على أن المحذوف عينها كما هو رأى جماعة من العلماء، وليس ذلك بوارد على المؤلف لانه يرى ن المحذوف من رب هو اللام على ما سيأتي له (*)


بلام كان في الاصل وثبت عوده في الاستعمال بعد الحذف ؟ وقد ذكرنا في باب المثنى ضابط ما يرد لامه في التثنية من هذا النوع، وهو أب وأخ وحم وهن، وأما الجمع بالالف والتاء فلم يذكر لما يرد لامه فيه من هذا النوع ضابط، بلى قد ذكرنا في باب الجمع أن مضموم الفاء نحو ظبة لا يرد لامه نحو ظبات، ويرد من المكسورة الفاء قليل نحو عضوات، والمفتوح الفاء يرد كثير منه (1) نحو سنوات وهنوات وضعوات، وبعضه لا يجمع بالالف والتاء استغناء عنه بالمكسر، نحو شفة وأمة، قالوا: فإن لم يثبت رد اللام في موضع فأنت في النسب مخير بين الرد وتركه نحو غدى وغدوى وحرى وحرحى وابنى وبنوى ودمى ودموي، ولا اعتبار بقوله:
48 - * جرى الدميان بالخبر اليقين (2) *
__________
(1) انظر تعليل ذلك وضوابطه في شرح الكافية للمؤلف (ج 2 ص 163) و (ج 2 ص 175) (2) هذا عجز بيت لعلى بن بدال السلمى، وقد نسبه قوم إلى الفرزدق، وآخرون إلى المثقب العبدى، ونسبه جماعة إلى الاخطل، وليس ذلك بشئ.
وصدر البيت قوله: * فلو أنا على جحر ذبحنا * والجحر: الشق في الارض، وقوله " جرى الدميان الخ " قال ابن الاعرابي: معناه لم يختلط دمى ودمه من بغضني له وبغضه لى بل يجرى دمى يمنة ودمة يسرة، اه وكلام الشاعر إشارة إلى ما اشتهر عند العرب من أن دم المتباغضين لا يمتزج، وقد ذكر المؤلف هذا البيت على أن رد اللام في تثنية الدم شاذ، والقياس دمان، ومن العلماء من يخرج ذلك البيت ونحوه على أنه ثناه على لغة من قال " دما " مثل الفتى، فقال دميان كما يقال فتيان (*)


وبقوله: 49 - * يديان بيضاوان عند محلم (1) * لشذوذهما، قالوا: فمن قال هنك وهنان وهنات جوز هنيا وهنويا، ومن قال هنوك وهنوان وهنوات أوجب هنويا، وقال المصنف: إن الرد إلى المثنى والمجموع إحالة على جهالة، فأراد أن يضبط بغير ذلك، فقال: إن لم يكن العين حرف علة نظر فإن كان في الاصل متحرك الاوسط ولم يعوض من اللام المحذوفة همزة وصل وجب ردها لئلا يلزم في النسب الاجحاف بحذف اللام وحذف حركة العين، مع أن الحذف في الاخر الذى هو محل التغيير أولى، فمن ثم لم
يجز إلا أبوى وأخوى، وإن كان في الاصل ساكن العين جاز الرد وتركه، نحو غدى وغدوى وحرى وحرحى، إذ لا يلزم الاجحاف، وكذا إن عوض الهمزة من اللام جاز رد اللام وحذف الهمزة وجاز الاقتصار على المعوض نحو ابني وبنوى واستى وستهى.
قلت: الذى التجأ إليه خوفا من الرد إلى جهالة ليس في الاحالة عليها بدون ما قال النحاة، لان كثيرا من الاسماء الذاهبة اللام مختلف فيها بين النحاة هل
__________
(1) هذا صدر بيت، وعجزه قوله: * قد تمنعانك أن تذل وتقهرا * ولم نقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ومحلم: اسم رجل يقال: إنه من ملوك اليمن، ويروى في مكانه " محرق " و " عند " في قوله " عند محلم " بمعنى اللام، فكأنه قد قال يديان بيضاوان لمحلم.
وقد ذكر المؤلف هذا البيت على أن رد لام يد في التثنية شاذ، وكان القياس أن يقول يدان، ومن العلماء من يقول: إنه ثناه على لغة من قال " يدى " مثل الفتى مقصورا، فكما تقول في تثنية الفتى فتيان تقول في تثنية اليدى يدينا، فاعرف ذلك (*)


هو فعل بالسكون أو فعل كيد ودم، وأكثر ما على نحو ظبه ومائة وسنة (1) مجهول الحال هل هو ساكن العين أو متحركها.
واعلم أن بعض هذه الاسماء المحذوفة اللام لامها ذو وجهين كسنة لقولهم سانهت وسنوات، وكذا عضة لقولهم عضيهة وعضوات، قال السيرافي: من قال سانهت قال سنهى وسنى لان الهاء لا ترجع في الجمع لا يقال سنهات (2) ومن قال سنوات يجب أن يقول سنوى، وكذا من قال عضهى وعضى إذ لم يأت عضهات، ومن قال عضوات قال عضوى لا غير، قال سيبويه: النسبة
إلى فم فمى وفموى لقولهم في المثنى فمان، قال: ومن قال فموان كقوله: 50 - * هما نفثا في في من فمويهما (3) * قال: فموى لا غير، قال المبرد: إن لم تقل فمى فالحق أن ترده إلى أصله وتقول فوهى.
وعلى أي ضابط كان فاعلم أن ما ترد لامه وأصل عينه السكون نحو دموى ويدوى وغدوى وحرحى يفتح عينه عند سيبويه، إلا أن يكون مضاعفا،
__________
(1) المراد بنحو ظبة ومائة وسنة كل ثلاثى حذفت لامه وعوض منها تاء التأنيث سواء أكان مضموم الاول أم مكسوره أم مفتوحه، وأما المختلف فيه فهو الثلاثي المحذوف اللام الذى لم يعوض منها شيئا (2) قد حكى صاحب القاموس أنه يجمع على سنهات وسنوات، وحكاه في اللسان عن ابن سيده (3) هذا صدر بيت للفرزدق، وعجزه قوله: * على النابح العاوى أشد رجام * ونفثا: ألقيا على لساني، وضمير التثنية يرجع إلى إبليس وابنه، وأراد بالنابح من تعرض لهجوه من الشعراء وأصله الكلب، وكذلك العاوى، والرجام: المراماة بالحجارة، وقد ذكر المؤلف هذا الشاهد على أنه قد قيل في نثنية فم فموان (*)


لمثل ما ذكرنا في تحريك عين شية، وذلك أن العين كانت لازمة للحركة الاعرابية، فلما رددت الحرف الذاهب قصدت أن لا تجردها من بعض الحركات تنبها على لزومها للحركات قبل، والفتحة أخفها، وأبو الحسن يسكن ما أصله السكون ردا إلى الاصل، كما ذكرنا في شية، فيقول: يديى ودميى وغدوى وحرحى باسكان عيناتها، وأما إذا كان مضاعفا كما إذا نسبت إلى
رب المخففة فانك تقول: ربى باسكان العين للادغام اتفاقا، تفاديا من ثقل فك الادغام، وقد نسبوا إلى قرة وهم قوم من عبد القيس والاصل قرة فخفف فقالوا قرى مشددة الراء واعلم أن كل ثلاثى محذوف اللام في أوله همزة الوصل تعاقب اللام فهى كالعوض منها، فان رددت اللام حذفت الهمزة، وإن أثبت الهمزة حذفت اللام، نحو ابني وبنوى، واسمى وسموى بكسر السين أو ضمه لقولهم سم وسم وجاء سموى بفتح السين أيضا، وأما امرؤ فلامه موجودة، فلا يكون الهمزة عوضا من اللام فلذا قال سيبويه لا يجور فيه إلا امرئى قال وأما مرئى في " امرئ القيس " فشاذ، قال السيرافي: هذا قياس منه، وإلا فالمسموع مرئى في امرئ القيس، لا امرئى، واعلم أن الراء في مرئى المنسوب إلى امرئ مفتوح، وذلك لانك لما حذفت همزة الوصل على غير القياس بقى حركة الراء بحالها، وهى تابعة لحركة الهمزة التى هي اللام، والهمزة لزمها الكسر لاجل ياء النسب، فكسرت الراء أيضا، فصار مرئى كنمرى، ثم فتحت كما في نمري، وحكى الفراء في امرئ فتح الراء على كل حال وضمها على كل حال، وأما اينم فكأن الهمزة مع الميم عوضان من اللام، فإذا رددت اللام حذفتهما، قال الخليل: ولك أن تقول ابنمى، قال سيبويه: ابنمى قياس من الخليل لم تتكلم به العرب فان أبدل من اللام في الثلاثي التاء، وذلك في الاسماء المعدودة المذكورة في


باب التصغير نحو أخت (1) وبنت وهنت وثنتان وكيت وذيت، فعند سيبويه تحذف التاء وترد اللام، وذلك لان التاء وإن كانت بدلا من اللام إلا أن فيها رائحة من التأنيث لاختصاصها بالمؤنث في هذه الاسماء، والدليل على أنها لا تقوم مقام اللام من كل وجه حذفهم إياها في التصغير نحو بنية وأخية، وكذا وكذا في الجمع
نحو بنات وأخوات وهنات، فإذا حذفت التاء رجع إلى صيغة المذكر، لان جميع ذلك كان مذكرا في الاصل، فلما أبدلت التاء من اللام غيرت الصيغة بضم الفاء من أخت وكسرها من بنت وثنتان، وإسكان العين في الجميع تنبيها على أن هذا التأنيث ليس بقياسي كما كان في ضارب وضاربة وأن التاء ليست لمحض التأنيث بل فيها منه رائحة، ولذا ينصرف أخت علما، فتقول في أخت: أخوى كما قلت في أخ، وفى بنت وثنتان بنوى وثنوى، والدليل على أن مذكر بنت فعل في الاصل بفتح الفاء والعين قولهم بنون في جمعه السالم وأبناء في التكسير (2) وكذا قالوا في جمع الاثنين أثناء، قال سيبويه (3): إن قيل إن بنات لم يرد اللام
__________
(1) انظر الجزء الاول من هذا الكتاب (ص 220) (2) الدليل على أن الفاء في ابن مفتوحة قولهم في جمع السلامة بنون، والدليل على أن العين مفتوحة أيضا مجئ تكسيره على أبناء، إذ لو كانت عينه ساكنة لجمع على أفعل مثل فلس وأفلس (3) بين عبارة سيبويه وما نقله المؤلف عنه اختلاف، ونحن نذكر لك عبارة سيبويه، قال (ج 2 ص 82): " فان قلت بنى جائز كما قلت بنات، فانه ينبغى له أن يقول بنى في ابن كما قلت في بنوز، فانما ألزموا هذه الرد في الاضافة لقوتها على الرد ولانها قد ترد ولاحذف، فالتاء يعوض منها كما يعوض من غيرها " اه، وقال أبو سعيد السيرافي في شرحه: " فان قال قائل فهلا أجزتم في النسبة إلى بنت بنى من حيث قالوا بنات كما قلتم أخوى من حيث قالوا أخوات فان الجواب عن ذلك أنهم قالوا في المذكر بنون ولم يقولوا فيه بنى، إنما قالوا بنوى أو ابني، فلم (*)


فيه فكان القياس أن يجوز في النسب بنى وبنوى لما أصلتم من أن النظر في الرد في النسبة إلى المثنى والمجموع بالالف والتاء.
فالجواب أنهم وإن لم يردوا في بنات ردوا في بنون، والغرض رجوع اللام في غير النسب في بعض تصاريف الكلمة،
وكان يونس يجيز في بنت وأخت مع بنوى وأخوى بنتى وأختى أيضا، نظرا إلى أن التاء ليس للتأنيث، وهي بدل من اللام، فألزمه الخليل أن يقول منتى (1) وهنتي أيضا، ولا يقوله أحد وتقول في كيت وذيت: كيوى وذيوى، لانك إذا رددت اللام صارت كية وذية كحية، فتقول: كيوى كحيوى
__________
يحملوه على الحذف، إذ كانت الاضافة قوية " اه، وقول سيبويه " فان قلت بنى جائز كما قلت بنات " معناه أنه كان ينبغى جواز حذف اللام في النسب إلى بنت كما يجوز ذكرها لان هذه اللام لم ترد في الجمع، وكل ما لم يرد في الجمع ولا في التثنية فانه يجوز في النسب رده وعدم رده، وقوله بعد ذلك " فانه ينبغى له أن يقول بنى في ابن كما قلت في بنون " معناه أنه لو كان مدار الامر على الرد في الجمع أو التثنية لكان يجوز في النسب إلى ان الرد وعدمه لان جمعه لم يرد فيه اللام وكذا تثنيته، فلما لم نجدهم أجازوا الرد وعدمه، بل الزموا الرد أو التعويض فقالوا بنوى أو ابني، علمنا أن هناك شيئا وراء الرد في الجمع والتثنية، وهو ما ذكره سيبويه بقوله " فانما ألزموا هذه الرد في الاضافة لقوتها - الخ " (1) أصل منتى " من " ثم زيدت فيه التاء عند الحكاية وقفا في غير اللغة الفصحى، واللغة الفصحى إبدال تائه هاء وتحريك نونه، وبهذا يتبين أن إلزام الخليل ليونس يتم في هنت لانه ثلاثى الوضع، لا في منت الثنائي الوضع، إذ كلام يونس فيما حذفت لامه وعوض عنها التاء، فالظاهر أن منتا يجرى عليه حكم الثنائي الوضع الصحيح الثاني الذى قدمه المؤلف، على أن ليونس أن يجيب عن هنت بأن كلامه فيما لزمته التاء وقفا ووصلا، وهنت تلزمه التاء في الوصل لا في الوقف (*)


والتاء في " كلتا " (1) عند سيبويه مثلها في أخت، لما لم تكن لصريح التأنيث بل
كانت بدلا من اللام ولذا سكن ما قبلها وجاز الاتيان بألف التأنيث بعدها وتوسيط التاء ولم يكن ذلك جمعا بين علامتى التأنيث لان التاء كما ذكرنا ليست لمحض التأنيث بل فيها رائحة منه، فلكتا عنده كحبلى الالف للتأنيث فهي لا تنصرف لا معرفة ولانكرة، فإذا نسبت إليه رددت اللام، ورددت الكلمة إلى صيغة المذكر، كما في أخت وبنت، فيصير كلوى بفتح العين فيجب حذف ألف التأنيث كما مر في جمزى، وفتح عين مذكره ظاهر، قال السيرافي: من ذهب إلى أن التاء ليس فيه معنى التأنيث بل هو بدل من الواو كما في ست وأصله سدس وكما في تكلة وتراث قال كلتى، فيجئ على ما قال السيرافي كلتوى وكلتاوى أيضا كحبلوى وحبلاوى، وعند الجرمى أن ألف كلتا لام الكلمة، وليس التاء بدلا من اللام ولا فيه معنى التأنيث، فيقول: كلتوى كأعلوى وقوله مردود لعدم فعتل في كلامهم، وليس ليونس في كلتا قول، ولم يقل إنه ينسب إليه مع وجود التاء كما نسب إلى أخت وبنت، وليس ماجوز من النسب مع وجود التاء فيهما مطردا عنده في كل ما أبدل من لامه تاء حتى يقال إنه يلزمه كلتى وكلتوى وكلتاوى كحبلى وحبلوى وحبلاوى،، ولو كان ذلك عنده مطردا لقال منتى وهنتى أيضا ولم يلزمه الخليل ما ألزمه، فقول المصنف " وعليه كلتوى وكلتي وكلتاوى " فيه نظر، إلا أن يريد أنك لو نسبت إليه تقديرا على قياس ما نسب يونس إلى أخت وبنت لجاز الاوجه الثلاثة قوله " متحرك الاوسط أصلا " أي في أصل الوضع قوله " والمحذوف هو اللام ولم يعوض همزة الوصل " شرط لوجوب الرد
__________
(1) انظر الجزء الاول من هذا الكتاب (ص 221) (*)


ثلاثة شروط: تحرك الاوسط، إذ لو سكن لجاز الرد وتركه نحو غدى وغدوى،
وكون اللام هو المحذوف، إذ لو كان المحذوف هو العين نحو سه لم يحز رده، وعدم تعويض همزة الوصل، إذ لو عوضت جاز الرد وتركه نحو ابني وبنوى قوله " أو كان المحذوف فاء " هذا موضع آخر يجب فيه رد المحذوف مشروط بشرطين: كون المحذوف فاء، إذ لو كان لاما مع كونه معتل اللام لم يلزم رده كما في غدى، وكونه معتل اللام، إذ لو كان صحيحا لم يجب رده كما في عدى قوله " أبوى وأخوى وستهى " ثلاثة أمثلة للصورة الاولى، وإنما قال في ست لئلا يلتبس بالمنسوب إلى سه بحذف العين فانه لا يجوز فيه رد المحذوف، وفي است لغتان أخريان: ست بحذف اللام من غير همزة الوصل، وسه بحذف العين.
قوله " ووشوى في شية " مثال للصورة الثانية قوله " وإن كانت لامه " أي: لان الاسم الذى على حرفين قوله " غيرها " أي: غير اللام، وهو إما عين كما في سه ر أو فاء كعدة وزنة قوله " وليس برد " إذ لو كان ردا لكان موضعه، بل هذا قلب قوله " وما سواهما " أي: ما سوى الواجب الرد، وهو الصورتان الاوليان، والممتنع الرد، وهو الصورة الثالثة، يجوز فيه الامران: أي الرد، وتركه قال: " والمركب ينسب إلى صدره كبعلى وتأبطي وخمسى في خمسة عشر علما، ولا ينسب إليه عددا، والمضاف إن كان الثاني مقصودا أصلا كابن الزبير وبى عمر وقيل: زبيري وعمري، وإن كان كعبد مناف وامرئ القيس قيل: عبدى ومرئي " أقول: اعلم أن جميع أقسام المركبات ينسب إلى صدرها، سواء كانت جملة محكية كتأبط شرا، أو غير جملة، وسواء كان الثاني في غير الجملة متضمنا


للحرف كخمسة عشر وبيت بيت (1)، أولا كبعلبك، وكذا ينسب إلى صدر المركب من المضاف والمضاف إليه على تفصيل يأتي فيه خاصة، وإنما حذف من جميع المركبات أحد الجزءين في النسب كراهة استثقال زيادة حرف النسب مع ثقله على ما هو ثقيل بسبب التركيب فان قلت: فقد ينسب إلى قرعبلانة (2) واشهيباب وعيضموز (3) مع ثقلها قلت: لا مفصل في الكلمة الواحدة يحسن فكه، بخلاف المركب فان له مفصلا حديث الالتحام متعرضا للانفكاك متى حزب حازب وإنما حذف الثاني دون الاول لان الثقل منه نشأ، وموضع التغيير الاخر، والمتصدر محترم وأجاز الجرمي النسبة إلى الاول أو إلى الثاني أيهما شئت في الجملة أو في غيرها، فتقول في بعلبك: بعلى أو بكى، وفي تأبط شرا: تأبطي أو شرى وقد جاء النسب إلى كل واحد من الجزءين، قال: 51 - تزوجتها رامية هرمزية * بفضل الذى أعطى الامير من الرزق (4)
__________
(1) تقول العرب: هو جارى بيت بيت، فيبدونه على فتح الجزين، ويقولون: هو جاري بيتا لبيت - بنصب الاول - ويقولون: هو جارى بيت لبيت - برفع الاول -، وعلى أي حال هو في موضع الحال، فعلى الوجه الاول والثانى هو حال مفرد، وعلى الثالث هو جملة (2) انظر كلمة " قرعبلانة " (ح 1 ص 10 و 200 و 264) (3) انظر كلمة " عيضموز " (ح 2 ص 263) (4) هذا البيت من الشواهد التى لم نقف لها على نسبة إلى قائل معين ولا عثرنا له على سوابق أو لواحق، والاستشهاد به على أن الشاعر نسب إلى المركب (*)


نسبها إلى " رامهرمز " وقد ينسب إلى المركب من غير حذف إذا خف اللفظ، نحو بعلبكى وإذا نسبت إلى " اثنى عشر " حذفت عشر كما هو القياس ثم ينسب إلى اثنان اثنى أو ثنوى، كما ينسب إلى اسم اسمى أو سموى، ولا يجوز النسب إلى العدد المركب غير علم، لان النسب إلى المركب بلا حذف شئ منه مؤد إلى الاستثقال كما مر، ولا يجوز حذف أحد جزأى المركب المقصود منه العدد، إذ هما في المعنى معطوف ومعطوف عليه، إذ معنى خمسة عشر خمسة وعشر، ولا يقوم واحد من المعطوف والمعطوف عليه مقام الاخر، وإنما جاز النسب إلى كل واحد من المضاف والمضاف إليه كما يجئ وإن كان في الاصل لكل واحد منهما معنى لانه لا ينسب إلى المركب الاضافي إلا مع العلمية كابن الزبير وامرئ القيس، والعلم المركب لا معنى لاجزائه أي تركيب كان، ولو لم ينمح أيضا معناهما بالعلمية لجاز النسب إليهما لانك إن نسبت إلى المضاف فقلت في غلام زيد غلامي فقد نسبت إلى ما هو المنسوب إليه في الحقيقة لان المضاف إليه في الحقيقة كالوصف للمضاف، إذ معنى غلام زيد غلام لزيد، وإ نسبت إلى المضاف إليه فانه وإن لم يكن هو المنسوب إليه في الحقيق لكنه يقوم مقام المضاف في غير باب النسب كثيرا، حتى مع الالتباس أيضا، كقوله: 52 - * طبيب بما أعيا النطاسى حذيما * (1)
__________
المزجى بالحاق ياء النسب بكل جزء من جزأيه - قال أبو حيان في الارتشاف: " وتركيب المزج تحذف الجز الثاني منه فتقول في بعلبك بعلى، وأجاز الجرمى النسب إلى الجزء الثاني مقتصرا عليه.
فتقول: بكى، وغير الجرمى كأبى حاتم لا يجيز ذلك إلا منسوبا إليهما (أي إلى الصدر والعجز معا) قياسا على " رامية هرمزية " أو يقتصر على الاول (1) هذا عجز بيت لاوس بن حجر، وصدره:
* فهل لكم فيها الى فإننى * (*)


أي ابن حذيم، فكيف لا يجوز في النسب وأنت لا تنسب إلى المضاف إليه إلا لدفع الالتباس، كما يجئ باقامة المضاف إليه مقام المضاف، وأما إذا نسبت إلى خمسة عشر عاما بحذف أحدهما فلا يلزم منه فساد، إذ لا دلالة لاحد الجزأين مع العلمية على معنى، وقد أحاز أبو حاتم السجستاني في العدد المركب غير علم إلحاق ياء النسب بكل واحد من جزأيه نحو ثوب أحدى عشرى نحو قوله " رامية هرمزية " وفي المؤنث إحدى - أو إحدوى - عشرى - بسكون شين عشرة - أي ثوب طوله أحد عشر ذراعا، وعلى لغة من يكسر شين عشرة في المركب إحدى عشرى - بفتح الشين كنمرى - وكذا تقول في اثنى عشر: اثنى عشرى، أو ثنوى عشرى، إلى آخر المركبات وإذا نسبت إلى المركب الاضافي فلابد من حذف أحد الجزأين للاستثقال ولانك إن أبقيتهما فان ألحقت ياء النسبة بالمضاف إليه فان انتقف إعراب الاسم المنسوب إليه إلى ياء النسب، كما في نحو كوفى وبصرى وغير ذلك من المنسوبات، لزم تأثر الياء بالعوامل الداخلة على المضاف وعدم تأثره بها للحاقه بآخر المضاف إليه اللازم جره، وإن لم ينتقل التبس باسم غير منسوب مضاف إلى اسم منسوب نحو غلام بصرى، وإن ألحقتها بالمضاف نحو عبدى القيس توهم أن المنسوب مضاف إلى ذلك المجرور، مع أن قصدك نسبة شئ إلى الاسم المركب من المضاف والمضاف إليه، فإذا ثبت أن حذف أحدهما واجب فالاولى حذف الثاني لما ذكرنا
__________
وكان بنو الحرث بن سدوس بن شيبان اقتسموا معزاه، وقوله: فهل لكم فيها، هو على تقدير مضاف، والاصل فهل لكم في ردها، وأعيا: أعجز، والنطاسى - بكسر النون - هو العالم الشديد النظر في الامور، وحذيما: يراد به ابن حذيم،
وهو محل الاستشهاد بالبيت، والمعنى: هل لكم ميل إلى رد معزاى إلى فانني حاذق خبير بالداء الذى يعجز الاطباء عن مداواته (*)


فتقول في عبد القيس: عبدى، وفي امرئ القيس: مرئى، وأيضا فانك لو نسبت إلى المركب الاضافي قبل العلمية فالمنسوب إليه في الحقيقة هو المضاف كما ذكرنا فالاولى بعد العلمية أن ينسب إليه دون المضاف إليه فان كثر الالتباس بالنسبد إلى المضاف وذلك بأن يجئ أسماء مطردة والمضاف في جميعها واحد والمضاف إليه مختلف كقولهم في الكنى: أبو زيد، وأبو علي، وأبو الحسن، وأم زيد، وأم علي، وأم الحسن، وكذا ابن الزبير، وابن عباس، فالواجب النسبة إلى المضاف إليه نحو زبيري في ابن لزبير، وبكري في أبى بكر، إذا الكنى مطرد تصديرها بأب وأم، وكذا تصدير الاعلام بابن كالمطرد، فلو قلت في الجميع: أبوى، وأمى، وابنى، لاطرد اللبس، وإن لم يطرد ذلك بل كثر كعبد الدار وعبد مناف وعبد القيس فالقياس النسب إلى المضاف كما ذكرنا نحو عبدى في عبد القيس، وقد ينسب للالتباس إلى المضاف إليه في هذا أيضا نحو منافى في عبد مناف وهذا الذي ذكرنا تقرير كلام سيويه، وهو الحق، وقال المبرد: بل الوجه أن يقال: إن كان المضاف يعرف بالمضاف إليه والمضاف إليه معروف بنفسه كابن الزبير وابن عباس فالقياس حذف الاول والنسبة إلى الثاني، وإن كان المضاف إليه غير معروف فالقياس النسبة إلى الاول كعبد القيس وامرئ القيس، لان القيس ليس شيئا معروفا يتعرف به عبد وامرؤ، وللخصم أن يمنع ويقول: بم علمت أن القيس ليس شيئا معروفا مع جواز أن يكون شيئا معروفا اما قبيلة أو رجلا أو غير ذلك أضيف إليه امرؤ وعبد في الاصل للتخصيص والتعريف كما في عبد المطلب وعبد شمس وعبد العزى وعبد اللات
قال السيرافي: ويلزم المبرد أن ينسب إلى الاول في الكنى لانه يكنون الصبيان بنحو أبى مسلم وأبى جعفر مثلا قبل أن يوجد لهم ولد اسمه مسلم أو جعفر وقبل أن يمكن ذلك منهم فليس المضاف إليه إذن في مثله معروفا إذ هو اسم على


معدوم مع أنه ينسب إليه، فكأن المصنف أجاب السيرافي نيابة عن المبرد، وقال: الثاني في أمثال هذه الكنى في الاصل مقصود، وذلك أن هذه الكنى على سبيل التفاؤل فكأنه عاش إلى أن ولد له مولود اسمه ذلك، فالثاني وإن لم يكن مقصودا الان ولا معرفا للاول إلا أنه مقصود في الاصل: أي الاصل أن لا يقال أيو زيد مثلا إلا لمن له ولد اسمه زيد، وللسيرافي أن يقول: إن الاصل أن لا يقال عبد القيس إلا في شخص هو عبد لمن اسمه قيس، فقول المصنف " وإن لم يكن الثاني مقصودا في الاصل كما في عبد القيس وامرئ القيس فالنسبة إلى الاول " مردود بما مر من الاعتراض على قول المبرد هذا، وقد جاء شاذا مسموعا في " عبد " مضافا ألى اسم آخر أن يركب من حروف المضاف والمضاف إليه اسم على فعلل بأن يؤخذ من ل واحد منهما الفاء والعين، نحو عبشمى في عبد شمس، وإن كان عين الثاني معتلا كمل البناء بلامه نحو عبقسى وعبدرى في عبد القيس وعبد الدار، وجاء مرقسى في امرئ القيس (1) من كندة وكل من اسمه امرؤ القيس من العرب غيره يقال فيه مرئى، والعذر في هذا التركيب مع شذوذ أنهم إن نسبوا إلى المضاف بدون المضاف إليه التبس، وإن نسبوا إلى المضاف إليه نسبوا إلى ما لا يقوم مقام المضاف ولا يطلق اسمه عليه مجازا، بخلاف ابن الزبير فان اطلاق اسم أحد الابوين على الاولاد كثير، نحو قريش وهاشم وخندف (2) وكذا إطلاق اسم الابن على الاب غير مبتدع
__________
(1) لم يعين شخص امرئ القيس الكندى الذى قالوا في النسب إليه: مرقسى، وقد عينه صاحب القاموس بأنه امرؤ القيس بن حجر الشاعر، وقد ذكر الشارح المرتضى:
أن الصواب أن امرأ القيس الذى ينسب إليه مرقسى هو امرؤ القيس بن الحرث بن معاوية، وهو أخو معاوية الاكرمين الجد الثالث لامرئ القيس بن حجر (2) خندف: لقب امرأة إلياس بن مضر، واسمها ليلى، وهي بنت عمران بن الحاف ابن قضاعة، وإنما لقبت كذلك لان إبل الياس انتشرت ليلا فخرج مدركه في طلبها (*)


قال سيبويه: وسمعنا من العرب من يقول في النسب إلى كنت كونى، وذلك لانه أضاف إلى المصدر، فحذف الفاعل وهو التاء، فانكسر اللام لاجل ياء النسب فرجع العين الساقطة للساكنين، وهذ الكسرة وإن كانت لاجل الياء التى هي كالكلمة المنفصلة إلا أنه إنما رد العين لان أصل اللام الحركة وسكونها عارض، وكان الوجه أن يقال كانى، لانا قد بينا قبل في شرح قوله " وأما باب سدته فالصحيح أن الضم كذا " أن الضمائر في نحو قلت وقلنا تتصل بقال فتحذف الالف للساكنين، لكنه أبقى الفاء ف ي كونى على أصل ضمه قبل النسبة، تنبيها على المنسوب إليه، قال الجرمى: يقال رجل كنتى لكون الضمير المرفوع كجزء الفعل فكأنهما كلمة واحدة وربما قالوا كنتنى بنون الوقاية ليسلم لفظ كنت بضم تائه، قال: 53 - وما أنا كنتى وما أنا عاجن * وشر الرجال الكنتنى وعاجن (1) الكنتى: الشيخ الذي يقول كنت في شبابى كذا وكذا، والعاجن: الذى لا يقدر على النهوض من الكبر إلا بعد أن يعتمد على يديه اعتمادا تاما كأنه يعجن قال: " والجمع يرد إلى الواحد، يقال في كتب وصحف ومساجد وفرائض: كتابي وصحفى ومسجدي وفرضي، وأما باب مساجد علما فمساجدي ككلابي وأنصاري "
__________
فردها فسمى مدركه، وخندفت الام في أثره: أي أسرعت، فلقبت خندف
(1) لم نقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، ويروى صدره: * فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا * وقد فسر المؤلف مفرداته، والاستشهاد فيه في قوله فأصبحت كنتيا، وفي قوله الكمنتنى حيث نسب إلى المركب الاسنادي على لفظه وجاء من غير نون الوقاية في الاول ومعها في الثاني (*)


أقول: اعلم أنك إذا نسبت إلى ما يدل على الجمع فان كان اللفظ جنسا كتمر وضرب أو اسم جمع كنفر ورهط (1) وإبل نسبت إلى لفظه نحو تمرى وإبلي، سواء كان اسم الجمع مما جاء من لفظه ما يطلق على واحده كواكب (2) في ركب أو لم يجئ كغنم وإبل، وكذا إن كان الاسم جمعا في اللفظ والمعنى لكنه لم يستعمل واحده لا قياسيا ولا غير قياسي كعباديد (3)، تقول: عباد يدى، قال سيبويه: كون النسب إليه على لفظه أقوى من أن أحدث شيئا لم يتكلم به العرب وإن كان قياسيا نحو عبدودى أو عبديدى أو عبدادى، وكذا قولهم أعرابي لان أعرابا جمع لا واحد له من لفظه، وأما العرب فليس بواحدة الان، لان الاعراب ساكنة البدو، والعرب يقع على أهل البدو والحضر، بل الظاهر أن الاعراب في أصل اللغة كان جمعا العرب ثم اختص وإن كان الاسم جمعا له واحد لكنه غير قياسي، قال أبو زيد: ينسب إلى لفظه كمحاسني ومشابهي ومذاكيري وبعضهم إلى واحده الذي هو غير قياسي نحو حسنى وشبهي وذكرى وإن كان جمعا له واحد قياسي نسبت إلى ذلك الواحد، ككتابي في كتب وأما قولهم ربى ورباني في رباب، وهم خمس قبائل تحالفوا فصاروا يدا واحدة: ضبة وثور وعكل وتيم وعدى، واحدهم ربة كقبة وقباب، والربة
__________
(1) النفر ما دون العشرة من الرجال ومثله النفير، وقد يطلق على الناس كلهم، والرهط - باسكان ثانيه أو فتحه - قوم الرجل وقبيلته، ويطلق على الجماعة من ثلاثة إلى عشرة أو من سبعة إلى عشرة بشرط أن يكونوا كلهم رجالا (2) الركب: الجماعة الراكبون الابل من العشرة فصاعدا، وله واحد من لفظه وهو راكب وسيأتي الخلاف في ركب أهو جمع أو اسم جمع في باب الجمع (3) عباديد: انظر (ح 1 ص 268) (*)


الفرقة من الناس، فانما جاز النسب إلى لفظ الجمع أعنى ربابا لكونه بوزن الواحد لفظا، ولغلبته من بين ما يصح وقوعه عليه لغة على جماعة معينين فصار كالعلم نحو مدائنى (1) وأما أبناوى في النسب إلى أبناء، وهم بنو سعد بن زيد مناة، وأنصاري في النسبة إلى الانصار، فللغلبة المذكورة ولمشابهة لفظ أفعال للمفرد حتى قال سيبويه إن لفظه مفرد، ولقوة شبهه بالمفرد كثر وصف المفرد به نحو برمة أعشار (2)، وثوب أسمال (3) ونطفة أمشاج (4) ورجع ضمير المفرد المذكر إليه في نحو قوله تعالى: (وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه) ولا منع أن يقال: إن الياء في أنصارى وأبناوى وربابى للوحدة لا للنسبة كما في رومى وزنجي وزنج فلذا جاز إلحاقها بالجمع، فلو قلت بعد مثلا: ثوب أنصارى وشئ ربابژ أو أبناوى كان منسوبا إلى هذه المفردات بحذف ياء الوحدة كما ينسب إلى كرسى بحذف الياء فيكون لفظ المنسوب والمنسوب إليه واحدا ولقائل أن يقول: ياء الوحدة أيضا في الاصل للنسبة لان معنى زنجى شخص منسوب إلى هذه الجماعة بكونه واحدا منهم، فهو غير خارج عن حقيقة النسبة، إلا أنه طرأ عليه معنى الوحدة، فعلى هذا يكون العذر في لحاق الياء بهذه الاسماء ما تقدم أولا، وقالوا في النسبة إلى أبناء فارس، وهم الذين استصحبهم سيف بن
__________
(1) مدائى: منسوب إلى المدائن وهى مدينة كسرى قرب بغداد، سميت بذلك لكبرها (2) البرمة: قدر من حجارة، ويقال: برمة أعشار وقدر أعشار وقدح أعشار، ذا كانت عظيمة لا يحملها إلا عشرة، وقيل: إذا كانت مكسرة على عشر قطع (3) يقال: ثوب أسمال، ويقال: ثوب أخلاق، إذا كان قد صار مزقا.
قال الراجز * جاء الشتاء وقميصي أخلاق * (4) النطفة - بالضم - الماء الصافى قل أو كثر، وأمشاج: مختلطة بماء المرأة ودمها (*)


ذى يزن إلى اليمن: بنوى، على القياس، مع أنهم جماعة مخصوصة كبنى سعد بن زيد مناة، وقالوا في النسبة إلى العبلات: عبلى، بسكون الباء وهم من بنى عبد شمس: أمية الاصغر، وعبد أمية، ونوفل، لان كل واحد منهم سمى باسم أمه، ثم جمع، وهى عبلة بنت عبيد، من بنى تميم، وإنما قالوا في المهالبة والمسامعة مهلبى ومسمعي، لانك رددتهما إلى واحدهما وحذفت ياء النسبة التى كانت في الواحد ثم نسبت إليه، ويجوز أن يقال سمى كل واحد منهم مهلبا ومسمعا أي باسم الاب ثم مع كما سمى كل واحد في العبلات باسم الام ثم جمع، فيكون مهلبى منسوبا إلى الواحد الذى هو مهلب، لا إلى مهلبى وإن كان اللفظ جمعا واحده اسم جمع نسبت أيضا إلى ذلك الواحد، كما تقول في النسبة إلى نساء: نسوي، لان واحدة نسوة، وهو اسم جمع، وكذا تقول في أنفار وأنباط: نفرى ونبطى وإن كان جمعا واحده جمع له واحد نسبت إلى واحد واحده، كما تقول في النسبة إلى أكالب: كلبى
وإنما يرد الجمع في النسبة إلى الواحد لان أصل المنسوب إليه والاغلب فيه أن يكون واحدا، وهو الوالد أو المولد أو الصنعة، فحمل على الاغلب، وقيل: إنما رد إلى الواحد ليعلم أن لفظ الجمع ليس علما لشئ، إذ لفظ الجمع المسمى به ينسب إليه، نحو مدائنى وكلابي، كما يجئ ولو سيمت بالجمع فان كان جمع التكسير نسبت إلى ذلك اللفظ نحو مدائنى وأنمارى وكلابي وضبابى، وأنمار: اسم رجل، وكذا ضباب وكلاب وإن كان جمع السلامة فقد ذكرنا أن جمع المؤنث بالالف والتاء يحذف منه الالف والتاء، تقول في رجل اسمه ضربات: ضربي، بفتح العين لانك لم ترده إلى واحده، بل حذفت منه الالف والتاء فقط، بخلاف عبلى في المنسوب إلى


العبلات، فانه بسكون الباء لانه بسب إلى الواحد كما ذكرنا، وكذا يحذف من المجموع بالواو والنون علما الحرفان، إن لم يجعل النون معتقب الاعراب، ولا يرد إلى الواحد، فلهذا قيل في المسمى بأرضين: أرضى، بفتح الراء، وإن جعل النون معتقب الاعراب لم يحذف منه شئ، كما مر في أول الباب (1) قال: " وما جاء على غير ما ذكر فشاذ " أقول: اعلم أنه قد جاءت ألفاظ كثيرة على غير ما هو قياس النسب، بعضها مضى نحو جذمى وقرشى وحرورى، ولنذكر الباقي، قالوا في العالية - وهو موضع بقرب المدينة - علوى، كأنه منسوب إلى العلو، وهو المكان العالي ضد السفل، لان العالية المذكورة مكان مرتفع، والقيسا عالى أو عالوى، فهو منسوب إليها على المعنى، وقالوا في البصرة: بصرى، بكسر الباء، لان البصرة في اللغة حجارة بيض وبها سميت البصرة، والبصر بكسر الباء من غير تاء بمعنى البصرة، فلما كان قبل العلمية بكسر الباء مع حذف التاء ومع النسبة بحذف التاء
كسرت الباء في النسب، وقيل: كسر الباء في النسب إتباعا لكسر الراء،
__________
(1) هذا الذي ذهب إليه الرضى وابن الحاجب من رد الجمع إلى الواحد هو الذى عليه جمهور علماء العربية، وقد ذهب قوم إلى جواز النسب إلى لفظ الجمع، قال السيوطي في همع الهوامع (2: 197): " وأما الجمع الباقي على جمعيته وله واحد مستعمل فانه ينسب إلى الواحد منه فيقال في الفرائض: فرضى، وفى الحمس: أحمسي، وفي الفرع: أفرعى، قال أبو حيان: بشرط ألا يكون رده إلى الواحد يغير المعنى، فان كان كذلك نسب إلى لفظ الجمع كأعرابي، إذ لو قيل فيه عربي ردا إلى المفرد لالتبس الاعم بالاخص، لاختصاص الاعراب بالبوادي وعموم العرب، وأجاز قوم أن ينسب إلى الجمع على لفظه مطلقا وخرج عليه قول الناس فرائضي وكتبي وقلانسى، وذهب هؤلاء إلى أن القمرى والدبسى منسوب إلى الجمع، من قولهم: طيور قمر ودبس، وعند الاولين هو منسوب إلى القمرة، وهى البياض، والدبسة، أو مثل كرسى مما بنى على الياء التى تشبه ياء النسب " اه والدبسة: لون بين السواد والحمرة (*)


ويجوز بصري بفتح الباء على القياس، وقالوا: بدوى، والقياس إسكان العين لكونه منسوبا إلى البدو، وإنما فتح ليكون كالحضري لانه قرينه، وقالوا: دهري بضم الدال للرجل المسن فرقا بينه وبين الدهرى الذي هو من أهل الالحاد، وقالوا في النسب إلى السهل وهو ضد الحزن: سهلى، بضم السين فرقا بينه وبين المنسوب إلى سهل اسم رجل، وقيل في بنى الحبلى حى من الانصار: حبلى، بفتح الباء فرقا بينه وبين المنسوب إلى المرأة الحبلى، وإنما قيل لابيهم حبلى لعظم بطنه، وقالوا في الشتاء: شتوى، بسكون التاء، قال المبرد: شتاء جمع شتوة كصحاف جمع صحف فعلى هذا شتوى قياس، لان الجمع في النسب يرد إلى واحده، وإطلاق الشتاء على ما يطلق عليه الشتوة يضعف (1) قوله، وقالوا في الخريف: خرفي بفتح العين كما قالوا في تثقيف: ثقفي، وقالوا: خرفي أيضا بسكون العين
بالنسبة إلى المصدر، والخرف: قطع الشئ، وقالوا: بحراني، في النسبة إلى البحرين المجعول نونه معتقب الاعراب، والقياس بحريني ووجهه أن نون البحرين بالياء تجعل معتقب الاعراب، وقياس المثنى المجعول نونه معتقب الاعراب أن يكون في الاحوال بالالف كم مر في باب العلم، فالزام البحرين الياء شاذ إذن
__________
(1) هذه مسألة ثار فيها خلاف طويل بين العلماء، قال في اللسان: " الشتاء معروف: أحد أرباع السنة، وهى الشتوة، وقيل: الشتاء جمع شتوة.
قال ابن برى: الشتاء اسم مفرد لا جمع بمنزلة الصيف، لانه أحد الفصول الاربعة، ويدلك على ذلك قول أهل اللغة: أشتينا دخلنا في الشتاء وأصفنا دخلنا في الصيف، وأما الشتوة فانما هي مصدر شتا بالمكان شتوا للمرة الواحدة، كما تقول: صاف بالمكان صيفا وصيفة واحدة، والنسبة إلى الشتاء شتوى على غير قياس، وفى الصحاح النسبة إليها شتوى (بفتح فسكون) وشتوى (بفتح الشين والتاء جميعا) مثل خرفى وخرفى قال ابن سيده: وقد يجوز أن يكونوا نسبوا إلى الشتوة ورفضوا النسب إلى الشتاء " اه (*)


وإذا جعل نون المثنى معتقب الاعراب لم يحذف في النسب لاهو ولا الالف فقيل: بحراني، على أنه منسوب إلى البحران المجعول نونه معتقب الاعراب لكونه هو القياس في المثنى المجعول نونه كذلك، وإن قل استعماله كما مر في باب العلم، وقيل: أفقى بفتحتين، في النسبة إلى الافق، لانهم قالوا فيه أفق بضم الهمزة وسكون الفاء وهو مخفف الافق كعنق وعنق، ثم جوزوا فيه الافقي لاشتراك الفعل والفعل في كثير من الاسماء كالعجم والعجم والعرب والسقم والسقم، وقالوا: خراسى، تشبيها للالف والنون بألف التأنيث التى قد تشبه بتاء التأنيث فتحذف وإن كان شاذا كما في جلولى وحرورى، ومن قال خرسى
بحذف الالف وسكون الراء فقد خفف، وقالوا: صلاحية، بضم الطاء، للابل التى ترعى الطلح، وإنما بنى على فعال لانه بناء المبالغة في النسب كأنافي للعظيم الانف كما يجئ ويروى طلاحية بكسر الطاء بالنسب إلى الجمع كما قالوا عضاهى منسوب إلى عضاه جمع عضة، وقيل: هو منسوب إلى عضاهة بمعنى عضه وهو قليل الاستعمال، أعنى عضاهة، والجنس كقتادة وقتاد، وقيل: إبل حمضية بفتح الميم، قال المبرد يقال حمض وحمض، فعلى هذا ليس بشاذ، وقالوا: يمان وشآم وتهام، ولا رابع لها، والاصل يمنى وشامي وتهمي، والتهم تهامة، فحذف في الثلاثة إحدى ياءى النسبد وأبدل منها الالف، وجاء يمنى وشامي على الاصل وجاء تهامى بكسر التاء وتشديد الياء منسوبا إلى تهامة، وجاء يمانى وشآمي وكأنهما منسوبان إلى يمان وشآم المنسوبين بحذف ياء النسبة دون ألفها إذ لا استثقال فيه كما استثقل النسبة إلى ذى الياء المشددة لو لم تحذف، والمراد بيمان وشآم في هذا موضع منسوب إلى الشأم واليمن فينسب الشئ إلى هذا المكان المنسوب، ويجوز أن يكون يماني وشامي جمعا بين العوض والمعوض منه، وأن


يكون الالف في يمانى للاشباع كما في قوله: * ينباع من ذفرى غضوب جسرة * (1) وشامي محمول عليه، وقيل في طهية: طهوى، بسكون الهاء على الشذوذ، وطهوى على القياس، وقيل: طهوى، بفتح الطاء وسكون الهاء وهو أشذ، وقالوا في زبينة قبيلة من باهلة: زبانى، والقياس زبنى كحنفي في حنيفة، وقالوا في مرو: مروزى وفي الرى رازي واعلم أنك إذا نسبت إلى الاسماء المذكورة بعد أن تجعلها أعلاما إن لم تكن كدهر وطلح أو جعلتها أعلاما لغير ما كانت له في الاول كما إذا سميت بزبينة
ابنا لك، فانك تجرى جميعها على القياس نحو دهري وطلحي وزبني، لان هذه الاسماء شذت في المواضع المذكورة، وجعلها أعلاما لما يقصد وضع لها ثان، فيرجع في هذا الوضع إلى القياس وقد يلحق ياء النسب أسماء أبعض الجسد لدلالة على عظمها: إما مبنية على فعال كأنافي للعظيم الانف، أو مزيدا في آخرها ألف ونون كلحياني ورقبانى وجمانى للطويل الجمة، وليس البناءان بالقياس، بل هما مسموعان، وإذا سميت بهذه الاسماء ثم نسبت إليه رجعت إلى القياس، إذ لا تقصد المبالغة إذن، فتقول جمى ولحيى على قول الخليل ولحوى على قول يونس قال: " وكثر مجئ فعال في الحرف كبتات وعواج وثواب وجمال، وجاء فاعل أيضا بمعنى ذى كذا كتامر ولابن ودارع ونابل، ومنه عيشة راضية وطاعم كاس ".
أقول: اعلم أنه يجئ بعض ما هو على فعال وفال بمعنى ذى كذا، من
__________
(1) قد مضى قولنا على هذا الشاهد، فارجع إليه في الجزء الاول (ص 70) (*)


غير أن يكون اسم فاعل أو مبالغة فيه، كما كان اسم الفاعل نحو غافر، وبناء المبالغة فيه نحو غفار، بمعنى ذى كذا، إلا أن فعالا لما كان في الاصل لمبالغة الفاعل ففعال الذى بمعنى ذى كذا لا يجئ إلا في صاحب شئ يزاول ذلك الشئ ويعالجه ويلازمه بوجه من الوجوه، إما من جهة البيع كالبقال (1)، أو من جهة القيام بحاله كالجمال والبغال، أو باستعماله كالسياف، أ غير ذلك، وفاعل يكون لصاحب الشئ من غير مبالغة، وكلاهما محمولان على اسم الفاعل وبناء مبالغته، يقال لابن لصاحب اللبن، ولبان لمن يزاوله في البيع أو غيره، وقد يستعمل في الشئ الواحد اللفظان جميعا كالسياف وسائف، وقد يستعمل
أحدهما دون صاحبه كقواس (2) وتراس (3) وفعال في المعنى المذكور أكثر استعمالا من فاعل، وهما مع ذلك مسموعان ليسا بمطردين، فلا يقال لصاحب البر: برار، ولا لصاحب الفاكهة: فكاه، قال النحاة: إنهما في المعنى المذكور بمعنى النسبة، لان ذا الشئ منسوب إلى ذلك الشئ، وأيضا جاء فعال والمنسوب بالياء بمعنى واحد كبتى وبتات لبائع البت، وهو الكساء، ويعرف أنه ليس باسم فاعل ولا للمبالغة فيه: إما بأن لا يكون له فعل ولا مصدر كنابل وبغال، ومكان آهل: أي ذو أهل، أو بأن يكون له فعل ومصدر لكنه إما بمعنى المفعول: كما دافق وعيشة راضية، وإما مؤنث مجرد عن التاء: كحائض
__________
(1) لم نقف على كلمة بقال بمعنى بائع البقل في اللسان ولا في الصحاح، وقد نص المجد في القاموس (ب د ل، ب ق ل) على أن البقال بمعنى بائع المأكولات عامية، وصوابها بدال (2) القواس: الذى يبرى القوس، وقد قالوا فيه " قياس " أيضا، شذوذا (3) التراس: صاحب الترس، وهى ما يتقى بها وقع السلاح، وقد جاء عنهم في هذا المعنى تارس، فتمثيل المؤلف به لما جاء على وجه واحد غير مستقيم إذن.
(*)


وطالق، وقالوا في نحو مرضع (1) ومطفل (2) والسماء منفطر (3) به: إنه على
__________
(1) المرضع: التى لها ولد في سن الرضاع، والمرضعة - بالتاء - التي ترضع وإن كان الرضيع ليس ولدها.
قال تعلب: " إذا أردت لفعل أدخلت الهاء وجعلته نعتا، وإذا أردت الاسم لم تدخل الهاء " اه، ومراده بالفعل اسم الفاعل، إذ هو دال على الحدث.
ومراده بالاسم المنسوب، وفي اللسان: " وفي التنزيل العزيز: (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت) اختلف النحويون في دخول الهاء في المرضعة، فقال الفراء:
المرضعة والمرضع التي معها صبي ترضعه، قال: ولو قيل في الام مرضع لان الرضاع لا يكون إلا من الاناث كما قالوا: امرأة حائض وطامث، كان زوجها، قال: ولو قيل في التى معها صبى مرضعة كان صوابا، وقال الاخفش: أدخل الهاء في المرضعة لانه أرادو الله أعلم الفعل، ولو أراد الصفة لقال: مرضع، وقال أبو زيد: المرضعة التى ترضع وثديها في فم ولدها، وعليه قوله تعالى: (تذهل كال مرضعة).
قال: وكل مرضعة أم، قال: والمرضع التى دنا لها أن ترضع ولم ترضع بعد، والمرضع التى معها الصبي الرضيع، وقال الخليل: امرأة مرضع ذات رضيع كما يقال: امرأة مطفل ذات طفل بلا هاء، لانك تصفها بفعل منها واقع أو لازم، فإذا وصفتها بفعل هي تفعله قلت مفعلة كقوله تعالى: (تذهل كل مرضعة عما أرضعت) وصفها بالفعل فأدخل الهاء في نعتها، ولو وصفها بأن معها رضيعا قال: كل مرضع، قال ابن برى: أما مرضع فهو على النسب، أي: ذات رضيع، كما تقول: ظبية مشدن: أي ذات شاذن، وعليه قول امرئ القيس: فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعا * فألهيتها عن ذى تمائم مغيل فهذا على النسب، وليس جاريا على الفعل، كما تقول: رجل دارع وتارس.
معه درع وترس، ولا يقال منه درع ولاترس، فلذلك يقدر في مرضع أنه ليس بجار على الفعل وإن كا قد استعمل منه الفعل، وقد يجئ مرضع على معنى ذات إرضاع أي لها لين وإن لم يكن لها رضيع " اه.
(2) المطفل: ذات الطفل من الانسان والوحش: أي معها طفلها، وهى قريبة عهد بالنتاج، ويقال: ليلة مطفل، إذا كانت تقتل الاطفال ببردها.
(3) حكى عن الفراء أن السماء تذكر وتؤنث، فان كان ذلك صحيحا فقوله (*)


معنى النسبة لهذا أيضا، وهذا يقدح في قولهم: إن ما هو بمعنى النسبة من المجرد
عن الياء إما على فعال أو فاعل فقط، وإما جار (1) على ما تضمنه على وجه المبالغة نحو: عز عزيز، وذل ذليل، وشعر شاعر، وموت مائت، وهم ناصب، فإن جميع ذلك معنى أطلق عليه اسم صاحب ذلك المعنى مبالغة، إذ العزيز والذليل والشاعر والمائت والهام (2) صاحب العز والذل والشعر والموت والنصب، كما يطلق على صاحب المعنى اسم ذلك المعنى مبالغة نحو رجل صوم وعدل وماء غور: جعل الشعر كأنه صاحب شعر آخر، كما قال المتنبي: وما أنا وحدي قلت ذا الشعر كله * ولكن لشعرى فيك من نفسه شعر (3)
__________
تعالى: (منفطر به) اسم فاعل جار على موصوفه ولا تأويل فيه، وأكثر العلماء على أن السماء مؤنث ولهذا احتاجوا إلى التأويل في هذه الجملة، فمنهم من أول في السماء فذكر أنها بمعنى اسقف أو الشئ المرتقع، فلهذا جاء الخبر عنها مذكرا، ومنهم من أول في منفطر فذكر أنه نسب وليس اسم فاعل كالمؤلف، وليس بجيد.
(1) هذا معطوف على قوله: " إما بمعنى المفعول الخ ".
(2) الذى تقدم التمثيل به " ناصب " فكان الواجب أن يقول ههنا: " والناصب " على أن نفس التمثيل بقوله " هم ناصب " ليس متفقا مع ما قبله من الامثلة ولا مع ما ذكره من الاصل الذى مثل له، إلا أن يتمحل له بأن الهم بمعنى النصب فكأنه قال: " ونصب ناصب " أو قال " وهم هام " فيكون متفقا، ثم إن صاحب اللسان نقل عن العلماء أنهم جعلوا قولهم: " هم ناصب " من قبيل " ماء دافق " و " عيشة راضية " فكأن الهم ينصب فيه: أي فهو اسم فاعل بمعنى اسم المفعول (3) هذا البيت من قصيدة لابي لاطيب المتنبي يمدح بها علي بن أحمد بن عامر الانطاكي أولها قوله: أطاعن خيلا من فوارسها الدهر * وحيدا، وما قولى كذا ومعى الصبر ومعنى هذا البيت - كما قال العكبرى - أنا ما انفردت بعمل هذا الشعر، ولكن (*)


والموت كأنه يستصحب موتا آخر، والنصب كأنه يستلزم نصبا آخر: أي ليس هو شعرا واحدا، ولا الموت موتا واحدا، ولا الهم هما واحدا، بل كل منها مضاعف مكرر، وقد يستعمل الفعل أيضا بهذا المعنى نحو قولهم: جد جده، وتم تمامه، وأما قولهم: شغل شاغل، فليس من هذا، بل هو اسم فاعل على الحقيقة: أي شغل يشغل المشتغل به عن كل شغل آخر لعظمه فلا يتفرغ صاحبه لشئ آخر وكما استعملوا فعالا لما كان في الاصل للمبالغة في اسم الفاعل في معنى ذى الشئ الملازم له استعملوا فعلا أيضا، وهو بناء مبالغة اسم الفاعل، نحو عمل للكثير العمل، وطعن وليس ولسن في معنى النسبة، فاستعملوه في الجوامد نحو رجل نهر لصاحب العمل بالنهار، ورجل حرح وسته بمعنى حرى واستى: أي الملازم لذلك الشغل، فعلى هذا ليس معنى النسب مقصورا على فاعل وفعال، بل يجئ عليه اسم الفاعل من الثلاثي وغيره نحو مرضع ومنفطر، ويجئ من أبنية مبالغة اسم الفاعل فعال وفعل، قال الخليل: وقالوا طاعم كاس على ذا: أي على النسبة: أي هو ذو كسوة وذو طعام، وهو مما يذم به، أي ليس له فضل غير أن يأكل ويلبس، قال: دع المكارم لا ترحل لبغيتها * واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى (1)
__________
شعرى عانني على مدحك، لانه أراد مدحك كما أردته، وهو مأخوذ من قول أبى تمام: تغاير الشعر فيه إذ أرقت له * حتى ظننت قوافيه ستقتتل (1) هذا البيت من قصيدة للحطيئة هجا فيه الزبرقان بن بدر، وأولها: علام كلفتني مجد ابن عمكم * والعبيس تخرج من أعلام أوطاس وقال السكري في شرح بيت الشاهد: يقول: حسبك أن تأكل وتشرب.
وقد استشهد بالبيت على أنهم قالوا: إن الطاعم الكاسى من باب النسبة، ثم رد (*)


ولا ضرورة لنا إلى جعل طاعم بمعنى النسبة، بل الاولى أن تقول: هو اسم فاعل من طعم يطعم مسلوبا منه معنى الحدوث، وأما كاس فيجوز أن يقال فيه ذلك، لانه بمعنى مفعول: كماء دافق، ويجوز أن يقال: المراد الكاسى نفسه، والاظهر هو الاول، لان اسم الفاعل المتعدى إذا أطلق فالاغلب أن فعله واقع على غيره * قال: " الجمع، الثلاثي: الغالب في نحو فلس على أفلس وفلوس، وباب ثوب على أثواب، وجاء زناد في غير باب سيل، ورئلان وبطنان وغردة وسقف وأنجدة شاذ ".
أقول " اعلم أن جموع التكسير أكثرها محتاج إلى السماع، وقد يغلب بعضها في بعض أوزان المفرد، فالمصنف يذكر أولا ما هو الغالب، ويذكر بعد ذلك غير الغالب الذى هو كالشاذ.
قوله: " الجمع " لا إعراب له، ولا لقوله: " الثلاثي "، لانهما اسمان غير مركبين.
كما تقول: باب، فصل، ويجوز أن يرتفعا على أن كل واحد منهما خبر
__________
المؤلف ذلك في الطاعم وسلمه في الكاسى على ما تراه.
وتقول: لا وجه لانكار أن يكون الطاعم من باب النسبة ويكون من باب " عيشة راضية " و " ماء دافق " كما قاله في الكاسى.
وأنه رأى الفراء قد ذكر هذا في الكاسى وسكت عنه في الطاعم فظن أن له حكما آخر، قال الفراء: " الكاسى بمعنى المكسو، كما أن العاصم في قوله تعالى (لا عاصم اليوم من أمر الله) بمعنى المعصوم، ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل.
ألا ترى أن قوله تعالى (من ماء دافق) بمعنى مدفوق، و (عيشة راضية) بمعنى مرضية، يستدل على ذلك بأنك تقول: رضيت هذه العيشة، ودفق الماء، وكسى العريان، بالبناء للمفعول.
ولا تقول ذلك
بالبناء للفاعل " اه (*)


المبتدأ.
أي: هذا باب الجمع، وهذا باب الثلائى كيف يجمع، ثم ابتدأ وقال: " الغالب في نحو فلس أن يجمع على أفلس " اعلم أن الغالب أن يجمع فعل المفتوح الفاء الساكن العين في القلة على أفعل، إلا أن يكون أجوف واويا أو يائيا، فإن الغالب في قلته أفعال: كثوب واثواب وسوط وأسواط وبيت وأبيات وشيخ وأشياخ، وذلك لانه لو قالوا فيه أيضا أفعل نحو أسوط وأبيت لثقلت الضمة على حرف العلة وإن كان قبلها ساكن، لان الجمع ثقيل لفظا ومعنى فيستثقل فيه أدنى ثقل، وقد جاء فيه أفعل قليلا نحو أقوس وأثوب وآير وأعين، وقد يجئ غير الاجوف في القلة على أفعال أيضا قليلا كفرخ وأفراخ وفرد وأفراد، لكن الاغلب في الاجوف وفيما سواه ما ذكرناه أولا، والغالب في كثرة فعل أن يكون على فعول وفعال ككعوب (1) وكعاب وقد ينفرد أحدهما عن صاحبه كبطن وبطون وبغل وبغال، وكذا المضاعف نحو صك وصكوك (2) وصكاك، والناقص: كدلو ودلى ودلاء، وثدى وثدى (3) وظبى وظباء، وأما الاجوف فإن كان واويا ففعول فيه قليل، والاكثر الفعال لاستثقال الضمد على الواو في الجمع وبعده الواو، ولا يستثقل ذلك في المصدر
__________
(1) الكعوب: جمع كعب، وهو العظم الناشز فوق القدم، وكل مفصل للعظام كعب.
(2) الصك: الكتاب، وذكر في القاموس أنه جمع في القلة على أصك (بفتح الهمزة وضم الصاد، وأصله أصكك مثل أفلس، ثم نقلت صمة أول المثلين إلى الساكن قبله وأدغم المثلان) وعلى صكوك وصكاك كما قال المؤلف.
(3) الثدى: بفتح فسكون، أو بزنة العصا - خاص بالمرأة، وقيل: عام،
ويجمع على أثد، مثل أدل، وعلى فعول فيقال ثدي - بكسر الدال، وثاؤه مضمومة أو مكسورة.
(*)


كالغؤور (1) والسؤور (2)، وقد يجئ في الجمع كالفؤوج في جمع الفوج، فأما إذا جمعته على فعال فإن الكلمة تخف بانقلاب الواو ياء، ولما استبد الواوى بأحد الجمعين المذكورين استبد اليائى بالاخر، أعنى فعولا، فلم يجئ فيه فعال، وأيضا لو قيل فيه بيات كحياض لالتبس الواوى باليائى (وشذ ضياف في جمع ضيف) وقد يزاد التاء على فعول وفعال لتأكيد معنى الجمعية كعمومة وخؤولة وخيوطة وعيورة وفحالة.
فالوجه على ما قررنا أن يقال: الغالب في قلة فعل أفعل في غير باب بيت وثوب، فانهما على أثواب وأبيات، وفي كثرته فعول، في غير باب ثوب، فانه على ثياب، وفعال، في غير باب سيل، فانه على سيول قال سيبويه: القياس في فعل ما ذكرناه، وما سوى ذلك يعلم بالسمع، فلو اضطر شاعر أو ساجع في جمع فعل إلى شئ مما ذكرنا أنه قياسه فلا عليه أن يجمعه عليه، وإن لم يسمع فالمسموع في قلة فعل في غير الاجوف أفعال كأنف وآناف، وفي كثرته فعلان كجحشان ورئلان (3) وفعلان كظهران وبطنان (4).
قال سيبويه: وفعلان - بالكسر - أقلهما، وفعلة كغردة في غرد، وهو الكمأة، وكذا جبأة وفقعة في جب ء وفقع للكمأة أيضا، وفعل بضمتين كسقف ودهن (5)
__________
(1) الغؤور: مصدر غار يغور، ومثله الغور، ومعناه الدخول في الشئ، وذهاب الماء في الارض، وإتيان الغور، وغروب الشمس.
(2) السؤور: مصدر سار الشراب في رأس شاربه يسور، ومثله السور،
والسؤر، إذا دار وارتفع (3) الرئلان (بكسر فسكون) جمع رأل (بفتح فسكون) وهو ولد النعام (4) انظر (1: 11 و 16) من هذا الكتاب (5) الدهن (بفتح فسكون) وقد تضم داله: هو قدر ما يبل وجه الارض (*)


ويجوز أن يخفف عند بنى تميم كما في عنق، وهو في الجمع لثقله أولى، وأفعلة في جمع فعل شاذ كأنجدة في نجد، وهو المكان المرتفع، قال الجوهري: هو جمع نجود جمع نجد، جمع فعول على أفعلة تشبيها له بفعول بفتح الفاء فانه يجمع عليه كعمود وأعمدة، وأما نحو الكليب والمعيز فهو عند سيبويه جمع، وعند غيره اسم الجمع، ففعيل في فعل أقل من فعلة.
وفعلة أقل من فعلان، بالكسر، وهو أقل من فعلان بالضم وربما اقتصر في فعل على أفعل وأفعال في القلة والكثرة.
كالاكف والارآد (1) واعلم أن جمع القلة ليس بأصل في الجمع، لانه لا يذكر إلا حيث يراد بيان القلة، ولا يستعمل لمجرد الجمعية والجنسية كما يستعمل له جمع الكثرة.
يقال فلان حسن الثياب، في معنى حسن الثوب، ولا يحسن حسن الاثواب، وكم عندك من الثوب والثياب، ولا يحسن من الاثواب، وتقول: هو أنبل الفتيان، ولا تقل أنبل الفتية، مع قصد بيان الجنس قال: " ونحو حمل (2) على أحمال وحمول، وجاء على قداح (3) وأرجل
__________
من المطر، ويجمع على دهان مثل رجال، ولم نقف فيما بين أيدينا من كتب اللغة على أنه يجمع على فعل كما قال المؤلف، ولعل ما ذكر المؤلف أنه جمع ليس كما توهمه بل هو مفرد، وأصله دهن مثل قفل فأتبعت عينه لفائه فصار بضمتين
كعنق كما هو مذهب عيس بن عمر في نحو عسر ويسر.
(1) الارآد: جمع رأد، والرأد: الشابة الحسناء، وهو أيضا رونق الضحى، ويقال: هو ارتفاعه، والرأد أيضا: أصل اللحى النائئ تحت الاذن.
(2) الحمل - بكسر أوله - ما حملته على عاتقك أو نحوه، فإذا فتحت أوله فهو ما حملته الانثى في بطنها.
(3) القداح: جمع قدح بكسر أوله وسكون ثانيه، وهو السهم قبل ن يراش ويتصل.
(*)


وصنوان وذؤبان وقردة " أقول: اعلم أن ما كان على فعل فانه يجمع في القلة على أفعال، في الصحيح كان أو في الاجوف أو في غيرهما، وربما كان أفعال لقلة وكثرة كأخماس (1) وأشبار، قال سيبويه: وفي الكثرد على فعول وفعال، والفعول أكثر، وربما اقتصروا على واحد منهما في القليل والكثير معا، فان كان أجوف يائيا لزمه الفعول كالفيول والجيود، ولا يجوز الفعال كما مر في فعل، وإن كان واويا لزمه الفعال ولا يجوز الفعول كريح ورياح، كما ذكرنا في فعل، هذا الذى ذكرناه في فعل هو الغالب، وقد يجئ على أفعل كأرجل، وعلى فعلان كصنوان (2) وقنوان (3) وبعضهم يضم فاءهما، وعلى فعلان كذؤبان وصرمان في صرم وهو القليل من الابل، وعلى فعلة كقردة، وجاء فيه فعيل كضريس (4) قال: " ونحو قرة على أقراء وقروء (5)، وجاء على قرطة وخفاف وفلك، وباب عود على عيدان "
__________
(1) الاخماس: جمع خمس - بكسر فسكون - وهو من أظماء الابل، وذلك أن ترعى أربعة أيام ثم ترد الماء في الخامس.
(2) صنوان: جمع صنو، وهو الاخ الشقيق، والابن، والعم، والشئ يخرج مع آخر من أصل واحد.
(3) قنوان: جمع قنو، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب.
(4) الضريس: جمع ضرس، ويقال: هو اسم جمع له، مثل المعيز والكليب، والضرس من الاسنان.
(5) القرء - بضم فسكون - الحيض والطهر، وهو من الاضداد، قال أبو عبيد: القرء يصلح للحيض والطهر، وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت، والجمع أقراء، وفى الحديث " دعى الصلاة أيام أقرائك " وقروء على فعول، وأقرؤ والاخيرة عن اللحياني، ولم يعرف سيبويه أقراء ولا أقرؤا، قال: استغنوا عنه بفعول (*)


أقول: اعلم أن فعلا يكسر في القلة على أفعال، في الاجوف كان أو في غيره، وقد يجئ للقليل والكثير، نحو أركان وأجزاء، وقد شذ في قلته أفعل كأن ؟ ؟ كن، ويكسر في الكثرة على فعال وفعول، وفعول أكثر كبروج وبرود وجنود، وفعال في المضاعف كثير كقفاف (1) وخفاف وعشاش (2)، هذا هو الغالب في فعل.
وقد يجئ فيه فعلة كقرطة (3) وجحرة (4) وخرجة (5)، وفعل كفلك في فلك، قال تعالى في الواحد: (في الفلك المشحون) وفي الجمع: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) وذلك لان فعلا وفعلا يشتركان في أنهما جمعا على أفعال كصلب وأصلاب وجمل وأجمال، وفعل يجمع في فعل كأسد وأسد، ففعل جمع عليه أيضا، وفعل وفعل يشتركان في كثير من المصادر، كالسقم والسقم والبخل والبخل، وفعل وفعل بفتح الفاء وكسرها وسكون عينهما كثيران في كلامهم
فتصرف في تكسيرهما أكثر من التصرف في باقى جموع الثلاثي، وفعل بالضم قريب منهما في الكثرة قوله " وباب عود على عيدان " يعنى أن فعلا إذا كان أجوف لا يجمع في الكثرة إلا على فعلان كعيدان وحيتان، وأما في القلة فعلى أفعال كما هو قياس
__________
(1) القفاف: جمع قف، وهو ما ارتفع من الارض وصلبت حجارته ولم يبلغ أن يكون جبلا (2) العشاش: جمع عش، وهو وكر الطائر بجمعه من دقاق الحطب ويجعله في أفنان الشجر.
(3) القرطة: جمع قرط، وهو ضرب من حلى الاذن، وهو أيضا نبات، وهو أيضا شعلة النار، والضرع (4) الجحرة: جمع جحر، وهو ما تحتفره السباع أو الهوام لتسكنه (5) الخرجة: جمع خرج، وهو وعاء ذو جانبين (*)


الباب كأكواز وأكواب، ويشارك الاجوف في فعلان غيره أيضا كحش - وهو البستان - وحشان، ويجمع حشان (1) بالضم على حشاشين كما جمع مصران وهو جمع مصير على مصارين، ولا يمتنع أن يكون حشان جمع حش بالفتح، لانه لغة في الحش بالضم كثور وثيران، والاول قول سيبويه.
قال: " ونحو جمل على أجمال، وباب تاج على تيجان، وجاء على ذكور وأزمن وخربان وحملان وجيرة وحجلي " أقول: اعلم أن ما كان على فعل فإنك تقول في قلته أفعال، في الاجوف أو في غيره، نحو أجمال (2) وأتواج وأقواع (3) وأنياب، وجاء قلته على أفعل نادرا كأزمن وأجبل وأعص في عصا، ويجوز أن يكون أزمن جمع زمان كأمكن في مكان، وذلك لحمل فعال المذكر على فعال المؤنث، فإن
أفعل فيه قياس، على ما يجئ، نحو عناق (4) وأعنق، وجاء في الاجوف اليائى أنيب، وفي الواوى أدؤر وأنؤر (وأسوق، قال يونس: إذا كان فعل مونثا بغير تاء فجمعه على أفعل هو القياس) (5) كما أن فعالا وفعيلا إن كانت مؤنثة
__________
(1) انإتصال هذا الكلام بما قبله غير واضح، والذى نعتقده أن في الكلام سقطا، وأن أصل العبارة هكذا: " كحش وهو البستان وحشان بالكسر، وقد جمع على حشان بالضم، ويجمع حشان بالضم على حشاشين كما جمع مصران - الخ " (2) في نسخة " أجبال " بالباء الموحدة، وهى صحيحة أيضا (3) الاقواع: جمع قاع، وهو الارض السهلة المطمئنة التى انفرجت عنها الجبال (4) العناق: الافئى ن أولاد المعز (5) سقطت هذه العبارة من جميع النسخ المطبوعة وهي في النسخ الخطية (*)


فقياسها أفعل كما يجئ، قال سيبويه: بل أفعل فيه شاذ، وإن كان مؤنثا، ولو كان قياسا لما قيل روحي وأرحاء وقدم وأقدام وغنم وأغنام، وتقول في كثرته فعلا وفعول في غير الاجوف، والفعال أكثر، وقد تزاد التاء كالحجارة والذكارة والذكورة لتأكيد الجمعية، وأما الاجوف فالقياس فيه الفعلان كالتيجان والجيران والقيعان والسيجان (1) وقد جاء في الصحيح أيضا قليلا كالشبثان (2) وقد جاء في الاجوف فعل أيضا كالدور والسوق والنيب، كأنهم أرادوا أن يكسروا على فعول فاستثقلوا ضم حرف العلة في الجمع وبعدها الواو فبنوه على فعل، وجاء سؤوق أيضا على الاصل، لكنه همز الواو للاستثقال، وكل واو مضمومة ضمة غير إعرابية ولا للساكنين جاز همزها.
فألزمت ههنا
للاستثقال، وكذا جاء نيوب، وليس فعول فيه مستمرا، بل بابه فعل كما مر، وجاء في غير الاجوف فعل أيضا كأسد ووثن، وقال بعضهم: لفظ الجمع لابد أن يكون أثقل من لفظ الواحد، فأسد أصله أسود ثم أسد ثم أسد فخفف، والحق أن لا منه من كونه أخف من الواحد كاحمر وحمر، وحمار (وحمر) وغير ذلك، وأصل نيب فعل كالسوق قلبت الضمة كسرة لتصح الياء، وليس فعل من أبنية الجمع، ولم يأت في أجوف هذا الباب فعال، كأنه جعل فعلان عوض فعال وفعل عوض فعول، هذا الذي ذكرت قياس هذا الباب، ثم جاء في غير الاجوف فعلان أيضا كحملان (3) وسلقان في سلق وهو المطمئن من الارض
__________
(1) السيجان: جمع ساح، وهو شجر، والساج أيضا: الطيلسان الاخضر أو الاسود (2) الشبثان: جمع شبث - بفتح الشين والباء - وهو دويبة ذات ست قوائم طوال، صفراء الظهر وظهور القوائم، سوداء الرأس، زرقاء العين (3) الحملان: جمع حمل، وهو الجذع من أولاد الظأن (*)


وفعلان كخربان (1) وبرقان (2) وشبثان، وفعلة كجبيرة وقيعة وإخوة، وفعلى كحجلى (3) وهو شاذ لم يأت منه إلا هذا (4)، وقال الاصمعي.
بل هو لغة في الحجل، والصحيح أنه جمع، ولم يأت في قلة المضاعف ولا كثرته إلا أفعال كأمداد (5) وأفنان (6)، وألباب (7)، كما لم يجاوزوا في بعض الصحيح ذلك كالاقلام والارسان (8) والاغلاق (9)، قال سيبويه: فإن بنى المضاعف على فعل أو فعول أو فعلان (أو فعلان) فهو القياس، ولم يذكر فيه شيئا عن العرب، فلزوم فعل مفتوح العين لافعالى أكثر من
__________
(1) الخربان: جمع خرب - بفتحتين - وهو ذكر الحبارى، ويطلق على
الشعر يكون في الخاصرة ووسط المرفق (2) البرقان: جمع برق - بفتحتين - وهو الحمل وزنا ومعنى (3) الحجل - بفتح الحاء المهملة والجيم -: طائر على قدر الحمام كالقطا أحمر المنقار والرجلين ويسمى الكروان أيضا.
(انظر ج 1 ص 199) (4) قول المؤلف " وهو شاذ لم يأت منه إلا هذا " إن أراد به أن هذا الوزن من الجموع غريب نادر لم يرد على سوى هذه الكلمة فغير مسلم، لانه قد ورد عليها ظربى في جمع ظربان، وهو دويبة منتنة الريح، وإن أراد أنه لم يأت من فعل - بفتح الفاء والعين - اسم جمع على فعلى سوى حجل وحجلي فهو كلام مستقيم لا غبار عليه.
ومن العلماء من ذهب إلى أن حجلى اسم للجمع (5) الامداد: جمع مدد، وهو العسكر تلحق بالغزاة (6) الافنان: جمع فنن، وهو الغصن (7) الالباب: جمع ليب، وهو موضع القلادة من الصدر وما يشد في صدر الدابة ليمنع تأخر الرحل (8) الارسان: جمع رسن، وهو الزمام إذا كان على الانف، ويطلق على الحبل (9) الاغلاق: جمع غلق، وهو مفتاح الباب (*)


لزوم فعل ساكن العين لافعل، وذلك لخفة فعل وكثرته فتوسعوا فيه أكثر من توصعهم في فعل، ولذلك كان الشاذ في جمع فعل مفتوح العين أقل من الشاذ في جمع فعل ساكنه قال: " ونحو فخذ على أفخاذ فيهما، وجاء على نمور ونمر " أقول: يعنى أن فعلا المكسور العين يكسر في الكثرة والقلة على أفعال،
وذلك لانه أقل من باب فعل مفتوح العين بكثير، كما أن فعلا مفتوح العين أقل من فعل ساكنه، والبناء إذ اكثر توسع في جموعه، فلهذا جاء لمضاعف فعل ساكن العين بناء قلة وكثرة نحو صك وأصك وصكاك وصكوك، ولم يأت لمضاعف فعل مفتوح العين إلا أفعال في القلة والكثرة كأمداد وأفنان وفعل بكسر العين أقل من فعل بفتحها فنقص تصرفه عنه بأن لزم في جمعه أفعال في قلة الصحيح وغيره وكثرتهما، وجاء نمور على التشبيه بباب الاسود، ونمر مخفف منه.
قال: " ونحو على أعجاز، وجاء سباع، وليس رجلة بتكسير " أقول: اعلم أن فعلا بضم العين أقل من فعل بكسرها، فهو أولى بأن يكون قلته وكثرته على لفظ واحد، وهو أفعال، وقد يجئ على فعال كسباع ورجال، وذلك لتشبيهه بفعل مفتوح العين.
قوله " رجلة " بفتح الراء وسكون الجيم " ليس بتكسير " بل هو اسم جمع، لان فعلة ليس من أوزان الجموع وقياسه أرجال كأعجاز، رجلة للقليل، ورجال للكثير.
قال: " ونحو عنب على أعناب، وجاء أضلع وضلوع "


أقول: قال سيبويه: باب عنب أكثر من باب عجز، وباب كبد أكثر من باب عنب، وباب جبل أكثر من باب كبد، وباب بحر أكثر من باب جبل، فباب عنب على أفعال في القلة والكثرة، وقد يجئ في القلة على أفعل كأضلع، قال سيبويه: شبه بالازمن في جمع الزمن، وقد يجئ في الكثرة الفعول كالضلوع والاروم (1)
قال: " ونحو إبل على آبال فيهما " أقول: أي في القليل والكثير، لقلة فعل، وهو لغات معدودة كما ذكرنا.
قال: " ونحو صرد على صردان فيهما، وجاء أرطاب ورباع فيهما " أقول: أي في القلة والكثرة، لما اختص قعلبنوع من المسميات، وهو الحيوان كالنغر والصرد (2)، خصوة بجمع، وأيضا كأنه منقوص من فعال كغراب وغربان.
أو مشبه به، وشذ منه ربع (وأرباع) (3) تشيها بجمل وأجمال وجمال، لانه منه، وأما رطب وأرطاب ورطاب فليس رطب في الحقيقة من باب فعل الموضوع لواحد، لانه جنس لرطبة، وأنه جمعها، ومثله مصع ومصعة لجني العوسج (4) قال: " ونحو عنق على أعناق فيهما "
__________
(1) الاروم: جمع إرم - مثل ظلع وعنب - والارم: حجارة تنصب علما في المفازة، وفي الحديث " ما يوجد في آرام الجاهلية وخربها فيه الخمس " (2) أنظر (ج 1 ص 281 ه 1 و 2) من هذا الكتاب (3) الربع: الفصيل ينتج في الربيع، هو أول النتاج (4) العوسج: شجر من شجر الشوك، وثمره أحمد مدور كأنه خرز العقيق (*)


أقول: قال سيبويه باب عنق كباب عضد في القلة، وجمعه أفعال في القلة والكثرة قال: " وامتنعوا من أفعل في المعتل العين، وأقوس وأثوب وأعين وأنيب شاذ، وامتنعوا من فعال في الياء دون الواو، كفعول في الواو دون الياء، وفؤوج وشؤوق شاذ "
أقول: يعنى أن أفعل لا يجئ في الاجوف من هذه الامثلة العشرة المذكورة واويا كان أو يائيا، وفعالا لا يجئ في الاجوف اليائى من جميع الامثلة المذكورة، وقد يجئ في الواوى كحياض وثياب، وفعولا يجئ في اليائى دون الواوى، كفيوح (1) وسيول، وقد ذكرنا ذلك في شرح جمع فعل لما فرغ من جموع أبنية الثلاثي المجرد إذا كان اسما مذكرا شرع في جموعها إذا كانت مؤنثة بالتاء، فقال: " المؤنث: نحو قصعة على قصاع وبدور وبدر ونوب، ونحو لقحة على لقح غالبا، وجاء على لقاح وأنعم، ونحو برقة على برق غالبا، وجاء على حجوز وبرام " أقول: اعلم أن فعلة تكسر في فعال غالبا في الصحيح وغيره، كقصاع
__________
(1) الفيوح: جمع فيح - بفتح الفاء وسكون اليا المثناة وآخره حاء مهملة - وهو خصب الربيع في سعة البلاد.
وفى نسخة " فيوج " - بالجيم مكان الحاء - وهى صحيحة أيضا، والفيوج: جمع فيج، وهو رسول السلطان الذى يسعى على رجله، أو هو المسرع في مشيه الذى يحمل الاخبار من بلد إلى بلد، قيل: هو فارسي معرب.
(*)


وركاء (1) ودباب (2)، وجاء على فعل وكأنه مقصور فعال نحو هضبة (3) وهضب وحلقة (4) وحلق، وقد جاء فيه فعول أيضا لان فعولا وفعالا أخوان في جمع فعل مذكر فعلة إلا أن فعولا ههنا قليل كمأنه (5) ومؤون وبدرة (6) وبدور، وفي جمع فعل كثير، لان فعلا أخف من فعلة وأكثر استعمالا، فكان أكثر تصرفا، وإنما غلب في فعلة فعال دون فعول لانه أخف البناءين.
وإذا كان فعلة أجوف واويا فقد يجمع على فعل كدول ونوب (7)
__________
(1) الركاء: جمع ركوة - مثلثة الراء - وهى إناء صغير من جلد يشرب فيه
الماء، وتجمع على ركوات أيضا (2) الدباب: جمع دبة بفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة - وهى الكثيب من الرمل (3) الهضبة: كل صخرة راسية صلبة ضخمة، وقيل: الجبل المنبسط على الارض (4) الحلقة - بفتح الحاء وسكون اللام -: كل شئ مستدير كحلقة الحديد والفضة والذهب والناس، وقد روى في اللام الفتح، قال في اللسان: " وقد حكى سيبويه في الحلقة فتح اللام وأنكرها ابن السكيت وغيره، وقال اللحيانى: حلقة الباب وحلقته بأسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلقة القوم وحلقتهم (باسكان اللام وفتحها) وحكى الاموى: حلقة القوم بالكسر (يريد كسر الحاء)، قال: وهى لغة بنى الحرث بن كعب " اه بتصرف (5) المأنة: قيل: هي الخاصرة، وقيل: هي السرة وما حولها، وقيل: هي لحمة تحت السرة إلى العانة (6) البدرة: جلد السخلة إذا فطمت، وهى أيضا كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار (7) النوب: جمع نوبة - بفتح أوله وسكون ثانيه - وهى المصيبة من مصائب الدهر، قال ابن جنى: مجئ فعلة (بفتح فسكون) على فعل (بضم (*)


وجوب (1) وليس هذا قياس فعلة - بفتح الفاء - بل هو محمول في ذلك على فعلة - بضمها - نحو برقة وبرق ودولة ودول، وقد جاء في ناقصه فعل أيضا شاذا كقرية وقرى، قال أبو علي: وبروة (2) وبرى، قال: وهو الذي يجعل في أنف البعير، والمعروف في هذا المعنى البرة، وفى كتاب سيبويه
نزوة (3) ونزى - بالنون والزاى - ولا شك أن أحدهما تصحيف الاخر
__________
ففتح) يريك كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة فكان نوبة نوبة (الاولى بفتح فسكون والثانيد بضم فسكون) وإنما ذلك لان الواو مما سبيله أن يأتي تابعا للضمة، قال: وهذا يؤكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة " اه ملخصا من اللسان (1) الجوب: جمع جوبة - بفتح فسكون وهى الحفرة المستديرة الواسعة وكل فضاء أملس سهل بين أرضين (2) قال في اللسان: " والبرة الخلخال، حكاه ابن سيده فيما يكتب بالياء، والجمع براة (كقضاة) وبرى وبرين، وبرين (بضم الباء وكسرها).
والبرة: الحلقة في أنف البعير وقال اللحياني: هي الحلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير، وقال الاصمعي: تجعل في أحد جانبى المنخرين والجمع كالجمع (يريد أن جمعها بمعنى الحلقة كجمعها بمعنى الخلخال) على ما يطرد في هذا النحو، وحكى أبو علي الفارسي في الايضاح برود وبرى وفسرها بنحو ذلك، وهذا نادر، قال الجوهري: قال أبو علي: أصل البرة بروة، لانها جمعت على برى مثل قرية وقرى.
قال ابن برى رحمه الله: لم يحك بروة في برة غير سيبويه وجمعها برى ونظيرها قرية وقرى، ولم يقل أبو علي إن أصل برة بروة، لان أول برة مضموم وأول بروة مفتوح، وإنما استدل على أن لام برة واو بقولهم: بروة لغة في برة " اه بتصرف (3) النزوة: القصير، وجبل بعمان كما ذكره في القاموس، وقال ياقوت في معجم البلدان: " نزوة، بالفتح ثم السكون وفتح الواو - والنزو: الوثب، والمرة الواحدة نزوة: جبل بعمان وليس بالساحل، عنده عدة قرى كبار يسمى مجموعها بهذا الاسم، فيها قوم من العرب كالمعتكفين عليها وهم خوارج أباضية، يعمل فيها صنف من الثياب منمقة بالحرير جيدة فائقة لا يعمل في شئ من بلاد (*)


وإذا كان أجوف يائيا لم يجز ضم فائه في الجمع، بل يكسر كحيم (1) وضيع (2) كما قيل في
الصحيح هضب، وليس هذا بقياس، لا في الصحيح ولا في غيره، وأما فعلة فانه يكسر على فعل، في الصحيح كان أو في غيره، ككسر وقدد (3) ولحى ورشى (4) وذكر غير سيبويه فعلا بضم الفاء كلحى وحلى، والكسر فيهما أجود، قال سيبويه: الجمع بالالف والتاء قليل في فعلة، في الصحيح كان أو في غيره، لان إتباع العين للفاء فيما يجمع هذا الجمع هو القياس، وفعل كإبل بناء عزيز، بخلاف فعلات كخطوات، إذ نحو عنق وطنب (5) كثير، فلهذا كان استعمال فعل في القلة أكثر وأحسن من استعمال فعل فيها، فثلاث كسر أقوى من ثلاث غرف، بل الاولى ثلاث غرفات مع جواز ثلاث غرف أيضا، قال سيبويه: ولا يكادون يجمعون بالالف والتاء في الناقص واويا كان أو يائيا، يعنى مع الاتباع، فلو قلت
__________
العرب مثلها، ومآزر من ذلك الصنف يبالغ في أثمانها رأيت منها واستحسنها " اه (1) الخيم: جمع خيمة وهى كل بيت مستدير من بيوت الاعراب من شعر أو غيره، أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر (2) الضيع: جمع ضيعة - بفتح أوله وسكون ثانيه - وهى العقار، وحرفة الرجل وصناعته (3) القدد: جمع قدة وهى القطعة من الشئ والفرقة من الناس إذا كان هوي كل واحد على حده، ومنه قوله تعالى: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) أي كنا جماعات متفرقين مسلمين وغير مسلمين (4) رشى: جمع رشوة - مثلثة الراء وهي الجعل.
قال ابن الاثير: الرشوة والرشوة (بكسر الراء وضمها) الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء، فالراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي الاخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، فاما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه " اه من اللسان بتصرف (5) الطنب - بضمتين أو بضم فسكون - حبل الخباء والسرادق (*)


في رشوة رشوات لانقلبت الواو ياء فاجتزءوا بفعل في القلة والكثرة، وقد عرفت أن الكسر في الصحيح قليل، فكيف في المعتل، قال السيرافي: وأما نحو فريه ولحية فيجوز كسر العين في جمعهما بالالف والتاء، لانه لا ينقلب حرف إلى حرف.
قلت: قال سيبويه أولى لاستثقال الكسرتين مع الياء، وأما المعتل العين فيجوز جمعه بالالف والتاء، إذ يجب إسكان عينه ولا يجتمع كسرتان نحو قيمات وديمات (1) وقد جاء في فعلة فعال كلقاح (2) وحقاق (3)، كذا ذكره سيبويه، لكنه في غاية القلة، وذكر الجوهري أن لقاحا جمع لقوح ومى الحلوب كقلاص وقلوص (4) واللقحة بمعنى اللقوح، قال سيبويه: قد يجمع فعلة على أفعل كانعم وأشد في نعمة وشدة، وذلك قليل عزيز ليس بالاصل، وقيل: إن أشدا جمع شد في التقدير ككلب وأكلب أو جمع شد كذئب وأذؤب، ولم يستعمل شد ولاشد فيكون كأبابيل (5) جمعا لم يستعمل واحده، وقال المبرد: أنعم جمع نعم على القياس، يقال: يوم بؤس ويوم نعم والجمع أبؤس وأنعم
__________
(1) الديمات: جمع ديمة، وهو المطر الدائم في سكون ليس فيه رعد ولا برق وأصلها دومة، فقلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة (2) لقاح: جمع لقحة، وهي الناقة القريبة العهد بالنتاج، ويقال: الغزيرة اللبن الحلوب، واللام مفتوحة أو مكسورة، والقاف ساكنة على الوجهين (3) الحقاق: جمع حقة، وهي الناقة التي استوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة (4) القلوس: الناقة الشابة الفتية (5) الابابيل: الجماعات، وقد اختلف العلماء فيه، فذهب قوم إلى أنه جمع
لا واحد له من لفظه، وذهب جماعة آخرون إلى أن له واحدا، ثم قالوا: واحده أبول مثل عجول وعجاجيل، ويقال: وحده إبيل (*)


وأما فعلة - بضم الفاء - فعلى فعل غالبا، وقد يستعمل في القليل أيضا نحو ثلاث غرف، وهو قليل كما ذكرنا، وربما كسر على فعال في غير الاجوف كبرام وبراق وجفار (1) وهو كثير في المضاعف كخلال (2) وقلال (3) وجباب (4) وقباب (5)، ويقتصر في الاجوف على فعل كسور ودول، وأما الحجوز في جمع حجزة (6) السراويل: أي معقدها، فشاذ
__________
(1) البرام: جمع برمة (2: 79) والبراق: جمع برقة، وهى أرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، فإذا اتسعت فهي الابرق، والجفار: جمع جفرة، وهي بضم فسكون جوف الصدر، وقيل: ما يجمع البطن والجنين، وقيل: منحنى الضلوع، وجفره كل شئ: وسطه ومعظمه (2) الخلال: جمع خلة، بالضم، وهي الصداقة والمحبة، ويقال للصديق خلة أيضا، قال الحماسي: ألا أبلغا خلتى راشدا * وصنوى قديما إذا ما اتصل (3) القلال: جمع قلة، وهى الجرة العظيمة، وقيل: الجرة ما كانت، وقيل: الكوز الصغير (4) الجباب: جمع جبة، وهي ضرب من الثياب، وتطلق على الدرع وعلى ما دخل فيه الرمح من السنان (5) القباب: جمع قبة، وهى البناء من الادم، ويقال: بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب (6) في النسخة الخطية " الحجز " وفي المطبوعتين " الحجوز " بواو
بين الجيم والزاى، والذى في كتب اللغة الحجوز في جمع حجزة، وهو الذي أثبتناه وفيها جمعه على حجز - كدول وغرف - وهو غير شاذ، قال في اللسان: " وفي حديث عائشة رضي الله عنها لما نزلت سورة النور عمدن إلى مناطقهن فشققنها فاتخذنها خمرا، أرادت بالحجز المآزر، قال ابن الاثير: وجاء في سنن أبي داود حجوز أو حجور - بالشك، وقال الخطابي: الحجور بالراء لا معنى لها ههنا، وإنما هو بالزاى جمع حجز، فكأنه جمع الجمع، وأما الحجور بالراء فهو جمع حجر الانسان، وقال الزمخشري: واحد الحجوز حجز بكسر الحاء (*)


قال: " ونحو رقبة على رقاب، وجاء على أينق وتير وبدن، ونحو معدة على معد، ونحو تخمة على تخم " أقول: اعلم أن فعلة كرقبة قياسه فعال كرقاب ونياق وإماء، وجاء على أفعل كآكم (1) في الصحيح وأينق (2) في الاجوف وآم (3) في الناقص
__________
وهى الحجزة، ويجوز أن يكون واحدها حجزة " اه، فان قرئ ما في النسخة الخطية بضم الحاء المهملة وفتح الجيم كان صوابا في ذاته، ولكنه لا يتفق مع قول المؤلف إنه شاذ، وإن قرئ بضم الحاء والجيم جميعا كان موافقا لقوله إنه شاذ، ولكنه يعكر عليه أنا لم نجد هذا الجمع، فلعله ثابت فيما لم تقف عليه (1) الاكم: جمع أكمة - بفتحات - وهي التل من حجارة واحدة، وهى الموضع يكون أشد ارتفاعا من غيره، وأصل الجمع أأكم على أفعل كافلس فقلبت الهمزة الثانية ألفا لسكوتها إثر أخرى مفتوحة في أول الكلمة، وهذا إبدال واجب (2) أينق: جمع ناقة، وانظر في تصريفها الجزء الاول (ص 22 و 23) (3) آم: جمع أمة، وهى المملوكة.
قال الشاعر
تركت الطير حاجلة عليه * كما تردى إلى العرشات آم هصع حفض صفق عض قضه عصف وقال الكميت: تمشي بها ربد النعا * م تماشى الامي الزوافر وقال الاخر: محلة سوء أهلك الدهر أهلها * فلم يبو فيها غير آم خوالف وقال السليك بن السلكة: يا صاحبي ألا لاحى بالوادي * إلا عبيد وآم بين أذواد تردى: تحجل.
العرشات: جمع عرش - بضمتين - وهو جمع عريش والعريش: الخيمة، ويقال: الصواب في البيت العرسات جمع عرس - بضم فسكون - وهو طعام الوليمة.
وربد: جمع ربداء وهى السوداء المنقطة بحمرة (*)


وعلى فعل كتير (1) وقيم، وكأن أصله فعال لقلبهم الواو ياء، وإنما يكون ذلك قبل الالف كما يجئ في باب الاعلال، وجاء على فعل كبدن (2) وخشب (3) ونوق ولوب (4) وسوح (5)، وليس بالكثير، ويجوز في الصحيح ضم العين: إما على أنه فرع الاسكان، أو أصله، كما ذكرنا في أول هذا الكتاب وفعلة من الناقص كثير كقناة (6) وحصاة، وأكثر ما يستعمل في معنى الجمع منه محذوف التاء كالحصا والحصا والقنا والاضا (7)، أو بالالف والتاء، وقد يجمع
__________
والزوافر: جمع زافرة وهى اسم فاعل من زفر - من باب ضرب - إذا ردد نفسه.
أذواد: جمع ذود، وهو جماعة الابل من ثلاثة إلى عشرة.
وأصل أمة أمو.
انظر تصريفها في (ص 30 من هذا الجزء) (1) التير - بكسر التاء وفتح الياء -: جمع تارة، وهي المرة، وجاء في جمعه تارات، قال الجوهري: " تير مقصور من تيار كما قالوا قامات وقيم " ووقع في
بعض نسخ الاصل " ثير " بالمثلثة وهو تصحيف (2) البدن: جمع بدنة، وهي ما يهدى إلى مكة من الابل والبقر، قال الجوهري: البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لانهم كانوا يسمنونها (3) الخشب: جمع خشبة وهي قطعة الشجر (4) اللوب: جمع لابة، وهي أرض ذات حجارة سوداء، ومنه ما في الحديث " ما بين لابتيها أفقر منى " (5) السوح: جمع ساحد، وهو فضاء يكون بين الدور (6) القناة: هي من الرماح ما كان أجوف كالقصبة، وهي أيضا الابار التي تحفر في الارض متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح على وجه الارض، والقناة أيضا: القامة (7) الاضا: ام جنس جمعى، واحده أضاة، وهي الغدير أو الماء المستنقع من سيل أو غيره وتجمع على أضوات وإضاء وإضين (*)


على فعول كدوى (1) وصفي (2) في دواة وصفاة، وعلى فعال أيضا كإضاء وإماء، وجاء الاموال كالاخوان (3) واما الفعلة - بفتح الفاء وكسر العين - كالمعدة، فيجمع بكسر الفاء وفتح العين، كالمعد والنقم، قال السيرافي: ومثله قليل غير مستمر، لا يقال في كلمة وخلفة (4) كلم وخلف، وإنما جمع معدة ونقمة على فعل بكسر الفاء وفتح العين لانهم يقولون فيهما عند بنى تميم وغيرهم معدة ونقمة ككسرة نحو كتف في كتف، فجمعا على ذلك، فمعد ونقم في الحقيقة جمع فعلة لا جمع فعلة، وأما غيرهما نحو كلمة وخلفة فلا يجئ على وزن كسرة إلا عند بنى تميم وأما فعلة نحو تخمة فعلى تخم، شبهوا فعلة بضم الفاء وفتح العين بفعلة
بضم الفاء وسكون العين، فجمع على فعل، وليس ذلك مما يكون الفرق بين جمعه وواحده بالتاء كالرطبة والرطب، لان الرطب مذكر كالبر والتمر، ونحو
__________
(1) دوى: جمع دواة، وهي ما يوضع فيها المداد للكتابة، وأصله دووى قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت الياء في الياء ثم كسرت الواو الاولى لمناسبة الياء.
قال أبو ذؤيب عرفت الديار كرقم الدوى * يححبره الكاتب الحميرى (2) الصفى: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء، وأصل صفى صفوي فعل به ما تقدم في دوى (3) من ذلك قول الفتال الكلابي أنا ابن أسماء أعمامي لها وأبى * إذا ترامى بنو الاموان بالعار ويجمع على أموان بضم الهمزة أيضا (4) الخلقة: الحامل من النوق، وجمعها خلف - بكسر اللام - وقيل: جمعها مخاض من غير لفظه كما قالوا لواحد النساء امرأة.
قال ابن برى: شاهده قول الراجز: * مالك ترغين ولا ترغو الخلف * وقيل: الخلفة نى التى اتسكملت سنة بعد النتاج ثم حمل عليها فلقحت (*)


التخم والتهم مؤنث كالغرف، وتصغير رطب رطيب، وتصغير تخم وتهم لا يكون إلا على تخيمات وتهيمات، بالرد إلى الواحد، فليسا إذن كالرطب والمصع (1) إذ هما جنسان كالتمر والتفاح (2) * قال: " وإذا صح باب تمرة قيل تمرات بالفتح، والاسكان فيه ضرورة، والمعتل العين ساكن، وهذيل تسوى، وباب كسرة على كسرات بالفتح والكسر، والعتل العين والمعتل اللام بالواو يسكن ويفتح، ونحو حجرة على حجرات بالضم والفتح، والمعتل العين
والمعتل اللام بالياء يسكن ويفتح وقد يسكن في تميم نحو حجرات وكسرات، والمضاعف ساكن في الجميع، وأما الصفات فبالاسكان وقالوا لجبات وربعات للمح اسمية أصلية وحكم أرض وأهل وعرس (3)
__________
(1) المصع: اسم جنس جمعى واحده مصعة - بوزان همزة وغرفة - وهى ثمرة العوسج (أي الشوك) وهي أيضا طائر أخضر (2) اعلم أنه إذا فرق بين الواحد وجماعته بالتاء فاما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على وزن من أوزان الجموع مثل غرفة وغرف ومدية ومدى وكسرة وكسرة وقربة وقرب وإما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على غير وزن من أوزان الجموع مثل كلمة وكلم وشجرة وشجر وبقرة وبقر وسمرة وسمر، فان كان اللفظ الدال على الجماعة من النوع الثاني فهو اسم جنس جمعى وإن كان من النوع الاول فاما أن يكون مذكرا مثل رطب ومصع وإما أن يكون مؤنثا كغرف وتخم وتهم وقرب (ويستبين ذلك بالضمير العائد عليها) فان كان مذكرا فهو اسم جنس جمعى، وإن كان مؤنثا فهو جمع، وسيأتي لذلك مزيد بحث للمؤلف في آخر هذا الباب (3) العرس - كقفل - طعام الوليمة، وربما قيل فيه عرس - كعنق - كما قال الراجز: إنا وجدنا عرس الحناط * لئيمة مذمومة الحواط (*)


وعير (1) كذلك، وباب سنة جاء فيه سنون وقلون وثبؤن وجاء قلون وسنوات وعضوات وثبات وهنات.
وجاء آم كآكم " أقول: قد مضى شرح جميع هذا في شرح الكافية *، فنقتصر على حل ألفاظه
__________
وقد تقدم هذا الشاهد مشروحا (ج 1 ص 242
(1) العير - بكسر أوله -: القافلة، قال الله تعالى (ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون)، أو هي الابل تحمل الميرة، أو كل ما امتير عليه إبلا أو حميرا أو بغالا (*) قال المؤلف في شرح الكافية (ج 2 ص 175): " ولنذكر شيئا من أحكام المجموع بالالف والتاء وإن كان المصنف يذكره في قسم التصريف فنقول: كل ما هو على وزن فعل وهو مؤنث بتاء مقدرة أو ظاهرة كدعد وجفنة، فأن كان صفة كصعبة أو مضاعفا كمدة أو معتل العين كبيضة وجوزة وجب إسكان عينه في الجمع بالالف والتاء، وإن خلا من هذه الاشياء وجب فتح عينه فيه كتمرات ودعدات: والتزم في جمع لجبة لجبات - بفتح العين - لان في لجبة لغتين فتح العين، وإسكانها، والفتح أكثر، فحمل الجمع على المفرد المشهور، وقيل لما لزم التاء في لجبة لكونها صفة للمؤنث ولا مذكر لها، يقال: شاة لجبة، إذا قل لبنها، صار كالاسماء في لزوم التاء نحو جفنة وقصعة، وأجاز المبرد إسكان عين لجبات قياسا لا سماعا، وغلب الفتح في جمع ربعة لتجويز بعضهم فتح عين الواحد، وقيل: إنها كانت في الاصل اسما ثم وصف به فلوحظ فيه الاصل كما يقال في جمع امرأة كلبة: نسوة كلبات - بفتح العين - ولا يقاس عليه غيره نحو ضخمات وصعبات، خلافا لفطرب، ويجوز إسكان ما استحق الفتح من عين فعلات للضرورة، قال ذوالرمة: أبت ذكر عودن أحشا قلبه * خفوقا، ورقصات الهوى في المفاصل (*)


__________
وجاء في المعتل اللام نحو أخوات وجديات - بسكون عينهما وقد يقاس عليهما قصدا للتخفيف لاجل الثقل الحاصل م اعتلال اللام، ويجوز أيضا في القياس أن يقال: نسوة كلبات (بالسكون) اعتبارا للصفة العارضة كما تقول:
صعبات بفتح العين إذا سميت بصعبة.
وأهل في الاصل اسم دخله معنى الوصف فقيل في جمعه: أهلون، وأدخلوه التاء فقالوا: أهلة.
قال: وأهلة ود قد تبريت ودهم * وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلى أي: وجماعة مستأهلة للود.
قال: فهم أهلات حول قيس بن عاصم * إذ أدلجوا بالليل يدعون كوثرا ويقال: أهلات أيضا - بسكون الهاء - اعتدادا بالوصف العارض.
وتفتح هذيل العين المعتلة كجوزات وبيضات.
وقال: * أخو بيضات رائح متأوب * وقرئ في الشواذ: (ثلاث عورات).
وإنما سكن عين الصفة وفتح عين الاسم فرقا، وكان الصفة بالسكون أليق لثقلها باقتضائها الموصوف ومشابهتها للفعل، ولذلك كانت إحدى علل منع الصرف، وسكن المضاعف والمعتل العين استثقالا: أي فرارا من الثقل العارض بتحريك أول المثلين وتحريك الواو والياء.
فأن قيل: فلتقلبا ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما.
قلت: إن الحركة عارضة في الجمع، ولذلك لم تقلبهما هذيل مع تحريكهما كما لم تقلب واو خطوات المضموم ما قبلها ياء لعروض الضمة.
وأما فعلة - بضم الفاء وسكون العين - كغرفة، وكذا فعل المؤنث كجمل فأن كانت مضاعفة فالاسكان لازم مع الالف والتاء كغدات، وإن كانت معتلة العين - ولا تكون إلا بالواو - كسورة فلا يجوز الاتباع إجماعا، وقياس لغة هذيل جواز فتحها كما في بيضات وروضات، لانهم عللوه بخفة الفتحة على حرف العلة وبكونها عارضة، لكن سيبويه قال: لا تتحرك الواو في دولات، والظاهر أنه أراد بالضم.
وإن كانت صحيحة العين، فأن كانت صفة كحلوة فالاسكان (*)


قوله " والمعتل ساكن " كجوزات وبيضات (1)، لاستثقال الحركة
__________
لا غير، وإن كانت اسما: فأن لم تكن اللام ياء جاز في العين الاسكان والفتح والاتباع، سواء كان اللام واوا كخطوات أولا كغرفات، والاتباع ههنا أكثر منه في فعلة وإن كان الكسر أخف، وذلك لان نحو عنق أكثر من نحو إبل، وإن كانت اللام ياء نحو كلية لم يجز الاتباع اتفاقا، للثقل، وأما الفتح فالمبرد نص على جوازه، وليس في كلام سيبويه ما يدل عليه.
وأما أم فلفظ أمهات في الناس أكثر من أمات، وفي غيرهم بالعكس.
والهاء زائدة بدليل الامومة.
وقيل: أصلية، بدليل تأمهت، لكونه على وزن تفعلت.
قال: * أمهتى خندف والياس أبى * ووزنها فعلة (بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة) فحذف اللام وأما فعلة (بكسر الفاء - وفعل مؤنثا كهند: فأن كانت مضاعفة فلا يجمع بالالف والتاء إلا بسكون العين، نحو قدات، وإن كانت معتلة العين ولا تكون إلا ياء إما أصلية كبيعة أو منقلبة كديمة فلا يجوز فيه الاتباع إجماعا، ولا الفتح إلا على قياس لغة هذيل، وعيرات (بكسر أوله وفتح ثانيه) في جمع عير شاذ عند غير هذيل، وإن كانت صحيحة العين: فأن كانت صفة فالاسكان كعلجات، وإن كانت اسما: فأن كانت اللام واوا امتنع الاتباع اتفاقا للاستثقال وجاز الفتح والاسكان على ما نص المبرد كرشوات، ومنع الاندلسي الفتح، وإن كانت اللام ياء كلحية، جاز الفتح والاسكان، وأما الاتباع فمنعه سيبويه لقلة باب فعل (بكسر أوله وثانيه) في الصحيح فكيف بالمعتل اللام ؟ وأجازه السيرافي، لعروض الكسر، وقياسا على خطوات، وإن صحت اللام نحو كسرة جاز الاتباع والفتح والاسكان، والفراء يمنع ضم العين مطلقا في المضمومة الفاء وكسرها في المكسورة الفاء صحت العين أولا إلا فيما سمع نحو خطوات وغرفات " اه كلامه
(1) البيضات: جمع بيضة، وهي بيضة الطائر، وما يلبس على الرأس من الحديد في الحروب للاحتماء به وغير ذلك، وقد جمع على بيضات - بالاسكان - (*)


على الواو والياء المفتوح ما قبلهما.
قوله " وهذيل تسوى " أي: تفتح في الاجوف كما تفتح في الصحيح، استخفافا للفتحة، ولا تقلب الواو والياء ألفا، لعروض الحركة عليهما قوله " والمعتل العين والمعتل اللام بالواو يسكن ويفتح " أما المعتل العين فنحو قيمات وريمات، ولا يكسر العين استثقالا للكسرة على الياء المكسورة ما قبلها، وأما الناقص الواوى فنحو رشوات، ولا يكسر العين لئلا ينقلب الواو ياء فيلتبس، ولو خليت واوا لاستثقلت.
قوله " والمعتل العين والمعتل اللام بالياء يكسن ويتفح " أما المتعل العين فنحو دولات (1) ولا يضم العين للاستثقال، وأما الناقص اليائى فلا يضم عينه، لاستثقال الياء المضموم ما قبلها لاما، وإن قلبت واوا اعتدادا بالحركة العارضة لالتبس بالواوى.
قوله " وقد يسكن في تميم نحو حجرات وكسرات " بخلاف نحو تمرات، استثقالا للضمتين والكسرتين اللتين هما أكثر وأظهر في هذين البابين.
قوله " والمضاعف ساكن في الجميع " نحو شدات وغدات (2) وردات.
وأما الصفات فنحو صعبات وخلوات وعلجات (3) تسكن للفرق، وتسكينها
__________
كما هو القياس، وعلى بيضات - بالفتح - وهو شاذ، ومنه قول الشاعر: أخو بيضات رائح متأوب * رفيق بمسح المنكبين سبوح (1) الدولات: جمع دولة - بضم الدال - وهى ما يتداوله الناس بينهم، من فئ المال ومنه قوله تعالى: (كى لا يكون دولة بين الاغنياء منكم).
انظر
(ص 105 من هذا الجزء) (2) الغدات: جمع غدة، وهى كل عقدة يحيط بها شحم في الجسد، ومنه المثل: غدة كغدة البغير وموت في بيت سلوليه.
أنظر (ج 1 ص 88) (3) العلجات: جمع علجة - بكسر أوله وسكون ثانيه - وهي مؤنت العلج، وهو (*)


أولى من تكسين الاسماء، لان الصفات أثقل.
قوله " لجبات " (1) وربعات (2) للمح اسمية أصليه " لم أر في موضع أن لجبة في الاصل اسم، بلى قيل ذل في ربعة.
__________
الرجل من كفار العجم، وهو أيضا الشديد الغليط.
أنظر شرح الشاهد الثامن والثلاثين (ح 1 ص 242) (1) اللحبة: هي الشاة التى قل لبنها.
قال في اللسان: " وشاة لجبة (كتمرة) ولجبة (كغرفة) ولجبة (كفرية) ولجبة (كشجرة) ولجبة (كنبقة) ولجبة (كعنبة) الاخيرتان عن ثعلب: مولية اللبن، وخص بعضهم به المعزى، قال الاصمعي: أذا أتى على الشاء بعد نتاجها أربعة أشهر فجف لبنها وقل فهى لجاب، ويقال منه: لجبت (ككرم) لجوبة، وشياه لجبات (بالتحريك) ويجوز لجبت (بالتضعيف).
قال ابن السكيت: اللجبة النعجة التى قل لبنها، قال: ولا يقال للعنز لجبة، وجمع لجبة (بالتحريك) لجبات على القياس، وجمع لجبة (بالتسكين) لجبات بالتحريك وهو شاذ لان حقه التسكين إلا أنه كان الاصل عندهم أنه اسم وصف به، كما قالوا: امرأة كلبة، فجمع على الاصل، وقال بعضهم: لجبة ولجبات نادر، لان القياس المضطرد في جمع فعلة إذا كانت صفة تسكين العين.
قال سيبويه: وقالوا: شياه لجبات فحركوا الاوسط لان من العرب من يقول: شاة لجبة (بالتحريك) فانما جاءوا بالجمع على هذا "
اه بتصرف، والحاصل أن للعلماء في تخريج لجبات بالتحريك ثلاثة أوجه: أولها أنه جمع لجبة بالتحريك، وقد ترك في هذه اللغة جمع لجبة بالاسكان استغناء بالمحرك عن الساكن، ثانيها أن لجبات - بالتحريك - جمع لجبة - بالاسكان - نظرا إلى أنها في الاصل اسم كتمرات وزفرات، ثالثها: أن لجبات - بالتحريك - شاذ، وهذا تحريك الذى لا يلاحظ اسميتها في الاصل ولا مجئ المفرد محركا (2) الربعة - باسكان الباء وفتحها -: يوصف به الرجل والمرأة، يقال: رجل ربعة، وامرأة ربعة، وهو الذى ليس بالطويل ولا بالقصير.
قال في اللسان: " وصف المذكر بهذا الاسم المؤنث كما وصف المذكر بخمسة ونحوها حين (*)


قوله " وحكم أرض " أي أن المؤنث بتاء مقدرة كالمؤنث بتاء ظاهرة، يجوز فيها الاوجه المذكورة.
قوله " وباب سنة " أي: إذا كان فعلة محذوف اللام يجمع بالواو والنون، جبرا لما حذف منها، وقد تغير أوائلها بكسر ما انضم منها أو انفتح.
قوله " وسنوات وعصوات (1) " أي: قد يجمع بالالف والتاء مع رد اللام.
قوله " ثبات (2)
__________
قالوا: رجال خمسة، والمؤنث ربعة وربعة كالمذكر، وأصله له، وجمعهما جميعا ربعات، حركوا الثاني وإن كان صفة لان أصل ربعة اسم مؤنث وقع على المذكر والمؤنث فوصف به، وقد يقال ربعات بسكون الباء فيجمع على ما يجمع عليه هذا الضرب من الصفة، حكاه ثعلب عن ابن الاعرابي " اه (1) عضوات: جمع عضة، وهى الفرقة والقطعة من الشئ، والكذب، وقد اختلفوا في المحذوف من هذه الكلمة، فقال جماعة: المحذوف واو بدليل جمعهم إياها هاء بدليل قولهم في جمعه: عضاه، كما قالوا شفاه في جمع شفة، وبدليل قولهم: عضهه يعضهه عضها ورجل عاضه.
إذا جاءه بالافك والبهيتة، وقال الشاعر:
أعوذ بربي من النافثا * ت في عضه العاضه المعضه (2) ثبات: جمع ثبة، وهي الجماعة، قال الله تعالى (فانفروا ثبات أو انفروا جميعا " وهي مأخوذة من ثبيت بالتضعيف: أي جمعت، أو من ثاب يثوب: قال في اللسان: " قال ابن جنى: الذاهب من ثبة واوا، واستدل على ذلك بأن أكثر ما حذفت لامه إنما هن من الواو نحو أب وأخ وسنة وعضة فهذا أكثر مما حذفت لامه ياء، وقد تكون ياء على ما ذكر.
قال ابن برى: والاختيار عند المحققين أن ثبة من الواو وأصلها ثبوة (كغرفة) حملا على أخواتها لان أكثر هذه الاسماء الثنائية أن تكون لامها واوا نحو عزة وعضة، ولقولهم: ثبوت له خيرا خيرا أو شراء، إذا وجهته إليه.
قال الجوهري: والثبة وسط الحوض الذى يثوب إليه الماء، والهاء هاهنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه، لان أصله ثوب كما (*)


وهنات (1) " أي: قد يجمع بالاف والتاء من غير رد اللام.
قوله " وجاءآم كآكم " هو أفعل، وأصله أأمو، قلبت الواو ياء والضمة كسرة كما في أدل (2) وحذفت الياء كما في قاض، وقلبت الهمزة الثانية ألفا كما في آمن.
قال: " الصفة، نحو صعب على صعاب غالبا، وباب شيخ على أشياخ، وجاء ضيفان ووغدان وكهول ورطلة وشيخة وورد وسحل وسمحاء، ونحو جلف على أجلاف كثيرا، وأجلف نادر، ونحو حر على أحرار " أقول: اعلم أن الاصل في الصفات أن لا تكسر، لمشابهتها الافعال وعملها عملها، فيلحق للجمع بأواخرها ما يلحق بأواخر الفعل، وهو الواو والنون، فيتبعه الالف والتاء، لانه فرعه، وأيضا تتصل الضمائر المستكنة بها، والاصل أن يكون في لفظها ما يدل على تلك الضمائر، وليس في التكسير ذلك، فالاولى أن تجمع: بالواو والنون
ليدل على استكنان ضمير العقلاء الذكور، وبالالف والتاء ليدل على جماعة غيرهم، ثم إنهم مع هذا كله كسروا بعض الصفات لكونها أسماء كالجوامد وإن شابهت
__________
قالوا أقام إقامة، وأصله إقواما، فعوضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل " اه ومثل ثبة في الوزن وحذف اللام قلة، ولم يذكرها الرضى وإن كان ابن الحاجب قد ذكرها.
والقلة - بضم ففتح -: عودان يلعب بهما الصبيان، وقد اختلفوا في لامها المحذوفة، فقيل: واو، لان العرب قالت: قلوت القلة أقلوها قلوا، وقيل: ياء، لانهم قالوا: قليت أقلى قليا (1) هنات: جمع هنة، وهى اسم يكنى بع عن المرأة، فيقال: ياهنة أقبلي (2) أصل أدل أدلو، فلما وقعت الواو متطرفة مضموما ما قبلها ضما أصليا وذلك مما لا نظير له في العربية قلبوا الضمة كسرة والواو ياء ثم أعلت إعلال قاض (*)


الفعل، وتكسير الصفات المشبهة أكثر من تكسير اسم الفاعل في الثلاثي، إذ شبهها بالفعل أقل من شبهه، وتكسير اسم الفاعل في الثلاثي أكثر من تكسير اسم المفعول منه واسم الفاعل والمفعول من غير الثلاثي، لان الاخيرين أكثر مشابهة لمضارعهما لفظا من اسم الفاعل الثلاثي لمضارعه، وأما اسم المفعول من الثلاثي فأجرى لاجل الميم في أوله مجرى اسمى الفاعل والمفعول من غير الثلاثي في قلة التكسير.
ثم نقول: فعل يكسر في الغالب على فعال، ولا يكسر على أفعل، لان للوصف في الاغلب موصوفا يبين القلة والكثرة، والاصل في الجموع جمع الكثرة كما مر، والغالب في الاجوف اليائي أفعال كأشياخ، وقد جاء فعلان بكسر الفاء في الاجوف وغيره كضيفان ووغدان بكسر الواو، كما جاء في الاسم ئلان، وقد جاء فعلان
كوغدان (1)، كما جاء في الاسم ظهران، ويجوز أن يكون نحو ضيفان وشيخان في الاصل فعلان مضموم الفاء فكسرت لتسلم الياء، وجاء فيه ضيوف وشيوخ، دخل هنا فعول على فعال كما دخل في الاسماء نحو كعاب وكعوب، إلا أن الاسم أقعد في التكسير فكان التوسع فيه أكثر، ففعول فيه أكثر منه في الصفة، وقد جاء فيه فعلة كرطلة في رطل، وهو الشاب الناعم، وجاء قعلة بسكون العين كشيخة، وجاء فعل نحو كث (2) وثط (3)
__________
(1) وغدان: جمع وغد، وهو الاحمق الضعيف العقل، وهو أيضا خادم القوم، وقيل: الذى يخدم بطعام بطنه، والوغد أيضا: قدح من سهام الميسر لا نصيب له (2) كث - بضم الكاف -: جمع كث - بفتح الكاف - وهو كثيف اللحية (3) ثط - بضم الثاء -: جمع ثط - بفتح الثاء - وهو الذي لا شعر على عارضيه (*)


وجون (1) وخيل (2) وورد (3)، وجاء فعل بضمتين، والظاهر أن أحد البناءين فرع الاخر، نحو سحل وسحل (4) وصدق اللقاء (5)، وربما لا يستعمل إلا أحدهما، وقالوا سمحاء تشبيها لفعل وهو الصفة المشبهة باسم الفاعل بفاعل، فسمح وسمحاء كعالم وعلماء، أو شبه فعل بفعيل فكأنه جمع سميح ككريم وكرماء، وإذا استعمل بعضها استعمال الاسماء نحو عبد جمع على أفعل في القلة فقالوا أعبد، فان سمى بفعل أو بغيره من الصفات جمعت جمع الاسماء وأما فعل فانه يكسر على أفعال نحو أجلاف في جلف، وهو الشاة
المسلوخة بلا رأس ولا قوائم (6)، وأنقاض (7) وأنضاء (8)، وجاء أجلف تشبيها بالاسماء كأذؤب، وهو نادر في الصفات وأما فعل فانه أقل في الصفات من فعل، كما كان كذلك في الاسماء، ويجمع على ما جمع عليه فعل بالكسر كأمرار وأحرار، وفعل بالكسر أقل من فعل بالفتح كما في الاسماء
__________
(1) جون: جون: جمع جون - بفتح الجيم - وهو الاسود المشرب حمرة، والاحمر الخالص، والابيض (2) خيل: جمع خيل - بفتح فسكون - وهو الكبر (3) ورد: جمع ورد - بفتح فسكون - وهو من الخيل بين الكميت والاشقر (4) سحل: جمع سحل - بفتح فسكون - وهو الثوب لا يبرم غزله، أو الابيض من القطن (5) صدق: جمع صدق - بفتح فسكون - وهو الثبت عند اللقاء، والصلب المستوى من الرماح والرجال، والكامل من كل شئ (6) ومن معاني الجلف الرجل الجافي في خلقه وخلقه (7) أنقاض: جمع نقض - بكسر فسكون - وهو البناء المنقوض (8) أنضاء: جمع نضو - بكسر فسكون - وهو المهزول من الابل وغيرها، وهو أيضا اسم لحديدة اللجام (*)


قال: " ونحو بطل على أبطال وحسان وإخوان وذكران ونصف، ونحو نكد على أنكاد ووجاع وخشن، وجاء وجاعى وحباطي وحذارى، ونحو يقظ على أيقاظ، وبابه التصحيح، ونحو جنب على أجناب " أقول: ظاهر كلام سيبويه أن الغالب في تكسير فعل في الصفات فعال، قال: وكسروا عليه كما يكسر فعل عليه، فقد اتفقا فيه كما اتفقا في
الاسماء نحو كلب وكلاب وجمل وجمال، قال: وربما كسروه على أفعال، لانه مما يكسر عليه فعل فاستغنوا به عن فعال، وأما فعلان وفعلان كإخوان وذكران فلاستعمال أخ وذكر استعمال الاسماء فهما كخربان (1) وحملان (2)، وكذا نصف (3) بضمتين ونصف بسكون العين لكونه كالاسماء، وعده سيبويه في الاسماء، فهو كأسد وأسد عنده، وما كان للمصنف أن يعد الثلاثة في الصفات، لانها إنما كسرت عليها لاستعمالها كالاسماء من دون الموصوف، وفعل بفتح العين أقل في الصفات من فعل بسكونها وأما فعل فانه يكسر على أفعال كأنكاد (4)، فهو كأكباد في الاسماء واعلم أن الاسماء أشد تمكنا في التكسير، والصفات محمولة عليها، فإذا اشتبه.
عليك تكسير شئ من الصفات، فإن كنت في الشعر فاحملها على الاسماء وكسرها تكسيرها، وإن كنت في غير الشعر فلا تجمع الا جمع السلامة.
__________
(1) الخربان: جمع خرب - كبطل - وهو ذكر الحبارى، وقد تقدم قريبا (ص 97) وجمع على أخراب أيضا (2) الحملان: جمع حمل - كبطل - وهو الجذع من ولد الضأن فما دونه، وجمع على أحمال أيضا (3) امرأة نصف - بفتح الاول والثاني - إذا كانت بين الحدثة والمسنه، وقيل: هي الكهلة، ويقال: امرأة نصفة - بالتاء أيضا - وقد جمع على أنصاف أيضا (4) أنكاد: جمع نكد - ككتف - وهو اللئيم المشئوم (*)


وأما وجاع (1) فلحمل فعل بالكسر على فعل بالفتح كحسان، وقل فيه فعل بضمتين كخشن، وهو محمول على الاسم كنمر.
قوله " وجاء وجاعى " فعالى كثير في جمع فعلان، وفي مؤنثه الذي هو فعلى
نحو سكارى في سكران وسكرى، وليس بغالب، بل الغالب فيه فعال كغراث (2) وجياع في غرثان وغرثي وجوعان وجوعي، لكن لما شابه الالف والنون ألف التأنيث الممدودة نحو صحراء وقيامه في التكسير فعالى كما يجئ جمع جمعه فحمل فعل على فعلان المحمول على فعلاء، وإنما حمل فعل على فعلان لتشاركهما في باب فعل يفعل في كثير من المواضع، نحو عجل وعجلان وفرح وفرحان وعطش وعطشان، والحبط: المنتفخ البطن من كثرة أكل الربيع، وقالوا وجعى أيضا في جمع وجع، مع أن قياس فعلى أن يكون جمع فعليل بمعنى مفعول كقتلى وجرحى، لكنه حمل وجع وميت وهالك وأجرب ومريض وأشباه ذلك عليه، لان هذا أمر يبتلون به إذ دخلوا فيه وهم له كارهون، وفعيل بمعنى مفعول غالب في هذا المعنى كما يجئ، فلما كان معنى هذه الامثلة معنى فعيل بمعنى مفعول كسرت تكسيره كما يجئ في موضعه، مثل وجع ووجعى وهرم وهرمى وضمن (3)
__________
(1) وجاع: جمع وجع - ككتف - وهو المريض وقال في اللسان: " الوجع: اسم جامع لكل مرض مؤلم، والجمع أوجاع، وقد وجع فلان يوجع (كعلم يعلم) وييجع وياجع فهو وجع، من قوم وجعى، ووجاعى، ووجعين، ووجاع، وأوجاع (2) غراث: جمع غرثان غرثان - كعطشان - وهو الجوعان، وتقول: غرث الرجل يغرث - كفرح يفرح - فهو غرث وغرثان، وامرأة غرثى وغرثانة، والجمع غرثى - كجرحى، وغراثى - كسكارى، وغراث - كعطاش.
(3) الضمن - ككتف -: العاشق، أو الزمن، أو المبتلى في جسده.
قال في (*)


وضمني وزمن وزمنى (1).
قوله " ونحو يقظ (2) على أيقاظ " ومثله نجد: أي شجاع، وأنجاد،
قيل: لم يجئ في هذا الباب مكسر إلا هاتان اللفظتان، والباقي منه مجموع جمع السلامة، وإنما جمعا على أفعال حملا لفعل على فعل لاشتراكهما كيقظ وندس (3)
__________
اللسان: " رجل ضمن (كبطل) لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث: مريض، وكذلك ضمن (ككتف)، والجمع ضمنون، وضمين والجمع ضمنى، كسر على فعلى وإن كانت إنما يكسر بها المفعول نحو قتلى وأسرى، لكنهم تجوزوه على لفظ فاعل أو فعيل على تصور معنى مفعول.
قال سيبويه: كسر هذا النحو على فعلى لانها من الاشياء التى أصيبوا بها وأدخلوا فيها وهم لها كارهون " اه (1) الزمن - ككتف -: ذو العاهة.
قال في اللسان: " زمن يزمن (من باب فرح) زمنا، وزمنة (كشهبة) وزمانة، فهو زمن والجمع زمنون...وزمين والجمع زمنى، لانه جنس للبلايا التى يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون، فطابق باب فعيل الذى بمعنى مفعول، وتكسيره على هذا البناء نحو جريح وجرحى، وكليم وكلمى " اه (2) اليقظ - ككتف، واليقظ - كرجل، واليقظان: ذو الفطنة والحذر قال في اللسان: " ورجل يقظ ويقظ كلاهما على النسب: أي متيقظ حذر، والجع أيقاظ، وأما سيبويه فقال: لا يكسر يقظ لقلة فعل (كرجل) في الصفات وإذا قل بناء الشئ قل تصرفه في التكسير، وإنما أيقاظ عنده جمع يقظ، لان فعلا (ككتف) في الصفات أكثر من فعل.
قال ابن برى: جمع يقظ (ككتف) أيقاظ وجمع يقظان يقاظ (كرجال) وجمع يقظى صفة المرأة يقاظى (كعذاري) " اه (3) رجل ندس - كرجل وضخم وفرح -: إذا كان فهما سريع السمع، وهو أيضا العالم بالامور والاخبار.
قال في اللسان: " قال سيبويه: الجمع ندسون (بضم الدال) ولا يكسر لقلة هذا البناء في الصفات، ولانه لم يتمكن فيها للتكسير كفعل (بكسر العين) فلما كان كذلك وسهلت فيه الواو والنون تركوا التكسير وجمعوه بالواو والنون " اه (*)


وفطن (1)، وقد جاء أفعال في جمع فعل اسما أيضا كعضد وأعضاد وعجز وأعجاز، وحكى أبو عمرو الشيباني يقظ ويقاظ كما في الاسم نحو سبع وسباع، وهو في فعل الاسمى قليل كما ذكرنا فكيف بالصفة التي هي أقل تمكنا منه في التكسير ؟ والحق أن يقاظا جمع يقظان لكون فعال غالبا في فعلان كعطاش وجياع في عطشان وجوعان.
قوله " ونحو جنب على أجناب " فعل في الصفات في غاية القلة، فلا يكسر إلا على أفعال، وإنما اختاروه لخفته، وحكى جناب وجنبان.
فأوزان الثلاثي من الصفات التى جاء لها تكسير سبعة، وأعم جموعها أفعال، فانه يجئ لجميعها كما ذكرنا، نحو أشياخ وأجلاف وأحرار وأبطال وأيقاظ وأنكاد وأجناب، ثم فعال لمجيئه لثلاثة منها، نحو صعاب وحسان ووجاع، وبواقي جموعها متساوية: أما الامثلة الثلاثة الباقية من الصفات ففعل كحطم (2) وختع (3) وفعل كأتان إبد: أي ولود، وامرأة باز: أي ضخمة، ولا غيرهما (4)
__________
(1) رجل فطن - كعضد وكتف وفلس - وفطين وفطون وفطونه.
كفروقة -: أي غير غبي، وقد جمعوه على فطن - بضم فسكون، (2) الحطم: الراعى الذي يعنف ويشتد في سوقه، وقال الراجز: قد لفها الليل بسواق حطم * ليس براعى إبل ولا غنم وفي المثل " شر الرعاء الحطمة " قال ابن الاثير: هو العنيف برعاية الابل في السوق والايراد والاصدار ويلقى بعضها على بعض ويعسفها.
ضربه مثلا لوالى السوء (3) الختع: الحاذق في الدلالة، وهو السريع المشي الدليل، ويقال: رجل ختع وختعة (بضم ففتح فيهما) وختع (ككتف) وخوتع (ككوثر)
(4) قوله " ولا غيرهما " أراد لم يأت على فعل - بكسر أوله وثانيه - من الصفات إلا هاتان الكلمتان (*)


وفعل كسوى (1) وعدى، (2) ولا غيرهما، (3) فلم يسمع فيها تكسير، وقولهم أعداء جمع عدو كأفلاء جمع (4) فلو، لا جمع عدى.
__________
(1) سوى: هو وصف في نحو قولهم: مكان سوى، قال الله تعالى: (فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحو ولا أنت مكانا سوى): أي مكانا معلما معروفا، وقالوا: هذا رجل سوى والعدم، يريدون وجوده وعدمه سواء، والسين مكسورة أو مضمومة فيهما، وقالوا: مكان سوى - بكسر السين وضما أيضا - وسواء: أي نصف عدل ووسط (2) عدى: هو وصف في نحو قولهم: قوم عدى.
قال شاعر الحماسة (يقال هو زرارة بين سبيع الاسدي، ويقال هو نضلة بن خالد الاسدي): إذا كنت في قوم عدى لست منهم * فكل ما علفت من خبيث وطيب وقال الاخطل: ألا يا اسلمي يا هند هند بنى بدر * وإن كان حيانا عدى آخر الدهر وقد قال الاصمعي: " يقال هؤلاء قوم عدى مقصور يكون للاعداء وللغرباء ولا يقال قوم عدى (بضم أوله) إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة في وزن قضاة " ويشهد للمعنى الاول بى الاخطل وللمعنى الثاني بيت الحماسي، وقد تكون اسم جمع قال في اللسان: " وأما عدى وعدى فاسمان للجمع لان فعلا وفعلا ليسا بصيغتي جمع إلا لفعلة أو فعلة (بكسر أوله وضمه) وربما كانت لفعلة وذلك قليل كهضبة وهضب، وبدرة وبدر " اه (3) " قوله ولا غيرهما " ليس صحيحا، فقد حكى كثير من العلماء منهم ابن برى
في حواشى الصحاح: ماء روى، وماء صرى، وملامة ثنى، وواد طوى، ولحم زيم، وسبي طيبة، وكل ذلك بكسر أوله وفتح ثانيه، وقد جاء في بعضه ضم أوله (4) الفلو - كعدو، وكسمو، وكقنو: الجحش والمهر إذا فطم.
قال (*)


قال: " ويجمع الجميع جمع السلامة للعقلاء الذكور، وأما مؤنثه فبالالف والتاء لا غير، نحو عبلات وحلوات وحذرات، ويقظات، إلا نحو عبلة وكمشة فإنه جاء على عبال وكماش، وقالوا علج في جمع علجة " أقول: قال سيبويه: يجمع فعلة نحو حسنة على حسان، ولا يجمع على فعال إلا ما جمع مذكره عليه، كما تقول في جمع حسن وحسنة: حسان، ولما لم يقل في جمع بطل بطال لم يقل في جمع بطلد أيضا، فكل صفة على فعل جمعت على فعال يجمع مؤنثها أيضا عليه، فهذا الذى قاله سيبويه مخالف قول المصنف.
قوله " إلا نحو عبلة (1) " قال سيبويه: كل ما هو على فعلة من الاوصاف يكسر على فعال نحو كمشة وكماش، والكمش: السريع الماضي، وجعدة وجعاد، (2) وذلك لكثرة مجئ هذا البناء، فتصرفوا في جمعه، وأما علج
__________
الجوهرى: لانه يفتلى: أي يفطم.
قال دكين كان لنا وهو فلو نرببه * مجعثن الخلق يطير زغبه ومعنى نرببه نربيه، وأصل نربيه نربيه بثلاث باءات فلما استثقلوا ثلاثة الامثال قلبوا ثالثها ياء، كما قالوا: تظنى وتقضى، في تظنن وتقضض، قال الراجز: * تقضى الباز هوى ثم كسر * ومعنى مجعثن الخلق غليظه، شبه بأصل الشجرة في غلظه، وأصل الشجرة
يقال له جعثن بزنة زبرج (1) العبلة: الضخمة من كل شئ، وتجمع على عبلات وعبال مثل ضخمة وضخمات وضخام (2) الجعد من الرجال: المجتمع بعضه إلى بعض، والسبط الذي ليس بمجتمع، وقيل: الجعد من الرجال الخفيف، والجعد من الشعر خلاف السبط، وقيل: هو القصير، والانثى جعدة، والجمع جعاد وجعدات (*)


في جمع علجة فلجريه مجرى الاسماء نحو كسرة وكسر، والعلج: العظيم من حمر الوحش.
قال: " وما زيادته مدة ثالثة في الاسم نحو زمان على أزمنة غالبا، وجاء قذل وغزلان وعنوق، ونحو حمار على أحمرة وحمر غالبا، وجاء صيران وشمائل، ونحو غراب على أغربة، وجاء قرد وغربان وزقان، وغلمة قليل، وذب نادر، وجاء في مؤنث الثلاثة أعنق وأذرع وأعقب، وأمكن شاذ " أقول: اعلم أن أفعلة مطرد في قلة فعال، كأزمنة وأمكنة وأفدنة (1) وأقذله (2)، وقد يكون في بعض الاسماء للكثرة أيضا، كأزمنة وأمكنة، والغالب في كثرته فعل كقذل وفدن، وإن شئت خففته في لغة تميم بإسكان العين، وما كان منقوصا كسماء وأسمية، وهو المطر، ودواء وأدوية، اقتصر في قلته وكثرته على أفعلة كراهة التغير الذى يتأدى الامر إليه لو جمع على فعل، إذ كانوا يقولون سم ودو، كأدل، فيكون الجمع الكثير على حرفين، فإن قيل: فهلا خففوا باسكان العين كما في عنق، حتى لا يؤدى إلى ما ذكرت، قيل: التخفيف ليس في كلام جميع العرب، وليس بلازم أيضا في كلام من يخفف، وأيضا فالمخفف
__________
(1) أفدنة: جمع فدان - بفتح الفاء وتخفيف الدال، وقد تشدد - وهو الذي يجمع أداة الثورين في القران للحرث، وقيل: هو الثوران يقرنان فيحرث عليهما، ولا يقال للواحد: فدان، وقيل: يقال، وجمع الفدان مخففا أفدنة، كأرغفة، وفدن، كسحب، وجمع المثقل فدادين (2) القذال - كسحاب -: ما بين الاذنين من الرأس، وجمعه أقذله وقذل، وتقول: قذله قذلا - من باب نصر، إذا ضرب قذاله أو عابه أو تبعه (*)


في حكم المثقل، ألا ترى إلى قولهم قضو الرجل، بالواو التى كانت بدلا من الياء للضمة، كيف بقيت مع حذف الضمة.
قوله: " وغزلان " جاء فعلان في فعال، وليس من بابه، لكنه لتشبيه فعال بفعال كغربان وحيران، في غراب وحوار (1).
قوله " وعنوق " ليس هذا موضعه، لان العناق مؤنث، وهو الانثى من ولد المعز، يقال في المثل: " العنوق بعد النوق (2) " في الى يفتقر بعد الغنى، وقد أورده سيبويه على الصحة في جمع فعال المؤنث، قال: حق فعال في المؤنث أفعل كعناق وأعنق، لكن فعولا لما كان مؤاخيا لافعل في كثير من المواضع، إذ هو في الكثير كأفعل في القليل، جمعوه في الكثير على عنوق، وكذا قالوا في سماء بمعنى المطر: سمى، لانه يذكر ويؤنث، يقال: أصابتنا سماء: أي مطر.
قوله " ونحو حمار على أحمره " فعال وفعال يتساويان في القليل والكثير، إذ لا فرق بينهما إلا بالفتحة والكسرة المتقاربتين، فأحمرة للقلة، وحمر للكثرة وقد يخفف فعل في تميم، وقد يستغنى بجمع الكثرة عن جمع القلة، نحو ثلاثة جدر وأربعة كتب، ولا يقال: أجدرة، ولا أكتبة، والمضاعف منه
__________
(1) الحوار - كغراب وككتاب -: ولد الناقة ساعة يولد، وقيل: إلى أن يفصل عن أمه، وجمعه أحورة، وحيران، وحوران، وفي المثل: " حرك لها حوارها تحن " (2) قال في اللسان: " قال ابن سيده، وفى المثل " هذه العنوق بعد النوق "، يقول: مالك العنوق بعد النوق، يضرب للذي ينحط من علو إلى سفل، والمعنى أنه صار يرعى العنوق بعد ما كان يرعى الابل، وراعى الشاء عند العرب مهين ذليل، وراعى الابل عزيز شريف " اه (*)


لا يجئ إلا على أفعلة في القلة والكثرة، نحو خلال (1) وأخلة، وعنان (2) وأعنة، لاستثقالهم التضعيف المفكوك، ولا يجوز الادغام لما يجئ في بابه، وكذا الناقص واويا كان أو يائيا، لا يجئ إلا على أفعلة كما ذكرنا في فعال بفتح الفاء، قال سيبويه: وفعال بفتح الفاء في جميع الاشياء بمنزلة فعال بالكسر، والاجوف الواو منه مسكن العين: كأخونة (3) وخون، وأبونة (4) وبون، استثقلت الضمة على الواو، وقد يضطر الشاعر فيردها إلى أصله من الضم قال: 56 - عن مبرقات بالبرين وتب * - دو بالاكف اللامعات سور (5) وإن كان الاجوف يائيا بقيت الياء مضمومة، إذ الضمة عليها ليست في ثقل الضمة على الواو، فيقال في جمع عيان، وهو حديدة الفدان: " عين " كما قالوا في
__________
(1) الخلال: ما تخلل به الاسنان، وهو أيضا عود يجعل في لسان الفصيل لئلا يرضع (2) العنان: سير اللجام الذى تمسك به الدابة (3) الخوان - ككتاب وغراب -: ما يوضع عليه الطعام، وضع بالفعل أو لم يوضع، والمائدة: ما يكون عليه الطعام بالفعل، وقيل: هما واحد، وانظر
(ج 1 ص 110) (4) البوان - ككتاب وغراب -: أحد أعمدة الخباء، (5) هذا البيت من قصيدة لعدى بن زيد العبادي أولها قوله: قد حان إن صحوت أن تقصر * وقد أتى لما عهدت عصر وبعده بيت الشاهد، ثم قوله: بيض عليهن الدمقس وفي ال * أعناق من تحت الاكفة در حان: قرب، صحوت: أفقت من السكر، تقصر: تقلع وتكف عما أنت عليه، وعصر - بضمتين - لغة في العصر - بفتح فسكون - وقوله: " عن مبرقات " متعلق بتقصر، ومبرقات: جمع مبرقة اسم فاعل من أبرقت المرأة إذا تحسنت، والبرين: جمع برة - بضم ففتح - وهى الخلخال، والسور: جمع سوار (*)


بيوض: بيض (1) ومن خفف من بنى تميم كسر الضم لتسلم الياء، فتقول: عين، كما قالوا بيض في جميع أبيض، وجاء فيه فعلان كصيران في صوار، وهو القطيع من بقر الوحش، حملا على فعال، لان فعلان بابه فعال بالضم، وما حمل عليه من فعل كصردان ونغران (2) كما ذكرنا قوله " وشمائل " ليس هذا موضع ذكره كما قلنا في عنوق، لان شمالا مؤنث بمعنى اليد، والقياس أشمل كأذرع، وفعائل في جمع فعال جمع لم يحذف من مفرده شئ، فشمال وشمائل كقمطر (3) وقماطر، وهو جمع ما لحقته التاء من هذا المثال كرسالة ورسائل، ولما كان شمال في تقدير التاء جعل كأن التاء فيه ظاهرة فجمع جمعه قوله " ونحو غراب على أغربة " وهو يساوى في القلة أخويه (4): أي
__________
وهو ما تلبسه المرأة في ساعدها.
يقول: قد حان لك أن تكف عن الصبوة إلى
النساء اللائى يتجملن بالخلاخيل والاسورة، والاستشهاد بالبيت على أن ضم الواو في " سور " لضرورة الشعر (1) تقول: دجاجة بيوض وبياضة، ودجاج بيض، إذا كانت تبيض كثيرا.
(2) الصرد: طائر ضخم الرأس.
أنظر (ج 1 ص 35، 281) والنغر: طائر أحمر المنقار كالعصفور، وأهل المدينة يسمونه البلبل،.
أنظر (ج 1 ص 281) (3) القمطر: الجمل القوى السريع، وهو أيضا ما تصان فيه الكتب، أنظر (ج 1 ص 3، 5) (4) يريد أن فعالا - كغراب - يساوى في القلة أخويه، وهما فعال بالفتح - وفعال - بالكسر - وقد وقع في بعض النسخ " أخونة " وهو جمع خوان.
وليس بشئ (*)


يجمع على أفعلة كأغربة وأخرجة (1) وأبغثة (2) وبابه في الكثير فعلان كغلمان وخرجان وغربان وذبان (3) وجاء على فعلان مضموم الفاء لغتان فقط وهما حوران وزقان، في حوار وزقاق، والباقي مكسورها، وقد يقتصر في بعض ذلك على أفعلة للقلة والكثرة كأفئدة، وقد يحمل فعال بالضم على فعال بالكسر لتناسب الحركتين، فيقال قرد في قراد كجدر في جدار، وهو قليل نادر، ومثله ذب وأصله ذبب، والادغام بناء على مذهب بنى تميم في تخفيف نحو عنق وإلا فحق فعل أن لا يدغم كما يجئ في باب الادغام، وأما علمة فنائب عن أغلمة لتشابههما في كونهما للقلة في اللفظ، والدليل على نيابته عنه أنك إذا صغرت غلمة رجعت إلى القياس نحو أغيلمة، وجاء في فعال فواعل شاذا، كدواخن
وعواثن، في دخان وعثان، بمعناه، وليس لهما ثالث قوله " وجاء في مؤنث الثلاثة أفعل " فرقوا بين مذكرها ومؤنثها، ولما كان تاء التأنيث فيها مقدرا كما في العدد القليل نحو ثلاث وأربع جمعوها جمع القلة غالبا، وأثبتوا التاء في جمع قلة المذكر فقالوا أفعلة، وحذفوها في جمع قلة المؤنث فقالوا أفعل، كما في العدد، وإذا ظهر التاء في الامثلة الثلاثة كجمالة (4)
__________
(1) أخرجة: جمع خراج - كغراب - وهو ما يخرج في البدن من القروح (2) أبغثة: جمع بغاث، وهو ضرب من الطير أبيض بطئ الطيران صغير دوين الرحمة: (أنظر ج 1 ص 111) (3) الذبن - بكسر الذال -: جمع ذباب بغير هاء، ولا يقال: ذبابة، وجمع أيضا على أذبة، مثل غراب وأغربة وغربان، قال النابغة: * ضرابة بالمشفر الاذبه * (4) الجمالة بتثليث أوله: الطائفة من الجمال، وقيل: هي القطعة من النوق لا جمل فيها، وقال ابن السكيت: يقال للابل إذا كانت ذكورة ولم يكن فيها أنثى: هذه جمالة بنى فلان (*)


وذؤابة (1) وصلاية (2) لم يكسر جمع (القلة) إذ لا يشابه العدد القليل في تقدير التاء، بل يجمع: إما بالالف والتاء، أو يكسر على فعائل أ فعل كما يجئ قوله " وأمكن شاذ " ويجوز أن يكون أزمن مثله مع زمان لا جمع زمن، وإنما جاز جمعهما على أفعل لحملهما على فعال المؤنث مع تذكيرهما، كما حمل شمال المؤنث المجرد عن التاء على ذى التاء نحو رسالة فقيل شمائل كرسائل، وحمل أيضا على فعال المذكر فقيل شمل، قال: 57 - * في أقوس نازعتها أيمن شملا (3)
وكذا حمل فعال المؤنث كعقاب على المذكر نحو غراب فقيل: عقبان كغربان
__________
(1) الذؤابة - بضم أوله - الناصية، أو منبتها من الرأس، وشعر في أعلى ناصية الفرس، وأعلى كل شئ (أنظر: 1 - 213) (2) الصلاية: مدق الطيب، وكل حجر عريض يدق عليه، وهي أيضا الجبهة، وجمعه وصلى - بضم أوله وكسره - ويقال: صلاءة، بقلب الياء همزة والقياس سلامتها لكون الكلمة قد بنيت عليها، وسيأتي للرضى في باب الاعلال أن يذكر أن ذلك القلب شائع مقيس في كل ما كان مختوما بتاء الوحدة من أسماء الاعيان كعباية وعباءة وعظاية وعظاءة (3) هذا عجز بيت للازرق العنبري وهو من شواهد سيبويه، وصدره قوله: - * طرن انقطاعد أوتار محظربة * والبيت في وصف طير، شبه صوتها في سرعة طيرانها بصوت الاوتار وقد انقطع عن القوس عند الجذب، وانقطاعة: مصدر مبين للنوع، وهو مفعول مطلق، والمحظربة: المحكمة القتل، والاقواس جمع قوس، والايمن: جمع يمين، والشمل: جمع شمال مثل جدار وجدر، والاستشهاد بالبيت في " شمل " حيث جمع شمالا عليه، والمستعمل أشمل في القليل وشمائل في الكثير (*)


ومؤنث فعيل المجرد عن التاء كمؤنث الثلاثة المذكورة، نحو يمين وأيمن، وقد كسر على أيمان أيضا، لاشتراك أفعل وأفعال في كثير من أبواب الثلاثي كأفرخ وأفراخ قال: " ونحو رغيف على أرغفة ورغف ورغفان غالبا، وجاء أنصباء وفصال (1) وأفائل، وظلمان قليل، وربما جاء مضاعفه على سرر، ونحو عمود
على أعمدة وعمد، وجاء قعدان (2) وأفلاء وذنائب " أقول: اعلم أن فعيلا مثل فعال في أن الزيادة فيه مدة ثالثة، وفي عدد الحروف، فقلته كقلتها، نحو أجربة (3) وأقفزة (4) وأرغفة، وأما صبية فنائب عن أصبية كما قلنا في أغلمة، ولهذا يصغر (صبية) على أصيبيد ويكسر في الكثرة على فعل كما يكسر فعال بفتح الفاء وكسرها عليه، نحو قذل وحمر، وذلك نحو قضب (5) وعسب (6) ورغف وسرر، ويكسر على فعلان أيضا
__________
(1) الفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه (2) القعدان: جمع قعود - كعمود - وهو من الابل البكر الذكر إذا أتى عليه سنتان (3) الاجربة: جمع جريب وهو المزرعة، والوادى، ومكيال يسع أربعة أقفزة، ومقدار معلوم من الارض يساوى ما يحصل من ضرب ستين ذراعا في نفسها: أي ستمائة ذراع وثلاثة آلاف ذراع (4) الاقفزة: جمع قفيز، وهو مكيال يسع ثمانية مكاكيك، والمكوك: مكيال يسع صاعا ونصف صاع، والقفيز من الارض قدر مائة وأربع وأربعين ذراعا (5) القضب: جمع قضيب، وهو السهم الدقيق، والناقة التى لم ترض، وهن الانسان وغيره من الحيوان (6) العسب: جمع عسيب، وهو عظم الذنب، والجريدة من النخل (*)


وهو في الغلبة كفعل سواء، نحو رغفان وكثبان (1) وقلبان (2) وربما كسر على أفعلاء كأنصباء (3) وأخمساء، وعلى فعال أيضا كإفال (4) تشبيها بفعيل في الوصف نحو ظراف ورام، وأما أفائل (5) ونظائره فلحمل فعيل المذكر على
فعيلة ذى التاء كما حمل عيلة على فعيل المذكر في نحو صحف وسفن جمع صحيفة وسفينة قوله " وظلمان (6) قليل " حكى أحمد بن يحيى ظليم وظلمان وعريض - وهو التيس - وعرضان، وجاء صبى وصبيان، وقال بعضهم في ضرير (7): ضران، والضم فيه أشهر قوله " وربما جاء مضاعه " يعنى أن الاصل أن يكسر على فعل - بضمتين، ولكن حكى أبو زيد وأبو عبيدة ن ناسا فتحوا عين سرر فقالوا: سرر، والاشهر الضم وجاء شاذا في فعيل المذكر أفعل حملا على المؤنث، قال: 58 - * حتى رمت مجهولة بالاجنن (8) *
__________
(1) الكثبان: جمع كثيب، وهو ما اجتمع واحدودب من الرمل (2) القلبان: جمع قليب، وهى البئر (3) الانصباء: جمع نصيب، وهو الحظ من كل شئ (4) الاخمساء: جمع خميس، وهو أحد أيام الاسبوع، والجيش.
وقيل: الجرار منه، وقيل: الخشن منه (5) الافال والافائل: جمع أفل - كرغيف، وهو ابن المخاض فما فوقه، والفصيل، وفي المثل: إن الفرم من الافيل: أي إن الكبير من الصغير (6) الظلمان: جمع ظليم، وهو الذكر من النعام (7) الضرير: ذاهب البصر، والمريض المهزول، وكل شى خالطه ضر فهو ضرير.
(8) هذا بيت من الرجز المشطور من أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج (*)


قوله " ونحو عمود " فعول يكسر في القلة على أفعلة كفعيل سواء،
والغالب في كثرته فعل وفعلان في غير الناقص الواوى، كما في فعيل، وأما الناقص فبابه أفعال كأفلاء وأعداء، وجاء فيه فعول قليلا، نحو فلى بضم الفاء وكسرها، وإنما لم يقولوا فيه فعل بضمتين لما ذكرنا في باب سماء ورداء، ولم يجئ أيضا فعلان كفلوان للاستثقال، وحق باب عدو أن يجمع بالواو والنون، لكنه لما استعمل الاسماء كسر تكسيرها، والمؤنث منه فعائل كذنوب (1) وذنائب، ويجمع على فعل، فصار فعول في المؤنث مخالفا لفعال وفعيل
__________
يمدح فيها بلال بن أبى بردة، وفبل الشاهد قوله: واجتزن في ذى نسع ممحن * تفتن طول البلد المفتن وبعده بيت الشاهد، ثم قوله: سرين أو عاجوا بلا ملهن * وخلطت كل دلاث علجن يصف قطعه المفاوز على ناقته حتى وصل إلى الممدوح، وهو بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الاشعري والنسع: جمع نسعة، وهي السير بضفر على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال، والمحن: الممدد، وتفتن: تشق، والمفتن: الذى على غير جهة واحدة، والاجنن جمع جنين، ويروى في مكانه " الاجبن " بالباء الموحدة من تحت، وهو جمع جبين، والمهلن: مصدر ميمى بمعنى التلهين، وهو إعطاء اللهنة - كغرفة - وهي الزاد يتعلل به قبل الغداء، ويراد منه هنا الزاد مطلقا، فهو يعنى أنه يعود بغير صلة.
والدلاث - بكسر الدال -: اللينة الاعطاف، والعلحن: الناقة المكتنزة اللحم، وقد استشهد المؤلف بالبيت على أنه جمع جنينا على أجنن شذوذا لان أفعل إنما يجمع عليه فعيل وشبهه إذا كان مؤنثا نحو ذراع وأذرع وعناق وأعنق ويمين وأيمن، وكذلك هو في الرواية التى أخبرناك خبرها، إذ الجبين ليس مؤنثا حتى يجمع على أجبن (1) الذنوب: الحظ والنصيب.
قال تعالى: (فأن للذين ظلموا ذنوبا مثل (*)


مؤنثات، وذلك لانه ألحق بذى التاء، أعنى فعولة، في الجمع لكونه أثقل من أخواته بسبب الواو، فكأن مؤنثه المجرد عن التاء ذو تاء نحو تنوفة وتنائف (1)، بخلاف الاربعة المذكورة، وقيل في قدوم وهو مذكر: قدائم (2)، تشبيها بالمؤنث نحو ذنوب، والاصل القدم، كما جاء في نظير نظائر، وهو شاذ، قال علي رضي الله تعالى عنه: حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر، وإن اتفقت التاء في الامثلة المذكورة، نحو رسالة وتنوفة وجفالة (3) وكتيبة (4) وكفالة، فلا يكسر إلا على فعائل، ولم يذكره المصنف، وإذا سمى بشئ من هذه الابنية ولم يعلم تكسيرها كسرت على القياس، كما تقول مثلا في بهاء ونداء علمين: أبهية وأندية، وقس عليه قال: " الصفد.
نحو جبان على جبناء وصنع وجياد، ونحو كناز على
__________
ذنوب أصحابهم) وقال أبو ذؤيب: لعمرك والمنايا غالبات * لكل بنى أب منها ذنوب والذنوب أيضا الدلو فيها ماء، وقيل: هي التي يكون الماء دون مثلها، وقيل: هي الدلو الملاءى، وقيل: هي الدلو ما كانت (1) التنوفة: القفر من الارض، قال الشاعر وكان قد أتى صنما اسمه سعد يستقسم عنده فلم يحمده: وما سعد إلا صخرة بتنوفة * من الارض لا يدعوا لغى ولا رشد وقيل: التنوفة: التي لا ماء بها من الفلوات ولا أنيس وإن كانت معشبة على قدائم قياس مثل حلوبة وحلائب، وقلوس وقلائس، وفي القاموس ما يؤيد ذلك حيث قال: " القدوم آلة للنجر مؤنثة.
الجمع قدائم وقدم " اه، فقول المؤف إن جمعه على قدائم شاذ لكونه مذكرا غير مسلم
(3) الجفالة - بضم أوله -: الجماعة من الناس ذهبوا أو أتوا (4) الكتيبة: الجيش، أو القطعة العظيمة منه (*)


كنز وهجان، ونحو شجاع على شجعاء وشجعان وشجعة، ونحو كريم على رماء وكرام ونذر وثنيان وخصيان وأشراف وأصدقاء وأشحة وظروف، ونحو صبور على صبر غالبا، وعلى ودداء وأعداء " أقول: جعل سيبويه فعلا هو الاصل في جمع فعال الصفة، قال: فعال بمنزلة فعول، قالوا: جماد وجمد كصبور وصبر، وجاء في بنات الواو فعل بسكون العين نحو نوار (1) ونور وعوان (2) وعون، سكن والاصل الضم، ثم قال سيبويه: رجل جبان وقوم جبناء، شبهوه بفعيل لكونه مثله في الصفة والزنة والزيادة، وأيضا يمتنع مثله من التاء، وقال بعضهم: امرأة جبانة، فعلى هذا لا يمتنع جمعه بالواو والنون، فجبناء كظرفاء، وجاء على فعال قليلا كجواد للفرس وحياد قوله " ونحو كناز " هو المكتنز اللحم، يستوى فيه المذكر والمؤنث، نحو ناقة كناز وجمل كناز، وكذا رجل لكاك: أي قليل اللحم، وامرأة لكاك، وجمل دلاث، وهو السريع السير، وناقة دلان، وجمعه كجمع فعال بالفتح على فعل في الغالب قوله " وهجان " هذا هو مذهب الخليل وسيبويه، تقول: هذا هجان: أي كريم خالص، وهذان هجانان، وهؤلاء هجان، شبهوا هجانا الواحد بفعيل، فكما يجمع فعيل على فعال ككريم على كرام جمعوا فعالا على فعال، ففعال في المفرد ككتاب وفي الجمع كرجال، وذكر الجرمى هذا هجان وهذان هجان
__________
(1) النوار: المرأة النفور من الريبة، وقيل: هي النفور من الظباء والوحش
وغيرها، وجمعها نور - بسكون الواو - وأصله نون - بضم الواو - كقذال وقذل، إلا أنهم كرهوا الضمة على الواو فحذفوها (2) العوان - كسحاب -: هي من البقر وغيرها النصف في سنها: أي التي بين الصغيرة والمسنة.
انظر (ج 1 ص 95) (*)


وهؤلاء هجان، المفرد والمثنى والمجموع بلفظ واحد، لجريه مجرى المصدر، وفي دلاص ما في هجان من المذهبين، وكذا شمال في الاسماء بمعنى الطبع واحد وجمع، كما قال أبو الخطاب (1) ومنه قوله 59 - وما لومى أخى من شماليا (2) أي: من شمائلي، ويجمع شمال على شمائل، كجمع هجان على هجائن، حملا للمذكر على المؤنث، ويجوز أن يكونا جمعين لمفردين وللجمعين قوله " ونحو شجاع على شجعاء وشجعان " قال سيبويه: فعال بمنزلة فعيل، لانهما أخوان في بعض المواضع، نحو طوال وطويل وبعاد وبعيد وخفاف وخفيف، ويدخل في مؤنثه التاء كما يدخل في مؤنث فعيل، نحو امرأة طويلة وطوالة، فلما كان بمعناه وعديله جمععلى فعلان وفعلاء كما يجمع فعليل عليهما هذا قوله، والظاهر أن فعالا مبالغة فعيل في المعنى، فطول أبلغ من طويل، وإذا أردت زيادة المبالغة شددت العين فقلت طوال
__________
(1) أبو الخطاب: هو الاخفش الكبير شيخ سيبويه (2) هذه قطعة من بيت لعبد يغوث الحارثي، وهو مع بيت سابق عليه ألا لا تلوماني كفى اللوم مابيا * فمالكما في اللوم خير ولا ليا ألم تعلما أن الملامة نفعها * قليل وما لومى أخى من شماليا والاستشهاد بالبيت على أن شمالا بمعنى الطبع يكون واحدا وجمعا، والمراد هنا الجمع، قال سيبويه: " وزعم أبو الخطاب أن بعضهم يجعل الشمال جمعا "
اه.
وقال السيرافي هو في هذا البيت جمع، وتبعه ابن جنى فقال في سر الصناعة: " وقالوا أيضا في جمع شمال وهى الخليقة والطبع: شمال.
قال عبد يغوث * وما لومى أخى من شماليا * أي: من شمائلي " اه، وإنما قيدوا الشمال بمعنى الطبع للاحتزاز عن الشمال بمعنى الريح فأنه لم يقل أحد إنها تكون جمعا ومفردا وفى شينها الفتح والكسر، بخلافها بمعنى الطبع، فان شينها مكسورة لا غير (*)


قوله " ونحو كريم على كرماء وكرام " هذا غالبان فيه، والمضاعف من فعيل يكسر على أفعلاء بدل فعلاء نحو شديد وشداد وأشداء وشحيح وشحاح وأشحاء استثقالا لفك الادغام لو قالوا شححاء، وأفعلاء في الصحيح قليل كأصدقاء، وقد يكسر المضاعف على أفعلة أيضا، إذ هو نظير أفعلاء، إلا أن بدل أجربة وأكثبة، وكذا عدلوا في الناقص الواوى واليائى من فعلاء إلى أفعلاء كأغنياء وأشقياء وأقوياء، استثقالا لفعلاء في مثله، قالوا: وشذ تقى وتقواء، ولما شذ غيروا الياء فيه إلى الواو، وحكى الفراء سرى وسرواء وأسرياء (1)، وما كان في هذا البناء من الاجوف، واويا كان أو يائيا، فلا يبنى على فعلاء وعلى أفعلاء، بل على فعال كطوال وقوام، في طويل وقويم (2) وكسر فعيل على فعل تشبيها بفعيل الاسمى، وذلك نحو نذر وجدد (3) وسدس (4)
__________
(1) قال في اللسان: " ورجل سري من قوم أسرياء وسرواء كلاهما عن اللحيانى، والسراة (بفتح السين) اسم للجمع وليس بجمع عند سيبويه.
قال ودليل ذلك قولهم سروات " اه، يريد أنه لو كان سراة جمعا لما جمع على سروات فجمعه على ذلك يدل على أنه ليس بجمع لان جمع الجمع خلاف القياس، وجمع اسم الجمع قيس كأقوام وأنفار وأرهط.
ثم ذكر مذهبا آخر في سراة فقال: " وقولهم قوم سراة جمع سرى جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة (بفتحات)
قال: ولا يعرف غيره، والقياس سراة مثل قضاة ودعاة وعراة " (2) القويم: المستقيم، تقول: دين قويم ورمح قويم، وقالوا: رجل قويم - ككريم، وقوام - كشداد، إذا كان حسن القامة، والجمع لكل ذلك قوام كجبال (3) الجديد: ضد القديم، والرجل العظيم الحظ، ووجه الارض، والاتان السمينة، والجمع جدد - كسر جمع سرير (4) " السديس ": يقال ناقفسديس ؟ ؟، إذا أتت عليها السنة السادسة، ويقال: (*)


كما قيل في الاسم: كثب، وكذا قيل في المضاعف: لذذ ولذ (1)، على حد رسل ورسل، ومثل ذلك في الناقص اليائى ثنى وثن (2) والاصل ثنى كسدس، وقد يخفف فيقال ثنى كسدس وكسر على فعلان كثنيان وشجعان، تشبيها بالاسم كجريان (3) ورغفان وعلى فعلان كخصيان تشبيها بظلمان وجاء فيه أفعال كشريف وأشراف وأبيل وآبال (4) تشبيها بشاهد وأشهاد وصاحب وأصحاب، لان فعيلا وفاعلا متساويان في العدة والزيادتين مع اختلاف موضعيهما في البناءين وأما ظروف فقد قال الخليل: هو جمع ظرف بمعنى ظريف، وإن لم يستعمل ظرف بمعنى ظريف، إلا أن هذا قياسه، كما أن مذاكير جمع مذكار بمعنى ذكر، وإن لم يستعمل، وقال الجرمى: ظروف جمع ظريف، وإن كان غير قياسي، قال: والدليل على أنه جمعه أنك إذا صغرته قلت: ظريفون.
أقول: ولا
__________
ثوب سديس، إذا كان طوله ستة أذرع، والسديس أيضا: الجزء من ستة أجزاء وهو ضرب من المكاكيك، والجمع في الكل سدس - كسرر،
(1) اللذيد: اسم من أسماء الخمر، وتقول: هذا شئ لذيذ، فيكون وصفا، وجمعه لذذ - كسرر - فان سكنت لم يكن بد من الادغام، فتقول: لذ - كقوم لد، (2) الثنى من البعران: ما طعن في السادسة، ومن الخيل ما دخل في الرابعة ومن الشاء والبقر ما دخل في الثالثة، والثني من الاضراس: الاربع التي في مقدم الفم: ثنتان من فوق وثنتان من أسفل، (3) الجربان: جمع جريب.
انظر (ص 131 من هذا الجزء) (4) الابيل: العصا، والحزين بالسريانية، ورئيس النصارى أو الراهب أو صاحب الناقوس، وجمعه آبال - كأجمال، وأبل - كحمر، (*)


دليل فيما قال، لما ذكرنا في باب التصغير أن مشابه (1) يصغر على شبيه، وإن كان خالف فيه أبو زيد وقالوا في سرى: سراة، والظاهر أنه اسم جمع لا جمع، كما يأتي وقد جاء شى من فعيل بمعنى فاعل مستويا فيه المذكر والمؤنث، حملا على نعيل بمعنى مفعول، نحو جديد، وسديس، وريح خريق (2)، ورحمة الله قريب، ويلزم ذلك في سديس وخريق.
قوله " ونحو صبور على صبر غالبا " سواء كان للمذكر أو للمؤنث، ويستوى في هذا البناء المذكر والمؤنث، والتاء في فروقه (3) وملولة (4) للمبالغة، فمن يقال فروقه قال فروقات، ومن قال فروق قال في جمعه فرق، كما ذكرنا في شرح الكافية في باب الجمع.
وقد يجمع مؤنث فعول المجرد على فعائل كعجوز وعجائز وقلوص وقلائص ونجدود وجدائد (5) وذلك لان علامة التأنيث فيه مقدرة، فكأنه فعولة كما ذكرنا في فعيل الاسمى، وفعائل أكثر فيه من فعل، ولا سيما فيما اختص بالمؤنث
__________
(1) قد مضى هذا الكلام كما ذكر هنا، ومضى مذهب أبى زيد مع ردنا عليه في (ح 1 ص 269) (2) تقول: ريح خريق، إذا كانت باردة شديدة هبابة، وإذا كانت لينة سهلة، فهو ضد ومثله وريح خروق، والجمع فيهما خرائق وخرق - كسرر -، ويقع في بعض النسخ: ريح حريق - بالمهملة أوله، وهي التي تحرق النبات لشدتها (3) تقول: رجل فروقة، وأمرأة فروقة، ورجل فاروقة، وامرأة فاروقة، ورجل فرق - ككتف وكعضد - إذا كان شديد الفزع (4) تقول: رجل ملول - كصبور، ورجل ملولة ومالولة، وملالة - كفهامة وامرأة ملول وملولة، إذا كان شديدالسأم (5) الجدود: - بفتح الجيم - النعجة التي قل لبنها (*)


كقلوص وجدود، ولا يجمع فعول جمع السلامة كما ذكرنا في شرح الكافية وقالو: صفى، للناقة الغزيرة وصفايا، فيجوز أن يكون فعولا جمع على فعائل كقلوس وقلائص، وأن يكون فعيلا حمل على فعيل لكونه مؤنثا وقالوا: ودداء، في جمع ودود، وهو شاذ من وجهين: أحدهما أن فعولا لا يجمع على فعلاء بل هو قياس فعيل، لكنه شبه به لموافقته له حركة وسكونا، والثاني أن المضاعف لا يأتي فيه فعلاء في فعيل أيضا، بل أفعلاء نحو شديد وأشداء، لكنه لما شذ الشذوذ الاول احتملوا الثاني، فصاروا ودداء كخششاء (1) في الاسم المفرد، وإنما أدخلوا التاء عدوة وإن كان يستوى المذكر والمؤنث في هذا البناء حملا له على صديقة، وقالوا في الجمع عدو وصديق، قال تعالى: " فإنهم عدو لى) وقال الشاعر: 60 - * ودعها فما النجوى من صديقها (2) *
وجمع عدو على أعداء، وإن لم يكن بابه، لاستعماله استعمال الاسماء كما مر قبل
__________
(1) الخششاء - كالرحضاء -: العظم الناتئ خلف الاذن وهما خششاوان ويقال في الواحد: خشاء بالادغام (2) هذا بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج، وقبله قوله: تنح للعجوز عن طريقها * قد أقبلت رائحة من سوقها وكان رؤبة يقعد بعد صلاة الجمعة في رحبة بنى تميم فينشد ويجتمع الناس إليه فازدحموا يوما فضيقوا الطريق فأقبلت عجوز معها شئ تحمله فقال هذه الابيات، والاستشهاد به على أن صديقا في قوله من صديقها مما يستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وهو في البيت للجمع من قبل أن " من " للتبعيض وليس يجوز أن يكون النحوي بعض صديق واحد فتعين أن يكون بعض أصدقاء وهذا هو المراد، ومما يدل على ذلك قول قعنب ابن أم صاحب ما بال قوم صديق ثم ليس لهم دين وليس لهم عهد إذا اؤتمنوا (*)


قال: " وفعيل بمعنى مفعول بابه فعلى كجرحى وأسرى وقتلى، وجاء أسارى، وشذ قتلاء وأسراء، ولا يجمع جمع الصحيح، فلا يقال جريحون ولا جريحات ليتميز عن فعيا الاصل، ونحو مرضى محمول على جرحى، وإذا حملوا عليه هلكى وموتى وجربى فهذا أجدر كما حملوا أيامى ويتامى على وجاعى وحباطى " أقول: اعلم أن فعيلا إذا كان بمعنى مفعول يستوى فيه المذكر والمؤنث، إلا إذا لم تجر على صاحبها، كما مضى في شرح الكافية (1)، وليس يجمع كل
__________
وقول جرير: دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا * بأعين أعداء وهن صديق وقول الاخر:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتنى * طلاقك لم أبخل وأنت صديق ومن هنا تعلم أن قول من قال إن " صديقا " في البيت كالكليب والعبيد من صيغ الجموع غير سديد، لانه قد أخبر به عن الواحدة كما في البيت الثالث، ولو كان كالعبيد والكليب لم يستعمل إلا في الجمع، ويجب حمل كلام المؤلف على ما ذكرنا (1) الذى ذكره في شرح الكافية خاصا بهذا الموضوع هو قوله: " إن أصل التاء في الاسماء أن تكون في الصفات فرقا بين مذكرها ومؤنثها، وإنما تدخل على الصفات إذا دخلت في أفعالها، فالصفات في لحاق التاء بها فرع الافعال: تلحقها إذا لحقت الافعال نحو قامت فهى قائمة، وضربت فهي ضاربة، فإذا قصدوا فيها الحدوث كالفعل قالوا: حاضت فهي حائضة، لان الصفة حينئذ كالفعل في معنى الحدوث، وإذا قصدت الاطلاق لا الحدوث فليست بمعنى الفعل، بل هي بمعنى النسب وإن كانت على صورة اسم الفاعل كلابن وتامر، فكما أن معناهما ذو لبن وذو تمر مطلقا لا بمعنى الحدوث: أي لبنى وتمري، كذلك معنى طالق وحائض ذات طلاق وذات حيض " ثم قال بعد كلام: " ومما يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا يلحقه التاء فعيل بمعنى مفعول، إلا أن يحذف موصوفه نحو (*)


فعيل بمعنى مفعول على فعلى، بل إنما يجمع عليه من ذلك ما كان متضمنا للافات والمكاره التى يصاب بها الحى، كالقتل وغيره، حتى صار هذا الجمع يأتي أيضا لغير فعيل المذكور إذا شاركه في المعنى المذكور كما يتبين، فان أتى شئ منه بغير هذا المعنى لم يجمع هذا الجمع، نحو رجل حميد، ومنه سعيد في لغة من قال سعد - بضم السين على بناء ما لم يسم فاعله (1) فلا - يقال: حمدى ولا سعدى، وكذلك لا يقال فعلى في جمع ما انتقل إلى الاسمية من هذا الباب وهو
ما دخله التاء، كالذبيحة والاكيلة والضحية والنطيحة، وإنما قلنا انتقلت إلى الاسمية لان الذبيحة ليست بمعنى المذبوح فقط حتى يقع على كل مذبوح كالمضروب الذى
__________
هذه قتيلة فلان وجريحته، ولشبهه لفظا بفعيل بمعنى فاعل قد يحمل عليه فيلحقه التاء مع ذكر الموصوف أيضا نحو امرأة قتيلة، كما يحمل فعيل بمعنى فاعل عليه فيحذف منه التاء نحو ملحفة جديد، من جد يجد جدة عند البصرية، وقال الكوفية: هو بمعنى مجدود من جده: أي قطعه، وقيل: إن قوله تعالى (إن رحمة الله قريب) منه، وبناء فعيل بمعنى مفعول مع كثرته غير مقيس، وقد يجئ بمعنى مفعل قليلا كالمذكر الحكيم أي المحكم على تأويل، وبمعنى مفاعل كثيرا كالجليس والجليف " اه (1) قال في اللسان: " سعد يسعد سعادة فهو سعيد: نقيض شقى، مثل سلم فهو سليم، وسعد - بالضم - فهو مسعود، والجمع سعداء، والانثى بالهاء.
قال الازهرى: وجائز أن يكون سعيد بمعنى مسعود من سعده الله (بفتح العين)، ويجوز أن يكون من سعد يسعد (كفرح يفرح) فهو سعيد " اه والحاصل أن سعيدا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى فاعل فيكون مأخوذا من الفعل اللازم الذى من باب فرح ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول فيكون مأخوذا من الفعل المتعدى الذى من باب فتح، فقول المؤلف.
" في لغة من قال سعد بضم السين " لا يريد أنه مأخوذ من المبنى للمجهول لان المبنى للمجهول ليس هو أصل المشتقات إجماعا، ولان من بنى الفعل للمجهول جاء باسم المفعول على مفعول فقال: مسعود، وإنما يريد بهذه العبارة الاشارة إلى الفعل المتعدى، لان المبنى للمجهول لا يكون إلا من متعد (*)


يقع على كل من يقع عليه الضرب، بل الذبيحة مختص بما يصلح للذبح ويعدله من النعم، وكذا الاكيلة ليس بمعنى المأكول، إذ لو كان كذا لكان يسمى
الخبز والبقل أكيلة إذا أكل، بل الاكيلة مختص بالشاة، وكذا الضحية مختص بالنعم، والرمية بالصيد، والنطيحة بالشاة الميتة بالنطح، وليس كل منطوح أو كل شاة منطوحة نطيحة، فهذه هي العلة في خروجها عن مذهب الافعال إلى حيز الاسماء بسبب اختصاصها ببعض ما وقعت عليه في الاصل وغلبتها فيه، كما قلنا في الالة نحو المنخل والمدهن والمسعط، والموضع كالمسجد، والدليل عليه أن نحو الذبيحة والاكيلة ليس بمعنى اسم المفعول، لان حقيقة اسم المفعول هو ما وقع عليه الفعل وأما ما لم يقع ويقع بعد عليه فالظاهر أن اسم المفعول فيه مجاز (1)، فالمضروب ظاهر فيمن وقع عليه الضرب لا فيمن سيضرب أو يصلح للضرب، والاكيلة ما يعد للاكل وإن لم يؤكل، والضحية كالمنخل والمدهن والمسجد، ونحوه مما ذكرنا قبل، وأيضا اسم المفعول في الحقيقة هو ما وقع عليه الفعل (1) والذبيحة
__________
(1) ظاهر قوله " اسم المفعول في الحقيقة هو ما وقع عليه الفعل " أنه يرى أن الوصف إذا وقع مدلوله وانقضى فهو حقيقة، وهو أحد ثلاثة آراء في المسألة ونحن نذكر لك ذلك على التفصيل فنقول: قال العلامة العضد (1: 172) من شرحه على مختصر بن لحاجب: " المشتق عند وجود معنى المشتق منه كالضارب لمباشر الضرب حقيقة اتفاقا، وقبل وجوده كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب مجاز اتفاقا، وبعد وجوده منه وانقضائه كالضارب لمن قد ضرب قبل الان وهو الان لا يضرب قد اختلف فيه على ثلاثة أقوال: أولها مجاز مطلقا، وثانيها: حقيقة مطلقا، وثالثها: إن كان مما يمكن بقاؤه (كالقيام والقعود) فمجاز، وإلا (أي وإن لم يكن بقاؤه كالتكلم والاخبار ونحوهما) فحقيقة " اه كلامه، فان كان قول الرضى " هو ما وقع عليه الفعل " قد أراد به ما وقع وانقضى فهو من موضع الخلاف على ما قدمنا، وإن كان المراد ما وقع عليه الفعل وهو مستمر الوقوع (*)


والاكيلة والنطيحة ما سيذبح وسيؤكل، وكذا الضحية ما يصلح للتضحى وإن لم يضح به بعد، ومثله القتوبة (1) والحلوبة لما يصلح للقتب والحلب، فلما خرجت الكلمات المذكورة من حير الصفات إلى حيز الاسماء لم تجمع على فعلى، وما لم يخرج منه من هذه الاسماء جاز جمعه على فعلى، كما حكى سيبويه شاة ذبيح وغنم ذبحى، فيما ذبح فإذا تقرر هذا قلنا: أصل فعلى أن يكون جمعا لفعيل في معنى مفعول بمعنى مصاب بمصيبة، ثم حمل عليه ما وافقه في هذا المعنى، فأقرب ما يحمل عليه فعيل بمعنى الفاعل، نحو مريض ومرضى، لمشابهته له لفظا ومعنى، ويحمل عليه فعل كزمن وزمنى، وفيعل كميت وموتى، وأفعل كحمقي وجربى، وفاعل كهلكى، وفلان كرجل سكران وقوم سكرى ورجل روبان (2)، وهو الذى أثخنه
__________
فهو مما اتفق على أنه حقيقة، وهذا هو الذي يشعر به قوله في مقابل ما تقدم.
" لا فيمن سيضرب أو يصلح للضرب " إذ ذلك خاص بحالة ما قبل الوقوع (1) قال في اللسان: " القتوبة من الابل: الذي يقتب بالقتب إقتابا، قال اللحيانى: هو ما أمكن أن يوضع عليه القتب، وإنما جاء بالهاء لانها للشئ مما يقتب.
وفي الحديث " لا صدقة في الابل القتوب ".
القتوبة بالفتح التى توضع الاقتاب على ظهورها، فعولة بمعنى مفعولة كالركوبة والحلوبة، أراد ليس في الابل العوامل صدقة، قال الجوهرى: وإن شئت حذفت الهاء فقلت: القتوب، ابن سيده وكذلك كل فعولة من هذا الضرب من الاسماء " اه (2) قال في اللسان: " راب الرجل روبا ورءوبا: تحير وفترت نفسه من شبع أو نعاس، وقيل: سكر من النوم، وقيل: إذا قام عن النوم خائر البدن والنفس.
ورجل رائب وأروب وروبان، والانثى رائبة، عن اللحياني، لم يزد على ذلك، من قوم روبي إذا كانوا كذلك، وقال سيبويه: هم الذين أثخنهم السفر والوجع (*)


السفر، وقوم روبى، ولا يبعد أن يكون سكرى وروبى في مثل هذا الموضع مفردا مؤنثا لفعلان، وذلك لان مؤنث فعلان الصفة من باب فعل يفعل قياسه فعلى وصفة المفرد المؤنث تصلح للجمع المؤنث والقوم يؤنث كقوله تعالى: (كذبت قوم نوح) وأما قولهم كيسى (1) فمحمول على الحمقى، بالضدية، وليس هذا الحمل مطردا، فلا يقال بخلى ولا سقمى قوله " كما حملوا أيامى ويتامى على وجاعى وحباطى " اعلم أن أصل فعالى في جمع المذكر أن يكون جمع فعلان فعلى كما يجئ، نحو سكران وسكارى، وفعلان كما مر في باب الصفة المشبهة بابه فعل يفعل مما يدل على حرارة الباطن والامتلاء، وفعل من هذا الباب فيما يدل على الهيجانات والعيوب الباطنة، فلما تقارب معناهما واتحد مبناهما، أعنى باب فعل يفعل، تشاركا في كثير من
__________
فاستثقلوا نوما، ويقال: شربوا من الرائب فسكروا، قال بشر: فأما تميم تميم بن مر * فألفاهم القوم روبى نياما وهو في المجمع شبيه بهلكى وسكرى، واحدهم روبان، وقال الاصمعي: واحدهم رائب مثل مائق وموقى وهالك وهلكى " اه (1) قال في اللسان: " الكيس الخفة والتوقد، كاس كيسا، وهو كيس وكيس (بالتخفيف والتشديد) والجمع أكياس، قال الحطيئة: والله ما معشر لاموا امرأ جنبا * في آل لاى بن شماس بأكياس وقوله، وأنشده ثعلب: فكن أكيس الكيسى إذا كنت فيهم * وإن كنت في الحقى فكن أنت أحمقا إنما كسره هنا على كيسى لمكان الحمقى، أجرى الضد مجرى ضده " اه والبيت الذى أنشده ثعلب هو لعقيل بن علفة المرى، وهو من شعر الحماسة
وانظره في باب الادب (ج 3 ص 86 من شرح التبريزي طبع بولاق) (*)


المواضع، نحو عطش وعطشان وصد وصديان وعجل وعجلان، ثم حمل فعل في بعض المواضع في الجمع على فعلان، فقيل في جمع وجع وحبط: وجاعى وحباطي، حملا على نحو سكران وسكارى وعرثان وغراثي، ثم شارك أيم ويتيم باب فعل من حيث المعنى لان الايمة واليتم لابد فيهما من الحزن والوجع، ويقربان أيضا منه من حيث اللفظ، فجمع على أيامى ويتامى، فهما محمولان على فعل المحمول على فعلان، وفي الكشاف: أصل أيامى ويتامى يتائم وأيائم فقلب (1)، وليس بوجه، لان إبدال الياء ألفا في مثله نحو
__________
(1) قال جار الله الزمخشري في أول تفسير سورة النساء من الكشاف: " فأن قلت: كيف جمع اليتيم وهو فعيل كمريض على يتامى ؟ قلت: فيه وجهان: أن يجمع على يتمى كأسرى، لان اليتم من وادى الافات والاوجاع، ثم يجمع فعلى على فعالى كأسارى، ويجوز أن يجمع على فعائل لجرى اليتيم مجرى الاسماء نحو صاحب وفارس، فيقال يتائم ثم يتامى على القلب " اه وقال في تفسير سورة النور: " الايامي والتيامى أصلهما أيائم ويتائم فقلبا، والايم للرجل والمرأة، وقد آم وآمت وتأيما، إذا لم يتزوجا، بكرين كانا أو ثيبين، قال: فإن تنكحي أنح وأن تتأيمى * وإن كنت أفتى منكم أتأيم وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والغيمة والايمة والكزم والقرم " اه وقد تبعه على ذلك في الموضعين القاضي البيضاوى في تفسيره، وقال العلامة الشهاب في حاشيته على تفسير البيضاوى في تفسير سورة النساء: " وجمع على يتامى وإن لم يكن فعيل يجمع على فعالى، بل على فعال
وفعلاء وفعل وفعلى، نحو كرام وكرماء ونذر ومرضى، فهو إما جمع يتمى جمع يتيم إلحاقا له بباب الافات والاوجاع، فأن فعيلا فيها يجمع على فعلى، ووجه الشبه ما فيه من الذل والانكسار المؤلم، وقيل: لما فيه من ساء الادب المشبه بالافات، كما جمع أسير على أسرى ثم على أسارى - بفتح الهمزة، أو هو مقلوب يتائم، فان فعيلا الاسمى يجمع على فعائل كأفيل وأفائل، وقل ذلك في الصفات (*)


معايا (1) جمع معى شاذ كما يجئ في هذا الباب، وأيضا جمع فعيل المدكر
__________
لكن يتيم جرى مجرى الاسماء كصاحب وفارس، ولذا قلما يجرى على موصوف، ثم قلب فقيل يتامى - بالسكر - ثم خفف بقلب الكسرة فتحة، فقلبت اليا ألفا، وقد جاء على الاصل في قوله: * أأطلال حسن في البراق اليتائم * اه وقال في الحاشية المذكورة في تفسير سورة النور: " ذهب المصنف تبعا للزمخشري ومن تابعه إلى أن أيامي مقلوب أيائم لان فعيلا وعيعلا لا يجمعان على فعالى، فأصل يتامى يتائم وأصل أيامي أيائم فقدمت الميم وفتحت للتخفيف فقلبت الياء ألفا لتحركها.
وانفتاح ما قبلها، ويتيم أيضا جرى مجرى الاسماء الجامدة، لان فعيلا الوصفى يجمع على فعال ككريم وكرام لا على فعائل وقد مر في تفسير سورة النساء أنه لما يجرى مجرى الاسماء الجامدة كفارس وصاحب جمع على يتائم ثم قلب فقيل: يتامى، أو جمع على يتمى كأسرى، لانه من باب الافات، ثم جمع يتمى على يتامى.
وذهب ابن مالك ومن تبعه إلى أنه شاذ لا قلب فيه، وهو ظاهر كلام سيبويه، وذهب ابن الحاجب إلى أنهم حملوا يتامى وأيامى على وجاعى وحباطى، لقرب اللفظ والمعنى " اه ويريد بقرب اللفظ أن منشأهما وهو الفعل بابه في الجميع واحد، وبقرب المعنى أن الجميع من
الافات على ما ذكره الرضى ونقول: إن نسبة القول بالقلب في يتامى وأيامى إلى الزمخشري لا تخلو عن مسامحة، فانه وإن كان قائلا بذلك مسبوق بهذا القول، وأصله لابي علي الفارسي أحد علماء النصف الاول من القرن الرابع الهجرى، فقد قال في اللسان: " وأما أيامى فقيل: هو من باب الوضع، وضع على هذه الصيغة، وقال الفارسى: هو مقلوب موضع العين إلى اللام " اه (1) قال في اللسان: " أعيا السير البعير ونحوه: أكله وطلحه، وإبل معايا: معيية، قال سيبويه: سألت الخليل عن معايا، فقال: الوجه معاى.
وهو المطرد، وكذلك قال يونس، وإنما قالوا معايا كما قالوا مدارى وصحارى، (*)


صفة على فعائل شاذ (1) كنظائر قوله " وإذا حمل نحو هالك وميت وأجرب على نحو قتيل " أي: إذا حملت عليه مع أن وزنها خلاف وزنه لمجرد المشاركة في المعنى فلان يحمل عليه مريض مع مشاركته له في اللفظ والمعنى أجدر قوله " ليتميز عن فعيل الاصل " يعنى أن الاصل فعيل بمعنى فاعل لكونه أكثر من فعيل بمعنى مفعول، ولان الفاعل مقدم على المفعول، والذى بمعنى الفاعل يجمع جمع السلامة نحو رحيمون ورحيمات وكريمون وكريمات، فلم يجمع الذى بمعنى المفعول جمع السلامة فرقا بينهما (2) قوله: " شذ قتلاء وأسراء " وجه ذلك مع شذوذهما أن فعيلا بمعنى المفعول حمل على فعيل بمعنى الفاعل، نحو كريم وكرماء
__________
وكانت مع الياء أثقل إذ كانت تستثقل وحدها " اه وقوله " الوجه معاى " أصله معايى بياءين أولاهما مكسورة، فحذفت الثانية بعد حذف حركتها، وقوله
" وإنما قالوا معايا " يريد فتحوا الياء الاولى فانقلبت الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وذلك كما فتحوا الراء في مدارى وصحارى، لقصد التخفيف، وقوله " وكانت مع الياء أثقل " يريد وكانت الكسرة معا لياء في معاني أشد ثقلا منها وحدها في مدار وصحار، لا سيما أن بعد الياء ياء أخرى (1) قد علمت مما نقلناه لك آنفا عن الكشاف ومن تابعه أن الزمخشري ذهب إلى ما ذهب إليه لانه اعتبر يتيما اسما.
وفعيل إذا كان اسما جمع على فعائل مثل أفيل وأفائل، فلا محل لقول المؤلف " وأيضا جمع فعيل المذكر اسما على فعائل شاذ " (2) ذكر ابن يعيش وجها آخر لعدم جمع فعيل بمعنى مفعول جمع التصحيح قال في شرح المفصل (ح 5 ص 51): " ولا يجمع شئ من ذلك إذا كان مذكرا بالواو والنون كمالم يجمع مؤنثه بالالف والتاء، فلا يقال: قتيلون ولا جريحات، لانهم لم يفصلوا في الواحد بين المذكر والمؤنث بالعلامة فكرهوا أن يفصلوا بينهما في الجمع فيأتوا في الجمع بما كرهوا في الواحد، فاعرفه " اه (*)


قوله " وجاء أسارى " اعلم أن أصل فعالى في المذكر كما ذكرنا أن يكون جمع فعلان، وقد يضم فاء فعالى الذى هو جمع فعلان فعلى خاصة كما يجئ، نحو سكارى وكسالى، دون المحمول عليه، إلا أسارى، وذلك لانه لما حمل أسير على حران ولهفان لانه لا يخلو من حرارة الجوف ضموا أوله كما يضم أول فعالى جمع فعلان، والتزموا الضم في هذا المحمول واعلم أنه قد يجئ الفعيلة بمعنى الالة كالوسيلة لما يتوسل به: أي يقرب، والذريعة لما يتذرع به، والدريئة للبعير (1) وشبهه يدرى به الصيد: أي يختل قال: " المؤنث، نحو صبيحة على صباح وصبائح، وجاء خلفاء،
وجعلته جمع خليف أولى، ونحو عجوز على عجائز " أقول: إذا لحقت التاء فعيلا في الوصف فإنه يجمع على فعال، كما جمع قبل لحاقه، فيقال: صباح وظراف، في جمع صبيح وصبيحة وظريف وظريفة،
__________
(1) قال في اللسان: " والدريئة: الحلقة التى يتعلم الرامى الطعن والرمى عليها قال عمرو ب معديكرب: ظللت كأني للرماح دريئة * أقاتل عن أبناء جرم وفرت قال الاصمعي: هو مهموز.
وفي حديث دريد بن الصمة في غزوة حنين: " دريئة أمام الخليل " الدريئة: حلقة يتعلم عليها الطعن.
وقال أبو زيد: الدريئة مهموز: البعير أو غيره الذي يستتر به الصائد من الوحش يختل حتى إذا أمكن رميه رمى " اه، وتقول: دريت الصيد أدريه دريا مثل رميته أرميه رميا، وادريته على افتعلت، وتدريته على تفعلت، إذا ختلته، قال الشاعر: فإن كنت لا أدرى الظباء فإننى * أدس لها تحت التراب الدواهيا وقال الاخطل: فإن كنت قد أقصدتنى إذ رميتني * بسهمك، فالرامي يصيد ولا يدرى (*)


ويختص ذو التاء - سواء كان بمعنى المفعول كالذبيحة أولا كالكبيرة - بفعائل، دون المذكر المجرد، وقد شذ نظائر في نظير، وكرائه في كريه، بمعنى مكروه، وهو جمع من غير حذف شئ من واحده، فهو في الصفة نظير صحيفة وصحائف في الاسم، وقد يستغنى عن فعائل بفعال كصغار وكبار وسمان، في صغيرة وكبيرة وسمينة، ولم يقولوا نسوة كبائر وصغائر وسمائن، وجاء فيه حرفان فقط على فعلاء، نحو نسوة فقراء وسفهاء، قالوا: وإنما جاء خلفاء في جمع خليفة، لانه وإن كان فيه التاء إلا أنه للمذكر، فهو بمعنى المجرد ككريم وكرماء،
فكأنهم جمعوا خليفا على خلفاء، وقد جاء خليف، أيضا، فيجوز أن يكون الخلفاء جمعه، إلا أنه اشتهر الجمع دون مفرده، قال: 61 - إن من القوم موجودا خليفته * وما خليف أبى وهب بموجود (1)
__________
يرى ولا يختل ولا يستتر.
وقال سحيم بن وثيل الرياحي: وماذا يدرى الشعراء منى * وقد جاوزت حد الاربعين وقال أيضا: أتتنا عامر من أرض رام * معلقة الكنائن تدرينا (1) هذا البيت لاوس بن حجر من كلمة له يرثى فيها عمرو بن مسعود بن عدى الاسدي، وكان النعمان بن المنذر اللخمي قد قتله.
والذي في جميع النسخ " أبى موسى " والموجود في شعر أوس وفي شرح الشواهد للبغدادي وفي اللسان (خ ل ف) وفي شرح المفصل لابن يعيش " وما خليف أبي وهب " كما أثبتنا وأبو وهب كنية عمرو بن مسعود.
والاستشهاد في البيت على أنه قد ورد عنهم خليف بغير تاء بمعنى خليفة بالتاء، والخليفة الذي يخلف غيره: أي يعقبه ويقوم مقامه ويعنى غناءه وإن لم يستخلفه، وإذا صح خلائف جمع خليفة كظريفة وظرائف، قال في بعض شروح إيضاح الفارسي: " إن كان لم يثبت خليف بمعنى خليفة الا في هذا البيت - وهو الاظهر - فلا حجة فيه، لانه يحتمل أن يكون ممارخم في غير النداء ضرورة نحو قوله (*)


وقياس جمع فعالة كامرأة طوالة، أن يكون كجمع فعيلة، لمساواة مذكره مذكره كما ذكرنا.
قوله " ونحو عجوز " فعول لا يدخله التاء كما مر، والذى هو بمعنى المؤنث من هذا الوزن يجمع على فعائل، حملا على فعيلة، نحو عجوز وعجائز (1)، ونخوص ونخائص (2)، وإذا دخله التاء للمبالغة كفروقة جمع بالالف والتاء
واعلم أنه قد جاء في فعال المؤنث من غير تاء فعائل، وهو قليل، كهجائن في جمع ناقة هجان، حملا على فعالة، ولم يثبت جمع فعال المؤنث المجرد كامرأة جبان على فعائل، بل مذكره ومؤنثه في الجمع سواء قال: " وفاعل الاسم، نحو كاهل على كواهل، وجاء حجران وجنان، والمؤنث نحو كاثبة على كواثب، وقد نزلوا فاعلاء منزلته فقالوا قواصع ونوافق ودوام وسواب " أقول: قياس فاعل - بفتح العين وكسرها - في الاسم، فواعل، قياسا لا ينكسر، وقد جاء فواعيل بإشباع الكسر كطوابيق (3) ودوانيق (4) وخواتيم،
__________
* ليوم روع أو فعال مكرم * يريد مكرمة " اه (1) العجوز: " قال في القاموس: الشيخ والشيخة، ولا تقل عجوزة، أو هو لغية رديئة، الجمع عجائز وعجز " اه (2) النخوض: التى أضعفها الكبر، تقول: عجوز ناخص، وعجوز تخوص، إذا نخصها الكبر.
أي أضعفها وأذهب لحمها (3) طوابيق: جمع طابق - بفتح الباء وكسرها - وهو العضو من أعضاء الانسان كاليد والرجل ونحوها.
ويجمع على طوابق، وقد جاء فيه طوابيق باشباع الكسرة (4) انق - بفتح النون وكسرها - من الاوزان، وهو سدس الدرهم والدينار، وربما قالوا: داناق، فإذا صح كان الدوانيق قياسا، وكان جمعا لداناق، كما قال المؤلف في الخواتيم (*)


وليس بمطرد، وقيل: خواتيم جمع خاتام، قال: 62 - * أخذت خاتامى بغير حق (1) *
فخواتم على هذا قياس، قال الفراء: قد جاء في كلام المولدين بواطيل في جمع باطل وقد جاء فعلان كحجران (2) وفعلان كجنان (3)، والاول أكثر: أي مضموم الفاء، ويجوز أن يكون حيطان من الاول قلبت الضمة كسرة لتسلم الياء وإذا انتقل فاعل من الصفة إلى الاسم، كراكب الذى هو مختص براكب البعير كما قلنا في أكيلة ونطيحة وقتوبة وحلوبة، وفارس المختص براكب الفرس، وراع المختص برعى نوع مخصوص، ليست كما ترى على طريق الفعل من العموم، فإنه يجمع في الغالب على فعلان كحجران في الاسم الصريح، وقد يكسر هذا الغالب على فعال أيضا كرعاء وصحاب، وذلك لان فاعلا
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور، وقبله * يامى ذات الجورب المنشق * ويقال: خاتم - بفتح التاء وكسرها - وخيتام بوزن ديار - بتشديد الياء - وخاتام - كساباط - وهو نوع من الحلى، وهو أيضا ما يوضع على الطين ويختم به الكتاب.
ورواية ابن برى في البيت: خيتامى، قال في اللسان: " وشاهد الخاتام ما أنشده الفراء لبعض بنى عقيل: لئن كان ما حدثته اليوم صادقا * أصم في نهار القيظ للشمس باديا وأركب حمارا بين سرج وفروة * وأعر من الخاتام صغرى شماليا قال سيبويه: الذين قالوا خواتيم إنما جعلوه تكسير فاعال وإن لم يكن في كلامهم، وهذا دليل على أن سيبويه لم يعرف خاتاما " اه (2) حجران: جمع حاجر، وهو مكان مسدير يمسك الماء من شفة الوادي (3) جنان: جمع جان، وهو نوع من العالم، سموا بذلك لاجتنانهم عن الابصار فلا يرون (*)


شبه بفعيل حين جمع على فعلان كجريب وجربان، وفعيل يجمع على فعال كأفيل وإفال، فأجيز ذل في فاعل أيضا، قال سيبويه: ولا يجوز في هذا الوصف الغالب فواعل، كما كان في الاسم الصريح، لان له مؤنثا يجمع على فوعل، ففرقوا بين جمع المذكر وجمع المؤنث، قال: وقد شذ فوارس، وقال غيره: جاء هوالك أيضا، يقال: فلان هالك في الهوالك، قال السيرافي: وجاء في الشعر 63 - ومثلى في غوائبكم قليل (1) وذكر المبرد أن فواعل في فاعل الغالب أصل، وأنه في الشعر سائغ حسن قال: 64 - وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم * خضع الرقاب نواكس الابصار (2)
__________
(1) هذا عجز بيت لعتيبة بن الحرص، وصدره قوله: * أحامي عن ذمار بنى أبيكم * وأحامى: مضارع من الحماية وهو الحرص.
والذمار - ككتاب -: ما يجب على الرجل أن يحميه، وقالوا: فلان حامى الذممار، وحامى الحقيقة.
والغوائب: جمع غائب.
روى أن عتيبة بن الحرث قال لجزء بن سعد هذا البيت فقال له جزء: نعم وفي شواهدنا.
والشواهد: جمع شاهد، وهو مثل الغوائب.
والاستشهاد بالبيت في قوله " غوائبكم " حيث جمع فاعلا على فواعل شذوذا، وسيأتي في شرح الشاهد التالى مزيد بحث لذلك (2) البيت من كلمة رائية للفرزدق يمدح بها آل المهلب بن أبى صفرة وبخاصة يزيد بن المهلب، وأولها: فلا مدحن بنى المهلب مدحة * غراء ظاهرة على الاشعار وقد وقع في النسخ المطبوعة كلها * نواكس الاذقان * وقد عرفت أن
القصيدة رائية، فالذي في النسخ تحريف، وخضع: جمع أخضع مثل حمر في جمع أحمر، والاخضع الذي في عنقه تطامن في أصل الخلقة، ويروى " خضع " (*)


قلت: لا دليل في جمع ما ذكروا، إذ يجوز أن يكون الهوالك جمع هالكة: أي طائفة هالكة، وكذا غيره كقولهم " الخوارج " أي الفرق الخوارج، كقوله تعالى: (والصافات صفا) أي: طوائف الملائكة وإذا سمى بفاعل الوصف كضارب فقياسه فواعل كالاسم الصريح، إذ لا مؤنث له يشتبه جمعاهما، وقد كسر فاعل الاسم على أفعلة كواد وأودية، كأنهم استثقلوا الواوين في أول الكلمة لو جمعوه على فواعل، وانضمام الواو وانكسارها لو جمع على فعلان قوله " والمؤنث نحو كاثبة على كواثب (1) " لم يخافوا في الاسم التباس جمع المذكر بجمع المؤنث مع كون كل منهما على فواعل، كما خافوا في الصفة ذلك، فلم يجمعوهما معا على فواعل، لان لفظ المذكر والمؤنث في الصفة لا فرق بينهما إلا التاء، فإذا حذفتها وجمعت حصل الالتاس، وأما الاسم فلا يتلاقى مذكره ومؤنثه، ألا ترى أنك لا تقول (للمذكر) كاثب وللمؤنث كاثبة، حتى يلتبسا في كواثب
__________
بضمتين، وهو جمع خضوع صيغة لخاضع نحو غفور وغفر، والنواكس: جمع ناكس، وهو المطأطئ رأسه، ويروى: نواكس الابصار: على أنه جمع مذكر سالم لجمع التكسير، والاستشهاد بالبيت هنا في قوله: نواكس، حيث جمع ناكسا وهو وصف لمذكر عاقل على فواعل وذلك شاذ لم يرد إلا في حروف قليلة منها: حارس وحوارس، وحاجب - من الحجابة - وحواجب، وحواج بيت الله ودواجه، جمع حاج وداج، وهو المكارى ورافد وروافد، وفارس وفوارس،
وهالك وهوالك، وخاشع وخواشع، وناكس ونواكس، وغائب وغوائب، وشاهد وشواهد (1) الكاثبة: اسم لما بين كتفي الفرس قدام السرج، قال النابغة: لهن عليهم عادة قد عرفنها * إذا عرض الخطي فوق الكواثب وفي الحديث: يضعون رماحهم على كواثب خيلهم.
(*)


قوله " قد نزلوا فاعلاء منزلته " وذلك لاجرائهم ألف التأنيث مجرى تائه لكونها علامة التأنيث مثله كما يجئ بعد: النافقاء والقاصعاء والداماء جحرة من جحر اليربوع (1)، والسابياء: الجلدة التي تخرج مع الولد، وعلى ذلك قالوا في خنفساء: خنافس، كما قالوا في قنبرة: قنابر (2) قال: " الصفة، نحو جاهل على جهل وجهال غالبا، وفسقة كثيرا، وعلى قضاة في المعتل اللام، وعلى بزل وشعراء وصحبان وتجار وقعود، وأما فوارس فشاذ، والمؤنث نحو نائمة على نوائم ونوم، وكذلك حوائض وحيض " أقول: اعلم أن الغالب في فاعل الوصف فعل، كشهد وغيب ونزل وصوم وقوم، وقيل: صميم وقيم، كما يجئ في باب الاعلال، وقيل: صيم وقيم.
وليس بخارج عن فعل بضم الفاء، وكسرها لاجل الياء، كشيوخ وشييخ وتقول في الناقص: غز وغزى
__________
(1) قال في اللسان: " قال بن الاعرابي: قصعة اليربوع - بضم ففتح - أن يحفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها، ويسمى ذلك التراب الداماء، ثم يحفر حفرا آخر يقال له: النافقهاء والنفقة (بضم ففتح) والنفق (بفتحتين)، فلا ينفذها، ولكنه يحفرها حتى ترق، فإذا أخذ عليه بقاصعائه عدا إلى النافقاء فضربها برأسه ومرق منها، قال ابن برى: جحرة اليربوع سبعة: القاصعاء، والنافقاء،
والداماء، والراهطاء، والعانقاء، والحاثياء، واللغز (بضم ففتح) وهى اللغيزى أيضا " اه بتصرف (2) القنبرة، ويقال: القبرة - بضم القاف وتشديد الباء مفتوحة - وهو أفصح: ضرب من الطير يكنى الذكر منه أبا صابر وأبا الهيثم، وتكنى أنثاه أم العلعل، قال طرفة: يالك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفرى ونقرى ما شئت أن تنقري * قد ذهب الصياد عنك فابشرى (*)


ويكسر أيضا كثيرا على فعال، كزوار وغياب، وهما أصل في جمع فاعل الوصف، أعنى فعلا وفعالا ويجئ على فعلة أيضا كثيرا، لكن لا كالاولين، نحو عجزة وفسقة وكفرة وبررة وخونة وحوكة، ويقال: حاكة وباعة أيضا، كما يجئ في الاعلال وإذا كسر على فعلة في المعتل اللام يضم الفاء، لتعتدل الكلمة بالثقل في أولها والخفة بالقلب في الاخير، وقال الفراء: أصله فعل بشديد العين فاستثقل ذلك، فأبدل الهاء من أحد المثلين، وذهب المبرد إلى أنه اسم جمع كفرهة (1) وغزى (2) وليس بجمع، وذلك لعدم فعلة جمعا في غير هذا النوع
__________
(1) قال في اللسان: " فره الشئ - بالضم - يفره فراهة وفراهية، وهو فاره بين الفراهة والفروهة، إذا كان حاذقا بالشئ، وإذا كان نشيطا قويا أيضا، قال الجوهرى: فاره نادر مثل حامض، وقياسه فريه وحميض مثل صغر فهو صغير وملح فهو مليح، ويقال للبرذون والبغل والحمار: فاره بين الفروهة والفراهية والفراهة، والجمع فرهة مثل صاحب وصحبة، وفره أيضا مثل بازل
وبزل وحائل وحول.
قال ابن سيده: وأما فرهة فاسم للجمع عند سيبويه وليس بجمع، لان فاعلا ليس مما يكسر على فعلة.
قال: ولا يقال للفرس: فاره، إنما يقال في البغل والحمار والكلب وغير ذلك.
وفي التهذيب: يقال: برذون فاره وحمار فاره، إذا كانا سيورين، ولا يقال للفرس إلا جواد، ويقال له: رائع، وفي حديث جريج دابة فارهة: أي نشيطة حادة قوية " اه بتصرف.
والجمع القياسي لفاره فره مثل ركع، وفرهة مثل سكرة، وقد ذكرهما صاحب القاموس (2) اختلفت كلمة العلماء في الغزى - بفتح فكسر - فقال ابن سيده: الغزى: اسم للجمع، قال الشاعر (وهو امرؤ القيس) سريت بهم تكل غزيهم * وحتى الحياد ما يقدن بأرسان (*)


ويجمع كثيرا على فعل بضمتين، كبزل (1) وشرف (2)، تشبيها بفعول لمناسبته له في عدد الحروف ثم يخفف عند بني تميم باسكان العين، وأما الاجوف نحو عوط (3) وحول (4)، جمع عائط وحائل فيحب عند الجميع إسكان واوه للاستثقال، وأما عيط بمعنى عوط فانه من اليائى، كسر الفاء لتسلم الياء كما في بيض جمع أبيض ويكسر على فعلاء كجهلاء وشعراء، تشبيها له بفعيل نحو كريم وكرما، ففعل وفعلاء ليسا بمتمكنين في هذا الباب، بل هما للتشبيه بباب آخر كما مر وأكثر ما يجئ فعلاء في هذا الباب وغيره إذا دل على سجية مدح أو ذم
__________
ويجمع غاز على غزاء - بالمد - مثل فاسق وفساق.
قال تأبط شرا: فيوما بغزاء ويوما بسرية * ويوما بخشخاش من الرجل هيضل وعلى غزاة، مثل قاض وقضاة، وعلى الغزى، مثل راكع وركع، قال الله
تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الارض أو كانوا غزى الاية) وقال الازهرى: رجل غاز من قوم غزى مثل سابق وسبق، فجعل الغزى جمعا ونسب مثله لسيبويه " اه عن لسان العرب بتصرف (1) البزل - بضمتين -: جمع بازل، والبازل أصله الجمل إذا طلع نابه، وذلك إذا كن في السنة التاسعة، وقالوا: رجل بازل، إذا كان كاملا، على التشبيه، (2) الشرف - بضمتين -: جمع شارف، وهو من السهام العتيق، ومن النوق الهرمة المسنة، وجمع أيضا على شوارف، وعلى شرف - كركع، وعلى شروف كعدول.
(3) العوط: جمع عائط، وهى التى لم تحمل سنين من غير عقر، يقال: عاطت المرأة والناقة تعوط وتعيط، (4) الحول: جمع حائل، وهى التى حمل عليها فلم تلقح، أو التى لم تلقح سنتين أو سنوات، ويجمع أيضا على حيال.
(*)


كجهلاء وجبناء وشجعاء، ويجئ أيضا فعلاء كثيرا جمعا لفعيل بمعنى مفاعل كجلساء وحلفاء وجاء فاعل على فعلان أيضا كشبان ورعيان، تشبيها بفاعل الاسم كحجران وجاء على فعال كجياع ونيام ورعاء وصحاب، وعلى فعول كشهود وحضور وركوع، وذلك فيما جاء مصدره على فعول أيضا قوله " وأما فوارس فشاذ " قد ذكرنا أن ذلك لغلبته وإذا كان فاعل وصفا لغير العقلاء جاز جمعه على فواعل قياسا، لالحاقهم
غير العقلاء بالمؤنث في الجمع، كما مر في شرح الكافية في باب التذكير والتأنيث، فيقال جمال بوازل، وأيام مواض وإذا كان في فاعل الوصف تاء ظاهرة كضاربة أو مقدرة كحائض فقياسه فواعل وفعل بحذف التاء.
قال " المؤنث بالالف رابعة: نحو أنثى على إناث، ونحو صحراء على صحارى، والصفة نحو عطشى على عطاش، ونحو حرمى على حرامي، ونحو بطحاء على بطاح، ونحو عشراء على عشار، وفعلى أفعل كالصغرى على الصغر، وبالالف خامسة نحو حبارى على حباريات " أقول: اعلم أن ألف التأنيث الممدودة أو المقصورة إما أن تكون رابعة، أو فوقها، فما ألفه رابعة: إذا لم يكن فعلى أفعل، ولا فعلاء أفعل، يطرد جمعه بالالف والتاء، ويجوز أيضا جمعه مكسرا، لكن غير مطرد، وتكسيره على ضربين: الاول أن يجمع الجمع الاقصى، وذلك إذا اعتد بالالف لكون وضعها على اللزوم، فيقال في المقصورة فعال وفعالى في الاسم كدعاو ودعاوى، وفي الصفة فعالى بالالف لا غير كحبالى وخنائي، والالف في فعالى مبدلة من الياء على ما يجئ،


ويقال في الممدودة فعالي بالالف المبدلة وفعال كجوار في الاحوال الثلاث، ويجوز فعالى قليلا، وهو الاصل كما يجئ بيانه، والثاني: أن يجمع على فعال كإناث وعطاش، وبطاح وعشار، في أنثى وعطشى وبطحاء وعشراء (1)، وإنما يجئ هذا الجمع فيما لا يجئ فيه الجمع الاقصى، فلما قالوا إناث لم يقولو أناثى، ولما قالوا خنائى لم يقولوا خناث (2)، وكان الاصل في هذا الباب الجمع الاقصى اعتدادا بألف التأنيث للزومها، فتجعل كلام الكلمة، وأما حذفها في الجمع على فعال فنظرا إلى كون الالف علامة للتأنيث فيكون كالتاء فيجمع الكلمة بعد إسقاطه
كما في التاء، فيجعل نحو عطشى وبطحاء (3) وأنثى كقصعة وبرمة، فيكون عطاش وبطاح وإناث كقصاع وبرام، وإنما اختير هذا من بين سائر جموع فعلة وفعلة لكونه أشبه بفعالى الذى هو الاصل كما تقرر، وحمل نحو نفساء وعشراء على فعلى فجمعا على فعال وإن لم يكسر فعلة بضم الفاء وفتح العين على فعال، لما قلنا من مناسبته لفعالى التى هي الاصل في مثله لما ذكرنا، ولم يجمع نحو نفساء الجمع الاقصى كما جمع الساكن العين لكون الالف كالخامسة بسبب حركة العين.
كما عرفت في النسب في نحو حبارى (4) وجمزى (5)
__________
(1) العشراء من النوق: التى أتى على حملها عشرة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: هي كالنفساء من النساء.
(2) حكي صاحب القاموس أنه قد قيل: أناثى أيضا في جمع الانثى كما حكى في اللسان أن خنثى جمع على خناث كاناث - وأنشد شاهدا لذلك قول الشاعر: لعمرك ما الخناث بنو قشير * بنسوان يلدن ولا رجال ولعل العذر للمؤنث في نفيه أن الجوهري لم يذكره في صحاحه (3) البطحاء والابطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى (4) انظر (ص 36 ه 5 من هذا الجزء) (5) جمزى: ضرب من السير دون الجرى الشديد.
انظر (ص 39 من هذا الجزء) (*)


ولم يسمع بجمع فعلى كأربى (1) وشعبى (2) ولا فعلى كالمرطى (3) والدقرى (4) ولا فعلاء كالثأداء (5)، لا على صيغة الاقصى ولا على فعال، ولو كسرت فالقياس فعال كما ذكرنا في نحو نفساء، مع أن الاولى جمع الجميع
بالالف والتاء، وإنما وجب في الوصف الذى ألفه مقصورة قلب الياء في الجمع ألفا دون الاسم كما ذكرنا لان الوصف أثقل من الاسم من حيث المعنى فالتخفيف به أنسب، والالف في الاسم أيضا أكثر من الياء (6)، والدليل على أن ألف فعالى في الاصل ياء أنا لو سمينا بحبالي وصغرناه لم نفعل به ما فعلنا بحبارى، وذلك أنا جوزنا هناك حبيرى وحبيرا، كما بين في باب التصغير، بل يجب ههنا أن نقول: " حبيل " بحذف الالف المتوسطة كما نقول في تصغير جوار ومساجد علمين: جوير ومسيجد، وإنما فروا في هذه الجموع من الياء إلى الالف بخلاف نحو جواء في جائية، تطبيقا للجمع بالواحد في الموضعين، أعنى حبالى وجواء، فرقا بين ألف التأنيث وغيره: من الالف المنقلبة كما في مهلى، وألف الالحاق كما في
__________
(1) الاربى - بضم الهمزة وفتح الراء -: اسم للداهية (2) شعبى - بضم ففتح وآخره ألف مقصورة -: اسم موضع بعينه في جبل طئ، قال جرير يهجو العباس بن زيد الكندي أعبدا حل في شعبي غريبا * ألؤما لا أبالك واغترابا (3) المرطى - بفتحات -: أصله ضرب من العدو فوق التقريب ودون الاهذاب، وقد يوصف به، فيقال: فرس مرطى، وناقة مرطى، إذا كانت سريعة.
(4) الدقرى: الروضة الحسناء العميمة النبات (5) التأداء: المرأة الحمقاء، وقيل: الامة، قال الكميت: وما كنا بنى ثأداء لما * شفينا بالاسنة كل وتر (6) يريد أن قبل الياء ألفا في الاسم أكثر من بقائها، مع جواز الوجهين.
(*)


أرطى (1)، وهذا كما يجئ في باب الاعلال من تطبيق الجمع بالمفرد، نحو
شائية وشواء وإداوة (2) وأداوى، بخلاف برية وبرايا، لما كان الالف في شائية وإداوة ثابتة كما في الجمع بخلاف برية، هذا، وقد جاء في بعض ما آخره ألف منقلبة ما جاء في ألف التأنيث من قلب الياء ألفا تشبيها له به، وذلك نحو مدرى ومدار (3) ومدارى، بالالف، وذلك ليس بمطرد، وقال السيرافى: هو مطرد، سواء كان الالف في المفرد منقلبة أو للالحاق، وإن كان الاصل إبقاء الياء، فتقول على هذا في ملهى: ملاه وملاهي، وفي أرطى: أراط وأراطى، وقال: إنه لا يقع فيه إشكال، والاولى الوقوف على ما سمع وأما ذو الممدودة الرابعة فانه جاء فيه ثلاثة أوجه مع أن الاكثر فيه فعالى بالالف، وذلك لانك تقلب في الجمع الاقصى ألفه التى قبل الهمزة ياء لاجل كسرة ما قبلها كما في مصابيح فترجع الهمزة إلى أصلها من الالف، وذلك لانها في الاصل ألف تأنيث عند سيبويه كما في حبلى زيدت قبلها ألف إذ صارت باللزوم كلام الكلمة كما زيدت في كتاب وحمار فاجتمع ألفان فحركت الثانية دون الاولى، لانها للمد كما في حمار، ولم تحذف الاولى للساكنين خوفا من نقض الغرض، ولم تقلب الثانية عند الاحتياج إلى تحريكها واوا ولا ياء مع أن انقلاب حروف العلة بعضها إلى بعض أكثر، لشدة تناسبها بالوصف مع تباينها في المخارج، وذلك لان الواو والياء في مثل هذا الموضع تقلبان ألفا كما في كساء ورداء، فلم يبق بعد الواو والياء حرف أنسب إلى الالف من الهمزة لكونهما من الحلق، فلما انقلبت الالف قبلها ياء رجعت الهمزة إلى أصلها من الالف لزوال موجب انقلابها همزة،
__________
(1) أرطى: انظر (ج 1 ص 57) (2) إداوة: انظر (ج 1 ص 31) (3) مدرى: انظر (ج 2 ص 40) (*)


أعنى الالف، ثم انقلبت ياء لان انقلاب حروف العلة بعضها إلى بعض أولى كما يجئ في باب الاغلال ثم أدغمت الياء في الياء، فيجوز على قلة استعمال هذا الاصل، قال: * لقد أغدو على أشق * ر يغتال الصحاريا * (1) والاكثر أن يحذف الياء الاولى لاستثقال الياء المشددة في آخر الجمع الاقصى، ولا سيما إذا لم تكن في الواحد حتى تحتمل في الجمع للمطابقة كما في كرسى وكراسي، وأيضا الحذف في مثله تسبب إلى جعل الياء ألفا كما كان، وإذا كانوا يحذفون المد من نحو الكرابيس (2) والقراقير (3) فيقولون: الكرابس والقراقر فما ظنك به مع الياءين ؟ ألا ترى إلى قولهم أثاف (4) وعوار وكراس
__________
(1) قد تقدم شرح هذا البيت في (ج 1 ص 194) (2) الكرابيس: جمع كرباس - بكسر الكاف - وهو ثوب من القطن أبيض معرب فارسيته بالفتح، غيروه لغزه فعلال (3) القراقير: جمع قرقور - كعصفور - وهو السفينة مطلقا، أو الطويلة خاصة أو العظيمة (4) الاثافي - بتخفيف الياء - جمع أثفية - بضم الهمزة وسكون الثاء بعدها فاء مكسورة فياء مشددة وقد تخفف - وهي حجر يوضع عليه القدر، وهي ثلاثة أحجار، وبعض العرب يقول: أثفيت القدر - مثل أكرمت، وبعضهم يقول: ثفيت - بتضعيف الوسط، وبعضهم يقول: أثفت - بتشديد الثاء، وبعضهم يقول: أثفت على أفعل، كل ذلك يقولونه في معنى نصبت لها الحجارة لتضعها عليها، وتقول على الاول: قدر مثفاة، وربما قالوا مؤثفاة على الاصل كما قال خطام المجاشعى: * وصاليات ككما يؤثفين * (انظر ج 1 ص 139)
وتقول على الثاني: قدر مثفاة - بتشديدين عين الكلمة - وأصله مثفية - (*)


في أثافى وعوارى وكراسى، فيبقى إذن صحار كجوار سواء في جميع أحوالها، والاولى بعد الانتقال إلى هذا الحال الانتقال إلى درجة ثالثة، وهى قلب الياء ألفا لصيرورته كدعاو، بسقوط المد الذي كان قبل ألف التأنيث، فتقول: صحارى وعذارى وصلافى (1)، ولا يجوز هذا في ألف الالحاق، لا تقول في حرباء: حرابي (2)، بل يب في مثله حرابي، مشددا أو مخففا، وذلك لان جعلها ألفا إنما كان لتصير الياء ألفا كما كان، وألف التأنيث أولى بالمحافظة عليها لكونه علامة، من ألف الالحاق، وأناسى جمع إنسى ككراسي جمع كرسى، وقيل: هو جمع إنسان، قلبت نونه يا كظرابى جمع ظربان وقد ألحق بباب صحارى وإن لم يكن في المفرد ألف التأنيث لفظان، وهما
__________
كمقتلة - قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقول على الثالث: قدر مؤثفة - بتشديد الثاء، وتقول على الرابع: قدر مؤثفة - كمكرمة: فوزن " أثفية " في لغة من قال: ثفيت - أفعولة، وفى لغة الباقين:: فعلية، وأصلها على كل حال أثفوية، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت اليا في اليا ثم كسر ما قبلها لمناسبتها (1) الصلافي: جمع صلفاء، وهي الارض الغليظة الشديدة، وقد ذكر في القاموس أنه يقال في جمعه: صلافى - بكسر ما قبل آخره - (2) الحرباء: مسمار الدرع، وقيل: هو رأس المسمار في حلقة الدرع، قال لبيد: أحكم الجنثى من عوراتها * كل حرباء إذا أكره صل والحرباء أيضا: الظهر، والحرباء أيضا: الذكر من أم حبين، وقيل:
هو دويبة نحو العظاءة (أنظر ص 55 من هذا الجزء) (*)


بخاتى (1) ومهارى (2)، فجوز فيهما الاوجه الثلاثة، والتشديد أولى، ولا يقاس عليهما، فلا يقال في أثفية وعارية: أثافى وعوارى (3) بالالف، وألحق
__________
(1) البخاتى: جمع بختى - ككرسي - قال في اللسان: " البخت والبختية دخيل في العربية أعجمى معرب، وهى الابل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج، وبعضهم يقول: إن البخت عربي، وينشد لابن قيس الرقيات يمدح مصعب بن الزبير: ن يعش معصب فإنا بخير * قد أتانا من عيشنا ما نرجى يهب الالف والخيول ويسقى * لبن البخت في قصاع الخلنج الواحد بختى، جمل بختى وناقة بختية، وفي الحديث " فأتى بسارق قد سرق بختية "، البختية: الانثى من الجمال البخت، وهى جمال طوال الاعناق، ويجمع على بخت وبخات، وقيل: الجمع بخاتى (بياء مشددة) غير مصروف، ولك أن تخفف الياء فتقول: البخاتى (بكسر التاء) وقيل في جمعها: بخاتى (بفتح التاء) اه بتصرف (2) المهارى - بزنة الصحارى، ويقال: مهارى بزنة الكراسي، ومهار - كجوار -: جمع مهرية، وهى الابل المنسوبة إلى مهرة - بفتح فسكون، وقد قيل: مهرة قبيلد أبوها مهرة بن حيدان، وقيل: مهرة مخلاف في اليمن (أنظر ج 1 ص 256) (3) العواري - بشديد الياء، وقد تخفف -: جمع عارية - مشددة أو مخففة - وهى اسم للشئ تستعيره من غيرك، وكأن العارية - بالتشديد - منسوبة إلى العار لكونها مما يجلبه، قال في اللسان: " الازهري: وأما العارية والاعارة
والاستعارة فان قول العرب فيها: هم يتعاورون العوارى، ويتعورونها - بالواو المشددة - كأنهم أرادوا تفرقة بين ما يتردد من ذات نفسه وبين ما يردد، قال: والعارية منسوبة إلى العارة، وهو اسم من الاعارة، تقول: أعدته الشئ أعيره إعارة وعارة، كما قالوا: أطعته إطاعة وطاعة، وأجبته إجابة وجابة، قال: وهذا كثير في ذوات الثلاث: منها العارة والدارة والطاقة وما أشبهها، ويقال: استعرت (*)


بنحو فتاو وفتاوى لفظ واحد من المنقوص، وهو قولهم: جمل معى وناقة معيية وجمال أو نوق معاى (1) ومعايا وإنما أبقيت المقصورة الرابعة في التصغير بحالها نحو حبيلى وقلبت في الجمع الاقصى ياء ثم ألفا، لان بنية التصغير تم قبل الالف بخلاف بنية الجمع الاقصى، ولذلك قيل في التصغير: أنيعام، وفي التكسير: أناعيم، لان بعض أبنية التصغير تم قبل الالف وهو فعيل، فجاز المحافظة على الالف التي هي علامة الجمع، بخلاف بناء الجمع الاقصى فلم يكن بد من قلب الالف فيه وإن كانت ألف التأنيث خامسة فالممدودة يجوز جمع ما هي فيه بالالف والتاء، ويجوز أن تحذف ويجمع الاسم أقصى الجموع، كقواصع وخنافس في قاصعاء (2) وخنفساء، وكذا قرائث وبرائك وجلائل في قربثاء (3) وبراكاء (4) وجلولاء (5) وأما المقصورة كحبارى فقال سيبويه: لا يجمع ما هي فيه إلا بالالف والتاء، إذ لو قالوا حبائر وحبارى كما قيل في التصغير حبير وحبيرى، لالتبس حبائر بجمع فعالة ونحوها، وحبارى بجمع فعلى وفعلاء، وفي التعليل نظر، لان حبيرا في التصغير يلتبس بنحو حمير.
وقواصع في الجمع يلتبس بجمع فاعلة، ولم يبال
__________
منه عارية فأعارينها، قال الجوهري: العارية بالتشديد كأنها منسوبة إلى العار،
لان طلبها عار وعيب " اه (1) معاى: جمع معى، وهو اسم فاعل من أعيا إذا كل وتعب (أنظر ص 147 من هذا الجزء) (2) أنظر (ص 155 من هذا الجزء) (3) أنظر (ح 1 ص 248) (4) أنظر (ح 1 ص 248) (5) أنظر (ح 1 ص 248) وانظر (ص 58 من هذا الجزء) (*)


في الوضعين، فنقول: السماع كما ذهب إليه سيبويه، لكن لايمنع القياس - كما ذكر المالكى - أن يقال في نحو حبارى حبائر وحبارى، كما في التصغير، وكذا لا يمنع القياس أن يقال في جمع عرضى (1) عراضن، وإنما لم يجز في نحو قريثاء وبراكاء وجلولاء حذف المد المتوسط كما جاز مع المقصورة لان المقصورة أشد اتصالا بالكلمة لكونها ساكنة على حرف واحد، والممدودة على حرفين ثانيهما متحرك، وذلك قيل عريضن في تصغير عرضنى بحذف الالف لكونها كاللام، وخنيفساء لكون الالف كالكلمة المنفصلة كما في نحو بعلبك، وإنما لم يجز خنافساء وزعافران كما جاز خنيفساء وزعيفران للثقل المعنوي في الجمع، فصار التخفيف اللفظى به أليق، فلا يكاد يجئ بعد بنية أقصى الجموع إلا ما هو ظاهر الانفكاك، كتاء التأنيث في نحو ملائكة وأن كانت الالف فوق الخامسة كما في حولايا (2) فالحذف لا غير، نحو حوال وأما فعلى أفعل وفعلاء أفعل فلم يجمعا أقصى الجموع، فرقا بينهما وبين نحو أنثى وصحراء.
ولما كانا أكثر من غيرهما طلب تخفيفهما فاقتصر في فعلاء على فعل إتباعا لمذكره، نحو أحمر وحمراء وحمر، وفي الفعلى على الفعل تشبيها لالفه بالتاء، فالكبر في الكبرى كالغرف في الغرفة، والفعل في الفعلى غير فعلى أفعل شاذ، كالرؤى في الرؤيا، خلافا للفراء وكان حق ربى (3) أن يجمع على رباب - بكسر الراء - لكنه قيل: رباب
__________
(1) أنظر (ح 1 ص 245) (2) أنظر (ح 1 ص 246، 249) (3) ربى - كحبلى -: هي الشاة إذا ولدت، وإذا مات ولدها أيضا، والحديثة النتاج، والاحسان، والنعمة، والحاجة، والعقدة المحكمة (*)


بالضم، وليس بجمع، بل هو اسم جمع كرخال (1) وتؤام (2) وأرى أن صحراء (في الاصل فعلاء أفعل، كأن أصله أرض صحراء: أي في أولها صحرة، كما تقول: حمار أصحر، وأتان صحراء) (3) فتوغل في باب الاسمية، فلم يجمع على فعل، بل على فعال، وكذا البطحاء أصله باب حمراء، ألا ترى إلى قولهم: الابطح، فغلبت الاسمية عليهما حتى لا يعتبر الوصف الاصلى في أبطح، كما اعتبر في أسود وأرقم (4)، بل يصرف، وحتى لم يجمعا على البطح، بل جمع الابطح على الاباطح والبطحاء على البطاح، وكذا حرمى في الاصل من باب عطشى، أعنى فعلى فعلان، من " حرمت النعجة " إذا اشتهت البضاع، فلو لم يمنع المعنى مجئ فعلان منه لكنت تقول حرمان وحرمى وإنما جمع فعلان كسكران على فعالى، تشبيها للالف والنون بالالف الممدودة، فسكران وسكارى كصحراء وصحارى
__________
(1) رخال - كغراب -: اسم جمع واحده رخل - بكسر فسكون - وهي
الانثى من ولد الضأن، وقد جمع على أرخل - كأرجل، ورخال - كقداح، (2) التؤام - كغراب -: اسم جمع واحده توءم، وهو الذى يولد مع غيره في بطن، من الاثنين فأكثر، وجمع التؤام توائم.
قال في اللسان: " قال الازهري: ومثل تؤام غنم رباب وإبل ظؤار، وهو من الجمع العزيز " اه (3) هذه العبارة في النسخ الخطية، والموجودة في المطبوعات " وأرى أن صحرء من باب حمراء فتوغل الخ " (4) الاسود: العظيم من الحيات وفيه سواد، وأصله وصف فسمى به، ويقال لانثاه: أسودة، نظرا لما طرأ من الاسمية، ويجمع الاسود على أساود، نظرا لذلك، وربما قيل: أساويد، باشباع الكسرة، وتجمع الاسودة على أسودات أيضا.
والارقم: أخبث الحيات وفيه سواد وبياض، وأصله وصف فسمى به أيضا (*)


قال: " وأفعل: الاسم كيف تصرف نحو أحدل وإصبع وأحوص، على أجادل وأصابع وأحاوص، وقولهم حوص للمح الوصفية الاصلية، والصفة نحو أحمر على حمران وحمر، ولا يقال أحمرون لتميزه عن أفعل التفضيل، ولا حمراوات لانه فرعه، وجاء الخضراوات لغلبته اسما، ونحو الافضل على الافاضل والافضلين " أقول: قوله " كيف تصرف " أي: تصرف حركة همزته وعينه قوله " أحاوص (1) " جمع أحوص، وأحوص في الاصل من باب أحمر حمراء، فجمعه فعل، ولكن لما جعل أفعل فعلاء اسما جاز جمعه على أفاعل كأفعل الاسمى، وجاز جمعه على فعل نظرا إلى الاصل، وعلى أفعلون إذا كان علما للعاقل، وعلى أفعلات إذا كان علما للمؤنث
قوله " والصفة نحو أحمر على حمران وحمر " الوصف إما أن يكون (على) أفعل فعلاء، وأفعل فعلى، والاول أظهر في باب الوصف، لصحة تقديره بالفعل، نحو " مررت برجل أحمر " أي برجل أحر، وليس لافعل التفضيل فعل منه بمعناه، كما مر في بابه، ولهذا لا يرفع الظاهر إلا بشروط، ولضعف معنى الوصفية في أفعل التفضيل لا خلاف في صرفه إذا نكر بعد التسمية، كما اختلف في نحو أحمر إذا نكر
__________
(1) أصل الاحوص: الذى به الحوص - بفتح الحاء والواو - وهو ضيق في مؤخر العين، وبابه حول، وسمي بالاحوص جماعة: منهم الا حوض بن جعفر ابن كلاب، وجمعوا على الاحاوص، نظرا لما عرض من الاسمية، وقد قيل: أحاوصة - بزيادة التاء عوضا عن ياء النسب كالاشاعرة والمهالبة.
كأنه جعل كل واحد أحوصيا - وجمعوا أيضا على الحوص، نظرا إلى الاصل، وقد جمع الاعشى بين الجمعين في قوله: أتانى وعيد الحوص من آل جعفر * فيا عبد عمرو لو نهيت الاحاوصا (*)


بعد العلمية (1) والمطرد في تكسير أفعل فعلاء وفي مؤنثه فعل، ولا يضم عينه إلا
__________
(1) جاء في الكافية وشرحها متعلقا بهذا قول ابن الحاجب: (ح 1 ص 60) " وخالف سيبويه الاخفش في مثل أحمد علما ثم ينكر اعتبارا للصفة بعد التنكير، ولا يلزمه باب حاتم، لما يلزم من إيهام اعتبار متضادين في حكم واحد " وقول الرضى في شرح هذا الكلام: قوله " ولا يلزمه باب حاتم " هذا جواب عن إلزام الاخفش لسيبويه في اعتبار الصفة بعد زوالها، وتقريره أن الوصف الاصلى لو جاز اعتباره بعد زواله لكان باب حاتم غير منصرف للعلمية الحالية والوصف الاصلى فأجاب المصنف عن سيبويه بأن هذا الالزام لا يلزمه، لان في حاتم ما يمنع من اعتبار ذلك الوصف الزائد، بخلاف أحمر المنكر، وذلك المانع اجتماع
المتضادين وهما الوصف والعلمية، إذ الوصف يقتضى العموم والعلمية الخصوص، وبين العموم والخصوص تناف.
قوله " في حكم واحد " يعنى في الحكم بمنع الصرف، لانك تحتاج في هذا الحكم إلى اجتماع سببين فتكون قد جمعت المتضادين، في حالة واحدة، ولو لم يكن اعتبار المتضادين في حكم واحد جاز، إذ لا يلزم اجتماعهما في حالة واحدة، كما إذا حكمنا بجمع أحمر على حمر لان أصله صفه وعلى أحامر لاجل العلمية فقد حصل في هذه اللفظة متضادان لكن بحكمين، فلم يجتمعا في حالة، فإذا نكر أحمر فانه يصح اعتبار الوصف، وليس معنى الاعتبار أنه يرجع معنى الصفة الاصلية حتى يكون معنى رب أحمر رب شخص فيه معنى الحمرة، بل معنى رب أحمر رب شخص مسمى بهذا اللفظ سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر فمعنى اعتبار الوصف الاصلى بعد التنكير أنه كالثابت مع زواله، لكونه أصليا، وزوال ما يضاده وهو العلمية، فصار اللفظ بحيث لو أراد مريد إثبات معنى الوصف الاصلى فيه لجاز بالنظر إلى اللفظ، لزوال المانع، هذا، والحق أن اعتبار ما زال بالكلية ولم يبق منه شئ خلاف الاصل إذ المعدوم من كل وجه لا يؤثر بمجرد تقدير كونه موجودا، فالاولى أن يقال: إن اعتبر معنى الوصف الاصلى في حال التسمية كما لو سمى مثلا بأحمر من فيه حمرة وقصد ذلك ثم نكر جاز اعتبار الوصف بعد التنكير لبقائه في حال العلمية أيضا، لكنه لم يعتبر فيها، لان المقصود الاهم في وضع الاعلام المنقولة غير ما وضعت له لغة، ولذلك تراها في الاغلب مجردة (*)


لضرورة الشعر، ويجئ فعلان أيضا كثيرا كسودان وبيضان قوله: " ولا يقال أحمرون لتميزه عن أفعل التفضيل " قد ذكرنا علة امتناعه من جمع التصحيح في شرح الكافية (1) ويجوز أفعلون وفعلاوات لضرورة الشعر.
قال:
__________
عن المعنى الاصلى كزيد وعمرو، وقليلا ما يلمح ذلك، وإن كان لم يعتبر في وضع العلم الوصف الاصلى بل قطع النظر عنه بالكلية كما لو سمي بأحمر أسود أو أشقر لم يعتبر بعد التنكير أيضا، وقال الاخفش في كتاب الاوسط: إن خلافه في نحو أحمر إنما هو في مقتضى القياس، وأما السماع فهو على منع الصرف، هذا كله في أفعل فعلاء، وكذا فعلان فعلى، وأما أفضل التفضيل نحو أعلم، فانك إذا سميت به ثم نكرته: فان كان مجردا من من التفضيلية انصرف إجماعا، ولا يعتبر فيه سيبويه الوصف الاصلى كما اعتبر في نحو أحمر، وإن كان مع من لم يصرف إجماعا بلا خلاف من الاخفش كما كان في أحمر أما الاول فلضعف أفعل التفضيل في معنى الوصف ولذا لا يعمل في الظاهر كما يعمل أفعل فعلاء، فإذا تجرد من من التبس بأفعل الاسمى الذى لا معنى للوصف فيه كأفكل وأيدع، ولا يظهر فيه معنى الوصف، وأما أفعل فعلاء، فلثبوت عمله في الظاهر قبل العلمية وإشعار لفظه بالالوان والخلق الظاهرة في الوصف يكفى في بيان كونه موضوعا صفة، فإذا اتصل أفعل بمن فقد تميز عن نحو أفكل وظهر فيه معنى التفضيل الذى هو وصف وأما الثاني: فانما رافق الاخفش سيبويه في منع الصرف مع من لظهور وصفه إذن كما ذكرنا، ولكون من مع مجروره كالمضاف إليه، ومن تمام افعل التفضيل من حيث المعني الوضعي، فلو نون لكان الثاني متصلا منفصلا، لان التنوين يشعر بالانفصال بسبب وجود علامته للوصف أعنى من، بخلاف باب أحمر لعريه عن العلامة الدالة على الوصف " اه (1) قال في شرح الكافية (ج 2 ص 169): " وأما الخاص من شروط الجمع بالواو والنون فشيئان: العلمية، وقبول تاء التأنيث، أما العلمية فمختصة بالاسماء، وأما قبول التاء فمختص بالصفات، فلم يجمع هذا الجمع أفعل فعلاء (*)


64 - فما وجدت بنات بنى نزار * خلائل أسودين وأحمرينا (1)
__________
وفعلان فعلى وما يستوى مذكره ومؤنثه كما ذكرنا في باب التذكير والتأنيث وإنما اعتبر في الصفات قبول التاء لان الغالب في الصفات أن يفرق بين مذكرها ومؤنثها بالتاء لتأديتها معنى الفعل، والفعل يفرق بينهما فيه بالتاء، نحو الرجل قام والمرأة قامت، وكذا في المضارع التاء وإن كان في الاول نحو تقوم، والغالب في الاسماء الجوامد أن يفرق بين مذكرها ومؤنثها بوضع صيغة مخصوصة لكل منهما كعير وأتان، وجمل وناقة، وحصان وحجراء، ويستوى مذكرها ومؤنثها كبشر وفرس، هذا هو الغالب في الموضعين، وقد جاء العمس أيضا في كليهما نحو أحمر وحمراء والافضل والفضلي وسكران وسكرى في الصفات، وكامرئ وامرأة ورجل ورجلة في الاسماء، فكل صفة لا يلحقها التاء فكأنها من قبيل الاسماء، فلذا لم يجمع هذا الجمع أفعل فعلاء وفعلان فعلى، وأجاز ابن كيسان أحمرون وسكرانون، واستدل بقوله: فما وجدت بنات بنى نزار * حلائل أسودين وأحمرينا وهو عند غيره شاذ، وأجاز أيضا حمراوات وسكريات، بناء على تصحيح جمع المذكر، والاصل ممنوع فكذا الفرع " (1) هذا البيت من قصيدة لحكيم الاعور بن عياش أحد شعراء الشام يهجو بها مضر وخص من بينهم الكميت بن زيد الاسدي وامرأته، و " بنات " فاعل وجدت، و " حلائل " جمع حليل - بالحاء المهملة - وهو الزوج، ويقال للزوجة: حليلة، وسميا بذلك لان كل واحد منهما يحل للاخر أو يحل منه محلا لا يحل فيه سواه، وهو مفعول " وجدت "، و " أسودين " جمع أسود، و " أحمرين " جمع أحمر، وهما صفتان لحلائل، والاستشهاد بالبيت في
قوله " أسودين وأحمرين " حيث جمع أسود وأحمر جمع المذكر السالم بالواو والنون وهو عند ابن كيسان مما يسوغ القياس عليه، وعند عامة النحاة أن القياس على ذلك لا يجوز وأنه خاص بضرورة الشعر (*)


وأجاز ذلك ابن كيسان اختيارا قوله " وجاء الخضراوات لغلبته اسما " غلب الخضراوات في النباتات التي تؤكل رطبة، فكما يجوز جمع فعلاء بالالف والتاء مع العلمية لزوال الوصف جاز مع الغلبة لان الغلبة تقلل معنى الوصفية أيضا، ويجوز في نحو أرمل (1) وأرملة أرملون وأرملات، لانه مثل ضاربون وضاربات قال: " ونحو شيطان وسلطان وسرحان على شياطين وسلاطين وسراحين، وجاء سراح، الصفة نحو غضبان على غضاب وسكارى، وقد ضمت أربعة كسالى وسكارى وعجالى وغيارى ".
أقول: كل اسم على فعلان مثلث الفاء ساكن العين كان أو متحركه، كورشان (2) والسبعان (3) والظربان (4)، يجمع على فعالين، إلا أن يكون علما مرتجلا، كسلمان وعثمان وعفان وحمدان وعطفان، وذلك لان التكسير في المترتجل مستغرب، بخلافه في المنقول، إذ له عهد بالتكسير، ولا سيما إذا كان في المرتجل ما ينبغي أن يحافظ عليه من الالف والنون لشبهه بألف التأنيث.
كما مر في التصغير، وإنما تصرف في ألف نحو صحراء بالقلب حين قالوا " صحار " مع كونها أصلا للالف والنون للضرورة الملجئة إليه لما قصدوا بناء الجمع الاقصى لخلوه من الاستغراب المذكور، ألا ترى أنه قيل في التصغير " صحيراء " لما لم
__________
(1) الارمل: الرجل العزب، والمحتاج المسكين، والانثى أرملة - بالتاء قيل: الارمل خاص بالنساء، وليس بشئ فقد قال جرير: هذى الارامل قد قضيت حاجتها * فمن لحاجة هذا الارمل الذكر
(2) الورشان: طائر شبه الحمامة (انظر ج 1 ص 199) (3) السبعان: اسم مكان بعينه (انظر ج 1 ص 198) (4) الظربان: دويبة منتنة الريح (انظر ج 1 ص 198) وانظر أيضا (ص 97 من هذا الجزء) (*)


يكن مثل تلك الضرورة لتمام بناء فعيل الالف، فلهذا قالوا " ظريبان " في التصغير، و " ظرابين " في الجمع، وللمحافظة على االالف والنون في المرتجل قالوا في تصغير سلمان " سليمان " وفي تصغير سلطان " سليطين ".
واعلم أنهم قالوا في جمع ظربان " ظربى " أيضا كحجلى في جمع حجل، ولم يأت في كلامهم مكسر على هذا الوزن غيرهما، وإنما جاء في سرحان (1) وضبعان (2) سراح وضباع تشبيها بغرثان وغراث.
قوله " الصفة " اعلم أن الوصف إذا كان على فعلان بفتح الفاء سواء كان له فعلى، كسكران وسكرى، أو لم يكن، كندمان وندمامة، جاز جمعه وجمع مؤنثه على فعالى، وكذا فعال، لمشابهة فعلان لفعلاء بالزيادتين والوصف، وليس شئ من الجمعين مطردا، لا في فعلان فعلى ولا في فعلان فعلانة، وقد يجمع في فعلان فعلانة بينهما كندامى وندام، ومع ألف التأنيث لم يجمع بينهما كما ذكرنا فقيل بطاح دون بطاحى، وصحارى دون صحار، بالكسر.
وإذا كان صفة على فعلان بالضم كعريان وخمصان (3)، لم تجمع على فعالى، لان فعلاء بسكون العين لم يجئ مؤنثا حتى يشبه فعلان به، فقالوا في خمصان وخمصانة " خماص " تشبيها بغرثان وغراث (4)، وقال بعض العرب
__________
(1) السرحان: الذئب (انظر ح 1 ص 201) (2) الضبعان - بكسر فسكون - الذكر من الضباع، والانثى ضبع - كعضد -
وضبعانة - كسرحانه - وضبعة، وقيل: لا يقال: ضبعة، وجمع الضبع أضبع وضباع، وجمع الضبعان ضباعين وضبعانات (3) الخمصان - بضم فسكون -: الضامر البطن، وهى خمصانة - بالتاء - قال الراجز: أعجب بشرا حور في عيني * وساعد أبيض كاللجين ودونه مسرح طرف العين * خمصانة ترفل في حجلين (4) الغرثان: الجائع أيسر الجوع، ويقال: هو الجائع أشد الجوع، (*)


" خمصانون وخمصانات " نظرا إلى أنه لا يستوى مذكره ومؤنثه، وكذا قالوا " ندمانون وندمانات ".
وأما فعلان فعلى فلا يجمع جمع السلامة إلا لضرورة الشعر، كما قلنا في أفعل فعلاء، وقد مضى هذا كله في شرح الكافية (1).
ولم يجئ في عريان عراء، اكتفاء بعراة جمع عار، لان العريان والعارى بمعنى واحد، فاكتفى أحدهما عن جمع الاخر.
وجاء الضم في جمع بعض فعلان الذي مؤنثه على فعلى خاصة، وهو في كسالى وسكارى أرجح من الفتح، وإنما ضم في جمع فعلان خاصة لكون تكسيره على أقصى الجموع خلاف الاصل، وذلك لانه إنما كسر عليه لمشابهة الالف والنون فيه لالف التأنيث، فغير أول الجمع غير القياسي عما كان ينبغي أن يكون عليه، لينبه من أول الامر على أنه مخالف للقياس، وأنبع جمع المؤنث جمع المذكر في ضم الاول وإن لم يكن مخالفا للقياس، وأوجب الضم في قدامى الطير: أي قوادم (2) ريشه، وفي أسارى، جمع قادمة وأسير، وإلزام الضم فيهما دلالة على شدة مخالفتهما لما كان ينبغي أن يكسرا عليه، ولا يجوز الضم في غير ما ذكرنا،
__________
والفعل غرث - كفرح - والانثى غرثى - كسكرى، وغرثانة - كندمانة انظر (ح 1 ص 144) وانظر (ص 120 من هذا الجزء) (1) قد نقلنا لك قريبا (ص 170) عبارته التي تعلق بهذا عن شرح الكافية (2) ريش جناح الطائر أربعة أنواع: القوادم، وهي أوائل ريش الجناح مما يلى رأسه، ثم المناكب، وهى اللاتي تليها إلى أسفل الجناح، ثم الخوافي، وهي التي بعد المناكب: ثم الاباهر، وهي التي تلى الخوافي، والاشهر أن القوادم أربع ريشات في مقدم الجناح، ويقال: عشر ريشات، وواحدة القوادم قادمة، وقد يقال في الواحدة: قدامى - مثل حبارى - ويقال قدامى للجمع أيضا فيكون مثل سكارى (*)


وقال بعض النحاة - لما رأى مخالفته لاقصى الجموع بضم الاول -: إنه اسم جمع كرباب وقوم ورهط ونفر، وليس بجمع، وقال آخرون: إن نحو عجالى ليس جمع فعلى على توفية حروفه، وعجالى بالفتح جمعه على توفية حروفه، فالاول: كقلاص في قلوص، والثانى كقلائص، حذف الزائد في عجلى فبقى عجل فجمع، وجعل ألف الجمع في الوسط وألف التأنيث في الاخير، وأما ألف عجالى بالفتح فليست للتأنيث بل منقلبة عن ياء هي ياء منقلبة عن ألف التأنيث كما تقدم، فالالف في عجالى بالضم مجلوبة للتأنيث كما في ضمنى وزمنى (1) جمع ضمن وزمن، قال السيرافي: هذا أقوى القولين، أقول: وأول الاقوال أرجح عندي قوله " وقد ضمت أربعة " لم أر أحدا حصر المضموم الاول في أربعة، بلى في المفصل أن بعض الرب يقول: كسالى، وسكارى، (وعجالى) وغيارى، بالضم، ولا تصريح فيه أيضا بالحصر، وقد ذكر في الكشاف في قوله تعالى:
(ذرية ضعاف) أنه قرئ ضعافي كسكارى وسكارى (2) قال: " وفيعل نحو ميت على أموات وجياد وأبيناء، ونحو شرابون وحسانون وفسيقون ومضروبون ومكرمون ومكرمون، استغنى فيها بالصحيح، وجاء عواوير وملاعين (وميامين) ومشائيم ومياسير ومفاطير ومناكير ومطافل ومشادن " أقول: اعلم أن فيعلا بكسر العين لا يجئ إلا في المعتل العين كسيد، وبفتحها لا يجئ إلا في الصحيح كصيقل وحيدر، إلا حرفا واحدا، قال:
__________
(1) انظ (ص 120، 121 من هذا الجزء) (2) في الكشاف (ح 1 ص 162 طبع بولاق): " قرئ ضعفاء، وضعافى، وضعافى نحو سكارى وسكارى " اه، ولم نجد رواية هذه القراءات لغيره (*)


* ما بال عينى كالشيعيب العين * (1) وهذا مذهب سيبويه، قال: ويختص بعض الاوزان ببعض الانواع كاختصاص فعلة المضمون وفاؤه بجمع الناقص، كقضاة، وفعلة بفتح الفاء في غيره ككفرة وبررة، ومذهب الفراء أن وزن ميت فعليل ككريم، والاصل مويت، أعلت عينه كما أعلت في الماضي والمضارع، فقدم وأخر، ثم قلبت الواو ياء لاجتماعهما وسكون الاولى، وطويل عنده شاذ، قال: وأما ما ليس مبنيا على فعل معل فانه لا يعل بالقلب، نحو سويق (2) وعويل (3) وحويل (4) وسيجئ الكلام فيه في باب الاعلال، وكذا قال الفراء في قضاة: إنه في الاصل مضعف العين نحو كفر، وأصله قضى، فحذف التضعيف وعوض عنه التاء كما مر قل (5)، واستدل الفراء على كون ميت في الاصل فعيلا بنحو أهوناء وأبيناء، في هين وبين، والمشهور في أفعلاء أن يكون جمع فعيل،
وقال سيبويه: إنما جمعا على أفعلاء لمناسبة فيعل لفعيل في عدد الحروف، كما حمل في سادة وجياد على فاعل نحو بررة وصيام، وفي أموات وأكياس وأقوال جمع قيل (6) مخفف قيل على فعل كحوض وأحواض، إذ كثيرا ما
__________
(1) قد سبق قولنا في شرح هذا الشاهد فانظره (ح 1 ص 150) (2) السويق: ما يتخذ من الحنطة والشعير، وهو الخمر أيضا، قال الشاعر: تكلفني سويق الكرم جرم * وما جرم ؟ وما ذاك السويق ؟ (3) العويل: البكاء مع رفع الصوت، وقد أعول الرجل وأعولت المرأة إعوالا، وعول - بالتضعيف - أيضا (4) الحويل: الشاهد، وهو الكفيل أيضا.
(5) انظر (ص 156 من هذا الجزء) (6) القيل: الملك، أو هو خاص بملوك حمير، وهو عندهم خاص بما دون (*)


يخفف فيعل بحذف العين فيصير كفعل في الحركة والسكون، وكذا نحو ميت وسيد ولين وهين، ومن قال في جمع قيل أقيال فقد حمله على لفظه، والاول أكثر.
وأصل فيعل أن يجمع جمع السلامة: في المذكر بالواو والنون، وفي المؤنث بالالف والتاء، وكذا إذا خفف بحذف العين، نحو الميتون والميتات، ويجمع المذكر والمؤنث منه على أفعال كأموات في جمع ميت وميتة، كما قيل أحياء في جمع حي وحية، وهذا كما يقال: أنقاض في جمع نقض (1) ونقضة، وأنضاء في جمع نضوة (2) ونضوة.
وجاء ريض (3) للمذكر والمؤنث سواء، حملا على فعيل بمعنى مفعول، لانها في معنى مروضة.
__________
الملى الاعلى، وأصله قيل - بتشديد الياء كسيد - فخفف بحذف إحدى الياءين،
وأصل اشتقاقه من القول.
سمى بذلك لانه يقول ما يشاء فينفذ ما يقول، ويجمع على أقوال نظر إلى أصله، وعلى أقيال نظرا إلى لفظه، وعلى مقاول ومقاولة وكأنهم في هذين جمعوا مقولا لكونه بمعناه.
قال لبيد: لها غلل من رازق وكرسف * بأيمان عجم ينصفون المقاولا وقال الاعشى: ثم دانت بعد الرباب وكانت * كعذاب عقوبة الاقوال (1) النقض: المنقوض من غزل أو بناء أو غيرهما، والمهزول بسبب السير ناقة أو جملا (2) النضو: حديدة اللجام، وسهم فسد من كثرة ما رمى به، والثوب الخلق، والمهزول من الابل وغيرها (3) الريض - كسيد -: الناقة إذا كانت في أول عهدها بالرياضة، وهى صعبة بعد، وقال في اللسان: " الريض من الدواب: الذى لم يقبل الرياضة، ولم يمهر المشية، ولم يذل لراكبه.
قال ابن سيده: والريض من الدواب والابل (*)


قوله " شرابون وحسانون " (1) بضم الفاء وفتحها، وفسيقون، أبنية للمبالغة لا يستوى فيها المذكر والمؤنث، فيجمع الجميع جمع الصحة: المذكر بالواو والنون.
والمؤنث بالالف والتاء، وإنما دخلتها الهاء لمشابهتها مفعلا: لفظا بالتضعيف، ومعنى بالمبالغة، فهذه الاوزان الثلاثة لا تكسر، وإنما قالوا في عوار (2) وهو الجبان: عواوير، لجريه مجرى الاسماء، لانهم لا يقولون للمرأة: عوارة، لان الشجاعة والجبن في الاغلب مما يوصف به الرجال الذين يحضرون في القتال، فشبهوا عوارا
__________
ضد الذلول، الذكر والانثى في ذلك سواء، قال الراعى: فكأن ريضها إذا استقبلتها * كانت معاودة الركاب ذلولا
قال: وهو عندي على وجه التفاؤل، لانها إنما تسمى بذلك قبل أن تمهر الرياضة " اه (1) حسانون: جمع حسان - بضم الحاء واتشديد السين - وهو بمعنى الحسن إلا أنه يدل على الزيادة في الحسن، وحسان - بتخفيف السين - أقل منه في معنى الحسن، والحسن أقل منهما جميعا، وتقول للانثى: حسانة - بتشديد السين - وهذا معنى قول المؤلف " لا يستوى فيها المذكر والمؤنث ".
وقال ذو الاصبع العدواني: كأنا يوم قرى إنما نقتل إيانا * قياما بينهم كل فتى أبيض حسانا وقال الشماح: دار الفتاة التى كنا نقول لها * باظبية عطلا حسانة الجيد (2) العوار: الضعيف الجبان، وجمعه عواوير، قال الاعشى: غير ميل ولا عواوير في الهي * - جا ولا عزل ولا أكفال قال سيبويه: لم يكتف فيه بالواو والنون لانهم قلما يصفون به المؤنث، فصار كمفعال ومفعيل، ولم يصر كفعال (كشداد)، وقال الجوهري: العوار: الجبان، وجمعه العواوير، وإن شئت قلت: العواور، في الشعر، قال لبيد يخاطب عمه ويعاتبه: وفي كل يوم ذى حفاظ بلوتنى * فقمت مقاما لم تقمه العواور (*)


وعواوير بكلاب (1) وكلاليب، وكذا فعل كزمل (2) وجبإ (3) وفعيل كزميل وسكيت (4)، مثالا مبالغة تدخلهما التاء للمؤنث، ولا يجمعان إلا جمع التصحيح بالواو والنون وبالالف والتاء، وأما بناء المبالغة الذى على مفعال كمهداء (5) ومهذار (6)، أو على مفعيل كمحضير (7) ومعطير (8)، أو على مفعل كمدعس (9) ومطعن، أو على فعال كصناع (10) وحصان (11)، أو على
__________
(1) الكلاب: المهماز، وهو الحديدة التي على خف الرائض، ويرادفه
كلوب - بفتح الكاف وتشديد اللام - (2) الزمل، والزميل: الجبان الضعيف الرذل، قال أحيحة بن الجلاح: ولا وأبيك ما يغنى غنائي * من الفتيان زميل كسول (3) الجبأ، ويمد: الجبان، قال الشاعر: ما عاب قط إلا لئيم فعل ذى كرم * ولا جفا قط إلا جبا بطلا وقال مفروق بن عمرو الشيباني: فما أنا من ريب الزمان بجبأ * ولا أنا من سيب الاله بيائس (4) السكيت - وتخفف الكاف -: العاشر من الخيل الذى يجئ في آخر الحلبة من العشر المعدودات (انظر ص 281 ج 1) (5) المهداء: المرأة الكثيرة الاهداء (6) المهذار: الكثير الهذر، والهذر: الكلام الذي لا يعبا به (7) المحضير: الكثير الحضر - بضم فسكون -، والحضر: ارتفاع الفرس في العدو (8) المعطير: الكثير التعطر (9) المدعس - كمنبر -: الطعان: أي الكثير الطعن، والمدعس أيضا اسم للالة التى يدعس بها: أي يطعن (10) الصناع - بفتح الصاد وتخفيف النون -: الصانع الحاذق.
يقال: رجل صناع وامرأة صناع، إذا كان كل منهما حاذقا ماهرا (انظر ج 1 ص 197) (11) " الحصان ": تقول: امرأة حصان.
وحاصن وحصناء، إذا كان عفيفة (*)


فعال كهجان (1)، أو على فعول كصبور، فيستوى في جميعها المذكر والمؤنث، ولا يجمع شئ منها جمع السلامة، إلا في ضرورة الشعر، وقد ذكرنا تكسير
فعال وفعال وفعول صفات، وأما تكسير مفعال ومفعيل فعلى مفاعيل كمقاليت ومآشير في مقلات (2) ومئشير (3)، وجمع مفعل كمداعس في جمع مدعس، وأما قولهم: مسكينون ومسكينات، فلقولهم: مسكين ومسكينة، تشبيها بفقير وفقيرة.
قوله " مضروبون ومكرمون ومكرمون " أي: كل ما جرى على الفعل من اسمى الفاعل والمفعول وأوله ميم فبابه التصحيح لمشابهة الفعل لفظا ومعنى، وجاء
__________
وإذا كانت متزوجة أيضا.
قال حسان: حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل وقال الاخر: وحاصن من حاصنات ملس * من الاذى ومن قراف الوقس ولا يقال: رجل حصان، وإنما يقال: رجل محصن، كما يقال: امرأة محصنة (1) انظر (ص 135 من هذا الجزء) (2) المقالات: القليلة الولد، ويقال: هي التى لا يعيش لها ولد، قال الشاعر: (ويقال: هو كثير): بغاث الطير أكثرها فراخا * وأم الصقر مقلات نزور قال في اللسان: " وامرأة مقلات، وهي التي ليس لها إلا ولد واحد، وأنشد: وجدى بها وجد مقالات بواحدها * وليس يقوى محب فوق ما أجد وأقلتت المرأة، إذا هلك ولدها " اه (3) تقول: رجل مئشير وامرأة مئشير - بغير هاء - وتقول: ناقة مئشير وجواد مئشير، يستوى فيه المذكر والمؤنث، وهو مبالغة من الاشر، وهو المرح وهو أيضا البطر أو أشده (*)


في اسم المفعول من الثلاثي نحو ملعون ومشئوم وميمون ملاعين ومشائيم (1) وميامين (2)، تشبيها، بمغرود (3) وملمول (4)، وكذا قالوا في مكسور: مكاسير، وفي مسلوخة: مساليخ، وقالوا أيضا في مفعل المذكر كموسر ومفطر، وفي مفعل كمنكر: مياسير (5) ومفاطير ومناكير، وإنما أوجبوا الياء فيهما مع
__________
(1) المشائيم: جمع مشئوم، وهو ضد الميمون، قال الشاعر: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها (2) الميامين: جمع ميمون، وهو صفة من اليمن وهو البركة، تقول: رجل أيمن وميمون ويامن ويمين، وقالوا: يمن الرجل - على بناء المجهول - فهو ميمون، ويمن الرجل - بفتح الميم - قومه فهو يامن، إذا صار مباركا عليهم، وجمعوا الايمن على أيامن، قال خزر - كعمر - بن لوذان - كعدنان -: ولقد غدوت وكنت لا * أغدو على واق وحاتم فإذا الاشائم كالايا * من والايامن كالاشائم (3) المغرود: ضرب من الكمأة (انظر ح 1 ص 187) (4) الملمول: المكحال، والحديدة التى يكتب بها في ألواح الدفتر (5) جعل المؤلف المياسير جمع موسر الذي هو اسم فاعل من أيسر، وأصل الموسر ميسر فقلبت الياء واوا لسكونها إثر ضمة فلما أريد الجمع رجعت الياء إلى أصلها لزوال مقتضى قلبها واوا، وهذه الياء التى قبل الطرف مزيدة للاشباع كما قالوا في طوابيق وخواتيم - على رأى - (انظر ص 151، 152 من هذا الجزء) وكلمة مياسير نحتمل غير ما ذكره وجهين: الاول أن تكون جمع ميسور وهو اسم مفعول جاء على غير فعله إن كان من يسره بالتضعيف، وعلى فعله ان كان من قولهم يسر فلان فرسه فهو ميسور، إذا سمنه، الثاني: أن يكون جمع ميسور مصدرا بمعنى اليسر عند غير سيبويه (انظر ح 1 ص 174) وجمع المصدر جائز إذا أريد به
الانواع وقد جاء في هذه الكلمة بعينها، قال الشاعر: استقدر الله خيرا وارضين به * فبينما العسر إذ دارت مياسير (*)


ضعفها في نحو معاليم جمع معلم ليتبين أن تكسيرهما خلاف الاصل، والقياس التصحيح، والاغلب في المفعل المختص بالمؤنث التجرد عن التاء، فلا يصحح، بل يجمع على مفاعل كالمطافل والمشادن (1) والمراضع، لما مر في شرح الكافية في باب المذكر والمؤنث، وقد يجئ هذا الباب بالتاء أيضا، نحو ناقة متل ومتلية للتى يتلوها ولدها، وكلبة مجر ومجرية للتي لها جرو، وإنما أثبتوا الهاء في الناقص خوف الاجحاف بحذف علم التأنيث ولام الكلمة في المنون، وجوزوا في جمع هذا المؤنث زيادة الياء أيضا ليكون كالعوض من الهاء المقدرة فتقول: مطافيل، ومراضيع، ومشادين، ويجوز تركه، قال تعالى: (وحرمنا عليه المراضع) وقال: - 65 - * حى النحل في ألبان عوذ مطافل * (2) قال " والرباعي نحو جعفر وغيره على جعافر قياسا، ونحو قرطاس على قراطيس، وما كان على زنته ملحقا أو غير ملحق بغير مدة أو معها يجرى مجراه نحو كوكب وجدول وعثير وتنضب ومدعس وقرواح
__________
(1) المشادن: جمع مشدن وهو اسم فاعل من قولهم: أشدنت الطبية، إذا قوى ولدها واستغنى عن أمه (انظر ح 1 ص 190) (2) هذا عجز بيت من قصيدة لابي ذؤيب الهذلي، وصدره قوله: * وإن حديثا منك لو تبذلينه * الجنى: أصله الثمر المجتنى، واستعاره هنا للعسل.
والعوذ: جمع عائذ وهى الحديثة النتاج من الابل والظباء.
والمطافل: جمع مطفل وهي التى معها طفلها ويقال فيه: مطافيل أيضا كما قال المؤلف.
ومعنى البيت إن حلاوة حديثك لو
تفضلت به هي حلاوة العسل مشوبا بألبان الابل الحديثة العهد بالنتاج والتى خلفها طفلها، والاستشهاد بالبيت على أنهم جوزوا في جمع مفعل إذا كان وصفا لمؤنث حذف الياء كما في البيت وزيادتها كما في قول أبى ذؤيب أيضا - وهو من قصيدة الشاهد السابق ويليه في ترتيبها -: مطافيل أبكار حديث نتاجها * تشاب بماء مثل ماء المفاصل (*)


وقرطاط ومصباح، ونحو جواربة وأشاعة في الاعجمي والمنسوب " أقول " قوله جعفر وغيره " أي: غير هذا الوزن من أوزان الرباعي كدرهم وزبرج وبرثن وقمطر وبرقع (1)، على قول الاخفش، جميعه على فعالل، سواء كان للقلة أو للكثرة، إذ لا يحذف من حروفه الاصلية شئ حتى يرد بسببه إلى جمع القلة، وأما ذو التاء من الرباعي فقيل: يكسر في الكثرة على ما كسر عليه المذكر، وفي القلة يجمع جمع السلامة بالالف والتاء، نحو جماجم وجمجمات في جمجمة، وكذا ما هو على عدد حروفه من ذى زيادة الثلاثي غير المذكور قبل، كمكرمة ومكرمات ومكارم وأنملة وأنملات وأنامل قوله " ونحو قرطاس على قراطيس " أي: كل رباعى قبل آخره حرف مد كعصفور وقرطاس وقنديل، فإنك تجمعه على فعاليل قوله " وما كان على زنته " أي: زنة الرباعي، أعنى عدد حروفه، سواء كان مثله في الحركات المعينة والسكنات كجدول وكوثر، أو لا كتنضب (2)، وهذا القول منه تجوز، لانه يعتبر في الوزن الحركات المعينة والسكنات، فلا يقال: تنضب على زنة جعفر نظرا إلى مطلق الحركات ألا على مجاز بعيد، وكذا يعتبر في الزنة زيادة الحروف وأصالتها، كما مر في صدر الكتاب (3)،
لكن يتجوز تجوزا قريبا في الملحق فيقال: إنه على زنة الملحق به، فيقال
__________
(1) انظر في شرح هذه الالفاظ كلها (ح 1 ص 51) (2) التنضب: شجر له شوك قصار وليس من شجر الشواهق تألفه الحرابى، أنشد سيبويه للنابغة الجعدى: كأن الدخان الذي غادرا * ضحيا دواخن من تنضب (3) انظر (ح 1 ص 13 وما بعدها) (*)


جدول وكوثر على زنة جعفر، ولا يقال إن حمارا على زنة قمطر، لما لم يكن ملحقا به قوله " ملحقا " يعنى نحو كوثر وجدول وعثير (1) قوله " أو عير ملحق " يعنى نحو تنضب ومدعس قوله " بغير مدة " من تمام قوله: أو غير ملحق، لان المدة عندهم لا تكون للالحاق كما مر في موضعه: أي لا يكون ملحقا بالرباعي، لكن يساويه في عدد الحروف، بشرط أن لا تكون المساواة بسبب زيادة المدة، احترازا عن مثل فاعل وفعال وفعول وفعيل، فان هذه تساوى الرباعي بسبب زيادة المدة، وليست للالحاق، وإنما احترز عن مثل هذه الامثلة لان تسكيرها قد لا يكون كتكسير الرباعي، بل لها جموع معينة كما مر قوله " وقرواح (2) وقرطاط (3) ومصباح " يعنى هذه الامثلة تكسيرها كتكسير الرباعي الذي قبل آخره مدة، نحو قرطاس، وإن لم تكن رباعية، وكذا غير ما ذكره المصنف من الثلاثي المزيد فيه حرفان أحدهما حرف لين رابعة مدة كانت نحو كلوب وكلاب (4) وإصباح وإجفيل (5) وأملود (6)،
__________
(1) العثير: الغبار، وقيل: هو كل ما قلبت من تراب أو مدر أو طين بأطراف أصابع رجليك، إذا مشيت لا يرى من القدم أثر غيره
(2) القرواح - بكسر أوله وسكون ثانيه -: الناقة الطويلة القوائم، والجمل يعاف الشرب مع الكبار فإذا جاءت الصغار شرب معها، والنخلة الطويلة الملساء، والبارز الذي لا يستره من السماء شئ (3) القرطاط - بضم أوله وكسره مع سكون ثانيه فيهما -: الداهية، وما يوضع تحت رجل البعير (انظر ح 1 ص 17) (4) قد مضى قريبا شرح الكلوب والكلاب فانظره في (ص 179 من هذا الجزء) (5) الاجفيل - بكسر فسكون -: الظليم ينفر من كل شئ، وهو أيضا الجبان.
والقوس البعيدة السهم، والمرأة المسنة (6) الاملود - بضم فسكون -: الناعم اللين من الناس ومن الغصون (*)


أو غير مدة كسنور (1) وسكيت، وعلى ما قاله سيبويه في تصغير مسرول (2) مسيريل ينبغى أن يكسر إذا كسر على مساريل، وكذا في كنهور كناهير (3) كما يقال في تصغيره: كنيهير، ولو قال " ونحو قرواح وقرطاط ومصباح كقرطاس " لكان أوضح، لكنه أراد وما كان على زنة الرباعي بلا مدة رابعة كجعفر أو معها كقرطاس يجرى مجراه، ثم مثل من قوله نحو كوكب إلى قوله مدعس بما يوازن الرباعي بلا مدة رابعة، ومن قوله قرواح إلى مصباح بما يوازن الرباعي مع مدة رابعة قوله " ونحو جواربة (4) وأشاعثة (5) في الاعجمي والمنسوب " اعلم أن كل جمع أقصى واحده معرب كجورب (4) أو منسوب كأشعثى (5) فانهم يلحقونه الهاء، أما الاول فعلى الاغلب، وأما الثاني فوجوبا، وذلك نحو موازجة (6)
__________
(1) السنور: حيوان، وهو الهر (2) (انظر ح 1 ص 250 ه 3)
(3) الكنهور - كسفرجل -: الضخم من الرجال، والمتراكم من السحاب (4) الجورب: معرب.
قال ابن إياز: معرب " كوربا " وترجمته الحرفيه قبر الرجل (القدم)، وجمعه جوارب وجواربة (انظر شفاء الغليل ص 68 طبعة الوهبية) (5) الاشاعثة: جمع أشعثي، والاشعثى المنسوب إلى أشعث، والاشاعثة قوم من الخوارج منسوبون إلى الاشعث بن قيس الكندى، وابنته جعدة بنت الاشعث هي التي سمت الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، وكان زوجه فحرضها معاوية على ذلك.
(6) الموازجة: جمع موزج - ككوثر - وهو الخف، فارسي معرب، والجمع موازج، وموازجة ألحقوا الهاء للعجمة.
قال ابن سيده: وهكذا وجد أكثر هذا الضرب الاعجمي مكسرا بالهاء فيما زعم سيبويه، وأصل الموزج بالفارسية " موزه " (*)


وصوالجة (1) وطيالسد (2) وجواربة في المعرب، وقد جاء كيالج (3) وجوارب تشبيها بالجمع العربي كالمساجد، ونحو أشاعثة ومهالبة (4) ومشاهدة (5) في المنسوب، واحدها أشعثي ومهلبي ومشهدي، وقد اجتمع العجمة والنسبة في برابرة جمع بربرى، وسيابجة جمع سيبجى، على وزن ديلمى، وهم قوم من الهند يبذقون المراكب (6) في البحر، وقد يقال " سابج " بألف كخاتم،
__________
(1) الصوالجة: جمع واحده صولج وصولجان وصولجانة، وهو العود المعوج، فارسي معرب، قال الازهرى في التهذيب: الصولجان: عصا يعطف طرفها يضرب بها الكرة على الدواب، فأما العصا التي اعوج طرفاها خلقة في شجرتها فهي محجن، (2) الطيالسة: جمع طيلسان - بفتح اللام وضمها - وطيلس أيضا -
كزينب - وهو ضرب من الاكيسة أسود، فارسي معرب، وجاء في جمعه طيالس أيضا (3) قال في اللسان: " قال ابن الاعرابي الكيلجة: ميكال، والجمع كيالج وكيالجة أيضا، والهاء للعجمة " اه، وقال في الشفاء (ص 193 طبعة الوهبية): " كيلجة، وكيلقة، وكيلكة، وجمعه كيالج وكيالجة " اه (4) المهالبة: جمع مهلبى - بتشديد اللام مفتوحة - وهو المنسوب إلى المهلب، والمهالبة فرقة نسبت إلى المهلب ابن أبي صفرة (5) المشاهدة: جمع مشهدي، وهو المنسوب إلى المشهد، وهو مفعل من الشهود: أي الحضور، فمعناه محضر الناس.
ومشاهد مكة: المواطن التى يحضرها الناس (6) يبذرقون المراكب: أي يخفرونها، وصنيع الشارح يقتضى أن السيابجة بياء مثناة تحتية، وهو الموجود في شفاء الغليل (ص 120 الطبعة الوهبية) وفي سيبويه (ج 2 ص 101) وصنيع الصحاح يقتضى أنها سبابجة - بباء موحدة - قال في (س ب ج): " والسبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن، والهاء للعجمة والنسب، قال يزيد بن مفرغ الحميري: وطماطيم من سبابيج خزر * يلبسوني مع الصباح القيودا " اه (*)


والتاء عند سيبويه في جمع المنسوب عوض من ياء النسبة المحذوفة في الجمع حذفا لازما، وإنما حذفت فيه لكون أقصى الجموع ثقيلا لفظا ومعنى فلا يركب إذا
__________
وتبعه في اللسان قال: " والسبابجة قوم ذوو جلد من السند والهند يكونون مع رئيس السفينة البحرية يبذرقونها، واحدهم سبيجى (بياء النسب)، ودخلت الهاء للعجمة والنسب كما قالوا: البرابرة، وربما قالوا: السابج، قال هميان:
لو لقى الفيل بأرض سابجا * لدق منه العنق والدوارجا وإنما أراد هميان سابجا (بفتح الباء) فكسر لتسوية الدخيل، لان دخيل هذه القصيدة كلها مكسور.
قال ابن السكيت: السبابجة قوم من السند يستأجرون ليقاتلوا فيكونون كالمبذرقة، فظن هميان أن كل شئ من ناحية السند سبيج فجعل نفسه سبيجا " اه ونحن ننقل لك عبارة سيبويه في هذا الموضوع، فان جميع ألفاظ هذا الفصل قد أخذها المؤلف عنه، قال (ح 2 ص 201): " هذا باب ما كان من الاعجمية على أربعة أحرف وقد أعرب فكسرته على مثال مفاعل..زعم الخليل أنهم يلحقون جمعه الهاء إلا قليلا، وكذلك وجدوا أكثره فيما زعم الخليل، وذلك موزج وموازجة، وصولج وصوالجة، وكربج وكرابجة، وطيلسان وطيالسة، وجورب وجواربة، وقد قالوا: جوارب، جعلوها كالصوامع والكواكب، وقد أدخلوا الهاء فقالوا: كيالجة، ونظيره في العربية صيقل وصياقلة، وصيرف وصيارفة، وقشعم وقشاعمة، فقد جاء إذا أعرب كملك وملائكة، وقالوا: أناسية لجمع إنسان.
وكذلك إذا كسرت الاسم وأنت تريد آل فلان أو جماعة الحى أو بنى فلان، وذلك قولك: المسامعة والمناذرة والمهالبة والاحامرة والازارقة، وقالوا: الدياسم وهو ولد الذئب، والمعاول، كما قالوا: جوارب، شبهوه بالكواكب حين أعرب، وجعلوا الدياسم بمنزلة الغيالم والواحد غيلم، ومثل ذلك الاشاعر، وقالوا البرابرة والسيابجة فاجتمع فيها الاعجمية وأنها من الاضافة إنما يعنى البربريين والسيبجيين كما أردت بالمسامعة المسمعيين، فأهل الارض كالحي " اه (*)


ركب وجعل مع شئ كاسم واحد، إلا مع ما هو خفيف، والتاء أخف من الياء
المشددة وبينهما مناسبة كما مر في أول باب النسبة، فلذا اختيرت للعوض، وأما جمع الاعجمي فليست التاء عوضا من شياء، فلذا لم تلزم كما لزمت في جمع المنسوب، بل هي فيه دليل على كون واحده معربا، وقد يبدل التاء في أقصى الجموع من ياء غير ياء النسبة، نحو جحا جحة في (1) جحجاح، والاصل جحاجيح، والتاء في زنادقة (2)
__________
(1) الجحجاح: السيد السمح، وقيل: الكريم، ويقال فيه: جحجح أيضا، وجمع الاول جحاجحة وجحاجيح أيضا، وجمع الثاني جحاجح لا غير، وقد يجمع الجحجاح على الجحاجح كما جمع المفتاح على المفاتح، وكما قالوا: طوابق في جمع طاباق، قال في اللسان: " والجحجح السيد السمح..وفي حديث سيف بن ذى يزن * بيض مغالبة غلب جحاجحة * جمع جحجاح، والهاء فيه لتأكيد الجمع، وجحجحت المرأة: جاءت بجحجاح، وجحجح الرجل: ذكر جحجاحا من قومه.
قال: * إن سرك العز فجحجج بجشم * وجمع الجحجاح جحاجح، وقال الشاعر: ماذا يبدر فالعقنقل من مرازبة جحاجح وإن شئت جحاجحة، وإن شئت جحاجيح، والهاء عوض من الياء المحذوفة، لابد منها أو من الياء، ولا يجتمعان " اه بتصرف (2) الزنادقة: جمع زنديق، وهو من لا يؤمن بالاخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الايمان، قال في شفاء الغليل (ص 112): " الزنديق ليس من كلاب العرب، إنما تقول العرب: رجل زندق وزندقى: أي شديد البخل، وإذا أرادوا ما تقول له العامة: ملحد، قالوا.
دهري (بفتح الدال
نسبة إلى الدهر، وكأنهم نسبوا إليه لقولهم: وما يهلكنا إلا الدهر)، وإذ أرادوا (*)


وفرازنة (1) يجوز أن يكون بدلامن الياء، إذ يقال: زناديق، وفرازين،
__________
المسن قالوا: دهري - بالضم - للفرق بينهما، والهاء في زنادقة وفرازنة عوض عن الياء عند سيبويه، وقال أبو حاتم: هو فارسي معرب " زنده كرد ": أي عمل الحياة، لانه يقول ببقاء الدهر ودوامه، وقال الرياشي: هو مأخوذ من قولهم: رجل زندقي: أي نظار في الامور، وقال غيره: معرب " زند ": أي الحياة، وقيل: هو معرب " زندي " أي متدين بكتاب يقال له: زند، ادعى المجوس أنه كتاب زرادشت، ثم استعمل في العرف لمبطن الكفر، وهم أصحاب مزدك الذي ظهر في أيام قباذ بن فيروز، وقال الجوهري: الزنادقة الثنوية، وتزندق الرجل، والاسم الزندقة.
وفى القاموس: هو معزب " زن دين " وقيل: هو وهم، والصوب معرب " زنده ".
وفى المغرب: هو من لا يؤمن بالوحدانية والاخرة، وعن ثعلب: هو والملحد: الدهرى، وعن ابن دريد هو القائل بدوام الدهر معرب " زندة " كتاب لمزدك.
اه، وقال المسعودي في مروج الذهب: " وفي أيام مانى ظهر اسم الزندقة أضيف إليه الزنادقة، وذلك أن الفرس حين أتاهم زرادشت بكتابهم المعروف ب (النسناه) باللغة الاولى من الفارسية، وعمل له التفسير وهو الزند، وعمل لهذا التفسير شرحا سماه البازند، وكان الزند بالتأويل غير المقدم المنزل، وكان من أورد في شريعتهم شيئا بخلاف المنزل الذي هو النسناه وعدل إلى التأويل الذى هو الزند قالوا: هذا زندي، فأضافوه إلى التأويل وأنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل، فلما أن جاءت العرب أخذت هذا المعنى من الفرس وقالوا: نزديق، وعربوه، والثنوية هم الزنادقة، ولحق بهؤلاء سائر من
اعتقد القدم وأبى حدوث العالم " اه (انظر ح 1 ص 212 طبعة دار الرجاء) (1) قال في اللسان: " الفرزان: من لعب الشطرنج، أعجمى معرب، وجمعه فرازين " اه.
وقال في القاموس: " فرزان الشظرنج معرب فرزين، والجمع فرازين " اه وليس في اللسان ولا في القاموس أن الفرزان يجمع على الفرازنة إلا أن القياس لا يأباه كما يعلم مما أثبتناه عن اللسان في جمع جحجاح (انظر ص 188 من هذا الجزء) (*)


وزنادقة، وفرازنة، وأن تكون دليل العجمة.
وقد تكون التاء في أقصى الجموع لتأكيد الجمعية، نحو ملائكة وصياقلة (1) وقشاعمة (2)، كما تكون في غيره من الجموع نحو حجارة وعمومة، والتاء في " أناسية "، قيل: عوض من إحدى (3) ياءى أناسى، قال تعالى: (وأناسى كثيرا) وقيل: لتأكيد الجمعية كما في ملائكة، على أنه جمع إنسان وأصله إنسيان، فحذفت الالف والنون في الجمع، كما يقال في زعفران: زعافر، وقيل في جمع المنسوب نحو أشاعثة: إن التاء ليست عوضا من الياء، إذ ليست في واحده الياء، بل التاء في الجمع دليل على أنك سميت كل واحد من المنسوب باسم المنسوب إليه، فهو جمع أشعث على تسمية كل واحد من الحى باسم الاب (الاكبر) كما قيل في إلياسين (4)
__________
(1) الصياقلة: جمع صيقل، وهو الذي يشحذ السيوف ويجلوها.
فيعل.
من الصقل (2) القشاعمة: جمع قشعم كجعفر، وهو المسن من الرجال والنسور، وهو الضخم أيضا، والاسد.
وأم قشعم: الحرب، والداهية، والضبع، والعنكبوت، وقرية النمل (3) قال أبو سيعد السيرافي: " في هذا الجمع وجهان: أحدهما أن تكون الهاء
عوضا من إحدى ياءى أناسى، وتكون الياء الاولى منقلبة من الالف التى بعد السين، والثانية من النون، والثانى: أن تحذف الالف والنون في إنسان تقديرا ويؤتى بالياء التى تكون في تصغيره إذا قالوا: أنيسيان، فكأنهم ردوا في الجمع الياء التي يردونها في التصغير فيصير أناسى، ويدخلون الهاء لتحقيق التأنيث.
وقال المبرد: أناسية جمع إنسى، والهاء عوض من الياء المحذوفة، لانه كان يجب أناسي " اه (4) قال العلامة البيضاوى في تفسير سورة الصافات: " إل ياسين لغة في إلياس (*)


والاشعرون (1): إن الاسم المنسوب إليه أطلق على كل واحد من الجماعة المنسوبة،
__________
كسيناء وسينين: وقيل: جمع له مراد به وأتباعه كالمهلبين، لكن فيه أن العلم إذا جمع يجب تعريفه باللام، أو للمنسوب إليه بحذف ياء النسب كالاعجمين، وهو قليل ملبس.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب على إضافة " آل " إلى " ياسين " لانهما في المصحف مفصولان فيكون ياسين أبا إلياس " اه.
وقال الشهاب: قوله " كسيناء وسينين " وجه الشبه بينهما أن الاول علم غير عربي تلاعبوا به فجعلوه بصيغة الجمع، أو أن زيادة الياء والنون في السريانية لمعنى كما في الكشاف لا في الوزن، وإلا لكان حقه أن يقول: كميكال: وميكائيل، واختار هذه اللغة على هذا رعاية للفاصلة.
قوله " وقيل: جمع له " على طريق التغليب باطلاقه عليه وعلى أتباعه وقومه، كما يقال: المهالبة، لمهلب وقومه، وضعفه بما ذكره النحاة من أن العلم إذا جمع أو ثنى وجب تعريفه بالالف واللام جبرا لما فاته من العلمية ولا فرق فيه بين التغليب وغيره كما صرح به ابن الحاجب في شرح المفصل، فالاعتراض بأن النحاة إنما ذكروه فيما إذا قصد به مسماه أصالة - وهذا ليس منه - وهم، وإنما يرد هذا على من لم يجعل لان الياس للتعريف، لكن
هذا غير متفق عليه.
قال ابن يعيش في شرح المفصل: يجوز استعماله نكرة بعد التثنية والجمع ووصفه بالنكرة نحو زيدان كريمان وزيدون كريمون، وهو مختار عبد القاهر.
قوله " أو للمنسوب " معطوف على قوله: له: أي قيل: إنه جمع إلياسى فخفف بحذف ياء النسب لاجتماع الياءات في الجر والنصب كما قيل أعجمين في أعجميين...وضعفه بقلته والتباسه بالياس إذا جمع، وإن قيل: حذف لام إلياس مزيل للالباس لما مر " اه (1) الاشعرون: جمع مذكر سالم مفرده أشعرى، وهو المنسوب إلى الاشعر، وهو أبو قبيلة باليمن منهم أبو موسى الاشعري، قال في القاموس " ويقولون: جاءتك الاشعرون بحذف ياء النسب " اه ونقول: إنما وجب أن يكون الاشعرون جمع الاشعري لا الاشعر - بغير ياء - لان الاشعر وصف بمعنى كثير الشعر ومؤنثه شعراء، وقد علمنا فيما مضى قريبا أن أفعل فعلاء لا يجمع جمع المذكر السالم على ما هو مذهب البصريين والفراء من الكوفيين.
فأن (*)


وفي هذا الوجه ضعف، لانه لا يطرد ذلك في المنسوب إلى المكان، نحو المشاهدة والبغاددة (1)، إذ الشخص لا يسمى باسم بلده كما يسمى باسم أبيه، مع قلة ذلك أيضا واعلم أنك تحذف من الثلاثي المزيد فيه نحو منطلق ومستخرج ومقعنسس وقلنسوة (2) وحبنطي واستخراج وغير ذلك، ومن الرباعي المزيد فيه نحو مدحرج ومحرنجم واحرنجام، ما حذفت في التصغير سواء: بأن تخلى الفضلى من الزوائد وتحذف غيرها مما يخل وجوده ببناء مفاعل ومفاعيل، وإن لم يكن لاحداها الفضل كنت مخيرا كما في أرطي (3) وحبنطى، كما فعلت في التصغير سواء، ولك بعد الحذف زيادة الياء رابعة عوضا من المحذوف كما مر في التصغير.
قال " وتكسير الخماسي مستكره كتصغيره بحذف خامسه ".
أقول: إنما استكره تصغير الخماسي وتكسيره لانك تحتاج فيهما إلى حذف حرف أصلى منه، ولا شك في كراهته، فلا تصغره العرب ولا تكسره في سعة
__________
جاز جمع هذا الوصف كما هو مذهب بقية الكوفيين صح أن يكون الاشعرون جمع الاشعر، ومثل ذلك الاعجمون في قوله تعالى (ولو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) (1) البغاددة: جمع بغدادي، وهو المنسوب إلى بغداد (2) أنظر في شرح " مقعنسس " (ح 1 ص 54) وانظر في " قلنسوة " ح 1 ص 68) وأنظر في " حبنطى " (ح 1 ص 54، 255) (3) أخطأ المؤلف في جعل " أرطى " من هذا النوع، فليس هو ذا زيادتين ولكنه ذو زيادة واحدة، غاية ما في الباب أنه اختلف في المزيد فيه: أهو الهمزة أوله فيكون على أفعل، أم الالف التي في آخره فيكون على فعلى، كما سيأتي قريبا في باب ذى الزيادة، وانظر (ح 1 ص 57) تجد المؤلف نفسه قد ذكره في الثلاث الذي زيد عليه حرف واحد لالحاقه بالرباعي (*)


كلامهم، لكن إذا سئلوا: كيف قياس كلامكم لو صغرتموه أو كسرتموه ؟ قالوا: كذا وكذا، ولك زيادة ياء العوض كما في التصغير.
قال " نحو تمر وحنظل وبطيخ مما يتمير واحده بالتاء ليس بمجمع على الاصح، وهو غالب في غير المصنوع، ونحو سفين ولبن وقلنس ليس بقياس، وكمأة وكم ء وجبأة وجب ء عكس تمرة وتمر ".
أقول: اعلم أن الاسم الذى يقع على القليل والكثير بلفظ المفرد فإذا قصد التنصيص على المفرد جئ فيه بالتاء، يسمى باسم الجنس، وقد ذكرنا في شرح الكافية حاله (1).
__________
(1) صدر المؤلف رحمه الله كلامه في شرح الكافية بذكر وجوه الفرق
بين الجمع واسم الجمع، وتتلخص هذه الفروق في ثلاثة أوجه: الاول أن الجمع على صيغة خاصة من صيغ معدودة معروفة، وهذه الصيغة تغاير صيغة المفرد: إما ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ وإما تقديرا، فالمغايرة الظاهرة: إما بالحركات كأسد وأسد ونمر ونمر، وإما بالحروف كرجال وكتب، والمغايرة المقدرة كهحان وفلك، ومن المغايرة الظاهرة الجمع السالم مذكرا أو مؤنثا، والثاني أن للجمع واحدا من لفظه وليس لاسم الجمع واحد من لفظه، بل له واحد من معناه، فواحد الابل بعير أو ناقة، وواحد الغنم شاة، والثالث أن الجمع يرد الى واحده في النسب مطلقا وفى التصغير إن كان جمع كثرة، وأما اسم الجمع فلا يرد، لانه إما أن لا يكون له واحد حتى يرد إليه، وإما أن يكون له واحد لكن لا يصح الرد إليه لان اسم الجمع لم يكن على صيغة من صيغ الجمع فهو كالمفرد في اللفظ ثم قال في بيان اسم الجنس والفرق بينه وبين الجمع واسم الجمع ما نصه: " ويخرج عن الجمع أيضا اسم الجنس: أي الذى يكون الفرق بينه وبين مفرده: إما بالتاء نحو تمرة وتمر، أو بالياء نحو رومى وروم، وذلك لانها لا تدل على آحاد، إذ اللفظ لم يوضع للاحاد، بل وضع لما فيه الماهية المعينة سواء كان واحدا أو مثنى أو جمعا، ولو سلمنا الدلالة عليها فانه لا يدل عليها بتغيير حروف مفرده فان قيل: أليس آحاده أخذت وغيرت حروفها بحذف التاء أو الياء ؟ قلت: (*)


وهو عند الكوفيين جمع مكسر واحده ذو التاء، وقولهم فاسد من حيث
__________
ليس ذو التاء ولا ذو الياء مفردين لاسم الجنس للاوجه الثلاثة المذكورة في اسم الجمع، ونزيد عليه أن اسم الجنس يقع على القليل والكثير، فيقع التمر على التمرة والتمرتين والتمرات، وكذا الروم، فان أكلت تمرة أو تمرتين وعاملت روميا أو روميين جاز لك أن تقول: أكلت التمر وعاملت الروم،
ولو كانا جمعين لم يجز ذلك كما لا يقع رجال على رجل ولا رجلين، بلى قد يكون بعض أسماء الاجناس مما اشتهر في معنى الجمع فلا يطلق على الواحد والاثنين وذلك بحسب الاستعمال لا بالوضع كلفظ الكليم، وعند الاخفش جميع أسما الجموع التي لها آحاد من تركيبها كجامل وباقر وركب جمع خلافا لسيبويه، وعند الفراء كل ما له واحد من تركيبه سواء كان اسم جمع كباقر وركب أو اسم جنس كتمر وروم فهو جمع، وإلا فلا، وأما اسم الجمع واسم الجنس اللذان ليس لهما واحد من لفظهما فليسا بجمع اتفاقا نحو إبل وتراب، وإنما لم يجئ لمثل تراب وخل مفرد بالتاء إذ ليس له فرد متميز عن غيره كالتفاح والتمر والجوز والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس - مع اشتراكهما في أنهما ليسا على أوزان جموع التكسير لا الخاصة بالجمع كأفعلة وأفعال ولا المشهورة فيه كفعلة نحو نسوة - أن اسم الجمع لا يقع على الواحد والاثنين بخلاف اسم الجنس، وأن الفرق بين واحد اسم الجنس وبينه فيما له واحد متميز: إما بالياء وإما بالتاء، بخلاف اسم الجمع " اه والحاصل أن الجمع يكون البتة دالا على الجماعة، ويكون البتة على صيغة من صيغ الجموع المعروفة في باب الجمع، ويكون البتة مغايرا في اللفظ أو التقدير لمفرده، ويكون له مفرد من لفظه غالبا، وأما اسم الجمع فهو البتة دال على الجماعة ولا يجوز استعماله في الوحد ولا في الاثنين، وليس له واحد من لفظه غالبا، بل له واحد من معناه، فان كان له واحد من لفظه فرق بين الواحد وبينه بغير الياء والتاء، وهو البتة لا يكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، وأما اسم الجنس الجمعى فانه ليس مختصا بالدلالة على الجماعة من حيث الوضع بل هو من (*)


اللفظ والمعنى: وأما للفظ فلتصغير مثل هذا الاسم على لفظه، فلو كان جمعا وليس على صيغة جمع القلة لكان يجب رده إلى واحده، وأيضا لغلبة التذكير على المجرد من التاء فيها، نحو: تمر طيب، ونخل منقعر (1)، ولا يجوز رجال فاضل، وأما المعنى فلوقوع المجرد من التاء منه على الواحد والمثنى أيضا، إذ يجوز لك أن تقول: أكلت عنبا أو تفاحا، مع أنك لم تأكل إلا واحدة أو اثنتين، بلى قد يجئ شئ منه لا يطلق إلا على الجمع، وذلك من حيث الاستعمال لا من حيث الوضع، كالكلم والاكم (2)، وهو قليل.
__________
حيث ذلك صالح للواحد والاثنين والاكثر، لان وضعه لما توجد فيه الماهية كما قال المؤلف، فلا يحتاج إلى الفرق بينه وبين الجمع ولا اسم الجمع من حيث الوضع، لان معناهما مختلف، فان عرض بسبب الاستعمال تخصيصه بالدلالة على الجماعة كان الفرق بينه وبين الجمع من ثلاثة أوجه: الاول أن اسم الجنس ليس على وزن من أوزان الجموع غالبا، والثانى أنه يفرق بينه وبين واحده بالتاء أو الياء لا غير بخلاف الجمع، والثالث أن اسم الجنس مذكر والجمع مؤنث، والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس من وجهين: الاول أن اسم الجنس لابد أن يكون له واحد من لفظه بخلاف اسم الجمع فقد يكون له واحد من لفظه وقد لا يكون، والثاني أن الفرق بين اسم الجنس وواحده لا يكون إلا بالياء أو التاء بخلاف اسم الجمع ومن اسم الجنس نوع يسمى اسم الجنس الافرادي، وهذا لا يعرض له بالاستعمال التخصيص بالكثير فلا يحتاج الى الفرق بينه وبين الجمع واسمه بقي أنه قد يقال: إن من الجموع مالا واحد له من لفظه كعباديد وشماطيط وعبابيد فما الفرق بين هذا النوع من الجموع وبين أسماء الجموع التى ليس لها آحاد من لفظها ؟ والجواب حينئذ أن هذه الجموع التي ذكرت وما أشبهها لابد أن تكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، أما اسم الجمع
فلا يكون كذلك البتة (1) يقال: قعر النخلة فانقعرت، إذ قطعها من أسفلها فسقطت (2) الاكم: المواضع المرتفعة واحده أكمة (*)


فنقول: مثل هذا الاسم إذا قصدت إلى جمع قلته جمعته بالالف والتاء، وإذا قصدت الكثرة جردته من التاء، فيكون المجرد بمعنى الجمع الكثير، نحو نملة ونمل، ونملات.
ثم هذه الاسماء في الثلاثي: إما فعل كتمر وطلح ونخل ونمل وبهم (1)، وقد يكسر ذوالتاء منه على فعال، نحو بهمة وبهام وطلحة وطلاح، تشبيها بقصعة وقصاع، وقد قال بعضهم: صخرة وصخور، تشبيها بمأتة ومؤون وبدرة وبدور (2)، وكذا الاجوف منه قد يجمع على فعال كخيام (3) ورياض (4)، وكذا الناقص، نحو صعاء في جمع صعوة (5)، وليس التكسير فيه ولا في غيره من هذا الباب بمطرد.
وإما فعلة بكسر الفاء، وحكمه حكم فعلة بفتحها: في أن المجرد للكثرة والالف والتاء للقلة، وقد يكسر ذوالتاء منه على فعل كسدرة وسدر، تشبيها بكسرة وكسر، وتقول في الاجوف: تين وتينة وتينات.
وإما فعلة كدخنة (6) ودرة وبرة، وقد يجئ في ذى تائه فعل كدرر وثوم، تشبيها بغرف.
__________
(1) البهم: أولاد الضأن والمعز والبقر، واحده بهمة (2) أنظر في مأنة وبدرة (ص 101 من هذا الجزء) (3) الخيام: جمع خيمة، وهي كل بيت مستدير، أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر
(4) الرياض: جمع روضة، وهى مستنقع الماء، والارض ذات الخضرة، والبستان الحسن، وتجمع على روضات، وريضان أيضا، وأما روض فهو اسم جنس.
(5) الصعوة: عصفور صغير، وقد جمعت على صعوات وصعاء، وأما الصعو فاسم الجنس (6) الدخنة: واحدة الدخن وهو حب يكثر زرعه في المناطق الجارة ويؤكل (*)


وإما فعلة كبقرة وشجرة وقد يكسر ذو التاء منه على فعال، كإكام وثمار وحداث (1)، تشبيها بالرحبة والرحاب (2) وعلى أفعل كآكم، وعلى أفعال كآجام (3) وأشجار، والتكسير في ناقصه قليل نادر، كحصاة وقذاة (4)، قد جاء في أضاة (5)، إضاء، قال سيبويه: قد جاء ذو التاء فعلة بسكون العين والمجرد بفتحها، نحو حلقة (6) وفلكة (7)، والجنس حلق وفلك، قال: خففوا الواحد بتسكين العين لما ألحقوه الزيادة: أي التاء، كما غيروا نحو نمري
__________
(1) الحداث: جمع حدثة - بفتحات - وهى الصغيرة الفتية من الناس والدواب (2) الرحاب: جمع رحبة - بفتحات - وهى من الوادي مسيل الماء، وأصلها المكان المتسع (3) الاجام: جمع أجمة - بفتحات - وهى الشجر الكثير الملتف، وجمعت على أجم - بضمتين - أيضا، واسم الجنس أجم - بفتحتين، (4) القذاة: واحدة القذى، وهو ما يقع في العين وفي الشراب، قالت الخنساء: قذى بعينك أم بالعين عوار ؟ * أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار ؟ وقال في اللسان: وجمعها قذى وأقذاء وقذى - كدلى، وكذلك جمعت الحصاة على حصى - كدلى، (5) الاضاة: الماء المجتمع من سيل أو غيره، وقد جمعت جمع السلامة على
أضوات وأضيات وإضين، وجمعت جمع التكسير على إضاء - كرقاب، (6) الحلقة: كل شئ مستدير من الحديد أو الفضة أو الذهب أو الناس، وقد اختلفوا في تحريك لامها، فأجازه قوم وعليه قول الشاعر: أقسم بالله نسلم الحلقة * ولا حريقا وأخته الحرقه وانظر في تمام ذلك (ص 101 من هذا الجزء) (7) الفلكة - بسكون اللام - المستدير من الارض في غلظ أو سهولة، وهي كالرحا، والفلك - بفتحتين - اسم الجنس، قال سيبويه: وليس بجمع، والجمع فلاك، كصحفة وصحاف.
(*)


لما لحقه ياء النسب، إذ التاء تناسب الياء كما ذكرنا في أول باب النسب، وحكى عن أبى عمرو في ذى التاء حلقة بفتح العين فليس إذن بشاذ، ومن العرب من يقول حلقة بسكون العين وحلق بكسر الفاء في المجرد وهو جمع تكسير، فيكون كبدرة وبدر، وتقول في الاجوف: هامة وهامات (1) وهام وراحة وراحات وراح، وإنما جعلنا المكسر في جميع هذا الباب لذى التاء لا للمجرد عنها، لان المجرد في معنى الجمع الكثير، فالاولى أن لا يجمع.
وإما فعلة كنبقة وكلمة، وإما فعلة كعنبة وحدأة، وإما فعلة كسمرة، وهو أقل من باب كلمة وعنبة، وإما فعلة بضمتين كهدبة (2) وبسرة (3)، وهو أيضا قليل، وإما فعلة كعشرة (4) ورطبة، ومن الناقص مهاة، وهو ماء الفحل في رحم الناقة ومها، والقياس في قلة جيمع هذه الاوزان كما ذكرنا أولا أن تكون بالالف والتاء، وكثرته بحذف التاء وفي غير الثلاثي نحو نعام ونعامة، وسفرجل وسفرجلة، وقد يكون اسم مفرد في آخره ألف تأنيث مقصورة أو ممدودة يقع على الجمع نحو حلفاء (5)
__________
(1) الهامة: رأس كل شئ، وطائر من طير الليل، وهو الصدى، ورئيس القوم، وجمعه هامات، واسم الجنس هام، قال ذو الاصبع: يا عمرو، إن لا تدع شتمى ومنقصتي * أضربك حيث تقول الهامة أسقوني (2) الهدبة - بضم فسكون، وبضمتين - واحدة الهدب.
وهو شعر أشفار العينين (3) البسرة - بضم فسكون، وبضمتين - واحدة البسر، وهو التمر قبل أن يصير رطبا، والغض من كل شئ (4) العشرة - بضم ففتح - واحدة العشر، وهو شجر يخرج من زهره وشعبه سكر، ويحشي في المخاد (5) الحلفاء: نبت من نبات الاغلاف، وهو اسم جنس، وواحدته حلفة (*)


وطرفاء (1) وبهمى (2)، فإذا قصدت الوحدة وصفته بالواحد نحو طرفاء واحدة، وحلفاء واحدة، وبهمى واحدة، ولم يلحق التاء للوحدة إذ لا يجتمع علامتا تأنيث، وحكى بهماة، وهو عند سيبويه شاذ، لان الالف فيه عنده للتأنيث، والالف عند الاخفش للالحاق ببرقع، فبهمي عنده منون منصرف، وبهماة ليس بشاذ عنده، وقد ذكر أهل اللغة للطرفاء والحلفاء والقصباء واحدة على غير هذا اللفظ، فقالوا: طرفة وقصبة بتحريك العين، واختلفوا في الحلفاء فقال الاصمعي: حلفة بكسر العين، وقال أبو زيد: بفتحها كطرفة، وقد كسر حلفاء كصحراء على حلافى وحلافى، وإنما قالوا في أرطى وعلقى: أرطاة وعلقاة (3) لان ألفهما للالحاق لا للتأنيث، ومن العرب من لا ينون علقى ويجعل الالف للتأنيث، فيقول: علقى واحدة كقصباء واحدة والاغلب في الاسم الذي يكون التنصيص على الواحد فيه بالتاء أن يكون
في المخلوقات دون المصنوعات، قالوا: لان المخلوقات كثيرا ما يخلقها الله سجية، يعنى جملة، كالتمر والتفاح، فيوضع للجنس اسم، ثم إن احتيج إلى تمييز الفرد أدخل فيه التاء، وأما المصنوعات ففردها يتقدم على مجموعها، ففى اللفظ أيضا يقدم فردها على جمعها، وفيه نظر، لان المجرد من التاء من الاسماء المذكورة ليس موضوعا للجمع كما توهموا، حتى يستقيم تعليلهم، بل هو لمجرد الماهية، سواء كان مع القلة أو مع الكثرة
__________
- بفتح الحاء، واللام مكسورة أو مفتوحة - وقال الازهري: الحلفاء نبت أطرافه محددة كأنها أطراف سعف النخل والخوص ينبت في مغايص الماء والنزوز، قال سيبويه: الحلفاء واحد وجمع، وكذلك طرفاء وبهمى وشكاعى (1) الطرفاء: شجر، وذكر في القاموس أن واحدته طرفاءة وطرفة - بفتحات، وبها سمى طرفة بن العبد البكري (2) انظر (ح 1 ص 4) (3) انظر (ج 1 ص 195) (*)


وقد جاء شئ يسير منها في المصنوعات، كسفينة وسفين ولبنة ولبن وقلنسوة وقلنس وبرة (1) وبرى وليس أسماء الاجناس التى واحدها بالتاء فياسا، إلا في المصادر، نحو ضربة وضرب، ونصرة ونصر، لما مر والمشهور في كمأة (2) وفقعة (3) وجبأة (4) أن ذا التاء للجمع والمجرد عنها
__________
(1) انظر (ج 2 ص 102 و 127) (2) الكمأة: نبات يتقب الارض، قال في اللسان: " الكمأة واحدها كم ء على غير القياس، هو من النوادر، فان القياس العكس: والجمع أكمؤ،
وكمأة.
قال ابن سيده: هذا قول هل اللغة، قال سيبويه: ليست الكمأة بجمع كم ء، لان فعلة ليس مما يكسر عليه فعل، إنما هو اسم للجمع، وقال أبو خيرة وحده: كمأة للواحد وكم ء للجميع، وقال منتجع: كم ء للواحد، وكمأة للجميع، فمر رؤبة، فسألاه، فقال: كم ء للواحد، وكمأة للجميع، كما قال منتجع.
وقال أبو حنيفة: كمأة واحدة وكمأتان وكمآت، وحكى عن أبى زيد أن الكمأة تكون واحدا وجمعا، والصحيح من ذلك كله ما ذكره سيبويه " اه (3) قال في اللسان: " الفقع - بالفتح والكسر -: الابيض الرخو من الكمأة وهو أردؤها، قال الشاعر: بلاد يبز الفقع فيها قناعه * كما أبيض شيخ من رفاعة أجلح وجمع الفقع - بالفتح - فقعة مثل جب ء وجبأة، وجمع الفقع - بالكسر - فقعة أيضا، مثل قرد وقردة، وفي حديث عاتكة قالت لابن جرموز: يا ابن فقع القردد، قال ابن الاثير: الفقع: ضرب من أردأ الكمأة، والقردد: أرض مرتفعة إلى جنب وهدة، وقال أبو حنيفة: الفقع يطلع من الارض فيظهر أبيض، وهو ردئ، والجيد ما حفر عنه واستخرج، والجمع أفقع وفقوع وفقعة، قال الشاعر: ومن جنى الارض ما تأنى الرعاء به * من ابن أوبر والمغرود والفقعة " اه كلامه (*)


للمفرد، وقد قيل عكس ذلك، كما مر في شرح الكافية قال " ونحو ركب وحاق وجامل وسراة وفرهة وغزي وتؤام ليس بجمع " أقول: الذي مضى في الفصل المتقدم كان اسم الجنس، والذي يذكره هي هذا الفصل اسم الجمع،
والفرق بينهما من حيث المعنى أن المجرد من التاء من القسم الاول يقع على
__________
وقال في القاموس: " الفقع، ويكسر: البيضاء الرخوة من الكمأة، جمعه كعنبة ويقال للذليل: هو أذل من فقع بقرقرة، لانه لا يمتنع على من اجتناه " اه، ولم ينص أحد من أصحاب المعاجم التي اطلعنا عليها على الخلاف في هذه الكلمة، كما أن صيغة اللفظ الدال على الجمع وهو فقعة من أوزان الجموع، فوجب أن يكون جمعا لا اسم جنس، فان كان مفرده بالكسر كان قياسيا، وإن كان مفرده بالفتح كان شاذا مع كونه جمعا كما يأتي في جب ء وجبأة.
(1) الجب ء - بفتح فسكون - الكمأة الحمراء، وقال أبو حنيفة: الجبأة هنة بيضاء كأنهاكم ء، ولا ينتفع بها، والجمع أجبؤ وجبأة كعنبة، مثل فقع وفقعة، قال سيبويه: " وليس ذلك بالقياس، يعنى تكسير فعل (بفتح فسكون) على فعلة (بكسر ففتح) وأما الجبأة (بفتح فسكون) فاسم للجمع كما ذهب إليه في كم ء وكمأة، لان فعلا ليس مما يكسب على فعلة (بفتح فسكون فيهما)، لان فعلة ليس من أبنية الجموع وتحقيره جبيئة على لفظه، ولا يرد إلى واحده ثم يجمع بالالف والتاء، لان أسماء الجموع بمنزلة الاحاد " اه كلامه، وقال في القاموس: " الجب ء: الكمأة ولاكمة، ونقير يجتمع فيه الماء، والجمع أجبؤ، وجبأة كقردة، وجبأ كنبأ " اه، ولم نجد للعلماء في هذه الكلمة خلافا.
والحاصل أن نصوص أهل اللغة تدلى على أن الجب ء - بفتح فسكون - مفرد، وأنه جمع على أجبؤ، مثل فلس وأفلس، كما جمع على جبأة مثل قردة، وهذا الجمع غير قياسي، لان فعلا - بفتح فسكون - لا ينقاس جمعه على فعلة، وورد له اسمان يدلان على الجمع: أحدهما جبأة بفتح فسكون، وثانيهما جبأ مثل نبأ (*)


الواحد والمثنى والمجموع، لانه في الاصل موضوع للماهية، سواء كانت مشخصاتها
قليلة أو كثيرة، فالقلة والكثيرة فيه غير داخلتين في نظر الواضع، بل إنما وضعه صالحا لهما، بخلاف اسم الجمع، فانه اسم مفرد موضوع لمعنى الجمع فقط، ولا فرق بينه وبين الجمع إلا من حيث اللفظ، وذلك لان لفظ هذا مفرد بخلاف لفظ الجمع، والدليل على إفراده جواز تذكير ضميره، قال: 66 - * مع الصبح ركب من أحاظة مجفل (1) * وأيضا تصغيره على لفظه كقوله: 67 - * أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا (2) *
__________
(1) هذا عجز بيت من لامية الشتفرى الطويلة المعروفة بلامية العرب، وصدره قوله: * فعبت غشاشا ثم مرت كأنها * يصف قطاة وردت الماء وكان قد سبقها إليه فلما وردت شربت فضلته.
والعب: شرب الماء بلا مص، وفعله عب يعب - كخف يخف - والضمير المستتر فيه للقطا.
والغشاش - بزنة كتاب - يأتي لمعان: تقول: لقيته غشاشا: أي على عجلة، وتقول أيضا: انطلقت غشاشا: أي في الوقت الذي قبل الاسفار وقد بقي من ظلمة الفجر شئ، وتقول: كلمته غشاشا: أي قليلا، فإذا جريت على المعنى الاول جاز لك أن تجعل غشاشا حالا كأنه قال: عبت متعجلة، وجاز لك أن تجعله مفعولا مطلقا على حذف الموصوف وإبقاء صفته، فكأنه قال: عبت عبا عجلا، وجاز لك أن تجعله منصوبا على نزع الخافض وهو أضعف الوجوه الثلاثة، وإذا جريت على المعنى الثاني نصبت غشاشا في البيت على الظرفية الزمانية، وإذا جريت على المعنى الثالث نصبته على أنه مفعول مطلق ليس غير.
والركب: أصحاب الابل إذا كانوا عشرة فأكثر.
وأحاظة - بضم الهمزة -: قبيلة من الازد في اليمن.
ومجفل: اسم فاعل من أجفل بمعنى أسرع.
والاستشهاد بالبيت
على أن ركبا لفظه مفرد بدليل عود الضمير عليه مفردا في قوله " مجفل " (2) هذا بيت من الرجز المشطور لاحيحة بن الجلاح، وقبله قوله: (*)


وقال الاخفش: كل ما يفيد معنى الجمع على وزن فعل وواحده اسم فاعل كصحب وشرب في صاحب وشارب فهو جمع تكسير واحده ذلك الفاعل، فعلى هذا القول تصغر لفظ الواحد ثم جمع السلامة كما في رجال ودور، فتقول في تصغير ركب وسفر: رويكبون وسويفرون، كما يقال: رجيلون ودويرات، في تصغير رجال ودور، وقول الشاعر: * أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا * رد عليه.
واعلم أن فعلا في فاعل ليس بقياس، فلا يقال جلس وكتب في جالس وكاتب، وقال الخليل - ونعم ما قال -: إن الكمأة اسم للجمع، فهو بالنسبة إلى كم ء كركب إلى راكب، فعلى هذا لا يقع كمأة على القليل والكثير كتمر، بل هو مثل رجال في المعنى، ومثله فقعة وفقع وجبأة وجب ء (1) ومقتضى مذهب الاخفش - وإن لم يصرح به - أن يكون مثل صحبة في صاحب وظؤار في ظئر (2) وجامل في جمل (3)
__________
بنيت بعد مستظل ضاحيا * بنيته بعصبة من ماليا والشر مما يتبع القواضيا وكان أحيحة مسودا في قومه الاوس، وكان رجلا صنعا للمال ضيننا به حريصا عليه، وكان يتعامل بالربا حتى كاد يحيط بجميع أموال قومه.
والمستطل والضاحي: حصنان له.
والعصبة: مكان بعينه بقباء كانا يقعان فيه، فالباء في قوله " بعصبة " بمعنى في.
و " من ماليا " يتعلق ببنيته.
واسم الحصنين في الحقيقة المستظل والضيحان، ولكنه لما لم يستقم له الوزن غير الثاني كما ترى.
والقواضيا: أراد بها الاقضية المحتومة.
والاستشهاد بالبيت على أن ركبا اسم
جمع ولفظه مفرد بدليل تصغيره على لفظه كما تصغر المفردات (1) انظر (ص 201 من هذا الجزء) (2) ظؤار: اسم جمع واحده ظئر، وهى التى تعطف على ولد غيرها من الناس وغيرهم، ويقال للذكر أيضا: ظئر (3) الجامل: اسم جمع يقع على الجماعة من الابل ذكورا وإناثا، قال الحطيئة: (*)


وسراة في سري (1) وفرهة في فاره وغزى في غاز وتؤام في توأم (2) وغيب وخدم وأهب في خادم وغائب وإهاب، وبعد في بعيد، ومشيوخاء ومعيوراء وماتوناء في شيخ وعير وأتان، ومعيز وكليب في معز وكلب، ومشيخة في شيخ، وعمد في عمود، كل ذلك جمع سكسر ؟ ؟، إذ هي مثل ركب وسفر ونحوهما، لان للجميع من تركيبه لفظا يقع على مفرده.
هذا، وإنما يعرف هذا النوع بأن لا يقع ذوالتاء منه على الواحد، ولا يكون من أبنية الجمع المذكورة، ولا يفيد إلا معنى الجمع، واستدل سيبويه على أنها ليست بجمع بتذكيرها في الاغلب، نحو ركب مشرع، وبمجئ التصغير على لفظها، وأما ما لا يجئ من تركيبه لفظ يقع على المفرد كالغنم والابل والخيل والنفر والرهط والقوم، فلا خلاف في أنها اسم جمع، وليست بجمع، و في الاصل في القائم كالركب في الراكب، إذ الرجال قوامون على النساء، وأكثر هذا النوع: أي الذى لم يأت له من لفظه واحد، مؤنث قال: " ونحو أراهط وأباطيل وأحاديث واعاريض وأقاطيع وأهال وليال وحمير وأمكن على غير الواحد منها " أقول: " اعلم أن هذه جموع لفظا ومعنى، ولها آحاد من لفظها، إلا أنها
__________
فإن تك ذا مال كثير فإنهم * لهم جامل ما يهدأ الليل سامره ويقال: الجامل جماعة الابل معها رعيانها وأربابها، وقال ابن الاعرابي: الجامل
الجمال، وعلى هذا يختص بالذكور ويكون له واحد من لفظه وهو الجمل كما قال المؤلف (1) السراة: اسم جمع واحده سرى، انظر (ص 137 من هذا الجزء) (2) انظر في شرح فرهد وغزى (ص 156 من هذا الجزء) وانظر في شرح كلمة تؤام (ص 167 من هذا الجزء أيضا) (*)


جاءت على خلاف القياس الذي ينبغي أن يجئ عليه الجموع فأراهط جمع رهط، وكان ينبغي أن يكون جمع أرهط، قيل: وجاء أرهط، قال: 86 - * وفاضح مفتضح في أرهطه (1) فهو إذن قياس وأباطيل: جمع باطل، والقياس (2) بواطل، وأحاديث: جمع حديث (3)،
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور أنشده الاصمعي ولم ينسبه إلى أحد بعينه، ولم نقف له بعد البحث على نسبة إلى قائل معين، والاستشهاد به على أن الاراهط في نحو قول الحماسي: يا بؤس للحرب التي * وضعت أراهط فاستراحوا جمع أرهط، وهو جمع رهط، ورهط الرجل: قومه وقبيلته دنية، والدليل أيضا على أن الرهط قد جمع على أرهط قول رؤبة: * وهو الذليل نفرا في أرهطه * وهذا يرد على أبي علي الفارسي حيث ذهب إلى أن اسم الجمع كرهط وطير وقوم لا يجمع جمع القلة (2) قياس جمع باطل بواطل كما قال المؤلف، وقياس أباطيل أن يكون
جمع أبطولة كأحدوثة وأكرومة، قال في اللسان: " والباطل نقيض الحق، والجمع أباطيل على غير قياس، كأنه جمع إبطال أو إبطيل، هذا مذهب سيبويه، وفي التهذيب: ويجمع الباطل بواطل، قال أبو حاتم: واحدة الاباطيل أبطولة، وقال ابن دريد: واحدتها إبطالة " اه (3) الاحاديث: جمع حديث جمعا غير قياسي، وقياس الحديث أن يجمع على حدث - كسرر - أو على حدثان - كرغفان - وقياس الاحاديث أن تكون جمع أحدوثة، وقد وردت الاحدوثة بمعنى الحديث، قال الشاعر: من الخفرات البيض ود جليسها * إذا ما نقضت أحدوثة لو تعيدها (*)


وأعاريض: جمع عروض (1)، وأقاطيع: جمع قطيع، وأهال: جمع أهل، وقياسه أن يكون جمع أهلاة، وكذا قياس ليال أن يكون جمع ليلاه، ومثله في التصغير لييلية، قيل: وقد جاء في الشعر: * في كل يوم ما وكل ليلاه (2) * وهو غريب وكذا قياس الارضي (3) أن يكون جمع أرضاة، وأما حمير فهو عند سيبويه من صيغ الجموع، لكن كان القياس أن يكون جمع فعل ككليب ومعيز وضئين، وقال غير سيبويه: إنه ليس من أبنية الجموع، فهو اسم جمع كركب وفرهة (4).
وعند سيبويه أيضا فعال من أبنية الجموع، خلافا لغيره، لكن قياسه عنده أن يكون جمع فعل كظؤار (5) في ظئر، وفعل كرخال في رخل (6)، قال
__________
(1) الاعاريض: جمع غير قياسي للعروض، وهي آخر تفعيلة من الشطر الاول من بيت الشعر، وقياس العروض أن تجمع على عرائض كحلوب وحلائب وقلوص
وقلائص، كما أن قياس الاعاريض أن تكون جمعالا عراضة أو إعريضة أو أعروضة، قال ابن يعيش في شرح المفصل (ح 5 ص 73): " والعروض ميزان الشعر، وهي مؤنثة لا تجمع، لانها كالجنس يقع على القليل والكثير، والعروض أيضا اسم لاخر جزء في النصف الاول من البيت، يجمع على أعاريض على غير قايس، كأنهم جمعوا إعريضا في معنى عروض ولم يستعمل " اه، وانظر (ح 1 ص 208 ه 2) (2) قد سبق شرح هذا البيت في (ح 1 ص 277) فارجع إليه (3) الاراضي: جمع أرض جمعا غير قياسي، وقياسه أن يجمع على أرض، ككلب وأكلب، أو على إراض ككلاب، وقياس الاراضي أن تكون جمعا لارضاة كما قال المؤلف (4) انظر (ص 156 من هذا الجزء) (5) انظر (ص 203 من هذا الجزء) (6) الرخال: اسم جمع واحده رخل - ككتف - ورخل - كعجل - وهو الانثى من أولاد الضأن.
(*)


" وتؤام في توأم شاذ " وعند غيره هو اسم الجمع.
وأمكن وأزمن في جمع مكان وزمان شاذان، كما تقدم، وكذا محاسن ومشابه جمع حسن وشبه، وكذا أكارع (1) في كراع، وكذا دوانيق وخواتيم (2) وزواريق في دانق وخاتم وزورق (3)، والقياس ترك الياء، فالشذوذ في هذا إشباع الكسر، وقريب من هذا الباب ما يجمع بالالف والتاء من المذكرات التى لم تجمع جمع التكسير، كجمال (4) سبحلات وربحلات (5) وحمامات وسرادقات، ولما قالوا فراسن (6) وجواليق (7) لم يقولوا فرسنات
__________
(1) الاكارع: جمع غير قياسي للكراع - كغراب - وهو من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس، وهو مستدق الساق، وهو أيضا أنف يتقدم من الجبل، وطرف كل شئ أيضا، واسم يجمع الخيل والسلاح، والقياس في جمعه كرعان وأكرعة - كغربان وأغربة - وكأنهم جمعوا كراعا على أكرعة ثم جمعوا
الاكرعة على أكارع، فهو جمع الجمع، كما قالوا في أراهط: إنه جمع أرهط، وقد جمعوا بالفعل كراعا على أكرع في قولهم: أكرع الجوزاء، يريدون أواخرها، فلا يمتنع إذن أن يكون الاكارع جمعا للاكرع (2) انظر (ص 151، 152 من هذا الجزء) (3) الزورق: السفينة الصغيرة (4) السجلات: جمع سجل - كقمطر - وهو الضخم من بعير، وضب، وجارية، وسقاء (5) الربحلات: جمع ربحل - كقمطر - وهو التام الخلق من الناس والابل، ويقولون: جارية ربحلة، إذا كانت طويلة جيدة الخلق (6) الفراسن: جمع الفرسن - كالزبرج - وهو من البعر بمنزلة الخف من الدابة (انظر ح 1 ص 59) (7) الجواليق، والجوالق أيضا: جمع جوالق - بضم الجيم وفتح اللام أو كسرها، وبكسر الجيم واللام جميعا - وهو وعاء من اللبد، وقد نص في اللسان على موافقة كلام المؤلف حيث قال: " ولم يقولوا في جمع جوالق: جوالقات، (*)


ولا جوالقات، وقد جاء في بعض الاسماء المذكوة ذلك مع الكسير، نحو بوانات في بوان، وهو عمود (1) الخيمة.
مع قولهم بون، وإنا جمع بالالف والتاء في مثله مع أنه ليس قياسه لاضطرارهم إليه، لعدم مجئ التكسير، وامتناع الجمع بالواو والنون لعدم شرطه.
وقريب من ذلك نحو الارضين والعزين والثبين (2)، ونحو ذلك من المؤنثات المجموعة بالواو والنون وقد يجئ جمع لا واحد له أصلا، لا قياسي ولا غير قياسي، كعباديد
وعبابيد (3)، وقد مضى القول في أكثر ذلك مبسوطا في شرح الكافية في باب الجمع، فليرجع إليه.
" قال وقد يجمع الجمع نحو أكاليب وأناعيم وجمائل وجمالات وكلابات وبيوتات وحمرات وجزرات " أقول: اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس مطرد، كما قال سيبويه وغيره، سواء كسرته أو صححته، كأكالب وبيوتات، بل يقال فيما قالوا ولا يتجاوز، فلو قلت أفلسات وأدليات في أفلس وأدل لم يجز، وكذلك أسماء الاجناس كالتمر والشعير لا تجمع قياسا، وكذا المصدر لانه أيضا اسم جنس، فلا يقال الشتوم والنصور في الشتم والنصر، بل يقتصر على ما سمع كالاشغال والحلوم والعقول، وكذا لا يقال الابار في جمع البر، بل يقتصر في جميع ذلك على المسموع، إلا أن يضطر شاعر فيجمع الجمع، قال:
__________
لانهم قد كسروه فقالوا: جواليق " اه وفى القاموس أنهم اجمعوه بالالف والتاء فقالوا: جوالقات، (1) انظر (ص 127 من هذا الجزء) (2) انظر (ص 115، 116 من هذا الجزء) (3) انظر (ح 1 ص 268 ثم ص 78 من هذا الجزء) (*)


69 - * بأعينات لم يخالطها القذى * (1) وقد سمع في أفعل وأفعلة كثيرا، كالايدى والايادي والاوطب والاواطب (2) والاسقية والاساقي (3)، مشبه بالاجدل والاجادل (4) والانملة والانامل، وقالوا: الاقوال والاقاويل، والاسورة والاساورة، (5) والانعام والاناعيم (6) وقالوا في الصحيح: أعطيت (7) وأسقيات كأنملات، وجمعوا
__________
(1) لم نقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ولا على سابق له أولاحق عليه.
والاعينات: جمع أعين، وهو جمع عين.
والقذى: ما يسقط في العين أو غيرها من الوسخ.
والفعل قذى من باب فرح.
(2) الاوطب: جمع وطب - كفلس - وهو وعاء اللبن من جلد الجذع فما فوقه، وجمع الاوطب الاواطب، وقد أنشد سيبويه: * تحاسب منها ستة الاواطب * (3) الاسقية: جمع سقاء، وهو جلد السخلة إذا أجذعت (انظر ص 52 من هذا الجزء) والاساقي جمع الجمع، وقد جمع على أسقيات أيضا كأعطيات، (4) الاجدل: الصقر، وأصله من الجدل الذي هو الشدة ثم سمى به قال الشاعر كأن بنى الدعماء إذ لحقوا بنا * فراخ القطا لاقين أجدل بازيا (5) الاسورة: جمع سوار - بضم السين وكسرها - وهو حلية من الذهب أو الفضة تلبسها النساء في سواعدهن، والاساور جمع الجمع، قال تعالى: (يحلون فيها من أساور من ذهب).
وقد يقولون: أساورة، بزيادة التاء لتأكيد الجمع، وقرئ (فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب).
وانظر (ص 127 من هذا الجزء) (6) الانعام: جمع نعم، وهو الابل والشاء، ويقال: هو خاص بالابل (7) الاعطيات: جمع أعطية، وهو جمع عطاء بالمد والقصر، والعطاء: الشئ المعطى، ومنه أعطيات الجند لارزاقهم، والعطية بمعنى العطاء، وجمعها عطايا (*)


أيضا فعالا على فعائل كجمال وجمائل وشمائل، وصححوه ككلابات ورجالات وجمالات، وقالوا في فعول نحو بيوتات، وفي فعل نحو جزرات (1) وحمرات
وطرقات، وفي فعل نحو عوذات (2) ودورات جمع عائذ ودار، وإنما جمع الجمع بالالف والتاء لان المكسر مؤنث، وقالوا في فعلان كمصارين وحشاشين جمع مصران جمع مصير وجمع حشان جمع (3) حش، فهو كسلطان وسلاطين، ولا يقاس على شئ من ذلك قال: " التاء الساكنين يغتفر في الوقف مطلقا، وفي المدغم قبله لين في كلمة نحو خويصة والضالين وتمود الثوب، وفي نحو ميم وقاف وعين مما بنى لعدم التركيب، وقفا ووصلا، وفى نحو الحسن عندك وآيمن الله بمينك، للالتباس، وفي نحو لا ها الله وإى الله جائز، وحلقتا البطان شاذ " أقول: اعلم أن الحرفين الساكنين إذا كان أولهما (حرفا) صحيحا لا يمكن التقاؤهما ألا مع إتيانك بكسرة مختلسة غير مشبعة على الاول منهما، فيحسب المستمعأن الساكنين التقيا، ويشاركه في هذا الوهم المتكلم أيضا، فإذا تفطن كل منهما علم أن على الاول منهما كسرة خفيفة، نحو بكر بشر بسر، حركت عين الثلاثة بكسرة خفيفة، وإلا استحال أن تأتي بعدها بالراء الساكنة، وإنما تحس بذلك وتتفطنه بعد تثبتك وتأنقك فيما تتكلم به، وإذا
__________
1 0) الجزرات: جمع جزر - بضم أوله وثانيه - وهو جمع جزور، وهو البعير المجزور، ويقال: هو خاص بالناقة المجزورة، وقد جمع الجزور على جزائر أيضا (2) العوذات: جمع عوذ، وهو جمع عائذ (انظر ص 182 من هذا الجزء) (3) انظر (ص 95 من هذا الجزء) (*)


خليت نفسك وسجيتها وجدت منها منها أنها لا تلتجئ في النطق بالساكن الثاني المستحيل مجيئه بعد الساكن الاول من بين الحركات إلا إلى الكسرة، وإن
حصل لها هذا المقصود بالضمة والفتحة أيضا، وكذلك إذا فرضت أول كلمة تريد النطق بها ساكنا، وذلك مما لا يجئ في العربية في اتبداء الكلام إلا مع همزة الوصل، ويوجد في الفارسية كقولهم شتاب وسطام، وجدت من نفسك أنك تتوصل إلى النطق بذلك الساكن بهمزة مكسورة في غاية الخفاء، حتى كأنها من جملة حديث النفس، فلا يدركها السامع، ثم تجهز بالحرف الساكن في أول الكلمة، فيتحقق لك أن إزالة كلفة النطق بالساكن بالكسرة، سواء كان ذلك الساكن في أول الكلمة أو في آخرها أو في وسطها، من طبيعة النفس وسجيتها إذا خليتها وشأنها فظهر لك أنهم لاى سبب كسروا همزة الوصل، ولم اجتلبوها دون غيرها، ولم كسروا أول الساكنين في نحو اضرب اضرب، و (لم يكن الذين) وأما إذا كان أولهما حرف لين فانه يمكن التقاؤهما لكن مع ثقل ما، وإنما أمكن ذلك مع حروف العلة لان هذه الحروف هي الروابط بين حروف الكلمة بعضها ببعض، وذلك أنك تأخذ أبعاضها، أعنى الحركات، فتنظم بها بن الحروف، ولولاها لم تتسق، فإذا كانت أبعاضها هي الروابط وكانت إحداها وهي ساكنة قبل ساكن آخر مددتها ومكنت صوتك منها حتى تصير ذات أجزاء، فتتوصل بجزئها الاخير إلى ربطها بالساكن الذى بعدها، ولذلك وجب المد التام في أول مثل هذين الساكنين، ويقل المد في حروف كان ما قبلها من الحركات من جنسها، نحو قول وبيع، وذلك لان في نحو قول المضموم قافه تتهيأ بعد النطق بالقاف للواو، وذلك لان الضمة بعض


الواو، فيسهل عليك المجئ بعد الضمة بالواو كاملة لانه لم يخالطها إذن نوع آخر في المد كما خالطها في نحو قول المفتوح قافه، فإنك إذن تهيأت فيه بعد القاف
للمد الالفى: أي الفتحة، ثم انتقلت في الحال إلى المد الواوي شائبا شيئا من المد الاول بالمد الثاني، وميل كل واحد من المدين إلى جانب الاخر، فلا جرم لم تتمكن من إشباع المد الواوى تمام التمكن فإذا تقرر هذا فاعلم ن أول مثل هذين الساكنين إذا كان ألفا فالامر أخف لكثرة المد الذي في الالف، إذ هو مد فقط، فلذلك كان نحو ماد وساد أكثر من نحو تمود الثوب، ثم بعد ذلك إذا كان أولهما واوا أو ياء ما قبلهما من الحركات من جنسهما، ولم يأت مثل ذلك في الياء في كلامهم نحو سير، والدرجة الاخيرة أن يكون أول الساكنين واوا أو ياء قبلها فتحة لقلة المد الذي في مثل ذلك، ولم يأت مثل ذلك إلا في المصغر نحو خويصة، فلا تقول في الافعل من اليلل (1) والود: أيل وأود، بحذف حركة اللام الاولى كما في أصيم، بل تنقل حركة أول الساكنين عند قصد الادغام إلى الواو والياء، نحو أيل وأود (1)، لقلة المد الذى فيهما، كما فعلت في نحو أشد وأمر، وإنما اختص ياء التصغير بعدم جواز نقل حركة ما بعده إليه عند قصد الادغام لوضعهم له ساكنا ولزومه للسكون هذا، ومع المد الذي في حروف اللين يشترط في الساكن الثاني أحد الشرطين: أحدهما: أن يكون مدغما بشرط أن يكون المدغم والمدغم فيه معا من كلمة حرف المد، وذلك أنه إذا كان مدغما في متحرك فهو في حكم المتحرك، وذلك لشدة التصاقه به فإن اللسان يرتفع بالمدغم فيه ارتفاعة واحدة، فيصيران كأنهما حرف واحد متحرك، وإنما اشترطنا أن يكون المدغم من كلمة
__________
(1) انظر (ح 1 ص 27)


حرف المد احترازا من نحو خافا الله وخافوا الله وخافى الله فإنه يحذف حرف
المد للساكنين، وذلك لان في التقائهما مطلقا وإن حصل جميع الشرائط كلفة ما، كما ذكرنا، فإذا كان أولهما في مكان يليق به الحذف وهو آخر الكلمة كان تخفيف الكلمة بحذفه أولى، وإنما حذف الاول دون الثاني لضعفه، واشترطنا كون المدغم فيه من كلمة حرف المد إذ لو لم يكن منها لكان الادغام الذي هو شرط اغتفار اجتمع الساكنين بمعرض الزوال فلا يعتد به، فلهذا لا تقول في النون المخففة في المثنى (1) اضربان نعمان، بإدغام نون اضربان في نون نعمان، وجاز في " ها الله " في أحد الوجوه اجتماع الساكنين وإن لم يكن المدغم من كلمة حرف المد لما مر في شرح (2) الكافية، الشرط الثاني
__________
(1) يريد أن نون التوكيد الخفيفة لا تقع بد الالف اسما كانت الالف أو حرفا، حتى لو وقع بعدها نون يمكن إدغامها فيها، لان النون التي بعدها لما كانت من كلمة أخرى كان الادغام بمعرض الزوال، فلا يعتد به فان قلت: إنهم اغتفروا التقاء الساكنين في المؤكد بالنون الثقيلة مضارعا كان أو أمرا نحو لا تضربان واضربان يا زيدان، مع أن المدغم فيه ليس من كلمة حرف المد، إذ الالف والنون كلمتان مستقلتان، فالجواب: أنهم اغتفروه وإن لم يكن على حده للضرورة، وذلك أنهم لو حذفوا الالف كما هو القياس في التقاء الساكنين لفتحوا النون، إذ كسرها لتشبيههما بنون المثنى في وقوعها بعد الالف، ولو فتحوا النون التبس المسند إلى الاثنين بالمسند إلى الواحد، فليس مراد المؤلف أن النون الخفيفة تقع بعد الالف ولو كان بعدها نون يمكن إدغامها فيها، فاقتصر على نفى الصورة المتوهمة (2) قال في شرح الكافية (ح 2 ص 32): " وإذا دخلت " ها " على الله ففيه أربعة أوجه: أكثرها إثبات ألف ها وحذف همزة الوصل من الله فيلتقي ساكنان: ألف ها، واللام الاولى من " الله "، وكان القياس حذف
الالف، لان مثل ذلك إنما يغتفر في كلمة واحدة كالضالين، أما في كلمتين، (*)


من الشرطين المعتبر واحد منهما في الساكن الثاني: أن يكون موقوفا عليه بالسكون، أو مجرى محرى الموقوف عليه، وذلك لان الوقف لقصد
__________
فالواجب الحذف نحو ذا الله وما الله، إلا أنه لم يحذف في الاغلب ههنا ليكون كالتنبيه على كون ألف هنا من تمام ذا، فان " ها الله ذا " بحذف ألف ها ربما يوهم أن الهاء عوض عن همزة الله كهرقت في أرقت، وهياك في إياك.
والثانية - وهي المتوسطة في القلة والكثرة - ها الله ذا " بحذف ألف " ها " للساكنين كما في " ذا الله " ولكونها حرفا كلا وما وذا.
والثالثة - وهى دون الثانية في الكثرة -: إثبات ألف ها وقطع همزة الله مع كونها في الدرج، تنبها على أن حق ها أن يكون مع ذا بعد الله، فكأن الهمزة لم تقع في الدرج.
والرابعة حكاها أبو علي - وهي أقل الجميع -: هأ لله، بحذف همزة الوصل وفتح ألف ها للساكنين بعد قلبها همزة كما في الضألين ودأبة، قال الخليل: ذا من جملة جواب القسم، وهو خبر مبتدأ محذوف: أي الامر ذا، أو فاعل: أي ليكونن ذا، أولا يكون ذا، والجواب الذي يأتي بعد نفيا أو أثباتا نحو ها الله ذا لافعلن أولا أفعل بدل من الاول، ولا يقاس عليه، فلا يقال: ها الله أخوك: أي لانا أخوك ونحوه وقال الاخفش: ذا من تمام القسم: إما صفة لله: أي الله الحضر الناظر، أو مبتدأ محذوف الخب ر: أي ذا قسمي، فبعد هذا: إما أن يجئ الجواب أو يحذف مع القرينة " اه هذا ما يتعلق بلفظ هذه الكلمة من حيث النطق بها وإعرابها، فأما ما يتعلق بها من حيث المعنى فقد ذكر المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 311، 312) أن معناها القسم، ثم اختلفوا في هذه الهاء
قال ما نصه: " وإذا حذف حرف القسم الاصلى: أعنى الباء: فان لم يبدل منها فالمخار النصب بفعل القسم.
ويختص لفظة الله بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض، نحو الكعبة لافعلن، والمصحف لاتين وتختص لفظة الله بتعويض " ها " أو همزة الاستفهام من الجار، وكذا يعوض من الجار فيها قطع همزة الله في الدرج، فكأنها حذفت للدرج ثم ردت عوضا من الحرف، وجار الله جعل هذه الاحرف بدلا من الواو، ولعل ذلك لاختصاصها بلفظة " الله " كالتاء، فإذا جئت بها.
(*)


الاستراحة، ومشارفة الراحة تهون عليك أمر الثقل الذى كنت فيه (1) والوقف على ضربين: إما أن يكون في نظر الواضع، أولا فالاول في أسماء حروف الهجاء، وإنما كانت هذه الاسماء كذلك لان الواضع وضعها لتعلم بها الصبيان أو من يجرى مجراهم من الجهال صور مفردات حروف الهجاء، فسمى كل واحد منها باسم أوله ذلك الحرف، حتى يقول الصبى: ألف مثلا، ويقف هنيهة قدر ما يميزها عن غيرها، ثم يقول: با، وهكذا إلى الاخر، فلا ترى ساكنين ملتقيين في هذه الاسماء إلا وأولهما حرف لين، نحو جيم
__________
التنبيه بدلا فلابد أن تجى بلفظة " ذا " بعد المقسم به، نحو لاها الله ذا، وإى ها الله ذا، وقوله: تعلمن ها لعمر الله ذا قسما (فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك) والظاهر أن حرف التنبيه من تمام اسم الاشارة...قدم على لفظ المقسم به عند حذف الحرف ليكون عوضا منه " اه (1) قد علل هذا العلامة ابن يعيش في شرحه على المفصل (ح 9 ص 120) فقال: " وإنما سد الوقف مسد الحركة لان الوقف على الحرف يمكن جرس ذلك الحرف ويوفر الصوت فيصير توفير الصوت عليه بمنزلة الحركة له، ألا ترى أنك
إذا قلت: عمر، ووقفت عليه، وجدت للراء من التكرر وتوفير الصوت ما ليس لها إذا وصلتها بغيره ؟ وذلك أن تحريك الحرف يقلقله قبل التمام ويجتذبه إلى جرس الحرف الذي منه حركته، ويؤيد عندك ذلك أن حروف القلقلة وهى القاف والجيم والطاء والياء والدال لا تستطيع الوقوف عليها إلا بصوت، وذلك لشدة الحفل والضغط، وذلك نحو: الحق، واذهب، واخلط، واخرج، ونحو الزاى والذال والطاء، والصاد، فبعض العرب أشد تصويتا، فجميع هذه لا تستطيع الوقوف عليها إلا بصوت، فمتى أدرجتها وحركتها زال ذلك الصوت، لان أخذك في صوت آخر وحرف سوى المذكور يشغلك عن إتباع الحرف الاول صوتا، فبان لك بما ذكرته أن الحرف الموقوف عليه أتم صوتا وأقوى جرسا من المتحرك، فسد ذلك مسد الحركة، فجاز اجتماعه مع ساكن قبله " اه (*)


دال نون، وكذا الاصوات، نحو قوس (1)، وطيخ (2)، الوقف فيها وضعي، لانها لم توضع لقصد التركيب كما مضى في بابها (3)
__________
(1) قوس: اسم صوت يزجر به الكلب ليبتعد، فيقال له: قوس قوس، وهو مبنى على السكون، فإذا دعوته ليقبل قلت: قس قس، وقد اشتقوا من ذلك فعلا فقالوا: قوقس الرجل، إذا أشلى كلبه: أي دعاه أو أغراه (2) طيخ: حكاية صوت الضحك، وهواسم صوت، والذى ذكره صاحب اللسان والقاموس أنه مبنى على الكسر، وكذلك ذكر المؤلف نفسه في شرح الكافية (ح 2 ص 77) حيث قال: " من الاصوات التى هي حكاية عن أصوات الانسان أو العجماوات أو الجمادات " طيخ " وهو حكاية صوت الضاحك، وعيط حكاية صوت الفتيان إذا تصايحوا في اللعب، وغاق - بكسر القاف - وقد ينون، وهو صوت الغراب...وشيب صوت مشافر لابل عند الشرب.
كلها مكسورة الاواخر " اه، فعلم من هذا أنه قد خالف هنا ما ذكره هناك وما هو
نقل علماء اللغة (3) الذى مضى هو قوله في (ح 2 ص 75): " اعلم أن الالفاظ التى تسميها النحاة أصواتا على ثلاثة أقسام: أحدها حكاية صوت صادر إما عن الحيوانات العجم كغاق (حكاية صوت الغراب) أو عن الجمادات كطق (حكاية صوت حجر وقع على آخر) وشرط الحكاية أن تكون مثل المحكى، وهذه الالفاظ مركبة من حروف صحيحة محركة بحركات صحيحة، وليس المحكى كذلك لانه شبه المركب من الحروف وليس مركبا منها، إذ الحيوانات والجمادات لا تحسن الافصاح بالحروف إحسان الانسان، لكنهم لما احتاجوا إلى إيراد أصواتها التى هي شبه المركب من الحروف في أثناء كلامهم أعطوها حكم كلامهم من تركيبها من حروف صحيحة، لانه يتعسر عليهم أو يتعذر مثل تلك الاجراس الصادرة منها، كما أنها لا تحسن مثل الكلام الصادر من جنس الانس، إلا في النادر كما في الببغاء، فأخرجوها على أدنى ما يمكن من الشبه بين الصوتين، أعنى الحكاية والمحكى، قضاء لحق الحكاية: أي كونها كالمحكى سواء، فصار الواقع في كلامهم كالحكاية عن تلك الاصوات.
وثانيها أصوات خارجة (*)


والثاني أن لا يكون الوقف بنظر الواضع، بل يطرأ ذلك في حال الاستعمال
__________
عن فم الانسان غير موضوعة وضعا، بل دالة طبعا على معان في أنفسهم، كأف وتف، فان المتكره لشئ يخرج من صدره صوتا شبيها بلفظ أف، ومن يبزق على شئ مستكره يصدر منه صوت شبيه بتف، وكذك آه للمتوجع أو المتعجب، فهذه وشبهها أصوات صادرة منهم طبعا كأح لذى السعال، إلا أنهم لما ضمنوها كلامهم لاحتياجهم إليها، نسقوها نسق كلامهم وحركوها تحريكه وجعلوها لغات مختلفة...، وثالثها أصوات يصوت بها للحيوانات عند طلب شئ:
إما المجئ كألفاظ الدعاء، نحو جوت، وقوس، ونحوهما، وإما الذهاب كهلا، وهج، وهجا، ونحوها، وإما أمر آخر، كسأ للشرب، وهدع للتسكين، وهذه الالفاظ ليست مما يخاطب به هذه الحيوانات العجم حتى يقال: إنها أوامر أو نواه، كما ذهب إليه بعضهم، لانها لا تصلح لكونها مخاطبة، لعدم فهمهما الكلام، كما قال الله تعالى: (كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) بل كان أصلها أن الشخص كان يقصد انقياد بعض الحيوانات لشئ من هذه الافعال فيصوت لها: إما بصوت غير مركب من الحروف كالصفير للدابة عند إيرادها الماء وغير ذلك، وإما بصوت معين مركب من حروف معينة لا معنى تحته، ثم يحرضه مقارنا لذلك التصويت على ذلك الامر: إما بضربه وتأديبه، وإما بايناسه وإطعامه، فكان الحيوان يمتثل المراد منه إما رهبة من الضرب أو رغبة في ذلك البر، وكان يتكرر مقارنة ذلك التصويت لذلك الضرب أو البر إلى أن يكتفي الطالب لذلك الصوت عن الضرب أو البر، لانه كان يتصور الحيوان من ذلك الصوت ما يصحبه من الضرب أو ضده فيمتثل عقيب الصوت عادة ودربد، فصار ذلك الصوت المركب من الحروف كالامر والنهي لذلك الحيوان، وإنما وضعوا لمثل هذا الغرض صوتا مركبا من الحروف ولم يقنعوا بساذج الصوت لان الصوت من حيث هو هو مشتبه الافراد، وتمايزها بالتقطيع والاعتماد بها على المخارج سهل، فلما كانت الافعال المطلوبة من الحيوانات مختلفة أرادوا اختلاف العلامات الدالة عليها، فركبوها من الحروف، وما ذكرنا من الترتيب يتبين من كيفية تعليم الحيوانات كالدب (*)


في غير أسماء حروف الهجاء والاصوات، نحو المؤمنون، والمؤمنات، والفوت، والميت، وكذا الاسماء المعدودة نحو زيد ثمود سعيد عماد، وذلك أن الواضع
وضعها لينطق بها مركبة تركيب أعراب فيقف عليها المستعمل إما مع تركيبها مع عاملها نحو جاءني المؤمنون أولا مع تركيبها معه نحو ثمود وزيد والاسماء التى وضعها الواضع لتستعمل مركبة في الكلام على ضربين: أحدهما ما علم الواضع أنه يلزمه سبب البناء في التركيب، أعنى مشابهة المبنى، والثانى ما علم نه لا يلزمه ذلك
__________
والفرد والكلب وغير ذلك " ثم قال: " وإنما بنى أسماء الاصوات لما ذكرنا من أنها ليست في الاصل كلمات قصد استعمالها في الكلام، فلم تكن في الاصل منظورا فيها إلى التركيب الذى هو مقتضى الاعراب، وإذا وقعت مركبة جاز أن تعرب اعتبارا بالتركيب العارض، وهذا إذا جعلها بمعنى المصادر كآها منك وأف لكما، إذا قصدت ألفاظها لا معانيها، قال جهم بن العباس: ترد بحيهل وعاج وإنما * من العاج والحيهل جن جنونها وقال: تداعين باسم الشيب في متثلم * جوانبها من بصرة وسلام وقال: (دعاهن ردفى فارعوين لصوته) * كما رعت بالجوت الظماء الصواديا على الحكاية مع الالف واللام، وتقول: زجرته بهيد (بفتح الهاء وكسرها) وبهيد (الاول محكي والثاني معرب)، وهذا كما تقول في الكلمات المبنية إذا قصدت ألفاظها: (ليت شعري وأين مني ليت) * إن لوا وإن ليتا عناء ولا يحد الله بأين ولا بأين "...والاعراب مع اللام أكثر من البناء نحو من العاج والحيهل - بالجر - وباسم الشيب، لكونها علامة الاسم الذي أصله الاعراب " اه (*)


ففي الاول جوز وضع بناء بعضه على أقل من ثلاثة نحو من وماوذا، وفي الثاني لم يجوز ذلك: إذ الثلاثة أقل أبنية المعرب، وأما أسماء حروف الهجاء والاصوات فمما لم يقصد بوضعها وقوعها مركبة، فلهذا جوز أيضا وضع بعضها على أقل من ثلاثة، نحو با تا ثا وصه وسأ (1)، إذ ليست في نظره مركبة، فلا تكون في نظره معربة، وأما إن كان أول الساكنين من غير حروف اللين، ولا يكون إذن سكون ثانيهما إلا للوقف في حال الاستعمال لا بنظر الواضع، فلابد من تحريك الاول منهما بكسرة مختلسة خفيفة كما ذكرنا، حتى يمكن النطق بالثاني ساكنا، نحو عمرو وبكر وبشر، وإنما جوز هذا الشبيه بالتقاء الساكنين لما قلنا إن الوقف لطلب استراحة، فيحتمل معه أدنى ثقل، ولما استحال اجتماعهما إلا مع تحريك الاول وإن كان بحركة خفيفة اختار بعض العرب نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى الساكن الاول على التحريك بالكسرة الخفيفة التي اقتضاها الطبع كما ذكرنا، لفائدتين: إحداهما: دفع الضرورة من غير اجتلاب حركة أجنبية، والثانية إبقاء دليل الاعراب لكن فيما اختاره ضعفا من جهة دوران الاعراب على وسط الكلمة فلذلك اجتنبه أكثر العرب قوله " يغتفر في الوقف مطلقا " أي: سواء كان أولهما حرف لين كالمؤمنون والمؤمنين والمؤمنات، أولا نحو بكر عمرو، وقد عرفت أن الثاني ليس فيه التقاء الساكنين حقيقة، إذ هو مستحيل فيما أولهما فيه حرف صحيح قوله " وفي المدغم قبله لين في كلمة " احتراز من نحو (قالوا اطيرنا) وخافى الله، وخافا الله
__________
(1) سأ: اسم يزجر به الحمار ليحتبس، أو ليمضى، أو يدعى به ليشرب، وفي المثل " قرب الحمار من الردهة ولا تقل له سأ " والردهة: نقرة في الصخرة
يستنقع فيها الماء (*)


قوله " خويصة " تصغير خاصة قوله " تمود الثوب " فعل ما لم يسم فاعله من " تمد دنا الثوب " أي: مده بعضنا من بعض قوله " نحو ميم قاف عين " يعنى به التقاء ساكنين ثانيهما لعدم موجب الاعراب، سواء كانت الكلمة من أسماء حروف التهجي كقاف لام ميم، أو من غيرها، كمرصاد ثمود عميد، وسواء كان الحرف الاول حرف لين كما ذكرنا، أولا كعمرو بكر، وقد ذكرنا أن هذا الاخير شبيه بالتقاء الساكنين وليس به في التحقيق، وإنما جاز التقاء الساكنين في مثل هذ لكون الكلمات مجراة مجرى الموقوف عليه كما يجئ وإن لم تكن موقوفا عليها قوله " وصلا " كما تصل عين بصاد في هذه الفاتحة، فسكون أواخرها ليس لانها كانت متحركة ثم قطعت حركتها لاجل الوقف، بل لكونها مبنية على السكون، وقال جار الله (1): هي معربة، لكنها لم تعرب لعريها عن سبب
__________
(1) قال جار الله الزمخشري في تفسير سورة البقرة من الكشاف (ح 1 ص 9) فان قلت: من أي قبيل هي (يريد الالفاظ التي يهتجي بها) من الاسماء: أمعربة أم مبنية ؟ قلت: بل هي أسماء معربة، وإنما سكنت سكون زيد وعمرو وغيرهما من الاسماء حيث لا يمسها إعراب لفقد مقتضيه وموجبه، والدليل على أن سكونها وقف وليس بناء أنها لو بنيت لحذى بهد حذو كيف، وأين، وهؤلاء ولم يقل: ص ق ن مجموعها فيها بين الساكنين " اه، وقد حقق العلامة البيضاوى مراد جار الله من هذه العبارة بأوجز لفظ فقال " وهي (أي: أسماء حروف التهجى) ما لم تليها العوامل موقوفة خالية عن الاعراب، لفقد موجبه ومقتضيه،
لكنها قابلة إياه معرضة له، إذ لم تناسب مبنى الاصل، ولذلك قيل: " ص " و " ق " مجموعا فيهما بين ساكنين، ولم تعامل معاملة أين وهؤلاء " اه ومن هنا تعلم أن ادعاء المؤلف الاضطراب والتناقض في عبارة جار الله غير (*)


الاعراب، وهذا منه عجيب، كيف يكون الاسم معربا بلا مقتض للاعراب ؟
__________
صحيح، لان معنى قول جار الله " إنها معربة " هو أنها ليست مبنية بل هي مهيأة للاعراب ومعدة له وتقبله لعدم وجود مقتضى البناء، ومعنى قوله " لكنها لم تعرب لعريها عن سبب الاعراب " هو أنها في حال عدم تركيبها لم تعرب بالفعل، وذلك لا غبار عليه، لان كل الاسماء قبل تركيبها لا يجرى عليها الاعراب بالفعل وإن كانت بعرضة أن يجري عليها، واستمع لابي حيان حيث يقول: " الاسماء المتمكنة قبل التركيب كحروف الهجاء المسرودة: ا ب ت ث، وأسماء العدد، نحو واحد اثنان ثلاثة أربعة، فيها للنحاة ثلاثة أقوال: فاختار ابن مالك رحمه الله أنها مبنية على السكون لشبهها بالحروف في كونها غير عاملة ولا معمولة، وهذا عنده يسمى بالشبه الاهمالى.
وذهب غيره إلى أنها ليست معربة لعدم تركبها مع العامل، ولا مبنية لسكون آخرها في حلة الوصل وما قبله ساكن، وليس في المبنيات ما هو كذلك.
وذهب بعضهم إلى أنها معربة، يعني حكما لا لفظا، والمراد به قابلية الاعراب وأنه بالقوة كذلك، ولولاه لم يعل فتى لتحركه وانفتاح ما قبله.
وهذا الخلاف مبنى على اختلافهم في تفسير المعرب والمبني، فان فسر المعرب بالمركب الذي لم يشبه مبني الاصل شبها تاما والمبنى بخلافه، فهي مبنية، وإن فسر بما شابهه وخلافه ولم نقل بالشبه الاهمالي فهي معربة، تنزيلا لما هو بالقوة منزلة ما هو بالفعل، وإن قلنا: المعب ما سلم من الشبه وتركب مع العامل والمبنى ما شابهه، فهي واسطة، وللناس فيما يعشقون مذاهب، فالخلاف لفظي، والامر فيه سهل،
وكلام الكشاف مبنى على الثاني (من تفسيرات المعرب والمبنى) وكلام البيضاوى محتمل له ولما بعده وإن كان الاول أظهر، ثم إنه قيل: إن المحققين حصروا سبب بناء الاسماء في مناسبة مالا تمكن له أصلا (يريد شبه الحرف)، وسموا الاسماء الخالية عنها معربة، وجعلوا سكون أعجازها قبل التركيب وقفا لا بناء، واستدلوا على ذلك بأن العرب جوزت في الاسماء قبل التركيب التقاء الساكنين كما في الوقف فقالوا زيد، عمرو، ص، ق، ولو كان سكونها بناء لما جمعوا بينهما كما في سائر الاسماء المبنية نحو كيف وأخواتها.
لا يقال: ربما عددت الاسماء ساكنة الاعجاز متصلا بعضها ببعض فلا يكون سكونها وقفا بل بناء، لانا نقول: (*)


وإنما قلنا إنها لم تكن متحركة بحركة لان الحركة إما إعرابية وكيف تثبت الحركة الاعرابية من دون سبب الاعراب الذي هو التركيب مع العامل ؟ وإما بنائية، ولا يجوز، لان بناء ما لم يثبت فيه سبب الاعراب أقوى من بناء ما عرض فيه مانع من الاعراب، فينبغي أن يكون أقوى وجهى البناء على أصل البناء، وهو السكون، لان أصل الاعراب الحركة، وأصل البناء السكون، ثم نقول: إن (مثل) هذه الكلمات سواء كانت من أسماء حروف الهجاء أو من أسماء العدد كواحد اثنان ثلاثة، أو من غيرهما كزيد عمرو بكر، وإن اتصل بعضها ببعض في اللفظ، إلا أن آخر كل واحد منها في حكم الموقوف عليه، وإنما وجب ذلك فيها لان كل كلمة منها مقطوعة عما بعدها من حيث المعنى، وإن كانت في اللفظ متصلة به، والدليل على كون كل واحدة في حكم الموقوف عليه إثبات ألف الوصل في اثنان إذا عددت ألفاظ العدد، وقلب تاء أربعة وثلاثة هاء، نحو واحد إثنان ثلاثة أربعة، اتفاقا منهم، وألف الوصل تسقط في الدرج ولا ينقلب التاء هاء إلا في الوقف، فهذه أسماء مبنية على السكون أجريت عليها
حكم الوقف، كما يوقف على كم ومن وسائر الكلم المبنية على السكون، فيجرى في آخر كل واحدة منها حكم الوقف، لعدم تعلق شئ منها بما بعده، كما أنه لما لم يتعلق نحو قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم) بما بعده من أول السورة كقوله تعالى: (قل هو الله أحد) وقفت على الرحيم، لكن لا تسكت على كل واحدة كما هو حق الوقف في آخر الكلام التام، لان ذلك إنما هو للاستراحة بعد التعب، ولا تعب ههنا بالتلفظ بكل كلمة، فمن حيث تجرى أواخرها مجرى
__________
هي قبل التركيب في حكم الوقف سواء كانت متفاصلة أو متواصلة، إذ ليس فيها قبل ما يوجب الوصلة، فالمتواصلة منها في نية الوقف فتكون ساكنة، بخلاف كيف وأين، وحيث، وجير، إذا عددت وصلا، فان حركتها لكونها لازمة لا تزول إلا بوجود الوقف حقيقة " اه (*)


الموقوف عليه قلبت التاء في ثلاثة أربعة هاء، ومن حيث وصلتها بما بعدها ولم تقف عليها نقلت حركة همزة أربعة إلى الهاء، على ما حكى سيبويه، كما ينقل في نحو مسألة، وقد أفلح، ومثله قول الشاعر: 70 - أقبلت من عند زياد كالخرف * تخط رجلاى بخط مختلف * تكتبان في الطريق لام الف (1) بنقل حركة همزة ألف إلى ميم، ونقل المبرد عن المازني منع نقل حركة الهمزة في ثلاثة أربعة إلى الهاء، وسيبويه أوثق من أن ترد روايته (2) عن العرب، ولا سيما إذا لم يمنعها القياس، وفرق سيبويه بين ما سكونه بنظر الواضع كأسماء حروف التهجى وبين ما سكونه يعرض ند قصد التعديد نحو واحد اثنان ثلاثة، وزيد عمرو بكر، فقال: ما أصله الاعراب جاز أن يشم فيه الرفع، فيقال واحد اثنان، بإشمام الرفع (وإنما أشم الرفع) دون غيره لانه أقوى الاعراب
__________
(1) هذه الابيات لابي النجم العجلى الفضل بن قدامة، وكان لابي النجم صديق يسقيه الشراب فإذا انصرف من عنده انصرف ثملا.
وزياد: هو صديق أبى النجم الذى كان يسقيه.
والخرف: الذي فسد عقله لكبر أو نحوه، وهو صفة مشبهة، وبابه فرح.
وتخط: تعلم، ومعنى الابيات أنه خرج من عند صديقه يترنج فتخط رجلاه خطا كالالف تارة وكاللام تارية أخرى، يريد أنه لا يمشى على استقامة.
والاستشهاد بالبيت على أنه نقل حركة همزة ألف إلى ميم لام كما نقلت حركة همزة أربعة إلى الهاء في قولك ثوثة أربعة حين تصل الثلاثة بما بعدها.
وهذا البيت من شواهد سيبويه (ح 2 ص 34) (2) قال سيبويه رحمه الله (ح 2 ص 34): " وزعم من يوثق به أنه سمع من العرب من يقول: ثلاثة أربعة، طرح همزة أربعة على الهاء ففتحها ولم يحولها تاء، لانه جعلها ساكنة والساكن لا يتغير في الادراج، تقول: اضرب، ثم تقول: اضرب زيدا " اه، وبعد أن ذكر سيبويه نه ينقل ذلك عن من يوثق به عن العرب لا محل لانكار المبرد الذي ذكره المؤلف عنه (*)


وأسبقه، وأما ألف لام ميم فلا يشم شئ منها حركة لكونها أعرق في السكون من الاول، إذ سكون مثلها بنظر الواضع، ومنع الاخفش من الاشمام، ولا وجه لمنعه مع وجه الاستحسان المذكور، وعلى ما قاله سيبويه لا بأس باشمام الرفع في المضاف في نحو غلام زيد إذا لم تركبه مع عامله قوله " وفي نحو الحسن عندك، وآيمن الله يمينك، للالتباس " يعنى إذا دخلت همزة الاستفهام على ما أوله همزة وصل مفتوحة لم يجز حذف همزة الوصل، وإن وقعت في الدرج، لئلا يلتبس الاستخبار بالخبر، لان حركتي الهمزتين متفقتان، إذ هما مفتوحتان، وللعرب في ذلك طريقان: أكثرهما قلب الثانية
ألفا محضا، والثاني تسهيل الثانية بين الهمزة والالف، والاول أولى، لان حق الهمزة الثانية كان هو الحذف، لوقوعها في الدرج، والقلب أقرب إلى الحذف من التسهيل، فإذا قلبت الثانية ألفا التقى ساكنان لا على حدهما، لان الثاني ليس بمدغم في نحو الحسن ولا موقوف عليه كما شرطنا، وفي قولك " آلله " وإن كان مدغما إلا أن المدغم ليس من كلمة حرف المد، ولا المدغم فيه، وإنما لم يحذف الالف المنقلبة من الهمزة لئلا يلزمهم ما فروا منه من التباس الاستخبار بالخبر، وهون ذلك كون الالف أمكن في المد من أخويه قوله " وحلقتا البطان " يقال في المثل: التقت حلقتا البطان، (1) إذا
__________
(1) هذا مثل تقوله العرب إذا اشتد الكرب، ومنه قول أوس بن حجر من قصيدته التي يمدح فيها فضالة بن كلدة ويرثيه بعد وفاته ليبكك الشرب والمدامة والفتيان طرا وطامع طمعا وذات هدم عار نواشرها * تصمت بالماء تولبا جدعا والحى إذ حاذروا الصباح وإذ * خافوا مغيرا وسائرا تلعا وازدحمت حلقتا البطان بأقوام وجاشت نفوسهم جزعا (*)


تفاقم الشر، وذلك لانهما لا يلتقيان إلا عند غاية هزال البعير أو فرط شد البطان قال: " فإن كان غير ذلك وأولهما مدة حذفت، نحو خف وقل وبع وتخشين واغزوا وارمي واغزن وارمن ويخشى القوم ويغزو الجيش ويرمى الغرض " أقول: كان حق قوله " وحلقتا البطان شاذ " أو يكون بعد قوله " ويرمى الغرض " لان حق الالف الحذف كما في " يخشى القوم " ولم تحذف
قوله " فإن كان غير ذلك " أي: إن كان التقاء الساكنين غير ذلك المذكور، وذلك على ضربين: إما أن يكون أولهما مدة أولا، ونعنى بالمدة حرف لين ساكنا، حركة ما قبله من جنسه، فان كان فلا يخلو من أن يكون حذف المدة يؤدى إلى لبس، أولا، فإن أدى إليه حرك الثاني، إذ المد لا يحرك كما في مسلمون ومسلمان، فإن النون في الاصل (1) ساكن، فلو حذفت الالف والواو للساكنين لالتبسا بالمفرد المنصوب والمرفوع المنونين، وكذا في يسلمان
__________
الهدم: الاخلاق من الثياب.
ولنواشر: عروق ظاهر الكف.
والجدع: السئ الغذاء.
والبطان: الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير، وفيه حلقتان، فإذا التقتا فقد بلغ الشد غايته (1) وجهه أن النون في المثنى والجمع هي التنوين الدال على تمكن الاسم، والتنوين نون ساكنة، فلما اجتمعت مع حرف المد وهو ساكن أيضا، واجتماعهما ههنا ليس مما يغتفر، وتعذر حذف حرف المد لانه مفض إلى اللبس، وتعذر تحريكه لانه نقض للغرض، لان المطلوب من المد التخفيف وتحريكه نقض لهذا الغرض، حركت النون، والاصل في تحريك الساكن إذا اضطر إليه أن يكسر وفتحت النون في الجمع للفرق بين نون المثنى ونون الجمع، ولم يعكس ليحصل التعادل في المثنى لخفة الالف وثقل الكسرة، وفي الجمع بثقل الواو وخفة الفتحة (*)


ويسلمون وتسلمين لو حذفت المدات لالتبس الفعل بالمؤكد بالنون الخفيفة في بدء النظر، وإن لم يؤد الحذف إلى اللبس حذف المد، سواء كان الساكن الثاني من كلمة الاول كما في خف وقل وبع، أو كان كالجزء منها، وذلك بكونه ضميرا مرفوعا متصلا، نحو تخشين وتغزون وترمين، كان أصلها تخشى
وتغزو وترمى، (1) فلما اتصلت الضمائر الساكنة بها سقطت اللامات للساكنين، أو بكونه أول نونى التأكيد المدغم أحدهما في الاخر، نحو اغزن وارمن، فإنه سقط فيهما الضميران لاتصال النون الساكنة بهما، أو كان الساكن الثاني أول كلمة منفصلة كما في يخشى القوم، ويغزو الجيش، ويرمى الغرض (2) وإنما حذف الاول إذا كان مدة مع عدم اللبس، وحرك هو إذا كان غيرها نحو اضرب اضرب إلا مع مانع كما في لم يلده (3) على ما يجئ، ولم
__________
(1) هذا الذي ذكره مبنى على ما ذهب إليه المؤلف وقرره مرارا من أن الضمائر إنما تلحق الافعال بعد إعلالها على ما تقتضيه أسباب الاعلال (أنظر ح 1 ص 79) وسقرر ذلك قريبا.
وأما بناء على ما ذهب إليه غيره من أن الضمائر تلحق الافعال قبل الاعلال فأصل تخشين تخشيين - كتعلمين - تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار تخشاين، فحذفت الالف للتخلص من التقاء الساكنين، وأوثرت هي بالحذف لامرين: الاول أنها جزء كلمة، والثاني أنها لام، واللام محل التغيير والحذف.
وأصل تغزون تغزوون - كتنصرون - استثقلت من التقائهما.
وأصل ترمين ترميين كتضربين، استثقلت الكسرة على الياء فحذفت الكسرة فالتقى ساكنان، فحذفت الياء الاولى للتخلص من التقائهما (2) الغرض: الهدف الذي ينصب فيرمى بالسهام (3) وردت هذه الكلمة في بيت من الشعر لرجل من أزد السراة وهو: عجبت لمولود وليس له أب * وذى ولد لم يلده أبوان وقد مضى ذكر البيت ووجه التخفيف فيه (أنظر ح 1 ص 45) وانظر (ص 238 من هذا لجزء) (*)


يحذف الثاني ولم يحرك هو في جميع المواضع لان الثاني من الساكنين هو الذي يمتنع
التلفظ به إذا كان الاول صحيحا، والذي يستثقل فيه ذلك إذا كان الاول حرف لين، وسبب الامتناع أو الاستثقال هو سكون الاول فيزال ذلك المانع: إما بحذف الاول إذا استثقل عليه الحركة، وذلك إذا كان مدا، أو بتحريكه إذا لم يكن كذلك، وأما أول الساكنين فانك تبتدئ به قبل مجئ الثاني فلا يمتنع سكونه ولا يستثقل، وإنما استثقل تحريك المد الذي هو الواو والياء لان المطلوب من المد التخفيف وذلك بأن سكن حرف اللين وجعل ما قبله من جنسه ليسهل النطق به، وتحريكه نقض لهذا الغرض، وأما الالف فلا يجئ فيه ذلك، لان تحريكه مستحيل، إذ لا يبقى إذن ألفا، وإنما حذف الواو من اغزن والياء من ارمن وإن كان نون التأكيد كجزء الكلمة الاولى فيكون لو خلى مثل الضالين وتمود الثوب لانها كلمة أخرى على كل حال، وليست بلازمة، فتعطى من جهة اللزوم حكم بعض الكلمة فان قيل: فلم عد في نحو اضربان كجزء الكلمة فلم يحذف الالف ؟ قلت: الغرض الفرق بين الواحد والمثنى، كما مر في شرح الكافية فنقول: النون من حيث لا يستثقل يمكن أن يكون له حكم جزء الكلمة، ومن حيث هو على حرفين وليس بلازم للكلمة ليس كجزئها، فحيث كان لهم غرض في إعطائه حكم الجزء أعطوه ذلك، أعنى في نحو اضربان، وحيث لم يكن لهم غرض لم يعطوه ذلك كما في أغزن وارمن، وفي تمثيل المصنف باغزوا وارمي - نظرا إلى أن أصلهما اغزووا وارميى فسكنت اللام استثقالا ثم حذفت لالتقاء الساكنين - نظر، لان الواو والياء فاعلان يتصلان بالفعل بعد الاعلال، كما ذكرنا أول الكتاب (1) في تعليل ضمة قلت وكسرة بعت، فالحق أن يقال: الواو
__________
(1) أنظر (ح 1 ص 79) (*)


والياء في اغزوا وارمي إنما اتصلا باغز وارم محذوفي اللام، لا أنهما ثابتا اللام اعلم أن الضمائر المرفوعة المتصلة بالمجزوم والموقوف (1) نحو اغزوا ولم يغزوا واغزوا ولم تغزوا واغزي ولم تغزى وارميا ولم ترميا وارموا ولم ترموا وارمي ولم ترمى وارضيا ولم ترضيا وارضوا ولم ترضوا وارضى ولم ترضى، إنما تلحق الفعل بعد حذف اللام للجزم أو الوقف، كمل لحقت في اضربا وقولوا ولم يضربا ولم يقولوا بعد الجزم والوقف، ثم تعود اللامات لحقوقها، لان الجزم والوقف معها ليسا على اللام، ثم تسقط اللامات مع الواو والياء لاجتماع الساكنين بعد حذف حركاتها، ولا تسقط مع الالف نحو اغزوا وارميا وارضيا ولم يغزوا ولم ترميا ولم ترضيا، لعدم الساكنين، ولم يقلب اللام ألفا في ارضيا واخشيا حملا على ترضيان وتخشيان، على ما يجئ في باب الاعلال قال: " والحركة في نحو خف الله واخشوا الله واخشى الله واخشون واخشين غير معتد بها، بخلاف نحو خافا وخافن " أقول: يعنى أن حركة الواو في اخشوا الله وحركة اللام في خف الله عرضتا لاجل كلمة منفصلة، وهى الله، فلم يعتد بها، فلم ترجع الالف المحذوفة لاجل سكون الواو واللام، وكذلك حركة واو اخشون ويا اخشين لان النون المتصلة بالضمير كالكلمة المفصلة، على ما قرر المصنف في آخر الكافية فان قيل: هب أن النون كالكلمة المنفصلة عن الفعل بسبب توسط الضمير بيهما، أليست كالمتصلة بالضمير اتصالها باللام في خافن ؟ فلما كان حركة اللام في خافن كالاصلية بسبب ما اتصل به: أي النون، فلذا رجع الالف المحذوفة في خف، فكذا كان ينبغي أن يكون حركة الواو والياء في اخشون واخشين، فكان ينبغي أن ترجع اللام المحذوفة فيهما لسكون الواو والياء المتصلين بهما
__________
(1) المراد بالموقوف المبنى وهو تعبير شائع في عبارات المتقدمين من النحاة (*)


قلنا: بين اتصال النون بلام الكلمة وبين اتصالها بالضمير فرق، وذلك لان النون إذا اتصلت لفظا بالضمير فهي غير متصلة به معنى، لانها لتأكيد الفعل لا لتأكيد الضمير، وأيضا فإن لام الكلمة عريق في الحركة فاعتد بحركته العارضة، بخلاف واو الضمير ويائه، فانها عريقان في السكون فان قلت: أليس النون في نحو اضربان بعد الضمير ؟ فهلا حذفت الالف كما في اضربا الرجل ؟ قلت: خوفا من التباس المثنى بالمفرد كما مر، وأما حركة اللام في خافا وخافوا وخافى وخافن فإنها مع عروضها صارت كالاصلية، بسبب اتصال الضمير المرفوع المتصل الذى هو كجزء الفعل، واتصال نون التأكيد بنفس الفعل، وكذا في ليخافا وليخافوا وليخافن، مع أن حركات اللام في الكلمات المذكورة وإن كانت عارضة بسبب إلحاق الضمائر والنون، لكنها ثابتة الاقدام لاجل خروج اللام عن كونه في تقدير السكون، كما كان في قم الليل ولم يقم الليل، إذ الجزم والوقف مع نون التأكيد المتصلة بلام الكلمة زالا بالكلية لصيرورتها معها مبنية على الحركة على (1) الاصح، كما مر في شرح الكافية، ومع اتصال
__________
(1) هذا أحد أقوال ثلاثة في الفعل المضارع الذى اتصلت به نون التوكيد، وحاصله أن الفعل المضارع يبنى على الفتح إذا باشرته نون التوكيد ولم يفصل بيهما فاصل ظاهر أو مقدر، وذلك في الفعل المضارع المسند إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير الواحد المذكر، وعلة بنائه حينئذ تركبه مع النون كتركب خمسة عشر، والفاصل الظاهر ألف الاثنين، والمقدر واو الجماعة وياء المخاطبة، والقول الثاني أن المضارع مع نون التوكيد مبنى مطلقا سوا أباشرته النون أم لم تباشره، وهو مبنى على فتح ظاهر مع المباشرة، وعلى فتح مقدر منع من
ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة مع غير المباشرة.
والقول الثالث أن الفعل المضارع مع نون التوكيد معرب مطلقا، وعلامة إعرابع النون المحذوفة لتوالى الامثال إذا كانت النون غير مباشرة للفعل بأن فصل بينهما فاصل ملفوظ (*)


الضمائر البارزة في نحو قولا ولم يقولا وقولوا ولم يقولوا وقولى ولم تقولي بلا نون تأكيد ينتقل الجزم والوقف عن اللام إلى النون التي بعد اللام، ففى الحالتين لم يبق اللام في تقدير السكون، فلا جرم رجعت العينات، ولزوال الجزم والوقف تثبت اللامات في اغزون وليغزون واغزوا هذا، وإنما لم يحذف أول الساكنين، أعنى الالف في رمى وغزا، عند اتصال ألف المثنى في غزوا ورميا وأعليان وحبليان، بل قلبت واوا أو ياء كما رأيت، وحرك، خوفا من التباس المثنى بالمفرد، أعنى رمى وغزا وأعلى زيد وحبلى عمرو وإنما لم ترد اللام المحذوفة في مثل رمت وغزت وإن تحركت التاء في غزتا ورمتا لان حركتهما وإن كانت لاجل الالف التي هي كالجزء، لكن تاء التأنيث الفعلية عريقة السكون، بخلاف لام قوما، كما مر، وأيضا حق التاء أن تكون بعد الفاعل، لانها علامة تأنيثه لا علامة تأنيث الفعل، فهي مانعة للالف من الاتصال التام كما قلنا في اخشون واخشين، على أن بعضهم جوز رد الالف في مثله، مستشهدا بقوله 71 - لها متنتان خظاتا كما * أكب على ساعديه النمر (1)
__________
به أو مقدر، أما مع النون المباشرة فعلامة إعرابه حركة مقدرة منع من ظهورها حركة التمييز بين المسند إلى الواحد والمسند إلى الجماعة والمسند إلى الواحدة.
(1) هذا بيت من قصيدة تنسب لامرئ القيس بن حجر الكندى، وهو في وصف فرس، وقبله قوله.
لها حافر مثل قعب الوليد * ركب فيه وظيف عجر لها ثنن كخوافى العقا * ب سود يفين إذا تزبئر لها ذنب مثل ذيل العروس * تسد به فرجها من دبر (*)


" قال: فإن لم يكن مدة حرك، نحو اذهب اذهب ولم أيله وألم الله واخشوا الله واخشى الله، ومن ثم قيل اخشون واخشين لانه كالمنفصل " أقول: اعلم أن أول الساكنين إن لم يكن مدة وجب تحريكه، إلا إذا أدى تحريكه إلى نقض الغرض كما في لم يلده وانطلق، كما يجئ، وإنما وجب تحريك الاول من دون هذا المانع لان سكونه كما ذكرنا هو المانع
__________
القعب: قدح مقعر من خشب، والوليد: الصبي، يريد أن جوف حافرها واسع.
والوظيف: مقدم الساق، وهو من الحيوان ما فوق الرسغ إلى الساق.
وعجر: غليظ، والثنن: جمع ثنة (كغرفة)، وهي الشعرات التي في مؤخر رسغ الدابة، ويفين: أصله يفئن، وتزبئر: تنتفش، والمتنتان: تثنية متنة، وهي بمعنى المتن، وأراد جانبى ظهرها.
وخظاتا: أكتنزتا وارتفعتا، وقوله " كما أكب على ساعديه النمر " قال ثعلب: أي في صلابة ساعد النمر إذا اعتمد على يديه، فكأنه قال لها جانبا ظهر مكتنزان شديدان.
والاستشهاد بالبيت في قوله " خظاتا " وهو فعل ماض أصله خظي - كرمى - ومعناه اكتنز، فأذا ألحقت به تاء التأنيث قلت خظت كما تقول رمت، فان جئت بألف المثنى مع تاء التأنيث فالقياس أن تقول: خظتا، كما تقول: رمتا، كما قال المؤلف، ولكن هذا الشاعر أعاد الالف التي هي لام الفعل نظرا إلى
تحرك التاء، ولم يبال بعراقة التاء في السكون، وهذا تخريج جماعة من العلماء منهم الكسائي، وذهب الفراء إلى مثنى خظاة، حذفت نون الرفع كما حذفت في نحو قول الراجز: * يا حبذا عينا سليمى والفما * أراد " والفمان " وكما حذفت في قول الشاعر: لنا أعنز لبن ثلاث فبعضها * لاولادها ثنتا وما بيننا عنز أراد " ثنتان "، وذهب أبو العباس المبرد إلى أن النون حذفت للاضافة، وعنده أن خظاتا مضاف إلى " كما أكب على ساعديه النمر " وهو كلام لا معنى له، إذ لا يمكن تخريجه على وجه صحيح (*)


من التلفظ بالساكن الثاني، فيزال ذلك المانع بتحريكه، إذ لا يؤدى التحريك إلى استثقال كما أدى إليه تحريك حرف المد على ما ذكرنا ويستثنى من هذا الباب نون التأكيد الخفيفة في نحو قوله: 72 - لا تهين الفقير علك أن * تركع يوما والدهر قد رفعه (1) فإنه يحذف كما ذكرنا في شرح الكافية فرقا بينها وبين التنوين (2)
__________
(1) هذا البيت من بحر المنسرح، وآخر النصف الاول منه قوله: " علك أن " وقد حذف من أوله سبب خفيف.
وهو من قصيدة للاضبط بن قريع أولها: لكل هم من الهموم سعه * والصبح والمنسى لا فلاح معه ما بال من سره مصابك لا * يملك شيئا من أمره وزعه وقبل البيت الشاهد قوله: قد يجمع المال غير آكله ويأكل المال غير من جمعه
فاقبل من الدهر ما أتاك به * من قر عينا بعيشه نفعه وصل حبال البعيد إن وصل الحبل * وأقص القريب إن قطعه والاضبط بن قريح جاهلي قديم، وهو الذي أساء قومه مجاورته فانتقل عنهم إلى آخرين ففعلوا مثل ذلك فقال: أينما أوجه ألق سعدا، وقال: بكل واد بنو سعد (فذهبتا مثلين)، والفلاح: البقاء والعيش، وهو أيضا الفوز، وعليه يحمل قول المؤذن " حى على الفلاح " والاستشهاد بالبيتعلى أن أصله " لا تهينن " بنو التوكيد الخفيفة الساكنة بعد النون التي هي لام الكلمة، فلما وقع ساكن آخر وهو لام التعريف حذفت نون التوكيد للتخلص من التقاء الساكنين (2) يريد أنهم قصدوا عدم تسويتها بالتنوين، وذلك لان التنوين لازم للاسم المتمكن في الوصل إذا خلا عن المانع، وهو الاضافة واللام، بخلاف النون الخفيفة، فانها قد تترك من الفعل بلا مانع، فلما اضطروا إلى تحريكهما أو حذفهما - وذلك عند التقائهما مع ساكن آخر - أجزوا التنوين على الاصل في التخلص من التقاء (*)


ويستثنى أيضا نون لدن، وحذفه شاذ، ووجهه مع الشذوذ أنه كان في معرض السقوط من دون التقاء الساكنين، نحو: 73 - من لد لحييه إلى منحوره * يستوعب البوعين من جريره (1) فيجوز حذفه إذا وقع موقعا يحسن حذف حرف المد فيه، وذلك لاجل مشابهته للواو، ولا يقاس عليه نون لم يكن، وإن شاركه فيما قلنا: من مشابهة
__________
الساكنين، وهو تحريك أولهما إذا لم يكن مدة، وأجروا النون على خلاف الاصل، وهو حذف أول الساكنين، مع أنها ليست مدة، فرقا بينها وبين التنوين، ولم يعكسوا، لان التنوين لازم للاسم المتمكن بخلاف النون، والخلاصة أن التنوين إذا التقى مع ساكن آخر فلا يحذف قياسا إلا في ابن وابنة إذا
كانا نعتين لعلم وكانا مضافين لعلم آخر، وإنما حذف التنوين من الموصوف بهما لانه قد كثر استعمالهما نعتين على هذا الوجه، واللفظ إذا كثر استعماله طلب التخفيف فيه، فلما اضطروا بسبب التقاء الساكنين إلى تحريك التنوين أو حذفه اختاروا حذفه طلبا للخفة، والنون الخفيفة إذا التقت مع ساكن آخر حذفت قياسا، قصدا للفرق بينها وبين التنوين (1) هذا البيت من شواهد سيبويه، وقد وقع في نسخ الاصل كلها على ما ترى، والذي في سيبويه وفي شرح الشواهد للبغدادي يستوعب البوعين من جريره * من لد لحييه إلى منحوره وصف بعيرا، أو فرسا، بطول العنق فجعله يستوعب من حبله الذي يربط به مقدار باعين فيما بين لحييه ونحره.
والبوعان: مثنى بوع، وهو مصدر بعت الشئ أبوعه بوعا إذا ذرعته بباعك، والجرير: الحبل والاستشهاد بالبيت في قوله: " لد لحييه " على أن أصله لدن فحذفت النون قال سيبويه.
" فأما لدن فالموضع الذي هو أول الغاية، وهو اسم يكون ظرفا، يدلك على أنه اسم قولهم: من لدن، وقد يحذف بعض العرب النون حتى يصير على حرفين، قال الراجز: " يستوعب البوعين...البيت " اه (*)


الواو، وجواز حذفه لغير الساكنين، لان حذف نون لدن للساكنين شاذ، وما ذكرناه وجه استحسانه، وليس بعلة موجبة ويستثنى أيضا تنوين العلم الموصوف بابن مضافا إلى علم كما مر في موضعه (1) وأما حذف التنوين للساكنين في قوله: 74 - وحاتم الطائى وهاب المى (2)
__________
(1) المعروف من مذاهب النحاة أن كلمة " ابن " إذا وقعت بين علمين ثانيهما أبو الاول وكانت وصفا لاولهما وجب أمران: أحدهما حذف ألف ابن في الخط، وثانيهما حذف تنوين العلم الاول إن كان منونا، لكن حكى التبريزي في شرح الحماسة في هذا لغتين: الاولى حذف التنوين كالمشهور عن النحاة، وثانيتهما جواز التنوين.
قال (ح 4 ص 34 طبعة المكتبة التجارية) في شرح قول قرواش بن حوط الضبى نبئت أن عقالا بن خويلد * بنعاف ذى عزم وأن الاعلما ينمى وعيدهما إلى ويننا * شم فوارع من هضاب يرمرما ما نصه: " والاجود في العلم وقد وصف بالابن أو الابنة مضافين إلى علم أو ما يجرى مجراه ترك التوين فيه، وقد نون هذا الشاعر " عقالا "، وإذ قد فعل ذلك فالاجود في ابن خويلد أن يجعل بدلا، ويجوز أن يجعل صفة على اللغة الثانية " اه، وعلى ذلك يحمل قول الراجز: * جارية من قيس بن ثعلبة * على أنه لغة، وليس ضرورة كما ذكره بعض النحاة (2) هذا بيت من الرجز المشطور لامرأة تفتخر بأخوالها، وقبله: * حيدة خالي ولقيط وعلى * وحيدة ولقيط وعلى وحاتم: أعلام، والطائي: نسبة إلى طئ على خلاف القياس.
والاستشهاد بالبيت في قوله " وحاتم الطائى " حيث حذف التنوين من حاتم (*)


وفيما قرئ من قوله تعالى (قل هو الله أحد الله الصمد) فشاذ والاصل في تحريك الساكن الاول الكسر، لما ذكرنا أنه من سجية النفس إذا لم تستكره على حركة أخرى، وقيل: إنما كان أصل كل ساكن
احتيج إلى تحريكه من هذا الذي نحن فيه ومن همزة الوصل الكسر لان السكون في الفعل: أي الجزم، أقيم مقام الكسر في الاسم: أي الجر، فلما احتيج إلى حركة قائمة مقام السكون مزيلة له أقيم الكسر مقامه على سبيل التقاص، وقيل: إنما كسر أول الساكنين وقت الاحتياج إلى تحريكه لانه لم يقع إلا في آخر الكلمة فاستحب أن يحرك بحركة لا تلتبس بالحركة الاعرابية، فكان الكسر أولى، لانه لا يكون إعرابا إلا مع تنوين بعده أو ما يقوم مقامها من لام وإضافة، فإذا لم يوجد بعده تنوين ولا قائم مقامها علم أنه ليس باعراب، وأما الضم والفتح فقد يكونان إعرابا بلا تنوين، ولا شئ قائم مقامه، نحو جاءني أحمد، ورأيت أحمد، ويضرب ولن يضرب، فلو حرك باحدى الحركتين لالتبست بالحركة الاعرابية قوله " ولم أبله " أصله أبالى، سقطت الياء بدخول الجازم، فكثر استعمال " لم أبال " فطلب التخفيف، فجوز جزم الكلمة بالجازم مرة أخرى، تشبيها لها بما لم يحذف منه شئ كيقول ويخاف، لتحرك آخرها، فأسقط حركة اللام، فسقط الالف للساكنين، فألحق هاء السكت لان اللام في تقدير الحركة، إذ هي إنما حذفت على خلاف القياس، فكأنها ثابتة كما في " لم يره " و " لم يخشه " فالتقى ساكنان فكسر الاول كما هو القياس، وأيضا فان الكسر حركته الاصلية وأما قوله (ألم الله) فمن وقف على (ألم) وعدها آية وابتدأ بالله محركا لهمزته
__________
ضرورة، وفيه شاهد آخر في قوله " المئي " حيث حذف النون ضرورة، وأصله المئين وليس هذا الاستشهاد الثاني مرادا هنا (*)


بالفتح فلا كلام فيه، وأما من وصل ألم بالله فانه يحرك ميم ميم بالفتح لا غير،
وهو مذهب سيبويه، والمسموع من كلامهم، واختلف في هذه الفتحة، والاقرب كما قال جار الله أنها فتحة همزة الله نقلت إلى ميم، كما قلنا في ثلاثهربعة.
وقال بعضهم: هي لازالة الساكنين، وإنما كان الاول هو المختار لما تقدم أن أسماء حروف الهجاء إذا ركبت غير تركيب الاعراب جزى كل واحد منها مجرى الكلمة الموقوف عليها، لعدم اتصال بعضها ببعض من حيث المعنى، وإن اتصلت من حيث اللفظ، ومن ثم قلبت تاآت نحو ثلاثة أربعة هاء، فلما كانت ميم كالموقوف عليها ثبتت همزة الوصل في الله، لانها كالمبتدأ بها، وإن كان متصلة في اللفظ بميم، فلما نقل حركة همزة القطع إلى ما قبلها وحذفت في ثلاثهربعة وفي قوله " لام ألف " كذلك حذفت همزة الوصل بعد نقل حركتها إلى ما قبلها لانها صارت كهمزة القطع من حيث بقاؤها مع الوصل، إلا أن حذفها مع نقل الحركة في (ألم الله) أولى من إثباتها، كراهة لبقاء همزة الوصل في الدرج، بخلاف الهمزة في ثلاثهربعة ولام ألف، فان حذفها لا يترجح على إثباتها لكونها همزة قطع، واختار المصنف جعل حركة ميم للساكنين، بناء على أن الكلمات معدودة ليست أواخرهها كأواخر الكلم الموقوف عليها، فيسقط إذن همزة الوصل لكونها في الدرج، فيلتقي ساكنان: الميم، واللام الاولى، فلم يكسر الميم كأخواته لان قبله ياء وكسرة، فلو كسرت لتوالت الامثال، وأيضا فيما فعلوا حصول التفخيم في لام الله، إذ هي تفخم بعد الفتح والضم وترقق بعد الكسر، والذي حمله على هذا بناؤه كما مر على أن سكون أواخر الكلمات المعدودة ليس للوقف، لانه إنما يسكن المتحرك، ولا حركة أصلا لهذه الكلمات، وذهب عنه أنه يوقف على الساكن أيضا، والحق أنها مبنية على السكون، فجرى آخر كل واحدة منها مجرى الموقوف عليه، كما يوقف على من وكم ونحوهما، وقلب التاء هاء وثبوت همزة الوصل في نحو واحد اثنان دليل الوقف، وأجاز الاخفش الكسر أيضا في (ألم الله) قياسا


لا سماعا، كما هو عادته في التجرد بقياساته على كلام العرب الذي أكثره مبنى على السماع (وهذا هو من الاخفش) بناء على أن الحركة للساكنين وليست للنقل، وبه قرأ عمرو بن عبيد قوله " واخشوا الله، وأخشى الله " إنما لم يحذف الواو والياء لان الاصل أن يتوصل إلى النطق بالساكن الثاني بتحريك الساكن الاول لا بحذفه، لان سكونه هو المانع من النطق به، فيرفع ذلك المانع فقط، وذلك بالتحريك، وإنما ينتقل إلى حذفه إذا كان مدة كما ذكرنا، والواو والياء إذا انفتح ما قبلهما ليستا بمدتين فلا يستثقل تحريكهما، مع أنه لو حذف الواو والياء ههنا - وهما كلمتان برأسهما - لم يكن عليهما دليل، لان قبلهما فتحة، بخلاف " اغزوا القوم " و " اغزى الجيش " فان الضمة قبل الواو والسكرة قبل الياء دليلان عليهما بعد حذفهما قوله " ومن ثم قيل اخشون واخشين لانه كالمنفصل " لا وجه لا يراد هذا الكلام ههنا أصلا، لان الساكن الاول يحرك إذا لم يكن مدة، وإن كان الثاني متصلا مثل الهاء في " لم أبله " أو مفصلا كاخشوا واخشى الله أو كالمنفصل كاخشون واخشين، فأى فائدة لقوله " لانه كالمنفصل " وحكم المتصل أيضا كذلك ؟ وهذا مثل ما قال في آخر الكافية " وهما في غيرهما مع الضمير البار كالمنفصل " كأنه توهم ههنا أن حق الواو والياء في مثله الحذف كما في اغزن، لكن لما كان النون المؤكدة التي بعد الضمة كالكلمة المنفصلة لم يحذفا، كما لم يحذفا في نحو اخشوا الله وأخشى الله، وقد ذكرنا الكلام عليه هناك، وتحريك لام التعريف الداخلة على همزة الوصل، نحو الابن والاسم والانطلاق والاستخراج، من باب تحريك أول الساكنين بالكسر ليمكن النطق بالثاني في نحو قد استخرج وهل
احتقر، لان همزة الوصل حركتها تسقط في الدرج فيلتقي ساكنان: لام التعريف،


والساكن الذى كان بعد همزة الوصل، وروى الكسائي عن بعض العرب جواز نقل حركة الهمزة إذا أردت حذفه في الدرج إلى ما قبله، فروى (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله) بفتح ميم الرحيم إذا وصلته بأول الحمد، وكذا قرئ في الشواذ (قم الليل) بفتح الميم، فعلى هذا يجوز أن يكون كسرة اللام في الابن والانطلاق منقولة عن همزة الوصل، وكذا الضم في نحو (قد استهزئ) و (قالت اخرج) وهو ضعيف، ولو جاز هذا لجاز (لم يكن الذين) وعن الذين، بفتح النونين قال " إلا في نحو انطلق ولم يلده، وفي نحو رد ولم يرد في تميم مما فر من تحريكه للتخفيف فحرك الثاني، وقراءة حفص ويتقه ليست منه على الاصح " أقول: يعنى إذا لم يكن الاول مدة حرك الاول، إلا إذا حصل من تحريك الاول نقض الغرض، وهذا في الفعل فقط، نحو انطلق، وأصله انطلق أمر من الانطلاق، فشبه طلق بكتف في لغة تميم، فسكن اللام، فالتقى ساكنان، فلو حرك الاول على ما هو حق التقاء الساكنين لكان نقضا للغرض وكذا الكلام في لم يلده، قال: عجبت لمولود وليس له أب * وذي ولد لم يلده أبوان (1) واختير فتح ثانى الساكنين على الكسر الذى هو الاصل في تحريك الساكنين لتنزيه الفعل عنه، ومن ثم توقى منه بنون العماد، وأما الضم فلا يصار إليه في دفع الساكنين لثقله، إلا للاتباع كما في منذ، أو لكونه واو الجمع كما في اخشون، وقيل: إنما فتح إتباعا لحركة ما قبل الساكن الاول مع كون الفتح أخف
قوله " وفي نحو رد ولم يرد في تميم " اعلم أن أهل الحجاز لا يدغمون في
__________
(1) قد سبق القول في هذا البيت (ج 1 ص 45) فارجع إليه هنالك، وانظر (ص 226 من هذا الجزء) (*)


المضاعف الساكن لامه للجزم أو للوقف، نحو اردد ولم يردد، لان شرط الادغام تحريك الثاني، وبنو تميم وكثير من غيرهم لما رأوا أن هذا الاسكان عارض للوقف أو للجزم وقد يتحرك وإن كانت الحركة عارضة في نحو " اردد القوم " لم يعتدوا بهذا الاسكان، وجعلوا الثاني كالمتحرك، فسكنوا الاول ليدغم، فتخف الكلمة بالادغام، فالتقى ساكنان، فلو حرك الاول لكان نقضا للغرض، وقد جاء به الكتاب العزيز أيضا، قال تعالى: (ولا يضار كاتب) وإذا ثبت أن بعض العرب يدغم الاول في الثاني في نحو يرددن مع أن تحريك الثاني مع وجود النون ممتنع فما ظنك بجواز إدغام نحو أردد ولم يردد مع جوز تحريك الثاني للساكنين ؟ واتفق الجمع على ترك إدغام أفعل تعجبا نحو أحبب، لكونه غير متصرف، وقد يحرك الثاني أيضا إذا كان آخر الكلمة المبنية، إذ لو حرك الاول والساكنان متلازمان على هذا التقدير لالتبس وزن بوزن، كما في أمس ومنذ، فكان يشتبه فعل وفعل الساكنا العين بالمتحركيها، ويجوز أن يعلل أين وكيف وحيث بمثله، وباستثقال الحركة على حرف العلة إن لم يقلب، ولو قلب لكان تصرفا في غير متمكن قوله: " وقراءة حفص - الخ " رد على الزمخشري (1)، فانه قال: أصله
__________
(1) لم ينفرد الزمخشري بما ذكره المؤلف، بل هو تابع فميا ذهب إليه لجمهرة النحاة، ونحن نلخص لك ما ذهبوا إليه في توجيه قراءة حفص، فنقول: ذهب النحاة في توجيه هذه القراءة أربعة مذاهب: أولها - وهو ما ذهب إليه الجمهور وعزاه المؤلف للزمخشري - وثانيها مذهب ذهب إليه عبد القاهر وحكاه
عنه الجار بردى واختاره المصنف وذكر المؤلف أنه الحق، وقد تكفل المؤلف ببيان هذين المذهبين، فلا داعى للاطالة في شرحهما، والثالث - وهو مذهب ذهب إليه أبو على الفارسي - وحاصله أن الهاء هاء الضمير المفرد المذكر، وأنها قد سكنت على لغة بنى عقيل وكلاب، وذلك أنهم يجوزون تسكين هاء ضمير (*)


يتق ألحقت به هاء السكت فصار تقه ككتف فخفف بحذف حركة القاف كما هو لغة تميم، فالتقى ساكنان، فحرك الثاني: أي هاء السكت، لئلا يلزم تقض الغرض لو حرك الاول وفيما قال ارتكاب تحريك هاء السكت، وهو بعيد، وقال المصنف - وهو الحق -: بل الهاء فيه ضمير راجع إليه تعالى في قوله (ويخش الله) وكان تقه ككتف، فخفف بحذف كسر القف، ثم حذف الصلة التي بعدها الضمير: أي الياء، لانها تحذف إذا كان الهاء بعد الساكن نحو منه وعنه وعليه، كما مر في باب المضمرات قال: " والكسر الاصل فإن خولف فلعارض: كوجوب الضم في ميم الجمع ومذ، وكاختيار الفتح في ألم الله " أقول: قد ذكرنا لم كان الكسر أصلا في هذا الباب قوله: " كوجوب الضم في ميم الجمع " ليس على الاطلاق، وذلك أن ميم
__________
المفرد المذكر إذا تحرك ما قبلها، ثم سكنت القاف من يتقه على لغة بنى تميم، تشبيها بنحو كتف، فالتقى ساكنان أولهما ليس مدة، فلو حرك الاول منهما على القاعدة لكان نقضا للغرض، فلذلك حرك الثاني، فعلى هذا جاز أن تكون قراءة حفص منه، والرابع أن الهاء هاء الضمير وأن القاف سكنت لا للتشبيه بنحو كتف في لغة بنى تميم، بل لتسليط الجازم عليها، كم سكنت اللام في " لم أبله "، وكما سكنت القاف في قول من قال:
ومن يتق فإن الله معه * ورزق الله مؤتاب وغادى وعلى هذا لا تكون قراءة حفص من باب التقاء الساكنين، كما أنها ليست كذلك على الوجه الذى ذهب إليه المصنف تبعا لعبد القاهر، والفرق بين هذا المذهب الاخير وبين ما ذهب إليه المصنف أن القاف سكنت على ما ذهب إليه المصنف تخفيفا تشبيها له بنحو كتف، وعلى المذهب سكنت القاف للجازم، والخلاصة أن قراءة حفص تكون من هذا الباب على المذهب الاول والثالث ولا تكون منه على المذهب الثاني والرابع (*)


الجمع إذا كانت بعد هاء مكسورة فالاشهر في الميم الكسر، كقراء، أبي عمرو (عليهم الذلة) و (بهم الاسباب) وذلك لاتباع الهاء وإحراء الميم مجرى سائر ما حرك للساكنين، وباقى القراء على خلاف المشهور، نحو (بهم الاسباب) و (عليهم القتال) بضم الميم، تحريكا لها بحركتها الاصلية لما احتيج إليها: أي الضم كما مر في باب المضمرات (1)، وإن كانت الميم بعد ضمة، سواء كانت على الهاء كما في قوله تعالى: (هم المؤمنون) وفي قراءة حمزة (عليهم القتال) أو على غيرها نحو (أنتم الفقراء) و " لكم الملك اليوم " و " لم يأت بكم الله " فالمشهور ضم الميم تحريكا لها بحركتها الاصلية وإتباعا لما قبلها، وجاء في بعض اللغات كسرها للساكنين كما في سائر أخواتها من ساكن قبل آخر قوله " ومذ " لا يجب ضم ذال مذ كما ذكر المصنف، بل ضمها للساكنين أكثر من الكسر: إما لان أصلها الضم على ما قيل من كونها في الاصل منذ،
__________
(1) ملخص ما ذكره في شرح الكافية: أنهم زادوا الميم قبل الواو مع ضمير الجمع لئلا يلتبس ضمير الجمع بضمير المتكلم إذا أشبعت ضمته، فأصل " ضربتم " مثلا ضربتو، فدفعا للبس زادود الميم قبل الواو وضموها لمناسبة
الواو، ثم إن وقع بعد الواو ضمير وجب إثبات الواو على الصحيح، وإن لم يقع بعدها ضمير: فمنهم من يحذف الواو استثقالا لواو مضموم ما قبلها في آخر الاسم، ومنهم من لا يحذف، لان الاستثقال عنده خاص بالاسم المعرب، فإذا حذفت الواو سكنت الميم لزوال المقتضى لضمها، فإذا التقت مع ساكن آخر فان كانت بعد ضمة فالاشهر الاقيس ضمها إتباعا، ولان الضم حركتها الاصلية، فمنهم من يكسرها على أصل التخلص من التقاء الساكنين، وهو في غاية القلة، ومنعه أبو على الفارسى، وإن كانت بعد كسرة فالاشهر الاقيس كسرها إتباعا أو على أصل التخلص، ومنهم من يضمها تحريكها لها بحركتها الاصلية لانه لما اضطر إلى تحريك الميم كان تحريكها بحركتها الاصلية أولى من اجتلاب حركة أجنبية (*)


وإما لاتباع الذال للميم، وإما لكونه كالغايات كما مر في بابه، والتزموا الضم في " نحن " ليدل على الجمعية كما في همو وأنتمو قوله " وكاختيار الفتح " " في ألم " قد ذكرنا ما فيه، والفتح في نحو اضربن وليضربن للساكنين عند الزجاج والسيرافي، كما مر في شرح الكافية قال: " وكجواز الضم إذا كان بعد الثاني منهما ضمة أصلية في كلمته نحو وقالت اخرج وقالت اغزى، بخلاف إن امرؤ وقالت ارموا وإن الحكم " أقول: يعني إذا كان بعد الساكن الثاني من الساكنين ضمة قوله " أصلية " ليدخل نحو " وقالت اغزى " لان أصل الزاى الضمة، إذ الياء لحقت باغز بضم الزاي، وليخرج نحو " وقالت ارموا " لان أصل الميم الكسر، إذ الواو لحقت بارم بكسر الميم، وليخرج نحو (إن امرؤ هلك)
لان ضمة الراء تابعة لضمة الاعراب العارضة وتابع العارض عارض قوله " في كلمته " صفة بعد صفة لضمة: أي ضمة ثابتة في كلمة الساكن الثاني، ليخرج نحو " إن الحكم " لان ضمة الحاء وإن كانت لازمة للحاء لكن الحاء المضمومة ليست لازمة للساكن الثاني، إذ تقول: إن الحكم، وإن الفرس، والمطلوب من كونها في كلمته لزومها له حتى يستحق أن تتبع حركتها حركة الساكن الاول، وكان المبرد لا يستحسن ضم الساكن الاول إذا كان بعد كسرة، لاستثقال الخروج من الكسرة إلى الضمة نحو (عذاب اركض) وربما ضم أول الساكنين وإن لم يكن بعد ثانيهما ضمة أصلية، إتباعا لضمة ما قبله، نحو قل اضرب، وقرئ في الشواذ (قم الليل) وقاس بعضهم عليه فتح المسبوق بفتحة، نحو " اصنع الخير " قال: " واختياره في نحو اخشوا القوم عكس لو استطعنا "


أقول: قوله " واختياره " أي: اختيار الضم في واو الجمع المفتوح ما قبلها نحو اخشوا القوم واخشون، لتماثل حركات ما قبل النون في جمع المذكر في جميع الابواب نحو اضربن واغزن وارمن واخشون، ويجوز أن يقال: قصدوا الفرق بى واو الجمع وغيره، نحو لو استطعنا، وكان واو الجمع بالضم أولى، جعلا لما قبل نون التأكيد في جمع المذكر على حركة واحدة في جميع الابواب كما ذكرنا، وكذا واو الجمع في الاسم نحو " مصطفو الله " ليجانس نحو " ضاربو القوم " واختير في واو " لو استطعنا " الكسر على الاصل، لانتفاء داعى الضم كما كان في واو الجمع، وقد يشبه واو الجمع بواو نحو " لو استطعنا " فيكسر، وكذا قد يشبه واو نحو لو بواو الجمع فيضم، وكلاهما قليل، واختاروا الضم في حيث لكونه كالغايات كما مر في بابه
قال " وكجواز الضم والفتح في نحو رد ولم يرد بخلاف رد القوم على الاكثر، وكوجوب الفتح في نحو ردها، والضم في نحو رده على الافصح، والكسر لغية، وغلط ثعلب في جواز الفتح " أقول: اعلم أن بنى تميم ومن تبعهم إذا أدغموا مثل هذا الموقوف والمجزوم كما ذكرنا ذهبوا فيه مذاهب: منهم من يفتحه كما في نحو انطلق ولم يلده، نظرا إلى كونه فعلا فتجنيبه الكسرة اللازمة أولى، وأما في اردد القوم فعروضها سهل أمرها، فيقول: مد وعض وعز، وفتح عض عنده ليس للاتباع، وإلا قال مد بالضم وعز بالكسر، ومنهم من يفر من الكسر إلى الاتباع كما في منذ، فيقول: مد وعز وعض، والكسر في عز ليس عنده لان الساكن يحرك بالكسر، وإلا كسر عض ومد أيضا، ومنهم من يبقى الجميع على الكسر الذي هو الاصل في إزالة الساكنين، وهم كعب وغنى، فيقول: مد وعض وعز، والكسر في عز عنده ليس للاتباع، وإلا أتبع في مد وعض أيضا


وقد اجتمعت العرب حجازيهم وغيرهم على الادغام في " هلم " مع الفتح، لتركبه مع " ها " فخففوه بوجوب الادغام ووجوب الفتح (1) وإن اتصل هذا المجزوم أو الموقوف بساكن بعده، نحو رد ابنك ولم ترد القوم، اتفق الاكثر ممن كان يدغم على أنه يكسر قياسا على سائر ما يكون ساكنا قبل مثل هذا الساكن، نحو اضرب القوم، ومن العرب من تركه مفتوحا مع هذا الساكن أيضا، ذكر يونس أنه سمعهم ينشدون: 75 - فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا (2)
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 68): " وهو (يريد هلم) عند الخليل هاء التنبيه ركب معها " لم " أمر من قولك لم الله شعثه: أي جمع: أي اجمع
نفسك إلينا في اللازم، واجمع غيرك في المتعدى، ولما غير معناه عند التكريب، لانه صار بمعنى أقبل أو أحضر بعد ما كان بمعنى أجمع، صار كسائر أسماء الافعال المنقولة عن أصولها فلم يتصرف فيه أهل الحجاز مع أن أصله التصرف، ولم يقولوا فيه: هامم، كما هو القياس عندهم في " اردد وامدد " ولم يقولوا: هلم وهلم (بضم الاول للاتباع وكسر الثاني على أصل التخلص من التقاء الساكنين) كما يجوز ذلك في مد، كل ذلك لثقل التركيب " اه (2) البيت من قصيدة لجرير من عطية هجا بها الراعي النميري، ومطلعها: أقلى اللوم عاذل والعتابا * وقولى إن أصبت: لقد أصابا عاذل: مرخم عاذلة، وهو منادى، وجواب الشرط الذي هو قوله " إن أصبت " محذوف لدلالة ما قبله عليه، والمبرد يجعل المتقدم جوابا.
وقوله " لقد أصابا " مقول القول.
والمراد لا تعتز ولا تتكبر.
ونمير قبيلة الراعي المهجو، وكعب وكلاب قبيلتان بلغتا عند الشاعر غاية السمو والرفعة.
والاستشهاد بالبيت في قوله " فغض الطرف " فان يونس على ما حكاه عنه سيبويه سمع العرب ينشدونه بفتح الضاد، والفتح لغة بنى أسد كما قاله جار الله في المفصل (*)


بفتح الضاد، كأنهم حركوه بالفتح قبل دخول اللام، فلما جاء اللام لم يغيروه، ولم يسمع من أحد منهم الضم قبل الساكن، وقد أجازه المصنف في الشرح، وهو وهم (1) واتفقت العرب كلهم على وجوب الفتح إذا اتصلت به هاء بعدها ألف، نحو ردها وعضها واستعدها، وذلك لان الهاء خفية فكأن الالف ولى المدغم فيه، ولا يكون قبلها إلا الفتحة، وإذا كانت الهاء مضمومة للواحد المذكر ضموا كلهم نحو رده وعضه واستعده، لان الواو كأنها وليت المدغم فيه لخفاء الهاء،
فكأنك قلت رودا وعضوا واستعدوا، وليس الضم في رده لاتباع ما قبله،
__________
(1) قال الاشموني في شرحه على الالفية في باب الادغام: " والتزم أكثرهم الكسر قبل ساكن فقالوا رد القوم، لانها حركة التقاء الساكنين في الاصل، ومنهم من يفتح، وهم بنو أسد، وحكى ابن جنى الضم، وقد روى بهن قول جرير: فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا نعم الضم قليل، قال في التسهيل في باب التقاء الساكنين: " ولا يضم قبل ساكن بل يكسر وقد يفتح " هذا لفظه " اه كلام الاشموني، وقال الجاربردى في شرح الشافية: " بخلاف ما إذا لقى ساكنا بعده نحو رد القوم، فان المختار حينئذ الكسر، لانه لو لم يدغم وقيل " اردد القوم " لزم الكسر، فلما أدغموا أبقوا الثاني على حركته، ومنهم من يفتحه، قال جرير: ذم المنازل بعد منزلة اللوى * والعيش بعد أولئك الايام قد روى " ذم " بالكسر أيضا، ومنهم من يضم وهو قليل شاذ " اه، وبعد سماع هذا لا محل لتوهيم الرضى ابن الحاجب فيما حكاه من أن الضم لغة، وإذا كان معتمد الرضى أن سيبويه لم يحكه أو أنكره فلا يجوز تعدية ذلك إلى غير سيبويه من العلماء، وقد رأيت في نص الاشموني أن ابن جنى ممن حكى الضم، وهذا القدر وحده كاف لابن الحاجب في الاستناد إليه، وكفى بابن جنى مستندا (*)


وإلا لم يضم في عضه واستعده، وورد في بعض اللغات كسر المدغم فيه، وذلك لانه إذا كسر انكسر الهاء أيضا تبعا له كما هو عادته في به وغلامه، فينقلب الواو ياء، فلو بقيت الهاء على أصلها لاستكره، لان الواو الساكنة كأنها بعد الضمة بلا فصل، لخفاء الهاء، وجوز ثعلب في الفصيح من غير سماع فتح المدغم
فيه مع مجئ هاء الغائب بعده، نحو رده وعضه، وقد غلطه جماعة، والقياس لا يمنعه، لان مجئ الواو الساكنة بعد الفتحة غير قيل كقول وطول واعلم أنه إذا اتصل النون وتاء الضمير بالمضاعف، نحو رددت ورددنا ورددن وغيرها، فإن بنى تميم وافقوا فيه الحجازيين في فك الادغام للزوم سكون الثاني، وزعم الخليل وغيره أن أناسا من بنى بكر بن وائل وغيرهم يدغمون نحو ردن ويردن وردن في المضارع والماضي والامر، وكذا ردت، نظرا إلى عروض اتصال الضمائر، فيحركون الثاني بالفتح للساكنين، قال السيرافي: هذه لغة رديئة فاشية في عوام أهل بغداد قال: " والفتح في نونمن مع اللام نحو من الرجل والكسر ضعيف، عكس من ابنك، وعن على الاصل، وعن الرجل بالضم ضعيف " أقول: أي وكوجوب الفتح في نون " من " اعلم أن نون " من " إذا اتصل به لام التعريف فالاشهر فتحه، وذلك لكثرة مجئ لام التعريف بعد من، فاستثقل توالى الكسرتين مع كثرته، وليس ذلك لنقل حركة الهمزة، وإلا جاز هل الرجل، قال الكسائي: وإنما فتحوا في نحو من الرجل، لان أصل من منا، ولم يأت فيه بحجة، وهذا كما قال أصل كم كما، وأما إذا ولى نون " من " ساكن آخر غير لام التعريف فالمشهور كسر النون على الاصل، نحو من ابنك، ولم يبال بالكسرتين لقلة الاستعمال، قال سيبويه: وقد فتحه


جماعة من الفصحاء فرارا من الكسرتين، وقد كسر أيضا بعض العرب - وليس بمشهور - نون من مع لام التعريف على الاصل، ولم يبال بالكسرتين لعروض الثانية
والتزموا أيضا الفتح في الساكن الثاني إذا كان الاول ياء نحو أين وكيف، فرارا من اجتماع المتماثلين، أعنى الياء والكسرة، لو كسروا على الاصل، واستثقالا للضمة بعد الياء لو ضموا، وقد شذ من ذلك حيث فإنهم جوزوا ضمه في الافصح الاشهر وفتحه على القياس المذكور وكسره على ضعف، والاخيران قليلان، ووجه الضم قد تقدم، وأما الكسر فعلى الاصل وإن كان مخالفا للقياس المذكور، لان الاول ياء، لكن مجئ الضم مخالفا للقياس المذكور جوز المخالفة بالكسر أيضا قوله " وعن على الاصل " أي: يكسر نونه مع أي ساكن كان، إذ لا يجتمع معه كسرتان كما في من، وحكى الاخفش " عن الرجل " بالضم، قال: وهى خبيثة شبه بقولهم: قل انظروا، يعنى أنه حرك النون بالضم إتباعا لضمة الجيم، ولم يعتد بالراء المدغمة، وفيه ضعف، لعدم جواز الضم في " إن الحكم " مع أن الضمة بعد الساكن الثاني بلا فصل، فكيف بهذا ؟ فلو صح هذه الحكاية فالوجه أن لا يقاس عليه غيره، ولو قيس أيضا لم يجز القياس إلا في مثله مما بعد الساكن فيه ضم، نحو عن الحكم، أو بينهما حرف نحو عن العضد.
قال: " وجاء في المغتفر ومن النقر واضربه ودأبة وشأنة (وجأن)، بخلاف تأمروني " أقول: يعنى جاء في نوعين مغتفرين من التقاء الساكنين تحريك أولهما، وذلك لكراهتهم مطلق التقاء الساكنين: أحدهما ما يكون سكون الثاني فيه


للوقف وأولهما غير حرف اللين، نحو جاءني عمرو ومررت بعمرو، فتحرك الاول بحركة الثاني، وذلك لانه لم يكن بد من الحركة الخفية، كما ذكرنا في أول هذا
الباب فتحريكه بحركة كانت ثابتة فقصد حذفها دالة على معنى أولى، كما يجئ في باب الوقف، فإن كان الساكن الثاني هاء المذكر، نحو اضربه ومنه وضربته، جاز نقل حركة الهاء إلى الساكن الذى قبله، فتقول اضربه ومنه وضربته، وبعض بنى تميم من بني عدى يحذفون حركة الهاء ويحركون الاول بالكسر فيقولون: ضربته وأخذته، كما تقول: ضربت المرأة، على ما يجئ في باب الوقف، وثاني النوعين ما يكون الساكن الثاني فيه مدغما والاول ألف نحو الضالين، فتقلب الالف همزة مفتوحة، كما يجئ عن أيوب السخستياني في الشواذ (ولا الضالين) وحكى أبو زيد عنه دأبة وشأبة، وأنشد: 76 - يا عجبا لقد رأيت عجبا * حمار قبان يسوق أرنبا خاطمها رأمها أن تذهبا * فقلت أردفني فقال مرحبا (1) أي: رامها، فقلبها همزة مفتوحة، إذ لا يستقيم هنا وزن الشعر باجتماع
__________
(1) هذه أبيات من الرجز المشطور أنشدها في اللسان (ق ب ب) و (ق ب ن) ولم نقف لها على نسبة إلى قائل معين، وحمار قبان: دويبة متسديرة تتولد في الاماكن الندية، مرتفعة الظهر كأن ظهرها قبة، إذا مشت لا يرى منها سوى أطراف رجليها، وهى أقل سوادا من الخنفساء وأصغر منها ولها ستة أرجل.
ووزنها فعلان على الراجح، ومنهم من يقول: وزنها فعال، وليس بشئ، لان منعهم إياها من الصرف دليل على أن وزنها فعلان.
وقوله: زأمها، أصله زامها: أي ممسكا بزمامها.
وأن تذهب: على تقدير حرف الجر: أي من أن تذهب، أو على تقدير مضاف محذوف، والاصل: مخافة أن تذهب، أو نحو ذلك.
والاستشهاد بالبيت في قوله " زأمها " حيث همز الالف فرارا من التقاء الساكنين، وفتحة الالف لما ذكر المؤلف (*)


الساكنين، وروى أبو زيد عن عمرو بن عبيد (عن ذنبه إنس ولا جان) قال المبرد: قلت للمازني: أتقيس ذلك ؟ قال: لا، ولا أقبله (1)، وذهب الزمخشري والمصنف إلى أن جعل الالف همزة مفتوحة للفرار من الساكنين.
فإن قيل: فالتقاء الساكنين في نحو دأبة أسهل من نحو تمود الثوب، لان الالف أقعد في المد من أخويه، فلم لم يفر من الساكنين في تمود ؟ فالجوان أنه وإن كان أثقل إلا أنه أقل في كلامهم من نحو دابة وشابة، وإنما قلبت الالف همزة دون الواو والياء لاستثقالهما متحركين مفتوحا ما قبلهما، كما يجئ في باب الاعلال، ولانه يلزم قبلهما ألفين في مثل هذا الحال، ويجوز
__________
(1) قول المؤلف حكاية عن المازني في جوابه على المبرد: " ولا أقبله " معناه محتمل لاحد وجهين: الاول أن الضمير المنصوب عائد على القياس المفهوم من قوله: " أتقيس ذلك " وحاصل المعنى حينئذ: لا أقيس ولا أقبل القياس إن قال به قائل، والثاني أن الضمير المنصوب راجع إلى اسم الاشارة المقصود به قراءة عمرو بن عبيد، وحاصل المعنى حينئذ: لا أقيس على هذه القراءة ولا أقبلها، وفي الوجه الثاني نظر، فقد كان عمرو بن عبيد من الجلالة والامامة بحيث لا يدفع ما يرويه.
نعم يمكن أن يوجه عدم القبول إلى صحة الاسناد إليه فكأنه يقول: لا أقبل نسبة هذه القراءة إلى عمرو بن عبيد، بقى أن نقول: إن مثل هذه القراءة قد جاء في قوله تعالى (ولا الضالين) عن أيوب السختياني (ولا الضألين) بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين، وهي لغة، حكى أبو زيد قال: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن) فظننته قد لحن، حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة، قال أبو الفتح: وعلى هذا قول كثير: * إذا ما الغوا لى بالعبيط احمأرت * " اه (*)


أن يقال: إن قلب اللف في نحو دابة همزة ليس للفرار من الساكنين، بل هو كمال في العالم والبأز، كما يجئ في باب الابدال، فلما قلبوها همزة ساكنة لم يمكن مجئ الساكن بعدها كما أمكن بعد الالف، فحزك أول الساكنين كما هو الاصل، إلا أنه فتح لان الفتحة من نخرج البدل والمبدل منه: أي الهمزة والالف، لانهما من الحلق، وإن كان للالف أصل متحرك بحركة حركت الهمزة بتلك الحركة، قال: 77 - يا دارمي بد كاكيك البرق * صبرا فقد هيحت شوق المشتئق (1) قوله " بخلاف تأمروني " يعنى أول الساكنين إذا كان ألفا في هذا الباب فر من الساكنين بقلبه همزة متحركة وأما إذا كان واوا كتمود وتأمروني، أو ماء كدويبة وخويصة، فلا، لكثرة الساكنين كذلك، وأولهما ألف دون الواو والياء قال: " الابتداء: لا يبتدأ إلا يمتحرك كما بمتحرك كما لا يوقف إلا على ساكن، فان كان الاول ساكنا - وذلك في عشرة أسماء محفوظة، وهى ابن، وابنة، وابنم واسم، واست، واثنان، واثنتان، وامرؤ، وامرأة وايمن الله، وفى كل
__________
(1) هذا البيت لرؤبة بن العحاج، والدكاديك: جمع دكداك، وهو الرمل المتلبد في الارض من غير أن يرتفع، والبرق: جمع برقة: وهى غلظ في حجارة، ورمل، ووراه الجوهرى: بادلكاديك البرق، على الوصف، وصبرا: مفعول مطلق، والمشتئق: المشتاق، وهو محل الاستشهاد بالبيت، حيبث همز الالف حين أراد الوقف وحرك الهمزة بحركة الحرف الذى كان أصلا للالف، وبيان ذلك أن المشتئق اسم فاعل، وأصله مشتوق - بكسر الواو، لان الاصل فيه الشوق، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصار مشتاقا فلما همز الالف حركها بالحركة التى كانت للواو (*)


مصدر بعد ألف فعله الماضي أربعة فصاعدا، كالاقتدار والاستخراج، وفى أفعال تلك المصادر من ماض وأمر، وفى صيغة أمر الثلاثي، وفى لام التعريف وميمه - ألحق في الابتداء خاصة همزة وصل مكسورة، إلا فيما بعد ساكنه ضمة أصلية فإنها تضم، نحو اقتل، اغز، اغزى، بخلاف أرموا، وإلا في لام التعريف وايمن فإنها تفتح) أقول: الاكثرون على أن الابتداء بالسكن متعذر، وذهب ابن جنى إلى أنه متعسر لامتعذر، وقال: يجئ ذلك في الفارسية نحو شتر وسطام، والظاهر أنه مستحيل ولابد من الابتداء بمتحرك، ولما كان ذلك في شتر وسطام في غاية الخفاء كما ذكرنا ظن أنه ابتدئ بالساكن، بل هو معتمد قبل ذلك الساكن على حرف قريب من الهمزة مكسور، كما يحس في نحو عمرو، وقفا، بتحريك الساكن الاول بكسرة خفية، وللطف الاعتماد لا يتبين، وأما الوقف على متحرك فليس بمستحيل، ولا يريد بالوقف الصناعي، فإنه ليس إلا على الساكن أو شبهه مما يرام حركته، بل يريد به السكوت والانتهاء واعلم أن الاصل أن يكون أول حروف الكلمة متحركا، ولايكون أولها ساكنا على وجه القياس، إلا في الافعال وما يتصل بها من المصادر على ما سيأتي، وذلك لكثرة تصرف الافعال وكونها أصلا في الاعلال من القلب والحذف ونقل الحركة، على ما سيأتي، فجوز فيها تسكين الحرف الاول، ولم يأت ذلك في الاسم الصرف إلا في أسماء معدودة غير قياسية، وهى العشرة المذكورة في المتن، ولا في الحرف إلا في لام التعريف وميمه، والهمزة في الاسماء العشرة عوض مما أصابها من الوهن: إذ هي ثلاثية فتكون ضعيفة الخلقة، وقد حذف لاماتها نسيا، أو هي في حكم المحذوف، وهو وهن على وهن، لان المحذوف نسيا كالعدم، وليس يجب في جميع الثلاثي المحذوف اللام إبدال الهمزة منها، ألا ترى إلى غد ويد وحر،


فنقول: لما نهكت هذه الاسماء بالاعلال الذى حقه أن يكون في الفعل شابهت الاعفال، فلحقها همزة الوصل عوضا من لمحذوف، بدلالة عدم اجتماعهما، نحو ابى وبنوى، وقولك: ابنم وامرؤ وايمن ليست بمحذوفة الاواخر، وميم ابنم بدل من اللام: أي الواو، لكن لما كانت النون والراء في ابنم وامرئ تتبع حركتهما حركة الاعراب بعدهما صارتا كحرف الاعراب، على أنه قيل: إن مبم ابم زائدة (1) كميم زرقم (2) وستهم (3) واللام محذوفة،
__________
(1) قال في اللسان: " وروى عن أبى الهيثم أنه قال: يقال: هذا ابنك، ويزاد فيه الميم فيقال: هذا ابنمك، فإذا زيدت الميم فيه أعرب من مكانين، فقيل: هذا ابنمك، فضمت النون والميم، وأعرب بضم النون وضم الميم، ومررت بابنمك ورأيت ابنمك، تتبع النون الميم في الاعراب بضم النون وضم الميم، ومررت بابنمك ورأيت ابنمك، تتبع النون الميم في الاعراب، والالف مكسورة على كل حال، ومنهم من يعربه من مكان واحد فيعرب الميم، لانها صارت آخر الاسم، ويدع النون مفتوحة على كل حال، فيقول: هذا ابنمك، ومررت بابنمك، ورأيت ابنمك، وهذا ابنم زيد، ومررت بابنم زيد، ورأيت ابنم زيد، وأنشد لحسان: ولدنا بنى العنقاء وابنى محرق * فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما وزيادة الميم فيه كما زادوها في شدقم وزرقم وشجعم (كجعفر في الاول والثالث وكبرثن في الثاني) لنوع من الحيات، وأما قول الشاعر: * ولم يحم أنفا عند عرس ولا ابنم * فأنه يريد الابن، والميم زائدة " اه وبيت حسان لا يرجح أحد المذهبين على الخر، لجواز أن تكون فتحة النون تابعة لفتحهه الميم، ولجواز أن تكون هي الفتحة الملتزمة في الوجه الثاني، و " ابنما " فيه تمييز، وإنما جئ بالبيت دليلا على
استعمال ابنم بالميم.
(2) قال اللسان " الزرقم: الازرق الشديد (بوزن فرح) والمرأة زرقم أيضا، والذكر والانثى في ذلك سواء، قال الراجز: ليست بكحلاء ولكن زرقم * ولا برسحاء ولكن ستهم وقال اللحيانى رجل أزرق وزرقم، وامرأة زرقاء ببنة الزرق وزرفمة " اه (3) قال في اللسان: " الجوهرى: والاست العجز، وقدش يراد بها حلقة الدبر وأصله سته على فعل - بالتحريك، يدل على ذلك أن جمعه أستاه، مثل جمل (*) =


__________
= وأجمال ولا يجوز أن يكون مثل درع وقفل اللذين يجمعان أيضا على أفعال، لانك إذا رددت الهاء التى هي لام الفعل وحذفت العين قلت: سه - بالفتح، قال الشاعر أوس: شأتك قعين غثها وسمينها * وأنت السه السفلى إذا ادعين نصر يقول: أنت فيهم بمنزلة الاست من الناس، وفى الحديث " العين وكاء السه " بحذف عين الفعل، ويروى " وكاء الست " - بحذف لام الفعل، ويقال للرجال الذى يستذل: أنت الاست السفلى، وأنت السه السفلى، ويقال لارذال الناس: هؤلاء الاستاه، ولا فضلهم: هؤلاء الاعيان، والوجوه، قال ابن برى: ويقال فيه ست أيضا، لغة ثالثة، قال ابن رميض (بصيغة التصغير) العنبري: يسيل على الحاذين والست حيضها * كما صب فوق الرجمة الدم ناسك وقال أوس بن مغراء: لا يمسك الست إلا ريث يرسلها * إذا ألح على سيسائه العصم يعنى: إذا ألح عليه بالحبل ضرط، قال ابن خالويه: فيها ثلاث لغات: سه، وست، واست، والسته: عظم الاست، والسته: مصدر الاسته، وهو الصخم
الاست، ورجل أسته، عظيم الاست بين السته إذا كان كبير العجز، والستاهى والستهم مثله، قال الجوهرى: والمرأة ستهاء، هذه عن اللحيانى، وامرأة ستهاء كذلك، ورجل ستهم، والانثى ستهمة كذلك، الميم زائدة...قال أبو منصور: رجل ستهم، إذا كان ضخم الاست، وستاهى مثله والميم زائدة، قال النحويون: أصل الاست سته، فاستثقلووا الهاء لسكون التاء، فلما حذفوا الهاء سكنت السين، فاحتيج إلى ألف الوصل كما فعل بالاسم والابن، فقيل: الاست، قال: ومن العرب من يقول السه - بالهاء عند الوقف، يجعل التاء هي الساقطة، ومنهم من يجعلها هاء عند الوقف وتاء عند الادغام، فإذا جمعوا أو صغروا ردوا الكلمة إلى أصلها فقالوا في الجمع: أستاه، وفى التصغير ستيهة، وفى الفعل سته يسته فهو أسته اه بتصرف (*)


وأما ايمن الله (1) فإن نونه لما كانت تحذف كثيرا نحو ايم الله، والقسم موضع التخفيف صار النون الثابت كالمعدوم.
__________
(1) قال في اللسان: " قال الجوهرى: وايمن: اسم وضع للقسم هكذا بضم الميم والنون، وألفه وصل عند أكثر النحويين، ولم يجئ في الاسماء ألف وصل مفتوحة غيرها، قال: وقد تدخل عليه اللام لتأكيد الابتداء، تقول: لايمن الله، فتذهب الالف في الوصو، قال نصيب: فقال فريق القوم نشدتهم: * نعم، وفريق لايمن الله ما ندرى وهو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف، والتقدير لايمن الله قسمي، ولايمن الله ما أقسم به، وإذا خاطبت قلت: لايمنك، وفى حديث عروة بن الزبير أنه قال: لايمنك لئن كنت ابتليت لقد عافيت، ولئن كنت سلبت لقد أبقيت، وربما حذفوا منه النون، قالوا: أيم الله، إيم الله أيضا، بكسر الهمزة، وربما
حذفوا منه الياء، قالوا: أم الله، وربما أبقوا الميم وحدها مضمومة، قالوا: م الله ثم يكسر ونها، لانها صارت حرفا واحدا فيشبهونا بالباء، فيقلون: م الله، وربما قالوا: من الله - بضم الميم والنون، ومن الله - بفتحهما، ومن الله - بكسرهما، قال ابن الاثير: أهل الكوفة يقولون: أيمن جمع يمين القسم، والالف فيها ألف وصل تفتح وتكسر، قال ابن سيده: وقالوا: إيمن الله وأيم الله، إيمن الله، وإيم الله، وم الله (بضم الميم) فحفوا، وم الله (بفتح الميم) أجرى مجرى م الله (بكسر الميم).
قال سيبويه: وقالوا: لايم الله، واستدل بذلك على أن ألفه ألفه وصل، قال ابن جنى: ما أيمن في القسم ففتحت الهمزة منها، وهي اسم، من قبل أن هذا اسم غير متمكن ولم يستعمل إلا في القسم وحده، فلما ضارع الحرف بقلة تمكنه فتح تشبيها بالهمزة الاحقة بحرف التعريف، وليس هذا فيه إلا دون بناء الاسم لمضارعة الحرف، وأيضا فقد حكى يونس: إيم الله - بالكسر، ويؤكد عندك أيضا حال هذا الاسم في مضارعة الحرف أنهم قد تلاعبوا به واضعفوه فقالوا مرة: م الله ومرة م الله ومرة م الله (بضم الميم وفتحها وكسرها) فلما حذفوا هذا الحذف المفرط واصاروه من كونه على حرف الى لفظ الحروف قوى شبه الحرف عليه ففتحوا همزته تشبيها بهمزة لام التعريف) اه كلام = (*)


واصل ابن بنو - بفتح الفاء والعين (1) - لان جمعه ابناء والافعال قياس
__________
= اللسان وقال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 313) ما نصه: (وايمن الله عند الكوفيين جمع يمين فهو مثل يمين الله جعلت همزة القطع فيه وصلا تخفيفا لكثرة الاستعمال كما قال الخليل في همزة ال المعرفة وعند سيبويه هو مفرد مشتق من اليمن وهو البركة: أي بركة الله يمينى وهمزته للوصل في الاصل والدليل عليه تجويز كسر همزته وانما كان الاغلب فتح الهمزة لكثرة استعماله
ويستبعد ان تكون الهمزة في الاصل مكسورة ثم فتحت تخفيفا لعدم افعل - بكسر الهمزة في الاسماء والافعال (يريد بكسر الهمزة مع سكون الفاء وضم العين) ولذا قالوا في الامر من نحو نصر: انصر - بضم الهمزة ويستبعد اصالة افعل في المفردات ايضا فيصدق ههنا قوله: فاصبحت انى تأتها تبتئس بها * كلا مر كبيها تحت رجليك شاجر) اه كلام المؤلف ويريد المؤلف بقوله (ويستبعد اصالة افعل في المفردات ايضا) انه لا يجوز ان يكون ايمن مكسور الهمزة في الاصل مع كونها فاء الكلمة لانه يؤدى الى ان يكون وزنه فعللا - بكسر الفاء وسكون العين وضم اللام الاولى - وهو غير موجود في كلامهم.
ومما نقلناه لك من عبارة المؤلف في شرح الكافية تعلم ان ابن الاثير اراد من العبارة التى حكاها صاحب اللسان عنه وهى قوله (والالف فيها الف وصل) ان همزة ايمن صيرت همزة وصل لكسرة الاستعمال وان كانت همزة قطع في اصل الوضع فيتفق ما حكاه ابن الاثير عن الكوفيين مع ما حكاه المؤلف عنهم لان همزة افعل صيغة للجمع لا تكون الا همزة قطع فغير معقول ان يزعم الكوفيون انها همزة وصل وضعا (1) قال في اللسان: (والابن: الولد ولامه في الاصل منقلبة عن واو عند بعضهم وقال (يريد ابن سيده) في معتل الياء: الابن الولد فعل (بفتح اوله وثانيه) محذوفة اللام مجتلب لها الف الوصل.
قال: وانما قضى انه من الياء لان بنى يبنى اكثر في كلامهم من يبنو والجمع ابناء قال ابن سيده: والانثي ابنة وبنت الاخيرة على بناء مذكرها ولام بنت واو = (*)


فعل مفتوح العين كاجبال وقياس فعل ساكن العين إذا كان اجوف
__________
= والتاء بدل منها قال أبو حنيفة: اصله بنوة (بكسر اوله وسكون ثانيه) ووزنها فعل فالحقتها التاء المبدلة من لامها بوزن حلس فقالوا: بنت وليست التاء فيها بعلامة تأنيث كما ظن من لاخبرة له بهذا اللسان.
وذلك لسكون ما قبلها.
هذا مذهب سيبويه وهو الصحيح وقد نص عليه في باب مالا ينصرف فقال: لو سميت بها رجلا لصرفتها معرفته ولو كانت للتانيث لما انصرف الاسم على ان سيبويه قد تسمح في بعض الفاظه في الكتاب فقال في بنت: هي علامة تأنيث وانما ذلك تجوز منه في اللفظ لانه ارسله غفلا وقد قيده وعلله في باب مالا ينصرف والاخذ بقوله المعلل اقوى من القول بقوله المغفل المرسل ووجه تجوزه انه لما كانت التاء لا تبدل من الواو فيها الا مع المؤنث صارت كأنها علامة تأنيث قال: واعنى بالصيغة فيها بناءها على فعل (بكسر اوله وسكون ثانيه) واصله فعل (بفتح الاول والثانى) بدلالة تكسيرهم اياها على افعال وابدال الواو فيها لازم لانه عمل اختص به المؤلف ويدل ايضا على ذلك اقامتهم اياه مقام العلامة الصريحة وتعاقبهما فيها على الكلمة الواحدة وذلك نحو ابنة وبنت فالصيغة في بنت قائمة مقام الهاء في ابنة فكما ان الهاء علامة تأنيث فكذلك صيغة بنت علامة تأنيثها وليست بنت من ابنة كصعب من صعبة انما نظير صعبة من صعب ابنة من ابن ولا دلالة في البنوة على ان الذاهب من بنت واو لكن ابدال التاء من حرف العلة يدل على انه من الواو لان ابدال التاء من الواو اكثر من ابدالها من الياء...قال الزجاج: ابن كان في الاصل بنو أو بنو (بكسر فسكون في الاول وبفتحتين في الثاني) والالف الف وصل في الابن يقال: ابن بين البنوة قال: ويحتمل ان يكون اصله بنيا قال: والذين قالوا (بنون) كأنهم جمعوا بنيا بنون وابناء جمع فعل أو فعل (بكسر فسكون في الاول وبفتحتين في الثاني) قال:
وبنت تدل على انه يستقيم ان يكون فعلا (بكسر فسكون) ويجوز ان يكون فعلا (بفتحتين) نقلت الى فعل (بكسر فسكون) كما نقلت اخت من فعل = (*)


كاثواب وابيات ولا يجوز ان يكون ابناء كاقفال في جمع قفل ولا كاجذاع في جمع جذع لدلالة بنون علي فتح باء واحده وابنة في الاصل بنوة لكونه مؤنث ابن ولام ابن واو لقولهم في المؤنث بنت وابدال التاء من الواو اكثر منه من الياء وايضا البنوة يدل عليه واما الفتوة في الفتى فعلى غير القيام (1).
__________
= (بفتحتين) الى فعل (بضم فسكون) فاما بنات فليس بجمع بنت على لفظها انما ردت الى اصلها فجمعت بنات على ان اصل بنت فعلة (بفتح الاول والثانى) مما حذفت لامه.
قال: والاخفش يختار ان يكون المحذوف من ابن الواو قال: لانه اكثر ما يحذف لثقله والياء تحذف ايضا لانها تثقل قال: والدليل على ذلك ان يدا قد اجمعوا على ان المحذوف منه الياء ولهم دليل قاطع مع الاجماع يقال: يديت إليه يدا ودم محذوف منه الياء والبنوة ليس بشاهد قاطع للواو لانهم يقولون: الفتوة والتثنية فتيان فابن يجوز ان يكون المحذوف منه الواو أو الياء وهما عندنا متساويان قال الجواهري: والابن اصله بنو والذاهب منه واو كما ذهب من اب واخ لانك تقول في مؤنثه: بنت واخت ولم نر هذه الهاء تلحق مؤنثا الا ومذكره محذوف الواو يدلك على ذلك اخوات وهنوات فيمن رد وتقديره من الفعل فعل - بالتحريك لان جمعه ابناء مثل جمل واجمال ولا يجوز ان يكون فعلا (بكسر فسكون) أو فعلا (بضم فسكون) اللذين جمعهما ايضا افعال مثل جذع وقفل لانك تقول في جمعه: بنون - بفتح الباء ولا يجوز ايضا ان يكون فعلا - ساكنة العين لان الباب في جمعه انما هو افعل مثل كلب واكلب
أو فعول مثل فلس وفلوس) اه (1) قد بان لك مما نقلناه عن اللسان ان البنوة لا تصلح دليلا على ان لام ابن واو لانها مثل الفتوة وهي لا تصلح دليلا على ان لام الفتي واو لانهم قالوا في تثنيته: فتيان ولم يقولوا: فتوان ولو انهم قالوا فتوان لكانت تصلح دليلا ولكن صريح كلام القاموس يقضى بان الفتى مما جاءت لامه عن العرب بوجهين = (*)


واسم في الاصل سمو أو سمو كحبر وقفل بدليل قولهم سم ايضا من غير همزة وصل قال: 78 - * باسم الذى في كل سورة سمه * وروى غير سيبويه اسم - بضم همزة الوصل - وهو مشتق من سما لانه يسمو بمسماه ويشهره ولولا الاسم لكان خاملا وقال الكوفيون: اصله وسم لكون الاسم كالعلامة على المسمى فخذف الفاء وبقى العين ساكنا
__________
= بالواو وبالياء إذ يقول: (والفتى: الشاب والسخى الكريم وهما فتيان وفتوان الجمع فتيان وفتوة وفتووفتى (كدلى)) اه وبهذا تعلم ان قول من قال: ان البنوة لا تصلح دليلا على ان لام ابن واو محتجا بالفتوة ليس بشئ كما ان قول الرضى (واما الفتوة في الفتى فعلى غير القياس) غير سديد ايضا ولعل منشأه ظنهم ان العرب لم تقل في تثنية الفتى الا فتيان.
(1) هذا البيت من الرجز المشطور وقد نسبه أبو زيد في نوادره الى رجل من كلب واورد قبله بيتين هما: * ارسل فيها بازلا يقرمه * فهو بها ينحو طريقا يعلمه * والضمير في (ارسل) يعود الى الراعى والضمير من (فيها) يعود الى
الابل والبازل: البعير الذي انشق نابه وذلك إذا كان في السنة التاسعة.
ومعنى يقرمه: يمنعه عن الاستعمال ليتقوى للفحلة: أي الضراب والضمير في (فهو) يعود الى البازل وفى (بها) يعود الى الابل ومعنى ينحو: يقصد والجار في قوله (باسم) من بيت الشاهد يتعلق بأرسل والمعنى ارسل هذا الراعى باسم الله الذي يذكر اسمه في كل سورة هذا الفحل في هذه الابل للضراب فهو يقصد في ضرابها الطريق التي تعودها.
والاستشهاد بالبيت على أنه قد جاء في اسم سم من غير همزة وصل وقد رويت كلمة (سمه) في هذا البيت بضم السين وكسرها كما ذكره ابن الانباري في كتابه (الانصاف في مسائل الخلاف) = (*)


فجئ بهمزة الوصل ولا نظير له على ما قالوا إذ لا يحذف الفاء ويؤتى بهمزة الوصل والذى قالوا وان كان أقرب من قول البصريين من حيث المعنى لأن الاسم بالعلامة أشبه لكن تصرفاته - من التصغير والتكسير كسمى وأسماء وغير ذلك كالسمى على وزن الحليف ونحو قولهم تسميت وسميت - تدفع ذلك الا ان يقولوا: إنه قلب الاسم بأن جعل الفاء في موضع اللام لما قصدوا تخفيفه بالحذف إذ موضع الحذف اللام ثم حذف نسيا ورد في تصرفاته في موضع اللام إذ حذف في ذلك المكان واصل است سته - كجبل - بدليل أستاه ولا يجوز ان يكون كأقفال وأجذاع لقولهم في النسب إلى است: ستهى وفيه ثلاث لغات: است وست وسه كما ذكرنا في النسبة واصل اثنان ثنيان (1) - كفتيان - لقولهم في النسب إليه: ثنوى وكذا اثنتان كما مر في باب النسب وقد ذكرنا ايمن الله والخلاف فيه في شرح الكافية (2).
قوله (في كل مصدر بعد الف الماضي اربعة) احتراز من نحو أكرم
فان بعد الف فعله الماضي ثلاثة فالهمزة في ماضيه وأمره ومصدره همزة قطع وإنما جاز تسكين أوائل الافعال لما ذكرنا من قوة تصرفاتها فجوزوا تصريفها على الوجه المستبعد ايضا اعني سكون الاوائل وخصوا ذلك بما ماضيه على اربعة أو أكثر دون الثلاثي لان الخفة بالثقيل اولى وأما في فاء الامر من الثلاثي نحو اخرج فلكونه مأخوذا من المضارع الواجب تسكين فائه لئلا يجتمع اربع متحركات في كلمة وإنما لم يسكن عينه لانها لمعرفة الاوزان واما اللام فللاعراب ولم يسكن حرف المضارعة لانه
__________
= (1) انظر (ح 1 ص 221) (2) قد سبق ان نقلنا لك عبارته من شرح الكافية (انظر ص 254 من هذا الجزء) (*)


زاد على الماضي بحرف المضارعة فلو سكنت اوله لا حتجت الى همزة الوصل فيزداد الثقل فلما حذف حرف المضارعة في امر المخاطب للتخفيف - لكونه اكثر استعمالا من امر الغائب - احتيج في الابتداء الى همزة الوصل والحقوا بالافعال التى في اوائلها همزة وصل مصادرها وان كانت المصادر اصول الافعال في الاشتقاق على الصحيح لانها في التصرف والاعتلال فروع الافعال كما يبين في باب الاعلال نحو لاذلياذا ولا وذلو إذا واما اسماء الفاعل والمفعول فانما سقطت من اوائلهما همزة الوصل وان كانا ايضا من الاسماء التابعة للفعل في الاعلال للميم المتقدمة على الساكن كما سقطت في المضارع لتقدم حرف المضارعة قوله (وفى افعال تلك المصادر من ماض وامر) وانما لم يكن في المضارع لما ذكرناه وهذه الافعال احد عشر مشهورة: تسعة من الثلاثي المزيد فيه كانطلق واحمر واحمار واقتدر واستخرج واقعنسس واسلنقى
واجلوذ واعشوشب واثنان من الرباعي المزيد فيه نحو احر نجم واقشعر وقد يجئ في تفعل وتفاعل إذا ادغم تاؤهما في الفاء نحو اطير واثاقل قوله (وفى صيغة امر الثلاثي) أي: إذا لم يتحرك الفاء في المضارع احترازا عن نحو قل وبع وخف وشد وعد من تقول وتبيع وتشد وتخاف وتعد قوله (وفى لام التعريف وميمه) قد مر ذلك في باب المعرفة والنكرة (1)
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 122) عند شرح قول ابن الحاجب في تعداد انواع المعرفة (وما عرفت باللام) ما نصه: (هذا مذهب سيبويه اعني ان حرف التعريف هي اللام وحدها والهمزة للوصل فتحت مع ان اصل همزات الوصل الكسر لكثرة استعمال لام التعريف والدليل على ان اللام هي المعرفة فقط تخطى العامل الضعيف اياها نحو بالرجل وذلك علامة امتزاجها بالكلمة وصيرورتها كجزء منها ولو كانت على حرفين لكان لها نوع استقلال فلم يتخطها العامل الضعيف واما نحو الا تفعل والا تفعل = (*)


قوله (في الابتداء خاصة) لان مجيئها لتعذر الابتداء بالساكن فإذا لم يبتدأ به لوقوع شئ قبله لم يحتج إلى الهمزة بل ان كان آخر الشئ - ان كان اكثر من حرف كغلام الرجل أو ذلك الشئ ان كان على حرف واحد - متحركا نحو والله اكتفى به وان كان ساكنا حرك نحو قل الله والاستغفار قوله (مكسورة) الكوفيون على ان أصل الهمزة السكون لان زيادتها ساكنة أقرب إلى الاصل لما فيها من تقليل الزيادة ثم حركت بالكسر كما هو حكم اول الساكنين إذا لم يكن مدا المحتاج الى حركته وظاهر كلام سيبويه
__________
= وبلا مال فلجعلهم (لا) خاصة من جميع ما هو على حرفين كجزء الكلمة فلذا يقولون: اللافرس واللانسان واما نحو (بهذا) و (فما رحمة) فأن
الفاصل بين العامل والمعمول ما لم يغير معنى ما قبله ولا معنى ما بعده عد الفصل به كلا فصل وللامتزاج التام بين اللام وما دخلته كان نحو الرجل مغايرا لرجل حتى جاز تواليهما في قافيتين ولم يكن إيطاء وإنما وضعت اللام ساكنة ليستحكم الامتزاج وأيضا دليل التنكير: أي التنوين على حرف فالاولى كون دليل التعريف مثله وقال الخليل: أل بكمالها آلة التعريف نحو هل وقد استدل بفتح الهمزة وقد سبق العذر عنه وبانه يوقف عليها في التذكر نحو قولك ال إذا تذكرت ما فيه اللام كالكتاب وغيره وبفصلها عن الكلمة والوقف عليها عند الاضطرار كالوقف على قد في نحو قوله: ازف الترحل غير ان ركابنا * لما تزل ؟ ؟ حالنا وكأن قد وذلك قوله: يا خليلي اربعا واستخبرا المنزل الدارس من اهل الحلال وإنما حذف عنده همزة القطع في الدرج لكثرة الاستعمال وذكر المبرد في كتاب الشافي ان حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها وانما ضم اللام إليها لئلا يشتبه التعريف بالاستفهام وفى لغة حمير ونفر من طئ إبدال الميم من لام التعريف كما روى النمر بن تولب عنه صلى الله عليه وسلم (ليس من امبر امصيام في امسفر) اه = (*)


يدل على تحركها في الاصل لقوله: فقدمت الزيادة متحركة لتصل الى التكلم بها وهو الاولى لانك انما تجلبها لا حتياجك الى متحرك فالاولى ان تجلبها متصفة بما يحتاج إليه: أي الحركة وايضا فقد تقدم ان التوصل الى الابتداء بالساكن بهمزة خفية مكسورة من طبيعة النفس قوله: (ضمة اصلية) ليدخل نحو اغزى ويخرج نحو ارموا وامرؤ وابنم
وانما ضموا ذلك لكراهية الانتقال من الكسرة الى الضمة وبينهما حرف ساكن وليس في الكلام مثله كما ليس فيه فعل فإذا كرهوا مثله والضمة عارضة للاعراب كما قالوا في اجيئك: اجوءك فما ظنك بالكسر والضم اللازمين ؟ وكذا قالوا في انبئك وهو منحدر من الجبل: انبؤك ومنحدر على ما حكى الخليل قال: 79 - وقد اضرب الساقين امك هابل (1) *
__________
= (1) هذا شطر بيت من الطويل وهكذا وجدناه في جميع النسخ المطبوعة والمخطوطة ولم نقف له على قائل ولا تتمة وقد رواه البغدادي من غير ان ينسبه ايضا الى قائله ولم يذكر له تتمة الا انه رواه هكذا: * وقال اضرب الساقين امك هابل * فجعل (قال) بدل قد وجعل (اضرب) فعل امر مع انها في رواية المؤلف فعل مضارع.
وقد استشهد المؤلف بالبيت على انهم اتبعوا الثاني للاول فكسروا همزة (امك) اتباعا للكسرة قبلها كما اتبعوا الاول للثاني في الامثلة التى ذكرها وهو على رواية المؤلف يكون من قبيل اتباع البناء للبناء ولكن ابن جنى قد استشهد بالبيت على انهم قد يتبعون حركة الاعراب لحركة البناء حيث قال في المحتسب عند الكلام على قراءة من قرأ (الحمد لله) بكسر الدال اتباعا لكسرة اللام: (ومثل هذا في اتباع الاعراب البناء ما حكاه صاحب الكتاب في قول بعضهم * وقال: اضرب الساقين امك هابل *


بكسر ضم الهمزة اتباعا لكسر نون الساقين كما انبعوا الاول الثاني في انبؤك ومثله قوله تعالى (في امها) (1) بكسر الهمزة في بعض القراءات
وقولهم: ويلمها (2) بكسر اللام اصله: وى لامها حذفت الهمزة شاذا:
__________
= كسر الميم لكسرة الهمزة) اه كلام ابن جنى وقد رجعنا الى كتاب سيبويه فوجدنا فيه (ح 2 ص 272) ما نصه: (واعلم ان الالف الموصولة فيما ذكر في الابتداء مكسورة ابدا الا ان يكون الحرف الثالث مضموما فتضمها وذلك قولك: اقتل استضعف احتقر احر نجم وذلك انك قربت الالف من المضموم إذ لم يكن بينهما الا ساكن فكر هوا كسرة بعدها ضمة وارادوا ان يكون العمل من وجه واحد كما فعلوا ذلك في مذ اليوم يافتي وهو في هذا اجدر لانه ليس في الكلام حرف اوله مكسور والثانى مضموم وفعل هذا به كما فعل بالمدغم إذا اردت ان ترفع لسانك من موضع واحد وكذلك ارادوا ان يكون العمل من وجه واحد ودعاهم ذلك الى ان قالوا: انا اجوءك وانبؤك وهو منحدر من الجبل انبأ نا بذلك الخليل وقالوا ايضا: لامك وقالوا: اضرب الساقين امك هابل فكسرهما جميعا كما ضم في ذلك) اه ومن هذا تعلم امرين: الاول، انه لم يجعل قوله: وقالوا اضرب...الخ بيتا من الشعر بخلاف ما صنع المؤلف وابن جنى والثانى: انه قد جعل الميم من (امك) مكسورة كما فعل ابن جنى بخلاف ما يظهر من كلام المؤلف حيث جعل الاستشهاد بالبيت على كسر الهمزة اتباعا لكسر نون الساقين ولم يتعرض لحركة الميم وذلك الصنيع منه يدل على ان حركة الميم باقية على اصلها وهو الضم (1) هذا بعض آية من سورة القصص وهي (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في امها رسولا بتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى الا واهلها ظالمون) (2) قال في اللسان: (ورجل ويلمه وويلمه (بكسر اللام في الاولى وضمها
في الثانية) كقولهم في المستجاد: ويلمه يريدون ويل امه كما يقولون: لاب لك يريدون لا اب لك فركبوه وجعلوه كالشئ الواحد...ثم قال: وفى الحديث = (*)


اما بعد اتباع حركتها حركة اللام أو قبله واما قولهم: ويلمها - بضم اللام
__________
= في قوله لابي بصير (ويلمه مسعر حرب) تعجبا من شجاعته وجرأته واقدامه ومنه حديث على (ويلمه كيلا بغير ثمن لو ان له وعى) أي يكيل العلوم الجمة بلا عوض الا انه لا يصادف واعيا وقيل: وى كلمة مفردة ولامه مفردة وهى كلمة تفجع وتعجب وحذفت الهمزة من امه تخفيفا والقيت حركتها على اللام وينصب ما بعدها على التمييز والله اعلم) اه وقال الشهاب الخفاجى في شفاء الغليل (ص 238 الطبعة الوهبية): (ويلمه: اصله للدعاء عليه ثم استعمل في التعجب مثل قاتله الله وكذا وقع في الحديث كما في الكرماني وفى المقتضب لابن السيد (يريد الاقتضاب شرح ادب الكتاب: انظره (ص 365)) يروى بكسر اللام وضمها فمن كسر اللام ففيه ثلاثة اوجه: احدها ان يكون ويل امه بنصب ويل واضافته الى الام ثم حذف الهمزة لكثرة الاستعمال وكسرت لامه اتباعا لكسرة ميمه والثانى ان يكونوا ارادوا ويل لامه برفع ويل على الابتداء ولامه خبر وحذفت لام ويل وهمزة ام كما قالوا: ايش لك يريدون أي شئ لك واللام المكسورة لام الجر والثالث ان يريدوا (وى) التى في قول عنترة: ولقد شفى نفسي وابرأ مقمها * قول الفوارس ويك عنتر اقدم فيكون على هذا قد حذفت همزة ام لا غير واللام جارة وهذا احسن الوجوه لانه اقل للحذف همزة ام لاغير واللام جارة وهذا احسن الوجوه لانه اقل للحذف والتغيير واجاز ابن جنى ان تكون اللام المسموعة
لام ويل على ان تكون حذفت همزة ام ولام الجر وكسر لام ويل اتباعا لكسرة الميم وهو بعيد جدا واما من رواه بضم اللام فان ابن جنى اجاز فيه وجهين احدهما انه حذفت الهمزة واللام والقيت ضمة الهمزة على لام الجر كما حكى عنهم (الحمد لله) بضم لام الجر وهي قراءة ابراهيم بن ابى عبلة الشامي والثانى: ان يكون حذف الهمزة ولام الجر وتكون اللام المسموعة هي لام ويل لا لام الجر وقال الامام المرزوقى: الاختيار في ويل إذا اضيف باللام الرفع وإذا اضيف بغير اللام النصب يقولون.
ويل لزيد وويل زيد فاما قولهم: ويلمه فقد حذفت الهمزة من امه فيه حذفا لكثرته على السنتهم ولا = (*)


فيجوز ان يكون اصله وى لامها فخذفت الهمزة بعد نقل ضمتها على لام الجر وهو شاذ على شاذ ويجوز ان يكون الاصل ويل امها فخذفت الهمزة شاذا.
ويدخل في قوله (الا فيما بعد ساكنه ضمة اصلية) كل ماض لم يسم فاعله من الافعال المذكورة نحو اقتدر عليه وانطلق به قيل: وقد تكسر همزة الوصل قبل الضمة نحو انصر واقتدر عليه وليس بمشهور وإذا جاءت همزة مضمومة قبل ضمة مشمة كما في اختير وانقيد اشمت ضمتها ايضا كسرة وانما فتحت مع لام التعريف وميمه لكثرة استعمالها فطلب التخفيف بفتحها وفتحت في ايمن لمناسبة التخفيف لان الجملة القسمية يناسبها التخفيف إذ هي مع جوابها في حكم جملة واحدة الا ترى الى حذف الخبر في (ايمن) و (لعمرك) وجوبا وحذف النون من ايمن ؟ وحكى يونس عن بعض العرب كسر همزة ايمن وايم قال: (واثباتها وصلا لحن وشذ في الضرورة والتزموا جعلها الفا لا بين بين على الافصح في نحو الحسن وآيمن الله يمينك ؟ للبس)
اقول: قوله (شذ في الضرورة) كقوله: 80 - إذا جاوز الاثنين سر فانه بنث وتكثير الوشاة قمين (1)
__________
= يجوز ان تكون الضمة في اللام منقولة إليها من الهمزة لان ذلك يفعل إذا كان ما قبلها ساكنا كقولك من بوه (بحذف همزة ابوه بعد نقل حركتها الى نون من) وإذا كان كذلك فقد ثبت انها غيرها والشئ إذا خفف على غير القياس يجرى على المألوف فيه) اه (1) البيت من قصيدة لقيس بن الخطيم وقبل البيت المستشهد به: اجود بمضنون التلاد واننى * بسرك عمن سألني لضنين = (*)


فإذا كان قبلها مالا يحسن الوقف عليه وجب في السعة حذفها الا ان تقطع كلامك الاول وان لم تقف مراعيا حكم الوقف بل لعذر من انقطاع النفس وشبهه وقد فعل الشعراء ذلك في انصاف الابيات لانها مواضع الفصل وانما يبتدؤن بعد قطع نحو قوله: 81 - ولا تبادر في الشتاء وليدنا القدر تنزلها بغير جعال (1)
__________
= وبعده: وان ضيع الاخوان سرا فانني * كتوم لاسرار العشير امين والتلاد: المال القديم والنث - بنون فمثلثة -: مصدر نث الحديث ينثه إذا افشاه ويروى بدله (ببث) بباء موحدة فمثلثة وهو مصدر بث الخبر يبثه إذا نشره والوشاة: جمع واش وهو النمام الذى يزين الكلام ويحسنه عند نقله للافساد بين المتحابين وقمين: معناه ؟ ؟ وخليق وحرى والباء في بنث
أو ببث متعلقة بقمين والاستشهاد بالبيت على ان اثبات همزة الوصل في الدرج شاذ في الضرورة ونظير البيت المستشهد به قول جميل: الا لا ارى اثنين احسن شيمة * على حدثان الدهر منى ومن جمل وقول حسان رضى الله تعالى عنه: لتسمعن وشيكا في دياركم * الله اكبر يا ثارات عثمانا وقول الاخر لا نسب اليوم ولا خلة * اتسع الخرق على الراقع وقد روى بيت الشاهد (إذا جاوز الخلين...الخ) وكذلك روى بيت جميل (الا لا ارى خلين...الخ) وعلى هذه الرواية لا شاهد فيهما (2) قد نسب ابن عصفور هذا البيت للبيد العامري الصحابي رضى الله عنه وقبله: ياكنة ما كنت غير لئيمة * للضيف مثل الروضة المحلال = (*)


قوله (وقد التزموا جعلها الفا لا بين بين) قد مر في باب التقاء الساكنين
__________
= ما ان تبيتنا بصوت صلب * فيبيت منه القوم في بلبال والكنة - بفتح الكاف وتشديد النون -: زوج الابن و (ما) يحتمل ان تكون زائدة ابهامية تفيد الفخامة أو الحقارة ويكون ما بعدها خبر مبتدأ محذوف ويحتمل ان تكون استفهامية مبتدأ ويكون كنة التى بعدها خبرا وغير لئيمة صفته والروضة: البستان الحسن والمحلال: التى تحمل المار بها على الحلول حولها للنظر الى حسنها والصلب - بصم الصادو تشديد اللام مفتوحة -: الشديد والبلبال: الحزن والمراد بالشتاء زمن الشدة والقحط والوليد: يطلق على الصبي وعلى الخادم ايضا والجعال - بكسر الجيم -: الخرقة التى تنزل بها القدر والضمير في تبادر يعود الى الكنة ووليدنا مفعول لتبادر ويجوز في القدر
الرفع على الابتداء وما بعده خبر والنصب على الاشتغال والمراد من البيت مدح الكنة بعدم الشره للطعام فهى لا تسبق الوليد الى الطعام ولا تسرع في انزال القدر حتى تنزلها بغير خرقة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (القدر) حيث قطع الشاعر همزة الوصل لضرورة الشعر وقد انشد سيبويه البيت على غير الوجه الذي انشده عليه المؤلف قال في الكتاب (ح 2 ص 274): (واعلم ان هذه الالفات الفات الوصل تحذف جميعا إذا كان قبلها كلام الا ما ذكرنا من الالف واللام في الاستفهام وفى ايمن في باب القسم لعلة قد ذكرناها فعل ذلك بها في باب القسم حيث كانت مفتوحة قبل الاستفهام فخافوا ان تلتبس الالف بالف الاستفهام وتذهب في غير ذلك إذا كان قبلها كلام الا ان تقطع كلامك وتستأنف كما قالت الشعراء في الانصاف لانها مواضع فصول فأنما ابتداؤها بعد قطع قال الشاعر: ولا يبادر في الشتاء وليدنا * القدر ينزلها بغير جعال) اه وقال الاعلم الشنتمرى في شرحه للبيت: (الشاهد فيه قطع الف الوصل من قوله (القدر) ضرورة وسوغ ذلك ان الشطر الاول من البيت يوقف عليه ثم يبتدأ ما بعده فقطع على هذه النية وهذا من اقرب الضرورة يقول: إذا اشتد الزمان فوليدنا لا يبادر القدر حسن ادب والجعال: خرفة تنزل بها القدر) اه (*)


ان للعرب في مثله مذهبين: الافصح جعل همزة الوصل الفا والثانى جعلها بين بين كقوله: 82 - االخير الذى انا ابتغيه * ام الشر الذى هو يبتغينى (1) قوله (للبس) يعنى التزموا احد الشئيئن ولم يحذفوا للبس إذ لو حذفوا
التبس الاستخبار بالخبر إذ همزة الوصل في الموضعين مفتوحة كهمزة الاستفهام بخلاف نحو (اصطفى البنات) ؟ وقوله: 83 - استحدث الركب من اشياعهم خبرا (2)
__________
(1) هذا البيت من قصيدة طويلة للمثقب العبدى اوردها المفضل في المفضليات وقبله: وما ادرى إذا يممت امرا * اريد الخير ايهما يلينى ويممت: قصدت وجملة (اريد الخير) حال من فاعل يممت وجملة (ايهما يلينى) سدت مسد مفعولي ادرى وقوله (االخبر) بدل من (أي) في قوله (ايهما يلينى) ولذلك قرن بهمزة الاستفهام لان البدل من اسم الاستفهام يقترن بالهمزة.
والاستشهاد بالبيت على انهم إذا ادخلوا همزة الاستفهام على همزة الوصل المفتوحة فقد يجعلونها بين بين: أي بين الهمزة وبين حرف حركتها وحركتها هنا فتحة فتجعل بين الهمزة والالف والمثقب: اسم فاعل من ثقب - بالثاء المثلثة وتشديد القاف: لقب الشاعر واسمه محصن (كمنبر) بن ثعلبة ولقب بالمثقب لقوله في هذه القصيدة: رددن تحية وكنن اخرى * وثقبن الوصاو ص للعيون والوصاوص: البراقع الصغار يريد انهن حديثات الاسنان فبراقعهن صغار وقد قال في هذه القصيدة أبو عمرو بن العلاء: (لو كان الشعر كله على هذه القصيدة لوجب على الناس ان يتعلموه) (4) هذا الشاهد صدر بيت من قصيدة طويلة لذي الرمة وعجزه: * أو راجع القلب من اطرابه طرب * = (*)


فإن اختلاف حركتي الهمزتين رافع للبس بعد حذف همزة الوصل
قال: (واما سكون هاء وهو ووهى وفهو وفهى [ ولهو ولهى ] فعارض فصيح وكذلك لام الامر نحو وليوفوا وشبه به اهو واهى وثم ليقضوا.
ونحو ان يمل هو قليل).
اقول: قد ذكرنا جميع هذا الفصل في فصل رد الابنية بعضها الى بعض في اول الكتاب (1) يعنى المصنف ان أوائل هو وهى مع واو العطف وفائه وهمزة الاستفهام وكذا لام الامر التى قبلها واو أو فاء تسكن فكان القياس ان يجتلب لها همزة الوصل لكنها انما لم تحتلب لعروض السكون وليس هذا بجواب مرضى لان هذا الاسكان بناء على تشبيه اوائل هذه الكلم بالاوساط فنحو وهو وفهو مشبه بعضد ونحو وهى وفهى مشبه بكتف وكذا القول في (وليوفوا) فلم يسكنوها الا لجعلهم اياها كوسط الكلمة فكيف تجتلب لما هو كوسط الكلمة همزة وصل ؟ وهب أنه ليس كالوسط أليس غير مبتدأ به ؟ وأليس السكون العارض أيضا في أول الكلمة يجتلب له همزة الوصل إذ ابتدئ بها ؟ الا ترى انك تقول: اسم مع انه جاء سم وكذا است وست ؟ فكان عليه أن يقول: لم تجتلب الهمزة لانها انما تجتلب إذا ابتدئ بتلك الكلمة كما ذكرنا وهذا السكون في هذه الكلمات إنما يكون إذا تقدمها شئ ووجه تشبيههم
__________
= وقبل البيت المذكور مطلع القصدة وهو: ما بال عينك منها الماء ينسكب * كانه من كلى مفرية سرب والركب: اصحاب الابل الاشياع: الاصحاب والطرب: استخفاف القلب في فرح أو في حزن يريد أبكاؤك وحزنك لخبر حدث ام راجع قلبك طرب ؟ والاستشهاد بالبيت على ان همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة وصل غبر مفتوحة فأن همزة الوصل تحذف حينئذ.
لعدم اللبس لان اختلاف حركتي الهمزتين رافع للبس بعد حذف الوصل
(1) انظر (ج 1 ص 45) (*)


لا وائلها بالوسط عدم استقلال ما قبلها واستحالة الوقف عليه وقولك اهو واهى ؟ اقل استعمالا من وهو وفهو ووهى وفهى فلهذا كان التخفيف فيه اقل وقولك: لهو ولهى مثل فهو وفهى يجوز تخفيف الهاء فيه على ما قرئ به في الكتاب العزيز واما نحو ليفعل - بلام كى - فلم يجز فيه التخفيف لقلة استعمالها وتحريك هاء وهى بعد اللام وبعد الواو والفاء وكذا تحريك لام الامر بعدهما هو الاصل قال سيبويه: وهو جيد بالغ وقرا الكسائي وغيره (ثم ليقضوا تفثهم) باسكان لام الامر على تشبيه ثم بالواو والفاء لكونها حرف عطف مثلهما واستقبح ذلك البصريون لان ثم مستقلة يوقف عليها وقرئ في الشواذ (ان يمل هو) باسكان الهاء يجعل (لهو) كعضد وهو قبيح لان يمل كلمة مستقلة ولا يمكن تشبيهها بحرف العطف كما شبه به ثم وقوله: * فبات منتصبا وما تكردسا (1) * اولى من مثله لكونه في كلمة واحدة.
قوله (فصيح) أي: يستعمله الفصحاء بخلاف (ان يمل هو) ونحو قوله (بات منتصبا) وذلك لكثرة الاستعمال في الاول قوله (وشبه به اهو) لكون الهمزة على حرف وان لم يكثر استعمالها مع هو وهى كاستعمال الواو والفاء معهما فلهذا كان التخفيف في اهو واهى اقل
__________
(1) قد تقدم الكلام في شرح هذا البيت (ح 1 ص 45).
وقد استشهد به هنا على ان التخفيف بالاسكان في (منتصبا) اولى من التخفيف بالاسكان في (ان يمل هو) لان الاول في كلمة واحدة والثانى في كلمتين مع ان الكل شاذ (*)


قال: (الوقف: قطع الكلمة عما بعدها وفيه وجوه مختلفة في الحسن (الوقف) والمحل فالاسكان المجرد في المتحرك والروم في المتحرك وهو أن تأتى بالحركة خفية وهو في المفتوح قليل والاشمام في المضموم وهو ان تضم الشفتين بعد الاسكان) أقول: قوله (قطع الكلمة عما بعدها) أي: ان تسكت على آخرها قاصدا لذلك مختارا لجعلها آخر الكلام سواء كان بعدها كلمة أو كانت آخر الكلام فيدخل فيه الروم والاشمام والتضعيف وغير ذلك من وجوه الوقف ولو وقفت عليها ولم تراع احكام الوقف التى نذكرها كما تقف على آخر زيد مثلا بالتنوين لكنت واقفا لكنك مخطئ في ترك حكم الوقف فالوقف ليس مجرد اسكان الحرف الاخير والا لم يكن الروم وقفا وكان لفظ من في من زيد موقوفا عليه مع وصلك اياه بزيد قوله (عما بعدها) يوهم انه لا يكون الوقف على كلامة الا وبعدها شئ ولو قال: السكوت على آخر الكلمة اختيارا لجعلها آخر الكلام - لكان اعم قوله (وفيه وجوه مختلفة في الحسن) أي: في الوقف وجوه يعنى بها انواع احكام الوقف وهى: الاسكان والروم والاشمام والتضعيف وقلب التنوين الفا أو واوا أو ياء وقلب الالف واوا أو ياء أو همزة وقلب التاء هاء وإلحاق هاء السكت وحذف الواو والياء وابدال الهمزة حرف حركتها ونقل الحركة فإن هذه المذكورات احكام الوقف: أي السكوت على آخر الكلمة مختارا لتمام الكلام ونعنى بالحكم ما يوجبه الشئ فان الوقف في لغة العرب يوجب احد هذه الاشياء قوله (وجوه مختلفة في الحسن) أي: هذه الوجوه متفاوتة في الحسن فبعضها أحسن
من بعض كما يجئ من ان قلب الالف واوا أو ياء أو همزة ضعيف وكذا نقل الحركة والتضعيف وقد يتفق وجهان أو اكثر في الحسن كالاسكان وقلب تاء التأنيث هاء


قوله (والمحل) يعنى به محال الوجوه المذكورة وهى ما يذكره المصنف بعد ذكر كل وجه مصدرا بفى كقوله: الاسكان المجرد في المتحرك والروم في المتحرك فقوله (الاسكان المجرد والروم) وجهان للوقف وقوله (المتحرك) محل هذين الوجهين إذ يكونان فيه دون الساكن وكذا قوله (ابدال الالف في المنصوب المنون) ابدال الالف وجه والمنصوب المنون محله وهلم جرا الى آخر الباب فهذه الوجوه مختلفة في المحل: أي لكل وجه منها محل آخر ثبت فيه وقد يشترك الوجهان أو اكثر في محل: واحد كاشتراك الاسكان والروم في المتحرك قوله (فالاسكان المجرد) أي: الاسكان المحض بلا روم ولا اشمام ولا تضعيف والاسكان في الوقف اكثر في كلامهم من الروم والاشمام والتضعيف والنقل ويجوز في كل متحرك الا في المنصوب المنون فان اللغة الفاشية فيه قلب التنوين الفا وربيعة يجيزون اجراءه مجرى المرفوع والمجرور قال 84 - وآخذ من كل حى عصم (2) وان كان آخر الكلمة ساكنا فقد كفيت مؤونة الاسكان نحو كم
__________
(1) هذا عجز بيت من قصيدة للاعشى ميمون مدح بها قيس بن معدى كرب وصدره: * الى المرء قيس اطيل السرى * والسرى: السير ليلا والحى: القبيلة والعصم: مفعول آخذ وهو بضمتين جمع عصام والعصام يطلق في الاصل على وكاء القربة وعلى عروتها ايضا
والمراد به هنا العهد يعنى انه ياخذ من كل قبيلة يمر بها عهدا الا يؤدوه لان له في كل قبيلة اعداء ممن هجاهم أو ممن يكره ممدوحه فيخشى الاذى منهم فيأخذ العهد ليصل سالما الى ممدوحه.
والاستشهاد بالبيت على ان (عصما) وقف عليه بالسكون في لغة ربيعة لانهم يجيزون تسكين المنصوب المنون في الوقف (*)


ومن فلا يكون معه وجه من وجوه الوقف بل تقف بالسكون فقط بالسكون فقط ولو قيل ان سكون الوقف غير سكون الوصل لم يبعد كما قيل في نحو هجان (1) وفلك (2) وإذا كان آخر الكلمة تنوينا لم يعتد بسكونه ولم يكتف به في
__________
(1) قال ابن سيده: (والهجان من الابل البيضاء الخالصة اللون والعتق من نوق هجن وهجائن وهجان.
فمنهم من يجعله من باب جنب ورضا (يريد أنه مما يستوى فيه الواحد وغيره) ومنهم من يجعله تكسيرا وهو مذهب سيبويه وذلك ان الالف في هجان الواحد بمنزلة الف ناقة كناز وامرأة ضناك والالف في هجان الجمع بمنزلة الف ظراف وشراف وذلك لان العرب كسرت فعالا على فعال كما كسرت فعيلا على فعال وعذرها في ذلك ان فعيلا اخت فعال الا ترى ان كل واحد منهما ثلاثى الاصل وثالثه حرف لين ؟ وقد اعتقبا ايضا على المعنى الواحد نحو كليب وكلاب وعبيد وعباد ؟ فلما كانا كذلك وانما بينهما اختلاف في حرف اللين لاغير ومعلوم مع ذلك قرب الياء من الالف وانها الى الياء اقرب منها الى الواو - كسر احدهما على ما كسر عليه صاحبه فقيل: ناقة هجان وأنيق هجان كما قيل: ظريف وظراف وشريف وشراف) اه (2) قال في اللسان: (الفلك - بالضم -: السفينة تذكر وتؤنث وتقع
على الواحد والاثنين والجميع فأن شئت جعلته من باب جنب وان شئت من باب دلاص وهجان وهذا الوجه الاخير هو مذهب سيبويه اعني ان تكون ضمة الفاء من الواحد بمنزلة ضمة باء برد وخاء خرج وضمة الفاء في الجمع بمنزلة ضمة حاء حمر وصاد صفر جمع احمر واصفر قال الله تعالى في التوحيد والتذكير (في الفلك المشحون) فذكر الفلك وجاء به موحدا ويجوز ان يؤنث واحده كقول الله تعالى: (جاءتها ريح عاصف) فقال (جاءتها) فانث وقال (وترى الفلك فيه مواخر) فجمع وقال الله تعالى: (والفلك التى تجرى في البحر) فانث ويحتمل ان يكون واحدا وجمعا وقال تعالى: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) فجمع وانث فكأنه يذهب بها إذا كانت واحدة الى المركب فيذكر والى = (ج، 18) = (*)


الوقف بل يحذف في الرفع والجر حتى يصير الحرف الذى قبله آخر الكلمة فيحذف حركته وانما حذف التنوين في الرفع والجر لانك قصدت كون لكلمة في الوقف اخف منها في الوصل لان الوقف للاستراحة ومحل التخفيف الاواخر لان الكلمة تتثاقل إذا وصلت الى آخرها والتنوين كحرف الكلمة الاخير من حيث كونها على حرف ساكن مفيد للمعنى في الكلمة المتلوة وان كانت في الاصل كلمة براسها فهى: أي التنوين: اما ان تخفف بالقلب كما هو لغة ازد السراة وهو قلبهم المضموم ما قبلها واوا والمكسور ما قبلها ياء وهو مكروه لان الواو ثقيل على الجملة ولا ؟ ؟ ؟ المضموم ما قبلها في الاخر وكذا الياء واما ان تحذف فاختير الحذف على القلب وسهله كون التنوين فضلة على جوهر الكلمة في الحقيقة وإذا كان يحذف الياء المكسور ما قبلها في نحو القاضى للوقف وهى من جوهر الكلمة فما ظنك بالتنوين ؟ فلما
خففت الكلمة بحذف حرف كجزئها كان تخفيفها بحذف ما هو اشد اتصالا بها منه - اعني الضم والكسر اللذين هما جزءا الحرفين اعني الواو والياء - اولى واما في المنصوب المنون فتخفيف الكلمة غاية التخفيف يحصل من دون حذف التنوين وذلك بقلبها الفا إذ الالف اخف الحروف وكذلك في المثنى وجمع سلامة المذكر يحصل التخفيف فيهما بحذف حركة النون فقط
__________
= السفينة فيؤنث.
قال الجوهرى.
وليس هو مثل الجنب الذى هو واحد وجمع والطفل وما اشبههما من الاسماء لان فعلا وفعلا يشتر كان في الشئ الواحد مثل العرب والعرب والعجم والعجم والرهب والرهب ثم جاز ان يجمع فعل على فعل - مثل اسد واسد - ولم يمتنع ان يجمع فعل على فعل (بضم فسكون فيهما).
قال ابن برى: إذا جعلت الفلك واحدا فهو مذكر لا غير وان جعلته جمعا فهو مؤنث لاغير وقد قيل: ان الفلك يؤنث وان كان واحدا قال الله تعالى (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين) اه (*)


واعلم ان علامة الاسكان في الخط الخاء فوق الحرف الموقوف عليه.
وهى حرف اول لفظ الخفيف لان الاسكان تخفيف قوله (والروم في المتحرك) الروم الاتيان بالحركة خفية حرصا على بيان الحركة التى تحرك بها آخر الكلمة في الوصل وذلك: اما حركات الاعراب وهم بشأنها اعني لدلالتها على المعاني في الاصل واما حركات البناء كاين وامس وقبل وعلامة الروم خط بين يدى الحرف هكذا: زيد - وسمى روما لانك تروم الحركة وتريدها حين لم تسقطها بالكلية ويدرك الروم الاعمى الصحيح السمع إذا استمع لان في آخر الكلمة صويتا خفيفا وان كان آخر الكلمة حرفا ساكنا قد يحذف في الوصل ويبقى ما قبله على حركته نحو يسرى والقاضى
فإذا وقفت على مثله جاز لك رومه تلك الحركة وان كان لا يبقى ما قبله على حركته في الوصل بعد حذفه نحو عليكمو وعليهمى لم يجز الروم على ما يجئ قوله (وهو في المفتوح قليل) إذا كان المفتوح منونا نحو زيدا ورجلا فلا خلاف انه لا يجوز فيه الروم الا على لغة ربيعة القليلة اعني حذف نوين نحو قوله: * وآخذ من كل حى عصم * (1) وإذا لم يكن منونا نحو رايت الرجل واحمد فمذهب الفراء من النحاة انه لا يجوز روم الفتح فيه لان الفتح لا جزء له لخفته.
وجزؤه كله وعند سيبويه وغيره من النحاه يجوز فيه الروم كما في المرفوع والمجرور قوله (والاشمام) الاشمام: تصوير الفم عند حذف الحركة بالصورة التى تعرض عند التلفظ بتلك الحركة بلا حركة ظاهرة ولا خفية وعلامته نقطة بين يدى الحرف لانه اضعف من الروم إذ لا ينطق فيه بشئ من الحركة بخلاف الروم والنقطة اقل من الخط وعزا بعضهم الى الكوفيين تجويز الاشمام في
__________
(1) تقدم شرح هذا الشاهد (انظر ص 272 من هذا الجزء) (*)


المجرور والمكسور ايضا والظاهر انه وهم لم يجوزه احد من النحاة الا في المرفوع والمضموم لان آلة الضمة الشفة وقصدك بالاشمام تصوير مخرج الحركة للناظر بالصورة التى يتصور ذلك المخرج بها عند النطق بتلك الحركة ليستدل بذلك على ان تلك الحركة هي الساقطة دون غيرها والشفتان بارزتان لعينه فيدرك نظره ضمهما واما الكسرة فهى جزء الياء التى مخرجها وسط اللسان والفتحة جزء الالف التى مخرجها الحلق وهما محجوبان بالشفتين والسن فلا يمكن المخاطب ادراك تهيئة المخرجين للحركتين قال: والاكثر على ان لا روم ولا اشمام في هاء التأنيث وميم
الجمع والحركة العارضة) اقول: لم اراحدا: لا من القراء ولا من النحاة ذكر انه يجوز الروم والاشمام في احد الثلاثة المذكورة بل كلهم منعوهما فيها مطلقا وارى ان الذى اوهم المصنف انه يجوز الروم والاشمام فيها قول الشاطبي - رحمه الله تعالى - بعد قوله: 85 - وفى هاء تأنيث وميم الجميع قل وعارض شكل لم يكونا ليدخلا وفى الهاء للاضمار قوم ابوهما * ومن قبله ضم أو الكسر مثلا أو اماهما واو وياء وبعضهم * يرى لهما في كل حال محللا (1)
__________
(1) اورد المؤلف هذه الابيات الثلاثة من كلام الشاطبي في لاميته المشهورة (الشاطبية) ليبين منشا وهم ابن الحاجب في ان بعض النحاة أو القراء جوز الروم والاشمام في هاء التأنيث وميم الجمع والحركة العارضة وذلك انه فهم في قول الشاطبي (وبعضهم يرى لهما في كل حال محللا) ان بعض القراء يجيز الروم والاشمام في كل حال من احوال الحرف الموقوف عليه من الحروف = (*)


فظن انه اراد بقوله (في كل حال) في هاء التأنيث وميم الجمع وعارض الشكل وهاء المذكر كما وهم بعض شراح كلامه ايضا وانما عنى الشاطبي في كل حال من احوال هاء المذكر فقط كما يجئ فنقول: انما لم يجز في هاء التأنيث الروم والاشمام لانه لم يكن على الهاء حركة فينبه عليها بالروم أو بالاشمام وانما كانت على التاء التى هي بدل منها فمن ثم جازا عند من يقف على التاء بلا قلب كقوله: 86 - * بل جوز تيهاء كظهر الحجف (1) *
__________
= المذكورة ثم ذكر ان الشاطبي انما عنى بقوله: (...وبعضهم يرى لهما في كل حال محللا) ان بعضهم جوز الروم والاشمام في هاء الاضمار للمذكر فقط في كل حال من احوالها المذكورة في قوله (ومن قبله ضم...الخ) لكن يؤيد ما ذهب إليه ابن الحاجب ما ذكره البغدادي في شرح شواهد الشافية نقلا عن السمين في شرحه للشاطبية حيث قال: (وممن ذهب الى جواز الروم والاشمام مطلقا أبو جعفر النحاس وليس هو مذهب القراء وقد تحصل مما تقدم ان امر الروم والاشمام دائر بين ثلاثة اشياء: استثناء هاء التأنيث وميم الجمع والحركة العارضة وهذا اشهر المذهب الثاني: استثناء هذه الثلاثة مع هاء الكناية عند بعض اهل الاراء الثالث: عدم استثناء شئ من ذلك وهو الذى عبر عنه بقوله ((وبعضهم يرى لهما في كل حال محللا)) اه كلام السمين.
قال البغدادي: (فقوله: وهذا اشهر المذاهب) يؤيد ما حكاه ابن الحاجب من جوازهما (يريد الروم والاشمام) في الثلاثة ايضا وقول الشارح المحقق لم ار احدا من القراء ولا من النحاة ذكر انهما يجوزان في احد الثلاثة - وهم فان بعض القراء صرح بجوازهما في ميم الجمع) اه والبعض الذى عناه البغدادي هو (مكى) كما صرح به أبو شامة والسمين في شرحيهما على الشاطبية (1) هذا البيت من الرجز المشطور وقد نسبه ابن برى في اماليه على الصحاح لسؤر الذئب ضمن ابيات كثيرة وقبله: ما ضرها اما عليها لو شفت * متيما بنظرة واسعفت = (*)


واما ميم الجمع فالاكثر على اسكانه في الوصل نحو عليكم وعليهم والروم والاشمام لا يكونان في الساكن واما من حركها في الوصل ووصلها بواو اوياء فانما لم يرم ولم يشم ايضا بعد حذف الواو والياء كما رام الكسرة في القاضى بعد
حذف يائه لان تلك الكسرة قد تكون في آخر الكلمة في الوصل كقوله تعالى (يوم يدع الداع) ولم يات عليكم واليهم إذا وصلتهما بمتحرك بعدهما متحركي الميمين محذوفي الصلة فكيف ترام أو تشم حركة لم تكن آخرا قط واما نحو (عليكم الكتاب) و (إليهم الملائكة) فان آخر الكلمة فيها الواو والياء المحذوفتان للساكنين وما حذف للساكنين فهو في حكم الثابت هذا ان قلنا: انهما كانا قبل اتصالهما بالساكن عليكمو واليهمى على ما هو قراءة ابن كثير وان قلنا: انهما كانا قبل ذلك عليكم واليهم - سكون الميم فيهما - فالكسر والضم اذن عارضان لاجل الساكنين والعارض لا يرام ولا يشم كما في قوله تعالى (من يشا الله يضلله) ولقد استهزئ) لان الروم والاشمام انما يكونان
__________
= وبعده: قطعتها إذا المها تجوفت * مأزقا الى ذراها اهدفت والجوز - بفتح الجيم وآخره زاى معجمة: الوسط والتيهاء - بتاء مثناة مفتوحة: المفازة التى يتيه فيها السالك والحجفة - بفتح الحاء المهملة والجيم والفاء: الترس وقوله (قطعتها) جواب رب المقدرة بعد بل والمها: اسم جنس جمعى واحده مهاة وهى البقرة الوحشية وتجوفت: دخلت والمآزق: جمع مازق وهو المضيق وذراها - بفتح الذال المعجمة: ناحيتها واهدفت: من الاهداف وهو الدنو من الشئ والاستقبال له - يصف نفسه بالقوة والجلادة فيقول: رب مفازة يضل فيها السالك ملساء كظهر المجن قطعتها في الوقت الذى تهرب فيه ابقار الوحش الى مخابئها (*)


للحركة المقدرة في الوقف والحركة العارضة للمساكنين لا تكون الا في
الوصل فإذا لم تقدر في الوقف فكيف ينبه عليها ؟ قال: (وابدال الالف في المنصوب المنون وفى اذن وفى نحو اضربن بخلاف المرفوع والمجرور في الواو والياء على الافصح) اقول: المنصوب المنون تقلب نونه الفا لانه لا يستثقل الالف بل تخف به الكلمة بخلاف الواو والياء لو قلبت النون اليهما في الرفع والجر والخفة مطلوبة في الوقف كما تقدم وقد ذكرنا ان ربيعة يحذفون التنوين في النصب مع الفتحة فيقفون على المنصوب كما يقفون على المرفوع والمجرور قال شاعرهم: * وآخذ من كل حى عصم * وذلك لان حذفها مع حذف الفتحة قبلها اخف من بقائها مقلوبة الفا معها واما (اذن) فالاكثر قلب نونها الفا في الوقف لانها تنوين في الاصل كما ذكرنا في بابه (1) ومنع المازنى ذلك وقال: لا يوقف عليه الا بالنون لكونه كلن
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 219): (الذى يلوح لى في اذن ويغلب في ظنى ان اصله إذ حذفت الجملة المضاف إليها وعوض منها التنوين لما قصد جعله صالحا لجميع الازمنة الثلاثة بعد ماكان مختصا بالماضي وذلك انهم ارادوا الاشارة الى زمان فعل مذكور فقصدوا الى لفظ إذ الذى هو بمعنى مطلق الوقت لخفة لفظه وجردوه عن معنى الماضي وجعلوه صالحا للازمنة الثلاثة وحذفوا منه الجملة المضاف هو إليها لانهم لما قصدوا ان يشيروا به الى زمان الفعل المذكور دل ذلك الفعل السابق على الجملة المضاف إليها كما يقول لك شخص مثلا: انا ازورك فتقول: اذن اكرمك: أي إذ تزورني اكرمك: أي وقت زيارتك لى اكرمك: وعوض التنوين من المضاف إليه لانه وضع في الاصل لازم الاضافة فهو ككل وبعض الا انهما معربان واذ مبنى فاذن على ما تقرر صالح للماضي.
كقوله:
(اذن لقام بنصري...) = (*)


وان من نفس الكلمة واجاز المبرد الوجهين فمن قلبها الفا كتبها به والا فبالنون وذلك لان مبنى الخط على الابتداء والوقف كما يجئ قوله (وفى نحو اضربن) يعنى به نون التأكيد المخففة ما قبلها وعلة قلبها الفا إذا انفتح ما قبلها وحذفها إذا انضم أو انكسر ما قلنا في التنوين سواء قوله (بخلاف المرفوع والمجرور في الواو والياء) عبارة ركيكة ولو قال بخلاف الواو والياء في المرفوع والمجرور لكان اوضح يعنى لا يقلب تنوين المرفوع واوا وتنوين المجرور ياء كما قلبت تنوين المنصوب الفا لاداء ذلك الى الثقل في موضع الاستخفاف وإذا كانوا لا يجيزون مثل الادلو مطلقا ويجيزون حذف ياء مثل القاضى في الوصل والواو والياء فيهما اصلان فكيف يفعلون في الوقف الذى هو موضع التخفيف شيئا يؤدى الى حدوث واو وياء قبلهما ضمة وكسرة ؟ وزعم أبو الخطاب ان ازد السراة يقولون: هذا زيدو ومررت بزيدى كما يقال: رايت زيدا حرصا على بيان الاعراب قال: (ويوقف على الالف في باب عصا ورحى باتفاق) اقول: اختلف النحاة في هذا الالف في الوقف فنسب الى سيبويه انها في حال الرفع والجر لام الكلمة وفى حال النصب الف التنوين قياسا على الصحيح وليس ما عزى إليه مفهوما من كلامه لانه قال (1): (واما الالفات التى
__________
= وللمستقبل نحو جئتني اذن اكرمك وللحال نحو اذن اظنك كاذبا واذن ههنا هي إذ في نحو قولك حينئذ ويومئذ.
الا انه كسر ذلك في نحو حينئذ ليكون في صورة ما اضيف إليه الظرف المقدم وإذا لم يكن قبله ظرف في صورة المضاف فكسره نادر كقوله:
نهيتك عن طلا بك ام عمرو * بعاقبة وانت إذ صحيح والوجه فتحه ليكون في صورة ظرف منصوب لان معناه الظرف) اه (1) لم يذكر المولف عبارة سيبويه بنصها وانما ذكر مفادها واليك = (*)


تذهب في الوصل فانها لا تحذف في الوقف لان الفتحة والالف اخف الا ترى انهم يفرون من الواو والياء المفتوح ما قبلهما الى الالف ؟ وقد يفر إليه في الياء المكسور ما قبلها نحو دعا ورضا).
وقال ايضا: (إنهم يخففون عضدا وفخذا بحذف حركتي عينيهما ولا يحذفون حركة عين جمل) قال السيرافى - وهو الحق -: (هذا الموضع يدل على ان مذهب سيبويه ان الالف التى تثبت في الوقف هي التى كانت في الوصل محذوفة) أقول: معنى كلام سيبويه انك إذا قلت (هذا قاض) و (مررت بقاض) فانك تحذف في الوقف الياء التى حذفتها في الوصل للساكنين وإن زال احد الساكنين وهو التنوين وذلك لعروض زواله إذ لو لم يحذف الياء والكسرة في الوقف
__________
= العبارة قال (ج 2 ص 290): (واما الالفات التى تذهب في الوصل فانها لا تحذف في الوقف لان الفتحة والالف اخف عليهم الا تراهم يفرون من الياء والواو إذا كانت العين قبل واحد منهما مفتوحة وفروا إليها في قولهم: قد رضا (ماض مبنى للمجهول) ونها (مثله) وقال الشاعر وهو زيد الخيل أفى كل عام مأتم تبعثونه * على محمر ثويتموه وما رضا وقال طفيل الغنوى: * ان الغوى إذانها لم يعتب * ويقولون في فخذ: فخذ وفى عضد: عضد ولا يقولون في جمل: جمل ولا يخففون لان الفتح اخف عليهم والالف (انظر: ج 1 ص 43 وما بعدها
من كتابنا هذا) فمن ثم لم تحذف الالف إلا ان يضطر شاعر فيشبهها بالياء لانها اختها وهى قد تذهب مع التنوين قال الشاعر - حيث اضطر - وهو لبيد: وقبيل من لكيز شاهد رهط مرجوم ورهط ابن المعل يريد المعلى) اه = (*)


لبقيت الكلمة في حال الوقف على وجه مستثقل عندهم مع كونها اخف مما كانت في الوصل لان الياء على كل حال اخف من التنوين
__________
= وقد ذكر أبو حيان في الارتشاف هذه المذاهب ونسبها لاصحابها فقال: (والمقصور المنون يوقف عليه بالالف وفيه مذاهب: احدها: ان الالف بدل من التنوين واستصحب حذف الالف المنقلبة وصلا ووقفا وهو مذهب ابى الحسن والفراء والمازني وابى على في التذكرة.
والثانى: انها الالف المنقلبة لما حذف التنوين عادت مطلقا وهو مروى عن ابى عمرو والكسائي والكوفيين وسيبويه فيما قال أبو جعفر الباذش.
والثالث: اعتباره بالصحيح فالالف في النصب بدل من التنوين وفى الرفع والجر هي بدل من لام الفعل وذهب إليه أبو على في احد قوليه ونسبه اكثر الناس الى سيبويه ومعظم النحويين) اه وقال ابن يعيش في شرح المفصل: (وقد اختلفوا في هذه الالف (يريد الف المقصور المنون) فذهب سيبويه الى انه في حال الرفع والجر لام الكلمة وفى حال النصب بدل من التنوين وقد انحذفت الف الوصل واحتج لذلك بان المعتل مقيس على الصحيح وانما تبدل من التنوين في حال النصب دون الرفع والجر وبعضهم يزعم ان مذهب سيبويه انها لام الكلمة في الاحوال كلها قال السيرافى: وهو المفهوم من كلامه وهو قوله (اما الالفات التى تحذف
في الوصل فانها لا تحذف في الوقف).
ويؤيد هذا المذهب انها وقعت رويا في الشعر في حال النصب نحو قوله: ورب ضيف طرق الحى سرى * صادف زادا وحديثا ما اشتهى فالف (سرى) هنا روى ولا خلاف بين اهل القوافى في ان الالف المبدلة من التنوين لا تكون رويا.
وقال قوم - وهو مذهب المازنى -: انها في الاحوال كلها بدل من التنوين وقد انحذفت الف الوصل واحتجوا بان التنوين انما ابدل منه الالف في حال النصب من الصحيح لسكونه وانفتاح ما قبله وهذه العلة موجودة في المقصور في الاحوال كلها وهو قول لا ينفك عن ضعف لانه قد جاء عنهم (هذا فتى) بالامالة ولو كانت بدلا من التنوين لما ساغت فيها الامالة إذا لا سبب لها) اه (*)


واما الالف المحذوفة في المقصور في الاحوال الثلاث للساكنين فانك تردها في حال الوقف في الاحوال الثلاث لزوال الساكن الاخير: أي التنوين لان الالف اخف من كل خفيف فاعتبرت زوال التنوين في المقصور مع عروضة لان اعتباره كان يؤدى الى كون حال الوقف على وجه مستثقل وقد رأيت كيف عمم سيبويه علة رد الالف التى هي اللام حالات الرفع والنصب والجر لانها كانت محذوفة في الحالات الثلاث للساكنين ولا يعطى كلام سيبويه ما نسب إليه لا تصريحا ولا تلويحا وما نسب إليه مذهب أبى على في التكملة واقصى ما يقال في تمشيته ان يقال: إن فتى في قولك في الوقف (جاءني فتى) و (مررت بفتى) و (رأيت فتى) كان في الاصل فتى وفتى وفتيا حذف التنوين في الرفع والجر كما يحذف في الصحيح وسكن اللام للوقف ثم قلبت الفا لعروض السكون فكأنها متحركة مفتوح ما قبلها واما
في حالة النصب فقد قلبت التنوين الفا للوقف ثم قلبت اللام الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الالف الاولى للساكنين كما هو حق الساكنين إذا التقيا واولهما مد وهذا كله خبط لانك وقفت على الكلمة ثم اعللتها ونحن نعرف ان الوقف عارض للوصل والكلمة في حال الوصل معلة بقلب لامها الفا وحذفها للساكنين فلم يبق في المقصور إذن في الوقف الا مذهبان: احدهما أنك إذا حذفت التنوين رددت اللام الذى حذفته لاجله مع عروض حذف التنوين وذلك لاستخفاف الالف والفتحة كما ذكر سيبويه واستدل السيرافى على كون الالف لام الكلمة في الاحوال بمجيئها رويا في النصب قال: 87 - ورب ضيف طرق الحى سرى صادف زادا وحديثا ما اشتهى


* ان الحديث جانب من القرى (1) * ولايجوز (زيدا) مع (محيى) لما ثبت في علم القوافى وايضا فانها تمال في حال النصب كقوله تعالى (واتحذوا من مقام ابراهيم مصلى) وامالة الف التنوين فليلة كما يجئ في بابها وايضا تكتب ياء والف التنوين تكتب الفا والمذهب الثاني انك لاترد الالف المحذوفة لانك التنوين الموجب لحذفها بل تقلبها في الاحوال الثلاث الفا لوقوعها في الاحوال بعد الفتحة كما قلبتها الفا في (زيدا) المنصوب لان موقعها في الاحوال الثلاث مثل موقع تنوين زيدا المنصوب بل هنا القلب اولى لان فتحة (زيدا) عارضة اعرابية والفتحة في المقصور لازمة.
وهذا المذهب لابن برهان وينسب الى ابى عمرو بن
العلاء والكسائي ايضا.
والاول اولى لما استدل به السيرافى.
واما المقصور المجرد من التنوين فالالف الذى في الوقف هو الذى هو الذى كان فيه في الوصل بلا خلاف كاعلى والفتى وقد يحذف الف المقصور اضطرارا قال:
__________
(1) هذه ابيات من الرجز المشطور يقولها الشماخ بن ضرار الغطفاني في عبد الله بن جعفر بن ابى طالب وقد اختارها أبو تمام في باب الاضياف والمديح من ديوان الحماسة وقبلها قوله: انك يابن جعفر خير فتى * ونعم ماوى طارق إذا اتى والاستشهاد بما ذكره المؤلف على ان الالف من المقصور لام الكلمة في الاحوال كلها لانها وقعت رويا وليست مبدلة من التنوين في الوقف لانها المنصوب في الروى ايضا وكان يقع مثل رايت زيدا مع مثل رايت الفتى في قصيدة واحدة وهو مما لا يقول به احد فثبت ان الالف في (سرى) وفى (اشتهى) وفى (القرى) هي لام الكلمة كما قدمنا (*)


88 - وقبيل من لكثير شاهد * رهط مرجوم ورهط ابن المعل (1) قال: (وقلبها وقلب كل الف همزة ضعيف) أقول: يعنى قلب الف المقصور وقلب غيرها من الالفات سواء كانت للتأنيث كحبلى أو للالحاق كمعزى أو لغيرهما نحو يضربها فان بعض العرب يقلبها همزة وذلك لان مخرج الالف متسع وفيه المد البالغ فإذا وقفت عليه خليت سبيله ولم تضمه بشفة ولا لسان ولا حلق كضم غيره فيهوى الصوت إذا وجد متسعا حتى ينقطع آخره في موضع الهمزة وإذا تفطنت وجدت ذلك كذلك فإذا وصلوا لم يمتد الالف إلى مخرج الهمزة لانك تأخذ بعد الالف في حرف آخر وفى الواو والياء أيضا مد ينتهى آخره إلى مخرج الهمزة قال الخليل:
ولذلك كتبوا نحو (ضربوا) بهمزة بعد الواو لكن مدهما أقل من مد الالف وقال الاخفش: زادوا الالف خطا في نحو (كفروا) للفصل بين واو العطف وواو الجمع وقال غيرهما: بل ليفصلوا بين ضمير المفعول نحو (ضربوهم) وبين ضمير التأكيد نحو (ضربواهم) ثم طردوا في الجميع وإن لم يكن هناك ضمير قال: (وكذلك قلب ألف نحو حبلى همزة أو واوا أو ياء) أقول: قوله (همزة) لم يكن محتاجا إليه مع قوله قبل (قلب كل الف همزة)
__________
(1) ينسب هذا البيت إلى لبيد بن ربيعة الصحابي المعروف يصف فيه مقاما فاخرت فيه قبائل ربيعة قبيلة من مضر وقوله (قبيل) مبتدأ و (من لكيز) صفته و (شاهد) خبره و (رهط مرجوم) وما عطف عليه بدل عنه ومرجوم وابن المعل سيدان من سادات لكيز.
والاستشهاد بالبيت في قوله (وابن المعل) حيث اراد ابن المعلى فحذف الالف المقصورة في الوقف ضرورة تشبيها للالف بما يحذف من الياءات في الاسماء المنقوصة قال الاعلم: (وهذا من اقبح الضرورة لان الالف لا تستثقل كما تستثقل الياء والواو وكذلك الفتحة لانها من الالف) (*)


قوله (أو واوا أو ياء) اعلم ان فزارة وناسا من قيس يقلبون كل الف في الاخر ياء سواء كان للتانيث كحبلى اولا كمثنى كذا قال النحاة وخص المصنف ذلك بالف نحو حبلى اولا كمثنى كذا قال النحاة وخص المصنف ذلك بالف نحو حبلى وليس بوجه وانما قلبوها ياء لان الالف خفية وانما تبين إذا جئت بعدها بحرف آخر وذلك في حالة الوصل لان اخذك في جرس حرف آخر يبين جرس الاول وان كان خفيا واما إذا وقفت عليها فتخفى غاية الخفاء حتى تظن معدومة ومن ثم يقال: هؤلاه ويارباه
بهاء السكت بعدها فيبدلونها اذن في الوقف حرفا من جنسها اظهر منها وهى الياء وانما احتملوا ثقل الياء التى هي اثقل من الالف في حالة الوقف التى حقها ان تكون اخف من حالة الوصل للغرض المذكور من البيان مع فتح ما قبلها فانه يخفف شيئا من ثقلها وهذا عذر من قلبها همزة ايضا وان كانت اثقل من الالف وطيئ يدعونها في الوصل على حالها في الوقف فيقولون: افعى بالياء في الحالين وبعض طيئ يقلبونها واوا لان الواو ابين من الياء والقصد البيان وذلك لان الالف ادخل في الفم لكونه من الحلق وبعده الياء لكونه من وسط اللسان وبعده الواو لكونه من الشفتين والياء اكثر من الواو في لغة طيئ في مثله لانه ينبغى ان يراعى الخفة اللائقة بالوقف مع مراعاة البيان والذين يقلبونها واوا يدعون الواو في الوصل بحالها في الوقف وكل ذلك لاجراء الوصل مجرى الوقف وانما قلبت واوا أو ياء لتشابه الثلاثة في المد وسعة المخرج وقريب من ذلك ابدال بنى تميم ياء (هذى) في الوقف هاء فيقولون: هذه بسكون الهاء وانما ابدلت هاء لخفاء الياء بعد الكسرة في الوقف التى هي اخت الياء في المد فإذا وصل هؤلاء ردوها ياء فقالوا: هذى هند لان ما بعد الياء يبينها وقيس واهل الحجاز يجعلون الوقف والوصل سواء بالهاء كما جعلت طيئ الوقف والوصل


سواء في افعى الا ان قلب الهاء من الياء لا يطرد في كل ياء كما اطرد قلب الياء من كل الف عند طيئ في الوقف والاغلب بعد قلب ياء هذى هاء تشبيه الهاء بهاء المذكر المكسور ما قبلها نحو بهى وغلامهى فتوصل بياء في الوصل ويحذف الياء في الوقف كما يجئ بعد ويجوز هذه بسكون الهاء وصلا ووقفا لكنه قليل ويبدل ناس من بنى تميم الجيم مكان الياء في الوقف شديدة كانت الياء أو خفيفة لخفاء الياء كما ذكرنا وقرب الجيم منها في المخرج مع ونه
اظهر من الياء فيقول: تميمج وعلج [ في تميمي وعلى ] وقوله: 89 - خالي عويف وابو علج * المطعمان اللحم بالعشج (1) وبالغداة فلق البرنج * يقلع بالود وبالصيصج من باب اجراء الوصل مجرى الوقف عند النحاة ويجئ الكلام عليه وانشد أبو زيد في الياء الخفيفة: 90 - يا رب ان كنت قبلت حجتج فلا يزال شاحج يأتيك بج * اقمر نهات ينزى وفرتج (2) *
__________
(1) نسبوا هذه الابيات لبدوي راجز ولم يعينوه وقوله (أبو علج) يريد أبو على و (بالعشج) يريد: بالعشى.
وفلق: جمع فلقة وهى القطعة ويروى في مكانه (كتل) بضم الكاف وفتح التاء وهى جمع كتلة و (البرنج) يريد به البرنى وهو نوع من اجود التمر والود: الوتد قلبت تاؤه دالا ثم اذغمت و (الصحيصج) يريديه الصيصي وهو واحد الصياصى وهى قرون البقر.
والاستشهاد بالبيت على ان بعض بنى سعد يبدلون الياء المشددة جيما (2) هذه ابيات ثلاثة من الرجز المشطور انشدها أبو زيد في نوادره وقوله (حجتج) اراد به حجتى فابدل من ياء المتكلم الساكنة جيما والشاحج: المراد به البغل أو الحمار والشحيج الصوت تقول: شحج البغل والحمار والغراب = (*)


قال: (وابدال تاء التأنيث الاسمية هاء في نحو رحمة على الاكثر وتشبيه تاء هيهات به قليل وفى الضار بات ضعيف وعرقات ان فتحت تاؤه في النصب فبالهاء والا فبالتاء واما ثلاثة اربعة فيمن حرك فلانه نقل حركة همزة القطع لما وصل بخلاف الم الله فانه لما وصل
التقى ساكنان).
اقول: لا خلاف في تاء التأنيث الفعلية انها في الوقف تاء وفى ان اصلها تاء ايضا واما الاسمية فاختلف في اصلها فمذهب سيبويه والفراء وابن كيسان واكثر النحاة انها اصل كما في الفعل لكنها تقلب في الوقف هاء ليكون فرقا بين التاءين: الاسمية والفعلية أو بين الاسمية التى للتانيث كعفرية (1) والتى لغيره كما في عفريت وعنكبوت وانما قلبت هاء لان في الهاء همسا
__________
= يشحج شحيجا وشحاجا: أي صوت ويروى في مكانه شامخ والاقمر: الابيض والنهات: النهاق والنهيت والنهيق واحد و (بج) يريد: بى وينزى: يحرك و (وفرتج) يريد به وفرتى فابدل الياء جيما والوفرة - بفتح فسكون -: الشعر الى شحمة الاذن.
والاستشهاد بالبيت على انه قلب الياء الخفيفة جيما كما يظهر مما ذكرناه قال سيبويه (ح 2 ص 288) ما نصه: (واما ناس من بنى سعد فانهم يبدلول الجيم مكان الياء في الوقف لانها خفيفة فابدلوا من موضعها ابين الحروف وذلك قولهم: هذا تميمج يريدون تميمي وهذا علج يريدون على وسمعت بعضهم يقول: عربانج يريد عربانى وحدثني من سمعهم يقولون: خالي عويف وابو علج * المطعمان الشحم بالعشج بالغداة قلق البرنج يريد بالعشى والبرني فزعم انهم انشدوه هكذا) اه (1) انظر في كلمة عفريت (ح 1 ص 15، 256) وانظر في كلمة عفرية (ح 1 ص 255 ه 2).
(*)


ولينا اكثر مما في التاء فهو بحال الوقف الذى هو موضع الاستراحة اولى
ولذلك تزاد الهاء في الوقف فيما ليس فيه - اعني هاء السكت - نحو: انه وهؤلاه وانما تصرف في الاسمية بالقلب دون الفعلية لاصالة الاسمية لانها لاحقة بما هي علامة تأنيثه بخلاف الفعلية فانها لحقت الفعل دلالة على تأنيث فاعله والتغيير بما هو الاصل اولى لتمكنه.
وقال ثعلب: ان الهاء في تأنيث الاسم هو الاصل وانما قلبت تاء في الوصل إذ لو خليت بحالها هاء لقيل: رايت شجرها بالتنوين وكان التنوين يقلب في الوقف الفا كما في (زيدا) فيلتبس في الوقف بهاء المؤنث فقلبت في الوصل تاء لذلك ثم لما جئ الى الوقف رجعت الى اصلها وهو الهاء وانما لم يقلب التنوين عند سيبويه الفا بعد قلب التاء هاء خوفا من اللبس ايضا كما قلنا وزعم أبو الخطاب ان ناسا من العرب يقفون على الاسمية ايضا [ بالتاء ] قال: 91 - الله نجاك بكفى مسلمت * من بعد ما وبعد ما وبعدمت (1)
__________
(1) هذه الابيات من الرجز المشطور ولم نقف لها على قائل ومسلمت - بفتح الميم واللام -: اسم شخص واصله مسلمة و (ما) في قوله (من بعد ما) يجوز ان تكون مصدرية وان تكون كافة مسوغة لبعد ان يليها الفعل لان من حق بعد ان تضاف الى المفرد لا الى الجمل والفعل على الوجهين هو قوله (صارت) وما عطف عليه.
وقد كرر (بعدما) ثلاث مرات لقصد التهويل وتفخيم الحال وحينئذ يجوز ان تكون الثانية والثالثة توكيدا للاولى من توكيد المفرد بالمفرد ويجوز ان تكون كل واحدة منها مضافة الى فعل مثل المذكور وعلى هذا الوجه الثاني يجوز ان يكون الفعل المذكور مضافا إليه الاول أو الثاني أو الثالث كقوله: يا من راى عارضا اسر به * بين ذراعي وجبهة الاسد = (*)


صارت نفوس القوم عند الغلصمت * وكادت الحرة ان تدعى امت والظاهر ان هؤلاء لا يقولون في النصب (رأيت امتا) كزيد بالف بل (رايت امت) كما في قوله (وكادت الحرة ان تدعى امت) وذلك لحمله على (امه) بالهاء فانه هو الاصل في الوقف قوله (وتشبيه تاء هيهات به قليل) قد ذكرنا حكمه في اسماء الافعال (1)
__________
= وكقولهم: قطع الله يد ورجل من قالها ومثل ما قالوه في نحو: ياتيم تيم عدى.
والغلصمة: راس الحلقوم.
يريد نجاك الله من الاعداء بكف هذا الرجل المسمى مسلمة بعد ما كاد يتعسر عليك الا فلات وكادت النساء الحرائر يسبين فيصرن اماء.
والاستشهاد بالبيت على ان الالف قلبت تاء في قوله (وبعدمت).
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 69): (ومن اسماء الافعال التى بمعنى الخبر (هيهات) وفى تائها الحركات الثلاث وقد تبدل هاؤها الاولى همزة مع تثليث التاء ايضا وقد تنون في هذه اللغات الست وقد تسكن التاء في الوصل ايضا لاجرائه فيه مجراه في الوقف وقد تحذف التاء نحو هيها وايها وقد تلحق هذه الرابعة عشر كاف الخطاب نحو ايهاك وقد تنون ايضا نحو ايها وقد يقال ايهان - بهمزة ونون مفتوحتين وقال صاحب المغنى (وليس هو ابن هشام): بنون مكسورة وقال بعض النحاة: ان مفتوحة التاء مفردة واصلها هيهية - كزلزلة نحو قوقاة قلبت الياء الاخيرة الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والتاء للتانيث فالوقف عليها اذن بالهاء واما مكسورة التاء فجمع مفتوحة التاء كمسلمات فالوقف عليها بالتاء وكان القياس هيهيات كما تقول: قوقيات في جمع قوقاة الا انهم حذفوا الالف لكونها
غير متمكنة كما حذفوا الف هذا وياء الذى في المثنى والمضمومة التاء تحتمل الافراد والجمع فيجوز الوقف عليها بالهاء والتاء وهذا كله توهم وتخمين بل لا منه ان نقول: التاء والالف فيها زائدتان فهى مثل كوكب ولا منع ايضا من كونها في جميع الاحوال مفردة مع زيادة التاء فقط واصلها هيهية = (*)


وان بعض النحاة قال: انك إذا كسرت تاءه فهو في التقدير جمع هيهية واصله هيهيات فحذف الياء شاذا لكونه غير متمكن كما حذفت في اللذان والقياس اللذيان وإذا ضممت تاءه أو فتحتها جاز أن يكون مفردا واصله هيهية فيوقف عليه بالهاء وان يكون مجموعا فيوقف عليه بالتاء وقد ذكرنا هناك انه يجوز ان يكون اصله هيهية سواء كان مضموم التاء أو مفتوحها أو مكسورها لكنه انما قل الوقف عليها بالهاء لالتحاقة بالافعال لكونه اسم فعل فكان تاؤه كتاء قامت وقعدت وذكرنا ايضا انه يجوز ان يجوز ان يكون الالف والتاء زائدتين وتركيبه من هيهى ككوكب واما تجويز قلب تائه هاء على هذا فلتشبيهه لفظا بنحو قوقاة (1) ودوداة (2) قوله (وفى الضاربات ضعيف) يعنى ان بعضهم يقلب تاء الجمع ايضا في الوقف
__________
= ونقول: فتح التاء على الاكثر نظرا الى اصله حين كان مفعولا مطلقا وكسرت للساكنين لان اصل البناء السكون واما الضم فللتنبيه بقوة الحركة على قوة معنى البعد فيه إذ معناه ما ابعده كما ذكرنا وكان القياس بناء على هذا الوجه الاخير - اعني ان اصله هيهية في الاحوال - ان لا يوقف عليه الا بالهاء وانما يوقف عليه بالتاء في الاكثر تنبيها على التحاقها بقسم الافعال من حيث المعنى فكان تاؤها مثل تاء قامت وهذا الوجه اولى من الوجه الاول وايضا من جعل الالف والتاء زائدتين لان باب قلقال اكثر من باب
سلس وببر) اه (1) قوقاة: مصدر قولك: قوقت الدجاجة: إذا صوتت عند البيض واصلها قوقية - كد حرجة فقلبت الياء الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وتقول: قاقت الدجاجة ايضا (2) الدوداة: الجلبة والارجوحة وعلى الاول هي مصدر لقولك دوديت: اي صوت وعلى الثاني هي من اسماء الاجناس غير المصادر ويجوز ان تكون منقولة من المصدر (*)


هاء لكونها مفيدة معنى التأنيث كافادتها معنى الجمع فيشبه بتاء المفرد حكى قطرب (كيف البنون والبناه) والاكثر ان لا تقلب هاء لانها لم تتخلص للتانيث بل فيها معنى الجمعية فلا تقلب هاء واما تاء نحو (اخت) فلا خلاف في انها يوقف عليها تاء لانها وان كان فيها رائحة التأنيث لاختصاص هذا البدل بالمؤنث الا انها من حيث اللفظ مخالفة لتاء التأنيث لسكون ما قبلها وبكونها كلام الكلمة بسبب كونها بدلا منها بخلاف تاء الجمع فان ما قبلها الف فكان ما قبلها مفتوح كتاء المفرد وليست بدلا من اللام بل هي زائدة محضة كتاء المفرد فلهذا جوز بعضهم اجراءها مجراها قوله (وعرقات (1) ان فتحت تاؤه في النصب فبالهاء) لانه يكون مفردا كما ذكرنا في شرح الكافية ويكون ملحقا بدرهم كمعزى وان كسرت تاؤه في النصب دل على انه جمع عرق إذ قد يؤنث جمع المذكر بالالف والتاء مع مجئ التكسير فيه: أي العروق كما قيل البوانات مع البون في البوان على ما مر في شرح الكافية في باب الجمع فالاولى الوقف عليه بالتاء كما في مسلمات
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 175): (وجاء في بعض
اللغات فيما لم يرد المحذوف فيه فتح التاء حالة النصب قالوا: سمعت لغاتهم وجاء في الشاذ (انفروا ثباتا) ولعل ذلك لاجل توهمهم تاء الجمع عوضا من اللام كالتاء في الواحد وكالواو والنون في (كرون) و (ثبون) وقال أبو على: بل هو تاء الواحد والالف قبلها اللام المردودة فمعنى سمعت لغاتهم: أي لغتهم قال: وذلك لان سيبويه قال: ان تاء الجمع لا تفتح في موضع وفيما قال نظر إذ المعنى في سمعت لغاتهم وقوله (انفروا ثباتا) الجمع وحكى الكوفيون في غير محذوف اللام: استاصل الله عرقاتهم - بفتح التاء وكسرها اشهر فاما ان يقال: انه مفرد والالف للالحاق بدرهم أو يقال: انه جمع فتح تاؤه شاذا فالعرق اذن كالبوان مذكر له جمع مكسر وهو العروق جمع بالالف والتاء مثله) اه (*)


قوله (واما ثلاثة اربعة) هذا اعتراض على قوله (وابدال تاء التأنيث الاسمية هاء) يعنى أنك قلت: إن التاء تبدل هاء في الوقف و (ثلاثة) في قولك (ثلثهربعة) ليس موقوفا عليه لكونه موصولا بأربعة وإلا لم ينقل حركة الهمزة إلى الهاء فأجاب بأن الوصل اجرى مجرى الوقف وذلك أنه وصل ثلاثة بأربعة ومع ذلك قلب تاؤه هاء قال: وأما (ألم الله) فلا يجوز ان يكون فتحة الميم فيه منقولة إليها من همزة أل كما في ثلثهربعة لان هذه الكلمات - اعني اسماء حروف التهجى - عند المصنف ليس موقوفا عليها بخلاف ثلثهربعة فان ثلاثة موصولة مجراه مجرى الموقوف عليها بسبب قلب التاء هاء فإذا لم يكن ألم موقوفا عليه ولا موصولا مجرى مجراه بل كان موصولا بالله فلا بد من سقوط ألف الله في الدرج والهمزة إذا سقطت في الدرج سقطت مع حركتها ولا ينقل حركتها إلى ما قبلها إلا على الشذوذ كما روى الكسائي في (بسم الله الرحمن
الرحيم الحمد لله) بفتح ميم الرحيم فإذا سقطت همزة الوصل مع حركتها التقى ساكنان: ميم الم ولام الله فحرك الميم بالفتح للساكنين وإنما فتحت إبقاء على تفخيم الله تعالى وفرارا من الكسرة بعد الياء والكسرة كما مر في بابه وهذا من المصنف عجيب وذلك لان ألم كلمات معدودة كواحد اثنان ثلاثة لا فرق بينهما وقد ثبت رعاية حكم الوقف في كل واحدة من كلمات الفاظ العدد بدليل قلب تائها هاء وإثبات همزة الوصل في اثنان وذلك لعدم الاتصال المعنوي بين الكلمات وإن اتصلت لفظا فهلا كان نحو ألم أيضا هكذا ؟ ولو كان في أسماء حروف التهجى همزات الوصل في الاوائل وتاءات التأنيث في الاواخر لثبتت تلك وانقلبت هذه وجوبا كما في ألفاظ العدد وكذلك إذا عددت نحو رجل امرأة ناقة بغلة فإنك تثبت همزة الوصل وتقلب التاء هاء وهما من دلائل كون كل كلمة كالموقوف عليه لكن قلب التاء هاء لازم وحذف همزة الوصل مع نقل حركتها إلى ما قبلها مختار كما مر في التقاء الساكنين قلما ثبت أن كل كلمة


من اسماء حروف الهجاء في حكم الموقوف عليه قلنا: ثبت همزة الوصل في الله إذ هو في حكم المبتدأ به ثم لما وصلها لفظا بميم نقل حركتها إلى الساكن كما نقل حركة همزة القطع في ثلاثة اربعة (قوله ثلاثه اربعة فيمن حرك) يعنى من لم يحرك الهاء وقال ثلاثه اربعة فإن ثلاثه موقوف عليه غير موصول باربعة فلا اعتراض عليه بانه كيف قلب التاء هاء في الوصل وهو ايضا وهم لان من لم ينقل حركة الهمزة الى الهاء ايضا لا يسكت على الهاء بل يصله بأربعة مع اسكان الهاء وليس كل إسكان وقفا لانه لابد للوقف من سكتة بعد الاسكان ولو كانت خفيفة والا لم يعد المسكن واقفا لانك إذا قلت (من انت) ووصلت من بأنت لا تسمى واقفا
مع إسكانك نون من فعلى هذا يجب في الاسماء المعدودة - سواء كانت من اسماء العدد أو اسماء حروف التهجى أو غيرهما - ان يراعمى فيها احكام الاسماء الموقوف عليها مع أنك لا تقف على كل منها.
قال: (وزيادة الالف في انا ومن ثم وقف على لكناهو الله بالالف ومه وانه قليل) اقول: قال سيبويه: إنهم كما يبينون حركة البناء بهاء السكت ببينونها في حرفين فقط بالالف وهما انا وحيهلا.
قلت: اما (حيهلا) فيجوز ان يكون الالف فيه بدلا من التنوين في حيهلا لان كل نون ساكنة زائدة متطرفة قبلها فتحة وإن لم يكن تنوين تمكن فإنها تقلب في الوقف الفا كما في اضربن وقد بينا في باب المضمرات ان الالف في (انا) عند الكوفيين من نفس الكلمة وبعض طيئ يقف عليه بالهاء مكان الالف فيقول: انه وهو قليل قال حاتم: هكذا فزدى انه (1) وبعض
__________
(1) الذى في مجمع الامثال للميداني (ح 2 ص 293): (هكذا فصدى) قيل: إن اول من تكلم به كعب بن مامة وذلك أنه كان اسيرا في عنزة فأمرته ام منزله ان يفصد لها ناقة فنحرها فلامته على نحره اياها فقال: هكذا فصدى = (*)


العرب يصل انا بالالف في الوصل ايضا في السعة والاكثر انهم لا يصلونه بها في الوصل الا ضرورة قال: 92 - انا سيف العشيرة فاعرفوني * حميدا قد تذريت السناما (1) وقرأ نافع باثباتها قبل الهمزة المضمومة والمفتوحة دون المكسورة ودون غير الهمزة من الحروف وقال أبو على: لا اعرف الوجه في تخصيص ذلك بما ذكر قوله (ومن ثم وقف) أي: من جهة زيادة الالف في آخر (انا) وقفا وقف
على (لكنا) بالالف لانه (انا) في الاصل جاءت بعد (لكن) ثم نقلت حركة همزة انا الى النون وحذفت كما في نحو (قد افلح) ثم ادغمت النون في النون وابن عامر يثبت الالف في (لكنا هو الله) وصلا ايضا ليؤذن من اول الامر بانه ليس لكن المشددة بل اصله لكن انا قوله (مه وانه قليل) اما انا فقد مر ان بعض طيئ يقفون عليها بالهاء مكان الالف واما (مه) فيريد ان الوقف عليها بالهاء إذا لم تكن مجرورة
__________
= يريد انه لا يصنع الا ما تصنع الكرام) اه ولم نجد في هذا الكتاب ولا في غيره من كتب اللغة والامثال نسبة هذا المثل الى حاتم ولا روايته بهذا اللفظ.
وانظر في معنى الفصد (ح 1 ص 43) (1) هذا البيت لحيمد بن حريث بن بحدل الكلبى وقوله (حميدا) منصوب على انه بدل من الياء في (فاعرفوني) أو بفعل محذوف يدل على الاختصاص أو المدح هذا كله ان رويته (حميدا) بالتصغير على انه علم فان رويته (حميدا) - بفتح الحاء - على انه صفة بمعنى محمود فهو حال وان كان اسما غير صفة جاز فيه ما جاز في المصغر وقد اختلف في اسم الشاعر على وجهين فقيل: هو مصغر وقيل: مكبر.
و (تذريت): علوت واصله من بلوغ الذروة وهى اعلى الشئ والسنام للبعير معروف واراد هنا عالى المجد والرفعة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (انا) حيث جاء بالالف مع الوصل وهو من ضرائر الشعر (*)


قليل واما إذا كان مجرورة فيجئ حكمها بعيد فنقول: انه اجاز بعضهم حذف الف ما والوقف عليه بالهاء وان لم يكن مجرورا كما في حديث أبى ذؤيب: قدمت المدينة ولاهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالاحرام فقلت: مه
فقيل: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لانك إذا حذفت الالف منها شابهت الفعل المحذوف آخره جزما أو وقفا نحو ره واغزه وليرمه فيلحق بها هاء السكت بعد حذف الالف والاولى ان يوقف عليها بالالف التى كانت لها اعني على ما الاستفهامية غير المجرورة ومذهب الزمخشري ان الهاء بدل من الالف وحملها على المجرورة في نحو: مثل مه ومجئ مه اولى اعني جعله هاء السكت جئ بها بعد حذف الالف كالعوض منه قال: (والحاق هاء السكت لازم في نحو ره وقه ومجئ مه ومثل مه [ في مجئ م جئت ومثل م انت ] (1) وجائز في مثل لم يخشه ولم يغزه ولم يرمه وغلاميه [ وعلى مه ] (1) وحتامه والامه مما حركته غير اعرابية ولا مشبهة بها كالماضي وباب يا زيد ولا رجل وفى نحو ههناه وهؤلاه) اقول: قد ذكرنا احكام هاء السكت في آخر شرح الكافية ونذكر ههنا ما ينحل به لفظه قوله (في نحو ره وقه) أي: فيما بقى بالحذف على حرف واحد ولم يكن كجزء مما قبله لا يلزم الهاء الا ههنا وانما لزم فيه لان الوقف لا يكون إلا على ساكن أو شبهه والابتداء لا يكون الا بمتحرك فلا بد من حرف بعد الابتداء يوقف عليه فجئ بالهاء لسهولة السكوت عليه و (مه) في قولك (مثل مه) [ و (مجئ مه) مثل ] (1) ره وقه من وجه لان الكلمة
__________
(1) هذه العبارة ساقطة من جميع النسخ المطبوعة (*)


التى قبل ما مستقلة لكونها اسما بخلاف الجار في حتام وليس مثلهما من وجه آخر وذلك لان المضاف إليه كالجزء من المضاف لكن سقوط الالف بلا علة
ظاهرة الزمه التعويض بهاء السكت الا ترى انه لم يلزم مع الكاف والياء في تحو غلامي وغلامك وان كانا ايضا على حرف لما لم يحذف منهما شئ واما علامه والامه وحتامه فما فيها اشد اتصالا بما قبلها منها بالمضاف في نحو مثل مه لان ما قبلها حروف فلا تستقل بوجه فيجوز لك الوقف عليها بالهاء كما ذكر وبسكون الميم ايضا لكون علام مثلا كغلام قال: 93 - يا ابا الاسود لم خليتني * لهموم طارقات وذكر (1) فاجرى الوصل مجرى الوقف وبعض العرب لا يحذف الالف من (ما) الاستفهامية المجرورة كقوله 94 - على ما قام يشتمني لئيم * كخنزير تمرغ في رماد (2)
__________
(1) هذا بيت من بحر الرمل لا نعرف له قائلا ولا وقفنا له على سابق ولا لا حق والطارقات: جمع طارقة وهي مؤنث طارق وهو الذي يأتي ليلا والذكر - بكسر الذال وفتح الكاف -: جمع ذكرة والمعروف ذكرى بالف التأنيث تقول: ذكرته بلساني وبقلبي ذكرا وذكرى - بكسر فسكون فيهما والاستشهاد بالبيت على انه قال (لم) بالسكون في حال الوصل اجراء له مجرى له مجرى الوقف (2) هذا البيت لحسان بن ثابت الانصاري رضى الله عنه يقوله في رفيع بن صيفي بن عابد وكان قد قتل يوم بدر كافرا وبعد البيت قوله فلم انفك اهجو عابديا * طوال الدهر ما نادى المنادى وقد سارت قواف باقيات * تناشدها الرواة بكل وادى فقبح عابد وبنى ابيه * فان معادهم شر المعاد وبيت الشاهد يروي على غير الوجه الذي انشده المؤلف وغيره من النحاة ففى الديوان (ص 55 طبع ليدن) = (*)


فهذا لا يقول (علامه) وقفا بل يقف بالالف التى كانت في الوصل والاولى حذف الف (ما) الاستفهامية المجرورة لما ذكرنا في الموصولات وكل ما لحقه هاء السكت على سبيل الجواز فان كان محذوفا منه شئ نحو لم يخش ولم يغز ولم يرم وعلام والام وحتام فالهاء به اولى منها بما لحقته ولم يحذف منه شئ نحو غلاميه وضربتكه وانه وهى بما حذف منه حرفان نحو ان تع اعه اولى منها بما حذف منه حرف نحو اخشه واغزه واما ما صار بالحذف الى حرف واحد فالهاء له لازم ان لم يتصل بما قبله اتصالا تاما كما اتصل في علام والام وفيم وذلك نحو ره وقه ومثل مه ومجئ مه على ما مر وان لم يحذف منه شئ فانه بما قبل آخره ساكن نحو انه وليته وكيفه اولى منه بما قبل آخره متحرك نحو هوه وهيه وغلاميه وضربتكه لانك ان لم تلحقه في القسم الاول سكنت المتحرك الاخير فيلتقي ساكنان وعدم التقائهما اولى وان كان ذلك مغتفرا في الوقف.
قوله (لم يخشه ولم يرمه ولم يغزه) امثلة المحذوف اللام وحكى أبو الخطاب عن ناس من العرب: ادعه واغزه من دعوت وغزوت كأنهم سكنوا العين المتحركة بعد حذف اللام للوقف توهما منهم انهم لم يحذفوا شيئا للوقف كما قلنا في (لم ابله) في الجزم قال: 95 - قالت سليمى اشتر لنا دقيقا (1)
__________
= ففيم تقول: يشتمني لئيم * كخنزير تمرغ في رماد ؟ وعلى هذه الرواية لا شاهد في البيت.
والاستشهاد بما رواه المؤلف على ان من العرب من يثبت الف (ما) الاستفهامية المجرورة غير مبال بالالباس وقد قرئ قوله تعالى (عم يتساءلون) بالالف.
قال ابن جنى: واثبات الالف اضعف اللغتتين (1) وهذا بيت من الرجز المشطور ينسب للعذافر الكندى وبعده قوله:
* وهات خبز البر أو سويقا * = (*)


وقال الاخر في الجزم: 96 - ومن يتق فان الله معه * ورزق الله مؤتاب وغاد (1) ثم الحقوا هاء السكت لكون العين في تقدير الحركة ثم كسروا اول الساكنين (2) كما هو حقه على ما ذكرنا في (لم ابله) قوله (حتامه والامه) مثال للمحذوف الاخر لا للجزم
__________
= والاستشهاد بالبيت في قوله (اشتر) حيث سكن الراء وهى عين الفعل وكان حقها الكسر وكان الراجز توهم انها لام الفعل فسكنها كما يسكن باء اضرب ومفردات البيت ومعناه لا تحتاج الى شرح (1) لم نقف لهذا البيت على نسبة الى قائل وقد انشده صاحب الصحاح (اوب) و (وق ي) وقد ذكرناه فيما مضى (انظر ص 240 من هذا الجزء).
والمؤتاب: اسم فاعل من ائتاب افتعل من الاوب وتقول: آب يؤوب اوبا إذا رجع والغادي: اسم فاعل من غدا يغدو إذا جاء في الغداة يريد ان تقوى الله تسهل للانسان رزقه وتيسر عليه اسبابه والاستشهاد بالبيت في قوله (ومن يتق) حيث سكن القاف وهي عين الفعل وسلط الجازم عليها وقياسها الكسر على ما مر في البيت السابق (2) وهذا مخالف لما ذكره سيبويه في الكتاب إذ قال (ج 2 ص 278): (وزعم أبو الخطاب ان ناسا من العرب يقولون: ادعه من دعوت فيكسرون العين كأنها لما كانت في موضع الجزم توهموا انها ساكنه إذ كانت آخر شئ في الكلمة في موضع الجزم فكسروا حيث كانت الدال ساكنة لانه لا يلتقى ساكنان كما قالوا: رد يافتي وهذه لغة رديئة وانما هو غلط كما قال زهير:
بدا الى انى لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان جائيا) اه فكلام سيبويه يقتضى ان كسر العين من (ادعه) لا لتقائها ساكنة مع الدال وكلام الرضى يقتضى ان كسر العين لا لتقائها ساكنة مع هاء السكت فعلى كلام سيبويه لا يحتاج عند الحاق هاء السكت الى ملاحظة ان العين في تقدير الحركة وعلى كلام الرضي يحتاج الى ذلك لان هاء السكت لا تلحق الا المتحرك (*)


قوله (غلاميه) مثال لغير المحذوف الاخر قوله (كالماضي) مثال لما حركته مشابهة للاعرابية لانه انما بنى الماضي على الحركة وحق البناء السكون لمشابهته المعرب إذ معنى (زيد ضرب) زيد ضارب ومعنى (ان ضربت ضربت) ان تضرب اضرب قوله (وباب يا زيد) لان الضمة تحدث بحدوث حرف النداء وتزول بزواله كحدوث الاعراب بحدوث العامل وزواله بزواله وكذا باب (لا رجل) قوله (وفى نحو ههناه وهؤلاه) يعنى كل حرف أو اسم عريق في البناء آخره الف مثل ذا وما يجوز الحاق هاء السكت به وقفا ولا يجب وذلك ليتبين الالف في الوقف إذ هو خاف إذا لم يتلفظ بعده بشئ كما مر وامانحو فتى وحبلى فانك لا تبين الفاتها في الوقف بالهاء كما مر في آخر شرح الكافية قال: (وحذف الياء في نحو القاضى وغلامي حركت أو سكنت واثباتها اكثر عكس قاض واثباتها في نحو يامرى اتفاق) اقول: اعلم ان المنقوص المنصوب غير المنون كرايت القاضى وجواري لا كلام في انه لا يجوز حذف يائه بل يجب اسكانه وكذا في غلامي وغلاماى وغلامي وانى بفتح الياء فيها بل انما تسكن ياؤها أو تلحقها هاء السكت كما مر قال سيبويه: انما لم تحذف الياءات لانها إذا تحركت قويت
كالحروف الصحيحة واما المنقوص ذو اللام رفعا وجرا فالاكثر بقاء يائه في الوقف إذ المطلوب وجود الحرف الساكن ليوقف عليه وهو حاصل وبعض العرب يحذف الياء في الوقف لكونه موضع استراحة والياء المكسور ما قبلها ثقيل ومن حذف الياء في الوصل نحو (الكبير المتعال سواء منكم) اوجب حذفها وقفا باسكان ما قبلها واما ياء المتكلم الساكنة فان كانت في الفعل فالحذف حسن لان قبلها نون عماد مشعرا بها كقوله تعالى (ربى اكرمن) (ربى اهانن) وان كانت


في اسم فبعض النحاة لم يجوز حذفها والوقف على الحرف الذى قبلها بالاسكان نحو (غلام) كما جاز في المنقوص حذرا من الالتباس واجازه سيبويه اعتمادا في ازالة اللبس على حال الوصل فعلى هذا قول المصنف (حركت أو سكنت) وهم لانها إذا تحركت لم يوقف عليها بالحذف بل بالاسكان كما نص عليه سيبويه وغيره وإذا كان المنقوص منادى مفردا نحو (يا قاضى) فاختار الخليل والمبرد اثبات الياء كما في (جاءني القاضى) سواء لانه لامدخل للتنوين فيها حتى يحذف الياء لتقديره كما حذف في (جاءني قاض) وقفا واختار يونس وقواه سيبويه حذف الياء لان المنادى موضع التخفيف الا ترى الى الترخيم وقلبهم الياء الفا في نحو (يا غلاما) وحذفهم الياء في نحو (يا غلام) اكثر من حذفهم اياها في غير النداء واجمعوا كلهم على امتناع حذفها في نحو (يامرى) لانهم حذفوا الهمزة فلو حذفوا الياء ايضا لاجحفوا بالكلمة بحذف بعد حذف بلا علة موجبة وإذا كان المنقوص محذوف الياء للتنوين - اعني في حالتى الرفع والجر - فالاكثر حذف الياء لان حذف التنوين عارض فكأنه ثابت وتقديره ههنا
اولى لئلا يعود الياء فيكون حال الوقف ظاهر الثقل وحكى أبو الخطاب ويونس عن الموثوق بعربيتهم رد الياء اعتدادا بزوال التنوين واما حال النصب نحو (رايت قاضيا) فالواجب قلب تنوينه للوقف الفا الا على لغة ربيعة كما مر قال: (واثبات الواو والياء وحذفهما في الفواصل والقوافي فصيح وحذفهما فيهما في نحو لم يغزوا ولم ترمى وصنعوا قليل).
اقول: قال سيبويه: جميع مالا يحذف في الكلام وما يختار فيه ترك الحذف يجوز حذفه في الفواصل والقوافي يعنى بالكلام مالا وقف فيه وبالفواصل


رءوس الاى ومقاطع الكلام يعنى ان الواو والياء الساكنين في الفعل الناقص نحو يغزو ويرمى لا يحذفان وقفا لانه لم يثبت حذفهما في الوصل لئلا يلتبس بالمجزوم الا للضرورة أو شاذا كقولهم (لا ادر) وقوله تعالى (ما كنا نبغ) و (يوم يات لا تكلم) ولا يقولون (لاارم) وهذا كما قالوا (لم يك زيد) ولم يقولوا (لم يه) بمعنى يهن فإذا وقع الواو والياء المذكوران في الفواصل وصلاجاز حذفهما والاجتزاء بحركة ما قبلهما كقوله تعالى (والليل إذا يسر) وذلك لمراعاة التجانس والازدواج فيجب اذن بناء على ذلك حذفهما إذا وقفت على تلك الفواصل المحذوفة اللامات في الوصل وكذا القوافى يحذف فيها كثيرا مثل ذلك للازدواج لا للوقف والا حذف للوقف في غير القوافى ايضا فثبت انه يحذف فيهما مالا يحذف في غيرهما قال: 97 - ولانت تفرى ما خلقت وبع * ض القوم يخلق ثم لايفر (1)
__________
(1) هذا البيت من قصيدة طويلة لزهير بن ابي سلمى المزني يمدح فيها هرم بن سنان وقد ذكروا ان اولها:
لمن الديار بقنة الحجر * اقوين مذ حجج ومذ دهر ويقال: بل مطلعها قوله: دع ذا وعد القول في هرم * خير البداة وسيد الحضر والقنة: اعلى الشئ والحجر: اسم مكان بعينه واقوين: خلون واصبحن ولا انيس بهن وقوله (مذحجج) يروى في مكانه (من حجج) والحجج: السنون.
و (تفرى ما خلقت) ضربه مثلا لعزمه وتقول: فرى فلان الاديم يفريه إذا قطعه على وجه الاصلاح ويقال: افراه إذا قطعه على وجه الافساد وكان الهمزة فيه للسلب و (تخلق) بمعنى تقدر.
والمراد انك إذا تهيات لامر وقدرت له اسبابه امضيته وبعض الناس يقدر ثم تقعد به همته عن انفاذه.
والاستشهاد بالبيت في قوله (يفر) على ان اصله يفري فحذفت الياء وسكنت الراء للوقف وهم لا يبالون عند الوقف بتغيير الوزن وانكساره (*)


هكذا انشد باسكان الراء وتقييد القافية قوله (وما يختار فيه ترك الحذف) يعنى الاسم المنقوص نحو (القاضى) فانه قد يحذف ياؤه غير الفواصل والقوافي في الوصل قليلا كقوله تعالى (يوم التناد يوم تولون مدبرين) وقوله تعالى (وجفان كالجواب وقدور راسيات) وذلك لعدم التباسه بالمجزوم واما في الفواصل في الوصل فحذف لامه احسن من حذف ياء [ نحو ] (يرمى) فيها لان لام نحو (الرامى) يحذف في الوصل في غير الفواصل من غير شذوذ كقوله تعالى (يوم التلاقي يوم هم بارزون) ولا يحذف ياء نحو (يرمى) في مثله الا شاذا كما ذكرنا فإذا وقف على الاسم المنقوص [ المحذوف اللام وجب حذف اللام في الوقف فإذا وقفت على الفعل الناقص والاسم المنقوص ] الثابت لامهما في الوصل فحذف لامهما جائز لا واجب قال
سيبويه: اثبات الواوات والياءات في مثله اقيس الكلامين هذا واما الالف فلا يحذف: لا في الفواصل ولا في القوافى الا للضرورة كما قال: * رهط مرجوم ورهط ابن المعل * وذلك لخفد الالف وثقل الواو والياء قال سيبويه ما معناه: انك تحذف في القوافى الواو والياء الاصليتين تبعا للواو والياء الزائدتين التابعتين للضمة والكسرة المشابهتين للواو والياء في وقف ازد السراة يعنى انك تحذف الياء من (يفرى) تبعا لحذف الياء في البيت الذى قبله وهو 98 - ولانت اشجع من اسامة إذ دعيت نزال ولج في الذعر (1)
__________
(1) هكذا وقع هذا البيت في كل النسخ وهو كذلك في كثير من كتب النحاة وفى صحاح الجوهرى والحقيقة ان البيت ملفق من بيتين: احدهما = (*)


فلما جوز حذف ياء (الذعر) لانه مثل وقف ازد السراة نحو (مررت بعمرى) تبعه في حذف الياء الاصلى إذ القوافى يجب جريها على نمط واحد وكذا في الواو نحو قوله: 99 - وقد كنت من سلمى سنين ثمانيا * على صير امر ما يمر وما يحل (1) وانما جوزت ههنا حذف الواو - وإن كان اصلا - لانك حذفت الواو الزائد الناشئ للاطلاق في (الثقل) قبل هذا البيت لما قصدت التقييد في قوله: 100 - صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو واقفر من سلمى التعانيق والثقل (2)
__________
= ولنعم حشو الدرع انت إذا * دعيت نزال ولج في الذعر
وهو لزهير بن ابى سلمى من قصيدة الشاهد السابق والبيت الثاني هو: ولانت اشجع من اسامة إذ يقع الصراخ ولج في الذعر وهو للمسيب بن علس.
واسامة: علم للاسد ونزال: اسم فعل امر بمعنى انزل وقد قصد هنا لفظها ولذلك وقعت نائب فاعل والذعر: الفزع ولجاج الناس فيه معناه تتابعهم فيه أو اشتداده بهم والاستشهاد بالبيت في قوله (الذعر) حيث حذف الياء التى تنشأ من كسرة الراء إذا كانت القافية مطلقة والفرق بين هذا والذي قبله ان الياء المحذوفة من السابق لام الكلمة وهي هنا حرف زائد للروى (1) هذا البيت لزهير بن ابى سلمى المزني من قصيدة له مطلعها الشاهد الاتي بعد هذا وقوله (على صير امر) اي: على مشارفة امر ويمر ويحلو: أي يصير مرا وحلوا يريد انه من محبوبته على حال لا تعد وصالا ولا هجرانا ولو انها هجرته ليئس ولو واصلته لنعم فهو غير يائس منها ولا ناعم في هواها.
والاستشهاد بالبيت في قوله (يحل) حيث حذف الواو التى هي لام الكلمة ثم سكن ما قبلها (2) هذا البيت مطلع قصيدة زهير بن ابي سلمى المزني التى منها الشاهد = (*)


وانما حذف هذا الواو الزائد تشبيها له بالواو الزائد في لغة ازد السراة في (جاءني زيد) واما الالف فلا تحذف في القوافى نحو قوله: 101 - داينت اروى والديون تقضى فمطلت بعضا وادت بعضا (1) لان الالف الموقف عليه لا يحذف في الاشهر في نحو (زيدا) كما يحذف
جمهور العرب الواو والياء الحادثتين في الوقف في لغة ازد السراة قال سيبويه: وقد دعاهم حذف ياء نحو (يقضى) وواو نحو (يدعو) في القوافى الى ان حذف ناس كثير من قيس واسد الواو والياء اللتين هما ضميران ولم يكثر حذفهما كثرة حذف نحو ياء (يرمى) وواو (يدعو) لانهما كلمتان وليستا حرفين وينشد:
__________
= السابق واقفر: خلا والتعانيق والثقل: موضعان ومعنى البيت قد افاق قلبى عن اللجاج في هوى سلمى وما كاد يفيق.
والاستشهاد بالبيت في قوله (والثقل) حيث حذف الواو التى تكون للاشباع إذا كانت القصيدة مطلقة ثم سكن ما قبلها ليجرى على سنن واحد مع الشاهد السابق وقد علمت انهم لا يبالون إذا وقفوا بان يختل وزن البيت والفرق بين هذا والبيت السابق ان الواو المحذوفة من هذا الشاهد واو الاشباع والواو المحذوفة من الشاهد السابق لام الكلمة (1) هذا الشاهد من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج واروى: اصم امرأة وقوله (والديون تقضى) جملة حالية يريد انه اسلف هذه المرأة محبة وودادا وانتظر ان تجزيه بهما محبة وودادا مثلهما لان الديون يقضيها المدينون ولكنها ادت إليه بعض هذا الدين ولوته في بعضه الاخر.
والاستشهاد بالبيت في قوله (تقضى) و (بعضا) حيث اثبت الالف في الموضعين ولم يحذفها كما تحذف الواو والياء من قبل ان الالف ليس حكمها كحكمهما والف تقضى لام الكلمة والف بعضا هي لف الاطلاق التى من اشباع الفتحة (ج 2 - 20) (*)


102 - لا يبعد الله اخوانا تركتهم لم ادر بعد غداة البين ما صنع (1) بحذف الواو واسكان العين وانشد أيضا:
103 - ياد ار عبلة بالجواء تكلم * وعمى صباحا دار عبلة واسلم (2) باسكان الميم ولا يحذف الف الضمير في نحو قوله 104 - خليلي طيرا بالتفرق اوقعا (3) لما ذكرنا قبيل قوله (وحذفهما فيهما قليل) أي حذف الواو والياء في الفواصل والقوافي
__________
(1) هذا البيت من قصيدة لتميم بن ابى بن مقبل وقبله قوله: ناط الفؤاد مناطا لا يلائمه * حيان: داع لاصعاد ومندفع وناط: علق والمناط: مصدر سمى منه ويلائمه: يوافقه والاصعاد: الارتقاء تقول اصعد فلان إذا ارتقى شرفا أو نحوه والاندفاع: الهبوط والانحدار والبين: الفراق والاستشهاد بالبيت في قوله (صنع) واصلها صنعوا فحذف واو الضمير كما يحذفون واو يسمو ويحلو وياء يقضى ويرمى غير مبالين باختلال الوزن (2) هذا مطلع قصيدة طويلة لعنترة بن شداد العبسى وتعتبر عند بعضهم من المعلقات وعبلة: اسم امرأة وهى محبوبته والجواء - بكسر الجيم ممدودا -: اسم موضع وعمى: مقتطع من انعمى أو أمر من وعم يعم - كوعد يعد.
والاستشهاد بالبيت في قوله (تكلم) و (اسلم) حيث حذف ياء الضمير منهما واصلهما تكلمي واسلمى فحذف الياء كما حذف الشاعر الذى قبله الواو في قوله (صنع) (3) هذا نصف بيت من الطويل لم نعثر له على تتمة ولا على نسبة إلى قائل معين والاستشهاد به في قوله (قعا) حيث لم يحذف الالف التى هي ضمير الاثنين كما حذفت الياء التى هي ضمير الواحدة المخاطبة في بيت عنترة وكما حذف واو جماعة المذكرين في بيت تميم السابق (*)


وانا لا اعرف حذف واو الضمير في شئ من الفواصل كما كان في القوافى وحذف ياء الضمير في الفواصل نحو: (فاياى فاعبدون) قال: (وحذف الواو في ضربه وضربهم فيمن الحق) اقول: قد بينا في باب المضمرات ان غائب الضمير المتصل منصوبه أو مجروره مختصر من غائب المرفوع المنفصل بحذف حركة واو هو لكنهم لما قصدوا التخفيف في المتصل لكونه كجزء الكلمة المتقدمة نظروا فان كان قبل الهاء ساكن نحو منه وعليه لم ياتوا في الوصل بالواو والياء الساكنين فلا يقولون على الاكثر: منهو وعليهى لثقل الواو والياء ولكون الهاء لخفائها كلاعدم فكأنه يلتقى ساكنان ان قالوا ذلك ولم يحذفوا من عليها ومنها - وان كان كاجتماع ساكنين ايضا - لخفة الالف فهذا نظير تركهم في الاكثر قلب التنوين في المرفوع والمجرور حرف لين في الوقف وقلبهم له الفا في المنصوب وقد اختار سيبويه اثبات الصلة بعد الهاء إذا كان الساكن الذى قبلها حرفا صحيحا نحو منهو واصابتهو وحذفها إذا كان الساكن حرف علة نحو ذوقوه وعصاه ولديه وفيه ولم يفرق المبرد بين الصحيح وحرف العلة الساكنين قبل الهاء وهو الحق إذ شبه التقاء الساكنين في الكل حاصل وعليه جمهور القراء نحو (منه آيات) و (فيه آيات) ولو عكس سيبويه لكان انسب لان التقاء الساكنين إذا كان اولهما لينا اهون منه إذا كان اولهما صحيحا وان كان قبل الهاء متحرك نحوبه وغلامه فلا بد من الصلة الا ان يضطر شاعر فيحذفها كقوله: 105 - وايقن ان الخيل ان تلتبس به يكن لفسيل النخل بعده آبر (1)
__________
(1) هذا البيت من الطويل وقائله حنظلة بن فاتك ولم يتعرض له البغدادي = (*)


وقال المتنيي: 106 - تعثرت به في الافواه السنها والبرد في الطرق والاقلام في الكتب (1) فحذف الصلة في مثله كحذف الالف في قوله * رهط مرجوم ورهط ابن المعل * وذهب الزجاج الى ان الصلة بعد الهاء ليست من اصل الكلمة وهو ظاهر
__________
= في شرح شواهد شرح الشافية وهو من شواهد سيبويه اورده في باب (ما يجوز في الشعر ولا يجوز في الكلام) (ح 1 ص 11) وقد قال الاعلم في شرح هذا الشاهد من كتابه شرح شواهد سيبويه: (اراد بعد هو فحذف الواو ضرورة والبيت يتأول على معنيين: احدهما - وهو الاصح - ان يكون وصف جبانا فيقول: ايقن انه ان التبست به الخيل قتل فصار ماله إلى غيره فكع (أي: جبن) وانهزم والمعنى الاخر ان يكون وصف شجاعا فيقول: قد علم انه ان ثبت وقتل لم تتغير الدنيا بعده وبقى من اهله من يخلفه في حرمه وماله فثبت ولم يبال بالموت وفسيل النخل: صغاره واحدته فسيلة والابر: المصلح له القائم عليه والابار: تلقح النخل) اه (1) هذا البيت من قصيدة للمتنبي كما قال المؤلف يرثى فيها خولة اخت سيف الدولة بعد عودته من مصر والمتنبي ليس ممن يحتج بشعره ولكن المؤلف قد جرى في هذا الكتاب وفى شرح الكافية على ان يذكر بعض الشواهد من شعر المتنبي وشعر ابى تمام والبحتري ولعله متأثر في ذلك بجار الله الزمخشري فأنه كان يستشهد على اللغة والقواعد بشعر هؤلاء وكأنه كما قال عن ابى تمام - وقد استشهد ببيت له في الكشاف -: اجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه.
والشاهد في بيت المتنبي قوله (به)
حيث حذف صلة الضمير المجرور المكسور ما قبله وهى الياء واصله (بهى) والضمير في به يعود الى الخبر الذى ذكره في بيت قبله وهو قوله: طوى الجزيرة حتى جاءني خبر * فزعت فيه بآمالى الى الكذب يقول: لقد كان من هول هذا الخبر وفداحته ان عثرت الالسن في الافواه فلم تستطع الكلام وعثرت البرد في الطرق وعثرت الاقلام في الكتب.
والبرد: جمع بريد واصله برد - بضمتين - فخفف كما يخفف عنق (*)


مذهب سيبويه واستدل الزجاج عليه بحذفها في الوقف ولبس بقوى لان ما هو من نفس الكلمة من حروف اللين قد يحذف كما في القاضى.
واما وجوب حذف الصلة في الوقف دون ياء القاضى فلكونها مما له حظ في السقوط في حال الوصل نحو منه وفيه هذا الذى ذكرنا كله حال الضمير الغائب المفرد المذكر في الوصل فإذا وقفت عليه فلا بد من ترك الصلة سواء كانت ثابتة في الوصل نحو بهى ولهو اتفاقا ومنهو وعليهى عند بعضهم اولا نحو منه وعليه عند الاكثرين وذلك لان من كلامهم ان يحذفوا في الوقف مالا يذهب في الوصل نحو ضربني وغلامي فالتزموا حذف هذا الحرف الذى ثبت حذفه في الوصل كثيرا نحو عليه ومنه ولا بد من اسكان الهاء في الوقف سكن ما قبله أو تحرك قوله (وضربهم فيمن الحق) أي: فيمن الحق الواو في ميم الجمع أو الياء في الوصل كما بينا في المضمرات من ان بعضهم يقول: عليكمو انفسكم وعليهمى مال فمن لم يلحق الصلة في ميم الجمع وصلا فلا كلام في الوقف عليها بالاسكان ومن الحقها وصلا اوجب حذفها في الوقف ايضا لان ما كثر حذفه في الوصل من الواو والياء وجب حذفه في الوقف نحو منه وعليه
قال: (وحذف الياء في ته وهذه) اقول: اعلم ان الهاء في (هذه) و (ته) بدل من الياء في هذى وتى كما تقدم والياء بعد الهاء بعد الهاء في الاغلب لاجل تشبيه الهاء المذكر المكسور ما قبلها نحو بهى وغلامهى كما تبين قبل الا ان هاء الضمير قد يوصل - عند اهل الحجاز مع كون ما قبلها مكسورا أو ياء - بالواو نحو بهو وعليهو وذلك لكون الضمير المجرور في الاصل هو المرفوع المنفصل كما مر في بابه ولا يوصل هاء (ذهى) و (تهى) بواو اصلا وبعض العرب يبقيها على سكونها كميم الجمع فلا ياتي بالصلة وهو الاصل ولكنه قليل الاستعمال يقول: هذه


وصلا ووقفا وبعضهم يحذف الياء منها في الوصل ويبقى كسرتها فإذا وقفت عليها فلا خلاف في اسكان الهاء وترك الصلة كما ذكرنا في منه ولديه واعلم ان بعض الناس منع من الروم والاشمام في هاء الضمير إذا كان قبله ضم أو كسر نحو يعلمه وبغلامه وكذا إذا كان قبله واو أو ياء نحو عقلوه وبابيه وذلك لان الهاء الساكنة في غاية الخفة حتى صارت كالعدم فإذا كانت في الوقف بعد الضمة والواو فكانك ضممت الحرف الاخير الموقوف عليه أو جئت في الاخر بواو إذ الهاء كالعدم للخفاء فلو رمت عقيبها بلا فصل: أي اتيت ببعض الضمة أو اشممت: أي ضممت الشفتين لم يتبينا إذ يحسب السامع والناظر ان ذلك البعض من تمام الضم الاول وضم شفتيك للاشمام من تمام الضم الاول إذ الشئ لا يتبين عقيب مثله كما يتبين عقيب مخالفه وكذلك الكلام في الروم بعد الهاء المكسور ما قبلها أو الهاء التى قبلها ياء وايضا فان الروم والاشمام لبيان حركة الهاء وعلى التقديرات المذكورة لا يحتاج الى ذلك البيان لان الهاء التى قبلها ضمة أو واو لا تكون الا مضمومة والتى قبلها كسرة أو ياء
لا تكون الا مكسورة في الاغلب واما إذا كانت الهاء المضمومه بعد الفتحة نحو ان غلامه أو بعد الساكن الصحيح نحو منه فانه يجوز الروم والاشمام بلا خلاف وبعضهم اجازهما بعد هاء الضمير مطلقا سواء كان بعد واو أو ياء أو غيرهما من الحروف وسواء كان بعد فتح أو ضم أو كسر وان لم يتبينا حق التبين كما مر.
قال: (وابدال الهمزة حرفا من حبس حركتها عند قوم مثل هذا الكلو والخبو والبطو والردو ورايت الكلا والخبا والبطا والردا ومررت بالكلى والخبى والبطى والردى ومنهم من يقول: هذا الردى ومن البطو فيتبع).


اقول: اعلم ان الهمزة هي ابعد الحروف واخفاها لانها من اقصى الحلق فإذا وقفوا عليها - وبالوقف يصير الجرف الموقوف عليه اخفى مما كان في الوصل وذلك لان الحرف أو الحركة التى تلى الحرف تبين جرسه ولذلك يقلب بعضهم الالف في الوقف واوا أو ياء لانهما ابين منها - احتاجوا الى بيانها فنقول: الهمزة الموقوف عليها اما ان تخففها بالقلب أو الحذف كما هو مذهب اهل الحجاز على ما يجئ أو تحققها كما هو غيرهم والمحققة تحتاج الى ما يبينها لانها تبقى فتخفى بخلاف المخففة فالمحققة لا تخلو من ان يكون قبلها ساكن أو متحرك فان سكن ما قبلها سكن ما قبلها وقفت عليها بحذف حركتها في الرفع والجر كما تقف على نحو عمرو وبكر فيجرى فيها مع الاسكان الروم والاشمام لا التضعيف كما يجئ وناس كثير من العرب يلقون حركتها على الساكن الذى قبلها اكثر مما يلقون الحركة في غير الهمزة وذلك لانها إذا كانت بعد الساكن كانت
اخفى لان الساكن خاف فيكون خاف بعد خاف فإذا حركت ما قبلها كان ابين لها فلما كانت احوج الى تحريك ما قبلها من سائر الحروف لفرط خفائها القوا حركاتها على ما قبلها فتحة كانت أو ضمة أو كسرة ولم ينقلوا في غير الهمزة الفتحة الى ما قبل الحرف كما يجئ وايضا القوا ضم الهمزة الى ما قبلها في الثلاثي المكسور الفاء نحو هذا الردء وكسرها الى ما قبلها في الثلاثي المضموم القاء نحو من البطئ وان انتقل اللفظان بهذا النقل الى وزن مرفوض ولم يبالوا بذلك لعروض ذلك الوزن في الوقف وكونه غير موضوع عليه الكلمة ولم يفعلوا ذلك في غير الهمزة فلم يقولوا: هذا عدل ولا من البسر كل ذلك لكراههم كون الهمزة ساكنة ساكنا ما قبلها ولا يجئ في المنقول اعرابها الى ما قبلها الروم والاشمام لانهما لبيان الحركة وقد حصل ذلك بالنقل


وبعض بنى يتفادى من الوزنين المرفرضين في الهمزة ايضا مع عروضهما فيترك نقل الحركة فيما يؤدى اليهما: أي الثلاثي المكسور القاء والمضموفها بل يتبع العين فيهما الفاء في الاحوال الثلاث فيقول: هذا البطؤ ومررت بالبطؤ وهذا الردئ ومررت بالردئ ورايت الردئ وذلك انهم لما راوا انه يؤدى النقل في البطء في حال الجر وفى الردء في حال الرفع الى الوزنين المرفوضين اتبعوا العين الفاء في حال الجر في البطؤ وفى حال الرفع في الردء فتساوى الرفع والجر فيهما فكرهوا مخالفة النصب اياهما فاتبعوا العين الفاء في الاحوال الثلاث فيجرى في هذين المتبع عينهما فاءهما في الاسكان الروم والاشمام لانهما لبيان حركة الاخر وهى نقلت الى ما قبله لكنها ازيلت باتباع العين للفاء فاحتيج الى بيانها
وبعض العرب لا يقنع من بيان الهمزة بما ذكرناه بل يطلب اكثر من الى حرف علية يجانس حركة الهمزة فيقول: هذا الوثو (1) ولابطو والردو ومررت بالوثى (1) والبطى والردى بسكون العين في الجميع واما في حالة النصب فلا يمكنه تسكين ما قبل الالف إذ الالف لا يجئ الا بعد فتحة فيقول: رايت الوثا (1) والبطا والردا بالنقل والقلب فههنا بين الهمزة بقلبها الفا كما بين بعضهم الالف في نحو حبلى بقلها همزة لان الالف المفتوح ما قبلها ههنا ابين من الهمزة الساكن ما قبلها كما ان الهمزة المتحرك ما قبلها كانت ابين من الالف هناك وبعضهم ينقل الحركات الى العين في الجميع ثم يدبر الهمزة في القلب بحركة ما قبلها فيقول: هذا البطو: والوثو والرد وومررت بالبطى والوثى والردى.
__________
(1) الوث ء: توجع في العظم بغير كسر وبابه فرح (*)


ورأيت البطا والوثا والردا وليس هذا القلب تخفيفا للهمزة كما في بير وراس ومومن لانهم ليسوا من اهل التخفيف بل هذا القلب للحرص على بيان الحرف الموقوف عليه ثم ان الذين تفادوا مع الهمزة من الوزن المرفوص مع عروضه من الناقلين للحركة يتفادون من ذلك مع قلب الهمزة ايضا فيقولون: هذا البطو ومررت بالبطو ورايت البطو وهذا الردى ومررت بالردى ورايت الردى فالزموا الواو في الاول والياء في الثاني وفى هذا المقلوب لامه حرف لين لا يكون روم ولا اشمام لان الحركة كانت على الهمزة لا على حرف اللين كما مر في تاء التأنيث.
هذا لكه إذا كان ما قبل الهمزة ساكنا فان كان متحركا نحو الرشأ واكمؤ واهنئ فانك تقف عليه كما تقف عليه كما تقف على الجمل والرجل والكبد من
غير قلب الهمزة لان حركة ما قبلها تبينها فيجرى فيه جميع وجوه الوقف الا التضعيف كما يجئ والا النقل لتحرك ما قبلها وبعض العرب - اعني من اهل التحقيق - يدبرون المفتوح ما قبلها بحركة نفسها حرصا على البيان لعدهم الفتحة لخفتها كالعدم فلا تقوم بالبيان حق القيام فيقولون: هذا الكلو ورايت الكلا.
ومررت بالكلى يقلبون المضمومة واوا والمفتوحة الفا والمكسورة ياء لان الفتحة لا يستثقل بعدها حروف العلة ساكنة واما المضموم ما قبلها والمكسورة نحو اكمؤ واهنئ فلا يمكن تدبيرهما بحركة انفسهما لان الالف لا تجئ بعد الضمة والكسرة والياء الساكنة لا تجئ بعد الضم ولا الواو الساكنة بعد الكسر وايضا فالضمة والكسرة تقومان بالبيان حق القيام فبقوا الهمزتين على ؟ ؟ ؟ ولم يقلبوهما كما قلبوا المفتوح ما قبلها هذا كله على مذهب الذين مذهبهم تحقيق الهمزة فاما ؟ ؟ ؟ التخفيف فانهم


يخففونها كما هو حق التخفيف فان كان ما قبلها ساكنا نقلوا حركتها الى ما قبلها وحذفوها ثم حذفوا الحركة للوقف نحو الخب والرد والبط فيجئ فيه الاسكان والروم والاشمام والتضعيف وفى المنصوب المنون يقلب التنوين الفا لاغير نحو رايت بطا وردا وخبا وان كان ما قبلها متحركا دبرت بحركة ما قبلها فالخطا الف في الاحوال الثلاث واكمؤ واو واهنئ ياء فلا يكون فيها الا الاسكان دون الروم والاشمام كما قلنا في تاء التأنيث ولا يمكن فيها التضعيف لانه لا يكون الا في الصحيح كما يجئ ويجئ تمام البحث على مذهب اهل التخفيف في باب تخفيف الهمزة فنقول: قول المصنف (ابدال الهمزة حرفا من جنس حركتها نحو هذا
الكلو) هذه هي المفتوح ما قبلها وكذا في بالكلى ورايت الكلا قوله: (الخبو والبطو والردو والخبا والبطا والردا والخبى والبطى والردى) هذه امثلة الهمزة المدبرة بحركة ما قبلها المنقولة من الهمزة إليه قوله (ومنهم من يقول هذا الردى ومن البطو فيتبع) الاتباع في الاحوال الثلاث كما ذكرنا لا في الرفع والجر فقط وكل ما ذكر في هذا الفصل فهو وقف غير اهل التخفيف قال: (والتضعيف في المتحرك الصحيح غير الهمزة المتحرك ما قبله نحو جعفر وهو قليل ونحو القصبا شاد ضرورة) اقول اعلم ان المقصود بالروم والاشمام والتضعيف ثلاثتها شئ واحد وهو بيان ان الحرف الموقوف عليه كان متحركا في الوصل بحركة اعرابية أو بنائية.
فالذي اشم نبه عليه بهيتة الحركة والذى رام نبه عليه بصويت ضعيف فهو اقوى في التنبيه على تحرك الحرف من الاشمام والذى ضعف فهو اقوى تبيينا لتحرك الحرف في الوصل ممن رام لانه عليه بالحرف وذاك ببعض الحركة وانما قلنا انه نبه بتضعيف الحرف على كونه متحركا في الوصل


لان الحرف المضعف في الوصل لا يكون الا متحركا إذ لا يجمع بين ساكنين هذا ما قيل والذى ارى ان الروم اشد تبيينا لان التضعيف يستدل به على مطلق الحركة وبالروم على الحركة وخصوصها وايضا فان الروم الذى هو بعض الحركة ادل على الحركة من التضعيف الذى يلازم الحركة في حال دون حال: أي في حال الوصل دون حال الوقف والتضعيف اقل استعمالا من الروم والاشمام لانه اتيان بالحرف في موضع يحذف فيه الحركة فهو الحركة فهو تثقيل في موضع التخفيف وعلامة التضعيف الشين على الحرف وهو اول [ حرف ] (شديد)
وشرط التضعيف ان يكون الحرف المضعف متحركا في الوصل لان التضعيف كما تقدم لبيان ذلك وان يكون صحيحا إذ يستثقل تضعيف حرف العلة وان لا يكون همزة إذ هي وحدها مستثقلة حتى ان اهل الحجاز يوجبون تخفيفها مفردة إذا كانت غير اول كما يجئ في باب تخفيف الهمزة وإذا ضعفتها صار النطق بها كالتهوع وانما اشترط ان يتحرك ما قبل الاخر لان المقصود بالتضعيف بيان كون الحرف الاخير متحركا في الوصل وإذا كان ما قبله ساكنا لم يكن هو الا متحركا في الوصل لئلا يلتقى ساكنان فلا يحتاج الى التنبيه على ذلك فان قيل: اليس الاسماء المعدودة التى قبل آخرها حرف لين كلام ميم زيد اثنان يجوز فيها التقاء الساكنين في الوصل لجريه مجرى الوقف ؟ فهلا نبه في نحو (جاءني زيد) و (اتانى اثنان) بالتضعيف على انه ليس من تلك الاسماء الساكن اواخرها في الوصل بل هي متحركة الاواخر فيه قلت: تلك الاسماء لا تكون مركبة مع عاملها وزيد في قوله (جاءني زيد) مركب مع عامله فلا يلتبس بها واجاز عبد القاهر تضعيف الحرف إذا كان قبله مدة كسعيد ونمود نظرا الى امكان الجمع بين اللين والمضعف الساكن بعده ويدفعه السماع والقياس والتضعيف يكون في المرفوع والمجرور مطلقا واما المنصوب فان كان منونا


فليس فيه الا قلب التنوين الفا الا على لغة ربيعة فانهم يجوزون حذف التنوين فلا منع اذن عندهم من التضعيف وان لم يكن منونا نحو رايت الرجل ولن نجعل ورأيت احمد فلا كلام في جواز تضعيفه كما في الرفع والجر قوله (ونحو القصبا شاذ ضرورة) اعلم ان حق التضعيف ان يلحق المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور والمنصوب غير المنون كما ذكرنا والمفتوح واما
المنصوب المنون فيكتفى فيه كما قلنا بقلب التنوين الفا وينبغى ان يكون الحرف المضعف ساكنا لانك انما تضعفه لبيان حركة الوصل فإذا صار متحركا فأنت مستغن عن الدلالة على الحركة أذ هي محسوسة لكنهم جوزوا في القوافى خاصة بعد تضعيف الحرف الساكن ان يحركوا المضعف لقصد الاتيان بحرف الاطلاق لان الشعر موضع الترنم والغناء وترجيع الصوت ولا سيما في اواخر الابيات وحروف الاطلاق: أي الالف والواو والياء هي المتعينة من بين الحروف للترديد والترجيع الصالحة لها فمن ثم تلحق في الشعر لقصد الاطلاق كلمات لا تلحقها في غير الشعر نحو قوله: 107 - * قفانبك من ذكرى حبيب ومنزلي (1) *
__________
(1) هذا صدر بيت هو مطلع معلقة امرئ القيس وعجزه قوله: * بسقط اللوى بين الدخول فحومل * وقفا: امر بالوقوف مؤكد بالنون الخفيفة أو مسند إلى الف الاثنين والسقط: مثلث السين والقاف فيه ساكنة وهو منقطع الرمل واللوى: ما تراكم منه والمراد هنا مكان بعينه والدخول وحومل: موضعان وقد كان الاصمعي يعيب امرأ القيس في قوله (بين الدخول فحومل) وذلك لان من شروط (بين) أن تضاف إلى متعدد نحو جلست بين العلماء أو متعاطفين بالواو نحو جلست بين زيد وعمرو والعلماء يقولون في الاعتذار عن ذلك: إن المراد بالدخول اما كن متعددة كل واحد منها يسمى بذلك وكأنه قال: بين اماكن الدخول فهو كالمثال الاول والاستشهاد بالبيت هنا على أنه الحق حرف الاطلاق في الوقف وذلك مما يختص بالشعر ولا يجوز في الكلام لانهم قد يتغنون بالشعر فهم في حاجة الى مد الصوت به (*)


ولا تقول (مررت بعمرى) الا على لغة ازد السراة ونحو قوله 108 - * آذنتنا ببينها اسماء و (1) *
ولا تقول (جاءتني اسماء و) وتقول في الشعر: الرجلو والرجلى والرجلا ولا يجوز ذلك في غير الشعر في شئ من اللغات وكذا قوله: 109 - ومستلئم كشفت بالرمح ذيله اقمت بعضب ذى شقاشق ميله (2) فجاء بالصلة بعد هاء الضمير ولا يجوز ذلك إذا وقفت عليه في الشعر نحو (جاءني غلامه) فلما جاز لهم في الشعر ان يحركوا لاجل المجئ بحرف الاطلاق ما حقه في غير الشعر السكون جوزوا تحريك اللام المضعف في نحو قوله
__________
(1) هذا صدر بيت هو مطلع معلقة الحارث بن حلزة اليشكرى وعجزه قوله: * رب ثاو يمل منه الثواء * وبعده قوله: آذنتنا ببينها ثم ولت * ليت شعرى متى يكون اللقاء آذنتنا: اعلمتنا والبين: الفراق والثاوى: المقيم والثواء: مصدره وولت: اعرضت وخبر ليت في قوله (ليث شعرى) محذوف ناب الاستفهام منابه يقول: إن هذه الفتاة قد اعلمتنا بأنها على وشك الرحيل ثم اعرضت عنا واعترض بين الكلام بقوله (رب ثاو يمل منه الثواء) يريد رب مقيم مملول غير مرغوب في إقامته والاستشهاد بالبيت في قوله (أسماء) حيث زادوا الواو في الوقف كما زادوا في بيت امرئ القيس الياء وهذا مما يختص بالشعر على ما قدمنا (2) المستلئم: الذى يلبس اللامة وهى الدرع تقول: استلام الرجل إذا لبسها وكشفت طعنت والتشديد فيه للمبالغة والعضب السيف الفاطع والشقاشق: جمع شقشقة وهى ما يخرجه البعير من فيه إذا هاج والاستشهاد بالبيت في قوله (ذيله) وقو (ميله) حيث زاد الواو في الوقف والوجه فيه ما ذكرناه من قبل في الشاهدين السابقين.
(*)


110 - * ببازل وجناء أو عيهل (1) * مع ان حقه السكون لاجل حرف الاطلاق وكذا الباء المضعف في قوله 111 - * أو الحريق وافق القصبا (2) * اصله السكون فحرك لاجل حرف الاطلاق كما ان حق نون الاندرين في قوله: 112 - * ولا تبقى خمور الاندرينا (3) *
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو لمنظور بن مرثد الاسدي وهو من شواهد سيبويه.
والاستشهاد به في قوله (عيهل) حيث ضعف لامه وحركه وحقه السكون في غير الشعر وقد اخطأ المؤلف في قوله (وليس في كلام سيبويه ما يدل على كون مثله شاذا أو ضرورة) فأن عبارة سيبويه فيها ما يدل على انه ضرورة قال (ح 2 ص 282): (واما التضعيف فقولك: هذا خالد وهو يجعل وهذا فرج.
حدثنا بذلك الخليل عن العرب ومن ثم قالت العرب في الشعر في القوافى: سبسبا يريد السبسب وعيهل يريد العيهل لان التضعيف لما كان في كلامهم في الوقف اتبعوه الياء في الوصل والواو على ذلك كما يلحقون الواو والياء في القوافى فيما لا يدخله ياء ولا واو في الكلام واجروا الالف مجراهما لانها شريكتهما في القوافى ويمد بها في غير موضع التنوين ويلحقونها في غير التنوين فألحقوها بهما فيما ينون في الكلام وجعلت سبسب كأنه مما لا تلحقه الالف في النصب إذا وقفت) اه فقوله في الشعر في القوافى دليل على انه لا يجئ مثله في الكلام وهذا معنى الضرورة وقد صرح الاعلم بذلك حيث قال: (الشاهد فيه تشديد عيهل في الوصل ضرورة وانما يشدد في الوقف ليعلم انه متحرك في الوصل) اه والعيهل: السريع والوجناء: الغليظة الشديدة والبازل: المسنة الغليظة
(2) هذا بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج وسيأتى قريبا في أثناء ابيات رواها المؤلف وسنشرحه هناك (3) هذا عجز بيت لعمرو بن كلثوم التغلبي وهو مطلع معلقته وصدره قوله: * الا هبى بصحنك فاصبحينا * = (*)


السكون كما في قولك (مررت بالمسلمين) والقوافي كلها موقوف عليها وان لم يتم الكلام دون ما يليها من الابيات ولهذا قلما تجد في الشعر القديم نحو الشجرتى بالتاء وبعدها الصلة بل لا يجئ الا بالهاء الساكنة وانما كثر ذلك في اشعار المولدين فعلى هذا التقرير ليس قوله (القصبا) بشاذ ضرورة كما ليس تحريك نون (الا ندرينا) وتحريك الراء في قوله: 113 - لعب الرياح بها وغيرها * بعدى سوا في المور والقطر (1) لاجل حرف الاطلاق بشاذين اتفاقا مع ان حق الحرفين السكون لو لم يكونا في الشعر ولعدم كونه شاذا ترى تحريك المضعف للاطلاق في كلامهم كثيرا قال رؤبة: لقد خشيت ان ارى جديا * في عامنا ذا بعد ان اخصبا (2)
__________
= والا: حرف يفتتح به الكلام ويقصد به تنبيه المخاطب لما يأتي بعده وهبى: فعل امر من الهبوب وهو الانتباه من النوم واصبحينا: فعل امر من صبح القوم يصبحهم - من باب نفع - أي: سفاهم الصبوج وهو شرب الغداة ويقابله الغبوق والاندرين: قرية بالشام مشهورة بالخمر ويقال: ان اسم القربة اندر وانما جمعها يريدها وما حولها.
والاستشهاد بالبيت في قوله (الاندرينا) حيث الحق بها الف الاطلاق وحقها السكون لولا الاضطرار (1) هذا البيت من قصيدة لزهير بن ابى سلمى المزني وقد مضى قريبا ذكر
شاهدين منها وذكرنا هناك مطلعها مشروحا والضمير في قوله (بها) يعود الى الديار والسوافى: جمع سافية اسم فاعل من قولك: سفت الريح التراب تسفيه إذا ذرته والمور - بضم الميم -: الغبار والقطر: المطر وكان أبو عبيد يقول: ليس للقطر سوافى ولكنه اشركه في الجر.
يريد تغيرت هذه الديار بما اثارته الرياح عليها من الغبار وبما تتابع عليها من المطر.
والاستشهاد بالبيت في قوله (والقطر) حيث حرك الراء بالكسر لاجل حرف الاطلاق وهو الياء (2) هذه ابيات من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج و (جدبا) يريد الجدب = (*)


ان الدبا فوق المتون دبا * وهبت الريح بمور هبا تترك ما ابقى الدبا سبسبا * كأنه السيل إذا اسلحبا أو الحريق وافق القصبا * والتبن والحلفاء فالتهبا وليس في كلام سيبويه ما يدل على كون مثله شاذا أو ضرورة بلى انما لم يكثر مثله غاية الكثرة لقلة تضعيفهم في الوقف لما ذكرنا ان الوقف حقه التخفيف لا التثقيل فقلة مثل القصبا وعيهل مثل قلة نحو جاءني جعفر ويجعل وكان الواجب ان لا يلحق التضعيف المنصوب المنون في نحو قوله: * تترك ما ابقى الدبا سبسبا * لان حقه ان يتحرك حرف اعرابه في الوقف ويقلب تنوينه الفا لا غير ومع تحرك حرف الاعراب في الوقف لا لاجل الاتيان بحرف الاطلاق لا يضعف لكن الشاعر حمل النصب على الرفع والجر وقاسه عليهما كما في لغة ربيعة واعلم ان النحاة قالوا: ان الشاعر في نحو قوله عيهل والقصبا اجرى الوصل مجرى الوقف يعنون ان حرف الاطلاق هو الموقوف عليه إذ لا يؤتي به الا للوقف عليه فإذا كان هو الموقوف عليه لم يكن ما قبله موقوفا عليه بل في
درج الكلام وهذا اجراء الوصل مجرى الوقف هذا وقال سيبويه: حدثنى من اثق به انه سمع اعرابيا يقول: اعطني ابيضه يريد ابيض والهاء للسكت وهو
__________
= فنقل حركة الباء الى الدال الساكنة ثم ضعف الباء والدبا: الجراد والمور: الغبار والسبسب - بزنة جعفر -: القفر والمفازة وتشديد الباء فيه ضرورة كما سيقول المؤلف واسلحب: امتد والقصبا: يريد القصب فشدد الباء والتهبا كذلك والاستشهاد بهذه الابيات في قوله (جدبا والقصبا والتهبا واخصبا وسبسبا) حيث ضعف اواخر ها للوقف ثم حركها ضرورة (*)


اقبح الشذوذ لان هاء السكت لا يلحق الا ما حركته غير اعرابية وايضا حرك المضعف لا لاجل حرف الاطلاق كما ذكرنا قال: (ونقل الحركة فيما قبله ساكن صحيح الا الفتحة الا في الهمزة وهو ايضا قليل مثل هذا بكر وخبؤ ومررت ببكر وخبئ ورايت الخبأ ولا يقال رايت البكر ولا هذا حبر ولا من قفل ويقال: هذا الردؤ ومن البطئ ومنهم من يفر فيتبع) اقول: قوله (ونقل الحركة) هذا وجه آخر من وجوه الوقف وهو قليل كقلة التضعيف الا في الهمزة كما ذكرنا وذلك لغرض لهم ذكرناه في نقل حركة الهمزة وانما قل هذا لتغير بناء الكلمة في الظاهر بتحرك العين الساكن مرة بالضم ومرة بالفتح ومرة بالكسر وان كانت الحركات عارضة وايضا لاستكراه انتقال الاعراب الذى حقه ان يكون على الاخير الى الوسط وانما سهل لهم ذلك الفرار من الساكنين والضن بالحركة الاعرابية الدالة على المعنى ولو ثبت ذلك في نحو منذ من المبنيات فالمسهل الفرار من الساكنين فقط وهذا النقل ثابت في الرفع والجر اتفاقا واما في النصب: فان كان الاسم منونا
فلا يثبت الا في لغة ربيعة لحذفهم الفتحة ايضا وان لم يكن منونا فقد منعه سيبويه وقال: لا يقال رايت البكر بناء على ان اللام عارضة والاصل التنوين فالمعرف باللام في حكم المنون وغير سيبويه جوزه لكونه مثل مهموز الاخر فقد ثبت النقل فيه اتفاقا لما ذكرنا قبل من خفاء الهمزة ساكنة بعد الساكن ولكراهتهم ذلك في الهمزة جوزوا فيها النقل مع الاداء الى الوزن المرفوض نحو هذا الردؤ ومن البطئ ولم يجوزوا ذلك في غيرها فلم يقولوا: هذا عدل ولا من قفل بل من كان ينقل في نحو بكر إذا اتفق له مثل عدل وقفل (ج 2 - 21)


اتبع العين الفاء في الرفع والنصب والجر فيقول: هذا العدل والقفل ورايت العدل والقفل ومررت بالعدل والقفل لانه لما لزمه تسوية الرفع والجر فيهما لئلا يؤدى الى الوزن المرفوض اتبعهما المنصوب وجعل الاحوال الثلاث متساوية قوله (ومنهم من يفر فيتبع) يعنى في المهموز في الاحوال الثلاث وكذا غير المهموز وان لم يذكره المصنف والفرق بين المهموز وغيره ان المهموز يغتفر فيه الاداء الى الوزن المرفوض فيجور ذلك كما يجوز الاتباع واما غير المهموز فلا يجوز فيه الا الاتباع ولم يذكر المصنف في هذا الفصل ايضا وقف اهل الحجاز هذا وقد ذكرنا قبل ان هاء الضمير كالهمز في الخفاء فإذا سكن ما قبلها وهو صحيح جاز نقل ضمتها لبيانها الى ذلك الساكن نحو منه وعنه قال: 114 - عجبت والدهر كثير عجبه * من عنزي سبنى لم اضربه (1) وبعض بنى عدى من بنى تميم يحركون ما قبل الهاء للساكنين بالكسر
__________
(1) هذا بيت من الرجز لزياد الاعجم - وهو من شواهد سيبويه (ح 2 ص
287).
العنزي: نسبة الى عنزة وهى قبيلة من ربيعة بن نزار وهى عنزة بن اسد ابن ربيعة وزياد الاعجم قائل هذا البيت احد بنى عبد القين.
والاستشهاد بالبيت في قوله (لم اضربه) حيث نقل حركة الهاء الى الباء ليكون ابين لها في الوقف وذلك من قبيل ان الهاء الساكنة خفية فإذا وقف عليها بالسكون وقبلها ساكن كان ذلك اخفى لها قال أبو سعيد السيرافى: (انما اختاروا تحريك ما قبل الهاء في الوقف إذا كان ساكنا لانهم إذا وقفوا اسكنوا الهاء وما قبلها ساكن فيجتمع ساكنان والهاء خفية ولا تبين إذا كانت ساكنة وقبلها حرف ساكن فحركوا ما قبلها بالقاء حركتها على ما قبلها وبعضهم - وهم بنو عدى - لما اجتمع الساكنان في الوقف وارادوا ان يحركوا ما قبل الهاء لبيان الهاء حركه بالكسر كما يكسر الحرف الاول لاجتماع الساكنين في نحو قولنا: لم يقم الرجل وذهبت الهندات) اه (*)


فيقولون: ضربته وقالته والاول هو الاكثر ولا ينقل الحركة الى الساكن إذا كان مدغما لئلا يلزم انفكاك الادغام نحو الرد والشد قوله (صحيح) وانما اشترط ذلك لان حرف العلة لا تنقل الحركة إليه لثقلها عليه وذلك نحو زيد وحوض واعلم انه يجوز ان يوقف على حرف واحد كحرف المضارعة فيوصل بهمزة بعدها الف وقد يقتصر على الالف قال: 115 - بالخير خيرات وان شرافا * ولا اريد الشر الا ان تا (1) أي: ان شرا فشر ولا اريد الشر الا ان تشاء ويروى (فأا) و (تأا) كأنه زيد على الالف الف آخر كاشباع الفتحة ثم حركت الاولى للساكنين فقلبت همزة كما ذكرنا في دأبة
__________
(1) هذا بيت من الرجز لم نعثر له على قائل وقد استشهد به سيبويه (ح 2 ص 62) والشاهد فيه قوله (فا) وقوله (تا) يريد فشر وتشاء فاقتصر على الفاء وهى اول الكلمة الاولى وعلى التاء وهى اول الثانية ولما لفظ بهما وفصلهما مما بعدهما الحقهما الالف للسكت عوضا من الهاء التى يوقف عليها وذلك كما وقفوا على (انا) و (حيهلا) بالالف قال أبو سعيد السيرافى: (إذا سميت رجلا بالباء من ضرب فمذهب الاخفش ان يزيد عليه ما يصيره بمنزلة اسم من الاسماء المعربة وفيها ما يكون على حرفين كيد ودم واولى ما ترده إليه ما كان في الكلمة فترد الضاد فتقول: ضب وقال المازنى: ارد اقرب الحروف إليه وهو الراء فأقول: رب وقال أبو العباس: ارد الحروف كلها فأقول: ضرب) اه.
قال سيبويه: (وسمعت من العرب من يقول: الا تا بلى فا فانما ارادوا (الا تفعل) و (بلى فافعل) ولكنه قطع كما كان قاطعا بالالف في انا وشركت الالف الهاء كشركتها في قوله: انا بينوها بالالف كبيانهم بالهاء في (هي) و (هن) و (بغلتيه) قال الراجز: * بالخير خيرات...البيت * يريد ان شرا فشر ولا يريد الشر الا ان تشاء) اه (*)


وقد يجرى الوصل مجرى الوقف والغالب منه في الشعر للضرورة الداعية إليه قال: 116 - لما رأى ان لادعه ولا شبع * مال الى ارطاة حقف فالطجع (1) وربما جاء في غير الشعر نحو ثلاثه اربع وكذا جميع الاسماء المعددة تعديدا كما ذكرنا وذلك واجب فيها كما مر وقوله تعالى: (لكنا هو الله ربى) في قراءة ابن عامر وقوله تعالى (كتابيه) و (حسابيه) وصلا كما في بعض القراءات وقوله تعالى: (انا احيى واميت) باثبات الف (انا)
المقصور والممدود قال: (المقصور: ما آخره الف مفردة كالعصا والرحى والممدود ما كان بعدها فيه همزة كالكساء والرداء والقياسي من المقصور ما يكون قبل آخر نظيره من الصحيح فتحة ومن الممدود ما يكون ما قبله الفا فالمعتل اللام من اسماء المفاعيل من غير الثلاثي المجرد مقصور كمعطي ومشترى
__________
(1) هذا بيت من الرجز لمنظور بن مرثد الاسدي وقد استشهد به كثير من النحاة منهم الزمخشري وابن جنى وابن هشام والمرادي وقبله: يا رب اباز من العفر صدع * تقبض الذئب إليه واجتمع والاباز: العداء وفعله ابن من باب ضرب تقول: ابن الظبى يأبن إذا عدا والعفر: جمع اعفر وهو الاببض الذى ليس بشديد البياض.
والصدع: الخفيف اللحم.
وتقبض: انزوى وانضم.
والدعة: خفض العيش والتاء فيه بدل من الفاء الذاهبة في اوله.
والارطاة: واحدة الارطى وهو شجر من شجر الرمل.
والحقف - بكسر الحاء وسكون القاف -: التل المعوج.
والطجع: اصله اضطجع فأبدل الضاد لا ما ويروى (فاطجع) بابدال الضاد طاء ويروى (فاضجع) بابدال الطاء ضادا ويروى (فاضطجع) بابدال الضاد طاء ويروى (فاضجع) بابدال الطاء ضادا ويروى (فاضطجع) على الاصل.
والاستشهاد بالبيت في قوله (الادعه) حيث ابدل التاء هاء في الوصل اجراء له مجرى الوقف.
(*)


لان نظائرهما مكرم ومشترك واسماء الزمان والمكان والمصدر مما قياسه مفعل ومفعل كمغزى وملهى لان نظائرهما مقتل ومخرج والمصدر من فعل فهو افعل أو فعلان أو فعل كالعشى والطوى والصدى لان نظائرها
الحول والعطش والفزع والغراء شاذ والاصمعى يقصره وجمع فعلة وفعلة كعرى وجزى لان نظائرهما قرب وقرب) اقول: قوله (الف مفردة) احتراز عن الممدودة لانها في الاصل الفان قلبت الثانية همزة ولا حاجة الى هذا فان آخر قولك كساء وحمراء ليس الفا بلى قد كان ذلك في الاصل ولو نظر الى الاصل لم يكن نحو الفتى والعصا مقصورا.
قوله (بعدها فيه) أي: بعد الالف في الاخر فتخلو الصلة عن العائد الى الموصول وان قلنا ان الضمير في (فيه) لم فسد الحد بنحو جاء وجائية والاولى ان يقال: الممدود ما كان آخره همزة بعد الالف الزائدة لان نحو ماء وشاء لا يسمى في الاصطلاح ممدودا والمقصور القياسي: مقصور يكون له وزن قياسي كما تقول مثلا: ان كل اسم مفعول من باب الافعال على وزن مفعل فهذا وزن قياسي فإذا كان اللام حرف علة - اعني الواو والياء - انقلبت الفا قوله (ومن الممدود) يعنى ان القياسي من الممدود ان يكون ما قبله: أي ما قبل آخر نظيره من الصحيح الفا والاولى ان يقال: الممدود القياسي ممدود يكون له وزن قياسي فإذا عرفنا المقصور والممدود اولا كفى في حد المقصور والممدود القياسيين ان نقول: هما مقصور وممدود لهما وزن قياسي والحدان اللذان ذكرهما المصنف لا يدخل فيهما نحو الكبرى تأنيث الاكبر وحمراء تأنيث الاحمر مع انهما قياسيان لان كل مؤنث لافعل التفضيل مقصور وكل مؤنث لافعل الذى للالوان والحلى ممدود


والاولى في تسمية المقصورا انه لكونه لامد في آخره وذلك لانه في مقابلة الممدود يقال: يجوز في الشعر قصر الممدود: أي الاتيان بالالف فقط
وقال بعضهم: سمى مقصورا لكونه محبوسا ممنوعا من الحركات من قولهم: (قصرته) أي حبسته ولا يسمى بالمقصور والممدود في الاصطلاح الا الاسم المتمكن فلا يقال: ان حبسته ولا يسمى بالمقصور والممدود في الاصطلاح الا الاسم المتمكن فلا يقال: ان إذا ومتى وما ولا مقصورة واما قولهم: هؤلاء مقصورا أو ممدودا فتجوز وفصد للفرق بين لغتي هذه اللفظة قوله (من غير الثلاثي المجرد) فمن افعل نحو معطى ومن فعل نحو: مسمى ومن فاعل نحو مرامي ومن افتعل نحو مشترى ومن انفعل نحو منجلى عنه ومن استفعل نحو مستدعى ومن تفعل نحو متسلى عنه ومن تفاعل نحو متقاضي منه ومن افعل وافعال مرعوى عنه ومحو اوى له ومن فعلل مقوقى فيه وكذا كل موضع وزمان من فعلى وافعنلى كسلقى (1) واغرندى (2) قوله (واسماء الزمان والمكان والمصدر) يعنى من المعتل اللام وكذا كل ما يذكر بعده من قياسات المقصور والممدود فالزمان والمكان والمصدر من ناقص الثلاثي المجرد مفعل بفتح العين سواء كان من يفعل أو يفعل أو يفعل كما مر في اسماء الزمان والمكان واما من غير الثلاثي المجرد فالثلاثة على وزن مفعوله كما مضى في الباب المذكور سواء كان المفعول مفعلا أو مفتعلا أو مستفعلا أو غير ذلك ولم يذكر المصنف الا مفعلا قوله (والمصدر من فعل) أي المصدر المعتل اللام وليس كل مصدر من فعل الناقص الذى نعته على احد الثلاثة الاوجه بمقصور الا ترى الى قولهم خزى يخزى خزيا فهو خزيان وروى يروى ريا فهو ريان بل يجب ان
__________
(1) انظر (ح 1 ص 55 و 68) (2) انظر (ح 1 ص 113) (*)


يكون مقصورا إذا كان مفتوح الفاء والعين وانما شرط ان يكون النعت من المصدر المقصور على الاوزان المذكورة احترازا عن نحو فنى يفنى فناء قوله (والغراء شاذ) حكى سيبويه غرى يغرى (1) غراء وظمى يظمى ظماء وقال الاصمعي: هو غرى على القياس قوله: (جمع فعلة وفعلة) أي: إذا كان معتل اللام وذلك لما ذكرنا ان جمع فعلة فعل وجمع فعلة فعل.
ومن المقصور القياسي: كل مؤنث لافعل التفضيل وكل مؤنث بغير هاء لفعلان الصفة وكل جمع لفعيل بمعنى مفعول إذا تضمن معنى البلاء والافة وكل مذكر لفعلاء المعتل لامه من الالوان والحلى والخلق كأحوى وحواء وكل مؤنث بالالف من انواع المشى كالقهقرى (2) والخوزلى (3) والبشكى (4) والمرطى (5) وكل ما يدل على مبالغة المصدر من المكسور فاؤه المشدد عينه
__________
(1) تقول: غرى بالشئ يغرى - كفرح يفرح - غرى وغراء إذا اولع به كما تقول: اغرى به بالبناء للمجهول والذى ذهب إليه المصنف من أو الغراء - بالفتح والمد - مصدر غرى هو ظاهر عبارة سيبويه وهو ما حكاه ابن عصفور وغيره وقد جزم صاحب الصحاح بنه اسم مصدر وليس بمصدر وعلى هذا يكون من الممدود السماعي كالغراء - بالكسر والمد الذى يلصق به الشئ.
(2) القهقرى: الرجوع الى خلف ومثله القهقرة بالتاء (3) الخوزلى: مشية فيها تثاقل وتبختر كالخيزل والخيزلى قال المتنبي: الا كل ماشية الهيدبا * فدا كل ماشية الخوزلى (4) البشكى: خفة المشى يقال: ناقة بشكى إذا كانت خفيفة المشى كانه من الوصف بالمصدر (5) المرطى: الاسراغ في المشى يقال: مرط يمرط - كنصر ينصر - مرطا
ومروطا ومرطى إذا اسرع (*)


كالرميا (1)، والخليفى (2)، وروى الكسائي المدفى الخصيصى (3) كما مر في باب المصدر ومما الغالب فيه القصر كل مفرد معتل اللام يجمع على افعال: كندى وانداء وقفا واقفاء وجاء غثاء (4) واغثاء وروى قفاء بالمد مع ان جمعه اقفاء قال: (ونحو الاعطاء والرماء والاشتراء والاحبنطاء ممدود لان نظائرها الاكرام والطلاب والافتتاح والاحر بحام واسماء الاصوات المضموم اولها كالعواء والثغاء (5) لان نظائرهما النباح حمار وقذال واندية شاذ والسماعي نحو: العصا والرحى والخفاء والاباء (7) مما ليس له نظير يحمل عليه)
__________
(1) الرميا: انظر (ح 1 ص 168) (2) الخليفى: انظر (ح 1 ص 168) (3) الخصيصى: مصدر خصه بالشئ يخصه خصا وخصوصا وخصوصية وخصوصية - بفتح الخاء أو ضمها - وخصيصى إذا افرده به دون غيره.
وانظر (ح 1 ص 168) (4) الغثاء: ما يحمله السيل من الزبد والوسخ وغيره والغثاء بالتشديد - مثله وهما ايضا الهالك البالى من ورق الشجر وفى التنزيل (والذى اخرج المرعى فجعله غثاء احوى) (5) العواء: صوت الكلب والذئب.
والثغاء: صوت الغنم والظباء (6) القباء - بالفتح والمد -: نوع من الثياب (7) الاباء - بفتح الهمزة -: اسم جنس جمعى واحدته اباءة - كعباءة - وهو
القصب.
وقد وقع في بعض النسخ (الاناء) بالنون في مكان الاباء وهو خطأ فان الاناء ممدود قياسي لان جمعه آنية - كقذال واقذلة - فيكون نظير كساء واكسية وقباء واقبية (*)


اقول: قوله (ونحو الاعطاء والرماء) يعنى كل مصدر لافعل وفاعل ناقص غير مصدر بميم زائدة احترازا عن نحو المعطى والمرامى وكل مصدر لافتعل وانفعل واستفعل وافعل وافعال ناقص فهو ممدود كالاعطاء والرماء والاشتراء والانجلاء والاستلقاء والارعواء والاحويواء وكذا كل مصدر معتل اللام لفعلل على غير فعللة نحو: قوقى قيقاء وكل مصدر لافعنلى كاحبنطى وكذا كل صوت معتل اللام مضموم الفاء احترازا عن نحو الدوى وقد ذكرنا في المصادر ان الاصوات على فعال أو فعيل وكذا كل مفرد لافعلة معتل اللام مفتوح الفاء والعين احترازا عن نحو ندى واندية وشذ رحى وارحية وقفا المقصور واقفية واما قفاء بالمد واقفية فقياس وشذ ايضا ندى واندية قال: 117 - في ليلة من جمادى ذات اندية لا يبصر الكلب من ظلمائها الطنبا (1)
__________
(1) هذا بيت من بحر البسيط من قصيدة لمرة بن محكان وهو من شعراء الحماسة وقد اختار أبو تمام منها ابياتا في باب الاضياف والمديح وقبل البيت الشاهد قوله: يا ربة البيت قومي غير صاغرة * ضمى اليك رحال القوم والقربا وبعده بيت الشاهد وبعده قوله لا ينبح الكلب فيها غير واحدة * حتى يلف على خرطمه الذنبا ربة البيت: المراد منها امرأته وقوله (غير صاغرة) اراد غير مستهان بك
وذلك لان اكرام الضيف عنده من اقدس الواجبات والرحال: جمع رحل يريد به متاع الضيفان.
والقرب: جمع قراب مثل كتاب وكتب وهو جفن السيف وانما امرها ان تضم إليها قرب سيوفهم لانهم إذا نزلوا عنده امنوا ان يصيبهم مكروه وقوله (في ليلة من جمادى) اراد في ليلة من ليالى الشتاء وذلك لان الشتاء عندهم زمان الجدب والحاجة والاندية: جمع ندى والندى: البلل.
وقيل ما سقط آخر الليل والطنب: الحبل الذى تشد به الخيمة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (اندية) = (*)


وكذا كل مؤنث بغير التاء لافعل الذى للالوان والحلى كأحمر وحمراء قوله (مما ليس له نظير) أي: من ناقص ليس له نظير من الصحيح والحق أن يقال: مما ليس له ضابط ليدخل فيه نحو القرنبي (1) والكمثرى والسيراء (2) والخشاء (3) ونحوها (ذو الزيادة) قال: (ذو الزيادة: حروفها اليوم تنساه أو سألتمونيها أو السمان هويت: أي التى لا تكون الزيادة لغير الالحاق والتضعيف الا منها ومعنى الالحاق انها إنما زيدت لغرض جعل مثال على مثال ازيد منه ليعامل معاملته فنحو قردد ملحق ونحو مقتل غير ملحق لما ثبت من قياسها لغيره ونحو افعل وفعل وفاعل كذلك لذلك ولمجئ مصادرها مخالفة ولا يقع الالف للالحاق في الاسم حشوا لما يلزم من تحريكها)
__________
= حيث جمع ندى عليه وذلك شاذ لان أفعله جمع للممدود لا للمقصور ومن الناس من قال: الاندية جمع نداء - بكسر النون - وهو جمع ندى فيكون اندية جمع الجمع وحينئذ يكون قياسا (1) القرنبى: دويبة شبه الخنفساء أو أعظم منها قليلا طويلة الرجال قال جرير:
ترى التيمى يزحف كالقرنبى * إلى تيمية كعصا المليل وفى المثل (القرنبى في عين امها حسنة).
والمليل: الخبز الذى يخبز في الملة وهى الرماد الحار ويريد من عصا المليل العصا التى يحرك بها الخبز (2) السيراء - بكسر السين وفتح الياء ممدودا وبقصر -: ضرب من البرود وصرب من النبت والجريدة من جرائد النخل (3) الخشاء - بضم الخاء وتشديد الشين ممدودا والخششاء - بضم الخاء والشين الاولى -: العظم الدقيق العارى من الشعر الناتئ خلف الاذن والخشاء - بفتح الخاء وتشديد الشين - الارض التى فيها رمل فقول المؤلف (والخشاء) يحتمل ان يكون بضم الخاء وفتحها (*)


اقول: قيل: سأل تلميذ شيخه عن حروف الزيادة فقال: سألتمونيها فظن انه لم يجبه إحالة على ما اجابهم به قبل هذا فقال: ما سألتك الا هذه النوبة فقال الشيخ: اليوم تنساه فقال: والله لا انساه فقال: قد اجبتك يا احمق مرتين وقيل: ان المبرد سأل المازنى عنها فأنشد المازنى: هويت السمان فشيبننى * وقد كنت قدما هويت السمانا فقال: انا أسألك عن حروف الزيادة وانت تنشدني الشعر فقال: قد اجبتك مرتين وقد جمع ابن خروف منها نيفا وعشرين تركيبا محكيا وغير محكى قال: واحسنها لفظا ومعنى قوله سألت الحروف الزائدات عن اسمها فقالت ولم تبخل: امان وتسهيل وقيل: هم يتساءلون وما سألت يهون والتمسن هواى وسألتم هواني
وغير ذلك قوله (أي التى لا تكون الزيادة الخ) يعنى ليس معنى كونها حروف الزيادة انها لا تكون الا زائدة إذ ما منها حرف الا ويكون اصلا في كثير من المواضع بل المعنى انه إذا زيد حرف على الكلمة لا يكون ذلك المزيد الا من هذه الحروف الا ان يكون المزيد تضعيفا سواء كان التضعيف للالحاق أو لغيره كقردد (1) وعبر فان الدال والباء ليستا منها فالحرف المضعف به - مع زيادته - يكون من جميع حروف الهجاء: من حروف الزيادة كعلم وجمع ومن غيرها كقطع وسرح وقد يكون ذلك التضعيف الزائد للالحاق كقردد (1) وجلبب ولغيره كعلم والذى للالحاق لا للتضعيف لا يكون إلا من حروف
__________
(1) انظر (ح 1 ص 13) (*)


اليوم تنساه كجدول وزرقم (1) وعنسل (2) فلا وجه لقول المصنف (لغير الالحاق والتضعيف) فانه يوهم ان يكون الالحاق بغير التضعيف من غير هذه الحروف وكان يكفى ان يقول: لا تكون الزيادة بغير التضعيف الا منها فأما الزيادة بالتضعيف سواء كان التضعيف للالحاق أو لغيره فقد تكون منها وقد لا تكون قوله (ومعنى الالحاق الخ) قد تقدم لنا في ابنية الخماسي بيان حقيقة الالحاق والغرض منه قوله (ونحو مقتل غير ملحق) قد ذكرنا هناك ان ما اطرد زيادته لمعنى لا يجعل زيادته للالحاق ولو كان نحو مقتل للالحاق لم يدغم نحو مرد ومشد كما لم يدغم نحو الندد ومهدد (3) قوله (لما ثبت من قياسها لغيره) أي: من قياس زيادة الميم في مثل هذه
المواضع لغير الالحاق قوله (كذلك لذلك) أي: ليست للالحاق لكون الزيادة لمعنى غير الالحاق قوله (ولمجئ مصادرها مخالفة) اما كون افعال وفعال وفيعال كد حراج فليس بدليل على الالحاق لان مخالفة الشئ للشئ في بعض التصرفات تكفى في الدلالة على عدم الحاقة به ولان فعلالا في الرباعي ليس بمطرد كما مر في باب المصادر ولو كان افعل وفاعل ملحقين بد حرج لم يدغم نحو اعد وحاد قوله (ولا يقع الالف للالحاق في الاسم حشوا) انما قال: في الاسم احترازا
__________
(1) انظر (ص 252 و 334 من هذا الجزء) (2) انظر (ح 1 ص 59) (3) انظر في كلمة (الندد) ح 1 ص 53 و 252) وفى كلمة (مهدد) (ح 1 ص 14) (*)


عن تفاعل فانه عنده ملحق بثفعلل كما ذكر قبل وهو ممنوع كما ذكرنا لكون الزيادة مطردة في معنى اعني لكون الفعل بين اكثر من واحد ولثبوت الادغام في نحو تسارا وتمادا قوله (لما يلزم من تحريكها) مضى شرحه في اول الكتاب (1) قال: (ويعرف الزائد بالاشتقاق وعدم النظير وغلبة الزيادة فيه والترجيح عند التعارض والاشتقاق المحقق مقدم فلذلك حكم بثلاثية (ادلة الزيادة) عنسل وشامل وشمال ولئدل ورعشن وفرسن وبلغن وحطائط ودلامص وقمارص وهرماس وزرقم وقنعاس وفرناس وترنموت) اقول: العنسل: الناقة السريعة مشتق من العسلان وهو السرعة وقال
بعضهم: هو كزيدل من العنس وهو بعيد لمخالفة معنى عنسل معنى عنس وهى الناقة الصلبة ولقلة زيادة اللام الشامل والشمل والشمال بمعنى الشمال يقال: شملت الريح: أي هبت شمالا.
النئدل - بكسر النون والدال وسكون الهمز - والنيدلان بفتحهما مع الياء والنيدلان بضم العين: الكابوس من الندل وهو الاختلاس كانه يندل الشخص: أي يختلسه ويأخذه بغتة والهمزة في نئدل زائدة لكونه بمعنى النيدلان والياء فيه زائدة لكونها مع ثلاثة اصول الرعشن كجعفر: بمعنى المرتعش الفرسن: مقدم خف البعير لانه يفرس: أي يدق البلغن: البلاغة.
الحطائط: الصغير كأنه حط عن مرتبة العظيم
__________
(1) انظر (ح 1 ص 57) (*)


الدلامص: الدرع البراقة اللينة بمعنى الدليص والدلاص وقد دلصت الدرع: أي لانت القمارص: بمعنى القارص الهرماس والفرناس: الاسد الشديد من الهرس والفرس الزرقم: الازرق القنعاس: البعير العظيم من القعس وهو الثبات يقال: عزة قعساء: أي ثابتة لان العظيم يثبت ويقل براحه والقعوس: الشيخ الكبير الهرم الترنموت: ترنم القوس عند النزع قال
118 - تجاوب القوس بترنموتها (1) (الاشتقاق من ادلة الزيادة) فقد عرفنا زيادة الاحرف بالاشتقاق المحقق: أي الظاهر القريب على ما ذكرنا في كل واحد ونعنى بالاشتقاق كون احدى الكلمتين مأخوذة من الاخرى أو كونهما مأخوذتين من اصل واحد ولم يعرف زيادتها بغلبة
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو مع بيتين آخرين شريانة ترزم من عنتوتها * تجاوب القوس بترنموتها * تستخرج الحبة من تابوتها * والشريانة - بكسر الشين فتحها -: شجر تتخذ منه القسى وهو من جيد العيدان يزعمون ان عوده لا يكاد يعوج.
وترزم: مضارع من قولك: ارزمت الناقة ارزاما إذا انت وصوتت من غير ان تفتح فاها والعنتوت: الحز في القوس وتجاوب مصدر تشبيهي نصب على انه مفعول مطلق ويروى (تجاوب) بصيغة المضارع والترنموت: الترنم والمراد من الحبة سويداء القلب وجعل القلب تابوتها كما قيل: القلب تابوت الحكمة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (ترنموتها) ومعناه الترنم وهذا الاشتقاق يدل على زيادة التاء في آخرها كما يستدل على زيادة التاء في ملكوت وجبروت ورهبوت ورحموت وطاغوت بالملك والجبر والرهبة والرحمة والطغيان.
(*)


الزيادة لانها ليست من الغوالب في مواضعها المذكورة على ما يجئ ولا بعدم النظير لان تقدير اصالة الحروف المذكورة لا يوجب ارتكاب وزن نادر فلما ثبت الاشتقاق المحقق لم ينظر الى غلبة الزيادة وعدم النظير وحكمنا بالاشتقاق قال: (وكان الندد افنعلا ومعد فعلا لمجئ تمعدد ولم يعتد
بتمسكن وتمدرع وتمندل لوضوح شذوذه ومراجل فعالل لقولهم: ثوب ممرجل وضهيا فعلا لمجئ ضهياء وفينان فيعالا لمجئ فنن وجرائض فعائلا لمجئ جرواض ومعزى فعلى لقولهم معز وسنبته فعلته لقولهم سنب وبلهنية فعلنية من قولهم عيش ابله والعرضنه فعلنة لانة من الاعتراض واول افعل لمجئ الاولى والاول والصحيح انه من وول لا من وال ولا من اول وانقحل انفعلا لانه من قحل: أي يبس وافعوان افعلانا لمجئ افعى واضحيان افعلان من الضحى وخنفقيق فنعليلا من خفق وعفرنى فعلنى من العفر) اقول: انما كان الندد افنعلا لان النددا ويلنددا بمعنى الالد وهن مشتقات من اللدد وهو شدة الخصومة ولو لا ذلك لقلنا: ان فيه ثلاثة احرف غالبة زيادتها في مواضعها: الهمزة في الاول مع ثلاثة اصول والنون الثالثة الساكنة والتضعيف فلنا ان نحكم بزيادة اثنين منها: اما الهمزة والنون فهو من لدد واما النون واحد الدالين فهو من الد واما الهمزة واحدى الدالين فهو من لند لكنا اخترنا الوجه الاول لما ذكرنا من الاشتقاق الواضح قوله (معد فعلا) هذا مذهب سيبويه واستدل بقول عمر رضى الله تعالى عنه: اخشوشنوا وتمعددوا: أي تشهوا بمعد وهو معد بن عدنان


أبو العرب: أي دعوا التنعم وزى العجم كما ورد في حديث آخر (عليكم باللبسة المعدية) وقيل: معناه كونوا غلاظا في انفسكم بحيث لا يطمع احد فيكم قال 119 - * ربيته حتى إذا تمعددا (1) *
أي: غلظ قال سيبويه: لو لم يكن الميم اصليا لكان تمعدد تمفعل ولم يجئ في كلامهم وخولف سيبويه فقيل: معد مفعل لانه كثير وفعل في غاية القلة كالشربة في اسم موضع والهبى الصغير والجربة العانة من الحمير واما قوله تمفعل لم يثبت فممنوع لقولهم: تمسكن وتمندل وتمدرع وتمغفر وهى تمفعل بلا خلاف فكما توهموا في مسكين ومنديل انهما فعليل وفى مدرعة انها فعللة وفى مغفور انه فعلول للزوم الميم في اوائلها كذلك توهموا في معد انه فعل فقيل: تمندل وتمسكن وتدرع وتمغفر [ وتمعدد ] على انها تفعلل كتدحرج وهذا كما توهموا اصالة ميم مسيل فجمعوه على مسلان كما جمع قفيز على قفزان ولو سلم انهم لم يتوهموا ذلك وبنوا تمدرع واخواته على انها تمفعل قلنا: فعل غريب غرابة تمفعل
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو للعجاج وبعده: وآض نهدا كالحصان اجردا * كان جزائي بالعصا ان اجلدا وتمعدد: اراد اشتدو قوى.
وآض: صار.
والنهد: العالي المرتفع.
والاجرد: القصير الشعر.
والاستشهاد بالبيت في قوله (تمعددا) إذ هو على وزان تفعلل لقلة تمفعل فتكون الميم اصلا وإذا كان كذلك كان معد فعلا.
قال ابن جنى: (تمعدد من لفظ معد بن عدنان وانما كان منه لان معنى تمعدد تكلم بكلام معد: أي كبر وخطب هكذا قال أبو على ومنه قول عمر (اخشوشنوا وتمعددوا) وقال احمد ابن يحيى: تمعددوا: أي كونوا على خلق معد) اه (*)


فبجعل معد فعلا يلزم ارتكاب الوزن الغريب كما يلزم بجعله مفعلا ارتكاب تمفعل الغريب فلا يترجح احدهما على الاخر فالاولى تجويز الامرين
ولسيبويه ان يرجح كونه فعلا بكون تمدرع وتمسكن وتمندل وتمغفر قليلة الاستعمال رديئة والمشهور الفصيح تدرع وتسكن وتندل وتغفر بخلاف شربة وجربة وهبى فانها ليست برديئة قوله (ومراجل فعالل) كان ينبغى نظرا الى غلبة الزيادة ان يحكم بزيادة الميم لكونه في الاول وبعده ثلاثة اصول لكن سيبويه حكم باصالتها لقول العجاج 120 - * بشية كشية الممرجل (1) *
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور من ارجوزة طويلة للعجاج يمدح فيها يزيد ابن معاوية واولها: ما بال جارى دمعك المهلل * والشوق شاج للعيون الحذل وقبل بيت الشاهد قوله: تبدلت عين النعاج الخذل * وكل براق الشوى مسرول وانظر اراجيز العجاج (ص 45 طبع لبزج).
والاستشهاد بالبيت على ان ميم الممرجل اصلية وهو مفعلل فالميم الاولى زائدة للدلالة على المفعول والميم الثانية فاء الكلمة لانها لو كانت زائدة لكان وزن ممرجل ممفعلا وهو مما لا وجود له في كلامهم وهذا مذهب سيبويه في هذه الكلمة وذهب غيره الى ان الممرجل ممفعل وميماه زائدتان ولم يبال بعدم النظير محتجا بانهما كذلك في نحو ممدرع فقد قالوا: تمدرعت الجارية إذا لبست المدرع وهو ضرب من الثياب كالدرع ولكن لما كثر استعمال المدرع والمدرعة ظن ان ميمهما اصلية فاشتقوا منه على ذلك هذا ومذهب سيبويه اولى ان يؤخذ به لان مفعللا كثير وممفعلا لا وجود له الا في الشذوذ.
(ج 2 - 22) (*)


والممرجل: الثوب الذى فيه نقوش على صور المراجل كالمرجل: أي الذى فيه كصور الرجال قال 121 - * على اثرنا اذيال مرط مرجل (1) * ولا يبعد ان يقال: ان المرجل مفعل (2) ولزوم الميم اوهم اصالتها كما في مسكين فقيل: ممرجل كما قيل: ممسكن وايضا انما قال ممرجل خوف اللبس إذ لو قال مرجل لم يعرف اشتقاقه من المرجل قوله (ضهيأ فعلا) هذا مذهب سيبويه وقال الزجاج: هو فعيل لا فعلا من قولهم: ضاهات بمعنى ضاهيت وقرئ (يضاهئون) (3) و (يضاهون)
__________
(1) هذا عجز بيت لا مرئ القيس من قصيدته المعلقة وصدره قوله: * فقمت بها امشى تجر وراءنا * والرواية المشهورة في عجز البيت على غير ما ذكر المؤلف ففى رواية الزوزنى والاعلم: * على اثرينا ذيل مرط مرحل * وذكر التبريزي الروايتين جميعا وصدر البيت الذى انشدناه مما يستشهد به النحاة على تعدد الحال لمتعدد.
والمرط - بكسر الميم وسكون الراء -: الازار المعلم من الخز والمرحل - بالحاء المهملة -: الذى فيه صور الرحال والاستشاد بالبيت في كلام المؤلف هنا على ان المرجل - بالجيم - الذى فيه صور كصور الرجال وذلك يدل على انه مفعل كمعظم ومكرم فالميم زائدة واصول الكلمة (ر ج ل) (2) المرجل - كمنبر -: المشط والقدر من الحجارة والنحاس وقيل: من النحاس خاصة وقيل: كل ما طبخ فيه (3) هذه كلمة من آية كريمة في سورة التوبة وهى قوله تعالى: (وقالت اليهود
عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون) (*)


قال: ولم يجئ في الكلام فعيل الا هذا وقولهم ضهيد (1) مصنوع والضهيأ: التى لا تحيض فانها تضاهي الرجال وكذلك قيل للرملة التى لا تنبت وفعلا وفعيل كلاهما نادران لكن يترجح مذهب سيبويه لشيئين: احدهما ان ضاهيت بالباء اشهر من ضاهات والثانى ان ضهيأ.
وهو فعلاء بلا خلاف لكونه غير منصرف فالهمزة فيه زائدة وكذا الاول الذى بمعناه قوله (فينان) يقال: رجل فينان: أي حسن الشعر طويله وهو منصرف وفيه غالبان في الزيادة غير الالف فانه لا كلام مع امكان ثلاثة اصول غيره في زيادته: احدهما النون اما لانه تضعيف مع ثلاثة اصول واما لكون الالف والنون في الاخر مع ثلاثة اصول والثانى الياء مع ثلاثة اصول والواجب الحكم بزيادة الياء بشهادة الاشتقاق لان الفنن الغصن والشعر كالغصن فقد رجحت بالاشتقاق زيادة الياء وقال الجوهرى: هو فعلان من الفين (2) وهو مدفوع بما ذكرناه قوله (وجرائض) لو عملنا بالغلبة أو عدم النظير لم نحكم بزيادة الهمزة لان الهمزة غير اول فلا تكون زيادته غالبة وفعالل موجود كعلا بط لكن جرواضا بمعنى جرائض وهو العظيم الضخم من الابل وليس في جرواض همز فيكون ايضا همز جرائض زائدا وهما من تركيب جرض بريقه: أي غص [ به ] لان الغصص مما ينتفخ له
__________
(1) الضهيد: الصلب الشديد (2) قال الجوهرى: (ورجل فينان الشعر: أي حسن الشعر طويله وهو
فعلان) اه.
وقال في اللسان: (وان اخذت قولهم: شعر فينان من الفنن - وهو الغصن - صرفته في حالى النكرة والمعرفة وان اخذته من الفينة - وهو الوقت من الزمان - الحقته بباب فعلان وفعلانة فصرفته في النكرة ولم تصرفه في المعرفة ورجل فينان: حسن الشعر طويله وهو فعلان وانشد ابن برى للعجاج: * إذ انا فينان اناغى الكعبا *) اه (*)


وكذلك معزى فيه غالبان لان الالف مع ثلاثة اصول والميم كذلك ولو حكمنا بعدم النظير لم نحكم بزيادة واحد منهما لكونه بوزن درهم لكنه ثبت معز بمعناه فثبت زيادة الالف دون الميم وكذا سنبتة - وهى حين من الدهر - يقال: مضى سنب من الدهر وسنبة وسنبتة ولا منع من الحكم بزيادة نون سنبتة لان السبت ايضا هو الحين من الدهر قوله (بلهنية) لولا الاشتقاق وغلبة الزيادة لم نحكم بزيادة الياء ولو لا الاشتقاق لم نحكم بزيادة النون ولكان ملحقا بخبعثن (1) بزيادة اليا فقط لكنه مشتق من قولهم: عيش ابله: أي غاقل عن الرزايا كالرجل الابله فانه غافل عن المصائب ولا يبالى بها فيصفو عيشه وبلهنية العيش: خفضه قوله (العرضنة) العرضنة والعرضنى: مشية في اعتراض: أي اخذ على عرض الطريق من النشاط ولولا الاشتقاق لكان كقمطر من غير زيادة قوله (واول افعل) لان تصريفه على اولى واول دليل على انه افعل التفضيل وليس بفوعل كما قال الكوفيون والصحيح انه افعل من تركيب (وول) وان لم يستعمل في غير هذا اللفظ لامن (اول) ولا من (وأل) لئلا يلزم قلب الهمزة شاذا كما ذكرنا في افعل التفضيل (2)
__________
(1) الخبعثن: الرجل الضخم الشديد والاسد والناعم البدن ومثله الخبعثنة (2) الذى ذكره المؤلف في افعل التفضيل هو قوله في شرح الكافية (ج 2 ص 202): (اما اول فمذهب البصريين انه افعل ثم اختلفوا على ثلاثة اقوال: جمهور هم على انه من تركيب وول - كددن - ولم يستعمل هذا التركيب الا في اول ومتصرفاته وقال بعضهم اصله (اوال) من وال: أي نجا لان النجاة في السبق وقيل: اصله (ااول) من آل: أي رجع لان كل شئ يرجع الى اوله فهو افعل بمعنى المفعول كاشهر واحمد فقلبت في الوجهين الهمزة واوا = (*)


قوله (انقحل) هو الشيخ القحل: أي اليابس وهو انفعل ولو لا الاشتقاق لكان كجرد دحل لان النون فيه ليس من الغوالب والهمزة في اول الرباعي اصل كالصطبل قوله (وافعوان افعلان) (1) انما ذلك لمجئ فعوة السم وارض مفعاة ولولا
__________
= قلبا شاذا وقال الكوفيون: هو فوعل من (وال) فقلبت الهمزة الى موضع الفاء وقال بعضهم: فوعل من تركيب (وول) فقلبت الواو الاولى همزة.
وتصريفه كتصريف افعل التفضيل واستعماله بمن مبطلان لكونه فوعلا واما قولهم: اولة واولتان فمن كلام العوام وليس بصحيح وانما لزم قلب واو (اولى) همزة على مذهب جمهور البصريين كما لزم في نحو اواصل على ما يجئ في التصريف وعند من قال هو من (وال) اصل اولى وؤلى قلبت الواو همزة كما في اجوه ثم قلبت الهمزة الثانية الساكنة واوا كما في أو من ولهذا رجع الى اصل الهمزة في قراءة قالون (عاد لؤلى) لانه حذفت الاولى وحركت لام التعريف بحركتها فزال اجتماع الهمزتين فأول كأسبق معنى وتصريفا واستعمالا تقول في تصريفه: الاول الاولان الاولون الاوائل الاولى الاوليان
الاوليات الاول.
وتقول في الاستعمال: زيد اول من غيره وهو اولهم وهو الاول ولما لم يكن لفظ اول مشتقا من شئ مستعمل على القول الصحيح لا مما استعمل منه فعل كأحسن ولا مما استعمل منه اسم كأحنك - خفى فيه معنى الوصفية إذ هي انما تظهر باعتبار المشتق منه واتصاف ذلك المشتق به كأعلم: أي ذو علم اكثر من علم غيره واحنك: أي ذو حنك اشد من حنك غيره وانما تظهر وصفية اول بسبب تأويله بالمشتق وهو اسبق فصار مثل مررت برجل اسد: أي جرئ فلا جرم لم تعتبر وصفيته الا مع ذكر الموصوف قبله ظاهرا نحو يوما اول أو ذكر من التفضيلية بعده ظاهرة إذ هي دليل على ان افعل ليس اسما صريحا كأفكل وايدع فان خلا منهما معا ولم يكن مع اللام والاضافة دخل فيه التنوين مع الجر لخفاء وصفيته كما مر وذلك كقول على رضى الله عنه: احمده اولا بادئا ويقال: ما تركت له اولا ولا آخرا) اه (1) الذى ذكره المؤلف من مجئ (فعوة) بتقديم العين على الواو غير صحيح = (*)


ذلك لجاز ان يكون فعلو ان كعنفوان لان فيه ثلاثة غوالب غير الالف فانه لا كلام في زيادة إذا امكن ثلاثة اصول غيره: النون مع ثلاثة أصول وكذا الواو والهمزة فإن حكمت بزيادة الهمزة مع الواو فهو افعوال ولم يأت في الاوزان وإن حكمت بزيادة الهمزة مع النون فهو افعلان كأستقان (1) وأقحوان (2) واسحوان (3) وان حكمت بزيادة الواو والنون فهو فعلوان كعنفوان فقد تردد بين الافعلان والفعلوان فحكمنا بأنه أفعلان لشهادة الفعوة
__________
= والذى جاء هو (فوعة) بتقديم الواو وأفعى مما حدث فيه قلب مكاني.
وكذا الافعوان واصل افعى افوع واصل أفعوان أفوعان قال أبو العلاء: زعم سيبويه ان أكثر ما يستعمل أفعى اسما فيجب على هذا أن تنون افعى والناس يقولونه
يغير تنوين وكلا الوجهين حسن ويدل على انه عندهم كالاسم لا الوصف قولهم في الجمع: الافاعى ولو كان الوصف غالبا عليه لقالوا: فعو في الجمع كما قالوا: اقنى وقنو وإنما هو مقلوب كأنه افوع من فوعة السم وهو حدته وسورته فقلب كما قالوا: عاث وعثا وتفعى الرجل إذا تنكر للقوم كأنه صار كالافعى قال: رأته على فوت الشباب وإنه * تفعى لها إخوانها ونصيرها) اه وقال في اللسان: (وفوعة السم: حدته وحرارته.
قال ابن سيده: وقد قيل: الافعوان منه فوزنه على هذا أفلعان) اه والذى غر ابن الحاجب والرضى أن سيبويه قال: إن وزن أفعى أفعل وان وزن افعوان افعلان (انظر الكتاب ح 2 ص 317، 345) وقد ذكر مثل ذلك الجوهرى في الصحاح (1) الاستقان بضم الهمزة والتاء بينهما سين مهملة ساكنة - كذا وقع في جميع الاصول وقد بحثنا عن هذه الكلمة في كتب اللغة والصرف التى بأيدينا فلم نعثر عليها ولعلها محرفة عن الا ثعبان وهو الوجه الفخم في حسن وبياض ووزنه افعلان (2) الاقحوان: نبت طيب الريح حواليه ورق ابيض ووسطه اصفر وجمعه اقاح وتصغيره اقيحيان (3) الاسحوان: الجميل الطويل والكثير الاكل (*)


والمفعاة ولا دليل في افعى سواء صرفته اولا على انه افعل إذ يجوز ان يكون المنون ملحقا بجعفر كعلقى وغير المنون بنحو سلمى فقوله (لمجئ افعى) فيه نظر قوله (إضحيان) يقال: يوم إضحيان: أي مضئ وليلة اضحيانة من (ضحى) أي: ظهر وبرز ولولا الاشتقاق هنا ايضا لعرفنا بعدم النظير انه
افعلان كاسحمان لجبل واربيان لنوع من السمك معروف بالروبيان لان فعليان وافعيالا لم يثبتا قوله (خنفقيق) هو الداهية من الخفق وهو الاضطراب لان فيها اضطرابا وقلقا لمن وقع فيها وهى ايضا مضطربة متزلزلة ولولا الاشتقاق لجاز ان يكون التضعيف هو الزائد فقط لكونه غالبا في الزيادة وتكون النون اصلية لانها ليست من الغوالب فيكون خنفقيق ملحقا بسلسبيل بزيادة النون والتضعيف قوله (عفرنى) هو الاسد القوى المعفر لفريسته والعفر [ بالتحريك ] التراب ولو لا الاشتقاق لم نحكم الا بزيادة الالف لان النون ليست من الغوالب في موضعها وهو ملحق بسفر جل ويقال للناقة: عفرناة قال: (فان رجع الى اشتقاقين واضحين كأرطى واولق حيث قيل: بعير آرط وراط واديم ماروط ومرطى ورجل مألوق ومولوق جاز الامران وكحسان وحمار قبان حيث صرف ومنع) اقول: يجوز ان يكون ارطى فعلى لاشتقاق آرط ومأر وط منه والالف للالحاق لقولهم ارطاة وان يكون افعل بدليل راط ومرطى والارطى: من شجر البر يدبغ بورقه والاونق: الجنون يجوز ان يكون فوعلا بدليل مألوق وان يكون افعل بدليل مولوق وقوله (جاز الامر ان) أي: زيادة اول الحرفين واصالة الاخير والعكس


قوله (وكحسان وحمار قبان (1)) فان الاول يرجع الى الحسن أو الى الحس وهما اشتقاقان واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه وكذا الثاني يرجع الى القبب وهو الضمور أو الى القبن وهو الذهاب في الارض وهما ايضا
فيه واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه فجواز صرف الكلمتين وترك صرفهما دليل على رجوعهما الى اشتقاقين واضحين قال: (والا الاكثر الترجيح كملاك قيل: مفعل من الالوكة ابن كيسان: فعال من الملك أبو عبيدة: مفعل من لاك: أي ارسل وموسى مفعل من اوسيت: أي حلقت والكوفيون فعلى من ماس.
وانسان فعلان من الانس وقيل: افعان من نسي لمجئ انيسيان وتربوت فعلوت من التراب عند سيبويه لانه الذلول وقال في سبروت: فعلول وقيل: من السبر وقال في تنبالة: فعلالة وقيل: من النبل للصغار لانه القصير وسرية قيل: من السر وقيل: من السراة ومئونة قيل: من مان يمون وقيل: من الاون لانها ثقل وقال الفراء: من الاين واما منجنيق فان اعتد بجنقونا فمنفعيل والا فان اعتد بمجانيق ففنعليل والا فان اعتد بسلسبيل على الاكثر ففعلليل والا ففعلنيل ومجانيق يحتمل الثلاثة ومنجنون مثله لمجئ منجنين الا في منفعيل ولولا منجنين لكان فعللولا كعضر فوط وخندريس كمنجنين) اقول ل: قوله (والا) أي: ان لم يكن في الكلمة اشتقاق واضح بل فيها اشتقاق غير واضح كما في تنبالة وتربوت وسبروت أو فيها اشتقاقان
__________
(1) انظر (ص 248 من هذا الجزء) (*)


احدهما اوضح من الاخر كما في ملك وموسي وسرية فالاكثر ان في كلا الموضعين الترجيح ففى الاول: أي الذى فيه اشتقاق واحد غير واضح يرجح بعضهم غلبة
الزيادة أو عدم النظير على ذلك الاشتقاق ان عارضه واحد منهما وبعضهم يعكس ولا منع من تجويز الامرين وان لم يعارضه احدهما فاعتباره اولى فمثال تعارض الاشتقاق البعيد وقلة النظير تنبالة قال سيبويه: هو فعلالة فان فعلالا كثير كسرداح (1) وتفعال قليل كتلقاء وتهواء كما ذكرنا في المصادر ورجح بعضهم الاشتقاق البعيد فقال: هو تفعالة من النبل وهو الصغار لان القصير صغير وكذا في سبروت (2) رجح سيبويه عدم النظير على الاشتقاق فقال هو فعلول كعصفور وليس بفعلوت لندرته والاولى ههنا كما ذهب إليه بعضهم ترجيح الاشتقاق والحكم بكونه فعلوتا ملحقا بعصفور - وان بدر - بشهادة الاشتقاق الظاهر لان السبروت الدليل الحاذق الذى سبر الطرق وخبرها وهذا اشتقاق واضح غير بعيد حتى يرجح عليه غيره ولم يحضرني مثال تعارض الاشتقاق البعيد وغلبة الزيادة ومثال مالا تعارض لشئ منهما لا لعدم
__________
(1) وقع في جميع اصول الكتاب (كسرواح) بالواو قبل الالف وهو خطأ والصواب ما اثبتناه.
والسرداح ومثله السرتاح: الناقة الكريمة (2) قال في اللسان (س ب رت): (السيروت: الشئ القليل مال سبروت قليل والسبروتة ايضا: المفلس.
وقال أبو زيد: رجل سبروت وسبريت وامراة سبروتة وسبريتة إذا كانا فقيرين.
والسبروت: الارض الصفصف وفى الصحاح الارض القفر والسبروت الطويل) اه بتصرف.
وقال ايضا.
في مادة (س ب ر): (والسبرور: الفقير كالسبروت حكاه أبو على وانشد تطعم المعتفين مما لديها * من جناها والعائل السبرورا قال ابن سيده: فأذا صح هذا فتاء سبروت زائدة) اه ولم يعثر فيما بين يدينا من كتب اللغة على ان السبروت بمعنى الدليل الحاذق كما قال المؤلف (*)


النظير ولا للغلبة تربوت فسيبويه اعتبر الغلبة والاشتقاق البعيد وقال: هو من التراب لان التربوت الذلول وفى التراب معنى الذلة قال تعالى (أو مسكينا ذا متربة) وقال بعضهم: التاء بدل من الدال.
وهو من الدربة وهو قريب لو ثبت الابدال ولو ترك اعتبار الاشتقاق ايضا لم يكن فعلولا كقربوس (1) لان التاء من الغوالب وفى الثاني: أي الذى فيه اشتقاقان احدهما اوضح من الاخر.
الاكثر ترجيح الاوضح وجوز بعضهم الامرين وذلك نحو ملك واصله ملاك بدليل قوله: 121 - فلست لانسي ولكن لملاك تنزل من جو السماء يصوب (2)
__________
(1) القربوس: مقدم السرج المنحني (2) نسب البغدادي هذا البيت لعلقمة بن عبدة المعروف بعلقمة الفحل ولعلقمة قصيدة على هذا الوزن والروى ومطلعها قوله: طحا بك قلب في الحسان طروب * بعيد الشباب عصر حان مشيب يكلفني ليلى وقد شط وليها * وعادت عواد بيننا وخطوب ولم يرو بيت الشاهد في هذه القصيدة احد ممن جمع ديوان علقمة ولا ممن شرحه ولكن بعض الناشرين لديوان علقمة مع شرح الاعلم زعم ان المفضل زاد في هذه القصيدة ابياتا منها بيت الشاهد وقد رجعنا الى المفضليات والى شرحها لابن الانباري فلم نعثر على هذا البيت فيما رواه احدهما وقال ابن برى - كما في اللسان -: البيت لرجل من عبد الفيس يمدح النعمان وقيل: هولانى وجزة يمدح عبد الله بن الزبير وقيل: هو لعلقمة.
والانسى: واحد الانس ويروى في مكانه (لجني) وهو واحد الجن وقوله (ولكن الملاك) روى في مكانه صاحب اللسان (ولكن ملاكا) وخبر لكن على هذا محذوف: أي ولكن ملاكا انت
وقد يكون ملاكا على هذه الرواية معمول خبر لكن وقد حذف اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو السماء: هو الهواء الذى بينها وبين الارض وبصوب: ينزل يريد ان افعالك لا تشبه افعال الانس = (*)


وايضا بدليل قولهم في الجمع ملائكة الزموا الواحد التخفيف لكثرة استعماله كما الزموا يرى وارى فقال الكسائي: هو مفعل من الالوكة وهى الرسالة فالملك رسول من قبله تعالى الى العباد وكذا ينبغى ان يقول في قولهم (الكنى إليه) أي كن رسولي إليه: ان اصله االكنى ثم الئكنى ثم خفف بالنقل والحذف لزوما وقال أبو عبيدة: ملاك مفعل من لاكه أي ارسله فكأنه مفعل بمعنى المصدر جعل بمعنى المفعول لان المصادر كثيرا ما تجعل بمعنى المفعول قال 122 - * دار لسعدى اذه من هواكا (1) * أي: مهويك و (الكنى) عنده ليس بمقلوب وملاك عند الكسائي بمعنى الصفة المشبهة ومذهب ابى عبيدة اولى لسلامته من ارتكاب القلب وقال ابن كيسان: هو فعال من الملك لانه مالك للامور التى جعلها الله إليه وهو اشتقاق بعيد وفعأل قليل لا يرتكب مثله الا لظهور الاشتقاق كما في شمأل قوله: (موسى) موسى التى هي موسى الحديد عند البصريين من (اوسيت) أي حلقت وهذا اشتقاق ظاهر وهو مؤنث سماعي كالقدر والنار والدار قال:
__________
= فلست بولد انسان انما انت ملاك افعاله عظيمة لا يقدر عليها احد.
والاستشهاد بالبيت في قوله (لملاك) حيث يدل على ان اصل الملك ملاك نقلت حركة الهمزة الى الساكن قبلها ثم حذفت الهمزة وذلك كما يقولون في مسألة مسلة ولكنهم
التزموا هذا التخفيف في ملك كما النزموه في ذرية ونبى على المشهور من كلام النحاة وسيأتى في باب تخفيف الهمزة (1) هذا بيت من مشطو الرجز وقلبه: * هل تعرف الدار على تبراكا * وتبراك: موضع ببلاد بنى فقعس والاستشهاد بالبيت هنا في قوله (هواكا) حيث استعمل المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعمل الخلق بمعنى المخلوق في قوله تعالى: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه) (*)


123 - فان تكن الموسى جرت فوق بظرها فما ختنت الا ومصان قاعد (1) وهى منصرفة قبل العلمية غير منصرفة معها كعقرب ثم تنصرف بعد التنكير وقال أبو سعيد الاموى: هو مذكر لكونه مفعلا قال أبو عبيدة: لم يسمع التذكير فيه الا من الاموى وجوز السيرافى اشتقاقه من (اسوت الجرح) أي اصلحته فأصله مؤسي بهمز الفاء وقال الفراء: هي فعلى فلا تنصرف في كل حال لكونه كالبشرى وهو عنده من الميس لان المزين يتبختر وهو اشتقاق بعيد قلبت عنده الياء واوا لانضمام ما قبلها على ما هو مذهب الاخفش (2) في مثله كما يجئ في باب الاعلال واما موسى اسم رجل فقال أبو عمرو بن العلاء: هو ايضا مفعل بدليل انصرافه بعد التنكير وفعلى لا ينصرف على كل حال وقال ايضا: ان مفعلا اكثر من فعلى فحمل الاعجمي على الاكثر اولى وهو ممنوع لان فعلى يجئ مؤنثا لكل افعل تفضيل ومفعل لا يجئ الا من باب افعل يفعل فهو عنده لا ينصرف [ علما للعجمة والعلمية وينصرف (3) ] بعد التنكير كعيسى وقال الكسائي:
__________
(1) هذا البيت لاعشى همدان من كلمة له اولها: لعمرك ما ادرى وانى لسائل * ابظراء ام مختونة ام خالد وبعده بيت الشاهد وبعده قوله: ترى سواة من حيث اطلع رأسه * تمر عليها مرهفات الحدائد وفى بيت الشاهد الاقواء وهو اختلاف حركة الحرف الذى عليه روى القصيدة.
والبيت في هجاء خالد القسرى.
والمصان: الحجام لانه يمص الدماء ويقال: المراد بالمصان ابنها خالد من قولهم: يا ماص بظر امه وعلى الاول يهجوه بان امه متبذلة قليلة الحياء فكنى عن ذلك بانه قد ختنها رجل وعلى الثاني يهجوه بانها لم تخنتن حتى كبر ابنها (2) ليس هذا مذهب الاخفش وحده بل مذهب جميع النحاة (3) هذه الزيادة ساقطة من جمع النسخ المطبوعة وقد اثبتناها وقافا للخطيات (*)


هو فعلى فينبغي ان يكون الفه للالحاق بجخدب والا وجب منع صرفه بعد التنكير قوله (انسان) الاولى ان يقال: فعلان وانيسيان شاذ كعشيشيان على ما مر في التصغير فهو مشتق من الانس لانه يأنس بخلاف الوحش وقيل: هو من الايناس: أي الابصار كقوله تعالى: (آنس من جانب الطور نارا) لانه يؤنس: أي يبصر ولايجتن بخلاف الجن وقيل: انسيان كاضحيان من النسيان إذ اصل الانسان آدم وقد قال تعالى فيه: (فنسى ولم نجد له عزما) ويقويه تصغيره على انيسيان والاشتقاق من النسيان في غاية البعد وارتكاب شذوذ التصغير كما في لييلية اهون من ادعاء مثل ذلك الاشتقاق قوله (وسرية) الظاهر انها مشتقة من السر وضم السين من تغييرات
النسب الشاذة كدهري وسهلي وهو اما من السر بمعنى الخفية لانها امة تخفى من الحرة وهذا قول ابى بكر بن السرى واما من السر بمعنى الجماع لانها لذلك لا للخدمة وهذا قول السيرافى يقال: تسررت جارية وتسريت كتظنيت وقال الاخفش: هي من السرور لانه يسر بها وقيل: هو من السرى: أي المختار لانها مختارة على سائر الجوارى وقيل: من السراة وهى اعلى الشئ لانها تركب سراتها فهى على هذين القولين فعيلة كمريق وهو العصفر وهذا وزن نادر وايضا قولهم: (تسررت) براءين - يمنعهما وان كان تسريت يوافقهما قوله (ومئونة) يقال: هو [ من ] (مانه يمونه) إذا احتمل مئونته وقام بكفايته وهذا الشتقاق ظاهر واصله موونة بالواو قلبت الواو المضمومة همزة وقيل: هو من الاون وهو احد العدلين لان المئونة ثقل فهمزته اصلية واصله مأونة


كمكرمة وهو ابعد من الاشتقاق الاول لان الثقل لازم المئونة في الاغلب وقال الفراء: هو من الاين وهو الاغياء وهو ابعد من الاشتقاق الثاني واصله مأينة نقلت الضمة الى ما قبلها وقلبت الياء واوا على ما هو اصل الاخفش قوله (فان اعتد بجنقونا) حكى الفراء (جنقناهم) وزعم ان المنجنيق مولدة: أي اعجمية وهم إذا اشتقوا من الاعجمي خلطوا فيه لانه ليس من كلامهم فقولهم (جنقونا) وقول الاعرابي (كانت بيننا حروب عون تفقأ فيها العيون مرة نجنق واخرى نرشق) (1) من معنى منجنيق لا من لفظه كدمث ودمثر (2) وثرة وثرثار وانما تجنبوا من كونه من تركيب جنق لان زيادة حرفين في اول اسم غير جار على الفعل كمنطلق قليل نادر عندهم وذلك كانقحل وكون منجنيق منفعيلا لشبهة جنقونا مذهب المتقدمين
قوله (والا) أي: وان لم يعتد بحنقونا كما ذكرنا فان اعتد بمجانيق فهو فنعليل لان سقوط النون في الجمع دليل زيادته فإذا ثبت زيادة النون فالميم اصل لئلا يلزم زيادة حرفين في اول اسم غير جار على الفعل قوله (والا) أي: وان لم يعتد بمجانيق فيه نظر وذلك لانه جمع منجنيق عند عامة العرب فكيف لا يعتد به ؟ وفى الجمع لا يحذف من حروف
__________
(1) هذا من كلام اعرابي وقد سئل: كيف كانت حروبكم ؟ فقاله والعون: جمع عوان وهى الحرب التى تقدمتها حرب اخرى ونجنق: نرمى بالمجانيق ونرشق: ترمى بالسهام والمجانيق: جمع منجنيق - بفتح الميم وكسرها - ومثله المنجنون وهى القذافة التى ترمى بها الحجارة وهو اعجمي معرب.
وهى مؤنثة قال زفر بن الحرث: لقد تركتني منجنيق ابن بحدل * احيد عن العصفور حين يطير (2) الدمث: السهل الخلق وبابه فرح ودماثة ايضا واصل ذلك من الدمث بمعنى الارض السهلة اللينة التى لا يشق السير عليها والدمثر - كسبطر وعليط وجعفر - بمعناه.
(*)


مفرده الاصول الا الخامس منها فحذفهم النون بعد الميم دليل على زيادتها وليس مجانيق كجنقونا حتى لا يعتد به لان ذلك حكاية عن بعض الاعراب ومجانيق متفق عليه وكونه فنعليلا مذهب سيبويه وانما حكم بذلك لانه ثبت له بجمعه على مجانيق زيادة النون واصالة الميم كما ذكرنا ولم يحكم بزيادة النون الثانية ايضا لوجهين: احدهما ندور فنعنيل بخلاف فنعليل كعنتريس وهى الناقة الشديدة من العترسة وهى الشدة والثانى ان الاصل اصالة الحروف الا ان يقوم على زيادتها دليل قاهر قوله (فان اعتد بسلسبيل على الاكثر) يعنى ان ثبت في كلامهم فعلليل بزيادة الياء فقط وذلك ان اكثر النحاة على ان سلسبيلا فعلليل وقال الفراء:
بل هو فعفليل وكذا قال في درد بيس وذلك لتجويزه تكرير حرف اصلى مع توسط حرف [ اصلى ] بينهما كما مر وفى قول المصنف هذا ايضا نظر وذلك لان فعلليلا ثابت وان لم يثبت ان سلسبيلا فعلليل وذلك بنحو برقعيد لقصبة في ديار بيعة وعلطميس (1) للشابة.
ولو لم يجمع منجنيق على مجانيق لكان فعلليلا سواء ثبت بنحو برقعيد فعلليل اولا وذلك لان جنقونا كما قلنا غير معتد به والاصل ان لانحكم بزيادة حرف الا إذا اضطررنا إليه: اما بالاشتقاق أو بعدم النظير أو بغلبة الزيادة فان قيل: إذا لزم من الحكم بزيادة حرف وزن غريب ومن الحكم باصالته وزن [ آخر ] غريب فالحكم بزيادته اولى لان ذوات الزوائد اكثر من ابنية الاصول قلت: ذاك ان لم يكن في اللفظ زائد متفق عليه والياء في نحو منجنيق
__________
(1) في القاموس: العلطميس - - كزنجبيل -: من النوق الشديدة الغالية والهامة الضخمة الصلعاء والجارية التارة الحسنة القوام والكثير الاكل الشديد البلع (*)


مقطوع بزيادته فمثل هذا البناء على أي تقدير كان من ذوات الزائد فلو لم يثبت مجانيق لكنا نجمع منجنيقا على مناجن بحذف الحرف الاخير كسفارج قوله (والا ففعلنيل) يعنى ان لم يثبت ان سلسبيلا فعلليل بل كان فعفليلا كما قال الفراء فمنجنيق فعلنيل وفى هذا كما تقدم نظر لانه وان لم يثبت كون سلسبيل فعلليلا بنحو برقعيد وعلطميس فهو وزن ثابت على كل حال قوله (ففعلنيل) لان الوجوه العقلية المحتملة سبعة وذلك لان الميم اما اصلية أو زائدة فان كانت اصلية فان كان النونان ايضا كذلك فهو فعلليل وان كانا زائدين فهو فنعنيل من مجق وان كان الاول اصلا دون الثاني فهو
فعلنيل من منجق وان كان العكس فهو فنعليل من مجنق وان كان الميم زائدا فان كان النونان اصليين فهو مفعليل من نجنق وان كان الاول اصلا دون الثاني فهو مفعنيل من نجق وان كان العكس فهو منفعيل من جنق ومع زيادة الميم لا يجوز ان يكون النونان ايضا زائدين لبقاء الكلمة على اصلين وهما الجيم والقاف والياء زائدة على كل تقدير إذ امكن اعتبار ثلاثة اصول دونها فمن هذه السبعة الاوجه لا يثبت فعلليل ان لم يثبت سلسبيل على الاكثر على ما ادعى المصنف وقد ذكرنا ما عليه ومنفعيل إذ لا يزاد الميم في الاول مع اربعة اصول بعدها كما يجئ الا في الجارى على الفعل مع غرابة الوزنين اعني منفعيلا ومفعليلا فيبقى بعد الثلاثة: فنعنيل وفعلنيل ومفعنيل وفنعليل والكل نادر الا فنعليلا كعنتريس قوله (ومجانيق يحتمل الثلاثة) لانه ان كانت الميم زائدة فهو مفاعيل لاغير وان كانت اصلية فهو اما فعاليل أو فعانيل (1) والثانى لم يثبت فهو اما مفاعيل
__________
(1) انت تعلم ان ابن الحاجب رحمه الله قد بنى كلامه في منجنيق على وجهين: الاول ان يعتد بقولهم: جنقونا والثانى ان لا يعتد به وانه حكم على منجنيق على الوجه الاول = (*)


على ما اختاره بعضهم في منجنيق انه من جنق واما فعاليل على ما اختار سيبويه في منجنيق واظن أن هذا اللفظ - اعني (ومجانيق يحتمل الثلاثة) - ليس من المتن إذ لا فائدة فيه لان الجمع يعتبر وزنه بوزن واحده ويتبعه في أصالة الحروف وعدم اصالتها ولا يكون له حكم برأسه ولم يتعرض المصنف في الشرح لهذا اللفظ ولو كان من المتن لشرحه قوله (ومنجنون مثله) [ أي مثل ] منجنيق في احتمال الاوجه المذكورة وذلك لكون منجنين وهو لغة في منجنون يحتمل الاوجه المذكورة لكونه
كمنجنيق الا ان احدى اللامين فيه لابد من الحكم بزيادتها إذا حكمت بأصالة الميم والنون الاولى معا أو باصالة احداهما لان التضعيف لا يكون اصلا مع ثلاثة اصول دونه أو اربعة كما مر في اول الكتاب ويسقط من الاوجه السبعة فنعنيل وفعلنيل ومفعنيل ويجئ فعلليل وفنعليل ومفعليل ومنفعيل ويستبعد منفعيل كما ذكرنا في منجنيق ولم يجئ جن في منجنين كما جاء جنق في منجنيق حتى يرتكب هذا الوزن المستبعد ومفعليل غريب وفعلليل ثابت
__________
= بأنه على زنة (منفعيل) فأصوله الجيم والنون التى بعدها والقاف والميم والنون الواقعتان في اول الكلمة زائدتان وعلى الوجه الثاني بانه يحتمل (فنعليلا) فالميم والجيم والنون الثانية والقاف اصول والنون الاولى والياء زائدتان ويحتمل (فعلليلا) فالزائد الياء ويحتمل (فعلنيلا) فالنون الثانية والياء زائدتان وعلى هذا يكون قوله (ومجانيق يحتمل الثلاثة) إشارة الى الاوزان المذكورة بعد عدم الاعتداد بجنقونا وعلى هذا يكون (مجانيق) إما على زنة (فعاليل) ان كان مفرده (فنعليلا) أو (فلاليل) ان كان مفرده (فعلليلا) أو يكون على زنة (فلانيل) إن كان مفرده (فعلنيلا) ومن هذا كله يتبين لك ان قول الرضى (أو فعانيل) خطأ والصواب ان يقول (اما فعاليل أو فلا ليل أو فلا نيل) وقوله (لانه ان كانت الميم زائدة فهو مفاعيل لاغير) لا يدخل في شرح هذه العبارة من كلام المصنف ولكنه من تتمة الفروض في هذه الكلمة (ج 2 - 23) (*)


كبر قعيد فمنجنين إما فعلليل ملحق ببرقعيد بتكرير اللام والنون الاولى اصلية فيكون كعرطليل والعرطل والعرطليل: الطويل واما فنعليل ملحق به ايضا بزيادة النون وتكرير اللام فهو كخنشليل (1) وقد ذكر سيبويه
في منجنون ايضا مثل هذين الوجهين فقال مرة: هو ملحق بعضر فوط (2) بتكرير النون فيكون رباعيا ملحقا بالخماسى وقال مرة: إنه ملحق بعضر فوط بزيادة النون الاولى واحدى النونين الاخيرين فهو اذن ثلاثى ملحق بخماسى والاولى الحكم عليه بفعللول وعلى منجنيق بفعلليل لعدم الدليل على زيادة النون الاولى والاولى الحكم بأصالة الحرف ما لم يمنع منه مانع واما إحدى النونين الاخيرين فالغلبة دالة على زيادتها وجمع منجنون ومنجنين على مناجين كذا يجمعهما عامة العرب سواء كان فنعلولا اوفعللولا لان حذف احدى النونين الاخيرين لكونها طرفا أو قريبة من الطرف اولى من حذف النون التى بعد الميم والظاهر ان الزائد من المكرر هو الثاني كما يجئ إذ لو كان الاول لجاز مناجن ومناجين بالتعويض من المحذوف وترك التعويض (3) كما في سفارج وسفاريج
__________
(1) الخنشليل: المسن ويقال: عجوز خنشليل إذا كانت مسنة وفيها بقية (2) العضر فوط: دويبة (انظر ج 1 ص 9، 51) (3) اعلم ان منجنونا اما ان يكون (فنعلولا) واما ان يكون (فعللولا) ومعنى هذا ان الميم في اولها اصل والواو بين النونين الاخيرتين زائدة والنون التى بعد الميم زائدة على الاول اصلية على الثاني واحدى النونين الاخريين زائدة على الخلاف الانى ذكره في كلام المؤلف ثم اعلم ان مناجين الذى سمع في جمعه لا يقطع بالدلالة على زيادة اولى النونين الاخريين كما لا يقطع بزيادة ثانيتهما وبيان ذلك انك ان فرضت زيادة اولاهما واردت جمعه وجب ان تقول: مناجين بحذف هذه النون الزائدة وقلب الواو ياء لانها مد قبل الاخر الاصلى وان فرضت زيادة الثانية جاز لك ان تقول في الجمع: مناجين.
فتحذف النون الاخيرة والواو التى قبلها ثم تعوض عن المحذوف ياء قبل الاخر فالفرق بين الحالين ان = (*)


قوله (ولولا منجنين لكان فعللولا) يعنى منجنين كمنجنيق فيحتمل جميع ما احتمله منجنيق من الاوزان فلذلك يحتمل منجنون ما احتمله منجنين ولو لا منجنين لكان منجنون كعضر فوط وهذا قول فيه ما فيه وذلك انا بينا ان منجنينا لا يحتمل الا فعلليلا على الصحيح وفنعليلا على زيادة النون الاولى كما اجاز سيبويه وقد ضعفناه وكذ منجنون فعللول على الصحيح وفنعلول على ما اجازه سيبويه وعلى كلا التقديرين هو ملحق بعضر فوط فما معنى قوله (ولولا منجنين لكان فعللولا) وهو مع وجوده فعللول ايضا ؟ قوله (وخندريس (1) كمنجنين) لا شك في زيادة احدى النونين الاخيرين في منجنين وليس ذلك في خندريس ونون خندريس اصل على الصحيح لعدم قيام الدليل على زيادتها ومن قال في منجنين انه فنعليل كعنتريس لم يمتنع ان يقوله في خندريس ايضا هذا آخر ما ذكره المصنف من حكم الاشتقاق وتقسيمه ان يقال: ان كان في الاسم اشتقاق فهو اما واحد اولا والواحد اما ظاهر اولا والذى فوق الواحد اما ان يكون الجميع ظاهرا أو الجميع غير ظاهر أو بعضه ظاهرا دون الاخر فالواحد الظاهر يحكم به كما في رعشن (2) وبلغن
__________
= الياء على الاول واجبة وهى منقلبة عن الواو وعلى الثاني جائزة وهى زائدة للعوض ومن هنا تعلم ان كلام المؤلف فاسد لانه علل الحكم بزيادة الثانية بالتزامهم مناجين ووجه فساده ان هذا الالتزام لا يقطع باحد الوجهين وانما يكون مرجحا ثم هو يرجح الذى نفاه المؤلف وهو ان الاولى هي الزائدة وهذا بعينه يجرى في منجنين (1) الخندريس: القديم من الحنطة ومن الخمر قال ابن دريد: (احسبه معربا)
(2) انظر (ح 1 ص 59) وانظر ايضا (ص 333 من هذا الجزء) (*)


والواحد غير الظاهر ان عارضه مرجح آخر من الغلبة أو خروج الكلمة عن الاصول اختلف فيه: هل يحكم به أو بالمرجح [ الاخر ] ؟ وان لم يعارضه فهل يحكم بالاشتقاق أو بكون الاصل اصالة الحروف ؟ فيه تردد وما فوق الواحد ان كانا ظاهرين احتملهما كأولق وان كان احدهما ظاهرا دون الاخر فالاولى ترجيح الظاهر كما في مؤونة وسرية وان كانا خفيين وفيه مرجح آخر فهل يحكم باحدهما أو بالمرجح الاخر ؟ فيه التردد المذكور فان حكم بهما: فان استويا احتملهما وان كان احدهما اظهر حكم به وان لم يكن فيه مرجح آخر حكم بهما على الوجه المذكور وانما قدم الاشتقاق المحقق على الغلبة وعدم النظير وكون الاصل اصالة الحروف لان المراد بالاشتقاق كما ذكرنا اتصال احدى الكلمتين بالاخرى كضارب بالضرب أو اتصالهما باصل كضارب ومضروب بالضرب وهذا الاتصال امر معنوى محقق لا محيد عنه بخلاف الخروج عن الاوزان فانه ربما تخرج الكلمة عن الاوزان بنظر جماعة من المستقرئين ولا تخرج في نفس الامر إذ ربما لم يصل إليهم بعض الاوزان وبتقدير الخروج عن جميع الاوزان يجوز ان تكون الكلمة شاذة الوزن وكذا مخالفة غلبة الزيادة لا تؤدى الى مستحيل بل غاية امرها الشذوذ ومخالفة الاكثر وكذا مخالفة كون اصل الحروف الاصالة ثم ان فقدنا الاشتقاق ظاهرا أو خفيا نظرنا: فان كان حرف الكلمة الذى هو من حروف (سألتمونيها) من الغوالب في الزيادة كما سيجئ أو كان الحكم باصالة ذلك الحرف يزيد بناء في ابنية الرباعي أو الخماسي الاصول اعني المجردة عن الزائد أي الامرين كان حكمنا بزيادة ذلك الحرف ولا نقول: ان
الاصل اصالة الحرف لان الامرين المذكورين مانعان من ذلك الاصل


ولو تعارض الغلبة وعدم النظير رجحنا الغلبة كما لو كان الحكم بزيادة الغالب يؤدى الى وزن مجهول والحكم باصالته لا يؤدى الى ذلك حكمنا بزيادة الغالب كما نقول في سلحفية (1) فعلية وهو وزن غريب وفعللة كقذ علمة غير (2) غريب وذلك لانا نقول اذن: هذا الغريب ملحق بسبب هذه الزيادة بذلك الذى هو غير غريب فنقول: ان كان الحكم باصالة الغالب يؤدى الى وزن غريب في الرباعي أو الخماسي المجردين عن الزائد والحكم بزيادته يؤدى الى غريب آخر في ذى الزيادة كتتفل (3) فان فعللا بضم اللام وتفعلا نادران وكذا قنفخر (4) فان فعللا وفنعلا غريبان حكمنا بزيادة الغالب لان الاوزان المزيد فيها اكثر من المجرد الا المزيد فيه من الخماسي فانه لا يزيد زيادة بينة على المجرد من ابنية الخماسي كما تبين قبل لكن المزيد فيه منه لا يلتبس بالمجرد من الزيادة إذ الاسم المجرد لم يات فوق الخماسي وان كان الحكمان لا يزيد واحد منهما بناء غريبا فالحكم بزيادة الغالب واجب لبقاء مرجح الغلبة سليما من المعارض
__________
(1) انظر (ح 1 ص 261 ه 3) (2) انظر (ح 1 ص 51) (3) التتفل - بفتح التاء الاولى وسكون الثانية وضم الفاء أو بضمتين بينهما سكون أو بكسر اوله وفتح ثالثه أو بفتح الاول والثالث أو بكسرهما -: الثعلب وقيل: ولده (4) القنفخر - بضم القاف وسكون النون وفتح الفاء وسكون الخاء وبكسر
اوله ايضا -: الفائق في نوعه والتار الناعم واصل البردى ولم يحك في القاموس الا مكسور الاول - كجرد حلو مثله القفاخر - كعلا بط والقفاخرى بزيادة ياء مشددة (*)


وان كان الحكم باصالته يزيد بناء نادرا دون الحكم بزيادته تعين الحكم بالزيادة ايضا لتطابق المرجحين على شئ واحد وان كان الامر بالعكس: أي الحكم بزيادته يؤدى الى زيادة بناء غريب دون الحكم باصالته حكم بزيادة الغالب اللالحاق كما ذكرنا في سلحفية لانه كانه فعللة لكونه ملحقا به وان كان الحكم باصالة الغالب والحكم بزيادته يزيد كل واحد منهما وزنا نادرا في ذى الزيادة لا في المجرد عنها حكمنا بزيادة الغالب ايضا لثبوت المرجح بلا معارض فان كان الحكمان لا يزيد شئ منهما بناء غريبا في المزيد فيه أو يزيد فيه احدهما دون الاخر حكمنا بزيادة الغالب لما ذكرنا الان سواء وامثلة التقديرات المذكورة لم تحضرني في حال التحرير فعلى ما ذكرنا إذا تعارض الغلبة وعدم انظير يرجح الغلبة كما يجئ في سلحفية ففى تقديم المصنف عدم النظير كما يجئ من كلامه على الغلبة نظر هذا وان كان الحرف من حروف (سالتمونيها) ليس من الغوالب ولا يؤدى اصالته الى عدم النظير فلا بد من الحكم باصالته بلا خلاف كما حكمت باصالة الهاء والميم من درهم ولام سفر جل وميم علطميس وسينه وهذا الذى ذكرنا كله إذا لم يتعدد الغالب فان تعدد فيجئ حكمه قال: (فان فقد فبخروجها عن الاصول كتاء تتفل وترتب ونون
(الخروج عن الاوزان المشهورة من ادلة الزيادة) كنتال وكنهبل بخلاف كنهور ونون خنفساء وقنفخر أو بخروج زنة اخرى لها: كتاء تتفل وترتب مع تتفل وترتب ونون قنفخر وخنفساء مع قنفخر وخنفساء وهمزة النجج مع النجوج) اقول: التتفل ولد انثعلب يقال: امر ترتب: أي راتب ثابت من رتب


رتوبا: أي ثبت وما كان له ان يعده في المفقود اشتقاقه إذ اشتقاقه ظاهر كما قلنا الكنتال بالهمز: القصير الكنهبل: من اشجار البادية الكنهور: العظيم من السحاب القنفخر: الفائق في نوعه الالنجج والالنجوج (1) واليلنجوج: العود قوله (فان فقد) أي: الاشتقاق الظاهر والخفى قوله (فبخروجها عن الاصول) أي: يعرف زيادة الحرف بخروج زنة الكلمة بتقدير اصالة الحرف لا بتقدير زيادته عن الاصول: أي الاوزان المشهورة المعروفة هذا وليس مراده بالاصول اوزان الرباعي والخماسي المجردة عن الزوائد بدليل عده النجوجا وخنفساء - بفتح الفاء - في الاوزان الاصول وهذه الكلمات التى ذكرها لم يعارض عدم النظير فيها بالغلبة لان الحروف المذكورة ليس شئ منها من الغوالب الا همزة النجوج ولا تعارض في النجوج بين الغلبة وعدم النظير لان عدم النظير لا يرجح إذا كان يلزم بكلا التقديرين زيادة وزن في المزيد فيه إذ لا يمكن الخلاص من عدم النظير ايضا في المزيد فيه: حكمت بزيادة الحرف أو باصالته فالترجيح في هذه الكلمات بعدم النظير على كون الاصل اصالة الحرف
__________
(1) قال في اللسان: (والالنجج واليلنجج: عود الطيب وقيل: هو شجر غيره
يتبخر به قال ابن جنى: ان قيل لك إذا كان الزائد إذا وقع اولا لم يكن للالحاق فكيف الحقوا بالهمزة في (النجج) وبالياء في (يلنجج) والدليل على صحة الالحاق ظهور التضعيف قيل: قد علم انهم لا يلحقون بالزائد من اول الكلمة الا ان يكون معه زائد آخر فلذلك جاز الالحاق جاز الالحاق بالهمزة والباء في (النجج) و (يلنجج) لما نضم الى الهمزة والياء النون ووالالنجوج واليلنجوج كالالنجج واليلنجج: عود بتبخر به به وهو يفنعل وافنعل وقال اللحيا: عو يلنجوج والنجوج والنجج فوصف بجميع ذلك وهو عود طيب الريح) اه (*)


وكان ينبغى ان لا يذكر المصنف ههنا الا ما يخرج عن الاصول باحد التقديرين دون الاخر لانه يذكر بعد هذا ما يخرج عن الاصول بالتقديرين معا وهو قوله (فان خرجتا معا) وتتفل وترتب يخرج عن الاصول بكلا التقديرين إذ ليس في الاوزان الاسمية تفعل وفعلل وكذا نادران وكذا خنفساء لان فعللاء وفنعلاء غريبان وكذا النجوج لان فعنلولا وافنعولا شاذان قوله (بخلاف كنهور) يعنى لو جعلنا نون كنتال اصلا لكان فعللا وهو نادر بخلاف نون كنهور فانا إذا جعلناه اصلا كان فعلولا ملحقا - بزيادة الواو - بسفر جل فلا يكون نادرا فلذا جعلنا نونه اصلا دون نون كنتال قوله (أو بخروج زنة اخرى لها) أي: إذا كان في كلمة لغتان وبتقدير اصالة حرف من حروف سالتمونيها في احدى الزنتين لا تخرج تلك الزنة عن الاصول لكن الزنة الاخرى التى لتلك الزنة تخرج عن الاصول باصالة ذلك الحرف حكمنا بزيادة ذلك الحرف في الزنتين معا فان تتفلا بضم التاء الاولى كان يجوز ان يكون كبرثن فلا يخرج عن الاصول بتقدير اصالة التاء لكن
لما خرجت تتفل بفتح التاء عن الاصول بتقدير اصالتها حكمنا بزيادة التاء في تتفل - بضم التاء ايضا تبعا للحكم بزيادتها في تتفل - بفتحها وكذا تاء ترتب وكذا نون قنفخر - بكسر القاف وان كان يجوز ان يكون فعللا كجرد حل وكذا نون خنفساء - بضم الفاء وان لم يمتنع لو لا اللغة الاخرى ان يكون كقرفصاء وكذا همزة النجج وان جاز ان يكون فعنللا حكمنا بزيادة الحروف المذكورة لثبوت زيادتها في اللغات الاخر والحق الحكم باصالة نون خنفساء في اللغتين لان وزن الكلمة على التقديرين من ابنية المزيد فيه إذ الالف


والهمزة من الزيادات اتفاقا وقد تقدم ان عدم النظير المزيد فيه بالتقديرين معا ليس لمرجح فعلى هذا لم يعرف زيادة همزة النجوج بعدم النظير لانه مزيد فيه بالاتفاق إذ الواو فيه زائد من غير تردد بل عرفنا زيادة همزته وهمزة النجج بشبهة الاشتقاق والغلبة إذ فيهما ثلاثة غوالب: الهمزة والنون والتضعيف ولا يجوز الحكم بزيادتها معا لئلا يبقى الكلمة على حرفين فحكمنا بزيادة اثنين منها ولا يجوز الحكم بزيادة النون والتضعيف ولا بزيادة الهمزة والتضعيف لان الج ولنج مهملان فحكمنا بزيادة الهمزة والنون فهو من لج كانه يلج في نشر الرائحة والنجج: ملحق بسفر جل بزيادة الهمزة والنون قال: (فان خرجتا معا فزائد ايضا كنون نرجس وحنطأو ونون جندب إذا لم يثبت جخدب الا ان تشذ الزيادة كميم مرزنجوش دون نونها إذ لم تزد الميم اولا خامسة ونون برناساء واما كنابيل فمثل خزعبيل) اقول: الحنطأو: العظيم البطن والبرناساء والبرنساء: الانسان يقال:
ما ادرى أي البرناساء هو والجندب: ضرب من الجراد وهو من الجدب واشتقاقه ظاهر فلم يكن لايراده فيما لا اشتقاق فيه وجه والجخدب: الجراد الاخضر الطويل الرجلين وكنابيل: ارض معروفة وهو غير منصرف قوله: (فان خرجتا معا) أي: خرجت الزنتان معا بتقدير اصالة الحرف وزيادته عن الاوزان الاصول حكمنا بالزيادة ايضا: لما قلنا من كثرة المزيد فيها وقلة المجرد عن الزائد فنقول في نرجس نفعل وان لم يات في الاسماء نفعل كما لم يات فعلل - بكسر اللام - واما حنطأ فقال السيرافى: الاولى ان يحكم


باصالة جميع جروفه فيكون كجرد حل ومثله كنتأو (1) وسندأو (2) وقند أو (3) وقال الفراء في مثلها: الزائد اما النون وحدها فهو فنعل واما النون مع الواو فهو فنعلو واما النون مع الهمزة فهو فنعال وجعل النون زائدة على كل حال وقال سيبويه: الواو مع ثلاثة اصول من الغوالب فيحكم بزيادتها وكل واحدة من النون والهمزة رسيلتها (4) في الامثلة المذكورة فيجعل حكم احداهما في الزيادة حكم الواو وان لم يكونا من الغوالب والحكم بزيادة النون اولى من الحكم بزيادة الهمزة لكون زيادة النون في الوسط اكثر من زيادة الهمزة قال: وانما لزم الواو الزائدة في الامثلة المذكورة بعد الهمزة لان الهمزة تخفى عند الوقف والواو تظهرها فوزنه عند سيبويه فنعلو واليه ذهب المصنف إذ لو ذهب الى ما ذهب إليه السيرافى من اصالة الواو لم يكن يزيد في الابنية المجردة وزن بتقدير اصالة النون إذ يصير فعللا كجرد حل فعلى ما ذهب إليه ليس عدم النظير بمرجح في هذا الوزن لانه من ذوات الزوائد بالتقديرين كما قلنا في النجوج وخنفساء قوله (ونون جندب إذا لم يثبت جخدب) يعنى إذا ثبت جخدب - بفتح الدال
- فلا يخرج جندب باصالة النون عن الاصول والاولى ان جندبا فنعل ثبت جخدب اولا للاشتقاق لان الجراد يكون سبب الجدب ولهذا سمى جرادا لجرده وجه الارض من النبات
__________
(1) قال في القاموس: (والكنتاو - كسند أو: الجمل الشديد والعظيم اللحية الكثها أو الحسنها) اه (2) السنداو: الخفيف وقيل: هو الجرئ المقدم وقيل: هو القصير وقيل: هو الرقيق الجسم مع عرض راس والسنداو من الابل: الفسيح في مشيه (3) القنداو: السئ الخلق والقصير من الرجال والصغير العنق الشديد الراس والجرئ المقدم (4) يريد ان كلا من الهمزة والنون تبع للواو في الحكم (*)


قوله (الا ان تشذ الزيادة) يعنى لو ادى الحكم بزيادة الحرف الى شذوذ الزيادة لم نحكم بزيادته ولو خرجت الكلمة باصالته عن الاوزان ايضا فلا يحكم بزيادة ميم مرزنجوش (1) لان الميم تشذ زيادتها في اول اسم غير جاز إذا كان بعده اربعة احرف اصول اما في الجارى كمدحرج فثابت قوله (دون نونها) أي: النون لا تشذ زيادتها فلما ثبت اصالة الميم وجب زيادة النون لان الاسم لا يكون فوق الخماسي فهى فعلنلول قوله (ونون برناساء) أي: ان وزنه فعنالاء وان كان غريبا غرابة فعلالاء إذ عدم النظير لا يرجح في المزيد فيه بالتقديرين كما مر في خنفساء ونحوه.
وما يوجد في النسخ (واما كنابيل (2) فمثل خزعبيل (3)) الظن انه وهم: اما من المصنف أو من الناسخ لان كنابيل بالالف لا بالهمزة والالف في الوسط عنده لا يكون للالحاق كما تقدم
قال: (فان لم تخرج فبالغلبة كالتضعيف في موضع أو موضعين مع (الغلبة من ادلة الزيادة) ثلاثة اصول للالحاق وغيره كقردد ومر مريس وعصبصب وهمرش وعند
__________
(1) قال في اللسان: المرزجوش: نبت وزنه فعللول بوزن عضر فوط والمرزنجوش لغة فيه) اه (2) قال ياقوت في معجم البلدان: (كنابيل بالضم وبعد الالف باء موحدة ثم ياء مثناة من تحت ولام -: موضع عن الخارزنجى وغيره وقال الطرماح بن حكيم وقيل: ابن مقبل.
دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * على عجل دهماء والركب رائح وهو من ابنية الكتاب) اه (3) الخزعبيل والخزعبل - باسقاط الياء -: الباطل والفكاهة والمزاح ومن اسماء العجب وقال ابن دريد: الخزعبيل الاحاديث المستظرفة (*)


الاخفش اصله هنمرش كجحمرش لعدم فعلل قال: ولذلك لم يظهروا) أقول: اعلم انهم [ إنما ] حكموا بزيادة جميع الحروف الغالبة في غير المعلوم اشتقاقه لانه علم بالاشتقاق زيادة كثير من كل واحد منها فحمل ما جهل اشتقاقه على ما علم فيه ذلك الحاقا للفرد المجهول حاله بالاعم الاغلب وقد ذكرنا الكلام على تقديم المصنف المعرفة بعدم النظير على المعرفة بغلبة الزيادة فلا نعيده القردد: الارض المستوية المرمريس: الداهية وهو من الممارسة لانها تمارس الرجال ففيه معنى الاشتقاق وان كان خفيا والمرمريس ايضا:
الاملس والعصبصب: الشديد وفيه اشتقاق ظاهر لانه بمعنى عصيب والهمرش: العجوز المسنة وهو عند الخيل وسيبويه ملحق بجحمرش بتضعيف الميم وقال الاخفش: بل هو فعللل والاصل هنمرش وليس فيه حرف زائد قال: النون الساكنة إنما وجب ادغامها في الميم إذا كانتا في كلمتين نحو من مالك واما في كلمة واحدة نحو أنملة فلا تدغم وكذا لو بنيت من عمل مثل قرطعب بزيادة النون قبل الميم قلت: عنمل بالاظهار لئلا يلتبس بفعل لكنه ادغم في هنمرش لانه لا يلتبس بفعلل لان فعللا لم يثبت في كلامهم قال: والدليل على أنه ليس مضعف العين للالحاق انا لم بجد من بنات الاربعة شيئا ملحقا بجحمرش قال السيرافى: بل جاء في كلامهم جرو نخورش (1): أي يخرش لكونه قد كبر
__________
(1) تقول: جرونخورش - كجحمرش - إذا تحرك وخدش ويقال: هو الخبث المقاتل ذكره في القاموس مادة (ن خ ر ش) فيدل على ان النون أصلية وذكره مرة اخرى في مادة (خ ر ش) فقال: (كلب نخورش كنفوعل - وهو من أبنية اغفلها سيبويه -: كثير الخرش) اه والقول بزيادة النون هو ما ذهب = (*)


واما همقع (1) فلم يختلف فيه انه مضعف العين لا هنمقع لعدم فعللل فإذا صغرت همرشا عند الاخفش قلت: هنيمر وعند سيبويه: هميرش.
قوله (لعدم فعلل) الاخفش لا يخص فعللا بل يقول: لم يلحق من الرباعي بجحمرش شئ لا على فعلل ولا على غيره.
قوله (ولذلك لم يظهروا) أي: لعدم التباسه بغعلل إذ لم يوجد.
قال: (والزائد في نحو كرم الثاني وقال الخليل: الاول وجوز (تعيين الزائد من حرفي التضعيف)
سيبويه الامرين).
اقول: قال سيبويه: سالت الخليل عن الزائد في نحو سلم فقال: الاول لان الواو والياء والالف يقعن زوائد ثانية كفوعل وفاعل وفيعل وكذا قال في نحو جلبب وخدب لوقوع الواو والياء والالف زائدة ثالثة كجدول وعثير وشمال وكذا في نحو عدبس (2) لكونه كفدوكس (3) وعميثل (4) وكذا قفعدد (5) لكونه ككنهور وغير الخليل جعل الزوائد هي الاخيرة في
__________
= إليه ابن سيده وتبعه أبو الفتح محمد بن عيسى العطار وقالا: ليس في الكلام نفوعل غيره والاشتقاق يؤيد ما ذهبا إليه فان الخرش هو الخدش (1) الهمقع - بضم الهاء وتشديد الميم مفتوحة بعدها قاف مكسورة فعين مهملة -: الاحمق وانثاه همقعة وهو ايضا ثمر التنضب ولا نظير له في الوزن الا زملق ويقال: همقع - كعلبط والزملق: من يقضى شهوته قبل ان يفضى الى المرأة ويقال فيه: زملق.
وزمالق - كعلبط وعلابط (2) العدبس - كعملس -: الشديد الموثق الخلق من الابل وغيرها والشرس الخلق والضخم الغليظ وكنوا ابا العدبس (3) الفدوكس كسفرجل -: الاسد والرجل الشديد وجد الاخطل التغلبي (4) عميثل - كسفرجل -: البطئ والضخم الشديد والجلد النشيط (5) الفقعدد - كسفرجل -: القصير مثل به سيبويه وفسره السيرافى (6) انظر (ح 1 ص 56) (*)


المضعف فجعل السلم كجدول (1) وعثير ونحو مهدد (2) كتترى (3) وخدبا (4) كخلفنة (5) وقفعددا كحبركى (6) وقرشبا (7) كقندأو (8) وصوب سيبويه كلا الوجهين وقال المصنف: لما ثبت في نحو قردد (9)
ان الزائد هو الثاني لانه جعل في مقابلة لام جعفر واما الاول فقد كان في مقابلة العين فلم يحتج الى الزيادة لها وحكم سائر المضعفات حكم سائر المكرر للالحاق - حكمنا في الكل ان الزائد هو الثاني وفيه نظر لان سائر المكررات لا يشارك المكرر للالحاق في كون المزيد مقابلة الاصلى حتى تجعل مثله في كون الزائد هو الثاني فالاولى الحكم بزيادة الثاني في المكرر للالحاق والحكم بزيادة احدهما لا على التعيين في غيره واما استدلال الخليل ومعارضيه فليس بقطعي كما رايت.
قال: (ولا تضاعف الفاء وحدها ونحو زلزل وصيصية وقوقيت (بيان ما يضعف ومالا يضعف من الاصول) وضو ضيت رباعى وليس بتكرير لفاء ولا عين للفصل ولابذى زيادة لاحد حرفي لين لدفع التحكم وكذلك سلسبيل خماسى على الاكثر.
وقال الكوفيون: زلزل من زل وصرصر من صر ودمدم من دم لاتفاق المعنى).
__________
(1) العثير - كدرهم -: الغبار (2) انظر (ح 1 ص 14) (3) انظر (ح 1 ص 195 ه 1) (4) انظر (ح 1 ص 59) (5) يقال: في خلقه خلفته: وخلفنات: أي خلاف (6) الحبركى: القراد الطويل الظهر القصير الرجلين (7) انظر (ح 1 ص 61) (8) القنداو - كجرد حل -: السئ الخاق وقيل: الجرئ المقدم (انظر ص 362 من هذا الجزء) (9) انظر (ح 1 ص 13) (*)


اقول: قوله (ولا تضاعف الفاء وحدها) أي: لا يقال مثلا في ضرب: ضضرب وذلك لعلمهم انه لا يدغم لامتناع الابتداء بالساكن فيبقى الابتداء بالمستثقل ولهذا قل الفاء والعين مثلين نحو ببر وددن (1) ويقل الكراهة شيئا إذا حصل هناك موجب الادغام كما في اول أو فصل بينهما بحرف زائد نحو كوكب وقيقبان (2) [ و ] ليس احد المثلين فيه زائدا بل هما اصلان وقد اجاز بعضهم تكرير الفاء وحدها مع الفصل بحرف اصلى كما يجئ بل يضاعف الفاء والعين معا كما في مرمر يس (3) كما مر في اول الكتاب.
وقال الكوفيون في نحو زلزل (4) وصرصر (5) مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه: إنه مكرر الفاء وحدها بشهادة الاشتقاق وهو اقوى ما يعرف به الزائد من الاصلى واستدل المصنف على انه ليس بتكرير الفاء بانه لا يفصل بين الحرف وما كرر منه بحرف اصلى وهذا استدلال بعين ما ينازع فيه الخصم فيكون مصادرة لان معنى قول الخصم ان زلزل من زل انه فصل بين الحرف ومكرره الزائد بحرف اصلى ولم يقل احد: إن العين مكرر مزيد في نحو زلزل وصيصية (6) لكن المصنف اراد ذكر دليل يبطل به ما قيل من تكرير الفاء وحدها وما لعله [ يقال ] في تكرير العين وحدها وبعض النحاة يجوز تكرير الفاء وحدها سواء كان العين مكررا كما في زلزل وصيصية أو لم يكن كما في
__________
(1) الببر: ضرب من السباع شبيه بالنمر وانظر (ح 1 ص 34) (2) القيقبان: خشب تتخذ منه السروج ويطلق على السرج نفسه (3) انظر (ح 1 ص 63) (4) انظر (ح 1 ص 15) (5) انظر (ح 1 ص 62)
(6) الصيصية - بكسر الصادين وسكون الياء والياء الثانية مخففة - شوكة الحائك التى يسوى بها السداة واللحمة وصيصية البقرة: قرنها وكل شئ امتنع به وتحصن فهو صيصية وهى ايضا الوتد الذى يقلع به التمر (*)


سلسبيل (1) إذا فصل بين المثلين حرف اصلى ولم يجوز احد تكرير الفاء من غير فصل بحرف اصلى بين المثلين.
هذا وان كان ثانى الكلمة ياء والثالث والرابع كالاول والثانى نحو صيصية لم يقل: ان احدى الياءين من الغلبة وتكون زائدة لان معها ثلاثة اصول وذلك لان هذا القول يؤدى الى التحكم إذ ليس احدى الياءين اولى من الاخرى وايضا لو قلنا ان الاولى زائدة لكان الكلمة من باب يين (2) وببر ولو قلنا بزيادة الثانية لكانت من باب قلق وكلاهما قليل ولا يمكن الحكم بزيادتهما معا لئلا تبقى الكلمة على حرفين وكذا لا نحكم في نحو قوقيت بزيادة احدى حرفي العلة لدفع التحكم وكذا في عاعيت (3)
__________
(1) انظر (ح 1 ص 9، 50) (2) يين - بفتح الياء الاولى وسكون الثانية -: عين بواد يقال له: حورتان.
قاله الزمخشري وقال غيره يين: اسم واد بين ضاحك وضويحك وهما جبلان اسفل الفرش ذكره ابن جنى وقال نصر: يين: ناحية من اعراض المدينة على بريد منها وهى منازل اسلم بن خزاعة وقال ابن هرمة: ادار سليمى بين يين فمثعر * ابينى فما استخبرت الا لتخبري ويقال: يين بئر بوادي عباثر قال علقمة بن عبدة: وما انت ام ما ذكره ربعية * تحل بيين أو باكناف شربب (3) قال في القاموس: (وفى كتب التصريف: عاعيت عيعاء ولم يفسروه
وقال الاخفش: لا نظير لها سوى حاحيت وهاهيت) اه وتقول: عاعى إذا دعا ضانه بقوله (عا).
و (عا) اسم صوت وقال الراجز: يا عنر هذا شجر وماء * عاعيت لو ينفعني العيعاء قال في اللسان: (وقال الليث: عا مقصورة زجر للضئين وربما قالوا: عو وعاء وعاى كل ذلك يقال والفعل منه عاعى يعاعى معاعاة وعاعاة ويقال ايضا: عوعى يعوعى عوعاة وعيعى يعيعى عيعاة وعيعاء وانشد: وان ثيابي من ثياب محرق * ولم استعرها من معاع وناعق) اه (*)


وحاحيت (1) والاولى ان يقال في ياء قوقيت: انها كانت واوا قلبت ياء كما في اغزيت وغازيت على ما يجئ في باب الاعلال فيكون في قوقيت في الاصل واوان كما ان في صيصية ياءين.
وقال الخليل: اصل دهديت دهدهت (2) لاستعمالهم دهدهت بمعناه ولا منع ان يقال: ياء نحو قوقيت اصلية وانها ليست ببدل من الواو واما نحو حاحى يحاحى فهو عند سيبويه فعلل يفعلل بدليل ان مصدره حاحاة وحيحاء كزلزلة وزلزال وقال بعضهم: هو فاعل يفاعل بدليل قولهم: محاحاة معاعاة وقال سيبويه: بل هو مفعللة للمرة كزلزل يزلزل مزلزلة والاصل محاحية قلبت الياء الفا والالف الاولى عند البصريين في حاحى وعاعى ياء قلبت الفا وان كانت ساكنة لانفتاح ما قبلها كما قالوا في ييأس ويوجل: ياءس وياجل قالوا: وانما اطرد قلب الياء الاولى الفا مع شذوذ ذلك في ياءس وطائى لانه استكره
__________
(1) حاحى: دعا معزاه بقوله: حا ويقال: حاحيت حيحاء ومحاحاة إذا صحت قال أبو زيد: حاح بضأنك وبغنمك: أي ادعها وقال: الجأنى القر الى سهوات * فيها وقد حاحيت بالذوات
قال الجوهرى: (حاء: زجر للابل بنى على الكسر لالتقاء الساكنين وقد يقصر فان اردت التنكير نونت قال سيبويه: ابدلوا الالف بالياء لشبهها بها لان قولك: حاحيت انما هو صوت بنيت منه فعلا كما ان رجلا لو اكثر من قوله (لا) لجاز ان يقول: لا ليت يريد قلت: لا ويدلك على انها ليست فاعلت قولهم: الحيحاء والعيعاء بالفتح كما قالوا: الحاحاة والهاهاة فاجرى حاحيت وعاعيت وهاهيت مجرى دعدعت إذ كن للتصويت) اه من اللسان بتصرف (2) دهدهت الحجرو دهديته: إذا دحرجته فتدهده وتدهدى كرهوا التضعيف فابدلوا ثانى المثلين ياء كما قالوا: تظنيت في تظننت وتربيت في تربيت وهذا عندهم مقصور على السماع على ما يجئ في باب الابدال (ج 2 - 24) (*)


اجتماع ياءين بعد مثلين لو قيل: عيعيت واما في نحو صيصية فاحتمل فيه ذلك لكونه اسما وهو اخف من الفعل كما يجئ في باب الاعلال وانما جاز مجئ الواوين بعد المثلين في قوقيت وضوضيت لوجوب قلب الثانية ياء كما في اغزيت وانما قالوا في دهدهت الحجر: دهديته تشبيها للهاء لرخاوتها بالياء واما نحو صلصلت وزلزلت فجاز ذلك لان الثاني حرف صحيح وهم لاجتماع حروف العلة المتماثلة اكره وان كانت اخف من الحروف الصحيحة.
وقال بعضهم: الالفان في حاحى وعاعى وها هي (1) اصلان وليسا بمنقلبين لا عن واو ولا عن ياء لان الاصل في جميعها الصوت الذى لا اصل لالفاته قلبت الالف الثانية ياء بعد اتصال ضمير الفاعل المتحرك كما قلبت في حبليان وذلك للقياس على سائر الالفات المنقلبة الرابعة في نحو اغزيت واستغزيت والف الالحاق
نحو سلقيت (2) لان ضمير الفاعل اعني النون والتاء لا يلى الالف في الماضي في نحو رميت ودعوت لان بقاءها الفا دليل على كونها في تقدير الحركة إذ الواو والياء قلبتا الفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما وما قبل الضمائر في الماضي يلزم سكونها فردت الفا اغزيت واستغزيت الى الاصل اعني الواو ثم قلبت الواو ياء لاستثقالها رابعة فصاعدا مفتوحا ما قبلها كما يجئ في باب الاعلال وقد جاء في بعض اللغات نحو اعطاته وارضاته بالالف في معنى اعطيته وارضيته ومنه قراءة الحسن (ولا ادرأتكم به (3))
__________
(1) قال في اللسان: (وهاء زجر للابل ودعاء لها وهو مبنى عل الكسر إذا مددت وقد يقصر وتقول: ها هيت بالابل إذا دعوتها) اه (2) انظر (ح 1 ص 55، 68) (3) هذه قطعة من آية كريمة من سورة يونس ونصها الكريم (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله افلا = (*)


قوله (قوقيت) من قوقى الديك قوقاة: أي صاح وضوضيت من الضوضاء وهو الجلبة والصياح ومن صرف الغوغاء (1) فهو مثل القمقام (2) ومن لم يصرفه فالالف للتأنيث كما في العوراء والالف في الفيفاء (3) زائدة لقولهم: فيف
__________
= تعقلون).
قال القاضى البيضاوى: وقرئ (ولا ادرأكم ولا ادرأتكم) بالهمز فيهما: على لغة من يقلب الالف المبدلة من الياء همزة أو على انه من الدرء بمعنى الدفع) اه قال العلامة الشهاب (هذه قراءة الحسن وابن عباس رضى الله تعالى عنهما بهمزة ساكنة فقيل: انها مبدلة من الف منقلبة عن باء وهى لغة عقيل كما حكاه قطرب فيقولون في اعطاك: اعطاك وقيل: لغة بالحرث وقيل: الهمزة ابدلت من الياء ابتداء كما يقال في ليت لبأت وهذا على كونها غير اصلية وقد قرئ
بالالف ايضا) اه والمتبادر من عبارة المؤلف ان قراءة الحسن بالالف مع تاء المتكلم واصلها ادريتكم: أي اعلمتكم فلما وقعت الياء ساكنة مفتوحا ما قبلها قلبت هذه الياء الفا على لغة عقيل الذين يقولون في عليك ولديك واليك: علاك ولداك والاك وعلى هذا جاء قول راجزهم: طاروا علاهن فطر علاها * ناجية وناجيا اباها يريد طاروا عليهن فطر عليها ولكن في كلام الشهاب المتقدم النص على ان قراءة الحسن بالهمز نعم قد قرئ بالالف لكن هذه القراءة ليست قراءة الحسن ثم انه قد يكون ما في كلام المؤلف منسوبا الى الحسن بالهمز على ما هو المشهور من قراءته ويكون انقلاب الهمز عن الالف المنقلبة عن الياء فيصح الاستشهاد بقراءة الحسن على قلب الياء الفا إذا كان ما قبلها مفتوحا نظرا الى اصل الهمزة القريب (1) انظر (ح 1 ص 195) (2) القمقام: السيد الكثير الخير الواسع الفضل و ؟ ؟ ؟ الكثير وصغار القردان وضرب من القمل شديد التشبث باصول الشعر (3) الفيفاة: المفازة لا ماء فيها ومثلها الفيف وبالفيف استدل سيبوبه على ان الف فيفاء زائدة (*)


بمعناه وكذل الزيزاء (1) والصيصاء (2) إذ ليس في الكلام فعلال الا مصدرا كزلزال وقولهم المروراة (3) والشجوجاة (4) نحو صمحمح (5) وبرهرهة (6) وليس كعثوثل (7) لان الاول اكثر.
قال: (وكالهمزة اولا مع ثلاثة اصول فقط فأفكل افعل والمخالف مخطئ واصطبل فعلل كقرطعب والميم كذلك ومطردة في الجارى على الفعل والياء زيدت مع ثلاثة اصول فصاعدا
الا في اول الرباعي الا فيما يجرى على الفعل ولذلك كان يستعور كعضر فوط وسلحفية فعلية والالف والواو زيدتا مع ثلاثة فصاعدا الا في الاول ولذلك كان ورنتل كجحنفل) اقول: لما ثبت لنا بالاشتقاق غلبة زيادة الهمزة اولا إذا كان بعدها ثلاثة اصول في نحو احمر واصغر واعلم رددنا إليه ما لم نعلم منه ذلك بالاشتقاق
__________
(1) الزيزاء - بالكسر وبالفتح ومثله الزيزى والزازية والزيزاءة والزيزاة - بكسر الاخيرتين -: ما غلظ من الارض والاكمة الصغيرة والريش أو اطرافه (2) الصيصاء: الحشف من التمر وهو ايضا حب الحنظل الذى ليس في جوفه لب (3) المروراة: الارض أو المفازة التى لا شئ فيها ووزنها فعلعلة لا فعو علة وهى واحدة المرورى.
قال سيبوبه (ح 2 ص 386) (هو بمنزلة صمحمح وليس بمنزلة عثوثل لان باب صمحمح اكثر من باب عثوثل) اه (4) يقال: ريح شجوجى وشجوجاة إذا كانت دائمة الهبوب والشجوجى والشجوجاة ايضا: العقعق وهو طائر (5) انظر (ح 1 ص 60، 253) (6) انظر (ح 1 ص 63، 253) (7) انظر (ح 1 ص 60) (*)


كأرنب وايدع (1) وهو قليل بالنسبة الى الاول وبعض المتقدمين خالفوا ذلك وقالوا: ما لم نعلم بالاشتقاق زيادة همزته المصدرة حكمنا باصالتها فقالوا: افكل (2) كجعفر ورد عليهم سيبويه بوجوب
ترك صرف افكل لو سمى به ولو كان فعللا لصرف وايضا لو كان فعللا لجاء في باب فعلل يفعلل فعللة ما اوله همزة قوله (اصطبل فعلل) لان بعده اربعة اصول ولم يثبت بالاشتقاق غلبة زيادة الهمزة في مثله حتى يحمل عليه ما جهل اشتقاقه قوله (والميم كذلك) أي: يغلب زيادتها في الاول مع ثلاثة اصول بعدها ولا تزاد مع اربعة فصاعدا فمنبج (3) محول في الزيادة على نحو مقتل ومضرب حمل المجهول على المعلوم واما معد معزى فقد مضى حكمهما ومخالفتهما لهذا
__________
(1) الايدع: صبغ احمر وقيل: هو الزعفران وقيل: هو صمغ احمر يجلب من سقطرى تداوى به الجراحات وطائر ايضا (2) الافكل: رعدة تعلو الانسان من برد أو خوف ولا فعل له واسم الافوه الاودى الشاعر سمى بذلك لرعدة كانت فيه (3) منبج - بالفتح ثم السكون وباء موحدة مكسورة وجيم - قال ياقوت: (هو بلد قديم وما اظنه الا روميا الا ان اشتقاقه في العربية يجوز ان يكون من اشياء: يقال: نبج الرجل (كضرب) إذا قعد في لانبجة (كالشجرة) وهى الاكمة والموضع منبج ويقال: نبج الكلب ينبج (من باب ضرب) بمعنى نبح ينبح والموضع منبج ويجوز ان يكون من النبج (كالضرب) وهو طعام كانت العرب تتخذه في المجاعة يخاض الوبر في اللبن فيجدع ويؤكل ويجوز ان يكون من النبج وهو الضراط فاما الاول وهو الاكمة فلا يجوز ان يسمى به لانه على بسيط من الارض لا اكمة فيه فلم يبق الا الوجوه الثلاثة فليختر مختار منها ما اراد...وهى مدينة كبيرة من مدن الشام بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ) اه بتصرف.
(*)


الاصل فإذا تقدم على اربعة اصول فصاعدا كما في مرزنجوش (1) حكم باصالتها الا إذا كان ما هي في اوله من الاسماء المتصلة بالافعال كلامدحرج اسم فاعل من دحرج والمدحرج اسم مفعول ومكانا وزمانا ومصدرا وكذا الهمزة الزائدة يكون بعدها اربعة اصول في الاسم المتصل بالفعل وهى همزة وصل نحو اقشعرار واحر نجام والهمزة والميم غير الاولين لا يحكم بزيادتهما الا بدليل ظاهر كشمال ودلامص (2) وضهيا (3) وزرقم (4)، بلي غلب زيادة الهمزة آخرا بعد الالف الزائدة إذا كان معها ثلاثة أصول فصاعدا، كعلباء (5) وسوداء وحرباء (6) وحمراء، وأصلها الالف كما تقدم، ولو قال في موضع (الجاري علي الفعل): المتصل بالفعل، لكان أعم، إذا لا يقال للموضع والزمان هما جاريان علي الفعل.
قوله (والياء زيدت مع ثلاثة) أي: إذا ثبت ثلاثة أصول غير الياء فالياء زائدة، سواء كانت في الاول كيلمع (7) ويضرب، أو في الوسط كرحيم وفليق (8) أو في الاخر كالليالي، وكذا إذا كانت الياء غير المصدرة مع أربعة
__________
وقال في اللسان: (ومنبج: موضع، قال سيبويه: الميم في منبج زائدة يمنزلة الالف، لانها إنما كثرت مزيدة أولا، فموضع زيادتها كموضع الالف وكثرتها ككثرتها إذا كانت أولا في الاسم والصفة) اه (1) انظر (ص 363 من هذا الجزء) (2) انظر (ص 334 من هذا الجزء) (3) انظر (ص 339 من هذا الجزء) (4) انظر (ص 252، 334 من هذا الجزء) (5) انظر (ص 55 من هذا الجزء) (6) انظر (55 من هذا الجزء)
(7) انظر (ح 1 ص 59) (8) يجوز أن تقرأ هذه الكلمة بفتح الفاء وكسر اللام كرحيم، وهو (*)


اصول فصاعدا كخيتعور (1) وسلسبيل وسلحفية واما إذا كانت مصدرة مع اربعه اصول بعدها: فان كانت الكلمة فعلا كيد حرج فهى زائدة ايضا والا فهى اصل كيستعور وهو الباطل يقال: ذهب في اليستعور وهو ايضا بلد بالحجاز.
قوله (الا فيما يجرى على الفعل) وهم وحقه الا في الفعل كيد حرج لان الاسم الجارى على الفعل لا يوجد في اوله ياء والواو والالف مع ثلاثة اصول فصاعدا لا يكونان الا زائدين في غير الاول فالواو نحو عروض وعصفور وقرطبوس (2) وحنطاو (3) و الالف كحمار وسرداح (4) وارطى (5) وقبعثرى (6) واما في الاول فالالف لا يمكن وقوعها فيه والواو لا تزاد فيه مطلقا ولذلك كان ورنتل (7) كجحنفل يقال: وقع الناس في ورنتل: أي في شر والجحنفل: العظيم الجحفلة (8)
__________
باطن عنق البعير في موضع الحلقوم ويجوز ان تقرا بضم الفاء وتشديد اللام مفتوحة بعدها ياء ساكنة وهو ضرب من الخوخ يتفلق عن نواه (انظر ح 1 ص 250) (1) الخيتعور: السراب ودويبة سوداء تكون على وجه الماء لا تلبث في موضع الا ريثما تطرف والداهية وتقول: هذه امراة خيتعور إذا كان ودها لا يدوم وكل شئ يتلون ولا يدوم على حال فهو خيتعور قال الشاعر: كل انثى وان بدالك منها * آية الحب حبها خيتعور (2) انظر (ح 1 ص 51، 264)
(3) انظر (ح 1 ص 256) (4) انظر (ح 1 ص 57) (5) انظر (ح 1 ص 57) (6) انظر (ح 1 ص 9) (7) انظر (ح 1 ص 33) (8) الجحفلة: الشفة الغليظة.
(*)


قال: (والنون كثرت بعد الالف آخرا وثالثة ساكنة نحو شرنبث وعرند واطردت في المضارع والمطاوع والتاء في التفعيل ونحوه وفي نحو رغبوت والسين اطردت في استفعل وشذت في اسطاع قال سيبويه: هو اطاع فمضارعه يسطيع بالضم وقال الفراء: الشاذ فتح الهمزة وحذف التاء فمضارعه بالفتح وعد سين الكسكسة غلط لاستلزامه شين الكشكشة).
اقول: أي ان النون كثرت زيادتها إذا كانت اخيرة بعد الف زائدة وقد حصل من دونها ثلاثة احرف اصول أو اكثر كسكران وندمان وزعفران اما فينان (1) فبالاشتقاق علمنا انه لم يحصل في الكلمة دونها ثلاثة اصول إذ هو من الفنن وكذا قولهم حسان وحمار قبان (2) منصرفين فبالصرف عرفنا ان النون احد الاصول الثلاثة قوله (واطردت في المضارع) يعنى نفعل قوله (والمطاوع) يعنى انفعل وافعنلل وفروعهما من المصدر والامر والمضارع وعندي ان حروف المضارعة حروف معنى لا حروف مبنى (3) كنونى التثنية والجمع
__________
(1) انظر (ص 339 من هذا الجزء)
(2) انظر (ص 248 من هذا الجزء) (3) يريد المؤلف بهذا ان يعترض على ابن الحاجب في عده النون الواقعة في اول المضارع من حروف الزيادة وحاصل الاعتراض ان حروف المضارعة حروف معان كالتنوين وسيأتي لابن الحاجب نفسه عدم عد التنوين من حروف الزيادة معللا ذلك بانه حرف معنى فلا وجه لعده نون المضارعة من حروف الزيادة ولكنا لو نظرنا لوجدنا ان المؤلف قد سلم لابن الحاجب عد السين في الاستفعال من حروف الزيادة مع انها دالة على معنى وكذلك سلم له عد النون في الفعل المطاوع من حروف الزيادة مع انها دالة على معنى ولا يستطيع المؤلف ولا غيره ان ينكر ان الهمزة في افعل من حروف الزيادة وكذا الالف في فاعل وتفاعل والتاء.
(*)


والتنوين على ما تقدم في اول شرح الكافية قوله (وثالثة ساكنة) كان ينبغى ان يضم إليه قيدا آخر بان يقول: ويكون بعد النون حرفان كشرنبث (1) وقلنسوة (2)
__________
في تفعلل وما اشبه ذلك من الحروف الدالة على المعاني في الافعال المزيد فيها وكذا الالف في اسم الفاعل من الثلاثي والميم في اسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان واسم المكان والمصدر الميمى وحينئذ لا وجه لانكاره ان تكون حروف المضارعة من حروف الزيادة محتجا بدلالتها على معنى بقى ان يقال: كيف يوفق بين عدم عدهم التنوين وباء الجر ولام الجر وهاء السكت من حروف الزيادة لانها دالة على معنى وبين عد حروف المضارعة وغيرها من الحروف الداخلة في الافعال والاسماء المتصلة بها مما ذكرنا مع انها دالة على معان في الكلمات الداخلة فيها والجواب: ان الحرف الدال على معنى ان كان مما يتغير به وزن الكلمة ومعناها فهو من حروف الزيادة وان لم يكن كذلك فليس من حروف الزيادة بل قد جعل أبو الحسن الاشمونى
دلالة الحرف على معنى من جملة ادلة زيادته فقال في باب التصريف عند قول ابن مالك: والحرف ان يلزم فاصل والذى * لا يلزم الزائد مثل تا احتذى (تاسعها دلالة الحرف على معنى كحروف المضارعة والف اسم الفاعل) اه (1) الشرنبث - كسفرجل والشرابث - كعلابط -: القبيح الشديد وقيل: هو الغليظ الكفين والرجلين والشرنبث ايضا: الاسد.
قال سيبويه: النون والالف يتعاوران الاسم في معنى نحو شرنبث وشرابث (2) قال في اللسان: (والقلسوة (بفتح اوله وسكون ثانيه وضم ثالثه) والقلساة (بفتح اوله وسكون ثانيه) والقلنسوة (بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه وضم رابعه) والقلنسية (بضم اوله وفتح ثانيه وسكون ثالثه وكسر رابعه) والقلنساة (بفتح اوله وثانيه وسكون ثالثه) والقلسية (بفتح اوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه) من ملابس الراس - معروف والواو في قلنسوة للزيادة غير الالحاق وغير المعنى اما الالحاق فليس في الاسماء مثل فعللة (بفتح اوله وثانيه وثالثه مشدد مضموم) واما المعنى فليس في قلنسوة اكثر مما في قلساة.
وجمع القلنسوة والقلنسية = (*)


وحبنطى (1) أو أكثر من حرفين كحعنطار (2) وأما ما ذكر من (عرند (3)) فليس النون فيه من الغوالب بل انما عرفنا زيادته بالاشتقاق لانه بمعنى العرند دو العرد: أي الصلب وايضا بأنا لو جعلنا النون في عرند اصلية لزم زيادة بناء في ابنية الرباعي المجرد واما زيادة النون في عنسل (4) ورعشن (5) فلم يعرف بالغلبة بل بالاشتقاق وكذا ذرنوح في معنى ذروح (6) الشر نبث: الغليظ الكفين والرجلين ومثله الشرابث - بضم الشين قوله (والتاء في التفعيل ونحوه) يعنى بنحوه التفعال والتفعل والتفاعل
والتفعلل والافتعال والاستفعال وفروعهن واعلم ان المصنف كثيرا ما يورد في هذه الغوالب ما يعلم زيادته بالاشتقاق فإن بنى جميع ذلك على قوله قبل (فإن فقد) أي: الاشتقاق فهو غلظ وان
__________
= والقلنساة قلانس وقلاس وقلنس) اه وعده الاخير جمعا ؟ ؟ طريقة علماء اللغة لانهم قد لا يفرقون ن بين الجمع واسم الجنس ؟ ؟ ؟ واسم الجمع من قل انهم يريدون بالجمع كل ما يدل على الكثير واما على طريقة النحاة فهو اسم جنس جمعى لا جمع لانه ليس على وزن من اوزان الجموع (1) انظر (ح 1 ص 54، 255) (2) يقال: رجل جعنظر - كسفرجل وجعنظار إذا كان قصير الرجلين غليظ الجسم وإذا كان اكولا قويا عظيما جسيما ايضا (3) العرند والعرد - كعتل -: الشديد من كل شئ قال في اللسان: (ونون العرند بدل من الدال) اه يريد انها بدل من الدال في العرد (4) انظر (ح 1 ص 59) وكذا (ص 333 من هذا الجزء) (5) انظر (ح 1 ص 59) وكذا (ص 333 من هذا الجزء) (6) الذرنوح والذروح - كعصفور والذرحرح - بضم اوله وفتح ثانيه ورابعه وسكون ثالثه - الذرحرح - بضم اوله وثانيه ورابعه وسكون ثالثه -: دويبة اعظم قليلا من الذباب (*)


قصد ترك ذلك وبيان الغوالب سواء عرف زيادتها بمجرد الغلبة أو بها وبشئ آخر من الاشتقاق وعدم النظير فصحيح قوله (وفى نحو رغبوت) يعنى إذا كانت التاء في آخر الكلمة بعد الواو الزائدة وقبلهما ثلاثة أصول فصاعدا وسيبويه لم يجعل ذلك من الغوالب فلهذا
قال في سبروت (1) فعلول بل جعل الزيادة في مثله انما تعرف بالاشتقاق كما في جبروت وملكوت لانهما من الجبر والملك وكذا الرغبوت والرحموت والرهبوت وكذا لم يجعل سيبويه التاء في الاخر بعد الياء - إذا كان قبلها ثلاثة أصول كعفريت (2) - من الغوالب فعفريت عنده عرف زيادة تائه باشتقاقه من العفر - بكسر العين - وهو الخبيث الداهى فهو كما عرفت زيادة التاء في التحلئ (3) باشتقاقه من حلأت وفى التتفل (4) بالخروج من الاوزان وأما تاء التأنيث فحرف معنى لا حرف مبنى قوله (والسين اطردت) أي: في باب استفعل كاستكره واستحجر قوله (وشذت في اسطاع) اعلم انه قد جاء في كلامهم أسطاع - بفتح الهمزة وقطعها - واختلفوا في توجيهه: فقال سيبويه: هو من باب الإفعال واصله اطوع كأقوم أعلت الواو وقلبت ألفا بعد نقل حركتها إلى ما قبلها ثم جعل السين عوضا من تحرك العين الذى فاته كما جعل الهاء في اهراق - بسكون الهاء - عواضا من مثل ذلك كما يجئ ولا شك ان تحرك العين فات بسبب تحرك الفاء بحركته ومع هذا كله فإن التعويض بالسين والهاء شاذان فمضارع
__________
(1) انظر (ص 345 من هذا الجزء) (2) انظر (ح 1 ص 15، 256) (3) التحلئ: القشر على وجه الاديم مما يلى الشعر يقال: حلأ الجلد يجلؤه حلا إذا قشره (4) انظر (ص 357 من هذا الجزء) (*)


أسطاع عند سيبويه يسطيع - بالضم - ورد ذلك المبرد ظنا منه ان سيبويه يقول: السين عوض من الحركة فقال: كيف يعوض من الشئ والمعوض منه
باق ؟ يعنى الفتحة المنقولة إلى الفاء وليس مراد سيبويه ما ظنه بل مراده أنه عوض من تحرك العين ولا شك أن تحرك العين فات بسبب تحرك الفاء بحركته وقال القراء: أصل اسطاع استطاع من باب استفعل فحذفت التاء لما يجئ في باب الادغام (1) فبقى اسطاع - بكسر الهمزة - ففتحت وقطعت شاذا فالمضارع عنده يسطيع بفتح حرف المضارعة واللغة المشهورة إذا حذفت التاء من استطاع لتعذر الإدغام بقاء الهمزة مكسورة موصولة كما كانت قال تعالى (فما اسطاعوا) قوله (وعدسين الكسكسة غلط) رد على جار الله فإنه عده من حروف الزيادة وقال المصنف: هو حرف معنى لا حرف مبنى وايضا لو عد للزم شين
__________
(1) لم يذكر المؤلف شيئا عن حذف التاء في (أسطاع) في باب الادغام وإنما ذكره في باب الحذف فقال: (واسطاع يسطيع ؟ ؟ ؟ الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة - واصله استطاع يستطيع وهى اشهر اللغات: أعنى ترك حذف شئ منه وترك الادغام وبعدها اسطاع يسطيع - بكسر الهمزة في الماضي وفتح حرف المضارعة وحذف تاء استفعل حين تعذر الادغام مع اجتماع المتقاربين وإنما تعذر الادغام لأنه لو نقل حركة التاء إلى ما قبلها لتحرك السين التى لا حظ لها في الحركة ولو لم ينقل لا لتقى الساكنان كما في قراءة حمزة (فراءة حمزة (فما اسطاعوا) بابدال التاء طاء وادغامها في الطاء مع بقاء سكون السين) فلما كثر استعمال هذه اللفظة بخلاف استدان وقصد التخفيف وتعذر الادغام حذف الاول كما في ظلت واحست والحذف ههنا أولى لان الأول وهو التاء زائد قال تعالى (فما اسطاعوا أن يظهروه).
وأما من قال: يسطيع بضم حرف المضارعة - فماضيه أسطاع بفتح همزة القطع - وهو من باب الأفعال كما مر في باب ذى الزيادة) اه (*)


الكشكشة (1) إذ لا فرق بينهما فيلزم كون الشين من حروف الزيادة وليس منها بالاتفاق قال: (وأما اللام فقليلة كزيدل وعبدل حتى قال بعضهم في فيشلة: فيعلة مع فيشة وفى هيقل مع هيق وفى طيسل مع طيس للكثير وفى فحجل - كجعفر - مع أفحج) أقول: اعلم ان الجرمى أنكر كون اللام من حروف الزيادة ولا يرد عليه لام البعد في نحو ذلك وهنا لك لكونه حرف معنى كالتنوين فذهب إلى أن فيشلة (2) وهيقلا وطيسلا فيعل والهيقل: الذكر من النعام ومثله الهيقم والهيق والهقل: الفتى من النعام والأنثى هقلة وقال: إنه قد يكون لفظان بمعنى يظن بهما أنهما متلاقيان اشتقاقا للتقارب في اللفظ ويكون كل واحد من
__________
(1) قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 381): (وأما سين الكسكة - وهى في لغة بكر بن وائل - فهى السين التى تلحقها بكاف المؤنث في الوقف إذ لو لم تلحقها لسكنت الكاف فتلتبس بكاف المذكر وجعلوا ترك السين في الوقف علامة للمذكر فيقولون: أكرمتكس فأذا وصلوا لم يأتوا بها لأن حركة الكاف اذن كافية في الفصل بين الكافين وقوم من العرب يلحقون كاف المؤنث الشين في الوقف فأذا وصلوا حذفوا وغرضهم ما مر في الحاق السين) اه وقد نسب صاحب القاموس الكسكة لتميم لا لبكر فقال: (والكسكة لتميم لا لبكر: إلحاقهم بكاف المؤنث سينا عند الوقف يقال: اكرمتكس وبكس) اه وقد نسب في القاموس الكسكشة لبنى اسد أو ربيعة وعرفها بأوسع مما عرف المؤلف فقال: (والكشكشة الهرب وكشيش الافعى وقد كشكشت وفى بنى اسد أو ربيعة إبدال الشين من كاف الخطاب للمؤنث كعليش في عليك أو زيادة شين بعد الكاف المجرورة تقول: عليكش ولا تقول: عليكش بالنصب وقد حكى كذا كش بالنصب) اه
(2) الفيش والفيشلة: رأس الذكر قال في اللسان: (وقال بعضهم: لامها زائدة كزيادتها في زيدل وعبدل وأولى لك وقد يمكن أن تكون (فيشلة) = (*)


تركيب آخر كما في ثرة وثرثار ودمث ودمثر (1) كما يجئ وكذا يقول في فحجل: انه فعلل كجعفر وهو بمعنى الأفحج: أي الذى يتدانى صدرا قدميه ويتباعد عقباهما والطيسل والطيس: الكثير من كل شئ وكل ذلك تكلف منه والظاهر زيادة اللام في جميع ذلك فإن زيادتها ثابتة مع قلتها كما في زيدل وعبدل بمعنى زيد وعبد وليس كذا نحو دمث ودمثر إذ زيادة الراء لم تثبت فألجئنا إلى الحكم بأصالتها قال: (وأما الهاء فكان المبرد لا يعدها ولا يلزمه نحو اخشه فإنها حرف معنى كالتنوين وباء الجر ولامه وإنما يلزمه [ نحو ] أمهات ونحو * امهتى خندف والياس أبى (2) * وأم فعل بدليل الأمومة وأجيب بجواز
__________
= من غير لفظ (فيشة) فتكون الياء في (فيشلة) زائدة ويكون وزنها فيعلة لأن زيادة الياء ثانية أكثر من زيادة اللام وتكون الياء في فيشة عينا فيكون اللفظان مفترنين والاصلان مختلفين ونظير هذا قولهم: رجل ضياط (بفتح اوله وتشديد ثانيه) وضيطا (بفتح اوله)) اه كلامه.
والضياط: المتمايل في مشيته وقيل الضخم الجنبين العظيم الاست والضيطار بمعناه ووزن ضياط فعال من ضاط الرجل يضيط ضيطا والضيطار فيعال من ضطر فالاصلان مختلفان والمعنى واحد (1) انظر (ص 350 من هذا الجزء) (2) البيت من مشطور الرجز وهو لقصى بن كلاب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقبله: إنى كدى الحرب رخى اللبب * عند تناديهم بهال وهب
* معتزم الصولة عالى النسب * والرخى: المرتخى.
واللبب: ما يشد على ظهر الدابة ليمنع السرج والرحل من التأخر وارتخاء اللبب إنما يكون من كثرة جرى الدابة وهو كناية عن كثرة مبارزته للأقران.
وهال: اسم فعل تزجر به الخيل.
وهب: اسم فعل تدعى به الخيل والصولة: من قولهم: صال الفحل صولة إذا وثب على الابل يقاتلها = (*)


اصالتها بدليل تأمهت فتكون امهة كأبهة ثم حذفت الهاء أوهما أصلان كدمث ودمثر وثرة وثرثار ولؤلؤ ولأل ويلزمه نحو أهراق إهراقة وأبو الحسن يقول: هجرع للطويل من الجرع للمكان السهل وهبلع للاكول من البلع وخولف وقال الخليل: الهر كولة للضخمة هفعولة لأنها تركل في مشيها وخولف) أقول: (والياس أبى) يريد (إلياس) فوصل الهمزة المقطوعة ضرورة قالوا: الاغلب استعمال الامات في البهائم والامهات في الإنسان وقد يجئ العكس قال: 124 - إذا الأمهات قبحن الوجوه * فرجت الظلام بأماتكا (1) وقال: 125 - قوال معروف وفعاله * عقار مثنى أمهات الرباع (2)
__________
= وخندف - بكسر الخاء المعجمة والدال بينهما نون ساكنة - ام مدركة بن إلياس بن مضر فهى جدة قصى وكذا إلياس بن مضر جده فيكون قد نزل الجدة منزلة الام ونزل الجد منزلة الاب فسماها اما وابا والاستشهاد بالبيت في قوله (أمهتى) حيث زاد الهاء على ام التى هي بوزن فعل بدليل الأمومة (1) البيت المروان بن الحكم و (قبحن الوجوه) بمعنى أخزينها وأدللنها
من قولهم: قبحه يقبحه - بفتح العين في الماضي والمضارع - إذا أخزاه.
و (فرجت الظلام) بمعنى كشفته لغة في فرجه تفريجا: يعنى كشفه يزيد ان امهات الناس بالفجور فأخزين أولادهن بذلك.
والاستشهاد بالبيت في قوله (أماتكا) حيث استعمل الأمات في النسان على خلاف الغالب إذ الغلب استعمال الامهات في الانسان والامات في البهائم (2) البيت من قصيدة للسفاح بن بكير اليربوعي رثى بها يحيى بن ميسرة صاحب مصعب بن الزبير وقبله: يا سيدا ما أنت من سيد * موطإ البيت رحيب الذراع (*)


حكى صاحب كتاب العين (تأمهت فلانة): أي اتخذتها أما والمشهور: تأممتها بالميم أشار المصنف بقوله (أجيب بجواز أصالتها) إلى أن اصل الام يجوز ان يكون أمهة فحذف الهاء التى هي لام وقدر تاء التأنيث كما في قدر ونار ولا يتمشى مثل هذا العذر في لفظ الامومة إذ هو فعولة بلا خلاف ولا يجوز ان يكون فعوعة بحذف الهاء التى هي لام والاصل امومهة إذ فعوعلة غير موجود فهذا الجواب منه غير تام بلى قوله (أوهما اصلان) جواب آخر أقرب من الاول مع بعده لان نحو دمث ودمثر ولؤلؤ ولال من الشاذ النادر والمتنازع فيه لا يحمل على الشاذ فالأولى القول بزيادة الهاء في الامهة والامهات والدمث والدمثر: المكان اللين ذو الرمل وعين ثرة وثرثارة: أي كثيرة الماء وعند الكوفيين الثاء الثانية في (ثرثارة) زيادة كما قلنا في زلزل وصرصر ودمدم فثرة وثرثارة على قولهم من أصل واحد قوله (ويلزمه نحو أهراق) ليس هاهنا شئ آخر حتى يقول المصنف نحو أهراق
اعلم أن اللغة المشهورة أراق يريق وفيها لغتان أخريان: هراق بإبدال الهمزة هاء يهريق - بابقاء الهاء مفتوحة لأن الأصل يؤريق: حذفت الهمزة لاجتماع الهمزتين في الحكاية عن النفس فلما أبدلت الهمزة هاء لم يجتمع الهمزتان فقلت: يهريق مهريق مهراق والمصدر هراقة هرق لا تهرق
__________
= وقوله (موطأ البيت) - وما بعده صفات لسيد فهى مجرورة وقوله (عقار) مبالغة في عاقر من العقر وهو ضرب قوائم الابل بالسيف والرباع - بكسر الراء - جمع ربع - بضم ففتح - وهو ما يولد من الابل في الربيع يريد ان المرثى لا يقول الا فعل ولا يعد الا وفى وأنه كريم ينحر أطايب الابل واحدة بعد أخرى.
والاستشهاد بالبيت في قوله (أمهات) حيث استعمله في البهائم على خلاف الغالب في الاستعمال (*)


الهاء في كلها متحركة وقد جاء أهراق - بالهمزة ثم بالهاء الساكنة - وكذا يهريق إهراقة مهريق مهراق أهرق لا تهرق - بسكون الهاء في كلها - قال سيبويه: الهاء الساكنة عوض من تحريك العين الذى فاتها كما قلنا في أسطاع وللمبرد أن يقول: بل هذه الهاء الساكنة هي التى كانت بدلا من الهمزة ولما تغير صورة الهمزة - واللغة من باب أفعل وهذا الباب يلزم أوله الهمزة - استنكروا خلو أوله من الهمزة فأدخلوها ذهولا عن كون الهاء بدلا من الهمزة ثم لما تقرر عندهم أن ما بعد همزة الإفعال ساكن لا غير أسكنوا الهاء فصار أهراق وتوهمات العرب غير عزيزة كما قالوا في مصيبة: مصائب - بالهمزة - وفى مسيل: مسلان (1) الجرع - بفتح الراء -: المكان السهل المنقاد وهو يناسب معنى الطول ولاشك أن هذا اشتقاق خفى وهبلع للاكول من البلع أظهر اشتقاقا وكذا
سلهب بمعنى السلب وهما بمعنى الطويل والهركولة: الضخمة الاوراك وجاء في الهركولة الهر كلة - بكسر الهاء وضمها وتشديد الراء وسكون الكاف - والضخامة تناسب الركل لأنها لضخامتها لا تقدر أن تمشى مشيا خفيفا بل تركل الارض برجلها واكثر الناس على ما قال ابن جنى وهو أن الهجرع والهبلع فعلل وهركولة فعلولة لقلة زيادة الهاء
__________
(1) يريد أن مصيبة (مفعلة) وأصلها مصوبة من صاب يصوب إذا نزل نقلت كسرة الواو إلى الصاد الساكنة قبلها فقلبت الواو ياء والقياس في جمعها أن يقال: مصاوب بتصحيح العين إلا أنهم توهموا زيادتها في المفرد فقالوا في الجمع: مصائب بالهمزة ومسيل أصله مسيل على مفعل من سال يسيل فنقلوا كسرة الياء إلى السين الساكنة قبلها توهموا فيه أنه على فعيل - كقفيز - فجمعوه على مسلان كففزان والقياس أن يقال في جمعه: مسايل لان مفعلا لا يجمع على فعلان قياسا (ج 2 - 25) (*)


قال: (فإن تعدد الغالب مع ثلاثة اصول حكم بالزيادة فيها أو فيهما كحبنطى فإن تعين أحدهما رجح أحدهما رجح بخروجها كميم مريم ومدين وهمزة أيدع وياء تيحان وتاء عزويت وطاء فطوطى ولام إذ لولي دون ألفهما لوجود فعوعل وافعوعل وعدم افعؤلى وافعولي وواو حولا يا دون يائها واول يهير والتضعيف دون الثانية وهمزة أرونان دون واوها وإن لم يأت إلا انبجان فإن خرجتا رجح باكثرهما كالتضعيف في تئفان والواو في كوألل ونون حنطأو وواوها فإن لم تخرج فيهما رجح بالإظهار الشاذ وقيل: بشبهة الاشتقاق ومن ثم اختلف في يأجج
ومأجج ونحو محبب علما يقوى الضعيف وأجيب بوضوح اشتقاقه فإن ثبتت فيهما فبالاظهار اتفاقا كدال مهدد فإن لم يكن اظهار فبشبهة الاشتقاق كميم موظب ومعلى وفى تقديم أغلبهما عليها نظر ولذلك قيل رمان فعال لغلبتها في نحوه فإن ثبتت فيهما رجح بأغلب الوزنين وقيل: بأقيسهما ومن ثم فقدت شبهة الاشتقاق فيهما فبالاغلب كهمزة افعى واوتكان وميم امعة فإن ندرا احتملهما كاسطوانة إن ثبتت أفعوالة وإلا ففعلوانة لا أفعلانة لمجئ أساطين).
أقول: اعلم أن الحرف الغالب زيادته إذا تعدد مع عدم الاشتقاق: فإما أن يمكن الحكم بزيادة الجميع وذلك أن يبقى دونها ثلاثة أصول فصاعدا أولا يمكن فإن امكن حكم بزيادة الجميع.
اثنين كانا حكبنطى أو أكثر كقيقبان وهو شجر وإن لم يمكن الحكم بزيادة الجميع لبقاء الكلمة بعدها على اقل من ثلاثة فإما ان لا يخرج وزن الكلمة عن الاوزان المشهورة بتقدير زيادة شئ من تلك الغوالب أو يخرج عنها بتقدير زيادة كل واحد منها أو


يخرج بزيادة بعض دون الاخر فإن لم يخرج بتقدير زيادة منها: فإن ان يكون في الكلمة إظهار شاذ بتقدير زيادة بعضها أو لا يكون فإن كان فإما ان يعارضه شبهة الاشتقاق اولا واعنى بالمعارضة ان الاجتناب عن الإظهار الشاذ يقتضى زيادة أحدهما وشبهة الاشتقاق تقتضي زيادة الاخر كما في يأجج ومأجج فإن التجنب عن الإظهار الشاذ يقتضى ان يكون فعللا فيكون التضعيف للالحاق فيكون الاظهار قياسا كما في قردد ولو كانا يفعل ومفعلا وجب الإدغام لأن هذين الاوزنين لا يكونان للالحاق لما ذكرنا أن الميم والياء مطرد زيادتهما في اول الكلام لمعنى وما اطرد زيادته لمعنى لم يكن للالحاق وشبهة
الاشتقاق تقتضي أن يكونا يفعل ومفعلا لأن يأج ومأج مهملان في تراكيب كلام العرب بخلاف أجج (1) فنقول: إن عارضت الإظهار الشاذ شبهة الاشتقاق كما في المثال المذكور قيل: إن الترجيح للاظهار الشاذ فنحكم بأن يأجج فعلل حتى لا يكون الإظهار شاذا وقيل: الترجيح لشبهة الاشتقاق فنحكم بأنه يفعل وهو الاقوى عندي لان إثبات تركيب مرفوض في كلام العرب اصعب من إثبات إظهار شاذ إذ الشاذ كثير ولا سيما في الاعلام فان مخالفة القياس فيها غير عزيزة كمورق ومحبب وحيوة وإن لم تعارضه شبهة الاشتقاق - وذلك بأن تكون الشبهة فيهما معا كمهدد فإن مهدا وهدا مستعملان.
أو لا تكون في شئ منهما أو تكون [ وتكون ] حاكمة بزيادة عين ما يحكم بزيادة الإظهار الشاذ لو اتفق هذا التقدير ان في كلامهم - حكم بالإظهار الشاذ اتفاقا وإن لم يكن في الكلمة
__________
(1) يقال: أج في سيره يئح ويؤج احا واجيجا إذا اسرع ويقال: أجت النار تئج وتؤج اجيجا إذا احتدمت وسمع صوت لهيها ويقال للماء الملح الشديد الملوحة: أجاج - كدخان فهذا كله يشهد لما قال المؤلف من استعمال (أج ج) (*)


إظهار شاذ: فإما أن تثبت في احد الوزنين شبهة الاشتقاق دون الاخر أو فيهما معا أو لا تثبت في شئ منهما فإن ثبتت في احدهما فإما أن يعارضها أغلب الوزنين اولا فإن عارضها بمعنى أن اغلبهما يقتضى زيادة احدهما وشبهة الاشتقاق تقتضي زيادة الاخر فالاولى الحكم بالشبهة لان ارتكاب اثبات تركيب مهمل اصعب وقيل: الاولى الحكم بأغلب لاوزنين وذلك كما في رمان قال الاخفش: هو فعال وإن كان تركيب (رمان) مهملا (1) لان فعلا أكثر من فعلان وإن لم يعارضها - وذلك بتساوي الوزنين إن اتفق ذلك أو بكون الاغلبية
مساعدة للشبهة في الحكم بزيادة حرف كموظب ومعلى فان مفعلا اكثر من فوعل وفعلى وبجعلهما فوعلا وفعلى يلزم اثبات تركيب مهمل - حكم بشبهة الاشتقاق اتفاقا فان ثبتت شبهة الاشتقاق فيهما: فاما ان يكون احدهما اغلب الوزنين اولا فان تساويا احتملهما كأرجوان (2) فان افعلان في القلة كأسحوان واقحوان (3) مثل فعلوان كعنفوان (4) وعنظوان (5) وان كان احدهما اغلب فاما ان يعارضه اقيس الوزنين اولا فان عارضه اختلف كما في مورق وترجيح الاغلب اولى وخاصة في الاعلام لان خلاف الاقيسة
__________
(1) هذا الذى ذكره المؤلف من ان تركيب (ر م ن) مهمل هو الموافق لما في كتب اللغة لكن نقل الجار بردى عن ابن الحاجب في شرح المفصل انه يحتمل ان يكون رمان من (رم م) أو من (رمن) بمعنى اقام وعلى ذلك فلا تعارض بين الغلبة وشبهة الاشتقاق في رمان (2) الارجوان: الاحمر الشديد الحمرة وقال الزجاج: الارجوان صبغ احمر شديد الحمرة (3) انظر (ص 342 من هذا الجزء) (4) انظر (ص 251 من الجزء الاول) (5) العنظوان - بضم اوله، والعنظيان - بكسر اوله -: الفاحش من الرجال والانثى عنظوانة وعنظيانة.
(*)


فيها كثير وان لم يعارضه رجح باغلبهما كما في حومان فان فعلان اكثر من فوعال كتوراب (1) فان فقدت شبهة الاشتقاق فيهما فان كان احدهما اغلب الوزنين رجح به كميم امعة فان فعلة كدنبة وقنية (2) اكثر من افعلة كإوزة وان تساويا في القلة احتملهما كأسطوانة (3)
وان خرجت عن الاوزان بتقدير زيادة كل واحد منهما ولا يكون اذن في الكلمة اظهار شاذ باحد التقديرين لانه انما يكون ذلك في الاغلب إذا كان شاذا باحدهما قياسيا بالاخر لكونه ملحقا بوزن ثابت وفرضنا انه خارج عن الاوزان على كل تقدير بلى قد جاءنا الاظهار شاذا في كليهما في بعض ذلك: روى الرواة يأجج - بكسر الجيم - فيكون الاظهار في فعلل شاذا ايضا كما هو شاذ في يفعل إذ لم يجئ مثل جعفر - بكسر الفاء - حتى يكون يأجج ملحقا به.
وقال سيبويه: نحو قعدد ودخلل - بفتح لا مهما الاولى - ملحق بجندب وان كان جندب عنده فنعلا، لانه جعل النون كالاصل كما يجئ في المضاعف لقلة زيادته بين الفاء والعين.
فإذا خرجت الكلمة عن الاوزان بتقدير زيادة كل واحد من الغوالب - ولم يكن في الكلمة اظهار شاذ - نظر: فان ثبتت في احدهما شبهة الاشتقاق دون الاخر رجح بها كتئفان لان الافف (4) مستعمل دون تأف وان
__________
(1) التوراب والتيراب والتورب والتيرب: التراب (2) الدنبة والدنابة والدنب: القصير والقنبة: واحدة القنب وهو العبد الآبق وضرب من الكتان (3) الاسطوانة: السارية وقوائم الدابة وهو فارسي معرب استون (4) الافف: القلة ومثله الاف - بضم الهمزة والاف ايضا: الوسخ الذى حول الظفر وقيل: هو وسخ الاذن (*)


لم تثبت في شئ منهما كما في كوألل أو ثبتت فيهما ان اتفق ذلك كالسير (1) - بكسر السين - مثلا فان كانت احدى الزيادتين اغلب رجح بها
كحولا يا فان فوعالا وفعلا يا خارجان عن الاوزان المشهورة الا ان زيادة الواو الساكنة اغلب من زيادة الياء المتحركة والا احتملهما فان خرجت عن الاوزان بتقدير زيادة بعض دون البعض الاخر - ولا يمكن ايضا ان يكون فيه اظهار شاذ باعتبار الوزن الذى لا يخرج به عن الاوزان المشهورة حتى يتعارض هو والخروج عن الاوزان إذ لو كان باعتباره الاظهار شاذا لكان باعتبار الوزن الذى يخرج به عنها قياسيا: أي للالحاق كتلبب (2) مثلا وكيف يلحق بما لم يثبت ؟ - فينظر: هل عارضت الخروج عن الاوزان شبهة الاشتقاق اولا ؟ فان عارضته - وذلك بان تكون في الوزن الذى يخرج به عن الاوزان شبهة الاشتقاق ولا تكون فيما لا يخرج به عنها نحو مسيك (3) فانك ان جعلته فعيلا كان الوزن معدوما لكن التركيب اعني (م س ك) موجود وان جعلته مفعلا فالوزن موجود لكن تركيب (س ى ك) مهمل - فههنا يحتمل الوجهين، إذ يلزم من كل واحد منهما محذور ولا يجوز ان يقال: لا نحكم بزيادة احدهما فيكون فعللا، إذ داعى الغلبة يستحق ان
__________
(1) هكذا هو في جميع النسخ ولا يظهر له وجه لان الكلام فيما تعددت فيه الزيادة الغالبة وليس فيه زيادة ما فضلا عن زيادة متعددة ولعل الصواب (سيروان) بكسر اوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وهو اسم بلد (2) لم نجد في القاموس ولا في اللسان (تلببا) بفك الادغام والذى فيهما تلب - كفلز وهو اسم رجل (3) كلام المؤلف صريح في انه بفتح الميم وسكون السين وفتح الياء ولم نجد له معنى في كتب اللغة وانما الذى فيها مسيك - كبخيل - وزنا ومعنى ومسيك - كسكير - بمعنى بخيل ايضا وسقاء مسيك إذا كان يحبس الماء فلا ينضح (*)


يجاب ولا سيما إذا لزم من جعل الجميع اصولا تركيب مهمل ايضا فإن لم يعارض شبهة الاشتقاق الخروج عن الاوزان: بأن تكون شبهة الاشتقاق فيهما معا كما في مدين (1) أو في الوزن الثابت كمريم (2)، رجح بالخروج اتفاقا فيقال: هما على وزن مفعل.
قوله (بالزيادة فيها) أي: في الغوالب كما في قيقبان (3) وسيسبان (4) قوله (أو فيهما) أي: الغالبين كما في حبنطى وقد عرفت زيادة النون والالف فيه بالاشتقاق ايضا لانه العظيم البطن من حبطت الماشية حبطا وهو ان ينتفخ بطنها من اكل الذرق (5) قوله (فإن تعين احدهما) أي: تعين احدهما للزيادة ولم يجز الحكم بزيادتهما معا لبقاء الكلمة على اقل من ثلاثة احرف قوله (رجح بخروجها) الفعل مسند إلى الجار والمجرور: أي يكون ترجيح اصالة احدهما بخروج الزنة عن الاوزان المشهورة بتقدير زيادته فيحكم بزيادة مالا يخرج الزنة عن الاوزان المشهورة إذا قدر زائدا كميم مريم فإنك لو حكمت بزيادتها بقى الزنة مفعلا وليست بخارجة عن الاوزان ولو قدرت الياء زائدا
__________
(1) مدين: اسم قرية شعيب على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام يجوز ان يكون اشتقاقه من مدن بالمكان إذا اقام به ويجوز ان يكون من دان إذا خضع أو من دانه دينا إذا جازاه (2) قال في اللسان: (ومريم: مفعل من رام يريم: أي برح يقال: ما يريم يفعل ذلك: أي ما يبرح) اه بتصرف وهو صريح في ان زيادة ميم مريم معلومة بالاشتقاق لا بالخروج عن الابنية الاصول على تقدير اصالتها (4) السيسبان: شجر (5) الذرق - كصرد -: بقلة (*)


بقيت الزنة فعيلا وهى خارجة عن الاوزان (1) قوله (وهمزة ايدع) ليس بوجه لان فيعلا - بفتح العين - ليس بخارج عن الاوزان في الصحيح العين كصيرف وضيغم بلى ذلك خارج في المعتل العين لم يجئ الا عين قال: * ما بال عينى كالشعيب العين (2) * وفيعل - بكسر العين - كثير فيه كسيد وميت وبين مفقود في الصحيح العين قوله (وياء تيحان) هو بفتح الياء كما قال سيبويه وقال ابن يعيش: يجوز كسر الياء في تيحان (3) وهيبان (4) فتفعلان غير موجود وفعلان موجود كهيبان فلذا حكمنا بزيادة ياء تيحان وهذا مما يثبت فيه الاشتقاق الظاهر وعرفت الزيادة به إذ يقال في معناه: متيح وتياح ويجوز ان يكون تيحان وتيهان وهيبان فيعلان لا فعلان كقيقبان وسيسبان قوله (وتاء عزويت) ليس التاء في نحو عفريت من الغوالب كما ذكرنا
__________
(1) قال في اللسان: (العثير (بكسر اوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه): العجاج الساطع...ولا تقل في العثير التراب: عثيرا لانه ليس في الكلام فعيل بفتح الفاء الا ضهيد وهو مصنوع ومعناه الصلب الشديد...والعيثر والعثير (كجعفر): الاثر الخفى مثال الغيهب وفي المثل (ماله اثر ولا عثير) ويقال: ولا عيثر مثال فيعل: أي لا يعرف راجلا فيتبين اثره ولا فارسا فيثير الغبار فرسه) اه فقد اثبت العثير وهو فعيل فقول المؤلف وصاحب اللسان ان فعيلا خارج عن الاوزان ولا يوجد في الكلام غير مسلم الا ان يقال: ان عثيرا مقلوب عيثر وهو فيعل (2) انظر (ح 1 ص 150)
(3) التيحان: الذى يعرض في كل شئ ويدخل فيما لا بعنيه والطويل ايضا (4) الهيبان: الذى يخاف الناس (*)


فلم يكن للمصنف عدها منها فنحن انما عرفنا زيادة تاء عزويت (1) دون واوه بثبوت فعليت كعفريت دون فعويل قوله (وطاء قطوطى) لان فعوعلا موجود كعثوثل وهو المسترخى ونحن قد عرفنا زياد طاء قطوطى بالاشتقاق لانه بمعنى القطوان: أي الذى يتبختر في مشيه وكذا اذلولى افعوعل كاعشوشب وفعولي وافعولي غير موجودين قوله (وواو حولايا دون يائها) قد ذكرنا ان فوعالا وفعلايا لم يثبتا الا ان الحكم بزيادة الواو اولى لكون زيادة الواو الساكنة اكثر من زيادة الياء المتحركة وايضا فوعال كتوراب ثابت وان لم يثبت فوعالا بالالف واما فعلاى وفعلايا فلم يثبتا قوله (واول يهير والتضعيف) في يهير ثلاثة غوالب: التضعيف والياء ان فهو اما يفعل أو فعيل أو يفيعل والثلاثة نوادر ففى عد المصنف له فيما يخرج بأحدهما عن الاوزان دون الاخر نظر بلى إنه يقبله سيبويه فانه لم يبال بتشديد الراء وجعله كالمخفف اللام وقال: يفعل موجود كيرمع ويلمع (2) وفعيل معدوم والحق ان يقال: انه يفعل من الاوزان الثلائة المذكورة إذ لو جعلناه فعيلا لم يكن فيه شبهة الاشتقاق إذ تركيب (ى ه ر) غير مستعمل فهو إما يفعل من الهير أو يفيعل من الهر والتضعيف في الاسماء اغلب زيادة من الياء المتحركة في الاول وايضا يفعل قريب من الوزن الموجود وهو يرمع ويلمع وايضا فان يفعل ثابت وان كان في الافعال كيحمر بخلاف يفيعل قوله (وهمزة ارونان) لان افعلان جاء ولو لم يكن الا انبجان وفعولان
لم يثبت
__________
(1) العزويت: قيل هو القصير وقال ابن دريد: هو اسم موضع (2) انظر في يلمع (ص 59 من الجزء الاول) واليرمع: الخذروف الذى يلعب به الصبيان وهو ايضا حجارة رخوة إذا فتتت انفتت (*)


قوله (كوألل) فيه غالبان: الواو والتضعيف فجعلناهما زائدين فوزنه فوعلل ملحق بسفرجل وليست الهمزة غالبة ففى عدها من الغوالب نظر وفي حنطأو غالب واحد وهو الواو وأما النون والهمزة فليستا بغالبتين إلا ان النون مساو للهمزة في متل هذا المثال نحو كنتأو (1) وسندأو فجعل كالغالب قوله (فان لم تخرج الزنة في التقديرين) أي: في تقدير زيادة كل واحد من الغالبين رجح بالاظهار الشاذ: أي يكون ترجيح اصالة احدهما بحصول الاظهار الشاذ بزيادته ويحكم بزيادة ما لم يثبت بزيادته إظهار شاذ فيحكم في مهدد بزيادة الدال فيكون ملحقا بجعفر فلا يكون الاظهار شاذا ولو جعلته مفعلا من هدد لكن الاظهار شاذا لان مفعلا لا يكون ملحقا كما ذكرنا قوله (وقيل بشبهة الاشتقاق) فقيل: يأجج ومأجج يفعل ومفعل لان في هذين الوزنين شبهة الاشتقاق لان (اج ج) مستعمل في كلامهم وقبل: هما فعلل لئلا يلزم اظهار شاذ وقد روى الرواة يأجج - بكسر الجيم - فان صحت فانه مما يخرج باحدهما دون الاخر إذ فعلل - بكسر اللام - لم يثبت والمشهور الفتح في يأجج ومأجج ويأجج غير منصرفين: اما للوزن والعلمية والتأنيت واما للعلمية والتأنيث وهى اسم ارض قوله (ونحو محبب يقوى الوجه الضعيف) يعنى ان محببا من الحب مع
ان فيه اظهارا شاذا قوله (واجيب بوضوح اشتقاقه) وللخصم ايضا ان يقول: يأجج ايضا واضح الاشتقاق من اج مثل محبب من حب قوله (وفي تقديم اغلبهما عليها) أي ترجيح اغلب الوزنين على شبهه الاشتقاق
__________
(1) انظر (ص 362 من هذا الجزء).
(*)


فان موظب ومعلى ان جعلتهما مفعلا ففيهما شبهة الاشتقاق وان جعلتهما فوعلا لم تكن فيهما فشبهة الاشتقاق واغلب الوزنين يرجحان زيادة الميم واما رمان فان جعلته فعلان ففيه شبهة الاشتقاق لكن ليس اغلب الوزنين وان جعلته فعالا فليس فيه شبهة الاشتقاق إذ (ر م ن) غير مستعمل ورم مستعمل لكنه اغلب الوزنين قوله (لغلبتها في نحوه) أي لغلبة زنة فعال في نحو معنى رمان وهو ما ينبت من الارض كالقلام (1) والجمار (2) والكراث والسلاء (3) والقراص (4) وفعلان قليل في مثل هذا المعنى قوله (فان ثبتت فيهما) أي: ثبتت شبهة الاشتقاق في الوزنين قوله (مورق) ان جعلته فوعلا فليس باغلب الوزنين لكنه لا يستلزم مخالفة القياس وان جعلته مفعلا فهو اغلب الوزنين لكن فيه مخالفة القياس لان المثال الواوى لا يجئ الا مفعلا - بكسر العين - كالموعد اما حومان فليس فيه خلاف الاقيسة وفعلان اكثر من فوعال فجعله من (ح وم) اولى قوله (فان ندرا) أي: الوزنان (احتملهما): أي احتمل اللفظ ذينك الوزنين وفي قوله ندرا نظر اما اولا فلانه في اقسام ما لا يخرج الوزنان فيه عن الاوزان المشهورة فكيف يندران ؟ واما ثانيا فلان افعلان قد جاء فيه اسحمان وهو
جبل و العبان في اللعاب وكذا اقحوان بدليل قولك: دواء مقحو، وافعوان لقولهم مفعاة وفعوة السم (5) وفعلوان جاء فيه عنفوان وعنظوان (6) ولعله
__________
(1) القلام: ضرب من الحمض يذكر ويؤنث.
قال الشاعر: اتونى بقلام وقالوا تعشه * وهل يأكل القلام الا الأباعر (2) الجمار: شحم النخل كانه قطعة سنام يؤكل بالعسل (3) السلاء: شوك النخل (4) القراص: نبات له زهر أصفر وحرارة كحرارة الجرجير، وحب احمر صغير (5) انظر (ص 341 من هذا الجزء) (6) انظر (ص 388 من هذا الجزء).
(*)


اراد كون الوزنين لقلتهما في حد الندرة وفي ارجوان ثلاثة غوالب: النون والهمزة والواو فيحكم بزيادة اثنين منها فهو اما افعلان كاسحمان أو فعلوان كعنفوان أو افعوال ولم يثبت فبقى الاولان واحتملهما وفيهما ايضا شبهة الاشتقاق قوله (وهمزة افعى) إذا جعلته افعل ففيه الاشتقاق الظاهر فضلا عن شبهته لقولهم: فعوة السم وارض مفعاة فكيف اورده فيما ليس في وزنيه شبهة الاشتقاق ؟ قوله (واوتكان) الالف والنون لا كلام في زيادتهما بقى التعارض بين الواو والهمزة ووتك واتك مهملان وافعلان ثابت وان كان قليلا كأنبجان وفوعلان غير موجود فكان يجب ان يورد هذا المثال فيما تعين فيه احدهما قوله (وميم امعة) لان امع وممع مهملان لكن فعلة اكثر كدنبة
للقصير والقنبة والامرة وافعلة كاوزة قليل وكانه كلمة مركبة من حروف كلمتين وهما (انا معك) كما ان الامرة مركبة من (انا مأمورك) قوله (فان ندرا احتملها) الكلام فيه كالكلام في قوله قبل (فان ندرا) والعذر كالعذر قوله (ان ثبتت افعوالة) يعنى ان ثبت ذلك احتمل اسطوانة الوزنين: افعوالة وفعلوانة وهما الوزنان اللذان لا شبهة اشتقاق في الكلمة باعتبارهما وانما قلنا: ان هذين الوزنين هما المحتملان لا افعلانة كاسحمان مع ان فيه شبهة الاشتقاق لثبوت السطو لان جمعه على اساطين يمنعه إذ لو كان افعلانة فالطاء عين الكلمة والواو لامها وفي الجمع لا يحذف لام الثلاثي فلا يجوز اذن ان يقال: حذف الواو وقلب الالف ياء حتى يكون وزن اساطين افاعين ولا يجوز ان يقال: حذف الالف وقلب الواو التى هي لام ياء فوزنه افاعلن، إذ هو وزن مفقود


في الجموع والافراد فلم يبق الا ان يقال: هو فعالين من تركيب (أ س ط) المهمل فاسطوانة فعلوانة كعنفوان من اعتنفت الشئ: أي استأنفته أو هو افاعيل من تركيب سطن المهمل ايضا فهى افعوالة لكن افعوالة لم تثبت فلم يبق الا ان يكون فعلوانة واساطين فعالين الحبنطى: العظيم البطن يهمز ولا يهمز.
القطوطى والقطوان: المتبختر.
اذلو لى: انطلق في استخفاء.
حولايا: اسم رجل.
اليهير واليهيرى: السراب والباطل.
يوم ارونان: أي شديد ويقال: ليلة ارونانة.
عجين انبجان: أي سقى ماء كثيرا واحكم عجنه وبقى زمانا فارسي من النبج وهو الجدرى وكل ما ما يتنفط ويمتلئ ماء، يقال: جاء على تئفان ذلك وتئفته وتفئته أي اوله الكوألل: القصير الحنطاو: القصير وقيل: العظيم البطن.
يأجج ومأجج: موضعان


في الجموع والافراد فلم يبق الا ان يقال: هو فعالين من تركيب (أ س ط) المهمل فاسطوانة فعلوانة كعنفوان من اعتنفت الشئ: أي استأنفته أو هو افاعيل من تركيب سطن المهمل ايضا فهى افعوالة لكن افعوالة لم تثبت فلم يبق الا ان يكون فعلوانة واساطين فعالين الحبنطى: العظيم البطن يهمز ولا يهمز.
القطوطى والقطوان: المتبختر.
اذلو لى: انطلق في استخفاء.
حولايا: اسم رجل.
اليهير واليهيرى: السراب والباطل.
يوم ارونان: أي شديد ويقال: ليلة ارونانة.
عجين انبجان: أي سقى ماء كثيرا واحكم عجنه وبقى زمانا فارسي من النبج وهو الجدرى وكل ما ما يتنفط ويمتلئ ماء، يقال: جاء على تئفان ذلك وتئفته وتفئته أي اوله الكوألل: القصير الحنطاو: القصير وقيل: العظيم البطن.
يأجج ومأجج: موضعان واصحاب الحديت يروون يأجج بكسر الحيم وقد تقدم ذلك.
محبب: اسم رجل مهدد: اسم امراة.
موظب: اسم ارض وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث معلى: اسم رجل وكدا مورق.
الحومان: الارض الغليظة.
الامعة: الذى يكون مع كل احد


قد تم بعون الله تعالى وحسن توفيقه - مراجعة الجزء الثاني من كتاب (شرج شافية ابن الحاجب) للعلامة رضى الدين الاستراباذى وتحقيقه والتعليق عليه في خمسة اشهر آخرها الثامن من شهر المحرم الحرام مستهل شهور عام 1358 ثمان وخمسين وثلاثمائة والف ويليه - ان شاء الله تعالى - الجزء الثالث ممفتتحه باب (الإمالة).
نسأل الله جلت قدرته ان يعين على اكماله بمنه وفضله وحسن تيسيره.
آمين


شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي ج 3
شرح شافية ابن الحاجب
رضي الدين الأستراباذي ج 3


شرح شافية ابن الحاجب تأليف الشيخ رضى الدين محمد بن الحسن الاستراباذي الخوي 686 ه مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الأدب المتوفى في عام 1093 من الهجرة حققهما، وضبط غريبهما، وشرح مبمهما، الأساتذة محمد نور الحسن المدرس في تخصص كلية اللغة العربية محمد الزقراف المدرس في كلية اللغة العربية محمد محى الدين عبد الحميد المدر س في تخصص كلية اللغة العربية القسم الأول الجزء الثالث دار الكتب العلمية بيروت - لبنان


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، سيدنا محمد بن عبد الله، وآله وصحبه أجمعين.


قال: " الإمالة: أن ينحى بالفتحة نحو الكسرة، وسببها قصد المناسبة لكسرة أو ياء، أو لكون الألف منقلبة عن مكسور أو ياء، أو صائرة ياء مفتوحة، وللفواصل أو لإمالة قبلها على وجه.
فلكسرة قبل الألف في نحو عماد وشملال، ونحو در همان سوغه خفاء الهاء مع شذوذه، وتعدها في نحو عالم، ونحو من الكلام قليل،
لعرضوها، بخلاف نحو من دار، للراء، وليس مقدارها الأصلى كملفظها على الأفصح كجاد وجواد، بخلاف سكون الوقف ".
أقول: " ينحى بالفتحة " أي: تمال الفتحة نحو الكسرة: أي جانب الكسرة، ونحو الشئ: ناحيته وجهته، " ينحى " مسند إلى " نحو " ومعناه يقصد، والباء في " بالفتحة " لتعدية ينحى إلى ثانى المفعولين، وهو المقدم على الأول ههنا، وإنما لم يقل " ينحى بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء ".
لأن الإمامة على ثلاثة أنواع: وإمالة فتحة قبل الألف إلى الكسرة، فيميل الألف نحو الياء، وإمالة فتحة قبل الهاء إلى الكسرة، كما في رحمة، وإمالة فتحة قبل الراء إليها، نحو الكبر، فإمالة الفتحة نحو الكسرة شاملة للأنواع الثلاثة، ويلزم من إماله فتحة الألف نحو الكسرة إمالة الألف نحو الياء، لأن الألف المحض لا يكون إلا بعد الفتح المحض، ويميل إلى جانب الياء بقدر إمالة الفتحة إلى جانب الكسرة ضرورة، فلما لزمتها لم يحتج إلى ذكرها.
وليست الإمالة لغة جميع العرب، وأهل الحجاز لا يميلون، وأشدهم حرصا عليها بنو تميم، وإنما إمالة إذا بالغت في إذا بلغت في إمالة الفتحة نحو الكسرة، وما لم تبالغ فيه يسمى " بين اللفظين " و " ترقيقا ".
والترقيق إنما يكون في الفتحة التى قبل الألف فقط.


وسبب الإمالة إما قصد مناسبة صوت نطقك بالفتحة لصوت نطقك بالكسرة التى قبلها كعماد، أو بعدها كعالم، أو لصوت نطقك بياء قبلها كسيال (1) وشيبان، أو قصد مناسبة صوت نطقك بالألف بصوت نطقك بأصل تلك الألف، وذلك إذا كانت منقلبة عن ياء أو واو مكسورة كباع وخاف، أو لصوت ما يصير إليه الألف في بعض المواضع كما في حبلى ومعزى، لقولك حبليان ومعزيان، والأولى أن تقول في إمالة نحو خاف وباع: إنها للتنبيه على أصل الألف، وما
كان عليه قبل، وفى نحو حبلى ومعزى: إنها للتنبيه على الحالة التى تصير إليها الألف بعد في بعض الأحوال.
قوله " أو لكون الألف منقلبة عن مكسور " عبارة ركيكة، لأن تقدير الكلام قصد المناسبة لكون الألف منقلبة عن مكسور، إذ هو عطف على قوله " للكسرة " فيكون المعنى أنك تقصد مناسبة صوتك بالفتحة والألف الممالتين لكون الألف عن ياء أو لكون الألف صائرة ياء.
قوله " أو لإمالة قبلها على وجه " يجئ في موضعة.
اعلم أن أسباب الإمالة ليست بموجبة لها، بل هي المجوزة لها عند من هي في لغته، وكل موضع يحصل فيه سبب الإمالة جاز لك الفتح، فأحد الأسباب الكسرة، وهى إما قبل الألف أو بعدها، والحرف المتحرك بالكسر لا يجوز أن يكون هو الحرف الذى يليه الألف، لأنها لا تلى إلا الفتحة، فالحرف المتحرك بالكسرة إما أن يكون بينه وبين الألف حرف أو حرفان، والأول أقوى في اقتضاء الإمالة لقربها، وإذا تتابع كسرتان كحلبلاب (2)، أو كسرة وياء نحو
__________
(1) السيال: اسم جنس جمعى، واحدته سيالة - كسحابة - وهو شجر له شوك أبيض طويل، إذا نزع خرج منه اللبن، أو طال من السمر (2) الحبلاب - بكسر تين بعدهما سكون -: نبت ينبسط على الأرض وتدوم خضرته في القيظ، وله ورق أعرض من الكف، انظر (ح 1 ص 63) (*)